مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
  • موسسة دارالإسلام
    • حول مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
    • أهداف المؤسسة
    • جامعة الامام جعفر الصادق
    • المدرسة الدينية
    • أخبار
  • جائزة الشهيد الصدر
    • حول الجائزة
    • تاريخ الجائزة وابرز البحوث
      • دورة الاولى
      • دورة الثانية
      • دورة الثالثة
      • الدورة الرابعة
      • الدورة الخامسة
    • الدورة السادسة
  • النشاطات الخيرية
    • المشروع السكني الخيري
    • مساعدات
  • الإصدارات الثقافية
    • مجلة الفكر الجديد
  • الامين العام
    • نبذة عن حياته
    • مؤلفاته
    • الوكالات الشرعية
✕

التكافل الاجتماعي ومعالجة الفقر رؤية اسلامية

العنوان: التكافل الاجتماعي ومعالجة الفقر رؤية اسلامية
الكاتب/الكتّاب:

صباح محمد حسين -
السيد فاضل حاتم الموسوي -
-
-

تحميل PDF

الملخّص

الكلمات المفتاحية:

Abstract:

Keywords:

البحث الكامل

المقدمة :

يعد التكافل الاجتماعي ضمن مجموعة من السبل التي تبناها المنهج الاسلامي لمعالجة حالة الفقر التي تصيب المجتمع  والتي يسعى من خلاله الى بناء كيان الانسان من جهة وبناء المجتمع بالصورة التي تتلاءم ومنهج الاسلام.

اهمية البحث :

لقد شهدت الانسانية كثير من المشاريع التنموية التي استهدفت الانسان اولا واخرا الا انها لم تكن كالتكافل الاجتماعي في ابعاده واثاره لذا نلحظ ان القران جاء مشحونا بما ينبئ عن اهمية حالة التكافل الاجتماعي وقصة نبي الله يوسف خير مثال على ذلك فقد اتخذه منهجا في حل مشكلة القحط التي مرت بها البلاد يومئذ فقد استطاع ان يستغل العمل والتكافل التعبوي فاصبح المجتمع يعمل كله كعائلة واحدة في تكافل وتكاتف اجتماعي قل نظيره من خلاله استطاعوا تجاوز الأزمة فأصبح التكافل هو المنفذ الوحيد والمآل الذي عبروا من خلاله الى بر الامان ، ومن خلال هذا الانموذج القرآني تتضح لنا ما للموضوع من اهمية بالغة وهو يمثل اليوم الحل لاهم المشاكل التي يعاني منها المجتمع وهي المشكلة الاقتصادية .

فرضية البحث:

يمثل التكافل الاجتماعي احد السبل التي تعالج لنا كثير من المشاكل الاقتصادية من خلال الرجوع الى السنن الالهية التي عرض الباري نماذج منها في كتابه الكريم وكثير منها جاءت سيرة عملية لنبيه محمد صلى الله عليه واله واهل البيت عليهم السلام والاولياء والصالحين من عباده سعيا وراء معالجة المشكلة الاقتصادية التي كانت ولا زالت مشكلة الانسانية .

هدف البحث :

يسعى الباحث في دراسته هذه الى بيان ما للتكافل الاجتماعي من اثر في معالجة مشكلة الفقر والبطالة هذه المشاكل التي فتكت بكثير من المجتمعات وجعلتها فريسة الرذيلة وكل ما هو غير انساني ويهدف البحث الى الالماح الى اشارات السيد محمد باقر الصدر في هذا المجال فكتابه اقتصادنا كان يمثل معالجة اسلامية للحالة الاقتصادية على مستوى الفكر قبال الاطروحات الاخرى التي سقطت قبال ما جاء به السيد من افكار اقتصادية اسلامية وكان التكافل الاجتماعي احد السبل التي اعتمدها الاسلام .

مشكلة البحث :

تتمثل إشكالية الدراسة في كثير من الدواعي السلبية التي تواجه المجتمع اليوم من فقر وبطالة وتسلط الفاسدين على رؤوس الاموال والتحكم غير المنصف في خيرات العالم ككل والمجتمع الاسلامي بصورة خاصة اذ يمثل الرجوع الى سبيل الاسلام هو الحل والعلاج  لهذه المشاكل ومن بين تلك المعالجات التي يطرحها الاسلام هي التكافل الاجتماعي

منهجية البحث :

ان المنهج الذي اتبعته في هذا البحث هو المنهج الوصفي حيث سوف يتم استعراض الافكار والاستدلال عليها بما يتلائم معها من نصوص سواء من القران او السنة او سيرة المعصومين عليهم السلام وما اثر من نصوص السيد محمد باقر الصدر (قدس) في هذا الباب وفقا للخطة التالية :

المبحث الاول : مفهوم التكامل الاجتماعي اهميته وفوائده واثره في بناء الفرد والمجتمع ويقع في مطلبين هما :

المطلب الاول : مفهوم التكافل الاجتماعي اهميته وفوائده

المطلب الثاني : التكافل الاجتماعي ودوره في بناء الفرد والمجتمع

المطلب الثاني : التكافل الاجتماعي ودوره في بناء الفرد والمجتمع ويعالج هذا المبحث الستراتيجية التي اتبعها الاسلام في التكافل الاجتماعي

الاستنتاجات والتوصيات من خلالها بينت اهم ما توصلت اليه من نتائج فضلا عن عدد من التوصيات التي تناسب المقام ، والحمد لله اولا واخرا

 

المبحث الاول

مفهوم التكامل الاجتماعي اهميته وفوائده واثره في بناء الفرد والمجتمع

ان العمل والإنتاج من السنن الإلهية في الحياة الدنيا فلا يتصور الإنسان أن تستمر الحياة بدون عمل لأنه ضرورة فطرية ينتقل بها من حال السكون الى حال الحركة فيملأ الدنيا بالحيوية ويعمق حالة التراحم والتكامل الاجتماعي يجعل المجتمع بنيانا مرصوصا وسدا منيعا في وجه الفقر والبطالة فلذلك اهتم الإسلام بهذه القضية لما لها من ارتباط بالجانب الانساني المتعلق بكرامة الإنسان والحقيقة انه لا يختص بالمسلمين فقط بل يشمل كل بني البشر على اختلاف الوانهم واعتقاداتهم قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾([1])

وعن رسول الله صلى الله عليه واله قال : وما من اهل قرية يبيت و فيهم جائع , ينظر اللّه اليهم يوم القيامة) ([2]) وفي هذا الحديث تتجسد المثل الانسانية وتتزاحم صور التراحم وهي تسعى الى بناء الإنسان ، فجريمة الحرمان التي يعاني منها الفرد يشترك فيها جميع من حوله ، فالحديث يبعث في نفس السامع والمتلقي صعوبة الموقف عندما يكون الانسان يواجه مصيره لوحده وهو يكابد محنة الحرمان والفاقة وبنفس الوقت يصور لنا مشهد من مشاهد الرحمة الالهية وهو يحاول ان يربطه بمن حوله من ابناء مجتمعه من خلال إبراز عقوبتهم حال صدهم عنه وتركهم إياه يواجه المحن لوحده .

وعبرت الروايات الشريفة عن الدنيا باعتبارها ميدان العمل  والتكافل بانها مزرعة الآخرة كلما زاد المحصول زادت زكاته فالإنسان الناجح هو الذي يستثمر  كل ما لديه  من قدرات وطاقات ليجعل حياته أفضل مما هي عليه وبنفس الوقت  رفض الإسلام أن تكون حياة الإنسان بلا هدف ولا طموح بحيث تصبح حياة روتينية ، عن امير المؤمنين ( عليه السلام ) عندما سمع رجلا يذم الدنيا من غير معرفه فقال : إن الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها)([3]).فهنا يحاول الامام علي ان يصحح مسار الفكر المريض الذي يبدوا انه واقع وسائد في تلك الحقبة وبنفس الحال يكشف لنا الواقع الاقتصادي المرير الذي كان يعاني منه ذلك المجتمع وكذلك ترتسم امامنا صورة الاصلاح التي مارسها الامام عليه السلام في موقفه هذا ويبدوا ان صورة التكافل في ذلك المجتمع لم تكن لتكتمل في حينه لذا احتاج الامام ان يوجه دوما وان يتابع وان يندد وان يتساءل ليثير في نفوس ذلك المحيط تلك النزعة الايثارية التي تكفل صلاح حال المجتمع  ولابد لنا في هذا التمهيد من بيان مفهوم التكافل الاجتماعي واهميته وفوائده وكما في الاتي :

المطلب الاول : مفهوم التكافل الاجتماعي اهميته وفوائده

اولا : التكافل الاجتماعي لغة واصطلاحا  لغة :

التكافل الاجتماعي في اللغة التكافل من كفل، وكفل بمعنى عالَ، والكافل العائل والضامن والمنفق، يقال: كفل الصغير، أي رباه وانفق عليه.([4])

أما في الاصطلاح فقد تعددت الآراء في معنى التكافل الاجتماعي، فقد عرفه أبو زهره([5]) بقوله: “يقصد بالتكافل الاجتماعي في معناه اللفظي أن يكون آحاد الشعب في كفالة جماعتهم، وأن يكون كل قادر أو ذوي سلطان كفيلا في مجتمعه يمده بالخير، وأن تكون كل القوى الإنسانية في المجتمع متلاقية في المحافظة على مصالح الآحاد، ودفع الضرر، ثم في المحافظة على دفع الأضرار عن البناء الاجتماعي وإقامته على أسس سليمة”.

وعرف أيضا بـ: “أن يصير الفرد في كفالة مجتمعه، فيقوم له المجتمع بما يلزم عند اقتضاء الحال ذلك، وأن يقدم كل قادر ولو عن طريق الجاه والسلطان ما يمد المجتمع بالخير ويحفظ كيانه ويعلي بنيانه ويرفع من شأنه، وبذلك تصبح كل القوى الإنسانية في المجتمع متلاقية متضامنة في المحافظة على مصالح الفرد وعلى دفع الأذى والضرر عنه، وفي المحافظة على بناء المجتمع وإقامته على أسس قويمة ومبادئ سليمة”([6]).

ومن خلال هذين التعريفين يخلص احد الباحثين إلى القول: “يمكن أن نقرر أن التكافل الاجتماعي هو: مسؤولية متبادلة بين الأفراد والجماعات أو الفئات في المجتمع لسد حاجة المحتاجين منهم، وللتناصر بينهم، ولإقامة المصالح المشتركة والدفاع عنها”([7]).

ويجب أن نشير إلى مفهوم أخر، أو لفظ أخر هو التضامن أو الضمان الاجتماعي، الذي هو في الوقت نفسه يطلق، ويراد به التكافل الاجتماعي.

والضمان الاجتماعي: يعني الكفالة، يقال ضمن الشيء، وضمن بالشيء كفله، فالضمان الاجتماعي بالمعنى اللغوي، الكفالة الاجتماعية([8]).

أما في الاصطلاح: فإن هذا المصطلح أصبح يحتل مكانة عالية في المجتمعات المعاصرة حتى صار هدفا تعنى به المنظمات العالمية وتسعى لتحقيقه([9]).

 

التكافل الاجتماعي في العصر الحديث:

تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصدرته الأمم المتحدة في 10/12/1948م العديد من المواد التي تتحدث عن الضمان الاجتماعي، وأبرزها ما جاء في المادة/22/ التي نصت على أن: “لكل شخص بصفته عضوا في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية، وفي أن تحقق بواسطة المجهود القومي والتعاون الدولي، وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها، الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والتربوية، التي لا غنى لكرامة الإنسان، وللنمو الحر لشخصيته([10])”

وجاء في الفقرة (1) من المادة/25/ أن: “لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية، وكذالك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة، وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته”([11]).

أما الفقرة(2) من المادة/25/ فنصت على أن: “للأمومة والطفولة الحق في مساعدة، ورعاية خاصتين، وينعم كل طفل بنفس الحماية الاجتماعية، سواء كانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي، أم بطريقة غير شرعية”([12]).

ونص إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام المنعقد في 5/8/1990 في المادة/17/ فقرة(ج) على أنه: “تكفل الدولة لكل إنسان حقه في عيش كريم يحقق له كفايته وكفاية من يعوله، ويشمل ذلك المأكل والملبس والمسكن، والتعليم، والعلاج، وسائر الحاجات الأساسية([13]).

 

ثانيا اهميته وفوائده :

  • اهمية التكافل الاجتماعي :

لا يمكن لأي ذي لب راجح ان ينكر ما للتكامل الاجتماعي من اهمية في حياة الانسان فضلا عن كونه من المبادئ والقيم المثلى التي دعت اليها جميع الرسالات السماوية فانه يمثل قبان الاتزان المجتمعي للبشرية ، فالكارثة عندما تحل بمجموعة وهو تلاقي حالة التفرج من الاخرين لا تتصور ان هذا الامر يمر دون العودة بالأثر السلبي على من قام بدور التفرج فالأيام دول كما يقال ، والتجارب اثبتت ان حالة التكافل هي من عوامل تخفيف المصائب فكثير هي الكوارث التي تمر بالمجتمعات البشرية كالزلازل والفيضانات والكوارث الأخرى فسرعان ما نلاحظ ان الاعانات الانسانية تتوافد على تلك المجموعة التي حلت بهم الكارثة وبصراحة هذا امر مندوب وجيد رغم انه اليوم يمثل صورة من صور الاعراف الدولية .

ان التكافل يمثل صورة من صور حفظ الانسان شخصا وكرامة والابتعاد به عن كل ما يضطره الى السلوك السلبي فالفقر والحاجة قد تجبر الانسان على القيام بأعمال هي غير لائقة به وقد تعرضه للعقوبة او القتل ، فالتكافل الاجتماعي اذا تحقق ضمن ضوابطه فان سيوفر لنا حالة الاستقرار ويتحقق الامان وتعم السعادة والطمأنينة في المجتمعات البشرية .

ان برامج التكافل الاجتماعي التي تقوم بها بعض المؤسسات الحكومية او بعض مؤسسات المجتمع المدني هي تغني عن الحاجة الى السؤال والذهاب فنلاحظ ان تلك المؤسسات هي التي تقصد المحتاجين الى بيوتهم اضافة الى ذلك فان التكافل الاجتماعي قد يوفر لأصحاب المستويات الوسطى افق يمكن ان يتحركون به لضمان بعض الحاجيات التي لا يمكن ان تتوفر لهم وهم يعتمدون على قدراتهم المادية الخاصة .

  • فوائد التكافل الاجتماعي :

  تتعدد فوائد التكافل الاجتماعي وتتشعب فكل ما من حقه يحفظ كيان الانسان وعدم اذلاله ضمن دائرة المجتمع فهو في هذا الباب ورعاية للاختصار سأركز على امرين هما :

تأسيس ثقافة إنسانية : 

مفهوم التكافل من المفاهيم الواسعة والتي تحتوي جوانب مختلفة لكنه بنفس الوقت يمثل مظهرا من مظاهر العدالة الاجتماعية حيث يتفق أبناء المجتمع على مجموعة من المصالح المشتركة في ما بينهم وأن يكونوا متوحدين في مواجهة التحديات والصعوبات والمشاكل الفردية والجماعية التي تواجههم مثل مساعدة المحتاج و حماية الضعيف وتكريم من يستحق وحل الخلافات بين ابناء ذلك  المجتمع وهكذا

يؤكد السيد الصدر على ان فكرة “الحرية الاقتصادية ” لا تنفصل عن فكرة ” الحرية السياسية” يقول ان موقف الاسلام من الحرية يختلف بصورة اساسية عن موقف الحضارة الغربية فهو يعني بالحرية تحرير الانسان من سيطرة الاخرين ويعد تحقيق هذا المدلول هدفا من الاهداف الكبرى للرسالة السماوية بالذات ﴿ يضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم ﴾([14]) ، فالانسان عبد الله قبل كل شيء وهو بوصفه عبدا لله لا يمكن ان يقر سيطرة لسواه .والقاعدة الاساسية للحرية في الاسلام هي التوحيد والايمان بالعبودية المخلصة لله في الحقل الاقتصادي نادى الاسلام بالحرية الاقتصادية وبالضمان الاجتماعي ومزج بينهما في تصميم موحد فالكل احرار في المجال الاقتصادي ، ولكن في حدود خاصة فليس الفرد حرا حين يتطلب ضمان الافراد الاخرين والحفاظ على الرفاه العام ..التنازل عن شيء من حريته وهكذا تألفت فكرتا الحرية والضمان في الاسلام .

وتنطلق الثقافة الانسانية في اي  مجتمع يريد لنفسه الخير من نقطة رئيسية  ومحورية هي احترام الإنسان للإنسان بغض النظر عن لونه وانتمائه وعرقه وهو ما انتهجه رسول الله صلى الله عليه واله في ذلك المجتمع الجاهلي ليغير واقع اجتماعي جائر  الى بناء مجتمع جديد تصان فيه حرمه الانسان وحقوقه وجعل من كرامة الإنسان التي هي منحة  الهية لجميع بني البشر اصلا في دعوته الى الله قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾([15])

وبعد ما يقارب 14 قرن من الجهود التأسيسية لرسول الله صلى الله عليه واله اعلن اليوم العالمي لحقوق الانسان في عام 1948 م

ان الشعور الذي ينتاب الانسان نتيجة ثرائه أو انتمائه الديني او السياسي او موقعه الاجتماعي يدفعه الى استصغار الاخرين وتحقيرهم  والحقيقة انه لا زالت هذه الروح العنصرية سارية المفعول عند كثير من المجتمعات حتى التي تدعي التقدم منها وتعتبر راعيه و مدافعه عن حقوق الإنسان فقد شاهد العالم في 25 مايو 2020 في الولايات المتحدة الأمريكية شرطيا يجثو على رقبة رجل اسود البشرة يدعى (جورج فلويد) وهو يصرخ تحت قدمه (لا استطيع التنفس) ، ثم مات اختناقا بعد ذلك وسبقتها ولحقتها حوادث كثيرة من هذا النوع بنفس المجتمع مما  يبين عمق واتساع هذه الممارسات ويروي لنا المؤرخين موقف حدث في زمن رسول الله صلى الله عليه واله فيه شيء من التميز اللفظي بين اثنين من الصحابة فـ(  عَنِ الْمَعْرُورِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا وَعَلَى غُلاَمِهِ بُرْدًا فَقُلْتُ لَوْ أَخَذْتَ هَذَا فَلَبِسْتَهُ كَانَتْ حُلَّةً ، وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَرَ . فَقَالَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلاَمٌ ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً ، فَنِلْتُ مِنْهَا فذكرني إِلَى النبي – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ لِى « أَسَابَبْتَ فُلاَنًا » . قُلْتُ نَعَمْ . قَالَ « أَفَنِلْتَ مِنْ أُمِّهِ » . قُلْتُ نَعَمْ . قَالَ « إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ » . قُلْتُ عَلَى حِينِ سَاعَتِي هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ قَالَ « نَعَمْ ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ ، فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ، وَلاَ يُكَلِّفُهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ )([16])

إن التنوع والاختلاف بين بني البشر هو  مدعاة للتعارف وتبادل الخبرات والمنفعة و ليس سببا للتفاضل والتمايز فالدين ليس مجرد افكار و معتقدات يؤمن بها العقل او طقوس مجرده يؤديها الانسان بل هو ورع وتقوى ويقظة ضمير يحجز الإنسان بها نفسه عن محارم الله و انتهاك حقوق عباده حيث كان رسول الله صلى الله عليه لا يترك فرصة او مناسبة الا  ويستثمرها  في المجال التربوي  عن ابي مسعود الانصاري  قال : ( كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ»، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ، فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ»، أَوْ «لَمَسَّتْكَ النَّارُ» )([17])

فعلينا ان نقاوم النزعات العنصرية البغيضة على مستوى الأفكار والسلوك تجاه من يختلف معنا  في الانتماء أيا  كان نوعه .

  • الشعور بالأخوة الحقيقية

اعتمد الإنسان منظومة تربوية لتحقيق التكافل الاجتماعي قائمة على  مجموعة من المفاهيم  والعقائد الصحيحة منها تربيه نفس الإنسان على التقوى والرحمة  والإيثار وغرس الشعور بالأخوة بين أبناء المجتمع فدائما ترى من آثار التكافل الاجتماعي انبثاق روح التآخي بين افراد ذلك المجتمع  ليكون مجتمعا قويا منيعا قادرا على مواجهه  التحديات و قد رأينا في ظل تفشي وباء كورونا المستجد وما صاحبه من تعطيل مفاصل الحياة برزت كثير من المواقف  الإيجابية والمشرقة من اصحاب الغيرة والشهامة وبرزت الحاجة الماسة للتكافل الاجتماعي  فاعلن العديد من الأطباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي  ونشر أرقام الهواتف استعدادهم استشاره وتقديم المساعدة والعلاج للمرضى  كم أبرز الميسورين من أبناء المجتمع بتوزيع وجبات الطعام الى العوائل المتعففة  الذهاب الى المناطق الفقيرة ومستشفيات العزل الصحي  وذوي الدخل المحدود والكسبة وانطلقت مجموعات شبابية و فرق تطوعية ومنظمات المجتمع المساجد والحسينيات والمواكب الخدمية  حيث كان لها أثرا كبيرا في نفوس الناس وإعطاء النموذج الحي الصادق لنشر روح الأخوة حقيقية في زمن صعب و حظر للتجوال رسول الله صلى الله قال :  من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) ([18])

وعن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد , اذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى)([19])

فالمجتمع المتكافل مجتمع متفاعل يسوده التعاون بين افراده وتشتد في اواصر الأخوة الإسلامية بينما المجتمع الذي لا يعيش هذه القيمة الإنسانية الرائعة يكون افراده عاجزين قابعين تحت الفقر والبطالة والجهل .

كان اهل البيت عليهم السلام يحثون من حولهم على المواساة في ما بينهم والاحسان الى الاخرين ليكون ذلك ضمانا لوحدهم واجتماع كلمتهم عن امير المؤمنين عليه السلام قال : أن أرفعكم درجات و أحسنكم قصورا ودورا وأبنية أحسنكم فيها إيجابا لإخوانه المؤمنين، وأكثرهم مواساة لفقرائهم، إن الله عز وجل ليقرب الواحد منكم إلى الجنة بكلمة يكلم بها أخاه المؤمن الفقير بأكثر من مسير مائة ألف عام في سنة بقدمه وإن كان من المعذبين بالنار فلا تحتقروا الاحسان إلى إخوانكم، فسوف ينفعكم الله تعالى حيث لا يقوم مقام ذلك شيء غيره)([20])

وعن الامام السجاد عليه السلام قال : من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ، وأيما مؤمن سقى مؤمنا سقاه الله من الرحيق المختوم ، وأيما مؤمن كسا مؤمنا من عرى لم يزل في ستر الله وحفظه ما بقيت منه خرقه) ([21])

وهنا حرص الإسلام اشد الحرص على تضامن المسلمين وغير المسلمين ممن يعيشون كمجتمع واحد ان يتآزروا  بينهم وان يكونوا وصفا قويا يساعد بعضهم بعضا من خلال سد احتياجات اخوانهم وان كانت بسيطة .

المطلب الثاني : التكافل الاجتماعي ودوره في بناء الفرد والمجتمع

إنّ من السمات الانسانية التي تنشدها البشرية هو التعاون وهو يمثل اقوى الأسس التي تبتني عليها حياة اجتماعية سليمة في كل جزئياتها  وصحيحة بمناهجها ، وقد يكون البعد الاول للتعاون هو تحقيق المنفعة الذاتية وهو امر لا غبار عليه فالإنسان اول ما يفكر بالمنفعة يفكر بنفسه وهذا الأمر فطرة إنسانية ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴾، فأبتدأ بنفسه ثم سرى الدعاء لغيره والصورة الثانية للتعاون هو عندما تتجسد المنفعة الجماعة المتعاونة فيما بين افراد الجماعة الواحدة ، وتزداد تلك عندما يكون الغرض منه هو مساعدة الآخرين والعودة بالمنفعة على مجموعة من الافراد ، عندها يُسمّى بـ(التكافل الاجتماعي)، لأنه يمثل صورة من صور كفالة الفرد للآخر ضمن دائرة مجتمعية واحدة ، ويُقصد به: التزام مجموعة من الأفراد وتعاونهم في سبيل تقديم المساعدة للأشخاص المضطرين والمحتاجين، والذين لا يستطيعون تأمين هذه المستلزمات لوحدهم، لسبب ما خارج عن إرادتهم.

 اولا : التكافل الاجتماعي وبناء الانسان :

ان الانسان كائن مدني بطبعه لا يستطيع ان يحيى فردا ولا تستقيم له الحياه الا في جماعة متعاونة متكافلة تحافظ على كرامة هذا الإنسان أيا كان دينه أو انتمائه فالتكافل الاجتماعي يوفر حماية ورعاية للفرد في ذلك المجتمع ويكون مظلة طمأنينته تشمل  بالتالي المجتمع كله قال تعالى : ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾([22])

فعندما يكون أفراد المجتمع يشتركون في المحافظة على المصالح العامة ودفع الاضرار المادية والمعنوية فإنهم ينطلقون من بعد روحي وصفاء نفسي لا ينشد سوى القرب من الله تعالى ، وقد اهتم الإسلام في بناء مجتمع متكامل بحيث يشعر كل فرد فيه انه الى جانب الحقوق التي له ان عليه واجبات للأخرين , عن رسول الله صلى الله عليه واله : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى) ([23])

كما كفلت الشرعية في مصادرها العامّة، النص على المنع عن مجموعة من النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، المُعيقة ـ في نظر الإسلام – عن تحقيق المُثل والقيم التي يتبنّاها الإسلام، كالربا والاحتكار وغير ذلك([24]).

إنّ المؤشّرات الإسلاميّة العامّة الّتي تُشكِّل أساساً للعناصر المتحرّكة في الاقتصاد الإسلاميّ، تدخل في تكوين الصورة الكاملة لاقتصاد المجتمع الإسلاميّ، إلّا أنّها – غالباً – لا تلعب أيّ دور في الصورة المحدودة لسلوك الفرد المتديّن، لأنّها ترتبط بصيغ تشريعيّة يصوغها وليّ الأمر – وفقاً لصلاحيّاته الشرعيّة وتجسيداً لمسؤوليّاته في قيادة المجتمع – على ضوء تلك المؤشّرات العامّة.

والتكافل يولد شعور عند الفرد بأنه غير منفصل عن المجتمع وليس بمعزل عنهم لتوثيق العلاقات وتقوية اواصر المحبة والترابط بينهم وذلك لوقوفهم الى جانبه في السراء والضراء و يعتبر نوع من أنواع التربية على  الرحمة والشفقة والحنان والاخوة  في الله التي هي من اقوى عرى الايمان ، عن ابي عبد الله عليه السلام : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: أي عرى الإيمان أوثق ؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، وقال بعضهم: الصلاة، وقال بعضهم: الزكاة،… فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل ما قلتم فضل وليس به، ولكن أوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله، وتوالي أولياء الله والتبري من أعداء الله ) ([25])

وعن أبي جعفر عليه السلام انه قال : (قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ود المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الايمان، ألا ومن أحب في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله)([26])

إنّ حالة الفرد المتديّن الّذي يعيش ضمن مجتمع لا يتبنّى الإسلام منهجاً للحياة، هي حالة معقّدة ومتناقضة بين تكليفه الشرعيّ والضرورات الّتي لا يجد لها سبيلاً في المجتمع غير الإسلاميّ. فمثال ذلك: موقف الفرد المتديّن من البنوك الحكوميّة في مجتمع يؤمن نظامه بالربا، وموقف المجتمع الإسلاميّ من البنوك ذاتها، فالأوّل قد يسمح له بأخذ الفائدة على ما يودعه في تلك البنوك باعتبارها مالاً مجهول المالك، وأما المجتمع الإسلاميّ فهو يرفض الفائدة رفضاً كاملاً، ويربط أرباح البنك بالعمل، وبما يُساهم به من جهد منتج في الحياة الاقتصاديّة([27]).

حيث الأخوة ليس مجرد تبادل كلمات الود فقط او شعارات ومجاملات وإنما هي  توجد بين شخصين او أكثر تصل في وقت الشدة والحاجة بمد يد العون للمحتاج منهم و يستقطع قسم من ثروته لسد حاجة أخيه.

ثانيا : التكافل الاجتماعي ودوره في بناء المجتمع :

استطاع الإسلام من خلال القيم التي دعى إليها أن يحقق تكافلا مزدوجا بين الفرد جهة والجماعة من جهة اخرى ، فجعل لكل منهما بعض الالتزامات التي تقع على عاتق احدهما تجاه الآخر، فمازج بين المصالح الفردية والعامة بحيث يكون احدهما مكملا للآخر، حيث أن تحقق أي مصلحة من المصالح العامة يتحقق به المصلحة للفرد ايضا ضمنا فالمجتمع مسؤول عن حفظ النظام العام، وعن التصرف الذي يمكن أن يسيء إلى المجتمع أو يعطل بعض مصالحه قال الله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾([28]) فبهذا المنهج التكافلي تتحقق اللحمة بين افراد المجتمع الواحد .

ويجعل السيد محمد باقر الصدر (رض) العدالة الاجتماعية قائمة على مبدئين فيقول : الصورة الإسلامية للعدالة الاجتماعية تحتوي على مبدئين عامين، كل منهما خطوطه وتفصيلاته: أحدهما: مبدأ التكافل العام، والآخر: مبدأ التوازن الاجتماعي. وفي التكافل والتوازن بمفهومهما الإسلامي، تحقق القيم الاجتماعية العادلة، ويوجد المثل الإسلامي للعدالة الاجتماعية، كما سنرى في فصل قادم([29])

ان الاسلام بمنهجه جاء لينظم الجانب الروحي من خلال مجوعة من العبادات والممارسات التي ترقى به الى مصاف الملائكة والتمثيل والخلافة وتسخير كل الكون له ، فبالمقابل جاء الاسلام لينمي الجانب المادي في حياة الانسان وينظمه ضمن دائرة من الحقوق والواجبات والاسس النظرية والعملية التي تسعى بالإنسان الى حالة من الاستقرار وتسعى به لتحقيق كل ما يصبوا اليه ضمن اطار المجموعة وليس بعيدا عنها ، فقد ابدت الروايات التحذير في الكثير من النصوص  الى كل مقصر في حق إخوانه ، والغرض من هذا التحذير هو المحافظة على البناء الاجتماعي من أي تصدّع ، والحفاظ على النسيج الاجتماعي للحدّ من أي تحول يخل بقواعد العيش المشترك ، يقول الإمام الصادق (عليه السلام) : من صار إلى أخيه المؤمن في حاجته فحجبه ، لم يزل في لعنة الله إلى أن حضرته الوفاة)([30]) كذلك الحال فان من يحجب المعونة عن اخيه سوف يساهم في تعطيل حركة التعاون والتكافل التي من حقها النمو وبلوغ الذي يصبح المجتمع قويا متراصا والفرد فيه يعيش الكرامة وعدم الفاقة يقول الإمام الباقر عليه السلام : من بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام له في حاجته، ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر)([31]) ، لذا ان التكافل الاجتماعي في نظر الاسلام هو منظومة معارف تحاول بناء كيان المجتمع ضمن خط بياني يمثل الصواب في كل مفردة وحيثية من حيثيات حياة المجتمع لذا فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة الا ووضع لها حكما خاصا ولم يترك ثغرة في البناء الاجتماعي الا عالجها .

ويرى السيد الشهيد الصدر ان خطوات الإسلام التي خطاها في سبيل إيجاد المجتمع الإنساني الأفضل، عبر تجربته التاريخية المشعة، كانت واضحة وصريحة في اهتمامه بهذا الركن الرئيسي من اقتصاده([32]).

وفي تفسيره للآية القرآنية ﴿ مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرىٰ فَلِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاٰ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيٰاءِ مِنْكُمْ﴾([33]) ،  يعتبر الإمام الشهيد الصدر: (أن الفيء ملك المنصب الذي يشغله النبي والإمام، ومصرفه الذي يجب عليه صرفه عليه هو ما يدخل ضمن العناوين التي ذكرتها الآية)([34]) والفيء في الأصل هو ما يغنمه المسلمون من الكفار بدون قتال، وفي هذا التوجه القرآني تأكيد واضح على توزيع الثروة على الجماعة، فهي ليست محتكرة لجماعة دون أخرى، وإنما يشترك فيها الفقير واليتيم والمسكين وابن السبيل وبقية الناس .

المبحث الثاني

استراتيجية الاسلام في مكافحة الفقر

أن الاستقرار النفسي والاجتماعي وتوقف بلا شك على تأمين متطلبات الحياة فيعد الفقر من أصعب المشاكل التي تهدد الان لأنه حين تقل فرص العمل الحلال تتزايد السرقات وتخشى الرشوة وينتشر الفساد وغيرها من الظواهر السلبية في ورد عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال : عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف، لا يخرج إلى الناس شاهرا سيفه) ([35])

وقد اعلنت الامم المتحدة بجعل اليوم 17  تشرين الاول /  أكتوبر  يوما عالميا لإنهاء الفقر بعد الرسالة التي وجهها الأب جوزيف ريسنسكي للدعوة الى العمل و إنهاء الفقر المدقع

ومن الجدير بالذكر أن الفقر لم يقتصر على الدول فقيرة اقتصاديا بل شمل ايضا شرائح سكانية في الدول الغنية ايضا والتي تمتلك ثروات مثل العراق  حيث اعلنت وزارة التخطيط بعد إجراء في نهاية عام 2018 م  ان نسبة الفقر بلغت 20%  وقد تباينت هذه النسبة بين المحافظات بحسب النشاط الاقتصادي والحركة التنموية فيها .

الفقر ليس مسألة اقتصادية فحسب بل هو ظاهرة متعددة الأبعاد لشريحة واسعة من البشر غير مرئيين ولا صوت لهم وغالبا ما  صوروهم كمصدر للفوضى وتشويه الصورة الحضارية لذلك البلد فهم مصدر خوف وحذر.

سجل تقرير التنمية البشرية في عام 2019 تقدما ملحوظا في الحد من أشكال الحرمان الشديد فقط اقلك من   براثن الجوع والمرض والفقر في أنحاء العالم عدد غير مسبوق من الناس الذين قفزوا فوق الحد الادنى لمعيشة الكفاف لكن جائحة كورونا أعادت عقارب الساعة الى الوراء وصار الفقر يهدد المجتمعات النامية بجدية .

وكذلك أشار تقرير البنك الدولي للعام 2018 بوجود اكثر من 109 مليار شخص او ,26 في المئة من سكان العالم يعيشون على أقل من 20 – 30 دولار للفرد في اليوم حتى عام 2015

أما تقرير التنمية البشرية لعام 2019 فيشير أن هناك 600 مليون شخص لا يزالون يعيشون في فقر مدقع بسبب الدخل ويخرج الرقم 301 بمقياس دليل المتعددة ولا يزال حوالي 262 مليون طفل خارج المدارس الابتدائية او الثانوية وينبغي هنا لفت النظر إلى أن نسبة لا تستهن بها في الدول العربية التي تعاني من عنف الحروب([36]) ، و”يعد الفقر مفهوما مرنا ومتغيرا وليس ثابتا ومطلقا لكل الظروف والاحوال، على انه حرمان الانسان من الحاجات الاساسية، بل ان انه عدم الالتحاق بمستوى معيشة الناس، فبقدر ما يرتفع مستوى المعيشة يتسع المدلول الواقعي للفقر، فاذا اعتاد الناس على استقلال كل عائلة في بيت نتيجة الاتساع العمراني، يصبح عدم حصول عائلة معينة على دار لون من الوان الفقر، بينما لم يكون فقرا اذا لم تصل البلاد إلى هذا المستوى من الرخاء والعمران”.([37])

وقد اجاد السيد محمد باقر الصدر حين قال ان ظلم الانسان على الصعيد الاقتصادي يتجسد في سوء التوزيع، فيما يتجسد كفرانه للنعمة في اهماله لاستثمار الطبيعة وموقفه السلبي منها([38]).

ان الفقر في نظر الاسلام حالة سلبية شخصها ووضع الحلول لها ضمن احكام وقواعد خاصة فيمكن بيان النظرة الاسلامية لهذا المفهوم من خلال النص القرآني ففيه من الشواهد الكثير التي تعد حلولا جذرية لهذه المشكلة المجتمعية فضلا عما ورد في السنة النبوية  :

اولا : الفقر من خلال النص القرآني :

لم ينظر الاسلام والنص القرآني على الخصوص الى الفقر على انه يمثل مشكلة معيبة في حياة الانسان فيها اذلال له بقدر ما ركز على جوانب اخرى تمثل هي العيب الحقيقي والذلة الحقيقية قال تعالى : ﴿ يَرْفَعِ اللهُ الَّذِيْنَ آمَنُوْا مِنْكُمْ وَالَّذِيْنَ أُوْتُوْا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾([39]) فالإيمان بالله عن علم ومعرفة هو الركيزة الاساسية وقال ايضا : ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِيْ الَّذِيْنَ يَعْلَمُوْنَ وَالَّذِيْنَ لاَ يَعْلَمُوْنَ ﴾([40]) وقال : ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾([41]) فالأساس في التفاضل هو الايمان والعلم لا المال وما يكسبه الانسان من ثروات ، أما من ينظر الى المال انه الاساس في الحياة فهذه نظرة قاصرة وهي نظرة جاهلية فقريش عندما سمعت بدعوة النبي صلى الله عليه واله استهجنوا ان ينزل القران شخصية الرسول وقالوا لولا ينزل على احد اغنياء العرب وعظمائهم قال تعالى : ﴿ وَقَالُوْا لَوْ لاَ نُزِّلَ هَذَا القُرْآنُ عَلىٰ رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيْم ﴾([42]) ان الله تعالى لا يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه الانسان فقد يغني من قبح صورته ، وقد يحسن صورة من أفقره وقد يشرف من أفقره ويغني من وضعه فالأحوال ومصالح العباد كلها بيد خبير عليم الا ان الجاهل من يعترض على حكمة تدبير الله تعالى وهذا كان شأن بني اسرائيل قال تعالى : ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ طَالُوْتَ مَلِكاً، قَالُوْا أَنّىٰ يَكُوْن لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ ﴾([43]) فمقياس بني اسرائيل كما يوضحه النص هو مقياس مادي لانهم ينظرون الى الحياة من جانب واحد ، وينظر الإسلام ينظر الفقر على أنه ابتلاء من الله – عز وجل – لعبده المؤمن قال تعالى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ وَالجُوْعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصابرين﴾([44]) فعد الفقر والذي عبر عنه بنقص الاموال بانه احد الاختبارات الالهية فهذه الاختبارات لا تتحقق إلاّ في ظل الثبات والمقاومة، لذا ختمت الآية بعد ذلك بـ(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) ([45]).

ثانيا : الفقر من خلال السنة النبوية :

ان سيرة النبي محمد واله الطاهرين كانت تجسيدا لمبدأ رعاية الناس وعدم التفريق بين الغني والفقير ففي المقام الذي يسكن فيه رسول الله عند دخوله المدينة عند ابو ايوب الانصاري وهو من بسطاء الناس رغم ان فيها من الزعماء والاغنياء الكثير . وكان النبي الخاتم يقاتل مع المسلمين في سوح القتال صفا الى صف فقيرهم وغنيهم وعندما يصطف المسلمين للصلاة فلا ميزة بين الفقير والغني , هكذا تعامل النبي مع ابناء ذلك المجتمع ، بل ان النبي صلى الله عليه واله يسمع اصحابه وهم يتحدثون ويظهر منهم الخوف فيقول لهم : (الفقرَ تَخافون! والذي نفسي بيدِه، لتُصبَّنَّ عليكم الدُّنيا صبًّا حتَّى لا تُرفَعَ، وأيمُ اللَّهِ لأترُكنَّكم على مثلِ البيضاءِ ليلُها ونَهارُها سواءٌ)([46])، وسئل النبي (صلّى الله عليه وآله) : ما الفقر؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : ( خزانة من خزائن الله تعالى )([47]) وقال (صلى الله عليه واله) : ( الفقر شين عند الناس ، وزين عند الله يوم القيامة )([48]) وقال الصادق عليه السلام : (أربعة لم يخلُ منها الأنبياء ولا الأوصياء ولا أتباعهم : الفقر في المال ، والمرض في الجسم ، وكافر يطلب قتلهم ، ومنافق يقفو أثرهم)([49]). وفي سيرة اله الطاهرين من ذلك الكثير فهذا الامام الحسين عليه السلام وهو في هجير كربلاء يقتل ولده علي الاكبر فيهرول اليه ويضع خده على خده وبالمقابل يقتل جون العبد الاسود الفقير نرى الامام الحسين ايضا يفعل ذات الامر فيقف على رأسه ويمسح الدم والتراب عن وجهه ويضع خده على خده ، ان المقياس الاساس في التعامل في السيرة المحمدية كانت هي الانسانية فلا ينظر الى الرجل في ماله واملاكه بل الى يقدمه لخدمة الانسانية وما يربطه بالله تعالى .  وقد حث الإسلام على محاربة الفقر بأساليب وطرق متعددة أهمها :

  • الحث على العمل : 

العمل يجعل الإنسان يحس بدوره في المجتمع ويشعر صاحبه بالهمة  العالية والنشاط فيرى العامل  قيمة لذاته وتكون المجتمعات  التي تحيي فيها هذه القيمة العملية للعمال هي مجتمعات في طريقها الى التقدم والعكس صحيح , يقول الشاعر معروف الرصافي :

ان يـطِـب فـي حـيـاتـنا الأجتما

عــيّــة عــيـش فـالفـضـل للعـمّـال

وإذا كــان فــي البــلاد ثــراء

فــبــفــضـل الإنتاج والأبـدال

ليـس قـدر الفتى من العيش إلاّ

قـدر انـتـاج سـعـيـه المـتـوالي

 

ومن بين انظمة الرق والعبودية الممتزجة بالذل والهوان جاء الإسلام فأعز العامل وكرمه واعترف بحقوقه كمواطن في المجتمع لا ينبغي تكليفه بما لا يطيق ، عن رسول الله صلى الله عليه واله قال:( قَالَ اللَّهُ ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، رَجُلٌ أَعْطَى بِى ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ ، وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ)([50])

وعن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه واله قال:( إن أعظم الذنوب عند الله رجل تزوج امرأة ، فلما قضى حاجته منها ، طلقها ، وذهب بمهرها ، ورجل استعمل رجلا ، فذهب بأجرته ، وآخر يقتل دابة عبثا)([51])

فكان رسول الله صلى الله عليه واله  يرغب اصحابه بالعمل والامتهان ويحثهم عليها لان الله تعالى يحب ان يرى عبده ساعيا في طلب الرزق الحلال حتى لو لم تكن له حاجه اليه لأنه مطلوب بذاته ، عن محمد بن عذافر، عن أبيه قال:( أعطى أبو عبد الله عليه السلام أبي ألفا وسبعمائة دينار فقال له: اتجر لي بها، ثم قال: أما إنه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوبا فيه ولكني أحببت أن يراني الله عز وجل متعرضا لفوائده، قال: فربحت له فيه مائة دينار، ثم لقيته فقلت له: قد ربحت لك فيها مائة دينار قال: ففرح أبو عبد الله عليه السلام بذلك فرحا شديدا، ثم قال لي: أثبتها في رأس مالي)([52])

ان الكسل الخنوع وعدم السعي في طلب الرزق تمثل حالة سلبية نهى الاسلام عنها لأنّها احد موجبات شل الحركة الاقتصادية وتجميد الطاقات الإنسانية وفساد المجتمع، وبالتالي الخسارة الكبرى على الناس وورد في الأدعية المأثورة ما يتعوذ من ذلك الحال قولهم ( اللّهمّ إني أعوذ بك من الكسل والسأم والفترة والملل ) وعن الإمام الصادق (ع) مخاطبا لبعض أصحابه: ( إياك والكسل والضجر، فانهما مفتاح كلّ سوء انه من كسل لم يؤد حقاً، ومن ضجر لم يصبر على حق)([53]) .

الإسلام منهج يدعو إلى الجد والنشاط، وإلى الانطلاق في ميادين العمل من أجل حياة حرّة كريمة تعمها الرفاهية، ويسود فيها الخير. لقد حث الإسلام على العمل، ونعت العمال بأنّهم أحباء الله وأوداؤه فقد جاء في الحديث: ( إنّ الله يحبّ العبد يتخذ المهنة ليستغني عن الناس )([54]) وفي حديث آخر ( إنّ الله يحبّ المؤمن المحترف، ويكره المكفي الفارغ )([55]) إلى غير ذلك من الأخبار التي تظافرت بها كتب الحديث وقد دلت بوضوح على الأمر بالعمل والنهي عن البطالة والكسل.

  • وجوب نفقة الاغنياء على الفقراء :

من مظاهر الرحمة في التشريعات الإسلامية الدعوة الى الإنفاق والكرم لأنه يهدف الى روح التكافل والشعور بالآخرين عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :( إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما متع به غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك)([56])

ويقول الشيخ محمود شلتوت رحمه الله :” فالمال وإن كان معقودٍا في ملكيته بأسمائهم إلا أن حق الانتفاع به مشترك ، فأيها الغني  كن من اولئك الذين  يرجع اليهم الناس إليهم في حوائجهم حتى يأتي آمنا يوم القيامة حيث تستعمل مالك في كل خير وتضرب في كل فضل بسهم وتعود من كل بر بغنيمة ولا يفوتك مشهد من مشاهد العطاء ولا تفتقدك مواطن البر والوفاء “([57])

فتعاليم الإسلام وتوجيهاته تثمر الرحمة في قلب العبد وبنفس الوقت تدفعه لمواساة المنكوبين والمحتاجين والفقراء وتخفف معاناتهم بعيدا عن اللون او العرق اودين واليد التي تعطي وتنفق هي اليد العليا التي تستحق الثناء والمدح قال تعالى : ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾([58])

والإسلام يذكر الاغنياء واصحاب رؤوس الاموال بحقيقة مفادها أن المال مال الله اعطاه للأغنياء فعليهم ان ينفق منه على الفقراء قال تعالى : ﴿وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ ﴾([59]) وكان المؤمنون لما نزلت آيات الإنفاق وكانت في دلالتها تفيد معنى الاطلاق فكانوا ينفقون كل ما يقع تحت أيديهم حتى وصل الحال لبعضهم إلى حالة من العسر بعد يساره بفضل روح التكافل التي راحت تتقد في داخلهم ، إذ كان نطاق الإنفاق على أوسع مدى ، فأخذ البعض منهم يسأل الرسول (صلى الله عليه واله) عن مقدار الإنفاق وحدوده. فكان الجواب القرآني هو التالي :﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾([60])  ويرغب القرآن في الانفاق واعداً بالثواب الجزيل ، قال تعالى :﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾([61]) وقد ركز الاسلام مبدأ الانفاق بغض النظر عن مقدار ما يفق وهو باب لتربية المجتمع على روح التعاون والتكافل يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الصدد : (من يُعط باليد القصيرة يُعط باليد الطويلة أي ما ينفقه المرء من ماله في سبيل الخير وان كان يسيراً ، فان الله يجعل الجزاء عليه عظيما كثيرا)([62]) ، فحين يسارع المسلمون الى فعل الخيرات وينفقون في سبيل الله يصبح المجتمع سعيدا ويجوب التفاوت الطبقي بين أفراد .

  • تشريع أخذ الحقوق الشرعية :

جاء الإسلام بمحاسن التشريعات وافضلها حيث انه لم يترك الغني يستأثر بماله وبنفس الوقت لم يترك الفقير ليغرق في فقره بل امر الاغنياء بالإنفاق على الفقراء سعيا منه لتحقيق التراحم والتكافل بين الخلائق ، فقد كان الفقراء قبل الاسلام اشخاص معدومين ليس لهم اي تطلعات ولكن مع بزوغ شمس  الإسلام وتشريع أخذ الحقوق الشرعية كالزكاة والخمس وغيرها شعر الفقراء بأن هناك يدا عليا على مساعدتهم وشاعرة باحتياجاتهم .

فكثير من آيات القرآن الكريم قرنت الإيمان بالله تعالى فيوجد اكثر من سبعين اية تتحدث عن الانفاق واكثر من  ثلاثين آية تتحدث عن الزكاة  ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : (إن الله تبارك وتعالى يبعث يوم القيامة ناسا من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم، لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنملة، معهم ملائكة يعيرونهم تعييرا شديدا، يقولون: هؤلاء الذين منعوا خيرا قليلا من خير كثير، هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا حق الله في أموالهم)([63])

ويروي المفسرون أنه لما نزلت آية الزكاة أمر رسول الله صلى الله عليه واله مناديه فنادى في الناس : إن الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ، ولما حال عليهم الحول ، أمر مناديه فنادى في المسلمين: إليها المسلمون زكوا أموالكم تقبل صلاتكم، ، ثم وجه عمال الصدقة لقبضها من الناس، ويروي المؤرخون (بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المسجد، إذ قال: قم يا فلان قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر. فقال: اخرجوا من مسجدنا، لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون)([64]) 

  • الدعوة الى صلة الارحام :

ان الفقر حالة لم يكن احدا بمنأى عنها ابدا فأغنى الناس قد تدور به الحال وهو لا يجد ما يسد به رمقه لذا ركز الاسلام على صلة الرحم على اعتبار ان الاقارب قد يخفون على اقاربهم سوء حالتهم الاقتصادية حياءا او تعففا فقد عالج الاسلام بمنهجه المتكامل هذا الامر من خلال الدعوة وبنصوص قرآنية وشواهد روائية واضحة الدلالة على ضرورة صلة الرحم والحث على البذل لهم بما يستطيع الانسان قال تعالى: ﴿ يَسأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُل مَا أَنفَقتُم مِّن خَيرٍ فَلِلوَالِدَينِ وَالأَقرَبِينَ ﴾([65]) ومثل ذلك ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه واله قوله: (لا صدقة وذو رحم محتاج)([66]) ، وجاء ايضا : (وأفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح)([67]) ، وقول الامام الكاظم (عليه السلام) في إعطاء القرابة المستضعفين من الزكاة: (هم أفضل من غيرهم أعطهم)([68])، وقد ثبت عندنا وجوب النفقة على بعض الأقارب كالأبوين والأولاد وتستحب على باقي الورثة وكما قيل : (الاقربون اولى بالمعروف) ان هذه العبارة رغم انها ليست حديثا انما اصبحت شعارا لكفالة اقارب المرء فدائما تتوارد على السنة الناس .

وفي ضوء ما تقدم ندعو كل قادر على المساهمة والنفقة أن يدخل السرور على المحتاجين قال تعالى :﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾([69])

5-  سياسة الدولة الاسلامية الاقتصادية : لقد قامت سياسة الدولة الاسلامية في مجال الاقتصاد على دامتين اساسيتين التكفل بهما يضمن حالة من الاستقرار الاقتصادي للدولة افرادا وجماعات وهو ما بينه السيد محمد باقر الصدر في كتابه اقتصادنا :

الأساس الأول :  هو التكافل والذي يقصد به الضمان الاجتماعي بالمعنى الواسع ويرتكز الضمان الاجتماعي على مرحلتين الأولى وتقوم الدولة من خلالها بتهيئة وسائل العمل وفرص المساهمة بالنشاط الاقتصادي. فإذا عجز الفرد عن كسب معيشته لعجزه عن العمل أو لم تتمكن الدولة من منحه فرصة العمل، طبقت المرحلة الثانية التي تهيئ الدولة فيها المال الكافي لسد حاجات الفرد وتوفير حد خاص من المعيشة .

ويرتكز مبدأ الضمان الاجتماعي في المرحلة الثانية على أساسين هما التكافل العـام وحـق

الجماعة في موارد الدولة العامة. والتكافل لا يقتضي أكثر من إشباع الحاجات الضرورية بينمـا يفترض حق الجماعة إشباعًا أوسع([70]) .

أما التكافل العام فيفرض الإسلام على المسلمين كفالة بعضهم البعض ودور الدولة هنا يحمل

وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ألزام الرعية بواجباتها في تحمل المسؤولية. وقد ربط الإسلام بين الكفالة ومبدأ الأخوة العامة وجعلها في حدود الحاجات الشديدة.

أما حق الجماعة في موارد الدولة فهو يوجد مسؤولية مباشرة للدولة تفرض عليها ضـمان

مستوى الكفاية من المعيشة لكل فرد بإشباع الحاجات الأساسية وغير الأساسية. فالـضمان هنـا إعالة والكفاية مفهوم متغير يتأثر بطبيعة الظروف الاقتصادية. والموارد التي تُّمكن الدولة مـن ذلك فهي القطاع العام بالإضافة الى الزكاة ﴿خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾([71])

وقال تعالى : ﴿مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ﴾([72])

الأساس الثاني : فهو التعادل والمقصود به التقارب الطبيعي بين مـستويات المعيـشة

وهناك حدين مسلم بها –فقهياً- لمستويات المعيشة لا يمكن تجاوزهما و هما الإسراف كحد اعلى والغنى كحد أدنى. ويراد الإسراف هنا الابتعاد عن الزائد عن الحد الطبيعي الوسط للمعيـشة . كما أن المقصود بالغنى هو امتلاك هذا الحد الطبيعي الذي يمكن للفرد مـن معيـشة متوسـطة ًعرفا([73]) . ومن هنا على الدولة أن تبذل كل إمكاناتها المادية والمعنوية والتشريعية القانونية في سـبيل الارتفاع بمستوى الطبقات المحرومة في المجتمع وتوفير كل الظروف الملائمة لتحقيق حد الغنى المطلوب. كما عليها أن تبذل كل طاقاتها للضغط على الطبقات المترفة المتجاوزة للحد الطبيعي حتى تصل الى الحد الذي ينمحي فيه التفاوت غير الطبيعي. علمًا إن هذين الحدين يتبع تعيينهـا تغير الظروف الاقتصادية كمستوى النشاط الاقتصادي والأزمات الاقتصادية وقد وضعت حكومة الخلفاء الراشدين قواعد حكيمة رصينة لتحقيـق الـضمان الاجتمـاعي وأنواعاً من المساعدات الاجتماعية التي تكفل كفاية العيش وصون الكرامة الإنسانية، مبنية على العدالة الاجتماعية الإسلامية، ولكن كان لطبقة العمال العاجزين نصيب معلوم ينفق عليهم مـن بيت المال وكان عمر بن الخطاب يقرر في بعض عهوده، رفع الجزية عن كل من يضعف عن العمل من أهل الذمة ، ويعطى من بيت المال ما يكفيه هو وعياله ما دام في دار الاسلام وكـان غير البالغين يعتبرون عاجزين عن العمل ولهذا كان عمر بن الخطاب يفرض لهم أيضاً من بيت المال ما يكفيهم كما يفرض لولي كل طفل رزقاً يعينه على تنشئته وتربيته فكان يفرض للمولود مائة درهم في الشهر فإذا ترعرع بلغ مائتين، فإذا بلغ زاده، وإذا كان العمل لا يسد الحاجة فبيت المال هو الكفيل([74])

 

الخاتمة ونتائج البحث :

منذ ان اشرقت شمس الاسلام ونوره يلاحق كل ركن من اركان الظلام ليبعث فيه النور وهو يبعث في نفوس البشرية الامل والطمأنينة والاستقرار ، وكان دوما نعم العون للمظلوم على الظالم وللمتعلم وطالب المعرفة على كل دعاة الجهل والتظليل لذا نجد ان اعداءه كانوا من طغاة القوم ومردتهم فقد احيى في نفوس الطبقات المعدومة من المجتمع الامل بالحياة التي تسودها المساواة والعدل والانصاف .

ومن بين السبل التي انتهجها الاسلام لاحياء الروح الانسانية التي كادت ان تزهق في ظل ظواغيت العصر هو سبيل التكافل الاجتماعي السبيل الذي وجد الاسلام خير ممثل له منهجا وتطبيقا .

ان التكافل الاجتماعي هو نظام يحاول ان يبني كيان المجتمع ضمن اطار بناء واحد متراص يكون هدفه الاول هو الفرد فيحاول ان يركز في نفسه كل القيم المثلى من كرامة واحترام ومحبة ورحمة وانتساب الى المجتمع الانساني الذي كثيرا ما يشعر البعض انهم غرباء وهم يعيشون ضمن مجتمعاتهم بسبب روح التفرقة والانكار التي تسود ذلك المجتمع الذي ينتمون اليه .

والهدف الثاني للتكافل الاجتماعي هو المجتمع فيحاول ان يؤسس لبناء مجتمع تسوده المحبة والالفة والتراحم ليكون مجتمعا قويا كالبنيان المرصوص لا تهزه الاحداث واعتى العواصف ، فأبناء المجتمع الواحد وهم مشتركون في المصير وهم مشترون في تقاسم الحقوق والواجبات يمثلون قوة لا تقهر وان كانت تلك الحلقة الاجتماعية صغيرة فـ ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ والسبب في الغلبة هو حالة التكافل والترابط التي اجتمعت عليها كلمتهم .

ويمكن ان نوجز اهم ما توصلنا اليه من نتائج خلال بحثنا :

  • التكافل الاجتماعي يمثل نظام أخلاقي متكامل قائم على الحب والإيثار والتعاون وحفظ كرامة الانسان والسعي الى رضا الله سبحانه وتعالى .
  • طالب الشهيد الصدر المسلمين تطبيقَ أحكام الإسلام في الحكم وتنفيذ قواعد المذهب الاقتصادي الإسلامي، وفي إعطاء الحريات للجماهير لاختيار الأشخاص والأنظمة التي تخدم مصالحهم الإسلامية.
  • لا يقتصر التكافل الاجتماعي في الاسلام على حفظ حقوق الإنسان المادية؛ بل يشمل أيضاً المعنوية.
  • التكافل الاجتماعي يقرب بين فئات المجتمع ويقلل من الفوارق بينهم.
  • لقد ضمن الاسلام مبدأ التكافل الاجتماعي بانه سهل المأخذ، يرضى جميع فئات المجتمع، ويحقق مصالح الجميع.
  • التكافل الاجتماعي في الاسلام يقوم على مبدأ التعاون بين افراد المجتمع الواحد بعيدا عن العداء والصراع الذي غالبا ما يكون لأسباب تافهة .
  • يعد التكافل الاجتماعي من الأركان التي يقوم عليها بنيان المجتمع الإسلامي، فالإسلام ينظر إلى المجتمع على أنه كيان إنساني متواصل متراحم .
  • اعتبر الإسلام أن للفقراء والضعفاء حقاً في الحياة الكريمة كما للأغنياء، ولم يعتبر الإسلام ضعف الإنسان لسبب من الأسباب مبرراً ومسوغاً لتركه وحيداً يصارع الجوع والألم والحرمان
  • على الدولة أن تبذل كل إمكاناتها المادية والمعنوية والتشريعية القانونية في سـبيل الارتفاع بمستوى الطبقات المحرومة في المجتمع وتوفير كل الظروف الملائمة لتحقيق حد الغنى المطلوب
  • لقد شرع الاسلام العديد من المعاملات المالية التي تحقق التكافل وتعزز التضامن بين الأفراد كالزكاة والخمس والهبات والصدقات والعواري والأوقاف وغيرها.
  • ان قيم التراحم من القيم التي تسهم إسهاماً كبيراً في دفع الناس نحو التكافل بعيداً عن حسابات الربح والخسارة .
  • لقد زرع أهل البيت عليهم السلام في وعي الأمّة فكرة المسؤولية العامة لكي ترتقي من خلالها إلى مستوى التكافل الاجتماعي المطلوب
  • ان التكافل العام يفرض الإسلام على المسلمين كفالة بعضهم البعض ودور الدولة هنا يحمل وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ألزام الرعية بواجباتها في تحمل المسؤولية.
  • أراد الإسلام أن يتحسس المسلم مشاكل الناس ، وخاصة أولئك الذين تضيق في وجوههم سُبل العيش المشروع ، لذلك مجّد الجود وشجع على البذل والإنفاق كأسلوب تكافلي لابد منه .

ان الاسلام وضع أُسساً للتكافل الاجتماعي تقوم عل هرم من المبادئ والقيم الحضارية التي تدفع الإنسان لكي يواسي إخوانه ويمدّ يد العون لهم. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين

 

[1] ) ) سورة الاسراء ، الآية : 70

[2] ) ) العاملي : الشيخ الحرّ العاملي محمّد بن الحسن (ت1104) وسائل الشيعة الى أحكام الشريعة، ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم ، ج 12 ، ص 130

[3] ) ) المجلسي : الشيخ العلامة محمد باقر المجلسي () ،  بحار الأنوار – ط سنة 1403 هـ ق. مؤسسة الوفاء . بيروت – لبنان ، ج 74 ، ص 418

([4])  ابن منظور، ابوالفضل محمد بن مكرم(تـ 711هـ)، لسان العرب،  بيروت، مؤسسة الاعلمي، 2005م ، مج2، ص3461.

([5])  الإمام محمد، التكافل الاجتماعي في الإسلام،  القاهرة، دارا لفكر العربي، 1991م ، ص7.

([6]) عبد العال، احمد عبد العال، التكافل الاجتماعي في الإسلام، (القاهرة، الشركة العربية للنشر والتوزيع، بلا)، ص13.

([7])  آل محمود، عبد اللطيف محمود، التأمين الاجتماعي في ضوء الشريعة الإسلامية، (بيروت، دار النفائس، 1994م)

([8])  ابن منظور، لسان العرب، مج2، ص2333.

[9]([9])  آل محمود، عبد اللطيف محمود، التأمين الاجتماعي.

([10]) الغزالي، محمد، حقوق الإنسان بين الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، (القاهرة، شركة نهضة مصر، 2005م)، ص203

([11]) المصدر نفسه ،  ص203

([12])المصدر نفسه  ، ص203 ص204

([13]) ينظر: عبد العزيز بن عثمان التويجري ، حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية، المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة ، 1996 ، ص17.

[14] )  ) سورة الاعراف ، الآية : 156

[15] )  ) سورة الحجرات ، الآية : 16

[16] )  ) البخاري : محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي : صحيح البخاري ، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ، باب ما ينهى من السباب واللعن ، ج 20 ، ص 178  ، رقم الحديث : 6050

[17] )  ) مسلم : مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ) ،  المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،  المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده ، ج 3 ، ص 1283  ، رقم الحديث : 1659

[18] )  ) الهندي : علاء الدين علي بن حسام الدين ابن قاضي خان القادري الشاذلي الهندي البرهانفوري ثم المدني فالمكي الشهير بالمتقي الهندي (المتوفى: 975هـ) كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ،  المحقق: بكري حياني – صفوة السقا الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الطبعة الخامسة، 1401هـ/1981م  ، ج 15 ، ص 849

[19] )  ) الري شهري : الشيخ محمّدي الريّ شهري، ميزان الحكمة ، الطبعة الاُولى، مركز الإعلام الإسلامي – دفتر تبليغات إسلامي، قم ، ج 4 ، ص 2837

[20] )  ) البحراني : السيد هاشم البحراني ، البرهان في تفسير القرآن  ، المتوفّى سنة 1107هـ ، مؤسسة البعثة ، قم ، 1417هـ ، ج 1 ، ص 44

[21] )  ) الاهوازي : أبي محمّد الحسين بن سعيد الكوفيّ الأهوازي (ت 250 ه . ق)  ، المؤمن ، تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهديّ (عج) ـ قم، الطبعة الاُولى 1404 ه . ق  ، ص 19

[22] )  ) سورة الممتحنة ، الآية : 8

[23] )  ) الريشهري ، ميزان الحكمة ، ج 4 ، ص 2837

[24] )  ) الصدر : محمد باقر الصدر،  اقتصادنا، دار التعارف للمطبوعات، بيروت ۔ لبنان 1987م : ٢٨8

[25] )  ) البرقي : الشيخ أحمد بن محمد بن خالد البرقي  ، المحاسن ، عُني بنشره وتصحيحه السيّد جلال الدين الحسيني المشتهر بالمحدّث، نشر دار الكتب الإسلامية – قم ، ج 1 ، ص 264

[26] )  )الكليني : محمّد بن يعقوب أبي جعفر الرازي (ت329)  الكافي، صحّحه وقابله علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية – طهران 1402 هـ. ، ج 2 ، ص 125

[27] )  ) الصدر : اقتصادنا   : ٢٨7

[28] )  ) سورة التوبة ، الآية : 71

[29] )  ) الصدر : اقتصادنا : ٢٨٩

[30] )  ) المفيد : أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبريّ البغداديّ المعروف بالشيخ المفيد (ت 134 هـ . ق)الاختصاص ، تحقيق : علي أكبر الغفّاريّ ، مؤسّسة النشر الإسلاميّ ـ قم ، الطبعة الرابعة 4141 هـ . ق .، ص٣١

[31] )  ) الكليني : أصول الكافي، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1411هـ ـ 1990م.  ،     ج2 ، ص 366

[32] )  ) ينظر : الصدر : اقتصادنا ،: ٢٨٩

[33] )  ) سورة الحشر ، الآية : 7

[34] )  ) ينظر : الصدر : اقتصادنا : 666

[35] )  ) لقد شيعني الحسين  : المغربي ، ادريس الحسيني المغربي ، الناشر: دار الولاء للطباعة والنشر والتوزيع ، ص 195

[36] )  ) موقع الحرة الالكتروني ، منى فياض ، 11 / اكتوبر / 2020

[37] )  ) ينظر : الصدر :  اقتصادنا : 258

[38] )  ) ينظر : المصدر نفسه : 259

[39] )  ) سورة المجادلة ، الآية : 11

[40] )  ) سورة الزمر ، الآية : 9

[41] )  ) سورة الحجرات ، الآية : 13

[42] )  ) سورة الزخرف ، الآية : 31

[43] )  ) سورة البقرة ، الآية : 247

[44] )  ) سورة البقرة ، الآية : 155

[45] )  ) الشيرازي : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ، الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، الناشر: مدرسة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام; الطبعة: الاولى ، ج1 ، ص 440

[46] )  ) الحنفي : أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي البخاري الحنفي (المتوفى: 380هـ)، بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار  ، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت / لبنان ، الطبعة: الأولى، 1420هـ – 1999م ، ج 1 ، ص 146

[47] )  ) السبزواري : الشيخ محمّد بن محمّد السبزواري  ، جامع الأخبار، تحقيق علاء آل جعفر، مؤسسة آلالبيت عليهم السلام ، بيروت1413 هج، ج 14 ، ص 13

[48] )  ) الريشهري : ميزان الحكمة ، ج 8 ، ص 94

[49] )  ) المجلسي : بحار الانوار ، ج 78 ، ص 195

[50] )  ) صحيح البخاري ، باب اثم من باع حرا ، ج3 ، ص 82 ، رقم الحديث : 2227

[51] )  )الحاكم : أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ) ، المستدرك على الصحيحين ، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1411 – 1990، ج6، ص 326 ، رقم الحديث : 2693

[52] )  ) الطوسي : الشيخ الطوسي محمّد بن الحسن (ت 460هج) ، تهذيب الأحكام، تحقيق السيد حسن الموسويالخرسان، دار الكتب الإسلامية – النجف ، ج6 ، ص 326

[53] )  ) الكليني: الكافي ، ج5 ، ص 126

[54] )  ) ورام : الشيخ أبو الحسين ورّام بن أبي فراس عيسى بن أبي النجم بن حمدان بن خولان الحلي (ت. 605 هـ) مجموعة ورام ، ط1 ، الناشر: شركة الأعلمي للمطبوعات  ، ج1 ، ص 36

[55] )  ) الحر العاملي : وسائل الشيعة ، ج 6 ، ص 251

[56] )  ) الريشهري : ميزان الحكمة ، ج 8 ، ص 58

[57] )  ) الشيخ محمود شلتوت: الإسلام عقيدة وشريعة ، ط17 1991 دار الشروق – القاهرة. ، ص 270

[58] )  ) سورة البقرة ، الآية : 261

[59] )  ) سورة النور ، الآية : 33

[60] )  ) سورة البقرة ، الآية : 219

[61] )  ) سورة الحديد ، الآية : 7

[62] )  ) الطبرسي : مجمع البيان ، ج2 ، ص 204

[63] )  ) الكافي ، الكليني ، ج 3 ، ص 607

[64] )  ) الحلّي  : العلاّمة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (648 ـ 726) ، تحرير الأحكام ، ، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ، قم ، ج 1 ، ص 345

[65] )  ) سورة البقرة ، الآية : 215

[66] )  ) المجلسي  : بحار الانوار  ، ج 53 ، ص 169

[67] )  ) الشاهرودي  : الشيخ علي نمازي الشاهرودي ،  مستدرك سفينة البحار ، ط مؤسسة البعثة – طهران – إيران ، ج 6 ، 252

[68] )  ) الطوسي  : الشيخ محمد بن الحسن الطوسي  ، الاستبصار ،   ط سنة 1376 هـ .ق – النجف الأشرف – العراق  ، ج 1 ، ص 19

[69] )  ) سورة البقرة ، الآية : 245

[70] )  ) ينظر :الصدر : اقتصادنا : 661 – 669

[71] )  ) سورة البقرة ، الآية : 29

[72] )  ) سورة الحشر  ، الآية : 7

[73] )  ) التسخيري : محمد علي ألتسخيري ، خمسون درساً في الاقتـصاد الإسـلامي ، ط 1 ، دار المـشرق ، طهران ، 2003م : 249 – 253

[74] )  ) الفكيكي : توفيق الفكيكي ، الراعي والرعية ، ط1 ، المكتبة الحيدرية ، قم ، 2003م : 247

المصادر

  1. القران الكريم
  2. ابن منظور، ابوالفضل محمد بن مكرم(تـ 711هـ)، لسان العرب، بيروت، مؤسسة الاعلمي، 2005م
  3. آل محمود، عبد اللطيف محمود، التأمين الاجتماعي في ضوء الشريعة الإسلامية، (بيروت، دار النفائس، 1994م)
  4. الإمام محمد، التكافل الاجتماعي في الإسلام، القاهرة، دارا لفكر العربي، 1991م
  5. الشيرازي : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ، الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، الناشر: مدرسة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام; الطبعة: الاولى
  6. الاهوازي : أبي محمّد الحسين بن سعيد الكوفيّ الأهوازي (ت 250 ه . ق) ، المؤمن ، تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهديّ (عج) ـ قم، الطبعة الاُولى 1404 ه . ق
  7. البحراني : السيد هاشم البحراني ، البرهان في تفسير القرآن ، المتوفّى سنة 1107هـ ، مؤسسة البعثة ، قم ، 1417هـ
  8. البخاري : محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي : صحيح البخاري ، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ
  9. البرقي : الشيخ أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، المحاسن ، عُني بنشره وتصحيحه السيّد جلال الدين الحسيني المشتهر بالمحدّث، نشر دار الكتب الإسلامية – قم
  10. التسخيري : محمد علي ألتسخيري ، خمسون درساً في الاقتـصاد الإسـلامي ، ط 1 ، دار المـشرق ، طهران ، 2003م
  11. الحاكم : أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ) ، المستدرك على الصحيحين ، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1411 – 1990
  12. الحلّي : العلاّمة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (648 ـ 726) ، تحرير الأحكام  ، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ، قم
  13. الحنفي : أبو بكر محمد بن أبي إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي البخاري الحنفي (المتوفى: 380هـ)، بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار ، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت / لبنان ، الطبعة: الأولى، 1420هـ – 1999م
  14. الري شهري : الشيخ محمّدي الريّ شهري، ميزان الحكمة ، الطبعة الاُولى، مركز الإعلام الإسلامي – دفتر تبليغات إسلامي، قم
  15. السبزواري : الشيخ محمّد بن محمّد السبزواري ، جامع الأخبار، تحقيق علاء آل جعفر، مؤسسة آلالبيت عليهم السلام ، بيروت1413 هـ
  16. الشاهرودي : الشيخ علي نمازي الشاهرودي ،  مستدرك سفينة البحار ، ط مؤسسة البعثة – طهران – إيران
  17. الشيخ محمود شلتوت: الإسلام عقيدة وشريعة ، ط17 1991 دار الشروق – القاهرة.
  18. الصدر : محمد باقر الصدر، اقتصادنا، دار التعارف للمطبوعات، بيروت ۔ لبنان 1987م
  19. الطوسي : الشيخ محمد بن الحسن الطوسي  ، الاستبصار ،   ط سنة 1376 هـ .ق – النجف الأشرف – العراق
  20. الطوسي : الشيخ الطوسي محمّد بن الحسن (ت 460هج) ، تهذيب الأحكام، تحقيق السيد حسن الموسويالخرسان، دار الكتب الإسلامية – النجف
  21. العاملي : الشيخ الحرّ العاملي محمّد بن الحسن (ت1104) وسائل الشيعة الى أحكام الشريعة، ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم
  22. عبد العال، احمد عبد العال، التكافل الاجتماعي في الإسلام، (القاهرة، الشركة العربية للنشر والتوزيع، بلا)
  23. عبد العزيز بن عثمان التويجري ، حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية، المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة ، 1996
  24. الغزالي، محمد، حقوق الإنسان بين الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، (القاهرة، شركة نهضة مصر، 2005م)
  25. الفكيكي : توفيق الفكيكي ، الراعي والرعية ، ط1 ، المكتبة الحيدرية ، قم ، 2003م
  26. الكليني : أصول الكافي، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1411هـ ـ 1990م.
  27. الكليني : محمّد بن يعقوب أبي جعفر الرازي (ت329) الكافي، صحّحه وقابله علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية – طهران 1402 هـ
  28. لقد شيعني الحسين : المغربي ، ادريس الحسيني المغربي ، الناشر: دار الولاء للطباعة والنشر والتوزيع
  29. المجلسي : الشيخ العلامة محمد باقر المجلسي () ، بحار الأنوار – ط سنة 1403 هـ ق. مؤسسة الوفاء . بيروت – لبنان
  30. مسلم : مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ) ، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،  المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت
  31. المفيد : أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبريّ البغداديّ المعروف بالشيخ المفيد (ت 134 هـ . ق)الاختصاص ، تحقيق : علي أكبر الغفّاريّ ، مؤسّسة النشر الإسلاميّ ـ قم ، الطبعة الرابعة 4141 هـ
  32. موقع الحرة الالكتروني ، منى فياض ، 11 / اكتوبر / 2020
  33. الهندي : علاء الدين علي بن حسام الدين ابن قاضي خان القادري الشاذلي الهندي البرهانفوري ثم المدني فالمكي الشهير بالمتقي الهندي (المتوفى: 975هـ) كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ، المحقق: بكري حياني – صفوة السقا الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الطبعة الخامسة، 1401هـ/1981م
  34. ورام : الشيخ أبو الحسين ورّام بن أبي فراس عيسى بن أبي النجم بن حمدان بن خولان الحلي (ت. 605 هـ) مجموعة ورام ، ط1 ، الناشر: شركة الأعلمي للمطبوعات .

مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية