مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
  • موسسة دارالإسلام
    • حول مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
    • أهداف المؤسسة
    • جامعة الامام جعفر الصادق
    • المدرسة الدينية
    • أخبار
  • جائزة الشهيد الصدر
    • حول الجائزة
    • تاريخ الجائزة وابرز البحوث
      • دورة الاولى
      • دورة الثانية
      • دورة الثالثة
      • الدورة الرابعة
      • الدورة الخامسة
    • الدورة السادسة
  • النشاطات الخيرية
    • المشروع السكني الخيري
    • مساعدات
  • الإصدارات الثقافية
    • مجلة الفكر الجديد
  • الامين العام
    • نبذة عن حياته
    • مؤلفاته
    • الوكالات الشرعية
✕

الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي بعد عام 2003 وأثرها في تقويض عناصر قوة الدولة

العنوان: الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي بعد عام 2003 وأثرها في تقويض عناصر قوة الدولة
الكاتب/الكتّاب: د. صلاح نوري عبد الحسن - م. علي مراد كاظم -
جامعة كربلاء مركز الدراسات الاستراتيجية

الملخّص

أن هاجس الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها العراق سوف تبقى مخيمة على أولويات عمل الحكومات العراقية المتعاقبة وسلوكها، فالمتغير الاقتصادي هو المحرك الرئيس والعمود الفقري للسياسات المتبعة في الميادين كافة.

فالمتغير الاقتصادي كان له تأثير محوري على جميع المفاصل في الدولة العراقية، ونظرا لأهمية الأدوار للمتغير الاقتصادي وجدنا أهمية دراسة تأثير الاختلالات البنيوية الاقتصادية في تقويض عناصر قوة الدولة، وهو يعد موضوع ذات ابعاد حيوية، اذ تتضح أهمية تناول ذلك الموضوع من خلال دراسة الانعكاسات الناتجة للاختلالات البنيوية الاقتصادية على عناصر قوة الدولة في العراق بعد عام 2003.

وهذه المتغيرات تتوزع إلى متغيرات اقتصادية داخلية، مثل البطالة والتضخم وعجز الموازنة، وعدم التوظيف الجيد للموارد الطبيعية، ومتغيرات سياسية واجتماعية.

فعناصر قوة الدولة تبقى رهناً بالمتغير الاقتصادي، وترتبط معه بعلاقة متبادلة التأثير تسمح في أي من حالاتها بأن تمارس تأثيراً واضحاً سواء أ كانت   سلبية أم ايجابية وتعتمد عناصر قوة الدولة على مقدار الاستقرار الاقتصادي من خلال تفعيل العوامل الداعمة له.

Abstract:

The obsession with structural imbalances in the Iraqi economy in the difficult situation in Iraq will remain in place on the priorities and behaviour of successive Iraqi governments, as economic change is the president’s engine and the backbone of policies in all fields.

The economic change has had a pivotal impact on all joints in the Iraqi State, and given the importance of roles for the economic change, we found it important to study the impact of economic structural imbalances in undermining the elements of state power, which is a subject of vital dimensions, as the importance of addressing this issue is evident by examining the implications of economic structural imbalances on the elements of state power in Iraq after 2003.

These variables are divided into internal economic variables, such as unemployment, inflation, budget deficits, lack of good employment of natural resources, and political and social variables.

The elements of state power remain subject to economic change, and are linked to a mutually influential relationship that in any of its cases allows it to exert a clear influence, whether negative or positive, and the elements of state power depend on the amount of economic stability by activating the factors supporting it.

البحث الكامل

المقدمة

مما لا شك فيه أن هاجس الاختلالات البنيوية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العراق سوف تبقى مخيمة على أولويات عمل الحكومات العراقية المتعاقبة وسلوكها، فالمتغير الاقتصادي هو المحرك الرئيس والعمود الفقري للسياسات المتبعة في الميادين كافة.

وتبرز أهمية البحث من كونه يبحث في دراسة الاختلالات البنيوية وأثرها في تقويض عناصر قوة الدولة،   وتتضح أهمية تناول ذلك الموضوع من خلال دراسة الانعكاسات الناتجة للمتغير الاقتصادي على عناصر قوة الدولة في العراق بعد عام 2003.

إشكالية البحث: هنالك عدد من المتغيرات المؤثرة في عناصر قوة الدولة، وهذه المتغيرات تتوزع إلى متغيرات اقتصادية داخلية، مثل البطالة والتضخم وعجز الموازنة، وعدم التوظيف الجيد للموارد الطبيعية، ومتغيرات سياسية ومتغيرات اجتماعية، وتحاول إشكالية الدراسة الإجابة على الأسئلة الاتية: –

  1. ماهية البنية الاقتصادية.
  2. ما هي عناصر قوة الدولة.
  3. ما هي متغيرات العلاقة بين الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي وعناصر قوة الدولة.

فرضية البحث: ينطلق البحث من فرضية مفادها أن الاختلالات البنيوية لها تأثير كبير ومحوري في عناصر قوة الدولة، وبالتالي فان تلك الاخيرة تبقى رهناً بالمتغير الاقتصادي بالدرجة الرئيسة.

الدراسات السابقة: هناك مجموعة من الدراسات التي تناولت الموضوع بصور مختلفة او مقاربة او سلطت الضوء على اجزاء منه كما في الدراسات التالية:

  1. حميد عبد الحسين مهدي العقابي، الإصلاح الاقتصادي في العراق بعد عام 2003 وأثر التشريعات فيه، مركز العراق للدراسات، سلسلة إصدارات مركز العراق للدراسات 80، دار الساقي، بيروت، ط1، 2015.
  2. عباس مكي حمزة، التنوع الاقتصادي: تجارب مختارة وإمكانية الاستفادة منها في الاقتصاد العراقي،مركز العراق للدراسات بيروت/مطبعة الساقي، ط1، 2018.
  3. فريال مشرف عيدان، الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد العراقي بعد عام 2003 وسبل معالجتها، المجلة السياسية والدولية، المجلد 33، العدد 34بغداد: كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية،2016.

وانطلاقاً من إشكالية البحث وفرضيته جرى تقسيم البحث على اربعة مباحث فضلاً عن المقدمة والخاتمة، فالمبحث الأول جرى تناول فيه مفهوم البنية الاقتصادية، اما في المبحث الثاني فقد تناولنا واقع الاقتصاد العراقي وسماته، وفي المبحث الثالث جرى دراسة الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي بعد عام 2003، وفي المبحث الرابع تناولنا اهم المتغيرات التي يمكن ان تؤثر بين الاختلالات البنيوية وعناصر قوة الدولة.

 

المبحث الأول

الإطار المفاهيمي

ماهية البنية الاقتصادية وعناصر قوة الدولة

يشغل موضوع البنية الاقتصادية، والتغييرات التي تطرأ عليها أهمية كبيرة في الدراسات الاكاديمية، كونها تهتم بتحليل تراكيب، ومكونات الاقتصاد، وتطوره من منطلق التغييرات الحاصلة في البنية الاقتصادية، وانعكاساتها على مختلف المجالات الاقتصادية، فالبنية الاقتصادية يمكن ان تعطي صورة مفصلة عن مستوى الاقتصاد الكلي، والقطاعات المكونة له، والتي قد تساعد صانع القرار على صياغة السياسات الاقتصادية او تعديلها وفقاً للحقائق الموجودة، ووفقاً لذلك جرى تقسيم المبحث على مطالبين كالاتي: –

المطلب الأول: ماهية البنية الاقتصادية

المطلب الثاني: ماهية عناصر قوة الدولة.

المطلب الاول

ماهية البنية الاقتصادية

طرح (Colin Clark) في عام 1941 استنتاج يرى بوجود نمط عام للانتقال من القطاع الزراعي إلى قطاع الصناعة التحويلية ثم إلى قطاع الخدمات ويتزامن هذا الانتقال مع الارتفاع في معدلات النمو الاقتصادي ومستويات دخول الأفراد والارتفاع في إنتاجية العمل ([1])،ومن ثم اكد (W. Arther Lewis) أهمية القطاع الصناعي في قيادة عملية التغير الهيكلي، كقطب نمو يجتذب العمالة الفائضة من القطاع الزراعي، وأكد دور هذا القطاع في دفع الإنتاجية في القطاعين كليهما للارتفاع والقضاء على البطالة المقنعة ([2])،ويرى (Chenery) في هذا السياق وجود نوع من التماثل في عملية التغير الهيكلي، يعود إلى تناقص الأهمية النسبية للقطاع الزراعي وارتفاع الأهمية النسبية لقطاع الصناعة التحويلية ([3])،وقد ظهرت الحركة البنيوية في فرنسا في أواسط الخمسينيات كمحاولة منهجية لتحليل الأبنية الكلية في الأدب والفلسفة والرياضيات والاقتصاد والأنماط النفسية اللاواعية كافة التي تحرك السلوك الإنساني([4])، وما لبث أن غزا هذا المفهوم العلوم الطبيعية والفيزيائية والبشرية  ، لأن اهتمامات المختصين أصبحت لا تكتفي بالسطحيات بل بمعرفة كيان الأشياء ومحتواها ،وهناك حقيقيتين يركز عليها المفكرين الغربين بما يتعلق بالبنية الاقتصادية  الأولى :  أن العناصر التي تكون أي جسم مهما كان نوعه عناصر غير منسجمة ومختلفة، الأخرى: أن هذه العناصر المكونة للجسم تتفاعل بعضها مع بعض في إطار تطور الجسم وتحوله الدائم.

وبناءً على هاتين الحقيقتين وضعت العديد من التعريفات لمفهوم البنية أذ يرى  (Wallace C.Peterson)، أن مصطلح البنية الاقتصادية إنما يدل على المنشأ القطاعي للدخل القومي، وعلى التوزيع الوظيفي للأيدي العاملة، ويحصل التغير في البنية الاقتصادية كلما طرأ تغير على الأهمية النسبية للقطاعات المختلفة المولدة للدخل القومي، أو كلما طرأ تغير على الأهمية النسبية لفئات الوظائف المختلفة(3)، وعرف كارل ماركس (Karl Marx) بنية النظام الاقتصادي في كتابه (نقد الاقتصاد السياسي) بأنه مجموعة العلاقات الإنتاجية الاجتماعية القائمة في كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع، ومجموع هذه العلاقات تشكل البنيان التحتي الواقعي، الذي يعلوه البنيان الفوقي: الحقوقي والسياسي، وتلائمه أشكال معينة من الوعي الاجتماعي(4)،ويعرف اديث كريزويل البنية بأنها نسق من العلاقات له قوانينه الخاصة يتصف بالوحدة الداخلية والانتظام الذاتي، على نحو يفضي فيه أي تغيير في العلاقة إلى تغير النسق نفسه وعلى نحو ينطوي معه المجموع الكلي للعلاقات على معنى(1)، ويقدم هولس جنري (Hollis B.Chenery) تعريفاً للبنية يمثل رأي المدرسة البنيوية، بأنها مجموعة من العلاقات الثابتة نسبياً في نظام اجتماعي أو اقتصادي معين، وأن أي تغير في تركيب متغير مثل الطلب أو الإنتاج، أو أي من المتغيرات الكمية الاقتصادية الأخرى فهو تغير بنيوي(2)؛أما فرانسوا بيرو (Francois Perroux) فيرى أن البنية الاقتصادية هي مجموعة النسب والعلاقات التي يتسم بها الكيان الاقتصادي في وقت ومكان معينين، ومعنى النسب: الأهمية النسبية لكل عنصر من العناصر التي تكون الكيان الاقتصادي مثل نسبة الأجور والأرباح في الدخل مثلاً، ومما تقدم يمكن تعريف البنية الاقتصادية بانها : كيان اقتصادي يتمثل بمجموعة من المعطيات الخاصة بذلك الكيان، وبمجموعة العناصر والخصائص التي تحيط به التي تشكل مضمونه من جهة وإطاره العام من جهة أخرى.

المطلب الثاني

ماهية عناصر قوة الدولة

تؤدي العوامل الاقتصادية، توفرها أو شحتها، أدواراً هامة في تصنيف الدولة، وذلك لأن هذه العوامل تعكس فرصاً أو تفرض قيوداً بالنسبة لقرار الدولة، الأمر الذي يمثل الأداء الفاعل والذي يشكل مراكز إقليمية أو عالميّة، ومن هنا فإن حجم هذه الدول يرسمه هذا المعيار الذي يتناسب طردياً مع قدرتها الاقتصادية، فعلى أساس القدرة الاقتصادية صُنِّفت معظم دول العالم الثالث بأنها دول صغيرة وذلك بسبب ضعف مواردها الماديّة، وضعف إنتاجها، وبالتالي افتقارها إلى القدرات التكنولوجيّة، وهذا يرغم هذه الدول على الاعتماد على العالم الخارجي لحماية أمنها ،ولمواجهة احتياجاتها التي تثيرها الضغوط الشعبية في ميادين التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، الأمر الذي يجعلها دولاً محكومة بقيود خارجة عن قدرتها على صياغة قراراتها، ويهمّش استطاعتها على التحرك بحريّة، ومما يلاحظ أيضاً أنها تعاني من حالات الفساد والتهريب والاختلاس والبيروقراطية وتغوّل الشخصيات المتنفذة فيها التي تصبح مالكة للقرار السياسي والعسكري والإعلامي والمالي وفي ظل ذلك تبقى هذه السلطات تبحث بصورة مستمرة عن استقرارها في مراكز التحكم، ولتحقيق ذلك نراها تسعى إلى القروض التي غالباً ما تكون مشروطة وتؤدي إلى اختلالات كبيرة بين عالم الإمكانات المحددة وعالم الإمكانات الواسعة الذي يعني بالتالي قيام حالات من التبعية، خاصة ما تعانيه الدول التي كانت ترزح تحت قيود الاستعمار([5])،ويمكن القول إجمالا إن المتغير الاقتصادي يعد عنصراً مهم من عناصر قوة الدولة فالدولة اذا ما كانت تحتكم على قدرات اقتصادية كبيرة فأنها تستطيع  ان تأثر في  نظم التحكم الإقليمي والعالمي، مع سبب إضافي يفسر بقاءها شكلاً مهماً في التنظيم السياسي الأيديولوجي الاقتصادي العالمي وهو (السيادة) ، إذ أن الدولة هي المتبع الأول للقواعد الملزمة داخل رقعة جغرافية معينة بوصفها (المشرع المحتكر) ، وإن دور الدولة اليوم يتمثل بشكل رئيس في بسط حكم القانون المستقل نسبياً عن العناصر الأخرى في العملية التاريخية لتشكل الدولة القومية الحديثة([6])، فالــقوة الاقتــصادية ترتـبط بمــدى توفــر الــدولة علــى المـــــوارد الــطبيــعية وبمدى قدرتها على التحكم في الموارد الاقتصادية والمالية وتوجيه التنمية الاقتصادية والاستجابة لتعقيدات التنظيم الاقتصادي الحديث([7])؛ اما ما يتعلق بالجانب السياسي والاجتماعي ،  فاجتماعياً اذا ما ارادت  أي  دولة ان تكون ذات حضور إقليمي و دولي مؤثر فيجب عليها ان تتخلص من الصراعات الاثنية ، والتخلص الصراعات والخلافات الاجتماعية والعرقية والعمل على تعزيز الأمن الداخلي، وان تكون المؤسسات السياسية اكثر استقراراً، فضلاً عن ذلك فأن وجود مجتمع مدني مستقل وفاعل يعد من المقومات المهمة لتعزيز قوة الدولة، وذلك بعد التخلص من تغول السّلطة وهيمنتها على الدولة، ولتحقيق ذلك يجب على الدولة العمل على بناء مؤسسات مجتمع مدني ذات طابع تنافسي([8])، ولكي تستطيع الدولة أن تخرج من قيود الدور المحدود في صناعة سياستها الخارجيّة، فان عليها الاهتمام بعوامل الاقتدار من حيث عدد السكان أو الموارد الطبيعية أو القدرة الاقتصادية أو العسكرية ([9]).

 

المبحث الثاني

واقع الاقتصاد العراقي بعد عام 2003

المطلب الأول: خصائص الاقتصاد العراقي

تعرض الاقتصاد العراقي ،ومن خلال مراحل تطوره التاريخي المختلفة الى مشاكل عدة تفاوتت حدتها بين مدة وأخرى باختلاف الأوضاع السياسية ،والاجتماعية واثرها في درجة الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ويمكن حصر المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي بالمشاكل الإدارية، والتنظيمية، والمشاكل السياسية ،والمالية ، ونتيجة لذلك اتسم الاقتصاد العراقي بخصائص ومؤشرات تعكس صور الدمار ،والتخلف التي لازمت الاقتصاد العراقي فالاقتصاد العراقي عانى ولازال من مشاكل بنيوية أصبحت ملازمة له، وكانت السياسات الاقتصادية عاجزة عن معالجة تلك المشكلات، فالاقتصاد العراقي يمتاز بالدرجة الأولى كونه اقتصاد ريعي، ويظهر هذا الاختلال بصورة واضحة من خلال طغيان قطاع النفط على مجمل القطاعات السلعية الأخرى سواء من ناحية العوائد التي تشكل نسبة كبيرة من مجموع الصادرات او من خلال قوة العمل في هذا القطاع فهو المصدر الرئيس، والوحيد لتمويل برامج التنمية، والانفاق الاستثماري الحكومي طوال العقود الماضية([10])، فضلاً عن ذلك فهناك اختلال في بنية الإنتاج ، اذ يعاني الاقتصاد العراقي من عدم توازن من حيث أهمية و أولوية الفروع القائدة لتطوير القاعدة الإنتاجية لاسيما بما يتعلق بالصناعة التمويلية([11]) ،ويعاني الاقتصاد العراقي من قدم البنية التحتية ،وترهلها بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق بأن تسعينيات القرن الماضي، وبالتالي فان تلك الاضرار الهائلة اصابت الاقتصاد العراقي بالشلل فأصبح العراق يعتمد بصورة كبيرة على الاستيراد للحصول على احتياجاته الضرورية([12])،ويعاني الاقتصاد العراقي من ضعف الاستثمار الداخلي والخارجي بسبب هيمنة القطاع العام بجميع مؤسساته على الحياة الاقتصادية مما  أدى الى اضعاف المناخ الاستثماري التنافسي، وذلك لان حجم القطاع العام ،وامكانياته والهيمنة الحكومية على القطاع العام كل تلك عوامل تضعف تنافسية القطاع الخاص وقدرته على النمو بصورة طبيعية فضلاً عن ذلك فان قلة التشريعات الجديدة المشجعة على الاستثمار ،والتردد في تطبيق ما صدر منها أدى الى التلكؤ ،والتباطؤ في تشجيع الاستثمار واستقطاب المستثمرين([13])،و يغلب على الموازنة العامة في العراق الارتفاع الدائم لمستوى العجز، والناتج عن زيادة النفقات العامة على الإيرادات العامة، ويعود سبب ذلك الى الاعتماد المفرط من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة على عوائد النفط، وعدم العمل على تنويع مصادر الايرادات العامة الأخرى، وعدم تفعيل دور القطاعات الاقتصادية الأخرى للمساهمة في زيادة الإيرادات العامة، وتلافي مسألة العجز الدائم في الموازنة العامة([14]) .

مما سبق يتبين لنا ان الاقتصاد العراقي يتسم بخصائص جعلته اسير الريع النفطي الذي كان سبباً رئيساً لعدم تطور الاقتصاد العراقي، وبالتالي فان ذلك يتطلب وقفة من قبل صانع القرار العراقي لإعادة فاعلية الاقتصاد العراقي من خلال العمل على التركيز على أولوية الجهد التنموي المطلوب للنهوض بالاقتصاد العراقي ،  ومعالجة الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي.

المطلب الثاني: الإصلاحات الاقتصادية في العراق بعد عام 2003

يمر الاقتصاد العراقي بحالة انتقالية من اقتصاد مركزي الى اقتصاد حر تحركه قوى السوق (العرض والطلب)، وبالتالي فان برامج الإصلاح الاقتصادي يستوجب تحديد التحولات لتحقيق الانتقال، وذلك من خلال ألزام العراق بثلاثة أنواع من الانتقالات بعضها متلازم ،والأخر متعاقب، وتشمل الانتقال من النزاع الى الاستقرار وإعادة التأهيل ،والاعمار، والانتقال من هيمنة الدولة الى نحو اقتصاد السوق الحر ويعتمد على قاعدة إنتاجية متنوعة([15])، وبموجب الالتزامات المالية والاقتصادية المترتبة على العراق في أطار اتفاق مع صندوق النقد الدولي لاسيما اتفاقية الاستعداد الائتماني ذو طبيعة الوصفة الجاهزة للإصلاح الاقتصادي والترتيبات الساندة SBA)) المبرمة في 23 نوفمبر من عام 2005، وهي جزء من متطلبات اتفاقية نادي باريس المبرمة 21 نوفمبر من عام 2004 لغرض خفض الديون العراقية قامت الحكومات العراقية المتعاقبة بمجموعة من الإصلاحات الاقتصادية  ،فهذه الاتفاقية لها قوة ضغط كبيرة على صناعة القرار الاقتصادي العراقي وتهدف الى تحقيق الاستقرار الاقتصادي بالدرجة الرئيسة من اجل خلق شروط النمو المستديم عبر الالتزام بالإصلاحات الاتية([16]):-

  1. تحقيق الاستقرار النقدي، والسيطرة على عرض النقد من خلال اعتماد سياسة نقدية متشددة من قبل البنك المركزي العراقي، وأبرز تلك السياسات تتمثل بـ(رفع سعر الفائدة، خفض سعر الصرف للدينار مقابل الدولار) لجعل السياسة النقدية بحاجة لمعدلات نمو الانفاق الحكومي للسيطرة على التضخم، وخفض معدلاته، والتأثير على أسواق السلع والخدمات.
  2. خفض الدعم الحكومي للسلع والخدمات، لاسيما مدخلات الإنتاج، إزالة القيود التي تحدد التذبذب الحر للأسعار، ومحاربة التهريب، لاسيما المشتقات النفطية من خلال رفع أسعارها لتقارب الأسعار العالمية.
  3. خفض النفقات العامة في الموازنة من اجل تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي من خلال خفض النفقات التشغيلية، والتوزيعية، والدعم الحكومي، ومراجعة البطاقة التموينية بهدف الغائها، وتوجيه الانفاق العام باتجاه المجالات الاستثمارية بما يضمن تصحيح الاختلال في أوجه الانفاق العام.
  4. خصخصة شركات القطاع العام بعد دراسة، ووضع آلية ملائمة لتأهيلها وتلافي الخسائر القائمة والمحتملة من جراء لك الاجراء.
  5. تطوير آليات عمل الجهاز المصرفي، وتفعيل دوره في التمويل، وخلق الائتمان.
  6. تحسين الأداء للإدارة العامة، والإدارة الاقتصادية من خلال العمل على مكافحة الفساد الإداري والمالي، التخطيط الكفوء، ووضع الاستراتيجيات، تطوير الخبرات، والاليات، ومنح التراخيص، خصخصة بعض الشركات العامة، حوكمة الشركات العامة التي لا تخضع للخصخصة، اصلاح الجهاز المصرفي، اصلاح سوق العراق للأوراق المالية.

اما ما يتعلق بالبنك الدولي فأنه اخذ يمارس ضغوطاً على الحكومة العراقية من خلال حثها على الاخذ بوصفة التنمية المقترنة بالتحول نحو اقتصاديات السوق وفقاً للاتي([17]):-

  1. توفير مستلزمات التنمية من خلال إيجاد، وتطوير البنى التحتية، وتأهيل مصادر الموارد الاقتصادية.
  2. التأثير في الهياكل الإنتاجية، وتنويع القاعدة الإنتاجية لمعالجة الاختلال القطاعي، والتحرر من الاقتصاد احادي الجانب.
  3. وضع استراتيجيات شاملة للإجابة على الأسئلة المهمة مثل (ما هو النهج الاقتصادي الأمثل للدولة؟، ما حدود وامكانيات خلق، وتشغيل اليات السوق في العراق، ما اشكال الملكية الأكثر تلاؤماً لتحقيق الإصلاح الاقتصادي، وهدف التنمية، وما العلاقة المثلى بين المركزية واللامركزية في إدارة التنمية، أي اساسيات نمو يتم اعتمادها في هذه الاستراتيجية).

وتماشياً مع تلك السياسات تضمنت خطة التنمية الوطنية لسنوات 2005-2007 العمل على أعادة هيكلية القطاع العام والعمل على تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد العراقي فضلاً عن تصفية المشروعات او دمج بعضها مع الاخر([18]).

وفي خطة التنمية لسنوات 2013-2017 جرى التشديد على عملية الإصلاح الاقتصادي لكونه ذات ارتباط مباشر مع التنمية ، ووضعت الحكومة العراقية بعض الخطط ،والبرامج لإصلاح الشركات المملوكة للدولة ،وإعادة هيكلتها ،من خلال العمل على تحويل الشركات المملوكة للدولة الى كيانات اقتصادية ذو مقدرة على التنافس من خلال رفع كفاءتها الإنتاجية وبالتالي المساهمة في نمو الاقتصاد([19]).

وفي خطة التنمية الحكومية لسنوات 2018- 2022 وضعت الحكومة العراقية مجموعة من الخطط والبرامج لإصلاح القطاع المالي وتمثلت ابرز وسائل تحقيق الإصلاح المالي بضرورة العمل على توسيع قاعدة الضرائب وتنويع مصادرها من خلال استحداث ضرائب جديدة، والقضاء على قنوات التهرب الضريبي، وتقليص نطاق الإعفاءات الضريبية ،وتطوير كفاءة الجهاز الضريبي([20])،فالاقتصاد العراقي يعاني من اختلال هيكلي واضح ناتج عن هيمنة القطاع العام على مختلف مفاصل ،ومؤسسات الاقتصاد العراقي ،ولا تقتصر اثار تلك الهيمنة الحكومية على ارهاق الموازنة العامة للدولة، وضعف كفاءة ومخرجات المؤسسات العامة فحسب، وانما اخذ يمتد ذلك الى سوق العمل، وبالتالي بات نشاط البلد الاقتصادي ،والمالي يتعكز على قطاع واحد ،وهو عرضة لتقلبات أسعار النفط المرتبطة بتقلبات السوق العالمية وتفاقمت محنة القطاع الخاص في العراق مع تدهور الوضع الأمني ،وعدم ملائمة مناخ الاستثمار او غياب الأدوات المالية الفاعلة وتدهور البنية التحتية وهروب راس المال، وادت كل هذه العوامل الى انحسار مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني والناتج المحلي الإجمالي ([21])،وركزت الإصلاحات في السياسة المالية على هدف أساس ،وهو تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة الى ادنى مستوى ، فالسياسة المالية بعد عام 2003 شهدت تحولات في اطرها القانونية فيما يخص السياسة الضريبية، والجمركية ،كما ان المرحلة الأولى لإصلاح الموازنة العامة للدولة عملت باتجاه تفعيل دور الضرائب ،والرسوم الجمركية بهدف تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية([22]).

 

المبحث الثالث

الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي بعد عام 2003

يعاني الاقتصاد العراقي من اختلالات بنيوية عديدة كانت نتيجة تلك الاختلالات ظهور بعض الاثار السلبية على مظاهر الإنتاج بصورة عامة ، فالسبب الرئيس لتلك الاختلالات هي تراكمية الأخطاء من قبل جميع الحكومات العراقية المتعاقبة سواء قبل عام 2003 ام بعد عام 2003،وسوف نتناول في هذا المطلب اهم الاختلالات البنيوية التي اثرت بصورة كبيرة على الاقتصاد العراقي بعد عام 2003.

المطلب الأول: الناتج المحلي الإجمالي

يعد الناتج المحلي الاجمالي من اكثر النماذج اهمية في بيان مدى القدرة الانتاجية للدولة فضلاً عن كونه مؤشراً مهماً على ضعف الاقتصاد او نموه ،والاقتصاد العراقي يعاني من اختلالات ذات عمق بنيوي بسبب الاعتماد على القطاع النفطي بصورة كبيرة مما جعله اكثر انكشافاً واظهر عدم امكانية قدرته في الاعتماد على نفسه([23])،فالاقتصاد العراقي يمتلك قاعدة متنوعة من الموارد ورغم ذلك لا زال يعاني من اختلالات واضحة بسبب الاعتماد الكبير على القطاع النفطي ،وهناك سِمَة اخرى يمتاز بها الاقتصاد العراقي بأنه اقتصاد ذو صبغة تدخلية من خلال سيطرة الدولة وهيمنتها على جميع الفعاليات الاقتصادية مما اسهم في عملية سوء تخصيص الموارد([24])،وبالتالي كل تلك المتغيرات افقدت الاقتصاد العراقي مقومات الكفاءة الاقتصادية والتنافسية.

وكانت مَحْصَلة السياسات الاقتصادية غير المنضبطة في ادارة الثروة الاقتصادية ظهور تشوهات في بنية الاقتصاد العراقي فضلاً عن وَهْن الترابط بين القطاعات الانتاجية المختلفة ،وتقلص التعاون والتنسيق في ادارة القطاع الاقتصادي([25])،فالاقتصاد العراقي يعاني بصورة واضحة من عدم التَمَاثَل من حيث اهمية القطاعات الانتاجية لتطوير القاعدة الانتاجية لاسيما ما يخص القطاعات السلعية فضلاً عن رَثّاَثة البنى التحتية وانهيارها([26])،فالاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي باتت واضحة للعيان بسبب ضعف القطاع الانتاجي فضلاً عن عدم قدرته على الايفاء باحتياجات المواطنين المتزايدة يوم بعد اخر، ويصاحَبَ ذلك الامر تَدنَيِ قيمة الدخل بسبب التضخم([27])، وبالتالي التوجه الى الاستهلاك بعيداً عن السلع الانتاجية.

ان سمات الاقتصاد العراقي اثرت بصورة سلبية على الناتج المحلي الاجمالي ومستوياته، وذلك بسبب تدني مساهمة القطاعات الاخرى غير النفطية من نسبة الناتج المحلي الإجمالي، اذ بقي قطاع النفط يحتل الصدارة بنسب المساهمة في اجمالي الناتج المحلي الاجمالي بنسبة بلغت 72.99% من الناتج المحلي الاجمالي للفصل الثالث من عام 2020 في الوقت ذاته احتلت النشاطات الحكومية المرتبة الثانية بنسبة مساهمة بلغت 22.67% ,وجاء قطاع النقل والاتصالات بالمرتبة الثالثة بنسبة مساهمة بلغت 9.77%؛اما قطاع الزراعة الغابات والصيد ونشاط الصناعة التحويلية فقد كانت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي متواضعة جدا وبنسبة بلغت 5,79% و 3,66% على التوالي([28]).

ان ضعف التنسيق في العلاقات الاقتصادية بين القطاعات المختلفة في الاقتصاد العراقي يعود الى طبيعته الريعية، اي بمعنى اخر ضآلة المساهمة النسبية للقطاعات الاخرى في الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فان تلك الظاهرة انعكست بصورة فعلية في عدم مقدرة العراق على سد فجوة الطلب المحلي المتزايد من مختلف انواع السلع والخدمات([29]).

المطلب الثاني: التجارة الخارجية

شهد العراق بعد عام 2003 تحولات كبيرة وعلى كافة الاصعدة والمستويات كان أبرز تلك التحولات ما شهدته الفلسفة الاقتصادية للنظام الجديد، حيث تم التحول من نظام اقتصادي شديد المركزية وسيطرة الدولة على الجزء الاكبر من فعاليات النشاط الاقتصادي الى اقتصاد يعتمد نظام أليات السوق والانفتاح على العالم الخارجي، وفي ضوء تلك التطورات فأن ميزان المدفوعات وكأحد أهم مؤشرات النشاط الاقتصادي يتأثر هو الاخر بتلك التحولات وبدا ذلك واضحا من خلال سجل حساباته، وبالنسبة لأحد أهم مرتكزات الانفتاح على العالم الخارجي بعد عام 2003 فأنها كانت باتجاهين وهما:

الاول: في مجال التصدير أذ تشير الاحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء بأن نسبة قيمة الصادرات النفطية الى قيمة الصادرات الكلية بلغت على سبيل المثال في العام 2020 ما نسبته 82% ،بينما توزعت بقية النسبة على القطاعات الإنتاجية الاخرى([30]).

الثاني: في مجال الاستيراد حيث تشير الاحصائيات الى أن العراق ولما بعد 2003 أصبح مستورد صافي للسلع والخدمات الاجنبية وبخاصة للسلع الاستهلاكية والتي اتسمت بالتصاعد النسبي لعدم كفاية العرض المحلي في مواجهة الطلب المتزايد نوعاً وكماً.

 

السنة الميزان التجاري الصادرات الاستيراد الميزان الخارجي
2015 0,1 31,1 -31,5 -7,1
2016 -0,3 30,4 -29,0 -3,5
2017 -0,8 32,8 -30,5 – 2,3
2018 1,3 32,6 -28,8 -3,3
2019 2,2 29,7 -27,3 -0,3
2020 2,8 28,9 -25,9 -0,1
2021 3,2 28 -24,8 0,9

المصدر من اعداد الباحثين استناداً الى المصدر الاتي: International Monetary Fund, Country Report IRAQ ,2015 , 2021.

يلاحظ من خلال الجدول أعلاه  أمور عدة منها : أن التجارة الخارجية  تعتمد على تصدير المواد الاستخراجية  بصورة كبيرة ساعد ذلك على توليد سلبية على الاقتصاد الوطني  تمثلت بارتفاع الاستيرادات الاستهلاكية من مختلف السلع  مقابل تصدير النفط الخام كسلعة رئيسية ، وهذا الأمر بطبيعة الحال ساعد على زيادة درجة الانكشاف الاقتصادي للعراق ، وبروز ظاهرة الاغراق السلعي داخل الأسواق المحلية العراقية ([31])، وهذا ما أكدته خطة التنمية الوطنية لعام 2018-2022  وعبرت عن ذلك بأن العراق يفتقر إلى سياسة تجارية تراعي وجوب توافر الشروط الاقتصادية المطلوبة للحفاظ على التنافسية الدولية، وتنامي الاختلال في بنية الناتج المحلي، وانخفاض سعر صرف الدينار العراقي، أدت إلى اختلال واضح في الميزان التجاري, بدلالة ارتفاع نسبة الصادرات النفطية إلى 99 % من اجمالي الصادرات العراقية، مع تنوع صارخ في هيكل الاستيرادات وانفتاح اقتصادي كبير، حيث بلغت نسبة التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي 50.25 % في عام 2021 ([32])

فالعلاقة بين القطاعات الانتاجية المختلفة غير المتوازنة القت بظلالها على التجارة الخارجية العراقية، فجعلت تلك العلاقة غير الكفؤ الميزان التجاري في حالة انكشاف بسبب اختلال جانب الصادرات ، والواردات، وبالتالي فان ذلك الاختلال انعكس بصورة سلبية على اسهام باقي القطاعات في التنمية الاقتصادية([33]).

المطلب الثالث: المديونية

تفاقمت ظاهرة المديونية في ظل تزايد اختلالات الهيكلة في الاقتصاد العراقي، الذي كشف عن تراجع الدور التمويلي من ناحية، والكيفية التمويلية الانفاقية التي أديرت بها دفة الاقتصاد الوطني من ناحية أخرى، والتي دفعت به إلى مرحلة الأزمة وتفاقمها، فضلاً عن الانعكاسات المباشرة  لاحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في نيسان 2003، والتي أدت دوراً مضافاً في تراكم وتعميق تلك المديونية، وفي التاسع من نيسان عام2003، انهارت الدولة العراقية بكاملها، وجرى تدمير ما تبقى من رأس المال العراقي الثابت من خلال النهب والتدمير المنظم ، وهو ما أدى الى تدمير كل البنى التي تقوم عليها الحياة العامة والاقتصادية بشكل خاص([34]).

ومع حصول انهيار شامل لغالبية مؤسسات الدولة الاقتصادية، وتحول صنع القرار السياسي والاقتصادي العراقي الى سلطات الاحتلال ، الذي اهتم بالأمن وبسط السيطرة الامريكية واعادة بناء كل شيء على وفق الرؤية الامريكية، فأن موضوعة إعادة الاعمار والنهوض بالاقتصاد العراقي المدمر، لم تكن تشكل اولوية لسلطات الاحتلال بقدر ما تشكله نجاح الاستراتيجية الامريكية في العراق من نجاحات

وبالتالي تحولت أزمة المديونية العراقية على الأقل من الناحية الظاهرية من كونها مشكلة يعاني منها الاقتصاد العراقي إلى مشكلة دولية أخذت الولايات المتحدة الامريكية  على عاتقها مسؤولية إدارتها مع دائني العراق في مختلف دول العالم، وقد أدت هذه الإشكالية في إدارة أزمة المديونية العراقية إلى تحويلها من مشكلة اقتصادية وسياسية عراقية إلى مشكلة دولية([35])، لقد قبل المجتمع الدولي التعامل مع حجم الديون والتي تتراوح بين (120– 127) مليار دولار، وتوجهت المؤسسات العراقية لتأثيرات مشكلة الديون المحلية والإقليمية والدولية من خلال وزارة التخطيط الإنمائي و وزارة المالية والبنك المركزي العراقي نحو إثارة الجدل الدولي حولها وتحويله ايجابياً باتجاه المصلحة الوطنية الشيء الذي أسهم في تكوين موقف دولي واضح تجاه المشكلة رغم تعنت بعض الجهات الدولية خارج نادي باريس في مواصلة محاولاتها إخضاع قضية الديون العراقية لإشكالات السياسة الدولية([36])، وقد درس صندوق النقد الدولي الحالة العراقية ووضع برنامجاً اقترح فيه إعفاء العراق من (95%) من ديونه الخارجية في ضوء المعايير والضوابط الاقتصادية وحث الدول المعنية للإسراع في تنفيذ هذا المقترح الذي أيدته كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، فيما اتخذت دول نادي باريس الـ (19) قراراً في تشرين الثاني 2004، بتخفيض ديونها بنسبة (80%) وعلى ثلاثة مراحل، وربط تنفيذ هذا التخفيض بنجاح برنامج صندوق النقد الدولي، هذا البرنامج الذي يشترط تنفيذ إجراءات اقتصادية ومالية إصلاحية من ضمنها تطبيق سياسة الخصخصة وإقامة اقتصاد السوق و رفع الدعم الحكومي عن السلع والخدمات الأساسية، وفي ضوء هذه المقترحات واشتراطات نادي باريس اتجهت الحكومة للتمسك بتخفيض ديونها من اكبر المطالبين([37])،وكان للولايات المتحدة الأمريكية دوراً بصفتها الدولة القائمة على تصريف شؤون العراق، حيث دعت إلى الإصلاح الاقتصادي في العراق وفق برنامج صندوق النقد والبنك الدوليين، من اجل حصول العراق على شهادة (حسن سير السلوك)، تتيح له تسوية ديونه والحصول على التمويل، وظهر هذا الدور بصورة قرار 1483 بعد رفع وزارة المالية الأمريكية تقريراً إلى الأمم المتحدة يوصي بإنهاء الحصار الاقتصادي والشروع ببرنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، الذي تعهد لاحقاً بتقديم (4.3) مليار دولار في مؤتمر مدريد في تشرين الأول 2003، كمساعدة للعراق وفق خطة أمدها خمس سنوات لتمويل خطة إعادة أعمار العراق وحاولت الولايات المتحدة الحصول على دعم الدائنين للعراق، فقامت بدور كبير في خفض الدين العراقي وخاصة في نادي باريس، إذ مارست تأثيرها على الدول الغربية والخليجية الدائنة للتنازل عن ديونها أو التخفيض منها، في الوقت الذي وافق فيه الكونغرس على إسقاط دين الولايات المتحدة الأمريكية البالغ بذمة العراق والبالغ (6) مليار دولار، والتعهد بتقديم ما يقارب (20) مليار دولار كمنحة([38]).

وتشكل المديونية عنصر مهم من عناصر الاختلال البنيوي للاقتصاد العراقي اذ تفاقمت مشكلة المديونية بشكل كبير بسبب النقص الحاد في التمويل ,وبلغت تقديرات الدين العام 122,9 مليار  دولار منها 73,7 مليار دولار ديوناً خارجية و 49,2 مليار دولار ديوناً داخلية([39]),وبحسب صندوق النقد الدولي فان الدين العام(*)، يمكن ان يرتفع ليصل الـ 133,4مليار دولار بحلول عام 2022 ([40]) ،  فمعضلــة ديــــــون العــــراق الخـارجيــة  تعد مـــن أخطــــر المشاكـل التـي يـواجههـا الاقتصـــاد العراقـي بعــــد الأمــن فـي المـرحلــة الحـاليــــة ، فضــــلا عـــن كـونهــا معضلـــة اقتصــاديــة وسيـاسيـة جـديـدة علــى واقـــع الـدولــة العـراقيــة الحــديثــة ، وأن أعبــــــاء خـدمـــة هـــــذه المــديــونيــة سيكــون مـرتفعــا هــو الآخــر، وهـــذه الأعبــاء تتمـثل بالفــوائــد المـدفــوعــة علــى الـديــون وأقسـاط تسـديــــد الـديـن  وهــي تـركــة ثقيلـــة تمثــل الـوجــه الأكثـــر عتمــة فـي الاقتصــاد العـراقــي ،فهـي تعنــي اقتطــاع نسبـــه مـــن إيــــرادات الـدولــــة التــي كـان مــن المفتـرض تـوجيههـا نحـــو التنمية البشريـة ([41])، وقــد أسهمـت المـديـــونيــة الخـارجيــة ودفـــــــع التعـويضـــات لاسيما التعـويضـــات التـي طالبـــت بهـا الكــويت والبـالغــة 178 مليـار بعد احتلالها عام 1990 بتبـاطـؤ الجهــود التنمـويـة فـي مختلـف الأنشطـة الاقتصاديــة وأضعفــت قــــدرة الاقتصـاد العـراقــي مـن تحقيــق معــــدلات نمــو مــرتفعــة ممــا أدى إلــى تفـاقــم مشكلــة البطــالــة ([42])

 

المبحث الرابع

متغيرات العلاقة بين الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي   وعناصر قوة الدولة في العراق بعد عام 2003

المطلب الأول: المتغير السياسي

ان عملية إدارة الدولة و المجتمع بصورة فاعِلة وسليمة أَصْبحتَ ذات أولوية بالنسبة للعراق لاسيما بعد عام 2003،إذ جَابَه العراق تحديات عدة فضلاً عن تفشي الفقر والبطالة فهناك أطروحات الإصْلاح السياسي والاقتصادي ،التي برزت في العراق بعد عام 2003 ،فضرورة تَحْقِيق إدارة فاعِلة في العراق يتم عبر تهيئة المقدمات لتَحقِيق تنمية تعطي الاولوية لمُعَالَجة الفقر والبطالة ,وتوليد فرص العمل المطلوبة، وبمستوى معاشي مقبول ودَعَم المرأة والمحافظة على البيئة([43])، فالعراق لا يزال يواجه تحديات في حقل تطوير مؤسساته السياسية القادرة على إعادة تأهيل نموه الاقتصادي وعليه ان يعيد صياغة نظامه السياسي على نحو يثبت ويَبرَز شرعيته، ويؤمن المشاركة ، ويوفر حداً مقبولاً من التوافق حول الاهداف السياسية ويَخَلق العوامل التي تَحثّ على التفاعل الايجابي مع المجتمع المدني ، وفي ميدان الاعمال عليه إطلاق أولويات اجتماعية واقتصادية ومتابعتها ويرشد المتبقي من مؤسسات القطاع العام طالما ان العراق قد لجأ الى سياسات الاصلاح الهيكلي في الاقتصاد([44]).

ان المشكلات التي يواجهها العراق تعد من المعوقات الاساسية للحكم الرشيد، إذ ان غياب الامن ، وتفشي ظاهرة البطالة ، وانعدام الاستقرار السياسي ، والحالة الاقتصادية المتراجعة تجعل من امكانية تَأسِيس حكم رشيد وإدارة جيدة عملية لا تخلوا من الصعوبة، إذ لا يمكن ان تكون هناك إجْراَءات جادة لإنجاز المشاركة الفعالة والشفافية، ومُرَاقَبَة وضبط الفساد ، وحكومة فاعلة في ظل اوضاع  الامن والاستقرار السياسي يغيبان فيها، وتطفوا على سطحها العديد من المشكلات ،وأهمها غياب الثقة بما يحدث او بما تقوم به الاحزاب والقيادات السياسية المتمثلة بالحكومات ومؤسسات المجتمع المدني([45]).

ان وُجُود إدارة حكم ذات مؤشرات ايجابية ستؤدي دوراً مساعداً في تحسين بيئة الاعمال، وذلك عبر قناتين هما: تَخْفيض الاختلالات السياسية، إِي حالة عَدَم الاستقرار السياسي واستمرارية العمل على تَطْبِيق السياسات الفعالة، وعلى الرغم من ان عملية إدارة الحكم قد تؤدي الى إِنْتَاج بعض الامور الايجابية في مجال الادارة الاقتصادية والسياسية الا انه لا يمكن ضمان تَطْبِيق إدارة الحكم من قبل المتصدين للمسؤولية، فالإشكالية الرئيسة تكمن في ان الاشخاص أصحاب السُلْطَة والنفوذ حققوا منافعهم ومصالحهم الشخصية نتيجة لوُجُود سَوْء الإدارة في الحكم، وبالتالي لا يمكن ان نتوقع من هؤلاء ان يتحركوا ولو بخطوة واحدة باتجاه إدارة الحكم الرشيد([46])،وبالتالي فان المتغير السياسي يعد سلاح ذو حدين اذا ما عرف صانع القرار كيفية توظيف ذلك المتغير للصالح العام وتحقيق الأهداف المنشودة.

المطلب الثاني

المتغير الاجتماعي

كان تأثير الإصلاحات الاقتصادية في العراق بعد عام 2003 ذو تأثير كبير على جميع الطبقات الاجتماعية وبصور متفاوتة على جميع الطبقات الاجتماعية مما اثر بصورة كبيرة على العدالة الاجتماعية في المجتمع العراقي  ،وبسبب الطابع اللامتجانس للطبقة الوسطى، وما يعكسه من اختلاف واضح في مستويات دخولها ،ومستوى معيشتها، و وزنها الاقتصادي، و وعيها الطبقي ، فبالنسبة للشريحة العليا من الطبقة الوسطى فهي تعد من اكثر الشرائح الاجتماعية اقتراباً من السلطة ،وصناع القرار ،وبالتالي اغلب الظن ان أوضاعها قد تحسنت  او على اسوء الحالات لم تتأثر بالإصلاحات الاقتصادية ،اما الشريحة الثانية من تلك الطبقة ،التي يعتمد افرادها على الرواتب الثابتة فقد تدهورت أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية بشكل واضح ،وفي ضوء ذلك فان عدداً من افراد هذه  الشريحة مارسوا اشكالاً مختلفة من ردود الفعل تجاه  تدهور أوضاعهم الاقتصادية ،فهناك افراد من هذه الشريحة اقدموا على ترك الوظيفة ،والتوجه نحو انشطة القطاع الخاص بعد ان توفرت لهم الفرصة من جراء مشروع تجاري خلقته المحسوبية ،والفساد ومنهم من صرفت  مهنته او صناعته او حرفته من السوق جراء الاصلاحات الاقتصادية، وهناك من فضل الاحتفاظ بالوظيفة الحكومية مع الدأب على ممارسة عمل اضافي اخر غالباً لا يكون له علاقة بالوظيفة بأسلوب  لا يخلو من الفساد ،وهناك من تمسك بوظيفته ممعناً بالبيروقراطية ،و الروتين، وتلكؤ الاجراءات لإكراه المواطنين على دفع الرشوة ،وتكون تلك الرشوة بمثابة دخل اضافي غير مشروع ،و بالتالي ومن هذا المنطلق فليس من الصدفة ان يتلازم تدهور المستوى المعاشي لهذه الفئة الناتج عن تلك البرامج من خلال انتشار ظاهرة الرشوة وعمليات الفساد المالي والاداري([47]) ؛اما ما يتعلق بالطبقة الدنيا فان تأثير الإصلاحات الاقتصادية كان و طابع مؤلم الى ابعد الحدود، وذلك بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات بعد قيام الحكومة العراقية بتقليص الدعم الحكومي مما أدى الى توليد مصاعب عدة لتلك الشريحة المجتمعية في تأمين قوتها الضروري فضلاً عن تأثير تقليص الانفاق الحكومي الموجة للخدمات الاجتماعية الضرورية مثل قطاع الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية ،ومع الركود الذي نتج عن السياسات النقدية الانكماشية او اقصاء الصناعات والمنتجات المحلية عن السوق واحلال المستورد الرخيص بدل منها، والضغوط الانكماشية التي نجمت عن سياسات وبرامج المؤسسات المالية الدولية اذ قل الطلب على خدمات تلك افراد هذه الطبقة ،وبالتالي اصبح من الصعب على كثير من المشتغلين في هذا القطاع تأمين رزقهم الضروري، ولهذا اصبح الكثير منهم عاطلين ،ومتسولين وتفشي في صفوفهم ميول العنف والتطرف وارتكاب الجريمة ([48])،وبالتالي فان الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي كان لها تأثير سلبي على احد العناصر الرئيسة لقوة الدولة، وهو المتغير الاجتماعي فقوة المجتمع من قوة الدولة ،وبالتالي يجب على الدولة اخذ زمام المبادرة والاهتمام بالجانب الاقتصادي للمجتمع والعمل على حماية الطبقات المجتمعية الهشة من خلال وضع برامج اجتماعية اقتصادية لحماية الفئات الاجتماعية الأكثر ضرراً من عملية الإصلاح الاقتصادي.

المطلب الثالث

المتغير الاقتصادي

اتجه العراق الى عملية الاصلاح الاقتصادي، وقد ارتبطت الاخيرة ارتباط وثيق بعملية إعادة ترتيب الدين الخارجي والذي أدى إلى إلغاء (80%) منه، وهذا الارتباط يأتي من خلال أجراء الاصلاح الضريبي واصلاح القطاع المالي واعادة هيكلة المشروعات المملوكة من قبل الدولة كشروط وما على الحكومة العراقية إلاّ الالتزام بها، ومِن ثَمَّ ،وبحسب وصفة المؤسسات المالية الدولية ستؤدي تلك الإجراءات إلى استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي من خلال تخفيض نسب العجز في ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة مؤدياً بالنتيجة إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي، فالاقتصاد الكلي يحتوي على عدد كبير من المتغيرات ويسعى من خلالها إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية من نمو اقتصادي وتشغيل كامل واستقرار اقتصادي والحد من التضخم وغيرها من الأهداف، ويتم هذا من خلال سياسات اقتصادية كلية نقدية ومالية، وقد تناول الاقتصاد العراقي عدد كبير من الباحثين منذ أربعينات القرن الماضي وكان التركيز على الناتج المحلي الإجمالي بوصفه المؤشر الأهم، وقد تضمنت المدة المحصورة بين عام 2004 الى 2015 بيانات حقيقية فعلية  ،فيما ضمّت السلسلة البيانات من عام 2016 ولغاية عام 2020 لبيانات متنبأ بها عبر منشورات صندوق النقد الدولي، علما بأن كل التنبؤات التي طرحها صندوق النقد الدولي بدءً من سنة 2013 ولغاية سنة 2016 كانت بعيدة عن الدقة كونها مستندة إلى تنبؤات غير دقيقة لسعر النفط والذي تراوح بين 50 – 60 دولار للبرميل الواحد فيما سجل النفط أدنى سعر منذ أكثر من 12 سنة فقد تراوح ما بين 20 و30 دولار للبرميل الواحد، ومن هنا يمكن القول بأن التقديرات منذ سنة 2015 لم تتسم بالدقة المطلوبة مما قاد الحكومة العراقية للمزيد من الحرج تجاه استحقاقاتها.

الناتج المحلي الإجمالي ونصيب الفرد منه ونموه السنوي والتوصيفات الإحصائية

السنة الناتج المحلي الإجمالي

مليار دولار

نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي دولار نسبة النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي
2004 36,6 1391 4،8
2005 50,1 1849 2,8
2006 65,1 2350 6,2
2007 88,8 2125 1,5
2008 131,6 4513 9,8
2009 111,7 3725 7,7
2010 135,5 4487 5,9
2011 180,5 5839 8,6
2012 212 6650 2,7
2013 232,5 6882 0,1
2014 223 6420 -1,8
2015 172,4 4900 -24,1
2016 172,2 4940 -5,3
2017 207 5602 8,4
2018 231 6086 4
2019 254 6528 2,7
2020 276 6922 1,6

المصدر :  International Monetary Fund, Country Report IRAQ, 2010 ,2015  2016.

تشير بيانات الجدول أعلاه إلى زيادة قيمة الناتج المحلي الاجمالي في عام 2005 اذ كانت قيمة الناتج المحلي (50,1) مليون دولار، يقابله معدل دخل الفرد (1849) دولار ليرتفع في عام 2010 إلى (135,5) مليون دولار وبمعدل نمو سنوي (5.9 %) يقابله معدل دخل الفرد وصل إلى (4487) دولار.

أما في عام 2016 فقد شهد ارتفاعاً ملحوظاً في قيمة الناتج المحلي الاجمالي لتصل إلى (172,2) مليون دولار وبمعدل نمو سنوي (-5,3%) يقابله معدل دخل الفرد (4940) دولار، وترجع أسباب هذه الزيادة في الناتج المحلي الاجمالي إلى ارتفاع أسعار النفط، فالناتج المحلي الإجمالي و نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يتخذ سلوكا متشابها خلال المدة 2005 – 2016 ولاسيما ما حصل في سنة 2014 و2015 واستمر لغاية 2016، إلا أن ما يؤشر على التباين الكبير في البيانات ومنها الناتج المحلي الإجمالي ناهيك عن ما تبناه صندوق النقد الدولي من تنبؤات ثبت عدم دقتها، ومنها تنبؤات السنوات 2016 – 2020 التي استندت على توقعات لأسعار النفط بأنها ستكون بحدود 50 -60  دولارًا فيما يلاحظ انخفاض الأسعار لتصل 30 دولار لا بل فقد انخفضت أكثر في الشهرين الأول من سنة 2016 وقد تراوحت عموما ما بين 20 – 30 دولار مما يؤشر عدم دقة التنبؤات التي قام بها صندوق النقد الدولي وانسحبت على الإيرادات والنفقات والناتج المحلي الإجمالي وغيرها من البيانات ([49]).

مما سبق يتبين لنا تأثر متوسط دخل الفرد بالناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة بسبب الارتباط الوثيق بين عملية الإنتاج والتصدير ونسبة النمو للناتج المحلي الإجمالي؛ اما ما يتعلق بالموازنة العامة فقد باتت تؤدي دوراً مهماً في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في المجتمع ، فتعاظم تأثيرها على النشاط الاقتصادي مما يحتم تحضيرها بحيث يلائم المعطيات الخاصة بالاقتصادات الحديثة وبالظروف التي يتميز بها كل اقتصاد على حدة ، والهدف الاساسي الذي اضحى محضرو الموازنة يسعون لتحقيقه لم يعد يقتصر على موازنة ايرادات الدولة بنفقاتها وانما تعدى ذلك ليصبح موازنة الاقتصاد القومي كله([50]).

وبناء على ذلك اصبحت الموازنة احدى وسائل السياسة المالية ومن ثم فهي من وسائل الدولة المهمة لتحقيق اهدافها الاقتصادية والاجتماعية ويمكن ان تستعمل لتحقيق  الاستخدام الكامل وتعبئة الموارد الاقتصادية بما فيها غير المستغلة والمساهمة في زيادة الدخل القومي وتجنب التضخم ويتم الاعتماد على الموازنات الحكومية لتعزيز مستوى معين من الاستقرار في الاسعار والعمالة والنمو الاقتصادي والاستدامة البيئية والتوازن الخارجي([51]).

أما من الناحية الاجتماعية فقد أصبحت الموازنة ذات تأثير واضح في إعادة توزيع الدخل والثروة من الضرائب والاعانات والمدفوعات التحويلية، فتستعمل الموازنة كأداة للتخفيف من حدة التفاوت الاجتماعي ورفع مستوى معيشة الفقراء وذوي الدخل المحدود، وان للسياسات التي تتخذها الحكومة بشأن الضرائب والدعم ورسوم الخدمات العامة واسعار الطاقة والتعويضات وما تنفقه على برامج  التعليم والصحة والمرافق العامة ومشروعات الضمان الاجتماعي كل ذلك من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر في دخول الافراد وتتأثر تبعا لذلك قرارتهم المتعلقة بالعمل والإنتاج والاستهلاك والادخار والاستثمار([52]).

ومنذ تأسيس الدولة العراقية عام1921 يتم إعداد الموازنة العامة في صورة موازنة بنود واعتمادات وهي من اقدم انواع الموازنات اذ كان هدفها الاساس الرقابة على الانفاق على أساس التكلفة والعائد وعلى أساس دراسة البدائل الاقتصادية المتاحة ، فضلا عن أنها لا تشمل على معايير لقياس كفاءة الانفاق العام وفعاليته العام كنتيجة لسيادة الفكر الكلاسيكي بما لا يساعد على اجراء تقديرات سليمة للإيرادات والنفقات مبنية على أساس التكلفة والعائد وعلى أساس دراسة البدائل الاقتصادية المتاحة ، فضلا عن أنها لا تشمل على معايير لقياس كفاءة الانفاق العام وفعاليته([53]).

وهذا النوع من الموازنة لا زال مسيطر على معظم موازنات دول العالم ومنها العراق، ويؤدي الاعتماد على موازنة البنود إلى الحد من قدرة الوزارات على تنفيذ المشروعات بكفاءة ، إذ إن أسلوب إعداد الموازنة يتطلب مراجعة هيكل الانفاق العام المالي السابق لإعداد الموازنة الجديدة  ولا يسمح بإجراء تعديلات الا بنسبة طفيفة ، مما يدفع الجهات المنفذة ، الوزارات أو المحافظات إلى المغالاة في تقديراتها ، ويترتب على ذلك تركز المناقشات مع وزارة المالية على زيادة التخصيصات بدلا من الاهتمام بكيفية تقديم الخدمات بصورة أكثر كفاءة ([54]).

وفي ضوء ما تقدم فالواقع العملي يستلزم الانتقال في اعداد الموازنة العامة للدولة من الموازنة التقليدية الى اي من الموازنات الاكثر تطوراً وحداثة للتخلص من جزء من الاختلالات البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي ولتحقيق ولو جزء بسيط من الأهداف الاقتصادية المرسومة.

 

الخاتمة والاستنتاجات

من خلال هذا البحث المختصر لموضوع حيوي وذات ابعاد مهمة نظراً لارتباط مفهوم الاختلالات البنيوية بالعديد من المتغيرات وأبرزها المتغير الاقتصادي، الذي يؤدي دوراً فاعلاً في سواء في عملية تعزيز عناصر قوة الدولة ام تقويضها، ومن ثم انعكاس ذلك على عناصر قوة الدولة بشكل عام ويمكن ايراد عدة نقاط تمثل بمجملها مجموع الاستنتاجات التي توصل اليها البحث وهي كالاتي: –

  1. بسبب ما يعانيه الاقتصاد العراقي من اختلالات بنيوية حادة اضطرت الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003 وتحت ضغوط خارجية الى اتخاذ حزمة من الإجراءات الاقتصادية القاسية ذات الطبيعة التقشفية من خلال العمل على خفض النفقات التشغيلية والاستثمارية، وكانت نتيجة ذلك ذو أثر باهض وتكلفة كبيرة على المجتمع العراقي، اذ ظهرت بوادر تلك الإصلاحات بصورة تراكمية لتعلن عن تشوهات جديدة في الاقتصاد العراقي اثرت بصورة كبيرة على الواقع الحياتي والمعيشي للمواطنين.
  2. عطفاً على النقطة السابقة كانت الإجراءات الاقتصادية ذو تأثير كبير على الاقتصاد العراقي فازداد انكشاف الاقتصاد العراقي وبرزت ظاهرة البطالة ، اذ ظهرت العديد من الظواهر المجتمعية السلبية التي أدت الى التفكك الاسري، واثرت بصورة كبيرة على معظم الطبقات الاجتماعية ،وبصور متفاوتة لتؤدي بالنتيجة الى انتشار القيم السالبة في المجتمع العراقي، وفي جانب اخر مثل الفساد بكافة اشكاله حائِل دون انجاز ، وتحقيق ما يصبو اليه المجتمع العراقي من تقدم وازدهار، فتوسع نطاق الفساد يكون مردوده سلبي على على  جميع المفاصل في الدولة العراقية، ومنها الجانب الاقتصادي .
  3. ان المشكلات التي يواجهها العراق تعد من المعوقات الاساسية للحكم الرشيد، إذ ان غياب الامن ، وتفشي ظاهرة البطالة ، وانعدام الاستقرار السياسي ، والحالة الاقتصادية المتراجعة تجعل من امكانية تَأسِيس حكم رشيد وإدارة جيدة عملية لا تخلوا من  الصعوبة، إذ لا يمكن ان تكون هناك إجْراَءات جادة لإنجاز المشاركة الفعالة والشفافية، ومُرَاقَبَة وضبط الفساد ، وحكومة فاعلة في ظل اوضاع  الامن والاستقرار السياسي يغيبان فيها, وتطفوا على سطحها العديد من المشكلات ,وأهمها غياب الثقة بما يحدث او بما تقوم به الاحزاب والقيادات السياسية المتمثلة بالحكومات ومؤسسات المجتمع المدني.
  4. أن الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي كان تأثيرها كبير ومحوري في عناصر قوة الدولة العراقية لاسيما من ناحيتها السلبية، وبالتالي فان عناصر قوة الدولة العراقية ستبقى متعلقة وبصورة كبيرة بالمتغير الاقتصادي، وترتبط معه بعلاقة متبادلة التأثير تسمح في أي من حالاتها بأن تمارس تأثيراً واضحاً سواء أكانت سلبية أم ايجابية وبالتالي فان تعزيز عناصر قوة الدولة العراقية يعتمد بصورة كبيرة على مقدار الاستقرار الاقتصادي الذي يمكن ان يتحقق.
  5. يجب على الحكومة العراقية إذا ما اردت القضاء على الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي العمل، وبصورة جدية على تنويع الاقتصاد العراقي وعدم الاعتماد على مصدر دخل واحد في عملية التصدير، فعملية تنويع مصادر الإنتاج والتوزيع تعد خياراً استراتيجياً إذا ما عرفت الحكومة العراقية كيفية توظيف الموارد التي تحتكم عليها بصورة صحيحة، ودون الاعتماد على النفط فحسب في عملية الإنتاج والتصدير.
  6. على الحكومة العراقية واجب رسم سياسة اقتصادية للإنتاج ترتكز على العناصر الاقتصادية المهمة ،و على ان تكون اهداف السياسة الاقتصادية منسجمة مع ما يتطلع اليه المجتمع من تطور نهضوي اقتصادي ، وكما يجب على الحكومة العراقية في هذا المجال ان تتوخى في رسم سياسة الإنتاج إزالة العوائق الطبيعية التي قد تعترض عمليات الإنتاج من خلال القدرة على التوظيف الصحيح والفعال  للخبرات السابقة   ، كذلك يجب على الحكومة العمل على  إزالة  العوائق السياسية عن استثمار المجتمع لثرواته، وتقضي على كل ظواهرها التي تمس كرامة الامة وسيادتها على ثروتها وصولاً الى القضاء على الاختلالات البنيوية في الاقتصاد العراقي ،وبالتالي تعزيز عنصر مهم من عناصر قوة الدولة الا و هو المتغير الاقتصادي.

 

 

 

  1. Colin Clark, The condition of Economic progress, Macmillan press, London, 1957, pp. 395-400.

[2] . آمال شلاش، يحيى غني النجار، التنمية الاقتصادية، نظرياتها، مشاكل، مبادئ وسياسات، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي- جامعة بغداد، 1991، ص241-261.

  1. Hollis B .Chenery , Structural change and development policy, Oxford University press, 1979 ,pp. 6.

[4] . أديث كريزويل، عصر البنيوية من ليفي شتراوس إلى فوكو، ترجمة جابر عصفور، دار آفاق عربية- بغداد، 1985، ص12.

  1. 3. . والاس بيترسون، الدخل والعمالة والنمو الاقتصادي، ترجمة صلاح الدباغ، المكتبة العصرية- بيروت 1968، ص383.
  2. 4. أساتذة من السوفيت، موجز القاموس الاقتصادي، تعريب مصطفى الدباس، دار الجماهير-دمشق، 1972، ص62.
  3. 1. أديث كريزويل ، مصدر سبق ذكره، ص289.
  4. 2. Hollis B .Chenery , op, cit, p.108

[5] . عمر حضرمي، الدولة الصغيرة: القدرة والدور، مقاربة نظرية، مجلة المنارة، جامعة ال البيت، الأردن، المجلد 19، العدد4، 2013، ص64 ص65.

  1. 2. بول هيرست ” ما العولمة .. الاقتصاد العالمي وإمكانات التحكم ” ، عالم المعرفة ، الكويت ، 2001 ، ط1 ،ص 109  .
  2. معمار مهدي، المقاربات العملية لدراسة الدولة الامة: المتطلبات والفواعل، مجلة الأستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية،جامعة محمد بوضياف،كلية الحقوق والعلوم السياسية، المجلد الأول، العدد 7، 2017، ص370.
  3. هدى ميتكيس، الاتجاهات المعاصرة في دراسة النظم السياسية في دول العالم الثالث، في، مجموعة باحثين، اتجاهات حديثة في علم السياسة، المجلس الأعلى للجامعات، اللجنة العلمية للعلوم السياسية والإدارة العامّة، 1999، ص151.
  • 2. Hey, Jean A. k., Small States in World Politics: Explaining Foreign PolicyBehavior, Lynne Rienner Publishers, 2003, p.2.

[10] . حسين احمد دخيل، الأطر السياسية لاقتصاديات التحول: دراسة مقارنة، دار السنهوري، بيروت، ط1، 2016، ص333.

[11] . اللجنة الاقتصادية لدول غربي اسيا الاسكو، الإحصاءات الاقتصادية لسنة 2003، الأمم المتحدة، نيويورك، ص36.

[12] . محمد علي زيني، الاقتصاد العراقي الواقع الحالي، وتحديات المستقبل، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، سلسلة محاضرات الامارات 103، أبو ظبي، ط1، 2006، ص9.

[13] . حميد عبد الحسين مهدي العقابي، الإصلاح الاقتصادي في العراق بعد عام 2003 وأثر التشريعات فيه، مركز العراق للدراسات، سلسلة إصدارات مركز العراق للدراسات 80، دار الساقي، بيروت، ط1، 2015، ص82 ص85.

[14] . حسين احمد دخيل، مصدر سبق ذكره، ص335.

[15] . حميد عبد الحسين العقابي، مصدر سبق ذكره، ص68.

[16] . ينظر: عبد الحسين محمد العنبكي ، الإصلاح الاقتصادي في العراق: تنظير لجدوى الانتقال نحو اقتصاد السوق، مركز العراق للدراسات، سلسلة كتب مركز العراق 28، دار الصنوبر للطباعة، بيروت، ط1، 2008، ص38.

[17] . حميد عبد الحسين مهدي العقابي، مصدر سبق ذكره، ص71.

[18] . وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، استراتيجية التنمية الوطنية 2005-2007، بغداد 2004، ص17.

[19] .  وزارة التخطيط، خطة التنمية الوطنية لسنوات 2013-2017، بغداد، كانون الثاني 2013، ص50 ص51.

[20] . وزارة التخطيط، خطة التنمية الوطنية لسنوات 2018-2022، بغداد 2018، ص68 ص69.

[21] .  حيدر حسين آل طعمة، هاشم مرزوك الشمري، الاقتصاد العراقي ، ومقاربات الإصلاح والاستقرار المستدام، مجلة جامعة الانبار للعلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الانبار، المجلد 11، العدد27، 2019، ص169.

[22] . حسين احمد دخيل، مصدر سبق ذكره، ص368.

[23] . سالم توفيق النجفي، مستقبل التنمية، مجلة المستقبل العربي، العدد 305(بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية, 2004) ص87 ص 88.

[24] . ثامر عبد العالي كاظم، واقع الاقتصاد العراقي ومتطلبات إصلاحه، مجلة المثنى للعلوم الادارية والاقتصادية، العدد1(المثنى: كلية الادارة والاقتصاد، جامعة المثنى, 2017) ص88.

[25] . محمود قاسم داود، عبد الجبار عبود الحلفي، الاقتصاد العراقي: التحديات والفرص، مجلة الاقتصادي الخليجي، العدد 40(البصرة: كلية الادارة والاقتصاد، جامعة البصرة، حزيران 2019) ص5.

[26] . محمد علي زيني، الاقتصاد العراقي: الواقع الحالي وتحديات المستقبل (ابو ظبي: مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية،  ط1, 2006) ص9.

[27] . فريال مشرف عيدان، الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد العراقي بعد عام 2003 وسبل معالجتها، المجلة السياسية والدولية، المجلد 33,العدد 34(بغداد: كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية, 2016) ص14.

[28]. ينظر: وزارة التخطيط، التقديرات الاولية للناتج المحلي الاجمالي للفصول الثلاثة الاولى لسنة 2020(بغداد: الجهاز المركزي للإحصاء، مديرية الحسابات القومية ،  كانون الاول 2020) ص3.

[29] . ثامر عبد العالي كاظم، مصدر سبق ذكره, ص89.

 . [30]وزارة التخطيط ،الجهاز المركزي للإحصاء، التقرير السنوي للصادرات لعام 2020 ،مديرية إحصاءات التجارة أيار 2021، ص4.

[31] . فارس كريم بريهي ، ميس عبد الأمير كشيش: الاختلال الهيكلي للميزان التجاري العراقي للمدة 1994-2014 ، مجلة العلوم الاقتصادية والادارية، كلية الادارة و الاقتصاد – جامعة بغداد، المجلد 23 ,العدد 101, 2017، ص 330.

[32] . وزارة التخطيط، خطة التنمية الوطنية 2018-2022، ص 17.

[33] . عامر شبل زيا، تحليل الاختلالات الهيكلية في القطاعات الانتاجية في العراق للمدة( 2004-2018),المجلة الدولية للدراسات الاقتصادية,المجلد3,العدد12(برلين: المركز الديمقراطي العربي , اب 2020) ص80.

  1. 2. طيب عثمان، مصدر سابق، ص 136.
  2. 3. إكرام عبد العزيز ال عقيل وخضير عباس النداوي، المديونية العراقية بين الانعكاسات الاقتصادية والتداعيات السياسية ، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة بغداد، المجلد 10، العدد 34، 2004، ص 7.
  3. 1. عبد الكريم أبو هات، مصدر سابق.
  4. 2. لتفاصيل أكثر انظر: هادي حسن عليوي، آفاق ستراتيجية، ديون العراق الخارجية، الإشكالية وطرق إطفائها، 2010 على الموقع الاتي: http://www.alsabaah.com/paper.php?Source

[38]. طيب عثمان، مصدر سابق، ص 138.

[39] . جريدة الوقائع العراقية، قانون رقم (1) الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق لسنة 2019 ( وزارة العدل,  العدد 4529، 11 شباط 2019) ص4 ص5.

* . وبحسب احصائيات صندوق النقد الدولي فان الديون توزعت بمجملها كالاتي:- 41 مليار دولار ،وتمثل قروض دول الخليج للعراق اثناء الحرب العراقية الايرانية ، و 6 مليار دولار ديون جرى هيكلتها في اتفاق نادي باريس لسنة 2005،والتي كانت تبلغ 40 مليار دولار في سنة 2003،وهناك الديون التجارية الصادرة بشكل سندات ثلاثة الاولى بقيمة 2,7 مليار دولار لسنة 2006 بفائدة مقدارها 5,8%,وتسدد لغاية 2028،والثانية بقيمة 1 مليار دولار لسنة 2017 بمعدل فائدة 2,1% تسدد لغاية  2022،والثالثة بقيمة 1 مليار دولار لسنة 2017 بمعدل فائدة 6,5% تسدد حتى نهاية عام 2023،فضلاً عن ذلك توجد 12 مليار دولار بذمة الحكومة العراقية وهي على شكل قروض من صندوق النقد والبنك الدوليين، ودائنين اخرين لسنة 2014 استعملت لتمويل العجز في الموازنة العامة.

[40] . نقلاً عن: زهير الحسني، توظيف الموازنة العامة لسنة 2019 في تحقيق التنمية المستدامة في العراق، مجلة العلوم السياسية، العدد 59(بغداد: كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد ،  2020) ص42.

[41].  كامل كاظم بشير الكناني ، أرجوحة التنمية في العراق ، دار الدكتور للعلوم ، بغداد، ط1، 2013 ،ص 311.

.[42] منعـم احمـد خضر،  سعد صالح عيسى ، ياسين موسى جاسم ، أزمـة بطالة الخريجين في العراق وسبل مواجهتها، مجلة دراسات اقتصادية ، العدد 30 ،2013،  ص 133.

  1. 1. خضر عباس عطوان، شيماء معروف فرحان، الحكم الصالح والتنمية البشرة: رؤية لإدارة برنامج للحكم الصالح في العراق، مجلة رؤية للبحوث والدراسات، بغداد، بلا دار نشر، العدد 2 ، نيسان 2012،ص118.

[44].  نوفل قاسم على الشهوان، أولويات الاصلاح الاقتصادي في العراق: الاستراتيجية الجديدة والتغيير المطلوب، في مجموعة باحثين: الاصلاح والتغيير في العراق ودول الجوار، وقائع بحوث الندوة العلمية 28,مركز الدراسات الإقليمية، جامعة الموصل، اذار 2008, ص53 ص69.

[45]. حيدر نعمة بخيت، الحكم الصالح في العراق و دوره في بناء الدولة ،  مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الكوفة، كلية الادارة والاقتصاد، المجلد التاسع, العدد28, 2013 ، ص116 ص119.

[46]. احمد جاسم محمد المطوري,مدى توافر مؤشرات إدارة الحكم وأثرها على النمو الاقتصادي في العراق,مجلة الاقتصادي الخليجي,جامعة البصرة, العدد 19, 2011, ص26.

[47] . عبد الحسين محمد العنبكي، الإصلاح الاقتصادي في العراق : تنظير لجدوى الانتقال نحو اقتصاد السوق، مركز العراق للدراسات، سلسلة كتب مركز العراق، بغداد، ط1، 2008، ص51 ص52.

[48] . المصدر نفسه، ص55 ص56.

[49] . شبكة المعلومات الدولية الانترنيت على الرابط الاتي : http//:www. imf.org/ar/Home

[50] . ستار جبار خليل , الموازنة الفيدرالية  في العراق لعامي 2006 و 2007 دراسة تحليلية مقارنة ,مركز دراسات وبحوث الوطن العربي , العدد 22 الجامعة المستنصرية2007  , ص 12.

[51] . ديبي بادلنر ، روندا شارب ،كيري آلن ، مبادئ تحليل الموازنة المراعية لنوع الجنس : بحث وممارسة معاصران , ترجمة نور الاسعد , المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية ، بيروت لبنان ، 2007، ص32.

[52] . حسن الحاج ، عجز الموازنة المشكلات والحلول ، مجلة جسر التنمية ، المعهد العربي للتخطيط ، العدد 43 ، السنة السادسة ،  الكويت ، ايار 2004 ، ص3.

[53] . مجيد عبد جعفر الكرخي ، الموازنة العامة  ،  مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ، الجامعة المستنصرية ، ط 1 1999 ص 415 ص 45.

[54] . حسن عبد الكريم سلوم ، ومحمد خالد المهايني ، الموازنة العامة للدولة بين الاعداد والتنفيذ والرقابة ) دراسة ميدانية للموازنة  العراقية  ، مجلة الادارة والاقتصاد ، العدد 42 ، بغداد ،2007 ، ص 106.

المصادر

المصادر

اولاً: الكتب

  1. آمال شلاش، يحيى غني النجار، التنمية الاقتصادية، نظرياتها، مشاكل، مبادئ وسياسات، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي- جامعة بغداد، 1991،261.
  2. أديث كريزويل، عصر البنيوية من ليفي شتراوس إلى فوكو، ترجمة جابر عصفور، دار آفاق عربية- بغداد، 1985.
  3. أساتذة من السوفيت، موجز القاموس الاقتصادي، تعريب مصطفى الدباس، دار الجماهير-دمشق، 1972.
  4. بول هيرست ” ما العولمة .. الاقتصاد العالمي وإمكانات التحكم ” ، عالم المعرفة ، الكويت ، 2001 ، ط1.
  5. حسن الحاج , عجز الموازنة المشكلات والحلول , مجلة جسر التنمية , المعهد العربي للتخطيط , العدد 43 , السنة السادسة , الكويت , ايار 2004.
  6. ديبي بادلنر ، روندا شارب ،كيري آلن , مبادئ تحليل الموازنة المراعية لنوع الجنس : بحث وممارسة معاصران , ترجمة نور الاسعد , المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية , بيروت لبنان , 2007.
  7. مجيد عبد جعفر الكرخي, الموازنة العامة , مديرية دار الكتب للطباعة والنشر , الجامعة المستنصرية ,ط 1 1999 .
  8. حسين احمد دخيل، الأطر السياسية لاقتصاديات التحول: دراسة مقارنة، دار السنهوري، بيروت، ط1، 2016.
  9. حميد عبد الحسين مهدي العقابي، الإصلاح الاقتصادي في العراق بعد عام 2003 واثر التشريعات فيه، مركز العراق للدراسات، سلسلة إصدارات مركز العراق للدراسات 80، دار الساقي، بيروت، ط1، 2015.
  10. عبد الجبار الحلفي، الاقتصاد العراقي: النفط ،الاختلال الهيكلي، البطالة، مركز العراق للدراسات، دار الساقي، بيروت، ط1، 2008.
  11. عبد الحسين محمد العنبكي، الإصلاح الاقتصادي في العراق: تنظير لجدوى الانتقال نحو اقتصاد السوق، مركز العراق للدراسات ، سلسلة كتب مركز العراق 28، دار الصنوبر للطباعة، بيروت، ط1، 2008.
  12. كامل كاظم بشير الكناني، أرجوحة التنمية في العراق , دار الدكتور للعلوم , بغداد, ط1, 2013 .
  13. فرانسوا بيرو، فلسفة لتنمية جديدة، تقديم علال سيناصر، اليونسكو، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، 1983.
  14. كارل ماركس، نقد الاقتصاد السياسي، ترجمة راشد البراوي، دار النهضة العربية، ط1، 1969.
  15. كايد عثمان أبو صبحة، جغرافية السكان، دار وائل عمان، الأردن، ط1، 2015
  16. محمد علي زيني، الاقتصاد العراقي الواقع الحالي، وتحديات المستقبل، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، سلسلة محاضرات الامارات 103، أبو ظبي ، ط1، 2006.
  17. نبيل جعفر عبد الرضا,خالد مطر مشاري,مستقبل الدولة الريعية في العراق(البصرة: شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة,ط1, 2016.
  18. والاس بيترسون، الدخل والعمالة والنمو الاقتصادي، ترجمة صلاح الدباغ، المكتبة العصرية- بيروت 1968.

ثانياً: الدوريات

  1. احمد جاسم محمد المطوري,مدى توافر مؤشرات إدارة الحكم وأثرها على النمو الاقتصادي في العراق,مجلة الاقتصادي الخليجي,جامعة البصرة, العدد 19, 2011.
  2. إكرام عبد العزيز ال عقيل وخضير عباس النداوي، المديونية العراقية بين الانعكاسات الاقتصادية والتداعيات السياسية ، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة بغداد، المجلد 10، العدد 34، 2004.
  3. ثامر عبد العالي كاظم، واقع الاقتصاد العراقي ومتطلبات إصلاحه، مجلة المثنى للعلوم الادارية والاقتصادية,العدد1(المثنى: كلية الادارة و الاقتصاد,، جامعة المثنى, 2017).
  4. حامد عبيد حداد، التداعيات الاقتصادية للاستراتيجية الأميركية في العراق، مجلة دراسات دولية ، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، العدد 43، 2010.
  5. حسن عبد الكريم سلوم ، ومحمد خالد المهايني ، الموازنة العامة للدولة بين الاعداد والتنفيذ والرقابة ) دراسة ميدانية للموازنة العراقية  ، مجلة الادارة والاقتصاد ، العدد 42 ، بغداد ،2007.
  6. حيدر نعمة بخيت,الحكم الصالح في العراق,و دوره في بناء الدولة, مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية,جامعة الكوفة، كلية الادارة والاقتصاد، المجلد التاسع, العدد28, 2013 .
  7. حيدر حسين آل طعمة، هاشم مرزوك الشمري، الاقتصاد العراقي ،ومقاربات الإصلاح والاستقرار المستدام، مجلة جامعة الانبار للعلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الانبار، المجلد 11، العدد27، 2019.
  8. خضر عباس عطوان، شيماء معروف فرحان، الحكم الصالح والتنمية البشرة: رؤية لإدارة برنامج للحكم الصالح في العراق، مجلة رؤية للبحوث والدراسات, بغداد, بلا دار نشر, العدد2, نيسان 2012.
  9. زهير الحسني,توظيف الموازنة العامة لسنة 2019 في تحقيق التنمية المستدامة في العراق,مجلة العلوم السياسية,العدد 59(بغداد:كلية العلوم السياسية,جامعة بغداد, 2020).
  10. سالم توفيق النجفي,مستقبل التنمية ,مجلة المستقبل العربي,العدد 305(بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية, 2004) .
  11. ستار جبار خليل , الموازنة الفيدرالية في العراق لعامي 2006 و 2007 دراسة تحليلية مقارنة ,مركز دراسات وبحوث الوطن العربي , العدد 22 الجامعة المستنصرية2007  .
  12. عامر شبل زيا,تحليل الاختلالات الهيكلية في القطاعات الانتاجية في العراق للمدة( 2004-2018),المجلة الدولية للدراسات الاقتصادية,المجلد3,العدد12، برلين:المركز الديمقراطي العربي , اب 2020
  13. عمر حضرمي، الدولة الصغيرة : القدرة والدور ، مقاربة نظرية، مجلة المنارة،جامعة ال البيت، الأردن،المجلد 19، العدد4، 2013.

. 16فارس كريم بريهي و ميس عبد الأمير كشيش: الاختلال الهيكلي للميزان التجاري العراقي للمدة 1994-2014 , بحث منشور في مجلة العلوم الاقتصادية والادارية، كلية الادارة و الاقتصاد – جامعة بغداد، المجلد 23 ,العدد 101, 2017.

  1. فريال مشرف عيدان,الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد العراقي بعد عام 2003 وسبل معالجتها,المجلة السياسية والدولية,المجلد 33,العدد34(بغداد: كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية،2016)
  2. محمود قاسم داود,عبد الجبار عبود الحلفي,الاقتصاد العراقي: التحديات والفرص, مجلة الاقتصادي الخليجي,العدد 40(البصرة: كلية الادارة والاقتصاد,جامعة البصرة, حزيران 2019.
  3. معماش مهدي، المقاربات العملية لدراسة الدولة الامة: المتطلبات والفواعل، مجلة الأستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية،جامعة محمد بوضياف،كلية الحقوق والعلوم السياسية، المجلد الأول، العدد 7، 2017.
  4. منعـم احمـد خضر, سعد صالح عيسى , ياسين موسى جاسم , أزمـة بطالة الخريجين في العراق وسبل مواجهتها, مجلة دراسات اقتصادية , العدد 30 , 2013.
  5. نوفل قاسم على الشهوان، أولويات الاصلاح الاقتصادي في العراق: الاستراتيجية الجديدة والتغيير المطلوب، في مجموعة باحثين: الاصلاح والتغيير في العراق ودول الجوار، وقائع بحوث الندوة العلمية 28,مركز الدراسات الإقليمية، جامعة الموصل، اذار 2008.
  6.  هدى ميتكيس، الاتجاهات المعاصرة في دراسة النظم السياسية في دول العالم الثالث، في، علي الدين هلال ومحمود إسماعيل (محررين)، اتجاهات حديثة في علم السياسة، المجلس الأعلى للجامعات، اللجنة العلمية للعلوم السياسية والإدارة العامّة، 1999.

ثالثاً: الرسائل والاطاريح

  1. احمد حسين والي، اثر البنية الاقتصادية في الثقافة السياسية في العراق بعد عام 2003، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة النهرين، كلية العلوم السياسية، 2015.
  2. سعد صالح عيسى علي، المحددات السياسية والإقتصادية لسلوك الدولة في العالم الثالث : الدولة النفطية انموذجا،أطروحة دكتوراه غير منشورة،جامعة النهرين، كلية العلوم السياسية،2006.

رابعاً: التقارير

  1. اللجنة الاقتصادية لدول غربي اسيا الاسكو، الإحصاءات الاقتصادية لسنة 2003، الأمم المتحدة، نيويورك.
  2. وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، استراتيجية التنمية الوطنية 2005-2007، بغداد 2004.
  3. وزارة التخطيط، خطة التنمية الوطنية لسنوات 2013-2017، بغداد، كانون الثاني 2013.
  4. وزارة التخطيط، خطة التنمية الوطنية لسنوات 2018-2022، بغداد 2018.
  5. وزارة التخطيط ,التقديرات الاولية للناتج المحلي الاجمالي للفصول الثلاثة الاولى لسنة 2020(بغداد:الجهاز المركزي للاحصاء,مديرية الحسابات القومية, كانون الاول 2020).
  6. وزارة التخطيط ،الجهاز المركزي للإحصاء، التقرير السنوي للصادرات لعام 2020 ،مديرية إحصاءات التجارة أيار 2021.

خامساً: الصحف

  1. جريدة الوقائع العراقية, قانون رقم (1) الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق لسنة 2019( وزارة العدل, العدد 4529, 11 شباط 2019).

سادساً: المصادر الأجنبية

  1. Colin Clark, The condition of Economic progress, Macmillan press, London, 1957.
  2. East, Murice, “Size and Foreign Policy Behavior: A Test of Two Models”, World Politics, July 1973, 25(4).
  3. Hollis B .Chenery , Structural change and development policy, Oxford University press, 1979.
  4. Krasner, Stephen, “Structural Causes and Regime Consequences: Regimes as Intervening Variables”, International Organization, Special Issue, 36(2), Spring, 1982.
  5. Hey, Jean A. k., Small States in World Politics: Explaining Foreign Policy Behavior, Lynne Rienner Publishers, 2003.
  6. Pevhouse, Jon C. “Democracy from the Outside-In: International Organizations and Democratization. International Organization, 56 (3), Summer 2002.

سابعاً: الانترنيت

  1. هادي حسن عليوي، آفاق ستراتيجية، ديون العراق الخارجية، الإشكالية وطرق إطفائها، 2010 على الموقع.

http//www.alsabaah.com/paper.php?Source

  1. شبكة المعلومات الدولية الانترنيت على الرابط الاتي : http//:www. org/ar/Home

 

 

مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية