
العلامة السّيّد حسين بركة الشّاميّ الغالبيّ
هو السّيّد حسين بن السيد إبراهيم بن بركة بن محمّد بن ذجر الموسويّ الشّهير بالشّاميّ، من السّادة الغوالب المنتهي نسبهم إلى السّيّد بندار الاستدرجاتي من نسل موسى المبرقع بن الإمام محمّد الجواد، وهم بطون كثيرة منهم أسرة المترجم.
ولادته
ولد سماحته في مدينة الشّامية في شهر صفر من عام 1372هـ المصادف 1953م، وأكمل دراسته الابتدائيّة والثّانويّة فيها، وكان في تلك المدة من رواد المسجد الجامع للمدينة، كما أنَّه كان كثير المراجعة والتّرداد على مكتبة الإمام الحكيم في الشّاميّة، لغرض المطالعة واللّقاء مع الأصدقاء في أجواء الثّقافة، والأدب، والتّديّن.
دراسته
في عام 1970م كان قراره الحاسم بأن يلتحق بجامعة النّجف الأشرف الدينية التابعة للإمام السيد محسن الحكيم، فدرس فيها علوم اللغة العربية وآدابها، والمنطق والفقه والفلسفة وعلم الأصول، وكان مجداً في دراساته مثابراً في تحصيله العلميّ دائباً في العمل والتّبليغ.
أساتذته
وكان من أساتذته في تلك المرحلة السيد كاظم الحكيم، والشيخ محمد سعيد النعماني، والسيد كمال الحكيم، والشيخ حسن طراد العاملي، والسيد محمد تقي الطباطبائي التبريزيّ، والشيخ محمد علي التسخيري، والشيخ محمد جعفر شمس الدين، والشيخ محمد باقر الإيرواني، والسيد علي الناصر الإحسائي، والسيد الشهيد عبد الرحيم الياسري، والشيخ الشهيد مهدي العطار، والسيد الشهيد عماد الدين الطباطبائي التبريزيّ، والشيخ حسن الجواهري، والشيخ هادي آل راضي، والسيد محمد الغروي.
ثم تدرّج في دراساته الفقهية والأصوليّة، وعلم التفسير، والحديث، والكلام، فدرس عند السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر، والسيد محمود الهاشمي الشاهرودي، والسيد حسين بحر العلوم، والسيد أحمد المدديّ، وغيرهم من أساتذة السطوح العالية والبحث الخارج.
كما تلقى دروس التفسير الموضوعيّ على يد الإمام الشّهيد السيد محمد باقر الصّدر رضوان الله عليه.
وكان ملازماً لمجلس الإمام الشهيد محمد باقر الصدر اليومي، كما كان يحضر مجلس المرجع الديني الشّيخ محمد أمين زين الدّين، ويستفيد من إفاضاته النّافعة، كما حضر بعض دروس ومحاضرات الشيخ محمد مهدي الآصفي، وغيرهم من الأعلام والمجتهدين.
وفي مرحلة الهجرة حضر دروس البحث الخارج في الفقه والأصول عند السيد الأستاذ كاظم الحائري.
كما درّس دروساً في اللّغة والفلسفة، والفقه والتفسير، وله محاضرات في الأخلاق، والتربية، والتاريخ، لمجموعة غير قليلة من الطلبة، والشباب، سواء كان ذلك في الأهواز، أو في قم المقدّسة، أو في لندن، وحتى في مدة السجن كانت له دروس ومباحثات في اللّغة وآيات الأحكام مع بعض أصدقائه السّجناء.
علاقته بحزب الدّعوة الإسلامية
وقبل أن يلتحق السيد الشامي بجامعة النّجف الأشرف كانت له علاقة طيبة مع كثير من الدعاة البارزين في مدينة الشامية، منهم الأستاذ محمد تقي الطحان، والأستاذ صاحب النصيراوي، والأستاذ توفيق عتو، والأستاذ السيد علي السيد يحيى الياسريّ، والأستاذ الشاعر عبد الرّحمن حجّار، والأستاذ طه سلمان، وغيرهم من الدعاة والمؤمنين في الشامية.
وعند وصوله إلى النجف الأشرف وانخراطه في مدرسة العلوم الإسلامية، وكانت تختصر بكلمة (الدورة) توسعت علاقاته الحركية، مع جيل جديد من الدّعاة، سواء أكانوا من أهالي النّجف الأشرف، أم من الطلبة الوافدين إليها.
وخلال الدّراسة عام 1970م كانت علاقته وطيدة بالشّهيد البطل السّيّد عماد الدّين الطباطبائيّ التّبريزيّ، وهو أحد الشهداء الخمسة (قبضة الهدى)، وقد فاتحه بالعمل في صفوف حزب الدّعوة الإسلامية بعد مدة من الحوارات والعمل المشترك في هذا الجانب.
وكانت اللّقاءات في الحلقات حافلة بالمناقشات والتّركيز والأحاديث السّاخنة الّتي تهتم بمتابعة شؤون العمل الدّعوتي، والتبليغ الإسلامي، ويذكر الشّامي أن السيد عماد الدّين كان يحمل معه دفتراً كبيراً من فئة المائتي صفحة، وكان مملوءاً بالنّشرات والدراسات الدعوتية الخاصة، كان قد كتبها بخطه الجميل، ويذكر الشّامي كذلك أنَّ موضوع الأسس الدّعوتية كانت في هذا الدّفتر، حيث كان يشرحها بتفصيل السيد الشهيد (رحمه الله)، وقد التحق في حلقة السيد عماد الشّيخ حسين الأنصاري، حرسه الله.
كما يذكر السيد الشامي أن علاقته لم تكن مع السيد عماد تقتصر على الجانب الحزبيّ والدّعويّ فحسب، إنّما كانت علاقة أخوية روحية صادقة، فمن خلاله تعرف السيد الشامي على أعلام وشخصيات ذات أصالة علمية واجتماعيّة.
وبعد أقل من سنتين فوجئ السيد الشّاميّ بأن السيد عماد ينقل له خبراً وقع عليه كالصاعقة ألا وهو التوقف عن العمل الحزبي بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها الحوزة، وهذا الموقف هو رأي السّيّد الشّهيد محمّد باقر الصدر (رحمه الله)، وكان السيد عماد قد جمّد اللّقاءات بناء على توجيه السيد الشهيد محمد باقر الصدر، وبهذا انقطعت العلاقة الدعوية المباشرة مع السيد عماد، بسبب هذا الموقف المفاجئ الّذي أحدث هزة وإرباكاً في أجواء الدّعاة والحوزويين.
ومع مرور الزّمن تبيّن للسيّد الشّامي أن السيد الصدر ومن وحي رؤيته وفهمه لطبيعة الظروف السياسية والأمنية أراد أن يحفظ للدعوة وجودها، وللدعاة دورهم في داخل الحوزة وخارجها، فقد أفتى بحرمة العمل الحزبيّ للطلبة والعلماء في النّجف الأشرف إلا لمن كان دوره أساسياً في الدّعوة، ويسبب انقطاعه عنها ضرراً في مسيرتها.
اعتقاله
وفي عام 1974م تعرض السيد الشامي للاعتقال مع المئات من المعتقلين الدعاة، إلا أن كثيراً منهم قد أفرج عنه بعد مدة من التّعذيب والتحقيق في سجون الديوانية وبغداد، ولم يبقَ في معتقل الفضيلية إلا اثنان وعشرون شخصية من الدّعاة وأصدقائهم، إذ قدموا إلى محكمة الثورة سيئة الصيت برئاسة القاضي جار الله أيوب العلاق، وعضوية أسامة أمين، وراغب فخري وكان الحكم على قبضة الهدى بالإعدام، ومجموعة أخرى بالسجن المؤبد، وأحكام أخرى على آخرين، وكان الحكم على السيد الشامي بالسجن المؤبد، ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة، وقضى السيد الشامي أربع سنين في سجن الثقيلة والخاصة في (أبو غريب).
وكانت هذه السنين الأربع حافلة بالحركة والنشاط والمراجعة على كل المستويات، فقد كانت تجربة السجن رغم المعاناة تجربة مفيدةً للسيد الشامي زادته قدرة على التأمل والتفكير ومراجعة الذات والأشخاص والأفكار والمشاريع.
وهذه التجربة أفادته في أشواطه اللاحقة وفي طبيعة علاقاته ومشاريعه المستقبلية.
وكان معه في السجن السيد الشهيد عبد الرحيم الشوكي، والشيخ عبد المجيد الصيمري، والشيخ هادي عبد الحسين شحتور، والمهندس الشّهيد عبد الحسين مهدي أحمد، والأستاذ عبد الأمير عبيد حسن، والأستاذ الشهيد عبد الهادي عبد الكريم الجبوري، والأستاذ حبيب طاهر الشّمريّ والأستاذ عبد الرّحمن حجار الزبيدي والأستاذ قاسم حسن العبودي والأستاذ محمد جواد يعقوب الأسدي وغيرهم من المثقفين والشباب الرساليين.

إطلاق السّراح ومواصلة الجهاد
وبعد هذه التجربة تم إطلاق سراح السيد الشامي، بعد إعلان العفو العام عن السجناء السياسيين عام 1978م إذ انطلق السيد الشامي من جديد؛ ليواصل دراساته ونشاطاته الحوزوية وأعماله التّبليغيّة.
وفي هذه المدة بدأت له علاقة جديدة بالدعوة من خلال الداعية العظيم الشهيد الشيخ حسين معن، الذي كان من نوابغ الحوزة، وأسطورة العمل الحركيّ في تأريخ الدعوة الإسلامية، فكانت الحلقة يديرها الشيخ حسين معن بفكره وبصيرته وحكمته، وقدرته على المتابعة الثقافية والميدانية، وبعد مدة قصيرة التحق بهذه الحلقة الشهيد الشيخ قاسم ضيف، وهو من الخطباء النابهين والمجدين، وفي مطلع عام 1980م تم اعتقال الشهيد حسين معن في قصة رهيبة الفصول، إذ أصبح السيد الشامي المسؤول الأول عن العمل الجهادي، والكفاح المسلح في العراق، يساعده في ذلك بعض الأخوة في الدعوة الإسلامية في مرحلة تأريخيّة صعبة ومعقّدة، يذكر منهم: الشيخ عبد الحليم الزهيري، والشهيد حميد الثامر، والمرحوم السيد قيس بركة الشامي (أبو إخلاص)، والشهيد هاني عبد الحسين، وهو ابن خال السيد حسين بركة الشامي، والشهيد محمد جواد الجابري، وغيرهم.
ولا يسع هذه السطور أن ندخل في تفاصيل تلك الأحداث والعمليات والعلاقات والنشاط الجهادي في هذه المدة، إذ تعجز الكلمات، وتقصر الحروف عن تصويرها، والتعبير عن لحظاتها، ولكنها يمكن أن تختصر بكلمة واحدة: كان الشباب فيها يتحركون يقاتلون وينامون على ظهور الخيل.

الهجرة
في تلك المرحلة الصعبة كان السيد الشامي كما تقدّم يقود العمليات ويعبّئ الشباب وهو على ظهر الخيل، حيث كان يتخذ من السيارة محلاً لنومه ومن المناطق النائية ذات النخيل والأحراش مكاناً لاستراحته ولتخطيط عملياته الجهاديّة.
حتى كان يوم 25/2/1980م إذ شنَّ النظام البعثي هجوماً شرساً على أسرة السيد الشامي، فاعتقل جميع أفراد الأسرة من الرجال والنساء والأطفال، فصادر أموالهم وأخيراً أعدم خمسة من أشقائه وزوجته وزوجة أخيه وأبناء أخواله وعمومته ولم يتضح مصيرهم إلا بعد سقوط النّظام، إذ تشير القرائن وبعض الوثائق بأنَّهم أضحوا شهداء المقابر الجماعية.
وهذه الحادثة المفجعة في حياة السيد الشامي شكّلت منعطفاً تاريخيّاً حاسماً يمتزج فيه الحزب بالإصرار والألم بالتحدي.
وبعد حادثة اعتقال الأسرة أصبح النظام يبحث عن السيد الشامي وراء كل حجر ومدر، حتى صرح الناطق الرسمي لوزارة الداخلية في جريدة الجمهورية بأنَّ الشامي لن يفلت من قبضة النظام.
فضاق العراق الفسيح بالسيد الشامي، فلم يعد هناك مكان آمن يختبئ فيه، فقرر الهجرة التي كانت أصعب قرار في مسيرته الجهادية.
ويوم عبر الحدود شعر أنَّه يحمل العراق بكلّ جباله وسهوله على كاهله، ويضمّه حلماً وذكرى في قلبه وتحت جوانحه، بكل ما في العراق من جمال وذكريات، وتاريخ ومشاعر وأحبة، وإنَّه أمانة مقدّسة عنده يجب أن يصونها ويدافع عنها مهما اختلفت الظروف والأوضاع.
وفي غمرة الأحداث المتسارعة اندلعت الحرب الإيرانية العراقية بقرار من صدام المجرم، والتي امتدت ثماني سنين حيث كان للسيد الشامي دور كبير في تحشيد المجاهدين وتعبئة المهاجرين العراقيين وتأسيس مواقع للجهاد والعمل الدّائب من أجل المساهمة في إسقاط النظام الديكتاتوريّ في العراق، حيث كان هو المؤسس لمعسكر الشهيد الصدر في الأهواز، وقد ساعده في ذلك ثلة من الدعاة والشخصيات الجهادية اللامعة في تلك المرحلة التي تضج بدوي المدافع وأزيز الرصاص.
وفي مدة المهجر عام 1980م وهي مدة امتدت لحوالي ربع قرن من الزّمن بدأت من مدينة الأهواز ثم قم المقدسة ودمشق ولندن، وكانت العلاقة في الدعوة في الأهواز على مستوى عضو اللجنة المركزية للعمل الجهادي، الذي كان يمثل محور عمل الدعوة في تلك المدة الساخنة، التي تخللتها المشاركة في الحرب العدوانية على الجمهورية الإسلامية، فقد كان السيد الشامي هو المسؤول الأول عن إدارة معسكر قوات الشهيد الصدر على مستوى الفكر والثقافة وإلقاء المحاضرات اليومية والدروس الحوزوية ومتابعة شؤون الشباب وحاجاتهم الشّخصيّة، وإعداد اللّوازم والمتطلبات الميدانية.
وبعد حوالي ثلاث سنوات، انتقل السيد الشامي إلى مدينة قم المقدسة لمتابعة دروسه، وإكمال منهج الدراسة في الحوزة العلمية، فكان حضوره لدرس البحث الخارج عند سماحة آية الله السيد كاظم الحائري، وغيره من الأساتذة، كما كانت له علاقات وطيدة مع جملة من العلماء والمحققين منهم سماحة الشيخ محمد مهدي الآصفي، حيث كان هو الناطق الرسمي لحزب الدعوة في المهجر، وكان من مشاريع السيد الشّاميّ في تلك المدّة تأسيس مدرسة عشرة الفجر الدينية التي تخرج منها كثير من المبلغين والمرشدين والعلماء والخطباء والباحثين.
وأما علاقة الشامي بالدعوة في هذه المدة التي امتدت لأكثر من سنتين فكان عضواً في اللّجنة الرأسية في قم المقدسة، التي يديرها سماحة الشيخ الشهيد مهدي العطار رحمه الله، حيث كان هو الرابط بين الدعوة والقيادة في إيران المهجر، وبعد الانتقال إلى الشام ثم لندن، أصبح عضواً في لجنة أوربا وكندا وأمريكا، وقد ساهم السيد الشامي في بريطانيا بتأسيس عدة مؤسسات ثقافية وخيرية في لندن ومدينة مانجستر كما كان له دور في رعاية مكتب حزب الدعوة الإسلامية، ودعم جريدته (صوت العراق) ماديّاً وثقافيّاً، فضلاً عن دور السيد الشامي في كتابة كراس (برنامجنا) وهو البيان السياسي والبرنامج العملي لحركة الدعوة وعلاقاتها مع الجهات السياسية في المهجر.

وللسيد الشامي حضور حركة متميز على مستوى لقاءات لجنة العمل المشترك مع القوى السياسية الأخرى، وحضور مؤتمر صلاح الدين عام 1991م، ومؤتمر لندن، وصلاح الدين الأخير في كانون الثاني عام 2002م الذي هو آخر مؤتمر للمعارضة العراقية، وبه تم تصميم الدولة العراقية الجديدة بعد سقوط النظام البعثي المقبور في نيسان 2003م.
وبعد العودة إلى العراق واصل السيد الشامي علاقته بالدعوة من خلال انتخابه عضواً في مجلس شورى الدعوة، وكذلك في قيادة الدعوة ولجنة الانضباط الحزبي، وغير ذلك من اللّجان والمواقع الدعوتية، وكان السيد الشامي يعرف بصرامته الحركية، وجديته في العمل، وتقديم المشاريع الدعوتية الحيوية، ومنها إصراره المستمر على رعاية أبناء شهداء الدعوة، باعتبارهم الرصيد العميق لمسيرة الدعوة وضمان مستقبلها، كما كان له صوت متميز في كثير من المشاريع التي تفتقد لها الدعوة، لتركيز وجودها الحركيّ وبناء كيانها التّنظيميّ وعلاقتها بالجماهير المؤمنة بخطّها، ومسيرتها الجهاديّة المباركة.
وللسيد الشامي مبادرات تأريخية تلم شمل الدعاة، وتعزز وجودهم والتواصل بينهم مثل عقد ملتقى قوات الشهيد الصدر في بغداد، حيث كان ملتقى لرفاق الدرب، وحملة السلاح، في مدة المواجهة والعمل الجهادي، وكان لقاءً حافلاً بالإخاء، والمحبة والذكريات التي بدأت من أهوار الجنوب إلى ربى جبال كردستان.
ومنها كذلك ملتقى تجديد فكر الدعوة الذي ضم مئات الدعاة من داخل العراق وبلدان المهجر، حيث ألقيت الأناشيد والكلمات والمداخلات، من أجل أن تتحول الدعوة إلى كيان حي متجدد على مستوى الفكر والثقافة والإعلام والسياسة والاقتصاد في عالم متسارع الخطوات في كل هذه المجالات والآفاق.
كما كان السيد الشامي يمثل الصوت المعتدل، والثقافة المعرفية الأصيلة التي تطل بين الحين والآخر من خلال القنوات الفضائية، والإذاعات المحلية والعالمية لعرض المفاهيم الإسلامية، ومعالجة الإشكاليات الثقافية التي تعيشها الأمة، وخصوصاً أبناء الجامعات والشباب الّذين تعصف بهم الشبهات والأفكار الوافدة التي تهدف إلى تشويه الفكر وتمزيق الذات، وتمييع الأسرة المسلمة.
جيله وعصره
لقد عاصر السيد الشامي انطلاقة الحركة الإسلاميّة، وصراعاتها الفكرية وتحولاتها السياسية، وفصول محنتها الطويلة منذ الستّينات، وحتى سقوط النظام الديكتاتوريّ عام 2003م، وما بعده من معارك البناء وسيادة القانون ومقارعة الإرهاب وفلول حزب البعث في العهد الجديد وما كان ينطوي عليه من الإرهاصات الطّائفيّة والقوميّة والأزمات السياسية والاجتماعيّة.

فكان السيد الشامي رجل الفكر والثقافة والأدب من جانب، إذ أصدر العديد من المؤلفات الثقافية والمنجزات الشعرية الرائدة، وكان رائد المؤسسات والمشاريع الثقافية والخيرية من جانب آخر؛ إذ كان له الدور الكبير في تأسيس ديوان الوقف الشيعي، وهو مؤسسة تعنى برعاية العتبات المقدسة والمراقد والمساجد وجميع المؤسسات ذات النّفع العام، ويعدّ هذا الدّيوان مؤسسة ثقافية وإدارية ومالية مهمة تبرز لأول مرة في تاريخ العراق القديم والمعاصر؛ فضلاً عن دوره الحركي والسياسي في مواكبة المستجدات والتطورات على صعيد المشهد السياسي والإعلامي الّذي يتصاعد بشكل يوحي بالقلق وعدم الاستقرار في العراق الجديد.
وفي وسط هذه المعادلات كان السيد الشامي يتواصل مع كل أبناء جيله وطبقته الثقافية والفكرية والروحية، وكان يتفاعل معهم ولا يتجاوزهم في التخطيط والقرار والموقف. فكانت له مباحثات علمية وزمالة روحية أخوية خاصة، وعلاقات إيمانية وحركية مع رجال هذا الجيل ورموزه وشخصياته من الأخوة والأساتذة في حوزة النجف الأشرف في بلدان المهجر.
فضلاً عن علاقاته الثقافية والأدبية والروحية المتميزة مع نخبة من المفكرين والأدباء والشخصيات المتصدية لمهمة القلم ورسالة الكلمة من الرجال الّذين صدقوا.
وكان السيد الشامي محل اعتزاز خاص، وله مكانة محترمة في قلوب العلماء الكبار والشخصيات الفكرية والثقافية والأدبية الّذين كانوا يمثلون رموز الوعي التغييري ورواد الصحوة الإسلامية ولهم دور بارز في الفكر والثقافة والأدب ورعاية المشاريع الاجتماعية والخيرية في العراق وبلدان المهجر، وكثير من العلماء والخطباء والأدباء والمثقّفين.
لقد عاصر السيد الشامي أعلاماً ورموزاً دينية وثقافية واجتماعية وأخذ منهم الكثير وتفاعل مع أفكارهم ومعطياتهم الفكرية والأخلاقية والاجتماعية والأدبية وأعطى لبعضهم ما كان يحمله من روح وفكر وحب وإيثار، كما أنَّ للسيد الشامي علاقات قوية مع رؤساء القبائل وشيوخ العشائر في العراق، خصوصاً شيوخ عشائر الجنوب والفرات الأوسط.

حركيته
لقد كان السيد الشامي وكيلاً للمرجعية الدينية ومعتمداً لديها منذ شرخ شبابه، خصوصاً مرجعية الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر في مدينة الشامية، وعدة قرى ونواحٍ في محافظة ديالى، فكان إمام الجماعة وخطيب الجمعة والمرشد الديني الهادف الذي انطلق مع انطلاقة الصحوة الإسلامية وانتشار الوعي الإسلامي الحركي في عموم محافظات العراق منذ بداية السّبعينات من القرن الميلادي المنصرم.
وكان السيد الشامي هادفاً في عمله وشديداً ضد فكر ومخططات حزب البعث، وصلباً في المواجهة ضد مشروعه التخريبي الذي كان يستهدف الإسلام من داخله، ويسعى لتصفية الحوزة العلمية واستئصال أبناء الحركة الإسلاميّة التي أسّسها الإمام الشهيد الصدر والثلة الواعية التي أحاطت به، حتّى أنَّه أصدر قراراً مشؤوماً يقضي بإعدام كل المنتمين لحزب الدعوة والمروّجين لأفكاره، وبأثر رجعيّ، وهو قرار لم يسبق له مثيل في التأريخ.
وفي هذا الجو من إرهاصات الصراع وبدايات المواجهة، فقد شن النظام البعثي حملة اعتقالات واسعة طالت كثيراً من العلماء ورموز الحركة الإسلامية وشبابها الحركيين، وقد تقدّم الحديث عن اعتقاله وحكمه بالتّفصيل.
المؤسسات الثقافية والاجتماعية والخيرية
لقد عرف السيد الشامي بتفكيره المؤسساتي ونشاطاته الاستراتيجية لتأسيس المشاريع والمؤسسات الخيرية والثقافية والتعليمية بمختلف المواقع والساحات التي تحرك فيها سواء أكان ذلك في بلدان المهجر أم في الوطن الأم العراق، وهي:
- مؤسس ومدير مدرسة عشرة الفجر 1982م في مدينة قم المقدّسة بالاشتراك مع سماحة المرحوم الخطيب الشيخ عبد المجيد الصيمري (رحمه الله) وهي مدرسة إسلامية علمية حوزوية تهتم بإعداد العلماء والخطباء والمرشدين في المهجر
- الحسينية الحيدرية في الشام 1984م: بالتعاون مع سماحة الشيخ المرحوم عبد المجيد الصيمري (رحمه الله) لتكون ملتقى ثقافيّاً واجتماعيّاً ومركزاً لإقامة المجالس الحسينيّة وإحياء المناسبات الخاصة والعامة في بلاد الشام
- حسينية المصطفى في لندن 1987-1992م: وهي مركز إسلامي ومنتدى اجتماعي تلتقي فيه الجالية الإسلامية العراقية بجميع أطيافها، وتقام في هذا المركز صلاة الجماعة والعيدين والمجالس الحسينية والندوات الثقافية وإحياء المناسبات الخاصة والعامّة
- مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية في بريطانيا 1992م: وهي مؤسسة تقوم بنشاطات وبرامج متعددة لخدمة الجالية الإسلامية عموماً، والعراقيّة على وجه الخصوص مثل تقديم الخدمات الاستشارية والقانونيّة للمهاجرين العراقيّين، إضافة إلى قضايا الأحوال الشخصية وإقامة صلاة الجمعة وإحياء المناسبات في شهر محرم الحرام، وشهر رمضان المبارك، وغيرها من المناسبات؛ ولهذه المؤسسة فرع في مدينة مانجستر شمال بريطانيا يقوم بالنشاطات والبرامج نفسها، ولها فرع آخر في العراق، كما أنَّ مؤسسة دار الإسلام هي الجهة المعتمدة لجامعة الإمام جعفر الصادق (ع) أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ من الناحية القانونية
- ديوان الوقف الشيعي 2003م: بعد مرحلة التحول والتغيير التي شهدها العراق بعد سقوط النظام البعثي وانحلال وزارة الأوقاف والشؤون الدينية كان للسيد الشامي الغالبي دور كبير ومتميز في تأسيس ديوان الوقف الشيعي ووضع برنامج واسع لتشكيلاته الإدارية والمالية والثقافية وهيئاته المختلفة وإعداد مسودة قانونه الأساسي، حتى أصبح ديوان الوقف الشيعي مؤسسة كبيرة ذات أعمال ونشاطات ثقافية واجتماعية وعمرانية متنوعة
- هيأة الشهيد العراقي للخدمات الإنسانية 2003م: وهي جمعية خيرية قدمت الخدمات الإنسانية والمساعدات العينية للفقراء وأبناء الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة، وقد قامت هذه الجمعية بعدة حفلات زواج جماعي إذ بلغ عدد المتزوجين من قبل هذه الهيأة 1550 حالة زواج موثّقة خلال أقل من سنتين
- جامعة الإمام جعفر الصادق (ع) الأهلية 2004م: وتضم عدة كليات وأقسام في مختلف الاختصاصات العلمية والأدبية، وهي الآن أكبر جامعة أهلية في العراق؛ إذ ترتبط بها عدة فروع في محافظات العراق، وهي: ميسان، ذي قار، المثنى، النجف الأشرف، ديالى، صلاح الدين، كركوك، إضافة إلى مقرها الرّئيسي في بغداد
- الأمين العام لمؤسسة البلاغ والإرشاد الإسلامي، وهي مؤسسة تعنى برعاية الطلبة والمبلغين وخطباء المنبر الحسيني الشريف في العراق منذ تأسيسها عام 2008م ولمدّة سنتين
- مجمع دار الإسلام الثقافي الخيري بغداد 2007م: وهو مجمع كبير في منطقة العطيفية من كرخ بغداد يضم مسجداً وقاعة مناسبات ومدارس تعليمية ومركزاً للرعاية الطبية، ومطعماً، ومكتبة مركزيّة ومجمّعاً سكنيًا ومطبعة وداراً للنشر ومكاتب إدارية وملاعب وساحات ترفيهية
الوظائف والمناصب الإدارية
شغل السيد الشامي الغالبي وظائف ومناصب إدارية عدة في مؤسسات ثقافية واجتماعية سواء أكان ذلك في فترة الهجرة أو بعد عودته إلى العراق بعد سقوط النظام عام 2003م، منها:
- عضو شورى جماعة العلماء المجاهدين في العراق 1981م
- الأمين العام لمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية منذ تأسيسها عام 1992م
- عضو الهيأة العامة للمجمع العالمي لأهل البيت منذ تأسيسه عام 1990م
- عضو الهيأة العامة لاتحاد علماء المسلمين في العرق
- الأمين العام لهيأة الشهيد العراقي للخدمات الإنسانيّة
- رئيس ديوان الوقف الشيعي منذ تأسيسه عام 2003 لغاية 2005م
- مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية من عام 2005م لغاية 2011م
- عضو اتحاد الكتاب والأدباء العراقيين
- رئيس مجلس الإدارة لجامعة الإمام جعفر الصادق (ع) الأهلية
- عميد قبيلة السادة الغوالب في عموم العراق