تفعيل التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد واثره في الحد من هدر المال العام
العنوان: تفعيل التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد واثره في الحد من هدر المال العام
الكاتب/الكتّاب:
أ. د براء منذر كمال - كلية الحقوق – جامعة تكريت
د. نورس رشيد طه - كلية الحقوق – جامعة النهرين
-
-
الملخّص
شكل الفساد في القطاع العام الى جانب الفساد في القطاع الخاص خطراً كبيراً يهدد المجتمعات ، مما دفع الامم المتحدة الى اقرار اتفاقية مكافحة الفساد في مطلع القرن الحادي والعشرين والتي صادق عليها العراق ، إن انضمام العراق إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتصديق عليها يعني ان هذا البلد اصبح، من الناحية القانونية، ملزم بأحكامها، لأن التصديق على معاهدة دولية، بحكم ما تنص عليه الدساتير والقوانين، يجعل من هذه المعاهدة جزء لا يتجزأ من النظام القانوني الوطني ويترتب على ذلك ضرورة تحقيق الاستجابة والمواءمة التشريعية بين ما تضمنته أحكام المعاهدة وبين الأحكام الواردة في التشريع العراقي. ومع ذلك فإن قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 لم تضمن تجريم الفساد في القطاع العام فقط، غير ان التعديل الأول للقانون الذي صدر في عام 2019 والذي تضمن تغيير الكثير من الاحكام القانونية الواردة فيه ، فضلاً عن تغيير اسم القانون وجعله ” قانون هيئة النزاهة ومكافحة الكسب غير المشروع ” ، ومن ضمن التعديلات الجوهرية التي ادخلها المشرع هي تجريم الفساد المالي والاداري في القطاع الخاص و امتداد التجريم وتوسيع اختصاص هيئة النزاهة في جرائم مهمة مثل الرشوة والاختلاس ليشمل غير الموظفين، والبحث يسلط الضوء على الجوانب القانونية التي يثيرها موضوع الفساد ودور التشريعات في مكافحة واثر هذه المكافحة في الحد من هدر المال العام ، وتربط الدراسة النصوص القانونية بالأسس الاقتصادية والفلسفية الشرعية في الإسلام المعاصر ومنها مؤلفات السيد محمد باقر الصدر رحمه الله ، وتربط الدراسة الجانب النظري بالواقع العملي العراقي بآخر مستجداته ،لتخرج بنتائج وتوصيات تهدف الى مكافحة آفة الفساد في القطاعين العام والخاص في عراقنا الحبيب.
Abstract:
Corruption in the private sector as well as corruption in the public sector pose a major threat to societies. This led the United Nations to adopt the Convention against Corruption at the beginning of the twenty-first century، which was ratified by Iraq. The fact that Iraq’s accession to and ratification of the United Nations Convention against Corruption means that the country is legally bound by its provisions، because ratification of an international treaty، by virtue of constitutions and laws، makes it an integral part of the national legal order. However، the Integrity Authority Act No. 30 of 2011 did not include provisions to criminalize corruption in the private sector، but the first amendment to the Act of 2019، which included changing many of the legal provisions contained therein، as well as changing the name of the Act and making it a law. Among the fundamental amendments introduced by the legislature are the criminalization of certain forms of financial and administrative corruption of non-employees when it comes to government projects. This means extending criminalization and extending the competence of the Integrity Authority in important crimes such as bribery and embezzlement to non-employees. The study links legal texts to the legitimate economic and philosophical foundations of contemporary Islam, including the writings of Mr. Mohamed Baqir Al-Sadr. The study links the theoretical aspect of Iraqi practice to the latest developments in Iraq, with results and recommendations aimed at combating the scourge of corruption in the public and private sectors of Iraq.
البحث الكامل
المقدمة
أولاً : أهمية موضوع البحث ومسوغات اختياره:
يعد موضوع ( دور التشريعات القانونية في مكافحة الفساد واثره في الحد من هدر المال العام) من المواضيع المهمة والجديرة بالدراسة نظراً لما يرتبه الفساد من هدر للمال العام , والذي بدور ينعكس سلباً على توفير المستلزمات الضرورية للشعب , وقد شغل الفساد الدوائر الحكومية في جميع انحاء البلاد وفي مختلف المؤسسات و الدوائر الحكومية , كما أن حجم الفساد تباين من جهة لأخرى بحسب الصورة التي تحقق فيها , فقد يتحقق الفساد بصورة مخالفة القواعد القانونية والتنظيمية , وقد يكون بصورة الانحراف عن غاية المشرع عند تطبيق النصوص القانونية , وقد يكون بصورة التفضيل والمحاصصة فيما يتعلق باستغلال الموارد الطبيعية لتحقيق منفعة شخصية ومن دون الآخذ بعين الاعتبار مدى حجم الضرر الذي سيقع على المصلحة العامة .
ثالثاً : اشكالية البحث:
تثار اشكالية البحث في موضوع ( دور التشريعات القانونية في مكافحة الفساد واثره في الحد من هدر المال العام ) عدة تساؤلات أهمها :-
- هل كان المشرع العراقي موفقاً في محاربة الفساد الدائر في القطاع العام ؟
- هل كانت الوسائل الرقابية الفعالة كافية في كشف الفساد؟ و في تحديد حجمه ؟ وهل كانت كافية لتحجيمه ؟ والقضاء على استمراريته بالقدر الذي كشف به ؟ أم لازال الفساد مستشرياً في مفاصل الدولة من دون أي حد يحجم من منسوب الهدر المالي المنهك لميزانية الدولة ؟ .
رابعاً : منهجية البحث :
سنتبع في بحثنا المنهج التحليلي لنصوص قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 ( المعدل )
خامساً : أهداف البحث :
نهدف من خلال بحثنا إلى:-
- القاء الضوء على ظاهرة خطيرة من شأنها المساس بالمصلحة العامة .
- ايجاد الحلول المناسبة التي من شأنها الحد من آثار الفساد المالي .
- القاء الضوء على مؤلفات السيد محمد باقر الصدر في مجال الاقتصاد وبدائل الفوائد الربوية وامكانية تطبيق هذه النظرة الشمولية في التشريعات العراقية النافذة ، واثرها في مكافحة الفساد، والحد من هدر المال العام.
سادساً : هيكلية البحث :
تنبسط هيكلية البحث في موضوع ” دور التشريعات القانونية في مكافحة الفساد واثره في الحد من هدر المال العام ” على مبحثين ، سنخصص المبحث الأول للبحث في مفهوم الفساد و آثاره و آليات مكافحته , أما المبحث الثاني فسيكون مخصصاً للبحث في دور النصوص العقابية في مكافحة الفساد , والمبحث الثالث سيكون مخصصاً للبحث في مفهوم العاملين بالقطاع الخاص ونطاق الفساد فيه وكالآتي :-
المبحث الأول: مفهوم الفساد و آثاره وآليات الحد منه
يقصد بالمفهوم التوصل الى ماهية الشيء ومدلوله في العقل , فهو شيء يفهمه العقل دون الحواس , ومن أجل الاستفهام عن الشيء يجب طرح الأسئلة بخصوصه , للتعرف عليه والكشف عن غموضه . ومن أجل الاستفهام عن معنى الفساد ومعرفة مدلوله وآثاره , فلابد من التعريف به هذا من جهة ومن جهة أخرى سنبحث في آليات الحد منه, وهذا ما سنبينه في ثلاثة مطالب , سنخصص الأول لتعريف الفساد , والثاني سيكون مخصصاً للبحث في آثار الفساد والثالث مخصصاً للبحث في اليات الحد من الفساد كالآتي :-
المطلب الأول: تعريف الفساد
يقصد بالفساد : إساءة استخدام السلطة الممنوحة للشخص بسبب الوظيفة أو الثقة , وتغيير مسارها باتجاه منافعه الشخصية أو لحسابه الخاص , على حساب المصلحة العامة . يتخذ الفساد العديد من الصور فقد يتمثل بخيانة الأمانة أو الرشوة أو الاختلاس أو الاحتيال أو التلاعب بالسجلات والبيانات الرسمية والعرفية , فيستغل الموظف أو المكلف بخدمة عامة باستغلال السلطة الممنوحة له أو الشخص الموثوق به أن يستغل تلك الثقة في سبيل تحقيق منافعة الشخصية . ومن دون أن يدع أي قدر لمخافة الله في تصرفاته متجاوزاً بذلك جميع المبادئ الشرعية والوضعية فهو بتصرفه قد تجاوز النصوص القانونية , ما يجعله مسؤولاً عن تصرفاته غير الشرعية وغير القانونية على حدٍ سواء .
للفساد العديد من الصور فهو قد يكون بص بصورة فساد أخلاقي والذي يتمثل بمخالفة المبادئ والعادات السامية والسارية في مجتمعاً ما من خلال ما يقوم به الشخص من تصرفات مخلة بالحياء أو ما شابه.
أو يكون الفساد سياسيا والذي يتمثل بمخالفة القواعد أو الاحكام أو القرارات أو التعليمات الخاصة بتنظيم العمل السياسي داخل المؤسسات الخاصة بممارسة العمل السياسي , أو قد يكون الفساد اقتصادياً والذي يتمثل بمخالفة القواعد والاحكام والتعليمات المتعلقة بتنظيم المعاملات المالية وتنفيذها , أو بسبب مخالفة المنهج الاقتصادي الذي يوجب بأن يكون هناك تفاعل واندماج من الشعب مع المنهاج الاقتصادي شرط لتفعيل التمية الاقتصادية لأن حركة الامة واندماجها وتفاعلها مع البرامج الاقتصادية هي الدافع الاكبر للقضاء على التخلف ([1]) الذي يكون الفساد من أخطر مخلفاته .
وقد يكون الفساد مالياً : والذي يتحقق في جرائم الرشوة والاختلاس فضلاً عن الربا , من خلال الفائدة التي يطالب بها المرابين مقابل تسليم أموالهم لرجال الاعمال لاسيما عند اشتداد حاجتهم للمال لاستغلالها في التجارة والصناعة وأن الحل الأمثل للقضاء على الربا يكون بإلغاء الفائدة , لأن إلغاء الفائدة سيؤدي إلى تغيير توجهات الرأسمالين وتحويلهم من مقرضين لأموالهم بفائدة إلى مضاربين مساهمين في المشاريع التجارية والصناعية على أساس الاشتراك في تحقيقي الارباح فيصبح رأس مالهم بخدمة التجارة ولصناعة مواكباً لنشاطها ([2]) بعدما كان مخصصاً للإقراض مقابل فائدة مالية يحصلون عليه من دون المشاركة في النشاطات التجارية والصناعية فيحصلون على الارباح من دون تعب ولا مساهمة في السوق التجارية , إلا أن المضاربة الإسلامية تبعد الارباح عن الربا المحرم من خلال استثمار المال والاسترباح منه , الذي يختلف عن الدخل الربوي الذي أساسه هو القرض باسم الفائدة ([3]) .
وقد يكون الفساد إدارياً و يتعلق بمخالفة القواعد والاحكام والقرارات و الأوامر والتعليمات المتعلقة بتنظيم سير العمل داخل المؤسسات الحومية , فقد ينحرف الموظف عن تحقيق الغاية التي من أجلها وضعت تلك القواعد و التعليمات و وقد يمتنع عن تطبيق الأوامر الصادرة من رئيسه الأعلى بغية في تحقيق منافعه الشخصية إذ أن جميع صور الفساد تؤثر وبلا شك بمصلحة الجماعة .
أن للفساد في العراق أشكال عديدة منها مخالفة القوانين والتعليمات مما أدى إلى اشاعة الفوضى وعدم الاستقرار داخل المجتمع العراقي , فضلاً عن تشكيل لجان داخل الدوائر أو المؤسسات للتحقيق في قضايا الفساد أو للقيام بعمليات الاستيراد والتعاقد والتفاوض والمناقصات من اشخاص غير ذي اختصاص , كما أصبحت الرشوة تشغل حيز كبيراً في المؤسسات الحكومية وقد ظهرت المحسوبية و المنسوبية والولاء بشكل واضح في المجتمع العراقي ([4]) بعد عام 2003 إذ اصبحت العلاقات الشخصية لها أثر كبير في تحديد مصائر الناس من حيث التعيين أو القبول في الدراسات العليا أو التنصيب والترأس وغيرها من الاشكاليات التي من شأنها اشاعة الفساد وإنماء مخلفاته.
المطلب الثاني: آثار الفساد
أن السبب الذي يكمن وراء تدهور حياة الإنسان وتعرض لمشاكل اقتصادية هو سوء التوزيع وعدم استثماره للطبيعة بشكلٍ صحيح ([5]) ينجم عن الفساد الاقتصادي العديد من الآثار التي من شأنها أن تؤدي إلى إثارة الكراهية وزعزعة النظام في المجتمع كما أنها تؤدي إلى احباط المعنويات وترفع من منسوب الحقد تجاه السلطات الحاكمة ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار وإثارة الفوضى داخل المجتمع في حالة أن توفرت الظروف المناسبة لإثارتها , كون أن الضغط الواقع على الشعب من جراء الفساد الذي تقوم به السلطات لا تحمد عقباه لآنه في يوما ما سيؤدي إلى آثاره غضبهم وبالفعل فقد تعرضت المنشآت والاجهزة الحكومية في مرات عديدة إلى التلف والتخريب والحرق نتيجة للظلم والاضطهاد الذي تعرض له الشعب العراقي , وأن من الآثار الاقتصادية الناشئة عن الفساد الاقتصادي هي:-([6])
- تدهور النمو الاقتصادي مما يقضي على مشاريع و خطط التنمية.
- ضياع موارد الدولة وعدم استغلالها بما يحقق الفائدة المرجوة من استخدامها بشكل يخدم المصلحة العامة .
- اندثار الاستثمارات الوطنية و الأجنبية على حدٍ سواء لغياب العوامل المؤهلة لتطبيقها أو بسبب الفشل الناجم عن عدم تطبيق البرامج المخصصة بشكلٍ صحيح .
- فشل المشاريع الخاصة بتبليط الشوارع والطرقات العامة و البنى التحتية والمؤسسات والحدائق وغيرها لإهدار الأموال الخاصة بتلك المشاريع وتبديدها بشكل غير قانوني مما يؤثر ذلك سلباً على اكمال المشارع أو أنشاء غيرها.
- عدم المساواة بين طبقات المجتمع من ناحية توزيع الدخول والموارد فضلاً عن الإخلال الواضح في تأدية الخدمات العامة , إذ أنه من شأن الفساد المالي عدم تخصيص الميزانية المناسبة لتوفير الخدمات كالكهرباء والغاز وغيرها من المستلزمات الضرورية .
- ازدياد حالات التهرب الضريبي فضلاً عن السماح للمهربين بتهريب الممنوعات وغيرها من السلع والخدمات ومن دون أي ضريبة تفرض عليهم ,. مما يؤثر ذلك سلباً على الإيرادات العامة للدولة نتيجة التهرب من دفع الجمارك والضرائب والرسوم باستخدام الوسائل الاحتيالية والالتفاف على القوانين النافذة.
- تقتير الإنفاق العام للمجالات المتعلقة بقطاعات الصحة والتعليم وغيرها من المجالات المهمة التي من شأنها التأثير وبلا شك على مصلحة الجماعة وبالنتيجة حصول حالة من الفوضى وعدم الاستقرار بالإضافة لحالة من التخلف العلمي والصحي مصاحبة بموجة من الهمجية والتطرف التي من شأنها المساس بمصالح المجتمع .
المطلب الثالث: آليات مكافحة الفساد
أهتم المشرع وبمقتضى القانون رقم (30) لسنة 2011(قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع المعدل ) بإبراز دور هيئة النزاهة في مكافحة الفساد بالتعاون مع مكاتب التفتيش(الملغية ) وديوان الرقابة المالية وضرورة التعاون معها من خلال المادة (21/أولاً) منه ونصها: (أولاً– تؤدي الهيئة واجباتها في ميدان منع الفساد ومكافحته بالتعاون مع ديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العامين). ونظراً للتداخل في الصلاحيات ،ولأن تعدد الجهات الرقابة قد يكون له آثار سلبية أكثر من الايجابية وبعد تظاهرات تشرين من عام 2019 اصدر المشرع قانوناً يقضي بإلغاء مكاتب المفتشين العمومين.
وبمقتضى المادة (21) آنفة الذكر، فأن الجهة المعنيّة بالكشف عن أعمال الفساد والغش والتبذير وإساءة التصرف هي ديوان الرقابة المالية بصفتها الجهة العليا للتدقيق المالي والمحاسبي. حيث يقوم الديوان بإيداع جميع الأدلة عن تلك الأفعال الجرمية الى المفتش العام المختص، مع التأكيد على أن هيئة النزاهة هي المختصة قانوناً بالتحقيق في قضايا الفساد([7]).
يُضاف إلى ما تقدم أن مهام هيئة النزاهة لم تقتصر على ما تقدم من متابعة قضايا كشف الذمم المالية أو التحري والتحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري، ذلك لأن مكافحة الفساد مهمة يتعين لتحقيقها التَشَعُّب في المهام بنظام مُتَّسق يقوم على التخطيط وحُسن التنسيق بين شُعب الهيئة المختلفة. لذا كان من بين دوائر الهيئة (دائرة التعليم والعلاقات العامة) حيث تتولى هذه الدائرة (القيام بما هو ضروري ومناسب لتحقيق ثقافة النزاهة والاستقامة، والخضوع للمسائلة، وإشاعة التعامل المنصف، واحترام القانون، من خلال إعداد مناهج تعليمية لتعزيز السلوك الاخلاقي في مجال الخدمة العامة بالتعاون مع المؤسسات التعليمية، ومن خلال الدراسات والندوات والحملات الإعلانية، والمؤتمرات وبرامج التدريب، أو أي نشاط آخر يصب في تحقيق هدف إشاعة ثقافة النزاهة ونبذ ومحاربة الفســـــــــاد([8]). و إلى جانب دوائر الهيئة المتقدم ذكرها، دائرة أخرى هي(دائرة العلاقات مع المنظمات غير الحكومية، وتتولى القيم بما يلزم لتعزيز ثقافة السلوك الأخلاقي في القطاعين العام والخاص، بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية، عن طريق برامج التدريب و الاتصال بالجمهور، عبر وسائل الإعلام وغيرها)([9]).
أن جرائم الفساد الإداري غالباً ما تقترن بالفساد المالي وبما أن الأموال- محل جريمة الفساد- غالباً ما يتم تهريبها إلى الخارج وكذلك فاعليها وشركائهم، لذا كان من بين الدوائر المهمة للهيئة (دائرة الاسترداد). إذ (تتولى مسؤولية جمع المعلومات ومتابعة المتهمين المطلوبين للهيئة من خارج العراق، واسترداد أموال الفساد المهربة للخارج بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنيّة. وتضم مديريتين: أحدهما لاسترداد الأموال والثانية لاسترداد المتهمين) ([10]). كما يتضمن هيكل الهيئة دائرة أخرى هي (دائرة البحوث والدراسات)، و (تتولى إعداد الدراسات والبحوث حول الفساد وقياسه وأثاره وأسبابه وطرق منعه ومكافحته) ([11]).
ويلاحظ على ما تقدم أن هيئة النزاهة قد أناط المشرع على عاتقها اختصاصات متميزة هدفها العمل على منع الفساد ومكافحته، ومنحها من الصلاحيات ما يُمكن لو اتخذت بتجرد وحياد وحزم أن تؤدي مكافحة ظاهرة الفساد والى حدًّ كبير. غير أن من يلحظ وتيرة هذه الجرائم في السنوات الأخيرة يجد أنها تُشير الى أن هذه الظاهرة (بدأت تنخر في هيكلية الدولة وعجزها عن مواجهة مثل هذه الظواهر الإجرامية، وهناك أدلة ومؤشرات تؤكد أنتشار ظاهرة الفساد بمختلف صوره وأنماطه على نطاق واسع في كثير من البلدان وفي مقدمتها العراق([12]).
مما يعني أن القصور لا يتحدد بالقانون، بل فيمن يطبقه ويعمل على تنفيذه. وباختصار فأن الدائرة برئيسها، لذا فأن السبب الرئيس في شيوع ظاهرة الفساد برأينا هو التخلي عن قاعدة اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب. ذلك أن العمل جرى على توزيع المناصب العليا، بل وحتى الوسطى أو ما دونها بحسب نظام المحاصصة، وبغض النظر عن توافر المؤهلات المطلوبة لهذا المنصب أو ذاك. وحيث أن الاختيار للمناصب يخضع لهذه النظرة الضَيِّقة، فأن كل جهة سياسية تُفكر في حماية من رشحته للمنصَب وذلك هو السبب الرئيس في شيوع ظاهرة الفساد. لذا فالسلطة التنفيذية مدعوة اليوم- أكثر من أي وقت مضى- إلى إعادة النظر في سياستها بشأن اختيار المؤهلين للمناصب، وأن تتماشى في ذلك مع الأفكار الإصلاحية القائمة على حُسن اختيار المؤهل ذو الكفاءة والخبرة والحزم، ومن يتصف بالنزاهة والحياد، وأن يَشغل ذو الاختصاص المكان الذي يستحق ضمن دائرة اختصاصه، وبذلك نسهم فعلاً في سلوك السبيل المؤدي الى منع ظاهرة الفساد المالي والإداري ومكافحتها.
ومن جانب آخر فإن جهاز الادعاء العام ([13])في العراق يمارس دوراً مهماً في مكافحة الجرائم بشكل عام، وجرائم الفساد المالي والإداري بشكل خاص، إذ يُعد الادعاء العام من أجهزة الدولة المسؤولة عن ضمان الأمن الجزائي، وضمان سلامة تطبيق القواعد القانونية، منذ لحظة ارتكاب الجريمة و لغاية تنفيذ الأحكام بحق مرتكبيها، بكونه مؤسسة عامة تنوب عن المجتمع دفاعاً عن حقوقه، ضمن نطاق الشرعية الجزائية، التي تحددها القواعد القانونية، لتحقيق هذه الغايات، بوصفه هيئة قضائية تنوب عن المجتمع في دعاوى الحق العام، بدءً من تحريكها و لغايـة تنفيذ العقوبـات على مرتكبي الجرائم والمساهمة في إعادة تأهيلهم، وحماية الشرعية الجزائية عبر ممارسة الدور الرقابي المتمثل بمراقبة سلامة الإجراءات والقرارات والأحكام القضائية ومدى مطابقتها لأحكام القانون.
وبعد صدور قانون الادعاء العام رقم (49) لسنة 2017، يُلاحظ أن المشرع قد ضمَن في ثناياه خصوصية لجرائم الفساد المالي والإداري، فقد عد القانون الحفاظ على أموال الدولة والقطاع العام أحد أهداف قانون الادعاء العام([14])، كما أن الفقرة الأولى من المادة (5) من القانون والتي منحت الادعاء العام حق إقامة الدعوى بالحق العام أعطت قضايا الفساد المالي والإداري الخصوصية على سائر الجرائم الأُخرى من خلال النص الآتي “إقامة الدعوى بالحق العام وقضايا الفساد المالي والإداري ومتابعتها استناداً إلى قانون أُصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل”، كما جاء قانون الادعاء العام بمهمة جديدة لم يكن يمارسها الادعاء العام في العراق سابقاً، وهي منح الادعاء العام صلاحية التحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري والجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة وذلك بموجب الفقرة الثانية عشر من المادة (5) من قانون الادعاء العام التي تنص على ما يلي “يتولى الادعاء العام التحقيق في جرائم الفساد المالي والإداري وكافة الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 (المعدل) طبقاً لأحكام قانون أُصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 (المعدل) على أن يحيل الدعوى خلال (24) أربع وعشرين ساعة إلى قاضي التحقيق المختص من تاريخ توقيف المتهم” , وبالعودة إلى الباب الرابع من الكتاب الأول من قانون أُصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 (المعدل) الذي أشار النص المذكور آنفاً إلى أن التحقيق الذي يجريه الادعاء العام يكون وفقاً لأحكامه، نجد أن الطائفة المختصة بالتحقيق أصلاً هم القضاة والمحققون، وإن سلطة التحقيق واسعة وغير مقيدة وتمتد لغاية انتهاء التحقيق الابتدائي، إلا أن الملاحظ أن سلطة التحقيق الممنوحة للادعاء العام بموجب قانون الادعاء العام مقيدة من الناحية الزمنية بمدة (24) ساعة من تاريخ توقيف المتهم، وبذلك لا يمكن لعضو الادعاء العام الذي يجري التحقيق أن يقرر مصير المتهم بعد توقيفه ولا يمكنه إخلاء سبيله بكفالة، لأن القانون ترك الأمر لقاضي التحقيق المختص ولا يمكنه مواصلة التحقيق بعد مرور تلك المدة، كما أن عضو الادعاء العام لا يملك سلطة التصرف بالتحقيق كالغلق أو الإحالة إلى محكمة الموضوع استناداً إلى المادة (130) من قانون أُصول المحاكمات الجزائية، ولم نجد صلاحية تحقيق مشابهة في التشريعات العالمية لصلاحية التحقيق الممنوحة للادعاء العام بهذا الغرض، إذ أن جميع الأنظمة الإجرائية سواء جمعت بين وظائف القضاء الجنائي أو فصلت بينهما لم تقم بتجزئة تلك السلطة فالدول التي منحت الادعاء العام صلاحية التحقيق خولته أتخاذ كامل الصلاحيات التحقيقية لحين انتهاء التحقيق والتصرف فيه، كما أن قوانينها الإجرائية قد بنيت على هذا الأساس إلا أن هنالك حالات يجري التحقيق فيها من قبل الادعاء العام في الأنظمة التي تبنت الفصل بين الاتهام والتحقيق إلا أن طبيعة ذلك التحقيق لا يعدو أن يكون جزءاً من إجراءات الاستدلال ولا تُعد إجراءات تحقيقية، ولا تشكل مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية ولا يُعتد بها على أنها دليل لدى قاضي التحقيق لأن الدليل يستمد من التحقيق الذي تجريه سلطة التحقيق، كما أن الاستدلال يتضمن البحث عن الأدلة دون التنقيب فيها أو فحصها، لأن الهدف منه ليس جمع الأدلة لإدانة المتهم وإنما اتخاذ قرار من الادعاء العام لتحريك الدعوى الجزائية من عدمه لكي يُجنِّب القضاء الخوض في الشكاوى غير الجدية والكيدية أو تلك التي يتضح للادعاء العام من خلالها أنها لا تشكل جريمة وبالتالي يصدر قراراً بحفظها، لأن اجراءات الاستدلال تسبق تحريك الدعوى الجزائية، ومن أمثلة تلك الدول ما تمارسه النيابة العامة في فرنسا([15]).
وبصدد تعارض اختصاص الادعاء العام في مكافحة الفساد مع اختصاص هيئة النزاهة الذي قد ينشأ كونها الجهة المختصة بالتحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري عن طريق محققيها تحت إشراف قاضي التحقيق([16])، فقد قضت المحكمة الاتحادية العليا في قرار لها بدستورية الفقرات ثاني عشر وثالث عشر ورابع عشر من المادة (5) من قانون الادعاء العام وردَّت الدعوى المطالبة بعدم دستوريتها، إذ لا ترى وجود تعارض بين الاختصاص الممنوح للادعاء العام بموجب تلك الفقرات وبين اختصاص هيئة النزاهة، وترى بأن ذلك جاء مسانداً ومعززاً لدور هيئة النزاهة في محاربة الفساد([17])، وعلى الرغم مما ورد في قرار المحكمة الاتحادية العليا فلم نجد في ثنايا قانون الادعاء العام أو في قرار المحكمة الاتحادية المشار أليه أعلاه معياراً واضحاً للتنسيق بين الدور الذي يمارسه الادعاء العام وبين دور هيئة النزاهة في مجال اجراء التحقيق في جرائم الفساد المالي والإداري، الأمر الذي قد يتسبب بعرقلة الإجراءات التحقيقية نتيجة مرور الدعوى الجزائية بأكثر من جهة، ويؤدي بالنتيجة إلى تأخر حسمها.
كما جاء قانون الادعاء العام بتشكيل جديد لم يكن موجود سابقاً ضمن تشكيلات جهاز الادعاء العام، وذلك بموجب الفقرة الثالثة عشر من المادة (5) من قانون الادعاء العام التي تنص على ما يلي: “تستحدث دائرة في رئاسة الادعاء العام تسمى دائرة المدعي العام الإداري والمالي وقضايا المال العام يديرها مدعي عام لا تقل خدمته عن (15) خمس عشرة سنة تتولى الإشراف على مكاتب الادعاء العام المالي والإداري في دوائر الدولة.”، كما نصت الفقرة الرابعة عشر من المادة (5) إلى ما يلي: “يؤسس مكتب للادعاء العام المالي والاداري يرأسه مدعي عام لا تقل خدمته عن (10) سنوات في الوزارات والهيئات المستقلة يمارس اختصاصه طبقاً لأحكام الفقرة ثاني عشر من هذه المادة “، ولم يحدد المشرع طبيعة علاقة هذه المكاتب بالوزارات وطبيعة المهام التي يمارسها.
ولا نؤيد ما ذهب إليه المشرع العراقي في منح الادعاء العام سلطة التحقيق في جرائم الفساد المالي والإداري لعدة أسباب في مقدمتها أن تلك الصلاحية تُعد خروجاً على مبدأ الفصل بين الاتهام والتحقيق الذي تبناه المشرع العراقي وبُنيت على أساسه أحكام قانون أُصول المحاكمات الجزائية كما أن قيام الادعاء العام بإجراء التحقيق يؤدي إلى التعارض مع دوره في مراقبة مشروعية الإجراءات والقرارات القضائية والطعن فيها في حال مخالفتها لأحكام القانون، إذ لا يمكن من الناحية العملية أن يكون الادعاء العام جهة تحقيقية وجهة مراقبة لمشروعية القرارات التي تصدرها بنفسها في ذات الوقت.
وكل ما قيل عن دور المؤسسات التنفيذية والمستقلة في مكافحة الفساد، مُمثلةً في ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة وكذلك دور الادعاء بوصفه جهازاً تابعاً لمجلس القضاء الأعلى فأنها جميعاً لا تغني ابداً عن دور القضاء، كما لم يغفل مجلس القضاء الأعلى خطورة جرائم الفساد المالي والإداري وفي هذا السبيل كان للمجلس دوره المتميز في مكافحة الفساد من خلال أمرين: الأول استحداث محاكم متخصصة في قضايا الفساد، والتشدد مع مرتكبي جرائم الفساد أملاً في ردعهم وردع الآخرين ومنعهم من ارتكابها. فعلى صعيد التخصص أستحدث مجلس القضاء الأعلى محاكم تحقيق النزاهة في كافة المحافظات، ومحكمة جنح النزاهة والجرائم الاقتصادية وغسيل الأموال في مقر محكمة استئناف بغداد/الرصافة الاتحادية. كما أُستحدث أخيراً وبمقتضى (قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39) لسنة 2015) محكمة جنايات متخصصة بقضايا غسيل الأموال.
وبما أن مسألة (التخصص) و (الاختصاص) لم تكن مسألة عبثية، ذلك أن الاختصاص من شأنه فهم القانون فقهاً وفهمه تطبيقاً، وبذلك نضمن حُسن تطبيق القانون على الوجه السليم. وبما أن جرائم الفساد المالي والإداري على غاية الخطورة كونها تمس نظام الدولة الاقتصادي والإداري في الصميم، إضافة الى كون (الاختصاص) من النظام العام لذا يلتزم القضاء في قراراته بمبدأ الاختصاص، من ذلك قرار لمحكمة التمييز الاتحادية جاء فيه: (لدى التدقيق والمداولة من الهيئة الموسعة الجزائية في محكمة التمييز الاتحادية، وجد أن قاضي محكمة التحقيق المختصة بقضايا النزاهة/بغداد كان قد قرر بتأريخ19/1/2015 إحالة الأوراق التحقيقية الخاصة بالمتهم (ع) محكمة تحقيق الكرخ لإكمال التحقيق فيها حسب الاختصاص النوعي، وإن المحكمة الأخيرة قررت وبتأريخ 18/5/2015 عرض الدعوى على هذه الهيئة لتحديد المحكمة المختصة نوعياً بنظر الدعوى، ولدى الرجوع إلى الأوراق التحقيقية والاطلاع على وقائع ومستندات التحقيق، والتي تمثلت بأقوال المتهم المذكور وإفادات الشهود، وأقوال الممثل القانوني لوزارة التجارة وعلى التحقيق الإداري فقد تبين من خلال ما تقدم قيام المتهم(ع) الذي كان يشغل منصب مستشاراً تجارياً في بكين بإقامة علاقات تجارية مع بعض التجار العراقيين وبعض الشركات العراقية والصينية مستغلاً بذلك صفته الوظيفية ولحسابه الخاص، مما يكون فعله مندرجاً تحت مفهوم قضايا الفساد المالي والإداري وحسب ما نصت عليه المادة الأولى من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم (30) لسنة 2011 (المعدل) ([18])، وبذلك تكون محكمة التحقيق المختصة بقضايا النزاهة / بغداد هي المحكمة المختصة نوعياً بنظر الدعوى، وإيداع الأوراق التحقيقية لديها لإكمال التحقيق فيها وفقاً لأحكام القانون…)([19]). وفي قرار آخر جاء فيه: (لدى التدقيق والمداولة من الهيئة الموسعة الجزائية في محكمة التمييز الاتحادية وجد أن المحكمة المختصة بالنظر بقضايا النزاهة بغداد أحالت الأوراق التحقيقية الخاصة بالمخالفات السنوية الاتحاد العام للتعاون الى محكمة تحقيق الرصافة الثانية، والتي عرضت الدعوى على هذه المحكمة لتحديد المحكمة المختصة. وبالرجوع الى إضبارة الدعوى، وجد أن موضوعها يتعلق بموضوع منح قروض دون أخذ ضمانات وإن موضوع هذه الجريمة يقع ضمن الاختصاص الوظيفي للمحكمة المختصة بالنظر في قضايا النزاهة، عليه قرر تعيين قاضي المحكمة المذكورة مختصاً بنظر هذه الدعوى، وإيداع الأوراق التحقيقية لديه لإكمال التحقيق فيها وفق أحكام القانون…) ([20]).
كما يتجه القضاء في أحكامه الى عدم شمول مرتكبي جرائم الفساد المالي والإداري من الإفادة من نظام وقف التنفيذ من ذلك قرار لمحكمة التمييز لإقليم كوردستان العراق جاء فيه: (لدى التدقيق والمداولة…كما وجد بأن قرار العقوبة هو الآخر صحيح، وأن العقوبة المحكوم بها على المتهم المذكور جاءت مناسبة ومتوازنة مع الجريمة المرتكبة وملابساتها قرر تصديقه أما بخصوص قرار إيقاف تنفيذ العقوبة الصادر في الدعوى أعلاه، فقد وجد بأنه غير صحيح ومخالف للقانون، لأن المحكمة المذكورة استدلت بالمادة (132/3) من قانون العقوبات لفرض العقوبة مخففة، فلا مبرر قانوناً للجوء الى الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة لأن ذلك يعتبر من قبيل تخفيف آخر للعقوبة، ولا يجوز قانوناً تخفيف العقوبة مرتين لصالح المحكوم، لذا قرر نقض الفقرة الحكمية المتعلقة بإيقاف التنفيذ وإعادة إضبارة الدعوى الى محكمتها لا صدار أمر القبض بحق المحكوم المذكور (ب) وفق المادة أعلاه، والقبض عليه وإيداعه في الحبس بموجب مذكرة أمر بالعقوبة…) ([21]).
وكذلك يتجه القضاء إلى استثناء مرتكبي جرائم الفساد المالي والإداري إذا ما تعلقت بالمال العام الى شموله بالاستثناء المنصوص عليه في قانون العفو رقم19 لسنة 2008، من ذلك قرار لمحكمة التمييز الاتحادية جاء فيه: (لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة الموسعة الجزائية… وحيث أن تخريب أموال الدولة عمداً يُعد وسيلة من وسائل الأضرار بتلك الأموال عمداً، وبالتالي تكون الجريمة مُستثناة من أحكام قانون العفو العام المشار إليه أعلاه…) ([22]).
ومن جميع ما تقدم، نرى أن تفعيل دور القضاء في التصدي لجرائم الفساد ومكافحتها، والتصدي للمفسدين بعقوبات رادعة، يتطلب أيضاً نصوصاً رادعه تُعين القضاء على مكافحة تلك الجرائم وعدم التهاون مع مرتكبيها. ولتحقيق ذلك نرتئي استحداث نص في قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة2011 يتضمن ما يأتي:
أولاً– عَدْ جميع جرائم الفساد المالي والإداري العمدية المنصوص عليها في القانون رقم 30 لسنة 2011جرائم مخلة بالشرف.
ثانياً– منع الاستدلال بأحكام المادة 144 من قانون العقوبات بشأن جميع جرائم الفساد المالي والإداري العمدية.
ثالثاً– حرمان جميع مرتكبي جرائم الفساد المالي والإداري العمدية من حق الاستفادة من قوانين العفو، ومن حق منحهم أعفاء خاص بمرسوم جمهوري.
رابعاً– حرمان جميع مرتكبي جرائم الفساد المالي والإداري العمدية من حق الاستفادة من احكام الافراج الشرطي.
المبحث الثاني: دور النصوص الجزائية في مكافحة الفساد
وسنحاول في هذا المبحث بيان صور الفساد المالي والإداري ومن ثم البحث في السبل الكفيلة في تفعيل النصوص الجزائية لمكافحة الفساد وذلك في المطلبين الآتيين:-
المطلب الأول: صور جرائم الفساد المالي والإداري
بغية مكافحة الفساد في جميع صوره فقد جرم المشرع العراقي الكثير من أنماط السلوك، إذ نظم الأحكام العامة بالجرائم والعقوبات ، فضلاً عن الأحكام الخاصة بكل جريمة على انفراد. و أن من أهم الجرائم التي تضمنها القسم الخاص من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 (المعدل) هي الجرائم المضرة بالمصلحة العامة، والتي تتعلق مجموعة منها بالموظف العام و الوظيفة العامة([23]) .و تتطلب هذه الجرائم لتحققها ركنين أساسيين هما الركن المادي والركن المعنوي , يتطلب الركن المادي لتحققه ثلاثة عناصر هي السلوك والنتيجة وعلاقة السببية , ويتطلب الركن المعنوي عنصري العلم و الإرادة أي لابد من أن يكون الجاني عالماً بأنه يرتكب سلوكاً جرمه القانون , مع اتجاه إراداته صوب القيام بذلك السلوك .
يمثل السلوك الإجرامي في الجرائم المضرة بالمصلحة العامة وباختصار بسلوك منحرف يمس الوظيفة العامة في الصميم، شاع عنها في المصطلح الفقهي بجرائم الفساد المالي والإداري([24])، ذلك لأن المشرع وعند تعريفه لمصطلح (قضية فساد) في المادة (1) من القانون رقم 30 لسنة2011 , حدد الجرائم المشمولة بمصطلح الفساد بجرائم الرشوة والاختلاس وتجاوز الموظفين لحدود وظائفهم … وجرائم أخرى. ولسنا في هذا المقام بصدد شرح هذه الجرائم من حيث أركانها وأحكامها مفصلاً، وانما سنقتصر في بحثنا على بيان أهم صور الفساد المالي والإداري وسنأخذ جريمتي الرشوة والاختلاس كإنموذجين بوصفهما الصورتين الأكثر شيوعاًً في مجال الفساد المالي والإداري ، وعليه سنقسم دراستنا على فرعين ، نخصص كل فرع للبحث في احدى هاتين الجريمتين.
الفرع الأول: جريمة الرشوة
تعد الرشوة من اخطر الجرائم التي تفتك بالمجتمع العراقي ، والرشوة بصورتها التقليدية فهي تعني وباختصار (الاتجار بالوظيفة)، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى تجريم الرشوة والتشدد مع مرتكبيها.
ومما تجدر الإشارة إليه أن التشريعات الجزائية تتجه في سياستها الجنائية إلى مذهبين: المذهب الأول , يرى في الرشوة جريمة واحدة، فالعرض والقبول جريمة واحدة تقع من الراشي والمرتشي كفاعلين أصليين. ويأخذ المشرع العراقي بهذا الاتجاه في المواد ( 307_310 ) من قانون العقوبات. أما المذهب الثاني , فقد أعتبر الرشوة مشتملةً على جريمتين مستقلتين، جريمة المرتشي، وجرية الراشي. ولذلك فأن فعل الراشي لا يعد اشتراكاً في جريمة المرتشي بل جريمــة مستقلـة. وبالنتيجة فأن مسؤوليـــة المرتشي تستقل عن مسؤولية الراشي. وهناك الكثير من التشريعات الجنائيـــــة التي تأخـــذ بهــــذا الاتجاه([25]).
وتبدو أهمية الأخذ بنظام وحدة الجريمة أو ثنائيتها في حالة ما إذا عَرَضَ صاحب الحاجة _ أو الوسيط _ رشوة على موظف فلم تُقبل منه. فأنه وبموجب نظام ثنائية الجريمة فأن صاحب الحاجة أو الوسيط يُعاقب وإن لم تُقبل الرشوة منه. أما بمقتضى نظام وحدة الجريمة فأنه يؤدي الى إفلات من عرض الرشوة ولم تقبل منه من العقاب. وبهدف تلافي حصول هذه النتيجة، اتجهت التشريعات التي تأخذ بوحدة الجريمة الى النص على تجريم مجرد عرض الرشوة وإن لم تلقَ القبول و اعتبرتها نوع خاص من جرائم الرشوة ، وهو ما أخذ به قانون العراقي في المادة (313) منه.
والآخذ بكلا النظامين لا شائبة فيه طالما أن الشرع قد أتجه الى تجــريم مجرد عرض الرشــوة وإن لم تلقى القبـــول، لكننــا نرى أن من عــرض الرشوة، أو توسط في تقديمها فهو قد عَبرَّ عن نيته الصريحة في إفساد ذمة الموظف وتحرك بهذا الاتجاه، وبما أن المشرع يُساوي في العقاب بين من يطلب الرشوة من صاحب الحاجة وإن لم يلقى القبول مع من يتسلَّم الرشوة فعلاً، فينبغي بتقديرنا المساواة كذلك في العقاب بين عرض الرشوة ولم يلقى عرضة القبول مع من يعرضها وتقبل منه. والمسوغ لهذا الرأي كما نرى أن من أسباب تفشيّ الرشوة في المجتمعات هم الراشون أنفسهم، فهم في كثير من الحالات السبب في جريمة الرشوة، فالراشي هو من يولدّ فكرة الرشوة لدى الموظف النزيه حيث يُغريه بالمال والهدايا. لذا نعتقد بضرورة تعديل المادة (313) من قانون العقوبات وجعل العقوبة المقررة للجريمة هي السجن لا تزيد على عشرة سنوات أو الحبس ، بدلاً من عقوبة الحبس أو الغرامة. فالتشديد بالعقوبة المقررة قانوناً من شأنه يُشيع في النفوس الخوف والتحرز من التورط في ارتكاب جريمة الرشوة، وبذلك تُفَعِّل من دور القانون في مكافحة جريمة الرشوة.
وجدير بالذكر أن كشف الجرائم من السبل المهمة لمكافحتها، وبخاصة في الجرائم الغامضة التي لم تصل الى علم السلطة. لذا اتجه المشرع الى اعتبار الاخبار الحاصل الى السلطة القضائية أو الإدارية من الراشي أو الوسيط فقط وقبل أتصال علم المحكمة بالدعوى عذراً معفياً من العقاب، وعُدَّ ذلك عذراً مخففاً من العقاب إذا حصل الِاخبار أو الاِعتراف بعد أتصال المحكمة بالدعوى عملاً بنص المادة ( 311 ) من قانون العقوبات([26]). غير أننا نعتقد أن الكشف عن الجريمة وفاعليها أمر على غاية الأهمية، والتشجيع على كشفها من سبل المكافحة المهمة. وعملياً لا نستبعد إمكانية ندم المرتشي على ما فعل، وإقدامه على الأخبار إذا ما أطمأن الى أنه مشمول بالعذر المعفي، لذا لا نرى بأساً من إمكانية شمول المرتشي بهذا العذر إذا ما تقدم طواعية بالأخبار قبل أتصال المحكمة بالدعوى غير أن ذلك يتطلب تدخلاً تشريعياً يقضي بتعديل المادة (311) آنفة الذكر .
ومما تجدر الاشارة إليه هو أن جريمة الرشوة من الجرائم المخلة بالشرف لخطورتها ومساسها بكيان الدولة والمجتمع، وحيثُ أنها مُفسدة للمرء فهي تجرده من أخلاقه وقيمه الاجتماعية، لذا تتجه محكمة التمييز الاتحادية نحو نقض قرارات الحكم كلما استدلت محكمة الموضوع بالمادة (144)من قانون العقوبات، من ذلك قرار لها جاء فيه: (لدى التدقيق والمداولة وجد أن كافة القرارات التي أصدرتها محكمة جنايات صلاح الدين… باستثناء قرار فرض عقوبة الحبس البسيط(لمدة سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ) كانت المحكمة المذكورة قد راعت عند إصدارها تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً، ولموافقة القرارات للقانون قرر تصديقها. أما بشأن العقوبة المقضي بها على المجرم(أ) وفق المادة 307/2من قانون العقوبات، وجد أنها غير صحيحة ولا تتناسب مع وقائع وظروف ارتكابها، لأن إيقاف تنفيذ العقوبة غير صحيح كون الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف، لذا قرر إعادة الدعوى الى محكمتها لأعاده النظر بالعقوبة بُغية فرضها دون إيقاف تنفيذ العقوبة) ([27]).
وجدير بالذكر أن القضاء المصري يذهب في بعض قراراته الى عـــــــــــد (الصفة الوظيفية مانعاً من موانع استعمال الرأفة بمقتضى المادة 17من قانون العقوبات المصري، لما توحي به هذه الجريمة من إخلال بالثقة المفترضة بالموظف) ([28]). ولتكون العقوبة المقررة لجريمة الرشوة _وكذا جرائم الفساد المالي والإداري عموماً_ والمشار إليها في قانون النزاهة رقم 30لسنة2011نرى ضرورة تعديل نص المادة144من قانون العقوبات وجعلها بالشكل الذي يُؤمن عدم شمول جرائم الفساد المالي والإداري بنظام وقف التنفيذ، وبذا يكون القانون عنصر ردع، وتكون الأحكام الجزائية أكثر فاعلية في مكافحة هذه الجرائم على وجه العموم.
الفرع الثاني: جريمة الاختلاس
أما بصدد جريمة الاختلاس فقد جرمها المشرع وبين اركانها، إذ يفترض توافر صفة معينة في الجاني هي أن يكون موظفاً أو مكلفاً بخدمة عامة، كما يفترض توافر الركن المادي المتمثل باختلاس مال الدولة أو إخفاؤه، أو المال الذي وضع في عُهدة الدولة لأي سبب كان. فالمادة 315من قانون العقوبات نصت على أنه: (يعاقب بالسجن كل موظف أو مكلف بخدمة عامة أختلس أو أخفى مالاً أو متاعاً أو رقة مُثبتة لحق أو غير ذلك مما في حيازته…). وعبارات النص جاءت عامة بحيث يدخل في مضمونها ما وُجد في حيازة الموظف من أموال تعود في حقيقتها للأفراد بحكم عمله الوظيفي، إذ لا يشترط أن يكون المال ملكاً للدولة على وجه التخصيص، وفي هذا السياق قرار لمحكمة استئناف القادسية بصفتها التمييزية جاء فيه: (لدى التدقيق والمداولة وجد أن قرار اللجنة القضائية المختصة بتطبيق أحكام قانون العفو رقم19لسنة2008 والمتضمن عدم شمول المتهم(م) بأحكام قانون العفو المذكور صحيح وموافق للقانون. حيث أن محكمة التحقيق كيفّت فعل المتهم المذكور وفق أحكام المادة316من قانون العقوبات، وهي من الجرائم المستثناة من الشمول بأحكامه حسب نص المادة(2/ثانياً_ ز) من أحكام قانون العفو المذكور. أما ما ورد بلائحة المُميز من الدفع كون تلك السيارات موضوع الدعوى غير عائدة للدولة، فأن هذا الدفع مردود، سيما وأن تلك السيارات من الممكن صدور قرار بمصادرتها عملاً بأحكام المادة(14/سادساً)من قانون المخدرات، باعتبار أن المتهمين المتاجرين بالمخدرات كانوا يستخدمون هذه السيارات كواسطة لنقل المخدرات التي ضبطت بحوزتهم، وبالتالي تصبح هذه السيارات من أموال الدولة إذا ما صودرت، عليه قرر تصديق القرار المميز…) ([29]).
كما لا يشترط أن يثبت بالدليل استيلاء الجاني على المال العام طالما أنه المسؤول عن حفظه وفي عُهدته مفتاح الخزانة، إذ يفترض فيمن يكون بعهدته مفتاح الخزانة أن يكون أكثر حرصاً على ما بعُهدته. وفي هذا السياق قرار لمحكمة التمييز الاتحادية جاء فيه: (لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة الموسعة في محكمة التمييز الاتحادية…وحيث أن الثابت في هذه الدعوى ومن أقوال الممثل القانوني لمصرف الرشيد أن هناك نقص في المبالغ المودعة في المصرف المذكور/ مصرف الكرمة، وقد ثبت من التحقيق الإداري مقصرية المتهمين، كون المتهم(س) يشغل منصب مدير المصرف، والمتهم(ي) يشغَل منصب رئيس أمناء الصندوق، وأن مفاتيح الغرفة الحصينة في المصرف بحوزتهما حصراً، ولم تخرج منهما، وأن المدير الجديد رفض استلام المفاتيح مالم تجري عملية جرد للموجودات. وبعد رفض المتهم(ي) لعملي الجرد، فقد تم تشكيل لجنة للجرد، وتَمَّت عملية الجرد بعد جلب النسخة الثانية من المفاتيح. وثبت من خلال الجرد وجود نقص في المالغ المودعة بالمصرف. وبالتالي فأن مسؤولية المتَهمين القانونية متحققة في هذه الدعوى، وإن أركان جريمة الاختلاس متوافرة في هذه الدعوى، وأن الوصف القانوني للجريمة ينطبق وأحكام المادة 315من قانون العقوبات وليس وفق المادة340 منه…) ([30]).
غير أن مما تجدر الاشارة إليه هو أن الكثير من جرائم الاختلاس ما يرتكب على شكل دفعات، قد تتخللها فترات زمنية. وبهذا الصدد يتعين ملاحظة المادة132 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة1971المعدل ونصها: ( آ_ إذا نُسب الى متهم ارتكاب جرائم متعددة فتتخذ الإجراءات ضده بدعوى واحدة في الأحوال الآتية:
1_ إذا كانت الجرائم ناتجة عن فعل واحد.
2_ إذا كانت الجرائم ناتجة عن أفعال مرتبطة ببعضها يجمع بينها غـــرض واحــــد.
3_ إذا كانت الجرائم من نوع واحد، ووقعت من المتهم نفسه على المجني عليه نفسه ولو في أزمان مختلفة.
4_ إذا كانت الجرائم من نوع واحد، ووقعت خلال سنة واحدة، على مجني عليهم متعددين، بشرط أن لا يزيد عددها على ثلاث في كل دعوى.
ب_ تعد الجرائم من نوع واحد إذا كانت معاقباً عليها بنوع واحد من العقاب بمُقتضى مادة واحدة من قانون واحد). وعبارات النص واضحة الدلالة_ وبخاصة ما ورد في البندين 2و3 من المادة132/آ من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فهي تُوحي بالتسامح وبخاصة مع من يرتكب جرائم الاختلاس بشكل دفعات، ويمكننا تصور أمين المخزن، أو المسؤول عن خزانة المصرف الذي يعمل فيه عند اختلاسه للأموال التي بعهدته في أزمان مختلفة، فهو يُحال بدعوى واحدة، ويعاقب بعقوبة واحدة. وبتقديرنا فأن تعدد النشاط الاجرامي، وتعدد الازمان أمور تُوحي بخطورة الجاني. كما أن حكم المادة(132/آ) المشار إليه آنفاً يدفع بالجاني بعد ارتكابه للدفعة الأولى من نشاطه الاجرامي الى التمادي في ذلك النشاط. وحيث أن السياسة الجنائية لكي تكون رادعة ينبغي أن تَتسمَّ بالتَشدد وبخاصة إذا ما تعلقت بجرائم الفساد المالي والإداري، لذا ندعو المشرع الى تعديل البندين(2و3) من المادة (132/آ) الأصول وذلك بجعل جرائم الفساد المالي والإداري مستثناة من أحكامها. ولهذا التعديل ما يسوغه إذ من شأنه تعدد الجرائم بتعدد النشاط، وتعدد العقوبات بتعددها وتنفيذها بالتعاقب، وبذلك نضمن تحقيق عامل الردع وتفعيل النص القانوني وجعله أكثر قدرة على مكافحة الجرائم وبخاصة جريمة الاختلاس.
من جانب آخر لم يغفل المشرع أهمية المال العام وضرورة استرداده من خلال أحكام القرار رقم(120) لسنة1994 الصادر عن مجلس قيادة الثورة (المنحل) وبمقتضاه لا يجوز إطلاق سراح المحكوم مالم يسدد كامل ما بذمته من أموال الدولة، ويسير القضاء على هذا النهج في قراراته، من ذلك قرار لمحكمة جنايات كركوك، قررت بموجبه: (تجريم المتهمة(ن) على وفق أحكام المادة 315 عقوبات لكفاية الأدلة ضدها عن جريمة اختلاس مبالغ كبيرة من المال من المعهد التقني في كركوك، كونها أمينة صندوق في المعهد المذكور، وحكمت عليها بالحبس الشديد لمدة ثلاث سنوات بدلالة المادة132/3 من قانون العقوبات، مع احتساب مدة موقوفيتها وإلزام المتهمة بإعادة المبلغ المختلس وعدم إخلاء سبيلها من التوقيف الابعد تسديدها المبلغ المختلس استناداً لأحكام القرار120لسنة 1994الصادر عن مجلس قيادة الثورة (المنحل). طعن رئيس هيئة النزاهة إضافة لوظيفته…أعلاه وطلب نقضه…كما طعنت المتهمة(ن) وطلبت نقضه…ولعلاقة الطعنين بموضوع واحد قرر توحيدها بدعوى واحدة). وقد تم التصديق على القرار تمييزاً([31]).
ولكن المحكمة الاتحادية العليا في العراق وفي قرار لها صدر مؤخراً تراجعت عن هذا المبدأ و قررت بأن الاستمرار بسجن المدان مخالف للاتفاقيات الدولية .
كما لم يَغفل المشرع _حماية المال العام_ عند إصداره لقانون العفو رقم(19) لسنة 2008بأستثنائه لجريمة تخريب أموال الدولة عمداً من أحكامه. وبهذا الصدد قرار لمحكمة التمييز الاتحادية جاء فيه: (لدى التدقيق والمداولة من قبل الهية الموسعة الجزائية في محكمة التمييز الاتحادية وجد أن اللجنة القضائية المختصة بنظر قضايا الأحداث والنساء في رئاسة محكمة استئناف بغداد/الكرخ الاتحادية قررت…وقف الإجراءات القانونية بحق المتهمة المكلفة (ز) وقفاً نهائياً استناداً لأحكام قانون العفو المرقم (19) لسنة 2008. ولعدم قناعة المميزة نائبة المدعي العام أمام اللجنة المذكورة بالقرار أعلاه، طلبت نقضه للأسباب الواردة في لائحتها…قررت رئاسة محكمة استئناف بغداد/الكرخ الاتحادية بصفتها التمييزية…نقض القرار المشار إليه أعلاه، لأن التهمة المسندة إلى المذكورة وفق أحكام المادة(340) من قانون العقوبات، وتُعد هَدراً للمال العام وهو شكل من أشكال تخريب أموال الدولة المستثناة من أحكام قانون العفو العام استناداً للمادة (2/ثانياً/ز) منه. طلب التدخل التمييزي المدعي العام أمام المحكمة الجنائية المركزية/الهيئة الثانية…التدخل تمييزاً بالقرار أعلاه ونقضه لأن الجرائم المرتكبة ضمن المادة(340) من قانون العقوبات ليست من جرائم الاختلاس أو إتلاف أموال الدولة حتى يمكن شمولها بالاستثناء المنصوص عليه في المادة(2/ثانياً/ز) من قانون العفو العام.
ولدى إمعان النظر بأوراق الدعوى والقرارات الصادرة فيها من لدن هذه الهيئة فقد وجد أن محكمة التحقيق المركزية في بغداد/الكرخ أحالت المتهمة(ز) على محكمة الجنايات المركزية لأجراء محاكمته وفق أحكام المادة (340) من قانون العقوبات، وتعاقب هذه المادة كل موظف أو مكلف بخدمة أحدث عمداً ضرراً بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل فيها، أو يتصل بها بحكم وظيفته، أو بأموال الاشخاص المعهود بها إليه، بالسجن لمدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس. وعند صدور قانون العفو المرقم 19لسنة2008 أستثنى من أحكامه مجموعة من الجرائم الواردة في المادة الثانية منه ومن هذه الجرائم (جرائم اختلاس أموال الدولة أو تخريبها عمداً) المنصوص عليها في الفقرة (ثانياً/ز) من المادة المذكورة. وحيثُ أن تخريب أموال الدولة عمداً يُعد وسيلة من وسائل الأضرار بتلك الأموال، وبذلك فأن جريمة تخريب أموال الدولة عمداً تدخل ضمن جرائم الأضرار بتلك الأموال عمداً. وبالتالي تكون الجريمة الأخيرة مُستثناة من أحكام قانون العفو العام المشار إليه أعلاه. وعليه فأن القرار المطلوب التدخل فيه تمييزاً جاء خالياً من أي خطأ قانوني يستوجب التدخل به تمييزاً حسب صلاحية محكمة التمييز الاتحادية المنصوص عليها في المادة (264/آ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لذا قرر رد طلب التدخل التمييزي…) ([32]).
وحسناً فعل المشرع بهذا الاستثناء، لكنا لا نرى أهمية كبيرة لهذا الاستثناء، فهو استثناءً لا غير، بل ندعو الى تفعيل أحكامه بجعله قاعدة، وذلك من خلال تعديل نص المادة (153) من قانون العقوبات بإضافة فقرة جديدة تتضمن: (لا يطلق سراح المشمول بقانون العفو العام مالم يُسدد كامل ما بذمته من أموال الدولة). وتعديل نص المادة (154) من ذات القانون بإضافة فقرة جديدة إليها تتضمن: ( لا يطلق سراح المشمول برسوم العفو الخاص مالم يُسدد كامل ما بذمته من أموال الدولة). وبالتعديل المقترح نضمن عدم الحاجة الى الاستدلال بقرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) والمشار إليه آنفاً، فيكفي أن نقول عنه أنه صادر عن (مجلس منحل) و لا داعي بتقديرنا الى الاستمرار بالإشارة الى قرارات صدرت في ظله. كما نضمن في الوقت نفسه ضمان استرداد أموال الدولة أو قيمتها. ونضمن أخيراً بالنص المقترح استرداد أموال الدولة أو قيمتها عن كل جريمة أضرت بأموال الدولة، اختلاساً كانت أو تخريباً، أو أية جريمة أخرى، وبذلك نجعل من القانون عنصراً فاعلاً في مكافحة جرائم الفساد المالي والإداري.
المطلب الثاني: سبل تفعيل النصوص الجزائية للحد من جرائم الفساد
سنحاول في هذا المطلب بيان مدى فاعلية النصوص القانونية ذات الصلة في مكافحة جرائم الفساد ، وبيان مواضع القصور التشريعي في مجالي التجريم والعقاب. فالسياسة التشريعية تتطلب عملية إصلاح قانوني للتشريعات ذات الصلة ولعل من ابرز الخطوات الواجب اتخاذها لتفعيل النصوص العقابية للحد من جرائم الفساد هي ما يأتي:-
- إعادة النظر بالنصوص القانونية ذات الصلة بجرائم الفساد المالي والإداري من حيث أحكامها العامة من جهة، ومن حيث العقوبات المقررة لها من جهة أخرى .
- معالجة حالات القصور التشريعي في تجريم الأفعال المستجدة في مجال الفساد، سواءً تلك التي أشارت إليها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004 أو تلك التي لم تتناولها الاتفاقية.
وبالرجوع إلى الاتفاقية المذكورة آنفاً نجد أنها تتضمن في الفصل الثالث ( المواد 15_59 ) منها بيان للجرائم الواجب العمل على مكافحتها باعتبارها جرائم فساد، ومن بين تلك الجرائم : الرشوة ، وتشمل رشوة الموظفين المحليين، ورشوة الموظفين الاجانب، ورشوة الموظفين في المنظمات الدولية، والرشوة في القطاع الخاص. أذ دعت الاتفاقية جميع الدول الأطراف الى الوفاء بتعهداتها ومن ذلك تجريم الافعال المتقدمـــة ضـــــمن تشـــــريعاتها المحليــــة.
3-يضــــــــــــــاف إلى ما تقــــدم فـــأن هنـــاك صـــوراً مـن الأفعـــال أصـــبحت فـي العـــراق تمثــــل عنوانـــــــاً للفســــاد المــــالي والإداري، أُطلــــق عليها مصــطلح (الــــــــــــــفضائيين ) و (التوظيــــف المــزدوج ) .أما الفضائيين([33])، فهو مصطلح يراد به تعيين شخص في وظيفة ما، غير أن الشخص المُعيّن إما أن يكون شخصاً وهمياً جرى تعيينه بوثائق مزورة، وإما أن يتفق الشخص المُعيَّن مع مسؤوله المباشر على اقتسام الراتب المخصص له من دون أن يقدم للدولة خدمة ما، أو أن يكون الشخص المُعين من المقربين للموظف المسؤول، أو المحسوبين علـى جهـــــة سياسية معينة، فيعفــــــى علـى هـذا الأســــــاس مـن الــدوام وبصـــورة غيــر رســــمية.
4-وأما التوظيف المزدوج([34])، فنعني به الموظف أو المكلف بخدمة عامة والمستمر بالخدمة، في حالة تعيينه بوظيفة أخرى، فيتقاضى في هذه الحالة راتبان في آن واحد. وبهذا الصدد يلاحظ أن ظاهرة (الفضائيين) و (التوظيف المزدوج ) رغم خطورتها على المجتمع وعلى سير العمل في مرافق الدولة كونها تُمثل عمالة وهمية، فأن خطورتها أكبر في المؤسسات العسكرية والأمنية، كونها تُمثل قُوةٌّ وهمية. وبالرجوع الى قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل، يلاحظ أن القانون وإن كان يعاقِب على العمالة الوهمية في المادة (320 ) والتي من الممكن أن تشمل جريمة ( الفضائيين ) ([35])، لكن لم نجد نصاً يعاقب على ظاهرة (التوظيف المزدوج )، كما أن الفعل بهذه الصورة لا يمكن تكييفه على أنه جريمة جنائية، إذ لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص.
لذا لم يكن بالإمكان مساءلة ة الفاعل جنائيا، إنما يتعين مساءلته تأديبياً من خلال معاقبته انضباطياً من قبل دائرته التي ينتسب إليها ابتداءً ومن ثم فصله من وظيفته الثانية التي حصل على التعيين فيهـــا بلا وجـه حـــق. مع إلزامه من خلال الدعوى المدنية بإعادة الرواتب والمخصصات وأية مبالغ أخرى تقاضاها بناءً على هذا الـتـــعيين الخـــــاطئ. مــع مطالبتــــــه بالتعويـــــض إن كــان له مقتضــى. ولوضع حد لهذا النوع الخطير من صور الفساد ندعو المشرع الى استحداث نصـــوص قانونيــة لمعالجة هذا النوع مـن الســـلوك في تجريمه وتحديد العقوبة المناسبة له ، لزجر الجاني وردع غيره للحد من ارتكابها مستقبلاً .
المبحث الثالث: دور النصوص الجزائية في مكافحة الفساد في القطاع الخاص
لقد تباينت النظم القانونية التي تحكم العاملين في الجهات الإدارية سواء العامة منها او الخاصة لا سيما بعد ازدياد اعدادهم، لذلك استقر الفقه او القضاء والتشريعات القانونية كذلك الى تقسيمهم على فئتين: الأولى يطلق عليها وصف “الموظفين العامين” وهؤلاء يخضعون لقواعد القانون الإداري ونظام الخدمة المدنية .
أما الفئة الثانية فيطلق عليها وصف “المستخدمين العاديين أو العمال” وهؤلاء يخضعون لأحكام وقواعد القانون الخاص وقانون العمل ([36]).والفئة الاخيرة هي التي ستكون محور دراستنا في هذا المبحث ،إذ أن فلسفة تجريم الفساد في القطاع الخاص تقتضي منا البحث حول المصلحة التي دفعت بالمشرع إلى تجريم الفساد في هذا القطاع، ومن ثم الوقوف على طبيعة نص التجريم، من خلال تقسيم هذا المبحث على مطلبين خصصنا الأول للمصلحة المعتبرة في التجريم والثاني: لبيان اسلوب الصياغة التشريعية المتبع في تجريم الفساد في القطاع الخاص ،وعلى النحو الآتي بيانه:
المطلب الأول: المصلحة المعتبرة في تجريم الفساد في القطاع الخاص
تتضمن فلسفة التجريم بيان المصالح والقيم التي قدر لها المشرع أن تكون جديرة بالحماية الجنائية، وأوجب منع الحاق الضرر بتلك المصالح أو تدميرها أو اهدارها كلياً أو حتى جزئياً، أو أي تهديد آخر بانتهاكها، لأن الأضرار الجنائية ماهي في الحقيقة إلا نشاط يخل بالحياة الاجتماعية واستقرار الأفراد، ويُلحق الأذى بالمصالح المحمية التي أحصاها المشرع وجرم أي سلوك يعتدي عليها، وبينها بشكل واضح في نصوص تلحقها بالأفعال التي تتصف بالتجريم أو الاعتداء، كما وتتضمن فلسفة التجريم كذلك بيان العقوبات والتدابير التي حددها المشرع بشكل يتناسب وكل فعل إجرامي ، وهذا كله ضمن نصوص عقابية محددة تبين النتائج الضارة التي تستلزم العقاب وما يُقابلها من جزاء ملائم تطبيقاً لمبدأ الشرعية المعروف في القانون الجنائي بمبدأ ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”، إذ أنه لا يمكن اعتبار أي ضرر اجتماعي على أنه ضرراً جنائياً لأن الحقيقة أن الاضرار الاجتماعية كثيرة وغير محدودة في حين أن الاضرار الجنائية محددة على سبيل الحصر([37]).
ويبرز دور المشرع في تحديد المصلحة المعتبرة حين يتخذ من المصلحة التي يقع عليها الاعتداء كأساس للتميز بين ما يُشكل اعتداءً على حق فردي واحد أو عدة أفراد، وبين ما يُشكل اعتداءً على حق المجتمع بأكمله، فحين يكون محل الاعتداء حماية المصلحة العامة للدولة، أو حماية المال العام، أو حماية الاقتصاد الوطني من الانهيار، فأن العدوان في هذه الحالة يشكل مساس بالمصلحة محل الحماية القانونية، وهذه المصلحة تتمثل بالمصلحة العامة، لاسيما وأن جرائم الفساد المالي والاداري تُعتبر من الجرائم المُضرة بالمصلحة العامة، فمحل الاعتداء في هذه الحالة هي مصلحة المجتمع بأكملهِ لذلك يطلق عليها بالجرائم المُضرة بالمصلحة العامة ([38]).
وعلى الرغم من أن المصلحة المُعتبرة للجرائم المضرة بالمصلحة العامة هي حماية المجتمع، إلا أن المشرع لا يغفل أبداً أخذ المصالح الجزئية لكل جريمة على حدة بعين الاعتبار فالمصلحة المعتبرة لتجريم الرشوة هي حماية المصلحة القانونية التي قد تُهدر بسبب ارتكاب جريمة الرشوة وهي حسن أداء الوظيفة العامة بالنسبة للرشوة في القطاع العام وحسن استخدام السلطة وعدم اساءتها بالنسبة لتجريم الرشوة في القطاع الخاص ومنع الاتجار فيها والارتقاء بها عن المستوى الذي يجعل منها بمستوى السلع ويجردها من سموها على اعتبارها خدمات تحقق مصلحة المجموع وما يمكن أن تخلفهُ من عواقب وخيمة بالنسبة للفرد والمجتمع بشكل متساوي ([39]).
أما بالنسبة للمصلحة المُعتبرة لتجريم خيانة الأمانة في القطاع الخاص فتتمثل بحماية الثقة العامة داخل المجتمع، حيث أن الاستيلاء على المال محل الجريمة يُهدد الثقة، ويُزعزع الترابط الاجتماعي، ويُضعف الثقة المعهودة في الأمين ([40]) ، إذ أن علة التجريم هنا تكمن في رغبة المشرع بحماية الائتمان في المعاملات الخاصة، فأن المشرع أراد بذلك حماية مصلحة هامة وهي الثقة في التعاملات، فالعبرة في هذه الحالة ليست بالاعتداء على المالِ فقط وإنما هي المساس بالثقة التي تكونت بين الجاني وبين الجهة التي يعمل فيها، مما يؤدي إلى انتشار الإساءة والعبث بالائتمان الخاص بالشكل الذي ينعكس سلباً على الثقة والاطمئنان، أذ أن حماية الائتمان أصبح مسألة ضرورية تدعو الى تدخل المشرع الجنائي في تجريمها لكونها ثقة اعتبرها المشرع جديرة بالحماية لكي تسود حسن النية في التعامل ([41]).
فالحماية القانونية التي يبتغيها المشرع الجزائي هي حماية المصلحة التي تُعتبر أساس التجريم، والتي يُعول عليها في رسم السياسة الجزائية، حيث أن الجريمة لم تعد مجرد خرق لقاعدة قانونية معينة، بل هي اضرار أو اعتداء أو انتهاك على تلك المصلحة التي يحميها القانون، وهي ما يُعبر عنها بـ “عدم المشروعية الموضوعية” والتي تعني المساس بالمصلحة التي يتولى القانون حمايتها، وهذه المصلحة هي المصلحة الاجتماعية الغالبة ([42]).
وقد تزايد الاهتمام بموضوع الفساد في القطاع الخاص وقضاياه منذ النصف الثاني من ثمانينيات القرن المنصرم وذلك نظراً لما يُخلفه الفساد من اثاراً سلبية على العملية التنموية لكل بلد إذ أن اغلب الدراسات والبحوث تُشير الى علاقة الاستثمار بالتنمية الاقتصادية والانعكاسات التي يمكن أن يُخلفها الفساد على هذه التنمية ([43]).
فظاهرة الفساد في القطاع الخاص من حيث تأثيرها تنطوي على مستويين أحدهما داخلي والأخر خارجي فعلى المستوى الداخلي فأنها تحرف السلوك الأخلاقي عن مساره الطبيعي مخلفة بذلك تصدعاً كبيراً للقيم الأخلاقية والاجتماعية وتفاوتاً كبيراً في المستوى الاقتصادي لأفراد المجتمع وتمكين ذوي النفوذ من تحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب مصلحة المجموع، أما على المستوى الخارجي فأنها تُضعف الثقة بالدولة في محيطها الدولي، وتنال من امكانياتها الاقتصادية، وتؤثر بمركزها السياسي وهيبتها في الخارج والداخل لاسيما بعد أن بات القطاع الخاص المحرك الديناميكي الأساسي للسياسة الاقتصادية التنموية في الدولة ([44])
ونظراً لأهمية القطاع الخاص ودوره المذكور في العملية التنموية برزت رغبة المشرع لتجريمه، فالمصلحة المُعتبرة لتجريم الفساد في القطاع الخاص تكمن في تدخل المشرع بإصدار نصوص قانونية آمره يفرضها على الكافة حين يكون هنالك تنازع بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة لتغليب المصلحة العامة لكونها هي الأهم، فإذا ما انتفت تلك الأخيرة فانه ينتفي بالتالي المبرر المنطقي والقانوني لإصدار ذلك التشريع ([45]). وبعد أن كانت جرائم الفساد المالي والإداري مقتصره على القطاع العام وعلى ما يرتكبه الموظف العام من سلوكيات تُضر بالمصلحة العامة وبالوظيفة العامة التي أوجب عليه القانون حمايتها، أصبح هنالك توجه عالمي لتجريم الفساد في القطاع الخاص، ذلك الفساد الذي يرتكب من قبل اشخاص ليس لهم علاقة بالوظيفة العامة، ولعل الأسباب التي تدعو الى ذلك عديده منها خرق القوانين والأنظمة والتعليمات من قبل جهات متنفذة قائمة على القطاع الخاص لها منافع شخصية تفوق وتتجاوز المصلحة العامة، وانعدام أو ضعف المساءلة، وانهيار القيم الأخلاقية في المجتمع وتآكل المُثل العليا التي ترفع من شأن الصالح العام([46]).لا سيما بعد أن أصبحت ممارسات الفساد في القطاع الخاص غير قاصرة على الممارسات الفردية الخاصة وإنما باتت تتحرك من خلال أطر شبكية منظمة وواسعة بحيث تشكل نوعاً من المؤسسية في أطار تلك المنظومات الشبكية مما يؤدي إلى إعادة توزيع الدخل بشكل غير مشروع مسبباً تحولات غير مألوفة في التركيبة الاجتماعية كالتفاوت الاجتماعي وخلق حالات من التوتر وعدم الاستقرار السياسي ([47]).
وبعد أن أصبح الفساد القطاع الخاص ظاهرة عالمية واتجاه الدول إلى تجريمه حاول المشرع العراقي مسايرة الركب وتجريمه بنصوص قانونية جديدة حيث أن المبادئ الأساسية التي تضمنها قانون التعديل الأول لقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع (رقم 30 لسنة 2019) هي “رفع مستوى النزاهة، ومحاربة الفساد وحماية المال العام، ولمنع تعارض المصالح الخاصة مع المصلحة العامة، ولضمان مشروعية مصادر تمويل التنظيمات السياسية وغير الحكومية، ولغرض مد صلاحيات هيئة النزاهة الى الجرائم المرتكبة في الاتحادات والنقابات والمنظمات غير الحكومية والجمعيات المهنية وللاستجابة لالتزامات العراق الدولية تم تشريع هذا القانون” ([48]).لذلك يمكن القول إن الاعتبارات الفلسفية لتجريم الفساد في القطاع الخاص ناتجه عن مشروعية المصلحة المُعتبرة محل التجريم مما دفع بأغلب بالمشرعين الى التشديد على جرائم الفساد واعتبار اغلبها من قبيل الجناية وذلك لكون الحق المعتدى عليه في تلك الجرائم يصيب المجتمع بأكمله ([49]).
المطلب الثاني: الصياغة التشريعية لتجريم الفساد في القطاع الخاص
سنحاول في هذا المطلب بيان الصياغة التشريعية وفقاً لما جاء في قانون التعديل الأول رقم 30 لسنة 2019 لقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع من حيث الإحالة الضمنية على قانون العقوبات، وتجزئة نص التجريم وكما سيأتي توضيحه.
الفرع الاول: الإحالة الضمنية على قانون العقوبات
إن القوانين الجنائية الخاصة مهمتها سد الثغرات التي تعتري أو تنتاب قوانين العقاب الاساسية والعامة، فالغرض منها حماية مصالح طارئة تستوجب الحماية وقد تكون هذه المصالح متغيرة تستلزم التعديل مستقبلاَ، وقد تكون معدلةً أو مكملةً لبعض احكام قانون العقوبات الأصلي([50]).
ونظراً للتحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها معظم المجتمعات وما أفرزته هذه التحولات من نماذج سلوك مستحدثة كجرائم الفساد المرتكب في القطاع الخاص ، فقد أدرك المشرع مدى خطورتها على المجتمع ومدى تهديدها لمصالحه مما عمد به إلى مواجهتها بنصوص تشريعية جديدة تمثلت بتوسيعه لنطاق التجريم والعقاب من خلال استحداثه لنصوص تشريعية جديدة لمواجهة تلك المتغيرات، والتي قد يقف قانون العقوبات في أحيان كثيرة عاجزاً عن مواجهتها. فتكون هذه النصوص متضمنه لإحكاماً خاصة جديدة أو احكام معدلة أو مكملة أو مخصصة لقانون العقوبات ([51]).فعلى الرغم من أن قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع (رقم 30 لسنة 2011) المعدل هو قانون خاص ويُعتبر من التشريعات الجنائية الخاصة إلا أنه أحال إلى قانون العقوبات مسألة تحديد الجزاء المناسب عن جرائم الفساد المالي والإداري في القطاع الخاص ، على الرغم من أنه كان الأولى به تحديد الجزاء إضافة إلى التجريم لان قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل، لم يجرم الفساد في القطاع الخاص، أضافة إلى أن نصوصه الخاصة بتجريم الفساد لم تعد تواكب التطور الذي طرأ على مفهوم الفساد وامكانياته، حيث أن نصوصه وضعت لزمن ولمجتمع ولظروف مختلفة عما هي عليه اليوم.
فمن التعديلات الجوهرية التي أدخلها المشرع العراقي على قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع هي تجريمه لبعض صور الفساد المالي والإداري المرتكب في القطاع الخاص إذا تعلق الامر وفي حدود تعلق الأمر بالقطاع العام وهذا حسب ما جاء في نص المادة (1) من البند (ثالثاً / ب) ([52])،فالمُلاحظ على النص الجزائي أنه اكتفى بتحديد صور جرائم الفساد المالي والإداري في القطاع الخاص وهي جريمتي (خيانة الأمانة والرشوة) دون أن يحدد العقاب المناسب لها، على العكس من موقفه بالنسبة لجريمة الكسب غير المشروع حين حدد لها عقوبة عند مخالفة أحكام هذا القانون بشأن الكسب غير المشروع بالحبس أو السجن حسب الاحوال ورد قيمة الكسب غير المشروع إضافة إلى عزل الموظف عن الخدمة واعفاء المكلف غير الموظف من منصبهِ ([53]).
والتساؤل المثار هنا هو لماذا لم ينص قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع على النصوص العقابية لهذا الجرائم كما هو الحال بالنسبة لجريمة الكسب غير المشروع التي أورد لها نصوصاً عقابية في ذات القانون؟ وهل هذا يعني أنه قد أحال بشأن العقوبة عن هذه الجرائم إلى قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 (المعدل).
فمبدأ الشرعية يقتضي أن النص على الفعل أو الامتناع عنه هو المعيار لاعتباره جريمة ولاتخاذ الإجراءات عنه، وفرض العقوبات واتخاذ التدابير على مرتكبه ِ، فالتجريم والعقاب يجسدان بقانون العقوبات بوصفه القانون العقابي الذي يتضمن أو يحتوي على أغلب نصوص التجريم والعقاب.
أن النص على هذه الجرائم في قانون الهيئة يرجع إلى كون أن هذا القانون هو القانون المعني بمكافحة الفساد في العراق، ومن الطبيعي أنه يجرم أفعال على قدرٍ من الأهميةِ أغفل قانون العقوبات تجريمها هذا من جانب.
ومن جانب آخر أن المشرع قد وصف العاملين في الجهات التي جرم الفساد فيها بالمكلفين بخدة عامة، فبالرجوع لنص المادة (1) من البند (ثالثاً / ب) المشار اليها انفاً التي حددت صور الفساد المرتكب من غير الموظفين التي استحدثها المشرع بموجب التعديل، وكذلك نص المادة (19) الفقرة (ثامناً) التي نصت على انه ” يُعد مرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في البند (ثالثاً / ب) من المادة (1) من هذا القانون مكلفاً بخدمة عامة لأغراض تطبيق احكام هذا القانون واحكام قانون العقوبات” وأن النصوص الجزائية الواردة في قانون العقوبات لا سيما تلك المضرة بالمصلحة العامة تسري على الموظف والمكلف بخدمة عامة على حدٍ سواء.
وبما أن الثابت إن المشرع قد اكتفى بتحديد صور جرائم الفساد المالي والإداري التي تُرتكب من غير الموظفين والذين اعتبرهم مكلفين بخدمة عامة لإمكان مسائلتهم جزائياً وشمولهم بالملاحقة من قبل هيئة النزاهة وأحال ضمناً إلى قانون العقوبات تحديد العقوبة التي تناسب جريمتي خيانة الأمانة وفق المواد (453-455) والرشوة وفق المواد (307-314) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وتعديلاته.
الفرع الثاني: تجزئة نص التجريم
أن معيار الضرورة الذي يسلكه المشرع عادةً في التجريم هو لغرض أجراء الموازنة بين الأهمية الاجتماعية التي يُريد المشرع حمايتها من خلال تجريم الاعتداء عليها، وبين الأثر الذي يمكن أن يترتب على ذلك التجريم، وتتحقق الضرورة إذا كانت المصلحة الاجتماعية تُبرر فرض أي قيود على الحرية من خلال التجريم وبعكسه فأن فرض أي قيود لا تتفق وتلك الأهمية يُعتبر تدخلاً من جانب المشرع وأفراطاً في التشريع دونما ضرورة ([54]).
وحيث أن ما تتضمنهُ القاعدة الجنائية من شقي التجريم والعقاب، فأن ذلك يُبرهن عن مدى احترام المشرع لمبدأ الشرعية الجزائية، فحين يلجأ المشرع إلى التعبير عن إراداتهِ في التجريمِ والعقابِ عن أفعال مُعينة فأنه يستجيب بذلك لقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص والتي ما هي إلا إفراغ “لمبدأ الشرعية الجنائية في قالب النص الجنائي” ([55]).
فالتفسير المنطقي لسياسة المشرع في تجزئة نص التجريم هي حرصهُ على التنسيقِ بين الحماية التي يكفلها قانون العقوبات، وبين الحماية التي تتولى قوانين أخرى كفالتها، فإذا وجد المشرع أن الحماية التي تكفلها هذه القوانين كافية، فأنه يُقيدها في أضيق نطاق، أما إذا وجد أنها غير كافية أو لم تستوعب الخطورة التي دعت إلى التجريم فأنه يجتهد في اكمالها من خلال العقاب الذي يفرضه ([56]).
وبما أن النصوص الجزائية المستحدثة لا يمكن وصفها بانها ضرورية إلا إذ كانت تهدف لمعالجة مسألة أو وضع معين وبشكل يتناسب وتلك الضرورة، فأن هذه الضرورة الاجتماعية لتجريم الفساد في القطاع الخاص فرضت على المشرع استحداث نصوص جزائية خاصة لتجريمها، وهذا ما أخذ به المشرع في تعديل قانون هيئة النزاهة، فبعد أن أصبح الفساد في القطاع الخاص ظاهرة مستشريه في العراق ([57])، لجأ المشرع إلى تجريمهِ بنصوص قانونية خاصة، حين اعتبر بعض الافعال التي تقع من فئات معينة من غير الموظفين تُعد من قبيل جرائم الفساد.
إلا أن استعمال المشرع لأسلوب الإحالة في النص الجزائي يجعل من هذا النص يُصنف ضمن النصوص المجزأة , إذ أنه تولى توزيع شقيها التجريمي والعقابي بين نصين جزائيين. وهذه النصوص المجزأة قد توجد موزعة في ذات القانون أو في قانونين مختلفين متعاصرين أو متعاقبين ([58]).
وهذا ما حدث بالفعل إذ أن النص الجزائي الخاص المُستحدث وفقاً للتعديل الأخير قد جزء التجريم والعقاب بين نصي قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع من حيث التجريم، وبين قانون العقوبات من حيث العقاب الواجب تطبيقه على مرتكبي جرائم الفساد في القطاع الخاص لأنه اكتفى بالتجريم دونما تحديد للعقوبة.
والحقيقة أن القصور التشريعي في مكافحة الفساد في القطاع الخاص في قانون العقوبات العراقي، وتأخره مقارنة بالقوانين العقابية الأخرى التي جرمتهُ منذُ زمن طويل دفع إلى استحداث نصوص جزائية خاصة إلا هذه النصوص لم تكن بمستوى الطموح.
فقد تناثرت تلك النصوص في ثنايا القانونين حين أحالت إلى قانون العقوبات مسألة تحديد العقاب مما أدى إلى تجزئتها وتشظيها وهذا قد يكون سببه التسرع في التقنين وإصدار التشريع بسبب تنامي الجرائم المستحدثة، أو ضعف الصياغة التشريعية ([59]) على الرغم من أن النصوص الواردة في قانون العقوبات والمطبقة حالياً على جرائم الفساد هي نصوص جامدة لا تتيح التوسع أو التشديد في العقاب على مرتكبي جرائم الفساد في القطاع الخاص التي تُعد أكثر خطورة فالقاضي ملزم بتطبيقها كما هي ([60]).
أن الفراغ التشريعي في النصِ الجنائي ما هو إلا أغفال يقصدهُ المشرع لإضفاء نوع من المرونة على النص لاستيعاب المستجدات المستقبلية ([61])، أما النقص في النص التشريعي الجنائي فيعني عدم اكتمال النص كأغفال كلمة أو حرف أو أكثر على النحو الذي يتعذر معهُ فهم المقصود من النص أو استنباط المعنى أو الحكم المراد منه ([62])، في حين أن الغموض في النص التشريعي الجنائي فُيقصد به أن فهم المراد من النص يتوقف على أمر خارج عن صيغة ذلك النص أو عباراته، أي أن صيغتهُ لا تدل على الحكم أو المعنى المراد منه.
صفوة القول فإن ما يعتري نص تجريم الفساد في القطاع الخاص ما هو إلا قصور تشريع ،لخلو القانون من حكمٍ للوقائع التي جرمها، لا سيما وأن هذا النوع من الجرائم تُعتبر مستحدثة في التشريع العراقي لم يسبق لأي تشريعات أخرى التطرق اليها، وأن قانون العقوبات العراقي لم يتطرق لها أطلاقاً مقارنة بباقي التشريعات التي جرمتها قوانينها العقابية منذ وقت ليس بقريب، لكي يتولى الإحالة إلى قانون العقوبات لتجريم تلك الأفعال على إنها جرائم فساد مالي وإداري مرتكبة في القطاع الخاص.
الخاتمة
بعد أن انتهينا من بحثنا المسوم بـ (تفعيل التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد واثره في الحد من هدر المال العام)، فقد توصلنا من خلال بحثنا لجملة من الاستنتاجات والتوصيات لعل من أهمها :
أولاً – الاستنتاجات:
- جرائم الفساد المالي والإداري مٌصطلح مُستوحى من تعريف المشرع العراقي لمصطلح (قضية فساد) الوارد في قانون النزاهة رقم (30) لسنة2011 وتمثل: الرشوة والاختلاس وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم، وأية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد: 233و 2234 و271 و272 و275 و276 و290 و293 و296 من قانون العقوبات رقم 111لسنة1969 المعدل، وأية جريمة أخرى يتوافر فيها أحد الظروف المشددة المنصوص عليها في الفقرات 5و6و7 من المادة153 من قانون العقوبات.وفي عام 2019 وسع المشرع من نطاقها بموجب التعديل الأول لقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع بإضافة الفقرة (أولاً/ ثالثاً/ ب) التي تضمنت (ب – تعد قضية فساد الجرائم الآتية: جرائم الفساد وبضمنها خيانة الأمانة التي ترتكب من المنظمات غير الحكومية الممنوحة صفة النفع العام وفي الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية التي تسهم الدولة في أموالهم أو التي منحت أموالهم صفة أموال عامة أو التي منح منسوبوها صفة المكلفين بخدمة عامة.
جرائم الرشوة في القطاع الخاص الوطني والأجنبي في الأعمال المتعلقة بالقطاع العام وجرائم رشوة الموظف الأجنبي).
- إذا كان للسلطة التنفيذية دورها في مكافحة الفساد من خلال المهام التي يَضطَلعّ بها ديوان الرقابة المالية، وهيئة النزاهة، ومكاتب المفتشين العموميين، فأن لمجلس القضاء الأعلى الدور المتميز في هذا المجال، أذ خص النزاهة بمحاكم تحقيق مُتخصصة بقضايا الفساد المالي والإداري، كما أستحدث محكمة جنح في محكمة استئناف بغداد الرصافة مُتخصصة في الجنح الاقتصادية وغسل الأموال وجنح الفساد. وأستحدث كذلك وبمقتضى القانون رقم (39) لسنة 2015(قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب)، محكمة جنايات مُتخصصة بجرائم غسل الأموال، وهو بذلك يُسهمّ ويجدّ في مكافحة هذا النوع من الجرائم ضمن اختصاصه الَأعَمّ المتمثل بالفصل في المنازعات، ومكافحة الجرائم، منها جرائم الفساد المالي والإداري.
- لم يتناول المشرع العراقي في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 ( المعدل ) استرجاع الموجودات الحاصلة فيما بين العراق والدول الأخرى.
- تؤدي المصارف الصورية دوراً كبيراً في أنتشار ظاهرة الفساد من خلال توفير الآلية المناسبة لتحويل هذه الأموال غير المشروعة إلى أموال مشروعة.
- بعد أن كانت جرائم الفساد المالي والإداري مقتصره على القطاع العام وعلى ما يرتكبه الموظف العام من سلوكيات تُضر بالمصلحة العامة وبالوظيفة العامة التي أوجب عليه القانون حمايتها، أصبح هنالك توجه عالمي لتجريم الفساد في القطاع الخاص، ذلك الفساد الذي يرتكب من قبل اشخاص ليس لهم علاقة بالوظيفة العامة، ولعل الأسباب التي تدعو الى ذلك عديده منها خرق القوانين والأنظمة والتعليمات من قبل جهات متنفذة قائمة على القطاع الخاص لها منافع شخصية تفوق وتتجاوز المصلحة العامة، وانعدام أو ضعف المساءلة، وانهيار القيم الأخلاقية في المجتمع وتآكل المُثل العليا التي ترفع من شأن الصالح العام.
- نتيجة لكون السياسة الجزائية تتأثر بشكل مباشر بالعولمة ومظاهرها فقد شمل تأثيرها جميع عناصر السياسة الجزائية بحيث خلقت تحولاً كبيراً فيها سواء ما يتعلق منها بالمصلحة المعتبرة التي أولى المشرع حمايتها، أو من حيث تحول الجريمة من الإطار العشوائي إلى الإطار المنظم أو فيما يتعلق بتحول السياسة العقابية
- اتجهت أغلب الدول إلى موائمة تشريعاتها لأحكام الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الفساد، مما سبب ضرورة ملحة بأن يكون التقريب بين التشريعات الجزائية الخاصة بمكافحته ضرورياً لأسباب متعددة لعل أهمها انتشاره بشكل كبير، واتخاذه شكلاً دولياً منظماَ، وبروز عصابات إجرامية متغلغلة في الفساد لم تقف الحدود الجغرافية أو السياسية حائلاً أمامها لارتكابها جرائم الفساد، هذه العوامل وغيرها ساهمت في حث الدول على وجوب تبني سياسة جنائية موحدة أو متقاربة لمكافحة هذا النوع من الإجرام، وكذلك سعيها إلى التوفيق بين مضامين تشريعاتها الخاصة بمكافحة الفساد وبين الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بغية عدم افلات الجناة من مرتكبي جرائم الفساد في القطاع الخاص من العقاب
- من التعديلات الجوهرية التي أدخلها المشرع العراقي على قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع هي تجريمه لبعض صور الفساد المالي والإداري المرتكب من غير الموظفين إذا تعلق الامر وفي حدود تعلق الأمر بالقطاع العام وهذا حسب ما جاء في نص المادة (1) من البند (ثالثاً / ب)
- اكدنا على أن ما يعتري نص تجريم فساد في القطاع الخاص يعد قصوراً تشريعياً من جانب المشرع لخلوه من حكما ً للوقائع التي جرمها، لا سيما وأن هذا النوع من الجرائم تُعتبر مستحدثة في التشريع العراقي لم يسبق لأي تشريعات أخرى التطرق اليها، وأن قانون العقوبات العراقي لم يتطرق لها أطلاقاً مقارنة بباقي التشريعات التي جرمتها قوانينها العقابية منذ وقت ليس بقريب، لكي يتولى الإحالة إلى قانون العقوبات لتجريم تلك الأفعال على إنها جرائم فساد مالي وإداري مرتكبة من غير الموظف العام.
- ان المشرع العراقي اكتفى بتحديد صور جرائم الفساد المالي والإداري في القطاع الخاص وهي جريمتي (خيانة الأمانة والرشوة) دون أن يحدد العقاب المناسب لها، على العكس من موقفه بالنسبة لجريمة الكسب غير المشروع حين حدد لها عقوبة عند مخالفة أحكام هذا القانون بشأن الكسب غير المشروع بالحبس أو السجن حسب الاحوال ورد قيمة الكسب غير المشروع إضافة إلى عزل الموظف عن الخدمة واعفاء المكلف غير الموظف من منصبهِ
- ميزنا بين الفراغ التشريعي في النصِ الجنائي وبين النقص التشريعي ، لأن الاول ما هو إلا أغفال يقصدهُ المشرع لإضفاء نوع من المرونة على النص لاستيعاب المستجدات المستقبلية أما النقص في النص التشريعي الجنائي فيعني عدم اكتمال النص كأغفال كلمة أو حرف أو أكثر على النحو الذي يتعذر معهُ فهم المقصود من النص أو استنباط المعنى أو الحكم المراد منه ، في حين أن الغموض في النص التشريعي الجنائي فُيقصد به أن فهم المراد من النص يتوقف على أمر خارج عن صيغة ذلك النص أو عباراته، أي أن صيغتهُ لا تدل على الحكم أو المعنى المراد منه.
- أن النصوص الجزائية المستحدثة لا يمكن اعتبارها ضرورية إلا إذ كانت تهدف لمعالجة مسألة أو وضع معين وبشكل يتناسب وتلك الضرورة، فأن هذه الضرورة الاجتماعية لتجريم الفساد في القطاع الخاص فرضت على المشرع أستحداث نصوص جزائية خاصة لتجريمها، وهذا ما أخذ به المشرع في تعديل قانون هيئة النزاهة، فبعد أن أصبح الفساد في القطاع الخاص ظاهرة مستشريه في العراق ، لجأ المشرع إلى تجريمهِ بنصوص قانونية خاصة، حين اعتبر بعض الافعال التي تقع من فئات معينة من غير الموظفين تُعد من قبيل جرائم الفساد.
ثانياً-التوصيات :
1-بما أن رشوة الموظفين الأجانب، ورشوة موظفي المنظمات الدولية تفوق في خطورتها رشوة الموظفين المحليين فهي تتسبب في الأضرار بمصلحة البلاد على حساب المصالح الأجنبية، وتُسيئ إلى سمعة العراق في الخارج، ومسايرة لما تضمنته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004 والتي صادق عليها العراق بالقانون رقم 35 لسنة 2007. وبما أن الاتفاقية المتقدمة دعت كذلك لتجريم الرشوة في القطاع الخاص، بسبب التوسع الكبير في ميدان القطاع الخاص، لذا أيدنا المشرع في قانون التعديل الأول لقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم (30) لسنة 2019، بشمول هذه الفئة بالتجريم في الأعمال المتعلقة بالقطاع العام، ودعونا إلى تجريم الأفعال المتقدمة والنص عليها صراحة حتى و أن ارتكبت في الحالات الأخرى مع تقدير العقوبة المناسبة.
- من جانب آخر لوحظ أن (التوظيف المزدوج) و (تعدد الوظائف) تعد ظاهرة سلبية اجتاحت النظام الإداري في العراق، وكذلك ظاهرة (الفضائيين) ولخطورة هذه الصور من الأفعال الجرمية الماسة بنظام الدولة الاقتصادي والمالي والأمني على السواء، كونها تُمثل قوةّ وهمية، لذا دعونا المشرع أيضاً إلى استحداث النصوص القانونية المناسبة بتجريم هذه الأفعال وتقدير العقوبات المناسبة لها.
- إن السلطة التنفيذية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة النظر في سياستها بشأن اختيار المؤهلين للمناصب، وأن تتماشى في ذلك مع الأفكار الاصلاحية القائمة على حُسن اختيار المؤهل وذو الكفاءة والخبرة والحزم، ومن يتصف بالنزاهة والحياد، بعيداً عن النظرة الحزبية والمحاصصة المقيتة، وأن يشغل ذو الاختصاص المنصب الذي يستحقه ضمن دائرة اختصاصه وبذلك نُسهم فعلاً في سلوك السبيل المؤدي إلى منع ظاهرة الفساد المالي والإداري ومكافحتها.
- تفعيل دور القضاء في التصدي لجرائم الفساد والتصدي للمندسين يتطلب نصوصاً رادعة تُعين القضاء على مكافحة تلك الجرائم وعدم التهاون مع مرتكبيها ولتحقيق ذلك دعونا إلى استحداث نص في قانون هيئة النزاهة يتضمن ما يلي: عد جميع جرائم الفساد العمدية المنصوص عليها في قانون الهيئة جرائم مخلة بالشرف، وحرمان مرتكبيها من حق الاستفادة من قوانين العفو ومن منحهم العفو الخاص بمرسوم جمهوري، ومنع الاستدلال بأحكام المادة( 144)عقوبات، مع حرمانهم من الشمول بأحكام الافراج الشرطي.
- تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 ( المعدل ) و بما يتلاءم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وخاصة بما يتعلق بالتعاون الدولي في استرجاع الموجودات الواقعة فيما بين الدول.
- وضع السبل الكفيلة من أجل منع أنتشار المصارف الصورية في العراق.
- التأكيد على أهمية الكشف عن الذمم المالية ووضع الآليات الكفيلة من أجل الوقوف على الأموال الحقيقية للأفراد.
- نوصي البنوك الابتعاد كل البعد عن التعامل بالفائدة لكونها تمثل الوجه الأخر للربا , وعليه لابد من استثمار الأموال والاسترباح منها بدلاً من اقراضها مقابل فائدة .
- انتقدنا اسلوب المشرع في تجزئة شقي التجريم والعقاب في جريمتي خيانة الامانة والرشوة في القطاع الخاص ، واقترحنا على المشرع نصوص العقاب في ذات القانون أسوة بجريمة الكسب غير المشروع.
- بما أن أموال وحسابات النقابات و الاتحادات في العراق تخضع لرقابة وتدقيق ديوان الرقابة المالية، شانها في ذلك شأن أي أموال لأي وزارة او أي جهة غير مرتبطة بوزارة وبالتالي فأن أي خلل او عدم توازن في حساباتها او اية مخالفة مالية أخرى يمكن ان يكون مدعاة للمساءلة الجزائية بحقها واحالة المخالفون الى هيئة النزاهة لاتخاذ الإجراءات التحقيقية اللازمة بحقهم .اذ ان الغاية من اخضاع المشرع النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية لنطاق المساءلة الجزائية وذلك لدورها الكبير في دعم وتنمية الاقتصاد الوطني واسهامها في عملية الاستثمار. لكن المشرع حين شمل الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية بنطاق المساءلة الجزائية عن جرائم الفساد المالي والإداري فأنه لا يقصد بذلك كافة الجمعيات، وإنما حددها في تلك التي (… تسهم الدولة في أموالها أو التي منحت أموالها صفة أموال عامة أو التي منح منسوبوها صفة المكلفين بخدمة عامة)، أي ان تلك المسؤولية ليست مطلقة وانما ترد عليها حدود قانونية ناتجه عن اطار علاقتها بالقطاع العام فقط. وبما أنه “الجمعيات والاتحادات والنقابات” تعتبر من تصنيفات المجتمع المدني وهي ذات دور فعال في القطاع الخاص كان الاجدر ان يتضمن التعديل ان يشير الى اشراك منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في مكافحة الفساد تماشيا مع اتفاقية الأمم المتحدة لعام 2003.
- ندعو المشرع إلى الإسراع في تشريع مشروع قانون مكافحة الفساد المعروض على مجلس النواب منذ عدة سنوات , وكذلك تشريع قانون خاص ينظم مسألة استرداد الأموال المختلسة , على أن يتضمن هذه القانون أحكام مشددة للحد من هدر المال العام من جهة , وزجر الجاني وردع غيره من جهة أخرى .
([1] ) السيد محمد باقر الصدر , إقتصادنا , دار التعارف للمطبوعات , بيروت – لبنان , الطبعة العشرون , 1987 , ص 12 .
([2] )المرجع نفسه , ص 621-622 .
([3]) السيد محمد باقر الصدر , البنك اللاربوي في الاسلام , مكتبة جامع النقي العامة , المطبعة العصرية , الكويت , ص 57.
([4]) أيمن أحمد محمد , الفساد و المسائلة في العراق , ورقة سياسات , مؤسسة فريدريش إيبرت للنشر , مكتب الأردن والعراق , أيلول , 2013 , ص 4.
([5] ) محمد باقر الصدر , مرجع سابق , ص 330-331 .
([6] ) الهيئة العامة لمكافحة الفساد , آثار الفساد و مخاطره , مقال منشور على الموقع ادناه , تمت الزيارة بتاريخ 26/2/2022 . https://www.nazaha.gov.kw/AR/pages/effects-of-corruption.aspx
([7])علي غني وعمر ماجد إبراهيم وهبة خالد نجم – رقابة المفتش العام في مكافحة الفساد المالي والإداري بحث مقدم الى المؤتمر العلمي (11) – بغداد- 19-20تشرين ثاني2011- ص51-53.
([8]) تلاحظ المادة (10/رابعاً) من القانون رقم (30) لسنة 2011.
([9]) تلاحظ المادة (10/خامساً) من القانون نفسه .
([10]) تلاحظ المادة (10/سابعاً) من القانون نفسه , مع ملاحظة قواعد استرداد المجرمين المشار إليها في المواد (357-368) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة1971المعدل. كما يلاحظ شرح تلك القواعد بالتفصيل: د. براء منذر كمال عبد اللطيف- شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية- مطبعة يادكار- الطبعة الخامسة السليمانية-2016- ص 404-414.
([11]) تلاحظ المادة (10/ثامناً) من القانون نفسه .
([12]) محمد عبد المحسن سعدون: إجراءات ما قبل المحاكمة في جرائم الفساد المالي والإداري، بحث مقدم الى المؤتمر العلمي الحادي عشر، بغداد، 19 -/11/ 2011.
([13]) د. حسن يوسف مقابلة: دور الادعاء العام في تحقيق الشرعية الجزائية، دراسة مقارنة، دار الثقافة، عمّان الأردن، 2014، ص23.
([14]) تنظر المادة (2/أولاً) من قانون الادعاء العام رقم (49) لسنة 2017 .
([15]) د. حسن يوسف مقابلة: مرجع سابق ، ص306.
([16]) تنظر المادة (3/أولاً) من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم 30 لسنة 2011 (المعدل).
([17]) ينظر قرار المحكمـة الاتحادية العليـا بالعدد: 59/اتحادية/إعلام/2017 في 22/1/2018 المنشـور في الموقع الرسمي للمحكمة الاتحادية العليا على شبكة الأنترنت الدولية على الرابط التاليhttp://www.iraqfsc.iq/kararat/1/2017/sq/-fed-2017.pdf) آخر زيارة:13/3/2020 الذي ينص على ما يلي: “تجد المحكمة الاتحادية من استقراء النصوص القانونية المطعون بعدم دستوريتها من المادة (5) بفقراتها (ثاني عشر وثالث عشر ورابع عشر) =بأن إرادة المشرع اتجهت إلى منح جهاز الادعاء العام سلطات تحقيقية تمتد لمدة (24) ساعة من توقيف المتهم في جرائم الفساد المالي والإداري والجرائم المخلة بالوظيفة العامة، إضافة لما تقوم به هيئة النزاهة في هذا المجال، وإن ذلك يمثل خياراً تشريعيا ولا يتعارض مع نص المادة (102) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 سيما وأن جهاز الادعاء العام يتمتع باستقلالية عن السلطة التنفيذية والتشريعية وفق أحكام المادة (87) من الدستور وليس هناك تقاطع بين نصوص قانون الادعاء العام المطعون بعدم دستوريتها وبين قانون هيئة النزاهة، بل جاء قانون الادعاء العام بمواده المذكورة مسانداً ومعززاً لدور هيئة النزاهة في محاربة الفساد، كما لا يوجد تعارض بين المواد موضوع الطعن مع المادة (47) من الدستور لان كل سلطة تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات دون تدخل في مهام السلطات الأُخرى، ذلك أن جهاز الادعاء العام ومنذ نشوئه يختص بالتحقيق في الجرائم وخاصةً تلك التي تتعلق بالحق العام لذا تكون دعوى المدعي إضافة إلى وظيفته فاقدة لسندها الدستوري والقانوني، لذا قررت المحكمة الاتحادية الحكم برد دعوى المدعي إضافة إلى وظيفته”.
(18) تم تعديل اسم القانون قانون هيئة النزاهة الى قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع بموجب المادة (1) من قانون رقم (30) لسنة 2019 التعديل الاول لقانون هيئة النزاهة.
(19) قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 669/ الهيئة الموسعة الجزائية/ 2015في 24/6/2015(غير منشور).
(20) قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 1320/الهيئة الموسعة الجزائية/2015 في 29/12/2015(غير منشور).
(21) قرار محكمة تمييز إقليم كوردستان العراق رقم215/الهيئة الجزائية/2008 في 12/11/2008- مجلة التشريع والقضاء- السنة الأولى- العدد الثالث- 2009- ص167 168.
([22]) قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 223/الهيئة الموسعة الجزائية/2008 في19/11/2008 مجلة التشريع والقضاء- السنة الثالثة – العدد الأول2010- ص 207-208.
([23] ) د. ماهر عبد شويش الدره _شرح قانون العقوبات القسم الخاص_ المكتبة القانونية _ بغداد_ بلا تأريخ_ص5-9.
([24]) تغريد داود سلمان أحمد_ الفساد المالي والإداري في العراق وأثره الاقتصادي والاجتماعي_ مجلة الغريّ للعلوم الاقتصادية والإدارية _ السنة الحادية عشر_ المجلد العاشر_ العدد الثالث والثلاثون_2011_ص99.
([25]) من تلك التشريعات : قانون العقوبات المصري في المواد ( 103_107 ), وقانون العقوبات الأردني فــي المواد (170_173) , وقانــون العقوبــات اللبنــــاني في المــــواد ( 151_155 ), وقـــــانون العقوبـــات الســـــوري فــي المــــواد (341_345) د. ماهر عبد شويش الدرة _ شرح قانون العقوبات القسم الخاص _ المرجع السابق _ ص 50-51 .
([26]) د. فخري عبدالرزاق الحديثي_ الأعذار القانونية المعفية من العقاب (دراسة مقارنة)_ مطبعة الزمان_ بغداد_1978_ص201.
([27] ) قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 6194/الهيئة الجزائية الثانية/2013في 10/11/2013(غير منشور).
([28] ) خليل جندي يوسف الميراني_ المسؤولية الجزائية الناشئة على الاعتداء على سرية الحسابات المصرفية
(دراسة مقارنة)_رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون بجامعة الموصل_1998_ ص92.
([29]) قرار محكمة استئناف القادسية بصفتها التمييزية رقم 147/ت_ عفو/2012 في29/5/2012_مجلة التشريع والقضاء_ السنة الخامسة_ العدد الأول_ 2013_ص329.
([30]) قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم103/الهيئة الموسعة الجزائية_2012 في12/6/2012_ مجلة التشريع والقضاء_ السنة الخامسة_ العدد الأول_2013_ ص245-246.
([31] ) قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 11233/11231/الهيئة الجزائية الأولى/2011 في2/10/2011 (غير منشور) .
([32] ) قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 223/الهيئة الموسعة الجزائية/2008 في 19/11/2008_ مجلة التشريع والقضاء_ السنة الثانية_ العدد الأول _ 2010_ص 207-208.
مع ملاحظة أن ذات القرار منشور في: مجلة التشريع والقضاء _ العدد الثاني_ 2009_ ص109-110.
([33] ) في عنوان كبير لجريدة الصباح : ( الكشف عن الموظفين الوهميين الفضائيين يوفر مليار دولار سنوياً للميزانية ). أوضح المصدر أنه تم الكشف عن (50) ألف منتسب وهمي في وزارة الدفاع وحدها, يوفر بحدود ( ترليون ومائتي مليار دينار عراقي سنوياً) . مشيراً إلى أن مجلس الوزراء شكل لجاناً للبحث أعداد أخرى من الفضائيين في الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى . جريدة الصباح في 6/10/2014_ ص2-3متاح على الموقع الالكترونيhttp://www.iraqhurr.org/a/26754265.html . آخر زيارة في 3-3-2022
كما وكشفت جريدة التأخي عن ظاهرة آلاف الموظفين الفضائيين في عموم مؤسسات الدولة, وأضاف المصدر بأن هيئة النزاهة بدأت التـــــحقيق في ظاهرة الموظفين الفضائيين بعد ورود معلومات عن الأف الموظفين المعفيين من الدوام الرسمي بأوامر من مديريهم المباشرون . وانتقد المصدر قيام بعض المسؤولين والسياسيين بتوظيف أبنائهم وأقاربهم في الدوائر التي يتمتع موظفوها بمخصصات عالية . لافتاً الى أن جيوش من البطالة تتضخم في بلد يعـــاني من الحــروب وعـــدم الاستقرار . جريدة التأخي في 5/7/2015.
متاح على الموقع الالكتروني (الانترنت).http://www.altaakhipress.com/viewart.php?art=56082 . آخر زيارة في 3-3-2022 .
([34]) ذكرت جريدة العالم في عددها الصادر في 16 حزيران 2016_ العدد 1610_ من أن هيئة النزاهة كشفت عن مخالفات غير قانونية من بينها تعيينات بدون أوامر إدارية, وبوثائق مزورة , وحالات ازدواج وظيفي . وأعلنت أنها أحالت المخالفات الى دائرة التحقيقات للنظر فيها و أتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتورطين فيها, =وتتعلق في الكثير منها بحالات الازدواج الوظيفي . مُتاح على الموقع الالكتروني (الانترنت) http://www.alaalem.com/index.php?aa=news&id22=9306 آخر زيارة في 3-3-2022.
([35] ) تلاحظ المادة ( 320 ) من قانون العقوبات رقم111لسنة 1969المعدل.
([36]) د. محمد عبد الله الحراري, أصول القانون الإداري الليبي, ط7 منقحة, المكتبة الجامعة للطباعة والنشر والتوزيع, ليبيا, 2019, ص11.
([37]) د. محمد بن المدني بوساق، اتجاهات السياسة الجنائية المحاصرة والشريعة الإسلامية، ط1، اكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، مركز الدراسات والبحوث، الرياض، 2002، ص50.
([38]) محمد مردان علي محمد البياتي، المصلحة المعتبرة في التجريم، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة الموصل، 2002، ص147.
([39]) المحاميان: وسيم حسام الدين الأحمد، كنان الشيخ سعيد، جريمة الرشوة في التشريعات العربية، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت-لبنان، 2012، ص20.
([40]) سمير تياب، جريمة خيانة الأمانة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة العربي بن مهيدي-أم البواقي، الجزائر، 2015، ص37.
([41]) د. جمال إبراهيم الحيدري، القسم الخاص من قانون العقوبات، دار السنهوري، بيروت-لبنان، 2015، ص411.
([42]) د. حسنين إبراهيم صالح عبيد، فكرة المصلحة في قانون العقوبات، بحث منشور في المجلة الجنائية القومية، ع2، مج 17، القاهرة، 1974، ص247.
([43]) د. سعد صالح الحمداني، الفساد الإداري مظاهره، أسبابه، اثاره، بحث منشور في مجلة قضايا سياسية، ع1، مج25، 2011، ص130.
([44]) جمعة قادر صالح، الفساد الإداري وأثره على الوظيفة العامة، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت-لبنان، 2016، ص27.
([45]) د. عادل عازر، مفهوم المصلحة القانونية، بحث منشور في المجلة الجنائية القومية، تصدر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، مصر، ع3، مج15، 1972، ص396. وفي معنى قريب ينظر: إبراهيم كنعان، أحمد السيد نجار، الفضل شق وآخرون، تعارض المصالح في الدولة والمجتمع، ط1، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ،2017، ص31.
([46]) د. عوض خلف العيساوي، الإصلاح السياسي هو السبيل لمكافحة الفساد الإداري والمالي والحد من هدر الأموال “العراق دراسة حالة”، بحث منشور في المجلة الأردنية للعلوم التطبيقية، الإصدار الأول، مج17، 2015، ص9.
([47]) إسماعيل الشطي، الياس سابا، أنطوان مسرة وآخرون، الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية، ط2، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2006، ص84.
([48]) ينظر في ذلك الأسباب الموجبة لقانون التعديل الأول رقم 30 لسنة 2019 لقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع.
([49]) د. محمد نعيم فرحات، شرعية التجريم والعقاب في الفقه الإسلامي والنظم القانونية المعاصرة، بحث منشور في المجلة العربية للدراسات الأمنية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1991، ص36.
([50]) معالي حميد سعود الشمري، ظاهرة تشظي النصوص العقابية في السياسة الجنائية المعاصرة، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة النهرين، 2019، ص25.
([51]) زينة عبد الجليل، ذاتية التجريم والعقاب في القوانين الخاصة، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد،2019، ص5.
([52]) التي نصت على انه (تعد قضية فساد الجرائم الاتية:
- جرائم الفساد وبضمنها خيانة الأمانة التي ترتكب من المنظمات غير الحكومية الممنوحة صفة النفع العام وفي الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية التي تُسهم الدولة في أموالها أو التي مُنحت أموالها صفة أموال عامة أو التي مُنح منسوبوها صفة المكلفين بخدمة عامة.
- جرائم الرشوة في القطاع الخاص الوطني والاجنبي في الاعمال المتعلقة بالقطاع العام وجرائم رشوة الموظف الأجنبي).
([53]) نصت المادة (19) من قانون التعديل على أنه: دون الاخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر يعاقب المخالفون لأحكام هذا القانون وفق الاتي:
أولاً: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة من امتنع عن تقديم الاستمارة دون عذر مشروع.
ثانياً: يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (7) سبع سنوات وبغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع كل مكلف من المذكورين في المادة (16/ أولاً) من هذا القانون عجز عن اثبات السبب المشروع للزيادة الكبيرة في أمواله أو أموال زوجه أو أموال أولاده.
ثالثاً: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (3) ثلاث سنوات وبغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع كل شخص من غير المذكورين في البند (ثانياً) من هذه المادة ثبت للمحكمة عدم مشروعية الزيادة في أمواله.
رابعاً: تحكم المحكمة برد قيمة الكسب غير المشروع ولا يطلق سراح المحكومين وفق البندين (ثانياً) و (ثالثاً) من هذه المادة إلا بعد سداد مبلغ الغرامة ورد قيمة الكسب غير المشروع ولا يحول انقضاء الدعوى الجزائية بالوفاة دون تنفيذ الحكم برد قيمة الكسب غير المشروع.
خامساً: يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (1) سنة واحدة كل مكلف تعمد إخفاء معلومات مطلوبة في الاستمارة أو قدم معلومات كاذبة ثبت أن لها علاقة بتحقيق كسب غير مشروع.
سادساً: يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (6) ستة أشهر ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات كل من أفشى بحكم وظيفته معلومات تتعلق بالاستمارة.
سابعاً: يُعاقب بالحبس كل من تخلف عن إزالة التعارض بين المصالح خلال المدة المذكورة في البند (ثانياً) من المادة (20) من هذا القانون ويستتبع الحكم بهذه العقوبة عزل الموظف عن الخدمة وإعفاء المكلف غير الموظف من منصبه.
([54]) عباس عبد الرزاق مجلي السعيدي، ضوابط استحداث النص الجزائي الخاص-دراسة تحليلية مقارنة، ط1، المركز العربي للنشر والتوزيع، القاهرة, 2018، ص260.
([55]) د. دلشاد عبد الرحمن يوسف، د. أحمد مصطفى علي، الفراغ التشريعي في القاعدة الجنائية، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، ع62، مج18، السنة 20، 2018، ص194.
([56]) د. محمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء على الأموال، ط3 منقحة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت-لبنان، بلا سنة طبع، ص12.
([57]) وفقاً لتقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2020 أحتل العراق المرتبة (160) من بين الدول الأكثر فساداً في العالم.
([58]) عمراني مصطفى، جريمة استغلال النفوذ في مجال الصفقات العمومية-دراسة مقارنة، ط1، مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع، مصر، 2017، ص96.
([59]) معالي حميد سعود الشمري، مرجع سابق، ص35.
ويُقصد بالجرائم المستحدثة بأنها ” الجرائم الناتجة عن التقدم والازدهار في الجوانب الصناعية ومجالات العلوم الاقتصادية، والتجارية، والزراعية، والنتاجات التقنية التي يستحدثها العالم المعاصر في النواحي كافة” نقلاً عن معالي حميد سعود الشمري، مرجع سابق، ص38.
([60]) ثامر عبد الجبار عبد العباس السعيدي، الصياغة القانونية لنصوص التشريع، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2019، ص80.
([61]) د. ضاري خليل محمود، الوجيز في شرح قانون العقوبات القسم العام، ط1، دار الكتب القانونية، بغداد، 2002، ص15.
([62]) د. عادل يوسف الشكري، فن صياغة النص العقابي، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت-لبنان، 2017، ص311.
المصادر
أولاً : الكتب
- أيمن أحمد محمد , الفساد و المسائلة في العراق , ورقة سياسات , مؤسسة فريدريش إيبرت للنشر , مكتب الأردن والعراق , 2013 .
- إسماعيل الشطي، الياس سابا، أنطوان مسرة وآخرون، الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية، ط2، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2006
- براء منذر كمال عبد اللطيف- شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية- مطبعة يادكار- الطبعة الخامسة السليمانية-2016
- جمال إبراهيم الحيدري، القسم الخاص من قانون العقوبات، دار السنهوري، بيروت-لبنان، 2015
- جمعة قادر صالح، الفساد الإداري وأثره على الوظيفة العامة، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت-لبنان،
- حسن يوسف مقابلة: دور الادعاء العام في تحقيق الشرعية الجزائية، دراسة مقارنة، دار الثقافة، عمّان، الأردن، 2014
- خليل جندي يوسف الميراني_ المسؤولية الجزائية الناشئة على الاعتداء على سرية الحسابات المصرفية
- خيرة ساوس و مريم خليفي, دور المنظمات الغير حكومية في التنمية, معهد العلوم القانونية والإدارية –المركز الجامعي بشار, الجزائر, بلا مكان طبع, بلا سنة طبع
- (دراسة مقارنة)_رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون بجامعة الموصل_1998
- ضاري خليل محمود، الوجيز في شرح قانون العقوبات القسم العام، ط1، دار الكتب القانونية، بغداد،
- عادل يوسف الشكري، فن صياغة النص العقابي، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت-لبنان،
- عباس عبد الرزاق مجلي السعيدي، ضوابط استحداث النص الجزائي الخاص-دراسة تحليلية مقارنة، ط1، المركز العربي للنشر والتوزيع، القاهرة, 2018.
- عبد الباقي البكري , زهير البشير, المدخل لدراسة القانون, ط2,شركة العاتك لصناعة الكتاب, القاهرة, 2010
- علي غني وعمر ماجد إبراهيم وهبة خالد نجم – رقابة المفتش العام في مكافحة الفساد المالي والإداري- بحث مقدم الى المؤتمر العلمي (11) – بغداد- 19-20تشرين ثاني2011
- عماد حسن سلمان, شرح قانون العمل الجديد رقم 37 لسنة 2015, مكتبة السنهوري, بيروت, 2017
- عمراني مصطفى، جريمة استغلال النفوذ في مجال الصفقات العمومية-دراسة مقارنة، ط1، مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع، مصر، 2017
- فخري عبدالرزاق الحديثي_ الأعذار القانونية المعفية من العقاب (دراسة مقارنة)_ مطبعة الزمان_ بغداد
- فوزية عبد الستار, شرح قانون العقوبات القسم الخاص وفقاً لأحدث التعديلات, ط4, دار النهضة العربية للنشر والتوزيع, مصر, 2017.
- ماهر عبد شويش الدره _شرح قانون العقوبات القسم الخاص_ المكتبة القانونية _ بغداد_ بلا تأريخ.
- محمد باقر الصدر , إقتصادنا , دار التعارف للمطبوعات , بيروت – لبنان , الطبعة العشرون , 1987
- محمد باقر الصدر , البنك اللاربوي في الاسلام , مكتبة جامع النقي العامة , المطبعة العصرية , الكويت .
- محمد حسين منصور, قانون العمل في مصر ولبنان, دار النهضة العربية للطباعة والنشر, بيروت, 1995.
- محمد حسين منصور, قانون العمل, ط1, منشورات الحلبي الحقوقية, بيروت, 2010
- محمد عبد الله الحراري, أصول القانون الإداري الليبي, ط7 منقحة, المكتبة الجامعة للطباعة والنشر والتوزيع, ليبيا, 2019.
- محمد عبد القادر العبودي, المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية في التشريع المصري-دراسة مقارنة, ط2, دار النهضة العربية, القاهرة, 2012
- محمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء على الأموال، ط3 منقحة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت-لبنان، بلا سنة طبع،
- مسعود ضاهر, تاريخ لبنان الاجتماعي 1914-1926, ط3 منقحة, دار الفارابي, بيروت-لبنان, 2015.
- وسيم حسام الدين الأحمد، كنان الشيخ سعيد، جريمة الرشوة في التشريعات العربية، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت-لبنان، 2012
ثانياً : البحوث والرسائل والاطاريح
- اسراء عبد الزهرة كاطع, حقوق العامل الأجنبي المشتغل في العراق في اطار التشريعات العمالية-دراسة مقارنة, رسالة ماجستير, كلية الحقوق, جامعة النهرين, 2008
- تغريد داود سلمان أحمد_ الفساد المالي والإداري في العراق وأثره الاقتصادي والاجتماعي_ مجلة الغريّ للعلوم الاقتصادية والإدارية _ السنة الحادية عشر_ المجلد العاشر_ العدد الثالث والثلاثون_2011_ص
- جاسم كاظم كباشي, الموظف المؤقت في التشريع العراقي-دراسة مقارنة, بحث منشور في مجلة كلية الرافدين الجامعة للعلوم , العدد41, 2017
- حسنين إبراهيم صالح عبيد، فكرة المصلحة في قانون العقوبات، بحث منشور في المجلة الجنائية القومية، ع2، مج 17، القاهرة، 1974
- دلشاد عبد الرحمن يوسف، د. أحمد مصطفى علي، الفراغ التشريعي في القاعدة الجنائية، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، ع62، مج18، السنة 20، 2018
- زينة عبد الجليل، ذاتية التجريم والعقاب في القوانين الخاصة، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد،2019
- سعد صالح الحمداني، الفساد الإداري مظاهره، أسبابه، اثاره، بحث منشور في مجلة قضايا سياسية، ع1، مج25،
- سمير تياب، جريمة خيانة الأمانة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة العربي بن مهيدي-أم البواقي، الجزائر،
- صالح العبد العزيز المطرودي, جرائم الرشوة دراسة وصفية ميدانية لأحكام جريمة الرشوة وطرق مكافحتها في المملكة العربية السعودية, رسالة ماجستير, المعهد العالي للعلوم الأمنية, المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب, الرياض,
- عادل عازر، مفهوم المصلحة القانونية، بحث منشور في المجلة الجنائية القومية، تصدر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، مصر، ع3، مج15، 1972، ص وفي معنى قريب ينظر: إبراهيم كنعان، أحمد السيد نجار، الفضل شق وآخرون، تعارض المصالح في الدولة والمجتمع، ط1، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ،2017.
- عوض خلف العيساوي، الإصلاح السياسي هو السبيل لمكافحة الفساد الإداري والمالي والحد من هدر الأموال “العراق دراسة حالة”، بحث منشور في المجلة الأردنية للعلوم التطبيقية، الإصدار الأول، مج17،
- فاطمة بلقاسم, دور الحركات النقابية في رسم السياسة العامة, رسالة ماجستير, كلية الحقوق والعلوم السياسية , جامعة العربي بن مهيدي-ام البواقي, 2015,
- فاطمة شاوف, حماية الاجراء من الفصل التعسفي دراسة على ضوء مدونة الشغل والعمل القضائي, رسالة ماجستير, كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكادير, جامعة ابن زهر, 2012
- فواز بن علي الغامدي، دور المنظمات غير الربحية بمنطقة الرياض في تحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة في ضوء رؤية المملكة العربية السعودية 2030 دراسة ميدانية، أطروحة دكتوراه، قسم الدراسات الاجتماعية، جامعة الملك سعود,2019
- كلثوم وهابي, التسويق في المنظمات غير الهادفة للربح –الجمعيات نموذجا- دراسة حالة مجموعة من الجمعيات الجزائرية, رسالة ماجستير, كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير, جامعة محمد بوقرة بو مرداس, 2011
- محمد بكر القباني، التكييف القانوني للجمعيات ذات النفع العام، بحث منشور في مجلة العلوم الإدارية, الشعبة المصرية للمعهد الدولي للعلوم الإدارية, العدد الثالث, القاهرة, 1968
- محمد بن المدني بوساق، اتجاهات السياسة الجنائية المحاصرة والشريعة الإسلامية، ط1، اكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، مركز الدراسات والبحوث، الرياض، 2002
- محمد عبد المحسن سعدون: إجراءات ما قبل المحاكمة في جرائم الفساد المالي والإداري، بحث مقدم الى المؤتمر العلمي ال
- محمد مردان علي محمد البياتي، المصلحة المعتبرة في التجريم، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة الموصل،
- محمد نعيم فرحات، شرعية التجريم والعقاب في الفقه الإسلامي والنظم القانونية المعاصرة، بحث منشور في المجلة العربية للدراسات الأمنية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض،
- معالي حميد سعود الشمري، ظاهرة تشظي النصوص العقابية في السياسة الجنائية المعاصرة، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة النهرين،
ثالثاً : المقالات من الشبكة الدولية للمعلومات ( الانترنت)
- الهيئة العامة لمكافحة الفساد , آثار الفساد و مخاطره , مقال منشور على الموقع ادناه , تمت الزيارة بتاريخ 26/2/2022 . https://www.nazaha.gov.kw/AR/pages/effects-of-corruption.aspx .
رابعاً : التشريعات
- القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل
- قانون المحاماة رقم 173 لسنة 1965 المعدل
- قانون العقوبات رقم111لسنة 1969المعدل
- قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم (30) لسنة 2011 (المعدل)
- قانون العمل رقم (37) لسنة 2015 .
- قانون الادعاء العام رقم (49) لسنة
- قانون التعديل الأول رقم 30 لسنة 2019 لقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع.
خامساً القرارات
- قرار المحكمـة الاتحادية العليـا بالعدد: 59/اتحادية/إعلام/2017 في 22/1/2018..
- قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 669/ الهيئة الموسعة الجزائية/ 2015في 24/6/2015(غير منشور).
- قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 1320/الهيئة الموسعة الجزائية/2015 في 29/12/2015(غير منشور).
- قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 6194/الهيئة الجزائية الثانية/2013في 10/11/2013(غير منشور).
- قرار محكمة استئناف القادسية بصفتها التمييزية رقم 147/ت_عفو/2012 في29/5/2012_مجلة التشريع والقضاء_ السنة الخامسة_ العدد الأول_ 2013.
- قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم103/الهيئة الموسعة الجزائية_2012 في12/6/2012_ مجلة التشريع والقضاء_ السنة الخامسة_ العدد الأول.
- قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم 223/الهيئة الموسعة الجزائية/2008 في 19/11/2008.
سادساً :التقارير الدولية :
1-لتقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2020.
