في الذكرى العطرة لمولد رسول الله (ص) نستحضر دلالات عدة
فمنها الدلالة الحضارية المتمثلة بالانطلاقة الكبرى نحو بناء واقع إنساني موحّد، تذوب فيه فوارق العرق واللون والانتماء، وتمتزج كلها في إطار الإسلام الذي أراده الله تعالى ديناً خاتماً للبشرية ومنهجاً شاملاً ينظّم سلوكها ومواقفها في بناء تتكامل فيه الأمم والشعوب والأقوام، وتحكم شريعته حياتهم، من أجل أن تنتهي قرون الظّلام والعذاب، ويشرق نور الإسلام الساطع أملاً دائماً وحقيقةً ممتدّة.
ومنها الدلالات المعنوية والروحية التي تمثل لحظة المراجعة الذاتية للإنسان المسلم؛ ليقف مع نفسه في ذكرى ميلاد قائده القدوة، فيكتشف أين هو من رسول الله (ص) في نهجه وسلوكه وعطائه، وأين هو من رسالته في مفاهيمها وتعاليمها وقيمها، إنَّها وقفة مطلوبة في كل يوم، لكنّها في ذكرى المولد العظيم تمتلك بُعداً آخر ينبع من الارتباط المباشر بين مولد صاحب الرسالة الذي تحمل أعباء المسؤولية وأدّاها كاملة غير منقوصة، وبين مسؤولية الإنسان المسلم الرّسالي؛ وبذلك تصبح وقفة المراجعة حالة إسلامية عامّة يشترك فيها المسلمون كلّهم في أرجاء العالم من أجل مواصلة الطريق واقتفاء أثر رسول الله (ص) في مسيرته اللاحبة.
أزكى التبريكات للعالم الإسلامي أجمع بهذه الذكرى المباركة سائلين الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من الثابتين على خط رسول الله (ص) في جهده وجهاده لنصرة الإسلام العزيز أرواحنا فداه.

