مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
  • موسسة دارالإسلام
    • حول مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
    • أهداف المؤسسة
    • جامعة الامام جعفر الصادق
    • المدرسة الدينية
    • أخبار
  • جائزة الشهيد الصدر
    • حول الجائزة
    • تاريخ الجائزة وابرز البحوث
      • دورة الاولى
      • دورة الثانية
      • دورة الثالثة
      • الدورة الرابعة
      • الدورة الخامسة
    • الدورة السادسة
  • النشاطات الخيرية
    • المشروع السكني الخيري
    • مساعدات
  • الإصدارات الثقافية
    • مجلة الفكر الجديد
  • الامين العام
    • نبذة عن حياته
    • مؤلفاته
    • الوكالات الشرعية
✕

نحو استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات في العراق: دراسة سوسيو- مستقبلية وفق النظرية الاجتماعية للسيد محمد باقر الصدر

العنوان: نحو استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات في العراق: دراسة سوسيو- مستقبلية وفق النظرية الاجتماعية للسيد محمد باقر الصدر
الكاتب/الكتّاب:

ا.م.د. احمد جاسم مطرود - جامعة بابل/ كلية الاداب/ قسم الاجتماع
ا.م.د. وسام صالح عبد الحسين - جامعة بابل/ كلية الاداب/ قسم الاجتماع
-
-

تحميل PDF

الملخّص

تُعد المخدرات أكثر الظواهر السلبية خطراً على المجتمع وأمنه واستقراره، وخطورتها تكمن بالمخرجات السلبية التي تنتج عنها والتي تتباين مابين مشكلات اجتماعية ونفسية وامنية وصحية واقتصادية لا تضر بالأفراد المتعاطين فحسب، بل تنعكس سلباً على عموم افراد المجتمع، فيصبح الواقع الاجتماعي مأزوماً بفعل تلك المشكلات خاصة في ظل عدم قدرة حكومات الدول بالتخلص منها بالسرعة الممكنة، وقد اثبتت التجارب العملية أنّ الدول تحتاج إلى وقت طويل لمكافحتها والتقليل من مخاطر ما ينتج عنها من أزمات مجتمعية اضرت بفاعلية الانظمة والمؤسسات التي تتشكل منها تلك الدول،

ولعل انّ الامر يبقى في دائرة الخطر المستدام مستقبلاً مع ثبات وارجحية نتائج الدراسات الميدانية التي أُجريت في هذا المجال والتي توصلت الى انّ الشباب هي أكثر الفئات المجتمعية تعاطياً للمواد المخدرة وهذا يُنذر بمخاطر جمة تدعم مسار تحولهم من فئات منتجة لتنمية مجتمع أمن الى فئة تضر بسلوكياتها المنحرفة النظام الاجتماعي على مستوى الفرد والجماعات وصولاً الى الامن المجتمعي ككل. لذلك نرى انّ مكافحة المخدرات التي انتشرت بشكل كبير في العراق اثارت معها قلقاً على المستويين الشعبي والحكومي،

وقد دفع فعل الاستجابة السلبي لهذه الظاهرة إلى التيقن بضرورة إعداد دراسات وتقارير وخطط تًصاغ بشكل استراتيجية وطنية تكون بمثابة الدليل الذي يسترشد به الجميع – من مسؤولين حكوميين ونخب وقادة رأي فضلاً عن المؤسسات الرسمية منها وغير الرسمية وعموم افراد المجتمع كل بحسب موقعه – نحو تبني سياسات وتكتيكات اجرائية تدعم مكافحة مخرجات هذه الظاهرة السلبية وصولاً الى تقويضها ومنع تحولها إلى نقطة تمركز تنبثق منها العديد من المشكلات الاجتماعية التي ستضر بأمن مجتمعنا المأزوم. من هنا وجدنا ان الضرورة تقتضي الى رسم رؤية مستقبلية تدفع باتجاه التخلص من هذه الظاهرة السلبية على وفق ما تبناه الامام الشهيد محمد باقر الصدر في نظريته الاجتماعية التي وجد فيها طريقا لتسوية المشكلات التي تقف حائلا دون تقدم وتطور مجتمعاتنا الاسلامية.

الكلمات المفتاحية: الاستراتيجية,المخدرات,مكافحة المخدرات,النظرية الاجتماعية,محمد باقر الصدر

Abstract:

Drugs are considered the most dangerous negative phenomena for society, Its security and stability, and its seriousness lies in the negative outcomes that result from it, which vary between social, psychological, security, health and economic problems that not only harm the drug users, but are negatively reflected on the general members of society, so the social reality becomes distressed by these problems, especially in The inability of the governments of countries to get rid of them as quickly as possible, and practical experiences have proven that countries need a long time to combat them and reduce the risks of the resulting societal crises that have affected the effectiveness of the systems and institutions that make up those countries, and perhaps the matter remains in the circle of sustainable danger in the future with The stability and likelihood of the results of the field studies conducted in this field, which concluded that young people are the most social group that abuses narcotic substances, and this heralds great dangers that support the path of their transformation from productive groups for the development of a secure society to a group whose deviant behavior harms the social system at the level of the individual and groups, leading to community security As a whole. Therefore, we see that the fight against drugs, which has spread widely in Iraq, has raised with it concern at the popular and governmental levels, and the negative response to this phenomenon has prompted the need to prepare studies, reports and plans formulated in the form of a national strategy that serves as the guide that guides everyone – from government officials elites and opinion leaders as well as official and unofficial institutions and the general community, each according to its position – towards adopting procedural policies and tactics that support combating the negative outcomes of this phenomenon in order to undermine it and prevent it from becoming a point of concentration from which many social problems emerge that will harm the security of our crisis-ridden society. From here, we found that the necessity necessitates drawing a future vision that pushes towards getting rid of this negative phenomenon, according to what was adopted by the martyr Imam Muhammad Baqir al-Sadr in his social theory, in which he found a way to settle the problems that stand in the way of the progress and development of our Islamic societies.

Keywords: Strategy, Drugs, Drug Control, Social Theory, Muhammad Baqir Al-Sadr

البحث الكامل

المقدمة

أصبحت ظاهرة تعاطي المخدرات مشكلة عالمية بالغة الخطورة لعموم مجتمعات العالم، فهي وبحكم حجم مخاطرها تمثل تهديدا حقيقيا، ويبدو ان ذلك يرتبط ما يكتنف امر تداولها والتجارة فيها من اثار نفسية واجتماعية وسياسية بشكل عام واقتصادية بشكل خاص, وعليه فهي تحمل  في اثرا سلبيا تضر به واقع المجتمعات لأنها تضر ببنيتها فتؤدي الى ضرب ذات المجتمع من خلال افراده الذين تصبح صحتهم محكومة بحالة الضياع والتهور فيكون عائلا عليه بدلا من التعويل عليهم في مهمة البناء والتقدم، اي بمعنى يصبح المدمن عالة على اسرته وعلى المجتمع بدلا من ان يكون قوة منتجة وفاعلة في خدمة مجتمعه وتقدمه.

وعلى هذا الاساس عد الشرع المقدس اكثر الجهات المعنية بمواجهة هذه الحالة الخطيرة  فقد تناولها من حيث انها تشكل خطرا على واقع عموم المجتمع، الذي يصبح مهددا نتيجة لعبث الفرد بنعم الله عليه، كعبثه بصحته، وعقله، فالمخدرات تذهب بعقل المرء وتجعله لا يتحكم في تصرفاته، فيكون بذلك مهيئا للجريمة بكل انواعها وبذلك يصبح المتعاطي مصدر خطر على  والمجتمع الذي يعيش فيه. وهذه الحالة اصبحت بحكم الظاهرة في عموم مجتمعاتنا العربية ومنها العراق الذي اصبحت فيه نسبة المدمنين في تزايد وهو ما يتطلب صياغة استراتيجية وطنية تأخذ على عاتقها مهمة التصدي لها والتخلص من اثارها السلبية في المستقبل وبقدر تعلق الامر الذي بالرؤية الاسلامية وثبات رؤيتها في وجود مجتمع امن نرى ان الضرورة تقتضي صياغة مثل تلك الاستراتيجية وفق منطق الرؤية التي طرحها السيد الشهيد محمد باقر الصدر في معالجته للمشكلة الاجتماعية وفق منطق المدرسة القرآنية التي تناولها في الكثير من رؤاه واطروحاته ونظريته القائمة على وجود مجتمع امن على وفق المبدأ القرآني كأساس لوجود القوانين التي تصاغ في ظلها حلول المشاكل المجتمعية الكثيرة

مشكلة البحث

تقترن ظاهرة التعاطي للمخدرات بجملة من المخاطر التي تهدد امن وسلامة المجتمع، وهذا الامر اصبح مدار بحث السوسيولوجيا منذ زمن طويل، فجحم ما يكتنف فعل الادمان على المخدرات من اثار سلبية تطلب من الباحثين صياغة رؤى وافكار تدعم مسار ادارتها املا في التخلص منها على وفق ما يطرح من نظريات علمية في هذا المجال، وها نقول الن العراق بحاجة الى اعداد استراتيجية وطنية تقف حائلا دون انتشار الادمان على المخدرات التي اخذت بالتزايد والاتساع، وطالما ان الشرع المقدس المح الى صرامة تقويضها فالضرورة تقتضي ان تتضمن تلك الاستراتيجية اليات كفوءة على مستوى عموم المجتمع بمؤسساته المختلفة تأخذ على عاتقها مهمة تحييد تلك المخاطر وعدها كمشكلة اجتماعية تضر بأمن وسلامة المجتمع العراقي بشكل عام، ازاء ذلك تتعلق مشكلة دراستنا بضرورة صياغة مثل تلك الاستراتيجية وفق منطق الشرع المقدس الذي احسن السيد الشهيد قراءته في ضوء ما ينبغي ان نكون عليه في مواجهة مشكلاته المستمرة.

اهمية البحث.

 تكمن أهمية البحث في انها تحاول ان تقرأ معالجة مخاطر انتشار المخدرات في المجتمع العراقي بعد عام 2003، على وفق دعوة صياغة استراتيجية وطنية تدعم مسارات عملية الحد من انتشارها وصولا الى تقويضها كواجب شرعي وقانوني، ومن ثم فالشرع المقدس له رؤى تطبيقية تدعم تلك الاستراتيجية في مجتمعنا حينما قدم الحلول التي تضمن تحييدها بشكل كامل وبالشكل الذي يؤدي الى وجود مجتمع امن مستقر يضمن سلامة ابناءه وتلك الرؤية مثلت مدار طروحات السيد الشهيد محمد باقر الصدر في تحليله وعلاجه للمشاكل الاجتماعية التي مرت بها الامة الاسلامية

فرضية البحث.

يقوم البحث على اثبات فرضية مفادها ان الاستراتيجية الوطنية كنهج استشرافي ستكيف إمكانات قوة الذات العراقية وترصف مقوماتها المادية والمعنوية نحو انجاز اداء مؤسساتي مستقبلي قادر على مكافحة المخدرات والحد من تأثيرها عبر اليات وتدابير شرعية وقانونية وقائية تعزز بها قيمة مجتمع الدولة العراقية كأنموذج له مقدرة كبيرة على ادارة فلسفة تحييد المشكلة الاجتماعية عبر احتواء انشطة تجارة المخدرات وعقلنة مخططاتها باتجاه تسويتها لا ادارتها فحسب. وتلك تمثل احجية تناولها السيد الشهيد الصدر(رض) في اطروحاته في النظرية الاجتماعية للمجتمع

منهجية البحث.

إعتمدت دراستنا بشكل أساس على المنهج الإستقرائي، الذي من بين فضائله تزويد الباحث بفسح متعددة من التأمل والتفكير والتفحص لحقائق الإرتباط بين متغيرات الدراسة، فضلاً عن الإستنتاج العلمي الدقيق. كما وتمت الاستعانة المنهج التحليلي الذي أمدنا برؤية علمية قائمة على إعطاء تصور عن حركية ما يؤسسه من منافذ سماح لطرح آراء عملية تعزز من رصانة أية دراسة علمية.

هيكلية البحث.

لأجل بيان اهمية الدراسة، ومعرفة ما أثير بشأنها من إشكالات حول واقعية الموضوع كمشكلة بحث تتطلب وبشكل علمي إثبات فرضية التلازم مابين متغيريه، جاءت دراستنا بعد المقدمة موزعة على ثلاثة مباحث مترابطة حللت بداخلها صحة ما افترضناه، حيث تناول المبحث الاول بالبحث والتحليل: مكافحة المخدرات كضرورة مجتمعية وفق مقترب النظرية الاجتماعية للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قده). فيما جاء المبحث الثاني متناولا، دواعي تبني استراتيجية وطنية كفوء للحد من انتشار المخدرات في المجتمع العراقي.، اما المبحث الثالث فقد توصلنا فيه الى اليات الاستراتيجية الوطنية المقترحة لمكافحة المخدرات في العراق.. لنصل بعدها إلى الخاتمة التي مثلت خلاصة ما تم التوصل إليه من أفكار تناولها متن الموضوع

المبحث الأول: مكافحة المخدرات كضرورة مجتمعية وفق مقترب النظرية الاجتماعية للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قده).

تُعرف المخدرات على أنّها: كل مادة يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي مع فقدان الوعي أو دونه، أو تعطي شعوراً كاذباً بالنشوة والسعادة مع الهروب من عالم الخيال([1]). وعُرفت كذلك على أنها: كل مادة تعمل على تعطيل أو تغير الإحساس في الجهاز العصبي لدى الإنسان من الناحية الطبية، أما من الناحية الشرعية فهي كل مادة تقود الإنسان إلى الإدمان وتؤثر على الجهاز العصبي الخلافة العامة للإنسان([2]). وعرفتها لجنة المخدرات في الامم المتحدة  بـ: هي كل مادة خام أو مستحضرة منبهة أو مسكنة أو مهلوسة أذا استخدمت في غير الأغراض الطبية أو الصناعية الموجهة تؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان عليها مما يضر بالفرد والمجتمع([3]).وعُرفت بدلالة: هي المواد التي تسبب لمتعاطيها انفعالات جانحة وسلوك غير قويم بسبب ذهاب عقله نتيجة تعاطيه لتلك المواد وتسبب له نوع من القلق النفسي والاكتئاب والإرهاق الاجتماعي وضعف الطموح الاجتماعي والإرادة مودي به الى سلوك منحرف بغية الحصول على الموال بطرق غير مشروعة كي يمول تعاطيه لتلك السموم([4]).

ما تقدم يشير الى انّ المخدرات تعد مشكلة اجتماعية بحجم الظاهرة التي تحمل بين طياتها اثرا كارثيا على المجتمع ككل وليس على المتعاطي والمدمن فحسب، بمعنى آخر لاتقف أزمة المخدرات كمشكلة مجتمعية عند أثارها المباشرة على المدمنين وأسرهم، وإنما تمتد تداعياتها إلى مختلف افراد المجتمع. وتكمن خطورتها في استهدافها للفئة الشابة مما ينعكس سلباً في كافة النواحي المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبما يؤدي بذلك إلى تعويق برامج التنمية وتهديد كيان المجتمع وآمنة من خلال تأثير هذه السموم على عقول الشباب وتدمير طاقاتهم الإنتاجية ودعم حلقات التخلف والتبعية والفقر والمرض في المجتمع([5]).

على هذا الاساس كانت الشريعة الاسلامية تقف موقفا حازما للحد من انتشار هذه الظاهرة في عموم المجتمعات، ووضع لها حكما شرعيا يحد من تعاطيها ومن ثم يحجم من انتشارها، وبالتالي أجمع علماء المسلمين من جميع المذاهب على تحريم المخدرات لأنها تجرد مدمنها ومتعاطيها بلا عقل وتؤدي به إلى الإضرار في دين المرء وعقله وطبعه وسلوكياته ومواقفه تجاه نفسه من جهة وافراد المجتمع من جهة اخرى، لذلك جاء القرآن الكريم ليؤكد على تحريمها بشكل قطعي في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ (المائدة:90). وكما حال الخمر في النصوص الدينية هو حال المخدِّرات التي وردت فيها بعنوان البنج الذي فُسِّرَ بأنه نبت مخدِّر مخبط للعقل، وقد ورد في الروايات ما يدلّ على شديد قبحه، فعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): “سيأتي يوم على أمتي يأكلون شيئا اسمه البنج، أنا بريء منهم، وهم بريئون منّي”. وعنه (صلى الله عليه وآله): “من أكل البنج، فكأنه هدم الكعبة سبعين مرّة ،كأنما قتل سبعين ملكاً مقرّباً، وكأنما قتل سبعين نبيّاً مرسلاً، وكأنما أحرق سبعين مصحفاً، وكأنما رمى إلى الله سبعين حجراً”([6]).

وعليه يلعب الجانب الديني العقائدي فانه يلعب دورا مهما في عملية الضبط الاجتماعي داخل المجتمع، وتلك مسألة رئيسة اتفقت بشأنها كل الفرق الإسلامية وتحديدا في مسألة حرمة المخدرات التي عدت بحسب القرآن الكريم رجس من عمل الشيطان، ومن هذا نجد ان من يساق الى التعاطي يكون في الغالب غير ملتزما بتعاليم دينه الحنيف فالخمر هو ما يخمر العقل ويحجبه عن التفكير الصحيح او الصائب وكذلك هي المخدرات وهنا تصبح المخدرات حراما وعلى العاقل اجتناب تعاطيها او تداولها([7]).

ازاء ذلك نقول ان المخدرات كظاهرة سلبية تنذر بمخرجات تضر بالامن المجتمعي ونتيجة لمخاطرها كانت كما المحرمات الاخرى محل اهتمام علماء الاسلام الذين حاولوا التعامل معها من خلال توظيف ماجاءت به الشريعة الاسلامية من آيات قرآنية واحاديث شريفة للنبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) وصياغتها بشكل نظريات واطروحات تدعم مسارات اجراءات وطرق سلطة وافراد لمجتمع على مواجهتها والحد من اتساع دائرة انتشارها. ازاء ذلك نقول ان السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قده) اتفقت رؤاه في تحريم المحرمات مع كل علماء الاسلام، فقد كان ينظر لها بأنها مشكلة مجتمعية تضر بأمن الافراد وسلامتهم، فالفرد لديه محكوم بمسارات ومنطلقات خلافة الانسان في الارض،

بمعنى اخر حاول السيد الشهيد ان يحكم نظريته بمنطلقات خط الخلافة العامة للإنسان، والذي يجعله يحوز مكانة القيادة في هذا الكون, واستحق السجود من طرف الملائكة، وترتبت له من جراء ذلك حقوق والتزامات مابين الفرد والاخر ضمن محيط الجماعة، وهنا يعتقد السيد الشهيد بانّ العلاقات في حاجة – بطبيعة الحال – إلى توجيه وتنظيم شامل، وعلى مدى انسجام هذا التنظيم مع الواقع الإنساني ومصالحه، يتوقّف استقرار المجتمع وسعادته. وقد دفعت هذه المشكلة بالإنسانية في ميادينها الفِكرية والسياسية إلى خوض جهادٍ طويل ، وكفاحٍ حافل بمختلف ألوان الصراع ، وبشتّى مذاهب العقل البشري، التي ترمي إلى إقامة الصرح الاجتماعي وهندسته، ورسم خُطَطه ووَضع ركائزه . وكان جهاداً مرهقاً يضجّ بالمآسي والمظالم، وتقترن فيه السعادة بالشقاء.

كلّ ذلك لِما كان يتمثّل في تلك الألوان الاجتماعية، مِن مظاهر الشذوذ والانحراف عن الوضع الاجتماعي الصحيح. ولولا ومضات شعَّت في لحظات مِن تاريخ هذا الكوكب، لكان المجتمع الإنساني يعيش في مأساة مستمرّة([8]). وهنا نقول ان السيد الشهيد الصدر يقر صراحة مظاهر الشذوذ والانحراف لبعض الافراد مثلت مشاكل اجتماعية اضرت وستبقى بواقع الحياة الاجتماعية للأفراد والتي جعلتهم يعيشون في ازمات وصراعات ومآسي مستمرة، بينما يرى السيد الشهيد  أنّ النظام الاجتماعيّ الإسلاميّ الذي جاء به الوحي ، قد استطاع مثلا – بطريقته الخاصّة في تربية الإنسانيّة ، ورَفْعها إلى أعلى – أنْ يُحرِّم الخَمرة كمشكاة اجتماعية ، وغيرها مِن الشهَوات الشرّيرة ، ويخلق في الإنسان الإرادة الواعية الصلبة([9])

وهنا يحاول السيد الشهيد ان على المجتمع ان يدرك قيمة ذاته من خلال امكاناته الروحية التي يوفرها الشرع الاسلامي المقدس على ان تصاغ بشكل قوانين تحكم سلوكيات الافراد، وعليه يؤكد  هل ننتظر مِن مجتمعٍ لا يملك إرادته إزاء إغواء الخمورة – مثلاً – وإغراءها ، ولا يتمتع بقدرة الترفع عن شهوةٍ رخيصة كهذه ، هل ننتظر مِن هذا المجتمع : أنْ يضع مَوضع التنفيذ نظاماً صارماً ، يحرِّم أمثال تلك الشهوات الرخيصة ، ويُربي في الإنسان إرادته، ويردّ إليه حرّيته ويُحرّره مِن عبودية الشهوة وإغرائها؟ كلاّ طبعاً . فنحن لا نترقّب الصلابة مِن المجتمع الذائب، وإنْ أدرك أضرار هذا الذَوبان ومضاعفاته، ولا نأمل مِن المجتمع الذي تستعبده شهوة الخَمرة أنْ يحرّر نفسه بإرادته، مهما أحسّ بشرور الخَمرة وآثارها؛ لأن الإحساس إنّما يتعمق ويتركز لدى المجتمع ، إذا استرسل في ذَوبانه وعبوديّته للشهوة وإشباعها، وهو كلّما استرسل في ذلك أصبح أشدّ عجْزا عن معالجة المَوقف، والقفز بإنسانيّته إلى درجات أعلى([10])  .اذن ماتقدم يؤكد ان السيد الشهيد(رض) يعول على المجتمع في ان يتجاوز مشكلاته من خلال صرامة ما يؤمن به من قوانين ووضعها موضوع التنفيذ، والحق ان ما ينطبق على الخمر ينطبق كذلك على المخدرات التي هي في خطورتها اكثر حدة من الخمر وباقي الموبقات.

ويقدر تعلق الامر بصياغة قوانين حازمة سنعمد الى قراءة ذلك مع متلازمة مقاربة السيد الشهيد بأحقية وجود الدولة كممثلة عن المجتمع والتي يقع على عاتقها مهمة صياغة القوانين التي تتفق ورغبات الافراد فهو(رض) يرى أن” الدولة ظاهرة اجتماعية أصيلة في حياة الإنسان. وقد نشأت على هذه الظاهرة على يد الأنبياء ورسالات السماء، واتخذت صيغتها السوية، ومارست دورها السليم في قيادة المجتمع الإنساني وتوجيهه، من خلال ما حققه الأنبياء في هذا المجال من تنظيم اجتماعي قائم على أساس الحق والعدل، يستهدف الحفاظ على وحدة البشرية، وتطوير نموها في مسارها الصحيح([11]).

لذا فأن وظيفة الدولة هو تطبيق الشريعة الإسلامية التي وازنت بين الفرد والمجتمع ، وتحمي المجتمع لا بوصفه وجوداً مقابلاً للفرد بل بوصفه تعبيراً عن مجموعة الأفراد ([12]). وهنا يقر السيد الشهيد(رض) وحكومة الدولة الممثلة للأمة ليست مجرد حق وصلاحيات بل هي إلزام ومسؤوليات فالأمة ملزمة شرعاً بضبط شؤونها السياسية وسيرها بالشكل الذي يريده الإسلام، فالمسألة ليست مجرد حق وصلاحية يمكن لأحد التنازل عنه، وإنما هي مسألة فريضة ومسؤولية يجب تحملها والنهوض بأعبائها، وبذلك فهي تتمايز عن الديمقراطية الغربية التي لا تعدو كونها تمنح الحق في المشاركة في الحكم للشعب أو الأمة وعدها مصدر السلطات، أما أن يكون هذا الحق واجباً وملزماً لأفراد الأمة فذلك من خواص السياسة الإسلامية، وفي كل ذلك فأن الأمة لا تخرج عن حكومة الله، وهذا يعني أن لله الحكومة التكوينية والتشريعية وهي حكومة ليست مفصولة عن الإنسان ولا مستبدة به ولا مهملة لمصالحه إنما جنباً إلى جنب مع حكومة الإنسان وولاية الأمة إذ تخضع الأمة لشريعة الله التي تحدد للدولة أهدافها ومسؤولياتها ولا يجوز للدولة أن تتعدى أحكام هذه الشريعة. وعلى الدولة أن تعمل على إظهار دين الله وتحدد مواقفها السياسية بما ينسجم مع الدين([13]). وهنا نقول ان السيد الشهيد يقر بحاكمية ادوار الامة في وضع قوانين من خلال مؤسسات الدولة التي تحفظ كيانه وتعزز من امنه واستقراره بوجه المخاطر والمشكلات ومنها المخدرات.

المبحث الثاني: دواعي تبني استراتيجية وطنية كفوء للحد من انتشار المخدرات في المجتمع العراقي.

تعد المخدرات بحجم تداولها ووسعة دائرة انتشارها وكثرة متعاطيها ظاهرة سلبية تعاني منها اغلب دول العالم، ومن ثم فهي تمثل مشكلة عالمية تهدد الامن المجتمعي لعموم المجتمعات حتى المتقدمة منها، وقد اعتبرتها الامم المتحدة من اخطر القضايا التي تحتاج الى اليات جادة تعمل تسويتها وتقويضها لما لها من تأثير مدمر على الافراد والمجتمع وصانعي التنمية والقرار في كل الدول، بمعنى انها أخطر الظواهر التي تحمل اثارا مدمرة على النواحي الاجتماعية والأمنية والسياسية والتربوية في كل مجتمع وتبرز خطورتها لما ينطوي عليه من انحراف سلوكيات المتعاطين او المدمنين بالقدر الذي يؤدي بهم الى عجز في قواهم والادوار المحاطة بهم، فيصبحون عائلا على المجتمع في الوقت الذي يضع البرامج التي يعول على افراده في توظفيها خدمة لمسار التنمية وبناء الدولة([14]). لذلك لا نغالي اذا ما قلنا أن العراق هو أحد أكثر دول العالم ضرراً من مشكلة انتشار المخدرات، فما يكشفه الواقع لسنوات مابعد عام 2003 ان البلد أصبح مسرحاً لعمليات الاتجار والادمان بالمواد المخدرة والتي أخذت تتمترس قوتها بفعل الصراعات الداخلية والخارجية، والتي كان من نتائجها استدامة حالة اللاستقرار المجتمعي والأمني والسياسي، والتي صبت في النهاية في مصلحة الآخر الذي لم ترق له يوما مسلمة عراق آمن ومستقر، ذلك أنه يدرك ان فيه وأد لمصالحه الذاتية ليدفع بلدنا نتيجة ذلك خسائر كثيرة بالأرواح، ولعل أن ما يثير الامر ضراوة وخيفة هو ان فعل تكك الجريمة لم ينتهي بعد، فحواضنه لازالت تعول على ثغرات الصراعات بكافة مجالاتها لتنشط من جديد، والحال هذا يجعلنا نفصح صراحة بالقول أن حاضرنا ومستقبلنا يبقى معرضا للخطر مع استدامة صور هذه الظاهرة السلبية

لذا وبقدر تعلق الامر بالعراق فهو يعد من الدول التي تعدُّ منفذاً لمرور المخدرات قبل 2003 إلى دول الخليج وحتى أوروبا، إلا أن ظروفاً حتّمت أن يصبح العراق متعاطياً، ومروجاً، ومحطة لزراعة المخدرات وصناعته، مع احتفاظه بكونه معبراً لهذه المواد؛ وهذا التحول يعود لعدة أسباب منها أن الأجهزة الأمنية للنظام العراقي السابق كانت تسيطر بنحوٍ خفي على تجارة المخدرات القادمة من وسط آسيا وأفغانستان مروراً بإيران فالعراق ليتم إيصالها إلى دول الخليج، وكان هذا الأمر جزءاً من الحرب السياسية الخفية التي كان النظام السابق يشنها ضد الدول الخليجية المجاورة. ومن ثم كانت الأجهزة الأمنية العراقية تسيطر بنحوٍ تام على المخدرات من خلال نقلها الى الدول المجاورة والحيلولة دون انتشارها داخل العراق ذلك إن الأوضاع الاقتصادية في العراق إبّان حكم النظام السابق، والحصار الاقتصادي لم يتيحا لغالبية الشعب العراقي شراء المخدرات التي أسعارها مرتفعةٌ جداً قياساً بمستوى دخل المواطن آنذاك، لكن الحال تغيّر بعد 2003، وتحسنت الأوضاع الاقتصادية في البلاد حيث أصبح بالإمكان شراء المخدرات والمؤثرات العقلية بأسعار منخفضة([15]). وعليه تشير المصادر والاحصائيات الرسمية الى ان قضية المخدرات تعاطيا وتجارة اصبحت كبيرة فانتشارها اصبح اصعب من السيطرة عليها، زمن ثم السباق للسيطرة على المخدرات صبحت أصعب بكثير من أي ملف جنائي آخر، وذلك بحكم رواج انتشارها في عموم محافظات العراق، ومنها على سبيل المثال في شهر اب من العام 2022 أعلنت القوات الأمنية في البصرة ضبط كمية ضخمة من المخدرات واعتقلت على اثرها شبكة لتجارة المخدرات بحوزتها 11 كيلوغراماً من مادة الحشيشة، وبعدها بأيام ضبطت شرطة محافظة الأنبار مليوني حبة مخدرة كان ينوي تاجر المخدرات توزيعها داخل المحافظة، ويبدو ان ذلك يؤكد صحة الاحصائيات التي أعلنت عنها المديرية العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية العراقية عن ضبط 14 مليون حبة مخدرة ونحو 300 كيلوغرام من المواد المخدرة في 8 أشهر فقط من العام 2022، وبرغم الحملات الامنية الواسعة والمتلاحقة ضد عصابات وتجار المخدرات في البلاد، والتي أدّت إلى اعتقال الكثير منهم بالقدر الذي ساهم بمحاصرة شبكات توريدها، الا ان العراق بات في السنوات الأخيرة من بين البلدان التي تنتشر فيها المخدرات بشكل واسع([16]).

ازاء ذلك نحن هنا بحاجة الى اعداد استراتيجية وطنية كفوءة تصاغ مضامينها على وفق ابعاد شرعية وقانونية وعرفية، وتلك الاستراتيجية استدعى امر تبنيها ثمة دواع اساسية فرضت نفسها بشكل اثار سلبية تحمل بين جنباتها مخاطر وتداعيات كبيرة تدفع باتجاه توظيفها، وتتمثل تلك الاثار بما يلي:

  1. يحتم الوضع السياسي في العراق الحد من تجارة وتعاطي المخدرات وترويجها لأنها تعد واحدة من اهم إبعاد مشكلة ضعف الانتماء والولاء للوطن، وبالتالي يعد خطر التجارة فيها لا يقل عن خطر اعتداء عدو لاحتلال ارض الوطن وقتل إفراده، وتشير الدلائل الواقعية الى أن المخدرات تمثل سلاحا لتدخل الدول ولاسما الكبرى منها بشؤون الدول الاخرى، وتلك حالة لازالت تمثل استراتيجية فاعلة، فنشر المخدرات بين إفراد الشعوب من اجل إضعافها وتكريس تخلفها وإلهائها بأمور جانبية. هذا الى جانب، ان تجارة المخدرات تمثل احد ابرز مهام شبكات التجسس لأنها تضغط على متعاطي المخدرات والمدمنين عليها كي يعملوا لحسابها كون هذه الشبكات أدركت ان اغلب متعاطي المخدرات يفقدون ولائهم لوطنهم فيكون من السهل تسييسهم مع ما يخدم أغراضها الإجرامية([17]). وبقدر تعلق الامر بالعراق فقد لعب القوات الامريكية عقب احتلالها للبلاد عام 2003 دورا كبيرا في الترويج لتجارة المخدرات، وقد إستندت إلى التجارب الإستعمارية الشائنة في هذا المجال من خلال استخدامها لسلاح المخدرات بطريقة عصرية وعلمية وإقتصادية أرقى وأفضل وأكثر عقلانية مما جرى في حرب الأفيون الإنجليزية ضد الصين، فالأمريكان تعاملوا مع المخدرات بوصفها مشروعا ذا مردود مالي / تجاري ضخم ،وبذلك فهو لن يكلفها شيئا في مقابل الأرباح الخيالية التي حصلت عليها([18]).. وفي مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003، انقلبت الصورة تمامًا وأصبح العراق سوقًا مهمة لبيع المخدرات وممرًا واسعًا، بل وممرا دوليًا لمرورها بعلم الادارة الامريكية التي كانت اكثر المستفيدين من ذلك فضلا عن الدول الاقليمية الاخرى، وبالتالي صارت المخدرات من أبرز أنواع التجارات التي تدر على المتاجرين بها ملايين الدولارات في بلد امتازت فيه المنظومة الأمنية بالضعف أو ربما التواطؤ في بعض الأحيان مع أولئك التجار، ومن ثم كان لقوات الاحتلال الأمريكي وغيرها الدور البارز في التغاضي عن تجارة المخدرات عبر إستراتيجية يراد منها تدمير المجتمع على المدى المنظور. ورغم تنامي ظاهرة المخدرات في المجتمع لا توجد إحصائية دقيقة عن عدد المدمنين في العراق، إلا أن إحصائية لمكتب (المخدرات ومتابعة الجريمة) التابع للأمم المتحدة كشفت أن “من بين كل عشرة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة يدمن ثلاثة على المخدرات”، فيما بيّن التقرير أن “من بين كل ثلاثة منتسبين في القوات الأمنية يتعاطى واحد مادة مخدرة”([19]).
  2. لازالت البيئة المجتمعية في العراق بكافة بُناها الرسمية وغير الرسمية تمارس دورا سلبيا ضاغطا على قناعات الافراد ودفعهم الى ان وجودهم في مجتمعهم ليس الا طارئا بدليل انها لم تكن لتسمح لهم بأن يكونوا افراداً منتجين قادرين على توظيف مكن القوة لديهم نحو بناء الدولة العراقية من خلال ما يسند لهم ادوار تدعم رغباتهم في رفد عملية التطور والتنمية التي تؤمن وجود عراق جديد، وعلهي نقول ان البنية المجتمعية المحيطة بالفرد العراقي وبما تكتنزه من مشكلات وازمات وصراعات في كافة المجالات دعمت الى حد بعيد قيم السلبية والاحباط لديه وبالقدر الذي عزز من واقعية ضغط طبيعة الظروف السائدة في المجتمع العراقي، فكان الاختيار لدى المتعاطي ان يلجأ الى المخدرات كطريق للتخلص من الضغوط بمجملها، لذا فتعاطي المخدرات لا يعد مسؤولية (ذاتية) او اسرية بحتة بل هي في الوقت نفسه الية حل مغلوطة اقتنع بها المدمن بفعل ظروف اجتماعية تتعلق بالبناء الاجتماعي بكافة مؤسسات التنشئة فيه حينما لا تمارس ادوارها بشكل صحيح ومن ثم من الطبيعي ان يصاب هذا البناء بالاضطراب  وينعكس ذلك سلبا ً على الافراد فيتصدع تفاعلهم الايجابي نحو سلوكيات سلبية تماما.
  3. لازالت الدراسات السوسيولوجية تدرك اهمية وسائل الاعلام وخاصة الجديدة منها بمخرجاتها المتعددة كالفيس بوك والتوتير والانستغرام واليوتيوب وغيرها كثير الى جانب القديمة منها  كالصحافة والإذاعة والسينما والقنوات الفضائية دوراً كبيرا ً في تنشئة الافراد في المجتمع، لكن القيمة الايجابية لذلك تكاد تكون مفقودة على اعتبار انها اليوم تعد من قبل الفرد وسيلة من وسائل المتعة والترفيه، بل وتسهم- كما اشارت العديد من الدراسات والبحوث-  في تعزيز حالة التعاطي والادمان على المخدرات([20]). وذلك انها توظف في عرض صورة مظللة عن تلك الحالة مما يساعد على بلبلة ذهن المشاهد وعدم وضوع الرؤيا الحقيقية لديه فقد تكون الفكرة المعروضة في الأساس غير حقيقية كأن يعرض فلم سينمائي او مسلسل تلفزيوني عن أساليب تعاطي المخدرات وادواتها والنشوة الإيجابية التي تأتي من التعاطي والراحة التي يشعر بها المتعاطي وكأن التعاطي هو وسيلة للشعور بالراحة والتخلص من الهموم والضغوط النفسية، وقد تعرض الفكرة بشكل متناقض عن الواقع وكما يصور المسلسل او الفلم او الكاتب امرا مقبولا اجتماعيا، فتكون بذلك سببا للإدمان لقناعة الفرد انه يشعر معها بالراحة، ومن ثم لازالت وسائل الاعلام تلعب دورها الاكبر في([21]).
  4. ضعف الأنظمة الرقابية والعقابية وسهولة توافر المخدرات، وسهولة الحصول عليها يعد احد العوامل التي تسهم في تفشي ظاهرة التعاطي في المجتمع العراقي حيث ان وفرة المادة في المجتمع سيزداد الاقبال على تعاطيها، وتشير الدلائل الواقعية الى ان العراق يعد من المجتمعات التي فيها نسبة تعاطي المسكنات والمخدرات عالية ذلك لوجود سبل تسهل الحصول على المخدر فيها سواء بطرائق مشروعة كالمشروبات الكحولية حيث ان العراق كالعديد من الدول العربية والإسلامية يسمح بتجارة الخمور في الوقت الذي يمنع تعاطي فيه المخدرات على الرغم من تشابها في الأثر مما يخلق جو من التناقض في المجتمع، يدفع بالفرد الى تعاطي المواد المخدرة لرخص اسعارها وسهولة توافرها قياسا بالخمور، ومن ثم فضعف الانظمة الرقابية تساعد وبشكل غير مباشر في تفشي ظاهرة الإدمان على المخدرات في ظل ارتفع اسعار الخمور، ومن ثم فالسلوك المنحرف الذي يسمح المجتمع فيه بتناول الخمور قد لا يشكل في بدايته خطراً على الجماعة او الأنماط الاجتماعية المقررة ولكن الخيط الذي يفصل هذا السلوك عن السلوك الممنوع سهل جداً فقد يرتكب المخمور جريمة او قد يتعاطى مخدرات أخرى ممنوعة او البعض منها غير ممنوعة  كالأدوية النفسية المشروعة التي تمتاز بدرجة توافرها في المجتمع بأسلوب يتبعه الأطباء في كتابة وصفاتهم لمرضاهم ، فالتساهل الشديد في الاذن باستعمال هذه المواد يتيح مزيدا من الفرص لتسربها غير المأذون ومن ثم الى وفرتها في السوق الغير مشروعة فضلا عن ذلك ان الكثير من الحبوب والعقاقير تتميز بوزنها الخفيف ورخص ثمنها كما ان اغلبها يستعمل لعلاج بعض الامراض مما يدل على توافرها في المجتمع كما ان قلة الرقابة عليها يساعد على سهولة الحصول عليها.
  5. تواتر استدامة الازمات والمشكلات وانعدام الامن الاجتماعي، تشير البحوث والدراسات السوسيولوجية أن ادامة مخرجات الحروب والصراعات والازمات ستؤثر على الامن المجتمعي، فيكون البناء الاجتماعي -كحالة العراق- يعيش حالة استمرار التهديد وزعزعة كيانه واستقراره، وهو ما ينذر بنتائج سلبية عميقة في حياة الافراد فيه بالقدر الذي ينعكس سلبا على قواعدهم القيمية والثقافية والاخلاقية، وسيكون ذلك مدعاة الى ضروب من التحلل السلوكي و الخلقي، بمعنى ستكون هناك مسوغات لتدعيم واقع ثبات الخطر الجدي على التوازن النفسي والتكيف الاجتماعي فيكون الفرد راغبا بتجاوز تلك الاختلالات عن طريق مسارات بديلة تسمح له بإعادة التوزان النفسي بطرق مغلوطة، وهنا تأتي المخدرات احدها([22]). فالأخيرة تعد سببا رئيسا لفعل الدمار الذي يلحق بالحياة البشرية في ظروف الأزمات التي تتج عنها مشكلات وظواهر سلبية كثيرة تفرزها حالة تعاطي المخدرات التي تؤدي في النهاية الى تحلل المجتمع وانفصام العلاقات الاجتماعية فيه مسببة مضار جمة منها جنوح الأحداث، والبغاء, والأمراض العقلية والنفسية, والأنتحار, القتل الطلاق والخ([23]).وتلك الحالة لمسناها في العراق ففي ظل الحروب والحصار الاقتصادي والبطالة، مثلت عوامل رئيسة دفعت على انتشار المخدرات التي تزايدت يوما بعد يوًم ماجعلها سببا رئيسا لزعزعة امن واستقرار المجتمع العراقي، فخطورة كل هذه العوامل لا تكمن في  الخسائر المادية التي تخلفها او في خسائر الأرواح فقط بل يكمن ذلك في وهي فقدان الامن الاجتماعي، والذي شكل دافعا رئيسا للعديد من الافراد في ان تظهر لديهم العديد من السلوكيات سلبية التي لم يألفها مجتمعنا من قبل، ولعل ان المخدرات تعد سببا رئيسا فيها([24]).
  6. ان مايزيد من الامر خطورة ان منظمة الشرطة الجنائية الدولية( الإنتربول) اعترفت ان العراق كما العديد من الدول العالم يشهد تجارة في المخدرات ما يضبط فيه وبعض دول العالم لا يشكل سوى 10٪ من الحجم الحقيقي لتداول المخدرات عالميا، الان ذلك يهدده بالخطر بفعل نشاط العصابات الدولية فضلا عن المدمنين فيه والمتعاطين، فوجود مثل هذه العصابات يبقى ضمن دائرة الخطر اذا ما ازدادت قوة وتمويلاً وتنظيماً، لأن أنشطتها ستمتد عبر الدول والقارات حتى تصبح من ضمن الجرائم العابرة للحدود( جرائم بلا وطن) تتفرع عنها جرائم خطيرة مثل غسل الأموال والجريمة المنظمة و الإتجار بالأسلحة والفساد الإداري ومصادر تمويل النشاطات الإرهابية ، كما انها ستكون سببا نحو إقتراف مختلف أنواع الجرائم اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ثبات حقيقة ان  المدمن لا يتورع عن إرتكاب جرائم القتل أو السرقة في سبيل الحصول على مبتغاه وهذا يحصل نتيجة إيقاع الكثير من أطفال وشباب الشوارع بشباك المخدرات وإعطائها لهم من دون ثمن حتى ما أدمنوا قطعوا عنهم المخدرات مما يجعل هؤلاء الأطفال والشباب يقدمون على مختلف الأفعال والسلوكيات ألمنحرفة في سبيل الحصول على المخدرات ، وهذا جل ما تبتغيه العصابات الإرهابية الدولية في تجنيدهم لتنفيذ مخططاتها الإجرامية([25]).

واذا ما سلمنا بواقعية صدق استشراف السيد الشهيد الصدر في قراءته لواقع المجتمعات الانسانية من خلال تأكيده أن إحساس الإنسان المعاصر بالمشكلة الاجتماعية، أشد مِن إحساسه بها في أي وقتٍ مضى، مِن أدوار التاريخ القديم . فهو الآن أكثر وعياً لمَوقفه مِن المشكلة، وأقوى تحسساً بتعقيداتها، لأن الإنسان الحديث أصبح يَعِي أنّ المشكلة من صنعِه، وأن النظام الاجتماعي لا يفرَض عليه مِن أعلى، بالشِكل الذي تُفرَض عليه القوانين الطبيعية، التي تتحكّم في علاقات الإنسان بالطبيعة. فعلى العكس مِن الإنسان القديم، الذي كان ينظر في كثير مِن الأحيان إلى النظام الاجتماعي وكأنه قانون طبيعي، لا يملك في مقابله اختياراً ولا قدرة . فكما لا يستطيع أنْ يُطور مِن قانون جاذبيّة الأرض ، كذلك لا يستطيع أنْ يغير العلاقات الاجتماعية القائمة. ومن الطبيعي أن الإنسان حين بدأ يؤمن بأنّ هذه العلاقات مظهر مِن مظاهر السلوك، التي يختارها الإنسان نفْسه، ولا يفْقِد إرادته في مجالها.. أصبحتْ المشكلة الاجتماعية، تعكس فيه – في الإنسان الذي يعيشها فِكرياً – مرارةً ثوريّةً، بدَلاً مِن مرارة الاستسلام([26]). لذلك نقول ان السيد وضع امامنا نظرية اجتماعية تعالج المشكلة الاجتماعية التي تؤرق واقع المجتمع عبر طرح استراتيجية وطنية يعول عليها في معالجة مشكلة المخدرات التي ضربت مجتمعنا العراقي المسلم

ماتقدم يضع صانع القرار العراقي امام تبني استراتيجية وطنية خاصة بمكافحة المخدرات يتم تضمينها في عمل وبرامج وخطط كل مؤسسات الدولة لتكون برنامج عمل يدركه الفرد العراقي بمواقفه وسلوكياته لاسيما بعد صبح فردا فعالا يدفع باتجاه الحد منها وفق ثقافته المجتمعية التي نشأ وتربى عليها وفي كافة المجالات سواء الاجتماعية منها والاقتصادية والسياسية والثقافية والتي تحاول المخدرات تقويضها حتى يتحول المجتمع العراقي الى بيئة موردة ومصدرة للمواد المخدرة على حساب افراد المجتمع الذي يسلم بأجمعه بخطورتها وحجم الكوارث المترتبة عنها وهو ما لايتفق مع مبادئه الدينية والقانونية التي ينضبط سلوكه الاجتماعي من خلالها. لذا يجب ان تقوم هذه الاستراتيجية بمضمونها على جملة من الاليات والوسائل الناجزة لفاعليتها والتي سنعمد الى بيانها في المبحث الاخير.

المبحث الثالث: اليات الاستراتيجية الوطنية المقترحة لمكافحة المخدرات في العراق.

ومع جدية مخاطر تعاطي المخدرات والادمان عليها والتجارة المربحة فيها، نقول ان صياغة استراتيجية وطنية ستبقى الضمان الاكثر فاعلية لتقويم عدم كفاءة ومقدرة بعض المؤسسات على مكافحة المخدرات والتخلص منها، ذلك فاعليتها – اي الاستراتيجية المبتغاة – ستدفع بمؤسسات الدولة كافة وتحديدا الامنية منها الى أن تبذل قصارى جهدها لتوفير بيئة معادية للمتجارين بها او المدمنين عليها، بمعنى أن تلك الاستراتيجية ستعمل على تأطير(نمذجة) عمل المؤسسات الامنية عبر الزامها بتفعيل سياسة مكافحة المخدرات التي تجمع سلسلة من الأدوات الشرعية والسياسية والقانونية والأمنية بالقدر الذي تجعل من العمل بها غير فعال ويدخل المتورط بها في دائرة المساءلة القانونية والخطر ، ومن ثم بل فان الاستراتيجية ستكون بمثابة العقيدة الوطنية التي تجعل كل من حكوماتنا وشعبنا لديه المقدرة على مواجهتها والتخلص منها، ولكي تأخذ تلك الاستراتيجية دورها في فعل التنفيذ فأنها يجب ان تقوم على جملة من الاليات الضامنة لنجاحها:

  1. ضرورة العمل الجاد على تطبيق القوانين العراقية الخاصة بمكافحة المخدرات ومنها قانون (50) لعام 2017 والذي تناول عدة فقرات حاول من خلالها القانون فرضة رقابة قانونية صارمة على كيفية التعامل معها والاستفادة منها ومعاقبة المتاجرين بها([27]).
  2. ان تتضمن الاستراتيجية الوطنية طرق الوقاية من تعاطي المخدرات وتضمينها نشر التوعية عن طريق تعزيز دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي  التي لها دور كبير في الحد من مخاطرها وأساليب ترويجها وسبل معالجتها وانواعها على كافة المستويات. اضف الى ذلك يجب ان يكون هناك دور كبير للبرامج الثقافية والندوات والبرامج الاذاعية التي يجب ان تطرح برامجها بهذا الشأن بإسلوب سهل ومبسط وجاذب للمتابعة في مقابل ان تعمل الحكومة بشكل جاد على  توفير فراص عمل للشباب ووسائل الترقية وأنشطة للقضاء على اوقات الفرات وبدلا من دفعهم الى التفكير في امور اخرى([28]).
  3. يتطلب امر مواجهة انتشار المخدرات في مجتمعنا، تضامن جهود كافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية، فيجب على الاسرة ان يكون لها الدور الأبرز في متابعة أبنائها من السلوك المنحرف ومن تعاطي المخدرات وبالتالي يجب عليها من توعيتهم ونصحهم ومدى ما ينتظرهم من مخاطر جمة بهذا الشأن، وعليها يتطلب امر الارشاد زرع حالة الثقة بالنفس واتخاذ القرارات الصحيحة المبينة على إلى حسن التقدير وعدم التأثر والانصياع للضغوط التي يمارسها أصدقاء السوء لغرض إخضاعهم إلى تعاطي المخدرات، وعليها هنا سنكون ها اما حاكمية فرضية ايجابية تماما وكلما كان تأثير الأسرة العراقية قويا على الفرد قل تأثير أصدقاء السوء عليه. واضف الى ذلك يجب ان تمارس المؤسسات التعليمية على كافة مستوياتها في توعية وتوجيه الناشئين من اجل خلق جيل واع لمخاطر الانحراف والتسيب والتسرب عن الدوام بعيدا عن رقابة الاهل
  4. تلعب الجوانب الدينية دورا” كبيرا” في تحريم كل ضرر يصيب الإنسان في عقله أو نفسه أو دينه أو ماله، ولذلك يكون تعاطي هذه المخدرات محرماً للضرر الناشئ عن تعاطيها. فالمقاصد التي تؤكد عليها الشرائع السماوية هي: حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال، وبما أن تناول المخدرات فيه ضرر مبين بهذه الضروريات والمقاصد، فيكون تعاطي المخدرات وإدمانها حرام بلا جدال. على منظمات المجتمع المدني المهتمة بالشباب أن تبذل الجهود الحثيثة في أعداد البرامج التي تنطوي على معالجات غير مباشرة لظاهرة تعاطي الشباب للمخدرات والعمل على توعيتهم بمخاطر هذه الظاهرة الوافدة، فضلاً عن تعزيز القيم الاجتماعية الرافضة لهذا السلوك المنحرف. سن قوانين صارمة بحق من يتاجر او يتعاطى المخدرات ومحاسبتهم وفقا للقوانين. تفعيل جهد الاجهزة الامنية، لاسيما شرطة مكافحة المخدرات. وتقديم كافة المستلزمات لهم.
  5. ان نجاح الاستراتيجية الوطنية بهذا الشأن يتطلب قيام الاجهزة الامنية وعلى الاخص منها الاستخبارية الاهتمام بملف المخدرات، لأنه يهدد الامن المجتمعي وضرورة ضبط المنافذ الحدودية ومراقبة الوافدين للبلاد.
  6. ضرورة الاخذ بنظر الاعتبار القوانين الدولية التي تديم زخم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية ومنا ما نصت عليه المادة 38-1 من الاتفاقية الخاصة بالمخدرات عام 1961 بصيغتها المعدلة ببروتوكول سنة 1972 التي الزمت الدول الاطراف بأن تعير اهتماما خاصا في اتخاذ جميع التدابير الممكنة عمليا لمنع اساءة استعمال المخدرات ومعرفة الاشخاص المتورطين بذلك , في موعد مبكر وعلاجهم وتعليمهم ومتابعة رعايتهم وإدماجهم اجتماعيا وتنسق جهودها لهذه الغايات , ومضمون هذه المادة يتفق والحكم الذي نصت عليه المادة 20من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الاتجار الغير المشروع في المخدرات لسنة1988([29])
  7. ضرورة العناية والاهتمام الكبير بأوضاع المدمنين والمتعاطين واخذ ذلك الامر على محمل الجد، والزم الجهات الصحية المسؤولة عن ذلك باعتماد برامج توعوية وصحية تبدأ بالعلاج في اللحظة التي يقرر بها الشخص التوقف عن تعاطي المخدرات ومن الأهمية بمكان ان يكون هو الذي اتخذ القرار بالتوقف ولم يفرض عليه والا فانه لم يلبث ان يعود الى التعاطي في اول فرصة تسمح له ومن ثم فقد أجازت بعض التشريعات الحديثة معالجة المدمن خارج المصحات وهذا النوع من العلاج قد يعد بالنسبة لبعض المدمنين أكثر ملائمة حيث يجعلهم أكثر شعورا ً بالثقة مما يدفعهم الى الحوار مع معالجيهم وطرح مشكلاتهم([30]) كما يتطلب علاج الإدمان رعاية طبية مكثفة ومستمرة لفترة من الوقت داخل المستشفيات المتخصصة حيث يمر العلاج بعدة مراحل منها باعتبار المدمن مريضا ً وليس مجرما ً والتعامل معه على انه انسان مريض يحتاج الى العلاج اكثر من العقاب وعرض المدمن بسرعة على الأطباء وتوفير المستشفيات الكافية([31])

تمثل هذه الاليات وغيرها من الوسائل الاخرى مقدمة لحل مشكلة يعاني منها مجتمعنا ومن ثم فهي قد تمثل بادرة لتجاوز ما يمر بها من مخاطر قد تتزايد في المستقبل القريب وهو ما ينذر بخطر يتهدد امن وسلامة مجتمعنا وتلك قضية المح اليها السيد الشهيد الصدر كما العديد من العلماء والذين اكدوا على ضرورة ادراتها منعا لتفاقمها وصعوبة تسويتها، لذا ان صياغة استراتيجية وطنية بهذا الشأن تتطلب قبل شيء مقاربة ضوابط الشرع المقدس كضرورة لنجاحها، ولا يمكن لباحث منصف ان يتجاوز قراءات السيد الشهيد الصدر (رض) في هذا المجال.

 

الخاتمة

ان تمسك صانع القرار السياسي العراقي بصياغة استراتيجية وطنية خاصة بمكافحة المخدرات يمثل انعكاسا واقعيا لرؤية مجتمعية عراقية خالصة تجعله امام رؤية قويمة يُدرك بها حجم المخاطر التي تمثلها تلك الظاهرة العصية عن التسوية على الامن الوطني / المجتمعي، ومن ثم ستكون ان تلك الاستراتيجية بمثابة العقيدة الوطنية المحفزة لصياغة قرارات استراتيجية تفصح عن خطة عمل استباقية تدرء بها حالات التعاطي قبل الادمان، عندئذ نقول ان تلك العقيدة احكمت اثرها في الاداء المجتمعي نحو تحجيم الخطر وصولا الى ادارته وربما بشكل كبير تسويته لذلك لاضير من القول أن تلك الاستراتيجية ستكون بمثابة السر  الذي يُفصح لنا عن كيفية نجاح المؤسسات الامنية والصحية والمجتمعية في تكتيكاتها لمواجهة موجة خطر المخدرات، لابل انها توفر الغطاء الشرعي والقانوني لاتخاذ التدابير اللازمة لمكافحته طبقا لما يمليه قانون مكافحة الارهاب بكافة اشكاله في العراق وهذا في النهاية يخدم فكرة  اعداد اجهزة مجتمعية قوية  قادرة على مواجهة خطط من يريد الضرر بواقعنا الاجتماعي فضلا عن أنها ستسهم في حفظ الامن والاستقرار وحماية الارواح والممتلكات والمحافظة على حقوق الانسان العراقي وحرياته الاساسية وهذه في الحقيقة تمثل مسؤولية شرعية قبل ان تكون قانونية وضعية دعت لها الشريعة الاسلامية لماضي وحاضر ومستقبل العالم اجمع، فكانت تلك المسؤولية الدافع الحقيقي الذي دفع السيد الشهيد الصدر لمعالجة ما يعترض  البشرية وتحقيق امر سعادتها من مشاكل تقف حائلا دون تحققها، فكانت قراءاته استشرافية وفق منطق ما ينبغي ان نكون عليه.

[1] أحمد عطية بن علي الغامدي، أثر المخدرات على الأمة وسبل الوقاية منها، منشورات الرئاسة العامة لرعاية الشباب، الرياض، 1408هـ، ص 10

[2] محمد بن جمعة بن سالم، النظرية الإسلامية لمكافحة المخدرات، المحمدية للنشر و التوزيع ، ابو ظبي، ١٩٩٥،ص٢٧ .

[3] نقلا عن: مصطفى سويف، المخدرات والمجتمع نظرة تكاملية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1996، ص19.

[4] دائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة , المخدرات الموت الزاحف قسم الدراسات والتخطيط , اللجنة الفرعية لمكافحة المخدرات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي , بغداد، د.ت، ص7

[5] عثمان فراج ، الشباب والتحولات الاجتماعية في الوطن العربي ، المجلة العربية للثقافة ، العدد 31، المنظّمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1996، ص163.

[6] اكرم بركات، مخاطر الخمر والمخدرات، منتدى الكفيل، العتبة العباسية المقدسة، كربلاء المقدسة 27/11/2019:  https://forums.alkafeel.net/node/871395

[7] حنان حسين عواد , المخدرات وآثرها المدمر لصحة الإنسان والمجتمع , ط1,شركة دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع , الكويت ،2003م , ص147

[8] السيد محمد باقر الصدر، الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعيّة، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت، 2011، ص7.

[9] المصدر نفسه، ص14.

[10] المصدر نفسه، ص19.

[11] محمد باقر الصدر،  الإسلام يقود الحياة، ط2، وزارة الارشاد الاسلامي، طهران، 1403هـ، ص3.

([12]). محمد باقر الصدر ، الاسلام يقود الحياة، مصدر سابق ، ص 16 – 17 .

[13] محمد عطا المتوكل، مصدر سابق، 181.

[14] منظمة الأمم المتحدة عام 1991 الى عام 2000 ، عقدت منظمة الأمم المتحدة المؤتمر لمكافحة أساءة استعمال المواد المخدرة والمؤتمرات الفعلية (ص1 – ص10)

[15] د. خالد حنتوش، المخدرات في العراق – ملاحظات ميدانية في المحافظات الجنوبية، قسم الابحاث، مركز البيان للدراسات والتخطيط، بغداد، 25/9/2017:

[16] زيد سالم، انتشار المخدرات في العراق أسرع من السيطرة عليها: الفساد والحدود، صحيفة العربي الجديد، شركة فضاءات ميديا ليمتد.، الدوحة، 6/9/2022، ص9.

[17] حمزة جواد خضير ، حسن حمدان، المخدرات نظرة اجتماعية: دراسة حالة، مجلة العلوم التربوية والنفسية، العدد 78، جمعية العلوم النفسية والتربوية، بغداد، 2011، ص482.

[18] زكريا شاهين؛ وجه أمريكي آخر لحروب الإبادة : الأسلحة القذرة، شبكة المعرفة الدولية(الانترنيت)http://www.almoher.net

[19] جاسم الشمري، المخدرات في العراق بعد عقد ونصف من الاحتلال، سلسلة اراء، نون بوست، 10/4/2018: https://www.noonpost.com/content/22830

[20] افراح محمد جاسم مصدر سابق ص 77

[21] عبد الرحمن مصيف ، الشباب والمخدرات في الوطن العربي ، الكويت ، الربيعات للنشر والتوزيع ط1 ، 1985 ، ص58 –ص59

[22] د. تماضر حسون وتقرير عن الذروة العلمية حول الاثار الاجتماعية والثقافية التي تخلقها الحروب والكوارث على أوضاع الأطفال في الوطن العربي ، المجلة العربية للدراسات الامنية ، مجلد 2 ، العدد 4 ، الرياض ، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب ، 1987 ،ص211

[23] عدنان ياسين مصطفى ؛ السلوك المنحرف في ظروف الأزمات ، بيت الحكمة ، سلسلة المائدة الحرة، بغداد ، حزيران 1998، ص120.

[24] باسمة كزار حسن، اثر المخدرات على الامن الاقتصادي في البصرة، مجلة الغري للعلوم الاقتصادية، العدد 27، ص51.

[25] أكرم عبد الرزاق المشهداني ؛ المخدرات الإرهاب الأكبر ، جريدة الاتجاه الآخر ، العدد 278، بغداد 1/7/2006، ص26.

[26] محمد باقر الصدر ، مصدر سابق، ص 8.

[27] الوقائع العراقية، قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (٥٠)لسنة ٢٠١٧، صحيفة الوقائع العراقية ، العدد 4446، 2017، ص ص 1-50.

[28] عبد الرحمن محمد العيسوي : المخدرات وأخطارها ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، ط1 ، 2005 ، ص155

[29] السيد عتيق : جرائم المخدرات ، دار النهضة ، القاهرة ط1 2006 ،ص238

[30] السيد عتيق – جرائم المخدرات ، دار النهضة ، القاهرة ، ط1 ، 2006 ، ص240

[31] عبد الرحمن محمد العيسوي : المخدرات وأخطارها ، دار الفكر الجامعي ، الاسكندربة ،ط1 ،2005، ص113 .

أحمد حسن الحرامشة وجلال علي  الجزائري :أدمان المخدرات والكحوليات وأساليب العلاج ، دار الحامد للنشر والتوزيع ، الأردن ط1 ، 2012، ص60

المصادر

  1. أحمد عطية بن علي الغامدي، أثر المخدرات على الأمة وسبل الوقاية منها، منشورات الرئاسة العامة لرعاية الشباب، الرياض، 1408هـ.
  2. محمد بن جمعة بن سالم، النظرية الإسلامية لمكافحة المخدرات، المحمدية للنشر و التوزيع ، ابو ظبي، ١٩٩٥.
  3. مصطفى سويف، المخدرات والمجتمع نظرة تكاملية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1996.
  4. دائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة , المخدرات الموت الزاحف قسم الدراسات والتخطيط , اللجنة الفرعية لمكافحة المخدرات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي , بغداد، د.ت.
  5. عثمان فراج ، الشباب والتحولات الاجتماعية في الوطن العربي ، المجلة العربية للثقافة ، العدد 31، المنظّمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1996.
  6. اكرم بركات، مخاطر الخمر والمخدرات، منتدى الكفيل، العتبة العباسية المقدسة، كربلاء المقدسة 27/11/2019: forums.alkafeel.net
  7. حنان حسين عواد , المخدرات وآثرها المدمر لصحة الإنسان والمجتمع , ط1,شركة دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع , الكويت ،2003.
  8. [1] السيد محمد باقر الصدر، الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعيّة، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت، 2011.
  9. محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، ط2، وزارة الارشاد الاسلامي، طهران، 1403هـ.
  10. منظمة الأمم المتحدة عام 1991 الى عام 2000 ، عقدت منظمة الأمم المتحدة المؤتمر لمكافحة أساءة استعمال المواد المخدرة والمؤتمرات الفعلية.
  11. خالد حنتوش، المخدرات في العراق – ملاحظات ميدانية في المحافظات الجنوبية، قسم الابحاث، مركز البيان للدراسات والتخطيط، بغداد، 25/9/2017:
  12. زيد سالم، انتشار المخدرات في العراق أسرع من السيطرة عليها: الفساد والحدود، صحيفة العربي الجديد، شركة فضاءات ميديا ليمتد.، الدوحة، 6/9/2022.
  13. حمزة جواد خضير ، حسن حمدان، المخدرات نظرة اجتماعية: دراسة حالة، مجلة العلوم التربوية والنفسية، العدد 78، جمعية العلوم النفسية والتربوية، بغداد، 2011.
  14. زكريا شاهين؛ وجه أمريكي آخر لحروب الإبادة : الأسلحة القذرة، شبكة المعرفة الدولية(الانترنيت)http://www.almoher.net
  15. جاسم الشمري، المخدرات في العراق بعد عقد ونصف من الاحتلال، سلسلة اراء، نون بوست، 10/4/2018: noonpost.com
  16. عبد الرحمن مصيف ، الشباب والمخدرات في الوطن العربي ، الكويت ، الربيعات للنشر والتوزيع ط1 ، 1985 .
  17. تماضر حسون وتقرير عن الذروة العلمية حول الاثار الاجتماعية والثقافية التي تخلقها الحروب والكوارث على أوضاع الأطفال في الوطن العربي ، المجلة العربية للدراسات الامنية ، مجلد 2 ، العدد 4 ، الرياض ، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب ، 1987.
  18. عدنان ياسين مصطفى ؛ السلوك المنحرف في ظروف الأزمات ، بيت الحكمة ، سلسلة المائدة الحرة، بغداد ، حزيران 1998.
  19. باسمة كزار حسن، اثر المخدرات على الامن الاقتصادي في البصرة، مجلة الغري للعلوم الاقتصادية، العدد 27.
  20. أكرم عبد الرزاق المشهداني ؛ المخدرات الإرهاب الأكبر ، جريدة الاتجاه الآخر ، العدد 278، بغداد 1/7/2006.
  21. الوقائع العراقية، قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (٥٠)لسنة ٢٠١٧، صحيفة الوقائع العراقية ، العدد 4446، 2017.
  22. عبد الرحمن محمد العيسوي : المخدرات وأخطارها ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، ط1 ، 2005 .
  23. السيد عتيق : جرائم المخدرات ، دار النهضة ، القاهرة، ط1 2006 .
  24. عبد الرحمن محمد العيسوي : المخدرات وأخطارها ، دار الفكر الجامعي ، الاسكندربة ،ط1 ،2005.
  25. أحمد حسن الحرامشة وجلال علي الجزائري :أدمان المخدرات والكحوليات وأساليب العلاج ، دار الحامد للنشر والتوزيع ، الأردن ط1 ، 2012.

مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية