دراسة الاستراتيجيات لشهيد محمد باقر الصدر في حل المشاكل الاقتصادية و توظيفها في التنمية الاقتصادية للعراق في العصر الحاضر
العنوان: دراسة الاستراتيجيات لشهيد محمد باقر الصدر في حل المشاكل الاقتصادية و توظيفها في التنمية الاقتصادية للعراق في العصر الحاضر
الكاتب/الكتّاب:
اصغر طهماسبي البُلداجي -
-
-
-
الملخّص
الشهيد محمد باقر الصدر من علماء الإسلام المعاصرين و هو قد عبر عن آراء و نظريات قيمة حول القضايا الإسلامية في مختلف المجالات. تعد نظرياته في مجال الاقتصاد من أكثر النظريات قيمة و ابتكارًا في الاقتصاد الإسلامي و في مناقشة القضايا الاقتصادية وضع طبيعة نظرياته على أساس تعاليم دينية و من خلال استنتاج أنیق و عميق عبّر عن محاور الاقتصاد الإسلامي في أبعاد مختلفة حتى يمكن تنفيذها من أجل التنمية الاقتصادية و تحقیق العدالة الاجتماعية. حللت الدراسة الحالية الآراء الاقتصادية للشهيد الصدر في محاور مختلفة بهدف حل المشاكل الاقتصادية و التنمية الاقتصادية بطريقة وصفية تحليلية و في هذا الصدد بينت خصائص كل محور في اتجاه التنمية الاقتصادية للعراق. إنّ تطوير الإنتاج و التشغيل في ضوء تثمين العمالة و دعم الإنتاج المحلي، و تحقيق العدالة الاجتماعية بمحاور الضمان الاجتماعي و التوازن الاجتماعي، و تطوير النظام البنكي مع نهج تحریم الربا و تشجيع الاستثمار في الأعمال المنتجة و المربحة و المکافحة مع الأضرار الاقتصادية في ظل محاربة الفساد و التبذیر و الرفاهية تعد من أهم الاستراتيجيات الاقتصادية التي يتبناها الشهيد الصدر لحل المشاكل الاقتصادية. إن الاهتمام بهذه المحاور و تنفيذها في العراق بالإضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية و السلام، يمكن أن يساعد في التنمية الاقتصادية للبلد و حل مشاكله الاقتصادية؛ لأن هذه النظرية تقوم على القدرات البشرية و الطبيعية للعراق من جهة و ثقافته الدينية من جهة أخرى.
Abstract:
Abstract: Martyr Mohammad Baqir Sadr is one of the contemporary Islamic scholars who has expressed valuable opinions and theories about Islamic issues in various fields. His theories in the field of economics are among the most valuable and innovative theories of Islamic economics. In designing economic issues, he has made the nature of his theories religious teachings and with deep inference, has expressed the dimensions of Islamic economics in different aspects so that it can be implemented for economic development and social justice.The present study, with a descriptive-analytical approach, has analyzed the economic views of Martyr Sadr in various aspects to solve economic problems and economic development, and in this regard, has stated the characteristics of each aspect for the economic development of Iraq.Development of production and employment along with valuation of labor and support of domestic production, realization of social justice with the aspect of social security and social balance, development of interest-free banking system with an approach to prohibiting usury and encouraging investment in productive and profitable work and countering With economic damage in the light of the fight against corruption, extravagance and luxury are among the most important economic strategies of Shahid Sadr to solve economic problems.Paying attention to these points and implementing them in Iraq, in addition to achieving justice and social peace, can help the country’s economic development and solve its economic problems; Because this theory is based on the human and natural capabilities of Iraq on the one hand and its religious culture on the other.
البحث الكامل
المقدمة
الاقتصاد هو أحد الحاجات الأساسية للإنسان في الحياة الدنيوية. لا شك أن كل إنسان في كل مجتمع يحتاج إلى اقتصاد من أجل مواصلة الحیاة. إنّ الاقتصاد مهم لتنمية المجتمع و الرفاهية الفردية و الاجتماعية. في تعاليم الإسلام و كذلك في آيات من القرآن و روایات المعصومین (علیهم السلام) تم الأخذ بعين الاعتبار أهمية الاقتصاد و اهتمامه بالتفوق الفردي و الاجتماعي. يمكن أن يساعد الاهتمام المناسب بالاقتصاد في تنمية المجتمع و القضاء على الفقر و البعد الطبقي و تحقيق العدالة الاجتماعية و هو أحد الأهداف المهمة للدين.
و السؤال الأساسي في هذا الصدد ما هي استراتيجيات تحقيق العدالة في المجتمع و التقدم الاقتصادي؟ وما هي الحلول المطروحة في التعاليم الدينية لتحقيق ذلك؟ نظرًا لأهمية هذا الموضوع و الإجابات على هذه الأسئلة قام المفكرون الإسلاميون بتجميع هذه الحالات و بحثها و دراستها و قدموا اقتراحات لشرح و تنفيذ الاقتصاد المتمركز حول الإسلام بشكل أفضل.
في غضون ذلك يعد الشهيد محمد باقر الصدر من أهم المفكرين الإسلاميين الذين كتبوا أعمالاً مهمة و عملية في هذا المجال مع التركيز على الاقتصاد الإسلامي. و قد درس هذه القضية المهمة مع الاهتمام الكبير بالاقتصاد الإسلامي و طريقة مأسسة الاقتصاد الإسلامي في المجتمع من ناحية و تحقيق العدالة الاجتماعية و القضاء على الفقر و البعد الطبقي من ناحية أخرى. أعماله في مجال الاقتصاد الإسلامي أصلية ومهمة في نوعها. لكن الموضوع المهم و السؤال الرئيسي الذي يطرح في هذا الصدد و يسعى هذا البحث للإجابة عليه هو إلى أي مدى يمكن تطبيق نظريات الشهيد الصدر الاقتصادية في العصر الحالي في الدول الإسلامية وخاصة العراق؟
بمعنى آخر هل تشير هذه النظريات حصريًا إلى عرض نظرية و مبادئ الاقتصاد الإسلامي أم أنها تساعد في حل المشكلات الاقتصادية و التنمية الاقتصادية للمجتمع؟ و هذه الدراسة مع التركيز على هذه القضية تبحث في النظريات الاقتصادية للشهيد الصدر و تأخذ في الاعتبار اقتصاديات العراق و دول إسلامية أخرى و تفترض أن: النظريات الاقتصادية للشهيد الصدر لا تعبر فقط عن إطار الاقتصاد الإسلامي و لكن حلوله يمكن أن تساعد أيضًا في حل المشكلات الاقتصادية و التنمية الاقتصادية للمجتمع؛ لأن نظرياته و استراتيجياته الاقتصادية مبدئية و متوافقة مع احتياجات المجتمع في كل عصر و لا تقتصر على فترة محددة. وفقًا لذلك يمكن تنفيذ حلولهم الاقتصادية في العصر الحالي و يمكن أن تساعد في حل المشكلات الاقتصادية. و لإثبات هذه الفرضية في محاور مختلفة قد عبر عن الإستراتيجيات التنفيذية لآراء شهيد الصدر في التنمية الاقتصادية و حل المشاکل الاقتصادية و تم تطبيق مناهج و أبعاد هذه المحاور و تحليلها بشكل عملي.
خلفیة البحث
فيما يتعلق بالموضوع الحالي تم إجراء العديد من الأبحاث التي يمكن تقسيمها إلى فئتين. تمت كتابة بعض الأبحاث بشكل رئيسي فيما يتعلق بآراء الشهيد محمد باقر الصدر في الاقتصاد الإسلامي و أمثلة عليه. أكثر ما تمت دراسته في هذه الدراسات هو التحليل النظري لآراء الشهيد الصدر. كانت دراسة آراء الشهيد صدر حول العدالة الاجتماعية، و المصرف لاربوي و الاقتصاد الإسلامي من أهم مواضيع هذا البحوث.[i] و قد تناولت بعض الدراسات الأخرى قضايا الاقتصاد للعراق و بحثت في هذا الصدد قضايا مهمة في مجال اقتصاد العراق. حاولت كل من هذه الدراسات شرح و تحليل المشاكل الاقتصادية للعراق على أساس كل حالة على حدة.[ii]
و مع ذلك لم يتم كتابة أي بحث مستقل حول موضوع الدراسة الحالية. لذلك تمت كتابة هذا البحث من خلال نهجين مهمين مختلفين عن الأبحاث الأخرى: أولاً: في مجموعة متماسكة و جامعة قام بتحليل و فحص وجهات النظر الاقتصادية للشهيد الصدر في مختلف المجالات و عبّر عن المناهج العملية لآرائه في تحقيق الاقتصاد الإسلامي و التنمية الاقتصادية؛ ثانياً: قامت بتحليل هذه الآراء و بحثها من أجل حل المشاكل الاقتصادية و التنمية الاقتصادية للعراق، و في هذا الصدد عرضت حلولاً موثقة من وجهات النظر الاقتصادية للشهيد الصدر في التنمية الاقتصادية للعراق.
أهمیة البحث
الاقتصاد هو أحد الضروريات التي لا تنفصل عن حياة کل إنسان في العالم. يعتمد بقاء الإنسان و طريقة حياته على كيفية اقتصاده. في العصر الحالي يعد الاقتصاد مهمًا للسلم الفردي و الاجتماعي للشعب من ناحية و للاستقلال السياسي لأي بلد من ناحية أخرى. إنّ عدم وجود اقتصاد متماسك و قوي يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار و الاضطراب في ذلك المجتمع. فِي عِدَةِ الدِّراسات العالَمية زعم بَعض الباحِثينَ الذين راجَعوا 120 حالَةً لِعُقوبات اقتِصادِيَة، أنَّ العُقوبات الاِقتِصادِيَة كانَت ناجِحَة بِنِسبَة 34٪. يُمكِن لِلعُقوبات المُصَمَمة لِتَقليل الرِفاهِية الاِجتِماعية، إِذا أَدّت إِلى انخِفاض كَبير فِي الرِعايَة الاِجتِماعِيَة، أَن تُسَبِب اضطرابات اجتماعية، وَ بِالتّالي الإِطاحَة بِالحكومات.[iii] وَ بِحَسَب بَعض الباحِثين فَإنّ أَهداف العُقوبات الاِقتصادِيَة هِي انخِفاض الرِفاهية وَ الأَمن فِي المُجتَمَع الَّتي تَکون تَحت العُقوبات، ثُم الإطاحَة بِالنِظام الحاكِم فِي ذَلِك البَلد.[iv] لذلك فإن معالجة القضايا الاقتصادية مهمة للغاية من أجل حل المشاكل الاقتصادية.
و في هذا الصدد يقدم الشهيد الصدر حلولاً جديدة و مكونات مهمة من أجل حل المشاكل الاقتصادية بابتكار جديد و بنقاط مهمة و ممیزة. لذلك فإن الاهتمام بهذه الأفكار القيمة ليس مهما من الناحية النظرية، و لكن هامة من حيث شرحها و تبیینها للتنفيذ و المأسسة على مختلف مستويات المجتمع مما قد يؤدي إلى التقدم الاقتصادي و العدالة الاجتماعية في مختلف الجوانب الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية و السياسية.
اولاً: الاسس الاقتصادية للتنمية الاقتصادية للمجتمع انطلاقا من افكار الشهيد الصدر
الأسس الاقتصادية هي مبادئ مهمة توجه الخصائص الاقتصادية في أبعاد مختلفة؛ بعبارة أخرى تنشأ الخصائص الاقتصادية من المبادئ الاقتصادية. إذا كان الأساس الاقتصادي يعتمد على تراكم الثروة فإن الخصائص الاقتصادية تقوم أيضًا على فكرة المادية و المصالح الشخصية. تتبنى كل من مدارس الليبرالية و الماركسية و الرأسمالية أسلوبها الاقتصادي الخاص على أساس مبادئ و اصول رؤيتها. لذلك تلعب المبادئ الاقتصادية دورًا مهمًا في توجيه الأسلوب الاقتصادي و الخصائص الاقتصادية. في الجزء الأول من كتاب “إقتصادنا” يناقش الشهيد الصدر المدارس الاقتصادية بالتفصيل و يستعرض مبادئ و أساليب كل منها.[v] هو يشير إلى المبادئ الاقتصادية للإسلام في کتابه”إقتصادنا” و کتاب”البنك اللاربوي في الاسلام” و أعماله أخرى. هذه المبادئ التي تم التعبير عنها في أفكار الشهيد الصدر تستند إلى التعاليم الإسلامية و لها دور أساسي في الأسلوب الاقتصادي و الخصائص الاقتصادية.
بمعنى آخر يمكن اعتبار هذه الخصائص بناءً على ثقافة الاقتصاد الصحيح في المجتمع. من أجل التنمية الاقتصادية لا يمكن للمرء أن يعتمد فقط على الأساليب و الخصائص الاقتصادية، بدلاً من ذلك يمكن لأسسها الاقتصادية و بناء ثقافتها في المجتمع أن تساهم في التنمية الاقتصادية؛ على سبيل المثال يلعب تحريم التبذیر و الربا و التأكيد على الاقتصاد السليم دورًا رئيسيًا في التنمية الاقتصادية للمجتمع و الطريقة الصحيحة لإدارة النفقات و الإيرادات. و بناءً عليه أولاً و قبل كل شيء تم ذكر أهم المبادئ الأساسية في رأي الشهيد الصدر في التنمية الاقتصادية و التي تعتبر بناء ثقافتها مهمة جدًا في المجتمع.
| الاسس الاقتصادية للتنمية الاقتصادية للمجتمع انطلاقا من افكار الشهيد الصدر |
| الاقتصاد السلیم |
| الاهتمام بالكرامة المادية و المعنويه |
| اقتصاد الجامع |
- اقتصاد الجامع
إنّ الاقتصاد الإسلامي هو اقتصاد شامل بمعنى أنه يشمل جميع جوانب حياة الإنسان و يرتبط بمختلف جوانب الحياة البشرية. لا يعتبر الشهيد الصدر أن الاقتصاد الإسلامي اقتصاد ذو بعد واحد أو منفصل عن مجموعة الدين، لكنه يعتقد أن الاقتصاد جزء من الكل و هذا يعني أن الاقتصاد هو جزء من مجموعة متماسكة يتم فحصها جنبًا إلى جنب مع القضايا الدينية الأخرى. فيكتب عن هذا:«إنّنا في وعينا للاقتصاد الإسلامي لا يجوز أن ندرسه مجزّأً بعضه عن بعض، نظير أن ندرس حكم الإسلام بحرمة الرِّبا، أو سماحه بالملكية الخاصة، بصورة منفصلة عن سائر أجزاء المخطّط العام.
كما لا يجوز أيضاً أن ندرس مجموع الاقتصاد الإسلامي بوصفه شيئاً منفصلاً وكياناً مذهبياً مستقلاً عن سائر كيانات المذاهب: الاجتماعية والسياسية الأخرى، وعن طبيعة العلاقات القائمة بين تلك الكيانات وإنّما يجب أن نعي الاقتصاد الإسلامي ضمن الصيغة الإسلامية العامة التي تنظّم شتّى نواحي الحياة في المجتم.»[vi]
يكتب عن أهمية النظرة الشاملة تجاه الاقتصاد الإسلامي:«هكذا يتّضح أنّ الاقتصاد الإسلامي مترابط في خطوطه وتفاصيله، وهو بدوره جزء من صيغة عامة للحياة، وهذه الصيغة لها أرضية خاصة بها، ويوجد المجتمع الإسلامي الكامل حين يكتسب الصيغة والأرضية معاً، حين يحصل على النبتة والتربة كليهما. ويستقيم منهج البحث في الاقتصاد الإسلامي حين يدرس الاقتصاد الإسلامي بما هو مخطّط مترابط، وبوصفه جزءاً من الصيغة الإسلامية العامة للحياة التي ترتكز بدورها على التربة والأرضية التي أعدّها الإسلام للمجتمع الإسلامي الصحيح.»[vii] هذه النظرة الشاملة للاقتصاد تجعل الاقتصاد ليس الهدف الوحيد في المجتمع أو لا يعتبر الاقتصاد منفصلاً عن الأبعاد الأخرى للمجتمع و يلعب هذا الارتباط للاقتصاد بجميع جوانب الحياة دورًا مهمًا في تكوين اقتصاد سلیم و متماسك و شامل.
- الاهتمام بالكرامة المادية و المعنوية
في الإسلام قد اهتم بمبدأ كرامة الإنسان بشکل خاص، و هذه الكرامة الإنسانية تشمل جميع جوانب الحياة. في الإسلام مع الاهتمام بالاحتياجات المادية للبشر و العنایة المشروعة بتلبية هذه الحاجات لم يتم ذكر الهدف الرئيسي و الغایة النهائية لخلق الإنسان الحاجات المادية؛ بل إن توفير الحاجات المادية هو وسيلة لسعادة الإنسان و راحته لتحقيق الهدف النهائي للخلق و هو القرب الي الله؛ لذلك في الأفكار الاقتصادية للشهيد الصدر قد أکدَّ على الاهتمام بالكرامة المادية و الروحية.
لدى الشهيد الصدر أحد مبادئ التنمية الاقتصادية للمجتمع في موقف و رؤية أهل ذلك المجتمع، مما يعني أنه إذا تم توضيح الرؤية الفكرية للبشر تجاه قضية الحياة و الاقتصاد فسيتم حل العديد من المشكلات الاقتصادية، كما يكتب عن ذلك:«ارتباط الاقتصاد الإسلامي بما يبثّه الإسلام في البيئة الإسلامية من عواطف وأحاسيس قائمة على أساس مفاهيمه الخاصة، كعاطفة الأخوّة العامة التي تفجّر في قلب كلّ مسلم ينبوعاً من الحبّ للآخرين، والمشاركة لهم في آلامهم وأفراحهم. ويثرى هذا الينبوع ويتدفّق تبعاً لدرجة الشعور العاطفي بالأخوّة، وانصهار الكيان الروحي للإنسان بالعواطف الإسلامية والتربية المفروضة في المجتمع الإسلامي.
وهذه العواطف والمشاعر تلعب دوراً خطيراً في تكييف الحياة الاقتصادية وتساند المذهب فيما يستهدفه من غايات.»[viii] يؤكد الشهيد الصدر في دراسته للتمایز بين نظرية الإسلام و الماركسية حول الثروة و الهدف النهائي للإنتاج و الثروة على هذا المبدأ بأن الغرض من الثروة في الإسلام هو خدمة الإنسان، بمعنى آخر الثروة وسيلة لخدمة الإنسان و ليس الإنسان في خدمة الثروة.[ix] يقول إن الثروة في الإسلام هي هدف الطريق و ليس نهاية الطريق؛ وهذا يعني أن الثروة هي وسيلة للوصول إلى الهدف النهائي للخلق[x] يرى الشهيد الصدر أن الثروة في الإسلام وسيلة لتحقيق العدل و الكرامة الإنسانية.[xi] يلعب هذا المبدأ دورًا مهمًا للغاية في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للمجتمع، و هذا هو مبدأ و أساس الكرامة المادية و الروحية التي تميز الإسلام عن المدارس المادية الأخرى.
بمعنى آخر في رأي الشهيد الصدر هذا المبدأ هو نهج ثقافي في المجتمع يجب مأسسته بحيث يكون هدف الناس ليس فقط الدنیا و جمع الثروات، بل يجب مراعاة التوازن في الاهتمام بالدنیا، و يمكن لهذا المبدأ أن يوفر التحول الاجتماعي و الاقتصادي بحيث لا يصل الإنسان إلى الثروة بأي شكل من الأشكال بل يحقق الثروة و الماديات بطريقة صحيحة و مشروعة من ناحية أخرى لا ينبغي للإنسان أن يستهدف الثروة كهدف نهائي، بل يجب أن يستخدمها كوسيلة للوصول إلى الله، و في هذه الحالة يجب على الإنسان بموقف إلهي أن يساعد في تقليل الفقر في المجتمع عن طريق الإنفاق من ثروته و مع الاستخدام الصحيح لهذه الثروة یوفر الظروف المناسبة لازدهار المجتمع الإسلامي و تطوره.
- الاقتصاد السلیم
الاقتصاد السليم هو أحد المبادئ و الأسس الأساسية في التنمية الاقتصادية للمجتمع. الاقتصاد السليم يعني التنمية الاقتصادية الشاملة، بمعنى أنه يشمل جميع شرائح المجتمع و خالٍ من الأضرار الاقتصادية؛ لذلك يتشكل الاقتصاد السليم عندما تكون جميع شرائح المجتمع مريحة و مزدهرة كما هي. لا يعتبر الشهيد الصدر أن النمو الاقتصادي هو الهدف النهائي و لكن في رأيه فإن النمو الاقتصادي الذي يتسبب في تباعد الطبقات و الفقر أمر غير مقبول و لا يعتبر مثالاً على الاقتصاد السليم، هو يكتب في هذا الصدد:«وأمّا مركز الإنسان في النظرة الإسلامية فهو مركز الغاية لا الوسيلة، فليس هو في مستوى سائر الوسائل المادّية لتوزيع الثروة المنتجة بين الإنسان وتلك الوسائل جميعاً على نسق واحد، بل إنّ الوسائل المادّية تعتبر خادمة للإنسان في إنجاز عملية الإنتاج؛ لأنّ عملية الإنتاج نفسها إنّما هي لأجل الإنسان.
وبذلك يختلف نصيب الإنسان المنتج عن نصيب الوسائل المادّية في الأساس النظري، فالوسائل المادّية إذا كانت ملكاً لغير العامل وقدّمها صاحبها لخدمة الإنتاج كان من حقّه على الإنسان المنتج أن يكافئه على خدمته، فالمكافأة هنا دَين على ذمّة المنتج يسدّده لقاء خدمة، ولا تعني نظرياً مشاركة الوسيلة المادّية في الثروة المنتجة»[xii]
الشهيد الصدر يكتب عن منع الاقتصاد غير الصحي و تأثیراته السلبية على المجتمع: «حرّم الإسلام بعض الأعمال العقيمة من الناحية الإنتاجية، كالمقامرة والسحر والشعوذة، ولم يسمح بالاكتساب عن طريق أعمال من هذا القبيل، بأخذ أجرة على القيام بها} وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل} فإنّ هذه الأعمال تبديد للطاقات الصالحة المنتجة في الإنسان، والأجور الباطلة التي تدفع لأصحابها هدر لتلك الأموال التي كان بالإمكان تحويلها إلى عامل تنمية وإنتاج. ونظرة شاملة في التأريخ والواقع المعاش، يكشف لنا عن مدى التبذير الذي ينتج عن هذا النوع من الأعمال والاكتساب بها، وفداحة الخسارة التي يُمنى بها الإنتاج، وكلّ الأهداف الصالحة، بسبب تبديد تلك الطاقات والجهود والأموال.»[xiii] لذلك فإن الاهتمام بالاقتصاد السليم و الشامل يعد من أهم الأسس الاقتصادية للشهيد الصدر في التنمية الاقتصادية و حل المشاکل الاقتصادية.
شرح هذه المبادئ و خلق ثقافة على مستويات المجتمع المختلفة في الأبعاد الفردية و الاجتماعية بالإضافة إلى المساعدة على التنمية الاقتصادية، یسبب في تعزيز التنمية الفكرية و الثقافية في المجتمع و تقود المجتمع إلى الكمال و السعادة.
ثانياً: استراتيجيات التنمية الاقتصادية و حل المشاكل الاقتصادية في ضوء افكار الشهيد الصدر
إن حل المشاكل الاقتصادية و التنمية الاقتصادية لا يتشكل من النمو الاقتصادي و الإنتاج المزید، و لكن التنمية الاقتصادية تتشكل عندما تحدث التنمية المستدامة. من أجل التنمية الاقتصادية الشاملة من الضروري أن يكون هناك تنمية مستدامة في المجتمع. وفقًا لتعریف منظمة التعاون الاقتصادي تعني التنمية المستدامة الجمعَ بين الأهداف الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية لتحقيق أقصى قدر من الرفاهية البشرية الحالية دون الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم.[xiv] یعتقد باناليوتو[1] الأستاذ بجامعة هارفارد أن التنمية المستدامة تظل مثل المدخرات و أن صافي ثروتها إيجابي و سيؤدي إلى النجاح في المستقبل.[xv] من أجل تحقيق التنمية المستدامة فإن الاستخدام الفعال للمصادر الطبيعية أمر مهم بحيث لا يكون هناك إفراط و تفریط في استخدامها، و سلوكيات المنتجين تقوم على العدل و لا يوجد احتكار و تعدد في استخدامها.
إنّ إدارة المصادر و هي نوع من رأس المال البشري تتسم بالكفاءة و تستند إلى مبدأ الجدارة و ينبغي استخدام المديرين الأكفاء في مكانهم المناسب.[xvi] تكشف دراسة لوجهات نظر الشهيد الصدر الاقتصادية أن وجهات نظره تستند إلى تصوير التنمية المستدامة التي نتائجه عامة، لأن أولاً و قبل كل شيء فإن خطة الشهيد الصدر الاقتصادية ليست أحادية البعد و بل شاملة بمعنى أنها تشمل جميع الجوانب الاقتصادية للفرد و المجتمع؛ ثانياً خطة الشهيد الصدر من أجل سعادة الإنسان و اقتصاد سليم و متکامل، إنه لا يسعى فقط إلى النمو الاقتصادي للمجتمع و لكن أيضًا هدف خطته هو التنمية الشاملة للمجتمع في ضوء الكرامة المادية و الروحية ؛ ثالثاً تسعى خطة الشهيد الصدر الاقتصادية إلى الاستخدام الصحيح للمصادر البشرية و الطبيعية و تقوم على حقائق حول القدرة الاقتصادية للمجتمع؛ رابعاً تهدف خطة الشهيد الصدر الاقتصادية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية التي تجعل جميع شرائح المجتمع تنعم بالرخاء النسبي و هو أحد أهم نتائج التنمية المستدامة؛ خامساً يمكن تطبيق خطة الشهيد الصدر ليس فقط في العراق بل أيضاً في كثير من البلدان و خاصة في الدول الإسلامية التي يعتمد اقتصادها على التعاليم الدينية؛ سادساً دراسة أفكار الشهيد الصدر و الاهتمام بها يظهر امرا مهما و هو أن تكون الأفكار الاقتصادية للشهيد الصدر أساسية و قائمة على المبادئ و ليست خاصة بفترة زمنية محددة و لكن يمكن تنفيذها في عصور مختلفة و تساهمها في التنمية الاقتصادية و حل المشاكل الاقتصادية. المساعدة في أي وقت وفي أي مكان لذلك، و بحسب هذا البحث فإن أهم استراتيجيات الشهيد الصدر للتنمية الاقتصادية و حل المشاكل الاقتصادية في ضوء التنمية المستدامة موضحة أدناه.
الاول: تطوير الإنتاج وخلق فرص العمل
من أهم البنى التحتية و الاستراتيجيات للتنمية الاقتصادية في المجتمع تنمية الإنتاج و خلق فرص العمل. كما يؤدي تطوير الإنتاج بأبعاده المختلفة إلى التوسع في خلق فرص العمل. ففي الأفكار الاقتصادية للشهيد صدر تم تحديد ثلاث استراتيجيات أساسية لتطوير الإنتاج و خلق فرص العمل و التي تم تحليلها و دراستها في الآتي:
- الاهتمام بالعمل و الجهد
يعتمد الاِزدهار الاِقتِصادي لِأَي مُجتَمع عَلَى جهود أَفراد ذَلِك المُجتَمَع. إِنّ اِستِقلالِيَة المُجتَمَع تعتمِد عَلَى العَمَل وَ الجُهدِ الفاعِلَين. يؤكد بعض الباحثين التأثير الإيجابي لرأس المال البشري على التنمية، أي أن المصادر البشرية من أهم العوامل في تنمية المجتمع.[xvii] الشهيد الصدر يثمن العمل و الجهد و يعتبر العمل من عوامل تنمية المجتمع و إنتاجه و يكتب في هذا الشأن:«حثّ الإسلام على العمل والإنتاج وقيّمه بقيمة كبيرة، وربط به كرامة الإنسان وشأنه عند الله وحتى عقله.
وبذلك خلق الأرضية البشرية الصالحة لدفع الإنتاج وتنمية الثروة، وأعطى مقاييس خُلقية وتقديرات معيّنة عن العمل والبطالة لم تكن معروفة من قبله، وأصبح العمل في ضوء تلك المقاييس والتقديرات عبادة يثاب عليها المرء وأصبح العامل في سبيل قوته أفضل عند الله من المتعبّد الذي لا يعمل، وصار الخمول أو الترفّع عن العمل نقصاً في إنسانية الإنسان وسبباً في تفاهته.»[xviii] في هذا الصدد يشير إلى العديد من روايات المعصومين (علیهم السلام) حول أهمية العمل و قيمته الروحية.[xix] و بحسب ما قاله الشهيد الصدر فقد تمت الموافقة على عمل في الإسلام على أنه هادف للربح (انتفاعي) و توفر النمو الاقتصادي:«و مصدر الحقوق الخاصة في النظرية هو العمل الذي ينتمي إلى النوع الأوّل، كاحتطاب الخشب من الغابة، ونقل الأحجار من الصحراء، و إحياء الأرض المَيتَة.
و أمّا النوع الثاني من العمل فلا قيمة له؛ لأنّه مظهر من مظاهر القوّة وليس نشاطاً اقتصادياً من نشاطات الانتفاع والاستثمار للطبيعة وثروته.»[xx] و بحسبه فإن العمل هو مصدر الحقوق الخاصة و ملكية الثروات الطبيعية، فيكتب عن أهمية العمل و الجهد و تحقيق رأس المال و الاستفادة من المصادر الطبيعية:«ربط الحقوق الخاصة للفرد في الثروات الطبيعية الخام بالعمل، فما لم يقدّم عملاً لا يحصل على شيء، وإذا اندمج مع ثروة طبيعية في عملية من العمليات، استطاع أن يظفر بحقّ خاص فيها، فالعلاقة بين العمل والحقوق الخاصة بشكل عام، هي المضمون المشترك لكلّ تلك الأحكام والعنصر الثابت فيها.»[xxi]
يشير الشهيد الصدر إلى أضرار خلق فرص العمل أي البطالة و الكسل و يذكرها على أنها أضرار اقتصادية للمجتمع و لا ينبغي أن توجد في المجتمع، كما نهى في هذا الصدد عن الإغلاق و عدم الانتفاع بالثروات الطبيعية:«كما قاوم الإسلام فكرة البطالة وحثّ على العمل، كذلك قاوم فكرة تعطيل بعض ثروات الطبيعة وتجميد بعض الأموال وسحبها عن مجال الانتفاع والاستثمار، ودفع إلى توظيف أكبر قدر ممكن مِن قِوى الطبيعة وثرواتها للإنتاج وخدمة الإنسان في مجالات الانتفاع و الاستثمار، واعتبر الإسلام فكرة التعطيل أو إهمال بعض مصادر الطبيعة أو ثرواتها، لوناً من الجحود وكفراناً بالنعمة التي أنعم الله تعالى بها على عباده»[xxii] فَإنَّ الكَسَل و التَراخي فِي العَمَلِ يَتَسَبَبان فِي ضیاع الحقوقِ الَّتي يُمكِن أَن تَكون فَرديةً أَو اجتِماعيّة.
يُشير هَذا إِلى أن العَمَل فِي أَيّ وَظيفَة وَ ملبَس بِطَريقَة مَشروعة لَيس مَرغوبًا فِيه فَحَسب، بَل لَهُ جانِب روحي أَيضًا. لِسُوءِ الحَظِّ فِي بَعضِ الحالات يَنتَظِر بَعض الشَباب وَ حَتَّى فِي مُنتَصَف العُمر عَمَلاً رائِعاً وَ عَجیبَاً أَو مربِحَاً مِمّا یُسَبِّب في بَطالَتِهم وَ حَتّى كَسلهِم وَ هُوَ ما يُؤدي إلى إصاباتٍ اجتِماعیّة وَ اقتِصادِیَة عَديدة عَلَى المَدى الطَّويلِ. بَينَما فِي الثَقافَةِ الدِّينيّة يُوصى بِالسَّعي لِبَذلِ جهود قانونيّة في أَيِّ عَمَلٍ دِيني حَتّى مَع الدَخلِ المُنخفضِ. إِنَّ خَلق ثَقافَةٍ بِهَذا الأمر الهامِّ فِي المُجتَمَع من حيث الأَبعاد النَظريّة و العَملية يمكِن أَن يساعد فِي تَطوير الجُهد فِي المُجتَمعِ و التَنمِيَة الاِقتِصادِيَة اللاحقة. لِذَلِك فَإنَّ تَطوير العَمَلِ و الجُهد يمكِن أَن يُساعد فِي النمو الاقتصادي كَحَلّ تَنفيذي و مهِمٍ، بِالإضافَة إِلَى القَضاءِ عَلَى البَطالَة و تَحقُقِ التَميز لِلمُجتَمَعِ و التَنميَة الاِقتِصادِيَة.
- تطویر الإنتاج
من أهم عوامل التطور الاقتصادي لأي مجتمع هو تطویر الإنتاج في ذلك المجتمع. إذا زاد الإنتاج في ذلك المجتمع فإن المجتمع أولاً سيعتمد على الداخل في الاقتصاد و لن يحتاج إلى خارج البلاد لتلبية الاحتياجات الأساسية. ثانيًا يؤدي التوسع في الإنتاج إلى زيادة العمالة في المجتمع و في هذه الحالة بالإضافة إلى استفادة أفراد المجتمع من الدخل يتم أيضًا تقليل الأضرار الناجمة عن البطالة و الفقر في المجتمع. الشهيد الصدر يؤكد أهمية الإنتاج في المجتمع و في أهمية الإنتاج يشير إلى عدة آيات من القرآن و روايات من المعصومين (عليهم السلام). [xxiii]
و يكتب عن أهمية الإنتاج من منظر الإسلام:«و الإسلام حين تبنّى هذا المبدأ و وضع تنمية الثروة والاستمتاع بالطبيعة هدفاً للمجتمع الإسلامي، جنّد كلّ إمكاناته المذهبية لتحقيق هذا الهدف وإيجاد المقوّمات والوسائل التي يتوقّف عليها.»[xxiv] يشير الشهيد الصدر إلى عدة حالات لتطوير الإنتاج من منظر الإسلام، كل منها يمكن أن يساعد في تطوير الإنتاج بتدخل الحكومة و الشعب، و يشير في هذا الصدد إلى عشرين استراتيجية لتطوير الإنتاج و التي تقوم على أساسها في الفقه الإسلامي و اتجاه التنمية الاقتصادية للمجتمع منها:
- حكم الإسلام بانتزاع الأرض من صاحبها إذا عطّلها وأهملها حتى خربت وامتنع عن إعمارها.
- منع الإسلام عن الحمى وهو: السيطرة على مساحة الأرض الغامرة وحمايتها بالقوّة دون ممارسة عمل في إحيائها واستثمارها.
- لم يعط الإسلام للأفراد الذين يبدأون عملية إحياء المصادر الطبيعية الحقّ في تجميد تلك المصادر وتعطيل العمل لإحيائها.
- لم يسمح الإسلام لولي الأمر بإقطاع الفرد شيئاً من مصادر الطبيعة إلاّ بالقدر الذي يتمكّن الفرد من استثماره والعمل فيه.
- حرّم الإسلام الكسب بدون عمل.
- حرّم الإسلام الفائدة، وألغى رأس المال الرِّبوي، وبذلك ضمن تحوّل رأس المال هذا في المجتمع الإسلامي إلى رأس مال منتج يساهم في المشاريع الصناعية والتجارية.
- حرّم الإسلام بعض الأعمال العقيمة من الناحية الإنتاجية، كالمقامرة والسحر والشعوذة.
- مَنع الإسلام من اكتناز النقود، وسحبها عن مجال التداول وتجميدها.
- تحريم اللهو والمجون.
- محاولة المنع من تركّز الثروة.
- التقليص من مناورات التجارة، واعتبارها من حيث المبدأ شعبة من الإنتاج.
- منح الإسلام ملكية المال بعد موت المالك إلى أقربائه.
- وضع الإسلام المبادئ التشريعية للضمان الاجتماعي.
- حَرَم الإسلام القادرين على العمل والنشاط الاقتصادي من الضمان الاجتماعي، ومنعهم من الاستجداء.
- حرّم الإسلام الإسراف والتبذير.
- أوجب الإسلام على المسلمين ـ كفايةً ـ تعلّم جميع الفنون والصناعات التي تنتظم بها الحياة.
- أوجب على المسلمين الحصول على أكبر قدر ممكن وأعلى مستوى من الخبرة الحياتية العامة في كلّ الميادين.
- مكّن الإسلام الدولة من قيادة جميع قطاعات الإنتاج عن طريق ممارستها للقطاع العام.
- منح الإسلام الدولة القدرة على تجميع عدد كبير من القوى البشرية العاملة، والاستفادة منها في مجالات القطاع العام.
- وأخيراً فقد أعطيت الدولة ـ على أساس أحكام معيّنة سندرسها في المراحل الآتية من نظرية الإنتاج ـ الحقّ في الإشراف على الإنتاج، وتخطيطه مركزياً، لتفادي الفوضى التي تؤدّي إلى شلّ حركة الإنتاج ، وتعصف بالحياة الاقتصادية »[xxv]
و يشير الشهيد الصدر إلى دور الحكومة و مراقبتها في تطوير الإنتاج بهذا الصدد حتی تتخذ قرارات مهمة لتطوير الإنتاج و النمو الاقتصادي وفق ظروف المجتمع:«وترك بعد ذلك للدولة أن تدرس الشروط الموضوعية للحياة الاقتصادية، وتحصي ما في البلاد من ثروات طبيعية، وتستوعب ما يختزنه للمجتمع من طاقات وما يعيشه من مشاكل، وتضع على ضوء ذلك كلّه وفي الحدود المذهبية، السياسة الاقتصادية التي تؤدّي إلى زيادة الإنتاج ونموّ الثروة، وتضمن يسر الحياة ورخاء المعيشة.»[xxvi]
يُمكِن أَن تُساعِد خُطوَتانِ مُهِمَتانِ فِي هذا الصَدَد عَلَى تَطوير الإنتاج و خَلقِ فُرَص العَمَلِ: أَوَلاً إضفاء الطابِعِ المُؤَسِّسي عَلَى ثَقافَة استِخدامِ السِلَع المَحَلية بَين شَرائِحِ المُجتَمَع؛ بِعِبارَةٍ أُخرَى بَدَلاً مِنَ المَيلِ إِلى استِهلاك السِلَعِ الأَجنَبية يَجِب إعطاء الأولَويَة لِشِراءِ السِّلَعِ المَحَلية و هذا الأمر الّذي يَتَطَلَّب اِهتِمام المُنتَجين لِإنتاج سِلَعِ عالِيَة الجودَة. إِنَّ استِهلاك السِّلَعِ المَحَلية یُساعِد بِشَكل عَفوي عَلَى زِيادَةِ الإنتاجِ المَحَلي و خَلقِ فُرَصِ العَمَلِ و جَذب القوى العامِلَة؛ وَ الثّانِي هُوَ الاِهتِمام بِإنتاجِ الحاجات الأَساسيَة فِي البِلاد، كَما هُو مَذكور فِي سِيرةِ المَعصومين (عَلیهِمُ السَلامُ) و كان لَدَيهِم تَركيز خاص عَلَى انتاجِ الاحتِياجات الأَساسيَة و بَذَلوا جُهودًا لِتَوفير الاِحتِياجات الأَساسيَة بِأَنفُسِهِم. وَ أمّا فِي العَصر الحالِي مِن خِلالِ خَلقِ السِّياقات المُناسَبَة يَجِب أن تُوَفِّر أَرضية مُناسَبَة لِإِنتاجِ الاِحتِياجات الأَساسيَة فِي المُجتَمَعات الإِسلامِيَة، بِمَعنى أنَّ كُلَ ما يَأتِي مِنَ الاِحتِياجات الأَساسيَة مِنَ الخارِجِ يَجِب أَن يُنتَج مِن الداخِلِ. وَ بِالطَّبعِ هَذا لا يُعني أَنَّ التِجارَة لا يَنبَغِي أَن تَتِمَ مَعَ دُوَل أُخرَى وَ لَكِن هذا يُعني أَنَّه يَجِب إنتاج الاحتِياجات الأَساسية فِي المُجتَمَعِ نَفسه و الّذي بِالإضافَة إِلَى خَلقِ فُرَصِ العَمَلِ يُزيل اعتِماد المُستَهلك عَلَى البُلدانِ الأُخرَى.
- توظيف النخب والخبراء في الشؤون الاقتصادية و السياسیة
لا يُمكِن لِلمُجتَمَعِ الإسلامي أَن يَعيش دون القَوانينِ و مجري القانونِ، و لَکِن فَإنَّ وجودَ العُمَلاءِ و مُنفذي القانونِ ضروري فِي مِنطَقَة واسِعَة مِنَ المُجتَمَعِ الإِسلامي. تُؤَكِّدُ تَعاليم الإسلامِ عَلَى اِختِيار أَنسَب الأَشخاصِ لِلمناصِب الحُكومية و التَنفيذية فِي المُجتَمَعِ الإِسلامي. يَعبر الإمام علي (عَلیهِ السلامُ) فِي أَبعاد مُختلفةٍ عَنِ الخَصائِصِ المُهِمَة لِعمیلِ و مَسئولِ المُجتَمَعِ: الحَياةُ البَسيطةُ وَ أُسلوبُ الحَياةِ مِثلَ الناسِ العاديينَ فِي المُجتَمَعِ،[xxvii] اِستِقرار الشَّخصيةِ أَثناءِ السُّلطَةِ وَ الثروَةِ وَ الاهتِمامِ بِشؤونِ النّاسِ،[xxviii]
الوَعيُ الكامِلُ بِمَشاكلِ الناسِ وَ كَونِهِم شَعبًیا،[xxix] إِنَّ اللُطفَ مَعَ النّاسِ وَ التَّواضُعَ تِجاهِهِم،[xxx] المُساواةَ مَعَ الجَميعِ وَ عَدَم الفَرقِ بَينَهُم حَتّى فِي النَظرةِ إلَیهِم[xxxi] وَ الاِلتِزامَ الكاملَ بِالعَدالَةِ وَ إقامةِ الحَقّ[xxxii] مِن أَهَمِ الخَصائص لِعُمَلاء ِالحُکومَةِ الَّتي قَد أَكَّدَ عَلَيها الإمامُ عَلي (علیه السلام) فِي عِدَةِ مُناسباتٍ. يؤكد الشهيد الصدر على الاستعانة بالخبراء و العلماء في تطوير الإنتاج و الاقتصاد مستوحی من التعاليم الدينية . و بحسب رأي الشهيد الصدر فإن الاستعانة بالنخب و الخبراء في مجال الاقتصاد و المسؤوليات المهمة في المجتمع أمر مهم لأن الاستخدام الأفضل للخبرات سيقود المجتمع إلى التقدم و زيادة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية في المجتمع. يكتب عن هذا:« ـ أوجب الإسلام على المسلمين ـ كفايةً ـ تعلّم جميع الفنون والصناعات التي تنتظم بها الحياة.
بل إنّ الإسلام لم يكتف بذلك، بل أوجب على المسلمين الحصول على أكبر قدر ممكن وأعلى مستوى من الخبرة الحياتية العامة في كلّ الميادين؛ ليتاح للمجتمع الإسلامي امتلاك جميع الوسائل المعنوية والعلمية والمادّية التي تساعده على دوره القيادي للعالم ، بما فيها وسائل الإنتاج وإمكاناته المتنوّعة .قال الله تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ. و القوّة هنا جاءت في النصّ مطلقة دون تحديد، فهي تشمل كلّ ألوان القوّة التي تزيد من قدرة الأمّة القائدة على حمل رسالتها إلى كلّ شعوب العالم.
وفي طليعة تلك القوى الوسائل المعنوية والمادّية لتنمية الثروة، و وضع الطبيعة في خدمة الإنسان.»[xxxiii] مما لا شك فيه أنه إذا تم تعيين أشخاص غير متخصصين و غير ملتزمين في مناصب اقتصادية و سياسية حساسة في المجتمع فلن يتقدم المجتمع فقط و لكن في ذلك المجتمع ستزداد المشاكل الاقتصادية أكثر فأكثر. لذلك فإن الاعتماد على العلم و الالتزام في عملية التعيينات الاقتصادية و السياسية أمر مهم.
**التحلیل و الفحص و الاقتراحات
بالنظر إلى ما قيل يمتلك العراق إمكانات التنمية الاقتصادية و النمو في الإنتاج و خلق فرص العمل بعدة طرق يمكن أن يساهم استخدام أفكار الشهيد الصدر في هذا النمو الاقتصادي و تطوير الإنتاج، مما سيؤدي إلى تنمية مستدامة:
أولاً: البعد الإنتاجي: يعتبر العراق من حيث إمكانيات الزیارة و السياحية و وصول ملايين الزوار و السياح إلى هذا البلد في الصف الأول من حيث استقطاب الزوار و السياح، و من ناحية أخرى فإن وصول زائر و سائح إلى العراق يتطلب احتياجات من طعام و إقامة. إن وصول الزوار إلى العراق يوفر إمكانية زيادة الإنتاج في ذلك البلد، لأن دخول كل غير عراقي إلى العراق یسبب في زیادة الطلب على المأکل و المسکن. من خلال نظرة عامة على الاحتياجات الأساسية للزوار و المسافرين من السهل استنتاج البضائع التي يتم استيرادها من خارج العراق لتلبية هذه الاحتياجات التي يمكن إنتاجها في العراق نفسه؛ توفر هذه الدراسة الميدانية المتعمقة فرصة اقتصادية لإنتاج العديد من احتياجات الزوار داخل العراق نفسه، و التي بدورها تساهم في تطوير الإنتاج و التوظيف، من ناحية أخرى فإن العديد من السلع المتوفرة في الأسواق العراقية التي يشتريها الزوار و المسافرون يتم استيرادها من الخارج، في حين أن هذه البضائع مثل الهدايا التذكارية و الألعاب و الملابس و غيرها يمكن إنتاجها محليًا بسهولة. بالإضافة إلى ذلك فإن العديد من الأصناف التي يستخدمها الناس في العراق يتم استيرادها من الخارج و مع تطور التكنولوجيا و اهتمام المتخصصين المحليين يمكن إنتاج هذه العناصر في البلد نفسه حتی يساعد على تطوير العمالة.
ثانياً: تطوير الأنشطة الزراعية لتطوير الإنتاج المحلي لتلبية الاحتياجات الأساسية: هناك قدرة في العراق على تلبية و إنتاج الاحتياجات الزراعية محلياً. تعتبر العراق من اهم الدول في مجال الزراعة و لها امكانيات عديدة للتنمية الزراعية، و بقيت أکثر الاراضي الصالحة للزراعة في العراق غير مستغلة بسبب عدم الاشراف و المساعدات. يمكن أن يساهم الإشراف الحكومي الوثيق و دعم هذا القطاع في التنمية الزراعية. تعد اليابان و كوريا الجنوبية و تايوان أمثلة ناجحة للبلدان التي بذلت جهودًا مكثفة في بداية تطورها الصناعي لزيادة كفاءة القطاع الزراعي. حققت هذه الدول جزءًا من تطورها الصناعي من خلال الاعتماد على التحويل و الصناعات الخفيفة[2]. الصناعات التي كان مصدر غذائها الرئيسي المنتجات المحلية و المنتجات الزراعية. مع الثورة الخضراء تمكنت الهند من زيادة إنتاج القمح من عشرة ملايين طن في عام 1964 إلى خمسة و أربعین مليون طن في عام 1985، و زيادة إجمالي إنتاجها من الحبوب إلى مائة و خمسین مليونًا. بلد يطعم حوالي تسعمائة مليون شخص و يصدر جزءًا من إنتاجه.[xxxiv] التجربة الناجحة التي مروا بها في هذا الصدد مع العبتة الحسينيه المقدسه[xxxv] و العتبة العباسيه المقدسه[xxxvi] في تطوير الزراعة و إنتاج السلع التي يحتاجها المزارعون تدل على أنه يمكن تحقيق ذلك على نطاق واسع.
ثالثاً: تطوير صناعة السياحة و استقطاب أكبر قدر من الزوار و المسافرين من الدول الأجنبية؛ بفضل وجود مرقد الأئمة المعصومين (علیهم السلام) فيها و كذلك الآثار التاريخية فإن العراق لديها القدرة على المساهمة في تطوير خلق فرص العمل و النمو الاقتصادي من خلال السياحة. إن جهود الحكومة و تعاون الناس في هذا المجال أمران مهمان. و جذب الزوار و السياح إلى الدولة عامل مهم في تطوير الإنتاج و خلق فرص العمل.
رابعاً: تطوير إنتاج النفط: يمتلك العراق بإمكانياته النفطية القدرة على إنتاج و تصدير البضائع النفطية. إن استيعاب هذه التكنولوجيا و تطويرها يمكن أن يكون نقطة تحول في تطور الصناعة و التكنولوجيا في العراق.
الثاني: تنمية و تحقيق العدالة الاجتماعية في البلد
تعد العدالة الاجتماعية من أهم عوامل السلم الاجتماعي في المجتمع و التوزيع السليم للمرافق المادية و رأس المال. يعود الكثير من الاضطرابات و الاحتجاجات في المجتمع إلى انعدام العدالة و الظلم. وفقًا لبعض الاقتصاديين مثل آقيون و بالتون[3] [xxxvii]، بانرجي و نيومن[4] [xxxviii] و لري[5] [xxxix] يعد التوزيع المتكافئ للفرص و المرافق و كذلك التوزيع المناسب للدخل بين طبقات المجتمع العامل الرئيسي للتقدم الاقتصادي. وفقًا لبعض الاقتصاديين و علماء الاجتماع فإن تحول العالم في اتجاهين متعاكسين يرجع عمومًا إلى حقيقة أنه في البلدان منخفضة النمو لم تكن هناك حركة لخلق فرص و إمكانيات متساوية كما هو الحال في البلدان الغنية و في معظم البلدان الفقيرة هناك تفاوتات هائلة بين الناس من مختلف الطبقات الاجتماعية و المناطق و بعضها يتزايد باستمرار.[xl]
و نظراً لهذا النقص في الدول الإسلامية فقد تحدث الشهيد الصدر بالتفصيل عن هذه القضية في كتابه القيم “اقتصادنا” باهتمام كبير بتحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية. إن رؤية الشهيد الصدر في تحقيق العدالة الاجتماعية ليست نظرة نظرية و كلاسيكية بحتة، لكنها تسعى إلى تقديم نموذج شامل لتطبيق العدالة، و ليس شعارًا للعدالة؛ و عليه فقد وضع استراتيجيات تحقيق العدالة الاجتماعية في مختلف المجالات. و تجدر الإشارة إلى أن العدالة الاجتماعية تشمل العدالة الاقتصادية، بمعنى أنها بالإضافة إلى الاقتصاد تشمل المجالات الاجتماعية و السياسية؛ نقطة أخرى و هي أن العدالة في رأي الشهيد الصدر لا يعني المساواة بل بمعني الاستحقاق، یعني كل أفراد المجتمع يجب أن يتمتعوا بمرافق ملائمة حسب ظروفهم و معاييرهم، و بمعنى آخر فإن العدالة الاجتماعية لا تعني المساواة في الدخل و لكن خلق الرفاه الاجتماعي للجميع.
- الضمان الاجتماعي
من استراتيجيات الشهيد الصدر في تحقيق العدالة الاجتماعية موضوع الضمان الاجتماعي. هو يذكر هذا المحور تحت مسؤولية الحكومة. يكشف فحص هذا المبدأ أن هذا المبدأ يتحقق بالفعل بتعاون الحكومة و الشعب، لأنه في الجزء الأول أي الرعاية العامة يشير الشهيد الصدر إلى مسؤوليات الناس تجاه المحتاجين، فيكتب عن ذلك:«هو المبدأ الذي يفرض فيه الإسلام على المسلمين كفايةً كفالة بعضهم لبعض، ويجعل من هذه الكفالة فريضة على المسلم في حدود ظروفه وإمكاناته، يجب عليه أن يؤدّيها على أيّ حال كما يؤدّي سائر فرائضه».[xli] و يعتبر الشهيد الصدر أن الوفاء بالرعاية العامة واجب على الحكومة لإلزام الناس بممارسة واجباتهم القانونية.
يكتب عن هذا:«والضمان الاجتماعي الذي تمارسه الدولة على أساس هذا المبدأ للتكافل العام بين المسلمين يعبّر في الحقيقة عن دور الدولة في إلزام رعاياها بامتثال ما يكلّفون به شرعاً، ورعايتها لتطبيق المسلمين أحكام الإسلام على أنفسهم »[xlii] و بعد أن استشهد بأحاديث المعصومين (عليهم السلام) في هذا الصدد، أوضح فلسفة تكوين الرعاية العامة من منظور الإسلام على النحو التالي:«ربط الإسلام بين هذه الكفالة و مبدأ الأخوّة العامّة بين المسلمين؛ ليدلّل على أنّها ليست ضريبة التفوّق في الدخل فحسب، و إنّما هي التعبير العملي عن الأخوّة العامّة، سيراً منه على طريقه في إعطاء الأحكام إطاراً خُلُقياً يتّفق مع مفاهيمه و قيمه، فحقّ الإنسان في كفالة الآخر له مستمّد في مفهوم الإسلام من أخوّته له، و اندراجه معه في الأسرة البشرية الصالحة. و الدولة تمارس في حدود صلاحياتها حماية هذا الحقّ و ضمانه و الحاجات التي يضمن هذا الحق إشباعها هي الحاجات الشديدة، و شدّة الحاجة تعني كون الحاجة حياتية، و عُسر الحياة بدون إشباعها .و هكذا نعرف: أنّ الضمان الاجتماعي الذي يقوم على أساس التكافل يتحدّد ـ وفقاً له ـ بحدود الحاجات الحياتية للأفراد التي يعسر عليهم الحياة بدون إشباعها.»[xliii]
يشير الشهيد الصدر إلى المبدأ الثاني لتحقيق الضمان الاجتماعي، و فيه يشرح واجب الحكومة تجاه الفئات المحرومة و المحتاجة في المجتمع، وفق هذا المبدأ تكون الدولة مسئولة بصورة مباشرة عن ضمان معيشة المعوزين والعاجزين، بقطع النظر عن الكفالة الواجبة على أفراد المسلمين أنفسهم فإن هذه المسئولية لا تفرض على الدولة ضمان الفرد في حدود حاجاته الحياتية فحسب، بل تفرض عليها أن تضمن للفرد مستوى الكفاية من المعيشة الذي يحياه أفراد المجتمع الإسلامي؛ لأنّ ضمان الدولة هنا ضمان إعالة، وإعالة الفرد هي القيام بمعيشته وإمداده بكفايته، والكفاية من المفاهيم المَرِنة، التي يتّسع مضمونها كلّما ازدادت الحياة العامة في المجتمع الإسلامي يُسراً ورخاءً، وعلى هذا الأساس يجب على الدولة أن تشبع الحاجات الأساسية للفرد، من غذاءٍ ومسكنٍ ولباسٍ، وأن يكون إشباعها لهذه الحاجات من الناحية النوعيّة والكمّية في مستوى الكفاية بالنسبة إلى ظروف المجتمع الإسلامي.
كما يجب على الدولة إشباع غير الحاجات الأساسية من ساير الحاجات، التي تدخل في مفهوم المجتمع الإسلامي عن الكفاية، تبعاً لمدى ارتفاع مستوى المعيشة فيه.[xliv] و عن الحل العملي لتحقيق هذا المبدأ أشار إلى خلق قطاعات عامة في الاقتصاد الإسلامي. لذلك وفقًا لهذا المبدأ يتم إنشاء الضمان الاجتماعي في المجتمع بمشاركة الشعب و الحكومة. من خلال مساعدة المحتاجين و الفقراء يرفع مستوى المعیشة للناس، و تستطيع الحكومة توفير النمو الاقتصادي لهذه الفئة الضعيفة من المجتمع من خلال إدارة رأس المال و الدخل و الاهتمام بالفقراء و المحتاجين من أجل خلق المجتمع حتی یحقق ضمان الاجتماعي.
- التوازن الاجتماعي
إنّ التوازن الاجتماعي لا يعني المساواة الاقتصادية، بعبارة أخرى، لا يسعى التوازن الاجتماعي إلى المساواة الاقتصادية و لكنه يسعى إلى تحقيق الاستحقاق الاقتصادية من جهة و المنفعة العامة من جهة أخرى. أي أن المجتمع لا ينبغي أن يكون على هذا النحو بحيث يكون البعض في ذروة الازدهار و التنمية المالية و ثروتهم تتزايد كل يوم، و على النقيض من ذلك يحتاج البعض إلى الاحتياجات الأساسية؛ وعليه فإن الشهيد الصدر في مناقشة التوازن الاجتماعي يذكر حقيقتين أولاً: تفاوت أفراد النوع البشري في مختلف الخصائص والصفات، النفسية والفكرية والجسدية. فهم يختلفون في الصبر والشجاعة، وفي قوّة العزيمة والأمل. ويختلفون في حدّة الذكاء وسرعة البديهة، وفي القدرة على الإبداع والاختراع. ويختلفون في قوّة العضلات وفي ثبات الأعصاب، إلى غير ذلك من مقوّمات الشخصية الإنسانية التي وزّعت بدرجات متفاوتة على الأفراد. [xlv]
و يذكر أن نتيجة هذا المبدأ هي قبول الاختلافات بين الأفراد. المبدأ الثاني الذي يشير إليه الشهيد الصدر في مناقشة التوازن الاجتماعي هو {القاعدة المذهبية للتوزيع القائلة}: بأنّ العمل هو أساس الملكية وما لها من حقوق[xlvi]. ثم يكتب في وصفه عن کیفیة التوازن الاجتماعي:«إنّ نتيجة الإيمان بهاتين الحقيقتين هي: السماح بظهور التفاوت بين الأفراد في الثروة، فإذا افترضنا جماعة استوطنوا أرضاً وعمروها، وأنشأوا عليها مجتمعاً، وأقاموا علاقاتهم على أساس أنّ العمل هو مصدر الملكية، ولم يمارس أحدهم أيّ لون من ألوان الاستغلال للآخر. فسوف نجد أنّ هؤلاء يختلفون بعد برهة من الزمن في ثرواتهم، تبعاً لاختلافهم في الخصائص الفكرية والروحية والجسدية، وهذا التفاوت يقرّه الإسلام؛ لأنّه وليد الحقيقتين اللتين يؤمن بهما معاًً. ولا يرى فيه خطراً على التوازن الاجتماعي ولا تناقضاً معه. وعلى هذا الأساس يقرّر الإسلام أنّ التوازن الاجتماعي يجب أن يفهم في حدود الاعتراف بهاتين الحقيقتين.»[xlvii]
ايضاً يكتب في هذا الصدد:«ويخلص الإسلام من ذلك إلى القول: بأنّ التوازن الاجتماعي هو التوازن بين أفراد المجتمع في مستوى المعيشة، لا في مستوى الدخل. والتوازن في مستوى المعيشة معناه: أن يكون المال موجوداً لدى أفراد المجتمع ومتداولاً بينهم، إلى درجة تتيح لكلّ فرد العيش في المستوى العام، أي: أن يحيا جميع الأفراد مستوى واحداً من المعيشة، مع الاحتفاظ بدرجات داخل هذا المستوى الواحد تتفاوت بموجبها المعيشة، ولكنّه تفاوت درجة.»[xlviii] ولکن للحكومة السلطات و الإمكانيات المتاحة من أجل تحقيق التوازن الاجتماعي في المجتمع، فإن الشهید الصدر يشير إلیها و كل منها يساعد الحكومة في تحقيق التوازن الاجتماعي:
فرض الضرائب الثابتة :
في رأي الشهيد الصدر معني”فرض ضرائب ثابتة” هو الزكاة و الخمس، و التي تجب علی الحكومة أن یجمعهما من الناس و توزيعهما على المحتاجين لتحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع. فيكتب في شرح هذا المبدأ:«وهذه المرونة في مفهوم الفقر ترتبط بفكرة التوازن الاجتماعي، إذ أنّ الإسلام لو كان قد أعطى ـ بدلاً عن ذلك ـ مفهوماً ثابتاً للفقر، وهو العجز عن الإشباع البسيط الحاجات الأساسية، وجعل من وظيفة الزكاة وما إليها علاج هذا المفهوم الثابت للفقر، لما أمكن العمل لإيجاد التوازن الاجتماعي في مستوى المعيشة عن طريقها، ولاتسعت الهوّة بين مستوى عوائل الزكاة وما إليها، ومستوى المعيشة العام للأغنياء، الذي يزحف ويرتفع باستمرار؛ تبعاً للتطوّرات المدنية في البلاد وزيادة الثروة الكلّية. فإعطاء مفاهيم مَرِنة للفقر والغنى، ووضع نظام الزكاة وما إليها على أساس هذه المفاهيم المرنة هو الكفيل بإمكان استخدام الزكاة وغيرها لصالح التوازن الاجتماعي العام.» [xlix]
إيجاد القطّاعات العامة
لا يعتبر الشهيد الصدر جمع الزكاة و الخمس حلاً للتوازن الاجتماعي بل يشير أيضًا إلى المسؤولية الأخرى للحكومة و حلها العملي في تحقيق العدالة الاجتماعية. و يشير في هذا القسم إلى مناقشة الفيء، و مستشهدا بآيات القرآن يثير قضية الأنفال و يكتب في سياق مناقشة تحقيق التوازن الاجتماع: «ويطلق الفيء في المصطلح التشريعي على الأنفال بصورة عامة؛ بدليل ما جاء في حديث محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: الفيء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء، وقوم صُولحوا أو أعطوا بأيديهم، وما كان من أرض خربة أو بطون أودية، فهو كلّه من الفيء ، فإنّ هذا النصّ واضح في إطلاق اسم الفَيء، على غير ما يغنمه المسلمون من أنواع الأنفال، وفي ضوء هذا المصطلح التشريعي لا يختصّ الفيء حينئذٍ بالغنيمة المجرّدة عن القتال، بل يصبح تعبيراً عن جميع القطاع الذي يملكه منصب النبيّ والإمام وعلى هذا الأساس نستطيع أن نستنتج: أنّ الآية حدّدت حكم الأنفال بصورة عامة ، تحت اسم: الفيء. وبذلك نعرف أنّ الأنفال تستخدم في الشريعة لغرض حفظ التوازن وضمان تداول المال بين الجميع، كما تستخدم للمصالح العامّة»[l]
طبيعة التشريع الإسلامي
يعتبر الشهيد الصدر أن معنى طبيعة التشريع الإسلامي هو القوانین الإسلامية التي تساعد الحكومة على تحقيق التوازن الاجتماعي. ولا نستطيع أن نستوعب هنا مجموعة التشريعات ذات الصلة بمبدأ التوازن، ونكشف عن أوجه الارتباط بينها وبينه. وإنّما يكفي أن نشير هنا إلى محاربة الإسلام لاكتناز النقود، وإلغائه للفائدة، وتشريعه لأحكام الإرث، وإعطاء الدولة صلاحيات ضمن منطقة الفراغ المتروكة لها في التشريع الإسلامي، وإلغاء الاستثمار الرأسمالي للثروات الطبيعية الخام، إلى غير ذلك من الأحكام .[li] في شرح هذه الحالات يكتب الشرائع الإسلامية من أجل تحقيق التوازن الاجتماعي في المجتمع:«فالمنع عن اكتناز النقود وإلغاء الفائدة، يقضي على دور المصارف الرأسمالية في إيجاد التناقض والإخلال بالتوازن الاجتماعي، وينتزع منه قدرتها على اقتناص الجزء الكبير من ثروة البلاد، الأمر الذي تمارسه تلك المصارف في البلاد الرأسمالية عن طريق تشجيع الناس على الادخار، وإغرائهم بالفائدة.
و ينتج عن الموقف الإسلامي طبيعياً: عدم قدرة رأس المال الفردي ـ غالباً ـ على التوسّع في حقول الإنتاج والتجارة، بالدرجة التي تضرّ التوازن؛ لأنّ توسّع الأفراد في مشاريع الإنتاج والتجارة، إنّما يعتمد في مجتمع كالمجتمع الرأسمالي على المصارف الرأسمالية، التي تمدّ تلك المشاريع بحاجتها إلى المال، نظير فائدة محدّدة. فإذا منع الاكتناز وحرمت الفائدة، لم يتيسّر للمصارف أن تكدّس في خزائنها النقد بشكل هائل، ولا أن تمدّ المشاريع الفردية بالقروض. فتبقى النشاطات الخاصة على الصعيد الاقتصادي في الحدود المعقولة التي تواكب التوازن العام. وتترك ـ طبيعياً ـ المشاريع الكبرى في الإنتاج إلى الملكيّات العامة .
و تشريع أحكام الإرث، الذي تقسّم التركة بموجبه غالباً على عدد من الأقرباء الورثة، يعتبر ضماناً آخر للتوازن؛ لأنّه يفتّت الثروات باستمرار، ويحول دون تكدّسها عن طريق تقسيمها على الأقرباء، وفقاً لِما تقرّره أحكام الميراث. ففي نهاية كلّ جيل تكون ثروات الأفراد الأغنياء قد قسّمت غالب على مجموعة أكبر عدداً منهم، وقد يبلغ المالكون الجدد للثروة المتروكة أضعاف ملاّكها الأوّلين»[lii]
لذلك فإن اعتماد الشهيد صدر على التعاليم الدينية لتحقيق العدالة الاجتماعية و الحفاظ على التوازن في المجتمع يشير إلى عدة استراتيجيات. و تجدر الإشارة إلى أن استراتيجيات الشهيد الصدر ترتكز على قدرات المجتمع و سلطة الحكومة. بعبارة أخرى هو لا يعبر عن حلول لا يمكن تحقيقها بل تستند إلى واقع حياة الناس في المجتمع و الفرائض الدينية في مجال الاقتصاد مثل الزكاة و الخمس و المصادر الطبيعية و الوطنية المتاحة للحكومة لتوفير هذه الحلول. كما ذكرنا فإن هذه الإستراتيجيات هي مبدأ و لها القدرة على تنفيذها في المجتمعات الإسلامية و في أي عصر و مكان، و هي مبادئ ثابتة يمكن حل الاحتياجات المتغيرة و شرحها من خلال الرجوع إليها.
**التحلیل و الفحص و الاقتراحات
من طرق التنمية الاقتصادية و حل المشاکل الاقتصادية تنفیذ العدالة الاجتماعية. العدل يجلب السلام للمجتمع و إعمال الحق. و لتحقيق العدالة الاجتماعية و حل المشكلات الاقتصادية لمحدودي الدخل بالدولة و تقليص الفجوة الطبقية يمكن ذكر ما يلي:
أولاً اهتمام المسؤولين و الشعب في البلاد لإرساء العدالة و الجهود الجادة لتحقيق العدالة على جميع مستويات المجتمع: تحتاج هذه القضية إلى خلق ثقافة دينية في المجتمع حتى يعرف المسؤولون و الناس أن العدالة مبدأ يؤكده الدين. فِي المَکتبةِ القُرآنيةِ قَد دُعِيَ الناسُ وَ مَسؤولو النِظامِ الاِقتِصادي لِإِقامَةِ العَدلِ. يَقولُ القُرآن الكَريم عَن هذا:«وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْميزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ بِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»(الانعام/152) فَالعَدالَةُ فِي المُجتَمَعِ هِيَ رَمزُ ازدِهار المُجتَمَع وَ تَقَدمِه، كَما أَنَّ الحكومة الإمامِ علي (علیهِ السّلامُ) هُوَ نَموذَج شامِل فِي هذا الصَدَد. لَقَد اعتُبر العَدل فِي الثقافة الاسلامية لَما لَهُ مِن أَثرٍ كَبيرٍ، اَلآثارُ الَّتي واضِحَةٌ فِي المُجتَمَعِ الإسلامي مِن حَيثُ الدُنيَويةِ وَ الاُخرویَةِ.[liii] يَقومُ مَبدأُ العَدلِ عَلَى عدالةِ الحُكامِ[liv] وَ العَدالةِ فِي النّاسِ.[lv] تَعُد العدالةُ مُهِمَةً لِدَرجة أَنَّه مِن خِلالِ مُراقِبَتِها سَيَختَفي الفَقر و الحِرمان مِنَ المُجتَمَع، وَ بِالتالي سیقل الفساد الاقتصادي بِشَكلٍ كَبير. الهَدف مِن العَدالة هُوَ مُجتَمَع مُتَجانِس بَعيدًا عَنِ الفجوة الطَبَقية وَ هُو ما تُؤَكِّدُه التَعاليم الدِّينية.
ثانياً: مساعدة الفقراء و المحتاجين في المجتمع للقضاء على فقرهم؛ و قد أشار الشهيد الصدر مرارًا و تكرارًا إلى أهمية الاهتمام الاقتصادي بالفقراء و قدم الحلول في هذا الصدد. مِن جَوانِبِ تَحَقُقِ العدالة الاجتماعي سَدُّ الفَجوَة الطَبَقية، لِأَنَّ المُجتَمَع لَه أَقسام وَ طَبَقات، أَحَدُها الفُقَراء وَ المَحرومون. لِلفَقر بِشَكلٍ عامٍ ضَرَرانِ جَسيمانِ، أَحَدُهُما مِن وُجهَةِ نَظرِ الفَردي لِأَنَّ الفَقيرَ قَد يَنجُر إِلى وادِي الكُفر وَ الضَّلالِ فِي الإيمانِ و ارتِكابِ أَعمال غَير لائِقَة كَالسَرقة و نَحو ذَلِكَ؛ مِن وُجهَة نَظر الاِجتِماعية يَتَسَبَب الفَقر بِالإِضافَة إِلَى المُشكلات الاِقتِصادية فِي المُجتَمَعِ یُسَبِّب أَضرارا اجتِماعية و اقتِصادية، وَ يُؤَدِّي إِلى عَدَمِ قيادةِ المُجتَمَعِ لِطريقِ الكَمالِ وَ السَّعادَةِ وَ يَسود انعِدام الأَمنِ وَ الاِضطرابِ فِي المُجتَمَعِ. وَ بِسَبَب هذِهِ الآثارِ السَيِئَةِ لِلفَقر قَد أُکِّدَّت إِدانَتُه فِي الثقافَةِ الدينيةِ. يَعتَبِر الإمام علي (عَلَیهِ السَّلامُ) الفَقرَ أَكبَرَ مَوتٍ[lvi] وَ يَعتَبِرُها سَبَباً فِي ارتِباكِ العَقلِ وَ سَبَبَ العَداوَةِ[lvii] في هذا الصدد ثَلاث اِستِراتيجياتِ أَساسيةٍ لِلقَضاءِ عَلَى الفَقرِ فِي المُجتَمَعِ: الحلُّ الأَوَلُ يَتَعَلَق بِالفُقَراءِ وَ الّذي يُؤَكِّدُ لَهُم أَن یَمیلوا إِلَی العَمَلِ الصِّحي فِي أَيِّ مَوقِف و یَتَجَنَبُوا الكَسَل وَ الضَعف، بِمَعنى آخَر أُولئكَ القادِرينَ عَلَى العَمَلِ و غَير المَعوقين جَسَديًا، يَلجَأون إِلَى العَمَلِ و الجُهد وَ يَكسِبون الحَلال.
حَيث أَنَّ واجبَ الآخرين فِي المَرحَلَة الأُولى هُوَ المُساعَدَة فِي التَوظيفِ لِلفَقَراءِ، وَ لَيسَ المُساعَدَةُ الماليةُ وَ هذا بِمَعنى أَنَّهُم يُوَفِرونَ الظُروفَ لِخَلقِ فُرَصِ العَمَلِ لِلمُحتاجينَ بِحَيثُ لا يَحتاجون إِلَى مُساعَدَة مالِيَة. الحلُّ الثّاني لِلأَغنياءِ هُوَ القَضاء عَلَى الفَقرِ بِالتَبَرُعِ بِثَرواتِهِم. إنَّ الإنفاق بِالإضافَة إِلَى مَنعِ أَيِّ مخاطِرٍ اِجتِماعية وَ نَفسيّة، سَتَكون عَمَلاً هامًا فِي التَمَتُعِ بِبَركاتِ اللهِ الخالِدَة و يُمكِن أَن يَكون أَحد عَوامِلِ تَحَقُقِ التَنمية الاِقتِصاديَة المَنشودَة؛ كَما قَد جاء فِي القرآنِ الكَريمِ: «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَ اللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ و َاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (البقرة/ 216) فِي الواقِعِ بِالإضافَةِ إِلَى تَوفيرِ الدَعمِ الاِقتِصادي لِلفِئاتِ الضَّعيفةِ؛ فَإنَّ الصَدَقَةِ سَتُؤَدي أيضًا إلَى التَنميةِ الاِقتِصادية. الحلُّ الثالثُ هُوَ واجِبُ الحُكومَةِ تِجاهَ المُحتاجينَ. كَتَبَ الإمام علي(عَلیهِ السَّلامُ) عَن هذا رِسالَة إِلَى أَحَد ولاتِه:«وَ إِنَّ لَكَ فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَ حَقّاً مَعْلُوماً وَ شُرَكَاءَ أَهْلَ مَسْكَنَةٍ وَ ضُعَفَاءَ ذَوِي فَاقَةٍ وَ إِنَّا مُوَفُّوكَ حَقَّكَ فَوَفِّهِمْ حُقُوقَهُمْ وَ إِلَّا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ خُصُوماً يَوْمَ الْقِيَامَة»[lviii] لِذلكَ مِن خِلالِ تَطبيقِ هذهِ المَبادئ فيما يَتَعلَقُ بِالفُقَراءِ سَيَتِمُّ القَضاء عَلَى العَديدِ مِنَ الأضرار الاِجتِماعية و الاِقتِصادية وَ سَيَزداد الأمن و السَّلام فِي المُجتَمَعِ.
الثالث: وظائف البنك اللاربوي في التنمية الاقتصادية للمجتمع
مع توسع التجارة و تطور التكنولوجيا و العملات الرقمية أصبح النظام المصرفي إحدى أدوات الاقتصاد في أي مجتمع و الذي أصبح اليوم بسبب التبادلات التجارية بين الدول من ناحية و الاحتياجات الاقتصادية و التجارية في المجتمع من ناحية أخرى ينظر بشكل متزايد إلى الحاجة إلى نظام مصرفي؛ يمكن للنظام المصرفي السليم الذي له دور مثمر بالإضافة إلى الشؤون المالية أن يساعد في التنمية الاقتصادية للمجتمع و القضاء على الفقر و المشاكل الاقتصادية للمجتمع.
النقطة المهمة هي أن نوع إدارة النظام المصرفي مهم في المجتمعات الإسلامية لأن النظام المصرفي اللاربوي هو أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الإسلامي، وفقا لذلك لقد تناول الشهيد الصدر هذه القضية بموقف أساسي من التعاليم الدينية. هو ألف كتاب “البنک اللاربوي في الاسلام” مطلع الستينيات رداً على وزارة الأوقاف الكويتية في مجال النظام المصرفي[lix] و أشار الى القضايا المهمة المتعلقة بالصيرفة اللاربوي من أجل التنمية الاقتصادية للمجتمع و تطبيق نظام اقتصادي سليم و خالي من الربا. النظام المصرفي اللاربوي في إطار النظام الإسلامي، یعني النظام المصرفي اللاربوي في مجتمع يتم تخطيط جميع مكوناته و عناصره وفقًا لتعاليم الإسلام. و النظام المصرفي اللاربوي في إطار نظام غير الإسلامي، أي يجب إنشاء النظام المصرفي اللاربوي في مجتمع لم يتم التخطيط لمكوناته و عناصره وفقًا لتعاليم الإسلام.
يجب أن یعمل النظام المصرفي اللاربوي جنبًا إلى جنب مع البنوك الربوية و المؤسسات النقدية و الائتمانية؛ على الرغم من أن الشهيد الصدر يعتبر مستوى النظام المصرفي اللاربوي في إطار النظام الإسلامي إلا أنه يعتقد أن النظام المصرفي اللاربوي قابلة للتطبيق في الأنظمة الأخرى أيضًا.[lx] غایة الشهيد الصدر من تصمیم النظام المصرفي اللاربوي ليس اقتراح مؤسسة خيرية أو ُصندوق التسلیف، بل يسعى إلى تصميم البنك بالمعنى الحقيقي للكلمة. و يشير في كتابه إلى الاختلاف الأساسي بين النظام المصرفي اللاربوي و النظام المصرفي الربوي.[lxi] فهو يصف سياسة النظام المصرفي اللاربوي بهذه الطريقة: «أنّ سياسة البنك اللاربوي المقترَح يجب أن توضع على ثلاثة أسس :
أولاً: أن لا يخالف أحكام الشريعة المقدّسة .
ثانياً: أن يكون قادراً على الحركة والنجاح ضمن إطار الواقع المعاش بوصفه مؤسّسةً تجاريةً تتوخّى الربح .
ثالثاً: أن تمكّنه صيغته الإسلامية من النجاح بوصفه بنكاً، ومن ممارسة الدور الذي تتطلّبه الحياة الاقتصادية والصناعية والتجارية من البنوك، وما تتطلّبه ظروف الاقتصاد النامي والصناعة الناشئة من ضرورة التدعيم والتطوير.»[lxii]
فيما يلي یُذكر أهم وظائف البنك اللاربوي في التنمية الاقتصادية للمجتمع وفق الأفكار الاقتصادية للشهيد الصدر:
- تنمية الإنتاج و خلق فرص العمل
من أهم أهداف البنك اللاربوي في فکر الشهيد الصدر تنمية الإنتاج و خلق فرص العمل في المجتمع. إذا زاد الإنتاج المحلي في مجتمع ما فستزداد العمالة و في هذه الحالة ستنخفض البطالة و بالإضافة إلى التنمية الاقتصادية للمجتمع، سيتم تقليل العديد من الأضرار الاجتماعية الناجمة عن الفقر و البطالة. لذلك فإن الغرض الأساسي من النظام المصرفي اللاربوي هو المساعدة في التنمية الاقتصادية للمجتمع في ضوء المساعدة على الاستثمار في مختلف القطاعات. فإن تأثير الائتمان المصرفي على الإنتاج و خلق فرص العمل هو أن تقليل الائتمان المصرفي نفسه يقلل من الاستثمار و بالتالي يقلل من الإنتاج. تم النظر في تأثير السياسة النقدية من خلال قناة الإقراض المصرفي من قبل العديد من الاقتصاديين منهم برناك[6] بلایندر[7] [lxiii] مشکین[8] [lxiv] و تیلور[9] [lxv].
يقدم الشهيد الصدر حلولاً لهذه المهمة في كتابه في مختلف المجالات. و يذكر أن أحد أهداف إنشاء البنوك اللاربویة هو تطوير الأنشطة الاقتصادية باستخدام رأس المال الخامد. و هذا يعني أنه يمكن للبنوك توفير رأس المال الخامد للمستثمرين حتى يتمكن المستثمرون من خلق وظائف منتجة و خلق فرص العمل و التنمية الاقتصادية. هو یؤکد في رسالته للبنوك اللاربوية أن البنوك تساهم في التنمية الاقتصادية من خلال تمويل مشاريع الزراعية و الصناعية و التجارية، بالإضافة إلى خلق فرص العمل.
فیکتب عن هذا:«أن تُمكّن الصيغة الإسلامية البنك اللاربوي لا من النجاح كمؤسسةٍ تجاريةٍ تتوخّى الربح فحسب، بل لابدّ للبنك اللاربوي هذا أن يكون قادراً ضمن تلك الصيغة على النجاح بوصفه بنكاً، أي أن يؤدّي في الحياة الاقتصادية نفس الدور الذي تقوم به البنوك فعلاً، من تجميع رؤوس الأموال العاطلة ودفعها إلى مجال الاستثمار والتوظيف على أيدي الأكفاء من رجال الأعمال، وتمويل القطاعات التجارية والصناعية والقطاعات الأخرى بما تحتاجه من المال، وتكثير وسائل الدفع التي تعوّض عن العملة، وتساهم في اتّساع حركة التبادل ونشاطها من شيكاتٍ (صكوك) وغيرها .وإضافةً إلى ذلك لا بدّ للبنك ـ لكي ينجح باعتباره بنكاً في بلدٍ من البلاد النامية ـ أن يؤدّي دوراً طليعياً في تنمية اقتصاد البلد الذي يشكّل البنك جهازاً من أجهزته المالية الحسّاسة، وأن يساهم مساهمةً فعّالةً في تطوير الصناعة في ذلك البلد ودفعها إلى الأمام.»[lxvi]
هذا هو الحل الأساسي للتنمية الاقتصادية للبلد؛ أي أن للبنك دور رئيسي في عملية التسهيلات و الاستثمار التي يمكن من خلالها تطوير القطاعات الزراعية و التجارية. الشهيد الصدر يكتب عن هدف البنک اللاربوي في تطوير النشاط الاقتصادي للمجتمع و نموه:«أرى أنّ طبيعة البنك اللاربوي على ضوء الأطروحة المتقدّمة سوف تمدّه بالقدرة على توجيه الاقتصاد النامي في البلاد، ودفع مؤسّسات الأعمال نحو مواكبة الحاجات الحقيقية لحركة نموِّه، وسوف تكون قدرة البنك اللاربوي على ذلك بدرجةٍ أكبر من قدرة البنك الربوي؛ لأنّ البنك اللاربوي لا يقتصر على إعطاء قروضٍ بمجرّد التأكّد من قدرة المقترِض المالية على الوفاء وثقته بمركزه الائتماني، بل إنّه سوف يدرس مع المستثمرين نوعية العمليات التي يَودّون القيام بها، وبذلك يتاح له أن يوجِّههم .كما أنّه من ناحيةٍ أخرى سوف يحرص على ربحية العمل الذي يمارسه المستثمر، ولا يكفيه أن يكون المستثمر قادراً على تسديد الدين ولو خسرمشروعه، و بذلك يُحجِم عن توظيف الأموال في عملياتٍ غير مأمولة، أو في المشاريع الضعيفة التي تحاول أن تمتصّ جزءاً من رأس المال المعروض للاستثمار وتبدّده دون جدوى.»[lxvii] هو يشرح دور البنوك و كيفية إدارة التسهيلات و الاستثمارات بنهجین:
اولا: تجهيز المصادر النقدية
یذکر الشهيد الصدر في هذا القسم أنواع الودائع و دورها في المصادر النقدية للبنك، و لتوضيح دور البنوك و كيفية إدارة التسهيلات و الاستثمارات يشير إلى أنواع الودائع و شروط و أحكام كل منها. فیذكر الشروط و الأحكام لكل من هذه الإيداعات، بما في ذلك:
الوديعة الجارية: بحسب شهيد صدر، فإن الطبيعة الفقهية لهذا النوع من الودائع القرضية اللاربوي. يكتب في تعريف هذا النوع من الودیعة:«والودائع المتحرّكة (الودائع تحت الطلب التي تُكوِّن الحساب الجاري): هي المبالغ التي يودِعها أصحابها في البنوك بقصد أن تكون حاضرةَ التداول والسحب عليها لحظة الحاجة؛ وفق متطلّبات العمل التجاري، أو حاجات المودع كمستهلك. ولا يتقاضى هؤلاء عادةً فائدةً من البنوك على هذه الودائع، كما أنّها تكون تحت الطلب دائماً، بمعنى أنّ البنك يلتزم بدفعها متى ما طولب بذلك ، خلافاً للودائع الثابتة فإنّ أصحابها يتقاضون فوائد عليها، ولا يلتزم البنك بدفعها فوراً متى طولب بذلك.»[lxviii]
يقدم ثلاثة مقترحات لرصیدالودائع القرضية، و ثالثها يتعلق بالاستثمار. يكتب عن هذا:«ويمكن للبنك أن يصنِّف الودائع المتحرّكة إلى عدّة أقسامٍ وفقاً لسياسةٍ عامّةٍ مرسومة :القسم الأوّل، يحتفظ به البنك كسائلٍ لضمان قدرته على مواكبة حركة الحسابات الجارية من ناحية، والمساهمة في تمكينه من تغطية طلبات المودِعين للودائع الثابتة في الآجال المحدّدة لسحبها، والبنك هو الذي يقدِّر كمّية هذا القسم ونسبته إلى مجموع الودائع المتحرّكة وفقاً لِمَا يقدِّره لحركة الحسابات وحركة السحب على الودائع الثابتة .القسم الثاني، يوظِّفه البنك عن طريق المضاربة مع مستثمِر، ويحتلّ البنك في هذه المضاربة مركز المضارِب، ولا يكون مجرّد وسيط، ويستأثر بما كان يحصل عليه المودِع والبنك معاً في المضاربات الأخرى .القسم الثالث، يُعِدّه البنك للإقراض منه لعملائه، ويقيم سياسته في هذه القروض التي يقدّمها إلى عملائه على إيجاد تسهيلاتٍ لهم عن طريق تلك القروض؛ حيث لا يمكن إقامة التسهيل على أساس المضاربة .»[lxix]
الوديعة الثابتة: النوع الثاني من الودائع التي يشير إليها الشهيد الصدر هي الوديعة الثابتة، يكتب في تعريف هذا النوع من الودائع: «الودائع الثابتة (الودائع لأمدٍ): عبارة عن المبالغ التي يودِعها أصحابها في البنك بقصد الحصول على دخلٍ عن هذا الطريق يتمثّل في ما يتقاضونه من الفوائد، وهؤلاء قد يستهدفون استثمار أموالهم عن هذا الطريق باستمرار، وقد يُقدِمون على هذا الاستثمار مؤقّتاً بانتظار فرصةٍ مناسبةٍ للتشغيل.»[lxx] و في هذا الصدد يعتقد أنه في هذا النوع من الودائع فإن البنك مثل الودائع الادخارية يتلقى ودائع المودعين كتوكيل رسمي، ثم يقدمها للمستثمرين في شكل عقد مضاربة، و بحسب عقد المضاربة فإنه یشارك في أرباحها. يكتب الشهيد الصدر في وصفه لهذا النوع من الودائع وشروطه في الاستثمار:
يشترط البنك في توكّله عن المضارب ـ أي المودِعَ ـ واستثمار وديعته عن طريق المضاربة ما يلي:
- إن يلتزم المودِع بملزِمٍ شرعيّ بإبقاء وديعته مدّةً لا تقلّ عن ستة أشهرٍ تحت تصرّف البنك، فإذا لم يوافق المودِع على ذلك لم يسمح له الاشتراك في عقود المضاربة، ولم يقبل البنك التوكّل عنه في هذا المجال .
- أن يُقِرَّ المودِع ويوافق على الصيغة التي يقترحها البنك للمضاربة، والشروط التي يتبنّى إدراجها في تلك الصيغة .
- أن يفتح المودِع وديعةً ثابتةً حساباً جارياً مع البنك، وهذا الشرط قابل للتغيير تبعاً لظروف الاستثمار وحاجة البنك إلى الودائع ليُضارب بها، فقد يرفع هذا الشرط عند الحاجة إلى ودائع ثابتةٍ للمضاربة؛ ليكون ذلك مشجِّعاً على استقدام مودِعين جُدُد .ولا يُعتبر بعد ذلك حجم معيّن في الوديعة الثابتة التي تدخل مجال المضاربة، بل يمكن قبولها ولو بلغت من الضآلة إلى درجةٍ لا تُتيح إنشاءَ مضاربةٍ مستقلّةٍ على أساسها؛ لأنّ البنك لا يربط كلّ وديعةٍ بمضاربةٍ مستقلّة، وإنّما تُمتزج كلّ وديعةٍ بغيرها في بحر الودائع الثابتة، وتنصبّ عقود المضاربة على مجموعاتٍ من هذا البحر، فلا مانع من ضآلة حجم الوديعة الثابتة التي يتقدّم بها المودِع»[lxxi] يشرح الشهيد الصدر کیفیة تشجيع المودعين على عمل هذه الوديعة و حلولها اللاربویة.[lxxii] و يرى الشهيد الصدر أن الهدف من استقطاب المودعين في هذا القسم هو بذل أقصى جهد في جذب المودعين و في الوقت نفسه جعل هذه الودائع في الإنتاج و التوظيف، لدفع أرباح الاستثمار بشكل شرعي لأصحاب هذا النوع من الحسابات.
ودیعة التوفیر: في النوع الثالث من ودائع أي ودیعة التوفیر بينما يدرس استراتيجية استخدامها في النظام البنکي اللاربویة، يكتب في تعريف هذا النوع من الودائع و شرحها: «وهناك قسم ثالث من الودائع تلتقي فيه خصائص القسمين السابقين، وهو ودائع التوفير التي يودِعها الموفّرون في البنك وينشئون بذلك حساباً في دفترٍ خاصّ واجب الترقيم عند كلِّ سحبٍ أو إيداع. وتلتقي ودائع التوفير مع الودائع المتحرّكة في إمكان السحب منها متى شاء المودِع، خلافاً للودائع الثابتة التي لا يلتزم البنك بوضعها تحت الطلب دائماً. كما أنّ ودائع التوفير تلتقي مع الودائع الثابتة في ما تقرضه البنوك الربوية من فوائد للموفّر كما تفرضها لأصحاب الودائع الثابتة.»[lxxiii] و یقترح الشهيد الصدر أن العلاقة بين البنوك و المودع في هذا النوع من الودائع هي علاقة المناصرة، أي أن البنك كمحامٍ يتلقى ودائع المودعين؛ و تقديم التسهيلات للمستثمرين على أساس عقد المضاربة.
كما يلاحَظ أن تركيز الشهيد الصدر على استثمار المصادر النقدية يرجع إلى ودائع العملاء. هو يكتب عن كيفية توزيع المصادر النقدية الناتجة عن هذا الإيداع:«يستطيع البنك أن يقدِّر النسبة التي تسحب فعلاً من مجموع ودائع التوفير، فإذا فرضنا أنّها كانت لا تزيد في العادة على (10%) فسوف يعتبر عُشر كلّ وديعةٍ من ودائع التوفير وديعةً متحرّكة، ولا يدفع عنها أيَّ فائدةٍ أو ربح، بل يحتفظ بها كقرضٍ في حالةٍ كاملةٍ من السيولة النقدية لمواجهة طلبات السحب من الموفّرين الذين يشترط عليهم البنك أن لا يطالبوا إلاّ بقيمة الوديعة .وهكذا سوف يحصل الموفِّر على فرصة السحب متى أراد، خلافاً لصاحب الوديعة الثابتة، وفي مقابل ذلك لا تدخل وديعة التوفير كلّها في مجال الاستثمار والمضاربة، بل يُقتطع منها جزء محدّد وفقاً لِمَا تقدّم في الأمر الثاني، بينما تدخل الوديعة الثابتة كلّها في ذلك المجال .وكلّما طلب الموفِّرون ودائعهم قام البنك بتسديد الطلب من الجزء الذي اعتبره قرضاً من ودائع التوفير واحتفظ به كسائلٍ نقدي، وفي هذه الحالة يحلّ هو محلّ الموفِّر في المضاربات التي أنشأها.»[lxxiv] كما يمكن رؤيته في هذا القسم فإن الشهيد الصدر أثناء دراسته للجوانب الفقهية و الدينية للودائع يعتبرها عاملاً مهمًا في تعزيز الائتمان النقدي للبنك اللاربوي و هو ما يوضح في المحور التالي كيفية استخدام هذا الإئتمان المصرفي.
ثانياً: تخصيص المصادر النقدية
في تصمیم البنک اللاربوي للشهيد الصدر لتخصيص المصادر النقدية للبنوك تم تحديد عدة استراتيجيات يمكن أن تكون كل منها بدورها مفيدة في التنمية الاقتصادية من جهة و العدالة الاقتصادية من جهة أخرى. هذه الحالات مذكورة أدناه:
المضاربة
إنّ المضاربة من الحالات التي أكد عليها الشهيد الصدر في النظام المصرفي اللاربوي، لكن معناه يختلف عن غيره من حيث الفقه الإسلامي، و قد كتب في تعريف المضاربة الإسلامية على النحو التالي:«والمضاربة يختلف مفهومها في الفقه الإسلامي عن مصطلحها في الاقتصاد الحديث، فهي في الفقه الإسلامي: عقدٌ خاصٌّ بين مالك رأس المال والمستثمِرعلى إنشاء تجارةٍ يكون رأسمالها من الأوّل، والعمل على الآخر، ويحدّدان حصّة كلٍّ منهما من الربح بنسبةٍ مئوية، فإن ربح المشروع تقاسما الربح وفقاً للنسبة المتّفق عليها، وإن ظلّ رأس المال كما هو ـ لم يزد ولم ينقص ـ لم يكن لصاحب المال إلاّ رأس ماله، وليس للعامل شيء. وإن خسر المشروع وضاع جزء من رأس المال أو كلّه تحمّل صاحب المال الخسارة، ولا يجوز تحميل العامل المستثمِر وجعله ضامناً لرأس المال، إلاّ بأن تتحوّل العملية إلى إقراض من صاحب رأس المال للعامل، وحينئذٍ لا يستحقّ صاحب رأس المال شيئاً من الربح. هذه هي الصورة العامة للمضاربة في الفقه الإسلامي.»[lxxv]
و من وجهة نظر الشهيد الصدر فإن البنك اللاربوي یدفع تسهيلات المضاربة للمستثمرين بطريقتين؛ أولاً: في شكل منح المضاربة في منصب مالك رأس المال، في هذا النهج يبرم البنك عقد المضاربة مع المستثمرين بدور مالك و صاحب رأس المال و يكتب شهيد صدر عن ذلك:«يمكن للبنك أن يُدخِل إلى مجال الاستثمار على أساس المضاربة الأموال التي تعتبر ملكاً خاصّاً به إلى جانب الودائع الثابتة التي يعتبر البنك وكيلاً عليها من قبل مودِعيها. و هذه الأموال التي يملكها البنك و يمكنه أن يستثمرها على أساس المضاربة هي :
أولاً : الجزء الذي يخصّصه للاستثمار عن طريق المضاربة من رأس ماله الأصلي .
وثانياً: الجزء الذي يقدّر البنك بخبرته الخاصة إمكانية سحبه من الودائع المتحرّكة وإدخاله مجال الاستثمار، فإنّ الودائع المتحرّكة يتقبّلها البنك بوصفها قروضاً كما سيأتي، وهي على هذا الأساس تعتبر ملكاً للبنك، ويمكن للبنك أن يحدّد القدر الضروري لتوفير السيولة النقدية اللازمة لحركة الحسابات الجارية وتسهيلاتها، ويستعمل من الفائض عن ذلك في مجال الاستثمار .وفي حالة استثمار البنك لأمواله الخاصّة من هذين النوعين يصبح هو المضارِب بوصفه المالك لرأس المال، ويتمثّل حقّه حينئذٍ في حصّةٍ من الربح تساوي الحدَّ الأعلى لأجرة رأس المال المضمون + قيمة المخاطرة برأس المال . ولا يتقاضى البنك أجراً ثابتاً على إنشاء عقدِ المضاربة على مالِه .والبنك ملزم أمام المودِعين للودائع الثابتة بأن يوظّف ودائعهم ويعطيها الأولوية في الاستثمار على أمواله الخاصّة، فلا يحقّ له أن يستثمر أمواله الخاصّة من رأس مالٍ وودائع متحرّكةٍ إلاّ إذا لم تسدّ الودائع الثابتة حاجة المضاربة .»[lxxvi]
ثانياً: منح المضاربة منصب محامي المالك؛ في هذا النهج يبرم البنك عقدا مع مستثمرين في قطاعي الإنتاج و التجارة في دور محامي المودع، و يكتب الشهيد الصدر عن ذلك:«ولدى توفّر شروط التوكّل بالنسبة إلى المودِع والمستثمِر يقوم البنك بدوره كوسيطٍ في المضاربة؛ بعد أن يدرس رِبحيَّة المشروع الذي تقدّم العامل طالباً تمويله عن طريق المضاربة على ضوء مختلف الظروف الموضوعية .وعلى البنك أن يسعى جاهداً لتوفير المضاربة الناجحة، ولا يجوز له تأجيل استثمار الودائع الثابتة التي يتسلّمها، ولا التماهل في تهيئة الفرصة المناسبة للمضاربة الناجحة بها بقصد توفير سيولةٍ نقديةٍ في خزانته، أو إيثاراً لاستثمار أمواله الخاصّة على أموال المودِعين.»[lxxvii] ثم يشير الشهيد الصدر إلى قواعد و شروط لهذا النوع.
و یكتب في تفسيره لمسألته الفقهية: «يقوم البنك نفسه بضمان الوديعة والتعهّد بقيمتها الكاملة للمودِع في حالة خسارة المشروع، وليس في ذلك مانع شرعي؛ لأنّ ما لا يجوز هو أن يضمن العامل رأس المال، وهنا نفترض أنّ البنك هو الذي يضمن لأصحاب الودائع نقودهم، وهو لم يدخل العملية بوصفه عاملاً في عقد المضاربة لكي يحرم فرض الضمان عليه، بل بوصفه وسيطاً بين العامل ورأس المال، فهو إذن جهة ثالثة يمكنها أن تتبرّع لصاحب المال بضمان مالِه، ويقرِّر البنك هذا الضمان على نفسه بطريقةٍ تلزمه شرعاً بذلك، فيتوفّر بذلك للمودِعين العنصر الأوّل من عناصر الدافع الذي يدفعهم إلى الإيداع»[lxxviii] و يكتب عن أهمية الاستثمار السليم و المربح لجذب المستثمرين: «وأرى ـ بحكم الظروف الموضوعية التي تحيط بالبنك اللاربوي ـ أن لا تقلّ النسبة المئوية من الربح التي تخصَّص للمودِعين عن الفائدة التي يتقاضاها المودِع في البنك الربوي؛ لأنّها إذا قلّت عن الفائدة انصرف المودِعين عن إيداع أموالهم في هذا البنك إلى البنوك الربوية التي تدفع الفائدة .
و على هذا الأساس أقترِح أن تحدَّد ـ منذ البدء ـ فكرة تقريبية عن نسبة الربح إلى رأس المال وفقاً لظروف العمل التجاري في كلّ ظرف، ويفترض للمودِعين نسبة معيّنة من الربح لا تقلّ نسبتها إلى رأس المال ـ أي الوديعة ـ عن نسبة الفائدة إليه. فعلى سبيل المثال: إذا كان المجموع الكلّي للودائع قد بلغ مئة ألف دينار وكانت الفكرة التقريبية عن نسبة الربح إلى رأس المال المستثمَر طيلة عامٍ كاملٍ هي (20 %)، أي أنَّ ربح المئة ألف في نهاية العام ألف دينارٍ وافترضنا أنّ الفائدة التي تدفعها البنوك الربوية هي (5%) ـ أي أنّها تدفع خمسة آلاف دينارٍ فائدةً على وديعةٍ تبلغ مئة ألف دينارٍ ـ فيجب أن لا تقلّ النسبة المئوية التي تقرَّر في البنك اللاربوي للمودِعين عن (25%) من الربح لكي لا تنقص عن سعر الفائدة »[lxxix]
و يؤكد الشهيد الصدر على وجوب وجود قسم في البنك يقوم بفحص فئة الاستثمار في المجتمع حتى يتمكن من تحديد الاستثمار المربح:«لابدّ للبنك اللاربوي أن ينشئ ـ كغيره من البنوك ـ شعبةً تسمّى بـ (شعبة البحوث الاقتصادية) أو بأيّ اسمٍ آخر، مهمّتها التحرّي عن أسعار السوق و عن ظروف الاستثمار، وتجمع هذه الشعبة كافّة المعلومات عن الحياة الاقتصادية والتنبؤات بفرص العمل المربح في المستقبل، و كذلك التنبّؤ بمستقبل الصناعة والتجارة، وما شاكل ذلك .وبذلك سوف تتوفّر للبنك معلومات كافية يستطيع على ضوئها أن يحدّد مقدّماً ما يترتّب من نتائج لأكبر عددٍ ممكنٍ من المضاربات التي قام بها، كما أنّ هذه المعلومات ستعينه كثيراً في دراسة المضاربات التي ينوي القيام بها المستثمرون المتقدّمون إليه بطلباتهم»[lxxx] كما يتضح من هذا التصمیم فبالإضافة إلى الاعتماد على أحكام الفقه الإسلامي و الابتعاد عن الربا يبرم البنك عقدًا عمليًا و متماسكًا مع المستثمرين، و الذي بالإضافة إلى تطوير التجارة و الزراعة، يساعد أيضًا في خلق فرص العمل؛ لأنه كلما زاد الاستثمار في قطاعات مختلفة في بلد ما، زادت الحاجة إلى القوى العاملة.
القروض المصرفیة دون الربح
لا يعتبر الشهيد الصدر أن مهمة البنك اللاربوي مجرد استثمار؛ في هذا الجزء تتمثل مهمة البنك اللاربوي في المساعدة على التنمية الاقتصادية من ناحية و الفئات ذات الدخل المنخفض أو الفئات المحرومة اقتصاديًا من ناحية أخرى. في هذا النهج القروض لودیعة التوفیر يعتبرها الشهيد الصدر. فیختص هذا النهج لممدعیه و يكتب عنه:«يُعِدّه البنك للإقراض منه لعملائه، ويقيم سياسته في هذه القروض التي يقدّمها إلى عملائه على إيجاد تسهيلاتٍ لهم عن طريق تلك القروض؛ حيث لا يمكن إقامة التسهيل على أساس المضاربة. فرجل الأعمال حين يتقدّم إلى البنك طالباً منه التسهيل لا يُقدِم البنك على إعطائه التسهيل المطلوب وإقراضِه إلاّ إذا لم يتمكّن من دفع المال له على أساس المضاربة والمشاركة في الأرباح؛ لأنّ الأصل في الأموال التي يسعى البنك إلى توظيفها أن يتمّ توظيفها على أساس المضاربة، و يحاول البنك عن طريق هذا الأصل إيجاد هذا العرف في السوق بحيث تصبح إقامة العلاقة بين المستثمِرين والبنك على أساس المضاربة أمراً اعتيادياً مفهوماً بين رجال الأعمال.»[lxxxi] كما يمكن أن یلاحظ فإن تصمیم الشهيد الصدر للائتمان و الاستثمار فيما يتعلق بالبنک اللاربوي تغطي جميع طبقات المجتمع المختلفة و بعبارة أخرى تعد جامعیة هذا التصمیم و منفعتها العامة من أهم مزايا هذا التصمیم.
الاستثمار
مهمة أخرى للبنك اللاربوي في التنمية الاقتصادية هي الاستثمار. يشرح الشهيد الصدر مفهوم الاستثمار بهذه الطريقة:«يقصد بالاستثمار توظيف البنك لجزءٍ من أمواله الخاصّة أو الأموال المودَعة لديه في شراء الأوراق المالية، والتي تكون غالباً على شكل سنداتٍ توخّياً للربح وحفاظاً على درجةٍ من السيولة التي تتمتّع بها تلك الأوراق المالية؛ لإمكان تحويلها السريع إلى نقودٍ في أكثر الأحيان.»[lxxxii] يكتب في شرح الفرق بين هذا النوع من الاستثمار و أهميته:«منها: أنّ القرض يقوم غالباً على استعمال الأموال لفترةٍ قصيرةٍ نسبياً، خلافاً للاستثمارات التي تؤدّي إلى استعمالٍ للأموال في آمادٍ أطول وإن كان العكس قد يصدق أحياناً .و منها: اختلاف دور البنك ومركزه في الاستثمار والقرض، ففي الاستثمار هو الذي يبدأ المعاملة ويدخل السوق عارضاً المال ليوظّف في فترةٍ طويلة، وفي القرض يكون الابتداء من العميل المقترض. كما أنّ دور البنك في القرض دور رئيسي؛ لأنّه أهمّ المقرِضين ، بينما دوره في الاستثمار ليس بتلك الدرجة؛ لأنّه يدخل إلى سوق الأوراق المالية كواحدٍ من المستثمِرين»[lxxxiii]
- البنک و التوسع في تبادل الودائع النقودیة
من أهم مهام البنوك في العصر الحالي تسهيل الخدمات التجارية و المالية. يلعب البنك الدور الرئيسي في عملية المعاملات المالية و التجارية. يمكن أن يساعد النظام المصرفي الصحيح في توسيع نطاق الأعمال و المعاملات التجاریة و المالية؛ كما يمكنها تسريع الخدمات المصرفية بحيث لا توجد مشكلة في التجارة المحلية و الدولية و المعاملات المالية. يقدم الشهيد الصدر أحد أهداف النظام المصرفي اللاربوي في تسريع الخدمات المصرفية و المالية بطريقة تساعد البنوك في توسيع أنشطة الأعمال و تطوير السوق من خلال توسيع تبادل النقودیة من خلال الشيكات و خدمات الحساب الجاري:«يقوم البنك في الواقع المعاش بخدماتٍ عديدة ، فهو يقبل الودائع المختلفة وعلى أساس قبوله للودائع يمارس تحصيل الشيكات والحوالات وتحصيل الكمبيالات و غير ذلك من الأُمو .كما أنّه يقوم بخدماتٍ أخرى لعملائه يتوخَّى فيها الكسب، من قبيل بيع و شراء الأوراق المالية لهم، وعمليات الاعتمادات المستندية، وخطابات الضمان (الكفالات)، و نحوها. و إذا لم تكن هذه الاعتمادات والخطابات مغطاةً اعتبرت إلى جانب كونها خدماتٍ، تسهيلاتٍ مصرفيةً أيضاً .»[lxxxiv] في هذا الجزء یلعب البنک اللاربوي دوره في تسهيل الخدمات المصرفية والتجارية بشکل جید.
**التحليل و الفحص و الاقتراحات
كما ذكرنا يمكن تنفيذ النظام المصرفي اللاربوي في البلدان الإسلامية و غير الإسلامية لأن هذا النظام المصرفي مصممة مع مراعاة الحقوق المتبادلة للعميل و البنك من جهة و جهود البنك لتطوير الإنتاج و التوظيف مع الاستثمار في الأخرى. في العراق يمكن لنظامها المصرفي أن تساهم في التنمية الاقتصادية للعراق بعدة طرق إضافة إلى التطوير المصرفي و حل المشاكل المالية و التجارية من خلال اعتماد خطة الشهيد الصدر:
أولاً: استخدام رأس المال المحلي في الإنتاج و التوظيف:
يمكن أن تكون إحدى أهم المهام المصرفية للعراق هي الاستثمار في قطاعات مختلفة بأموال الودائع المختلفة. كما ذكرنا يتمتع العراق بإمكانات التنمية الاقتصادية بعدة طرق. في مجالات الزراعة، الصناعية و السياحة من الممكن أن تقوم باستثمارات مفيدة تساهم بالإضافة إلى خلق فرص العمل في التنمية الاقتصادية للبلاد.
ثانياً: جذب المستثمرين الأجانب من خلال التجارة الدولية:
تعتبر التجارة الدولية اليوم واحدة من استراتيجيات التنمية الاقتصادية. يمكن لجذب المستثمرين الأجانب و استخدامهم في قطاع التجاریة أن يساعد في استخدام المصادر المالية للمستثمرين الأجانب، و الدعم الحكومي لهذا المشروع مهم.
الرابع: مُكَوناتُ الإجرائي لِإزالَةِ الاَضرارِ الاِقتِصاديةِ
تُشير الأَضرار الاِقتِصادِيَة إِلَى الآفات الَّتي تُهَدِّد الأَمن الاِقتِصادي و الَّتي بِالإضافَةِ إِلى الخَسائِر الشَّخصيَة و الاِجتِماعيَة و تَکون عُقبَة مُهمَة أَمام خَلقِ فُرَصِ العَمَلِ و الإِنتاجِ. تَرتَبِطُ بَعض هَذِهِ الآفات بِالحَياةِ الفَردِيَة و البَعض الآخِر بِالحَیاةِ الاِجتِماعيَةِ. تتعارض الأضرار الاقتصادية مع استراتيجيات التنمية الاقتصادية، فإذا لم تؤخذ هذه الأضرار في الاعتبار و لم يتم اتخاذ أي إجراء لإزالتها فلن تنجح الحلول الاقتصادية الأخرى لحل المشاكل الاقتصادية و التنمية الاقتصادية و لن يتحقق التقدم فقط بل سوف يتجه المجتمع نحو الدمار و الفساد و الفقر. يمكن أن يكون لوجود الفساد تأثير سلبي على التنمية من خلال تقليل النشاط الاقتصادي للنشاط في الأعمال الإنتاجية و تحويل المصادر إلى أنشطة منخفضة العائد والحوافز المنخفضة لزيادة أنواع رأس المال.[lxxxv] الشهيد الصدر عندما یطرح أي موضوع اقتصادي یشير إلى أضراره أیضاً؛ لا تقدم وجهة نظر الشهيد الصدر الوجوبات الاقتصادية فحسب بل تشير أيضًا إلى الممنوعات الاقتصادية. و قال إن المواجهة مع الأضرار الاقتصادية عامل مهم في تحقيق اقتصاد سليم و تنمية اقتصادية و تحقیق ال عدالة الاجتماعية. فيما يلي سيتم تحليل و دراسة أهم الاستراتيجيات للتعامل مع الاضرار الاقتصادي من وجهة نظر الشهيد الصدر.
- محاربة الفساد الاقتصادي
الفساد من أصل “فَسَدَ” يعني منع فعل الصواب و الصحيح، و يستخدم في اللغة الإنجليزية مع كلمة {Corruption} و الجذر اللاتيني {{Rumpere و يعني الكسر و الانتهاك. روبرت. ب. زولیک رئيس البنك الدولي يرى الفساد الاقتصادي على أنه سرطان ينهب الفقراء و يستهلك الحكومة و الشؤون الأخلاقية و يقضي على الثقة. في مکان آخر تم تفسير الفساد على أنه إساءة استخدام للسلطة لتحقيق مكاسب شخصية و يتضمن قضايا مثل الرشوة و الاحتيال و الابتزاز و الاختلاس و ما إلى ذلك.[lxxxvi] ِلفَساد الاِقتِصادِي العَديد مِنَ الحالاتِ التي يُمكِن أَن تُوجَد فِي أَيِّ مُجتَمَع. يَتَعارَض الفَساد الاِقتِصادِي مَع الاِقتِصاد الإسلامي و يَضرِب الاِقتِصاد السَليم و الديناميكي ضَربَة. تَعُدُّ التِجارَةُ غَير الصَحية و كَسب الدَخلِ غير المَشروعِ مِن أَهمِّ الأَمثِلَة عَلَى الفَساد الاِقتِصادي. و يؤكد الشهيد الصدر على محاربة الفساد الاقتصادي في المجتمع في حالات مختلفة، و وفقا له فإن إحدى فلسفات الشريعة الإسلامية هي محاربة الفساد:« و لا نستطيع أن نستوعب هنا مجموعة التشريعات ذات الصلة بمبدأ التوازن، ونكشف عن أوجه الارتباط بينها وبينه. وإنّما يكفي أن نشير هنا إلى محاربة الإسلام لاكتناز النقود، وإلغائه للفائدة، وتشريعه لأحكام الإرث، وإعطاء الدولة صلاحيات ضمن منطقة الفراغ المتروكة لها في التشريع الإسلامي، وإلغاء الاستثمار الرأسمالي للثروات الطبيعية الخام، إلى غير ذلك من الأحكام.»[lxxxvii]
ايضاً يكتب في هذا الصدد:«فقد تكون عقوبة السارق بقطع يده قاسية إلى حدّ ما في بيئة رأسمالية تركت فيها الكثرة الهائلة من أفراد المجتمع لرحمة القدر وزحمة الصراع، وأمّا حيث تكون البيئة إسلامية، وتوجد التربة الصالحة للاقتصاد الإسلامي، ويعيش المجتمع في كنف الإسلام فليس من القسوة في شيء أن يعامل السارق بصرامة، بعد أن وفّر له الاقتصاد الإسلامي أسباب الحياة الحرّة الكريمة، ومحا من حياته كلّ الدوافع التي تضطرّه إلى السرقة.»[lxxxviii]
فِي التَّعاليمِ الدِّينيّة يَعتَبِر الرِّبا و القُمار و الغَلاء و السَرِقَة و الاِختِلاس أَمثِلَةً عَلَى الاِقتِصاد غير الصِحي و الفَسادِ الاِقتصادي، و قَد أَکَّدَّ عَلَى مُكافَحَتِها و القَضاء عَلَيها مِن المُجتَمَعِ. فِي نَهجِ البَلاغةِ يَعتَبِرُ الاِحتِکار أَحَد أَهَمِ أَشكالِ الفَسادِ الاِقتِصادِي فِي المجتمع. يُمكِن أَن يَتَسَبَبُ الاِحتِکار فِي المَواقِفِ الحَساسة أَن یُسَبِّبَ أَضراراً جَسيمةً لِاقتِصادِ الأُسرَةِ و المُجتَمَعِ. فِي رِسالة 53 مِن نَهجِ البَلاغَة إِلى مالِك اَشتر طالَبَه الإمام (عَلَیهِ السَلامُ) بِمُعالَجَة الأضرار الاِقتِصادِيَة فِي المُجتَمَعِ بِما فِي ذَلِك: الاحتكار و الغَلاء، لِأَنَّ هذهِ القَضايا تعطل النِّظام الاِقتصادي لِلمُجتَمَعِ و تَضُر بِاقتِصاد الشَّعب. فَيَقول عَن هذا:«وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ ضِيقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِيحاً وَ احْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَكُّماً فِي الْبِيَاعَاتِ وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ وَ عَيْبٌ عَلَى الْوُلَاةِ فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِكَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلی الله علیه و آله) مَنَعَ مِنْهُ وَ لْيَكُنِ الْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً بِمَوَازِينِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْيِكَ إِيَّاهُ فَنَكِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْهُ مِنْ فِي غَيْرِ إِسْرَاف»[lxxxix] الشهيد الصدر يكتب في شرح رواية الامام علي (ع):«ومن الواضح فقهياً: أنّ البائع يباح له البيع بأيّ سعر أحب، ولا تمنع الشريعة منعاً عامّاً عن بيع المالك للسلعة بسعر مجحف.
فأمر الإمام بتحديد السعر، ومنع التجّار عن البيع بثمن أكبر، صادر منه بوصفه وليّ الأمر. فهو استعمال لصلاحياته في ملء منطقة الفراغ، وفقاً لمقتضيات العدالة الاجتماعية التي يتبنّاها الإسلام.»[xc] تُسَبِّبُ الخَسائِر الاِقتِصادِيَة فِي المُجتمَع فِي اضطِراب الأَسواقِ الاِقتِصادِيَة و عَدَمِ استِقرار الأَسعار فِي المُجتَمَع. إنّ الغَلاء و الاحتکار و الرِبا بِالإضافة إلى تَرقیة ثَقافة الاِقتِصاد غَير الصِّحي فِي المُجتَمَعِ و زيادة الفجوة الطَبقية تضرب الطبقة الفقيرة و المتوسطة. يَتَسَبَب الاِختِلاس عَلَى نِطاق واسِع فِي إلحاقِ أَضرار بِاقتصادِ البِلاد و خَسارَة لِلخَزينَة، مِمّا يُؤدِّي أَيضًا إِلى أضرار ثَقافية و اجتِماعية. إنَّ وَضعَ القَوانينِ المُتَماسِكَة و المُلائمَة فِي هذا الصَّدَد و تَعزيز الهَيئات التَنظيمية و التَنفيذية فِي السُوقِ و النِّظامِ الاِقتِصادي يُمكِن أَن يُساعِد فِي تَقليلِ الخَسائِر الاِقتصادِيَة فِي هذا الصَّدَد.
- الإشراف الدقيق على المسؤولين
لا شك أن أسلوب الإدارة الاقتصادية و السياسية في البلد من قبل المسؤولين أمر مهم. في بعض الحالات و في السنوات الأخيرة كان هناك العديد من الاحتجاجات و المظاهرات ضد الفساد الاقتصادي و الظلم لبعض المسؤولين. لا يتسبب الفساد الاقتصادي للمسؤولين في البلاد في حدوث ركود اقتصادي فحسب بل يؤدي أيضًا إلى اضطراب السلم الاجتماعي في البلاد. لذلك في النظام السياسي و الاقتصادي الحالي للبلاد أصبحت الحاجة إلى نظام مراقبة أكثر دقة و تماسكًا أكثر من أي وقت مضى. یشیر الشهيد الصدر بشكل عام الى اهمية الرقابة الاقتصادية خاصة في عملية الانتاج و بحسب قوله فإن الإشراف الدقيق من واجبات الحكومة في المجتمع:«مكّن الإسلام الدولة من قيادة جميع قطاعات الإنتاج عن طريق ممارستها للقطاع العام، ومن الواضح أنّ وضع مجال كبير من ملكية الدولة والملكية العامة في تجربة تمارسها الدولة سوف يجعل من هذه التجربة قوّة مُوجِّهة وقائدة للحقول الأخرى، ويتيح لمشاريع الإنتاج المماثلة الاسترشاد بتلك التجربة واتّباع أفضل الأساليب في تحسين الإنتاج وتنمية الثروة.»[xci] في حكومة الإمام علي (علیه السلام) تم مراقبة المسؤولين بشکل دقیق. مِنَ العِباراتِ الَّتي تُمكِنُ رُؤيَتُها في رَسائلِ نَهجِ البَلاغةِ عِبارة “فَقد بَلَغَني” الَّتي تَدُلّ عَلى أَنَّ الإمام (عَلیهِ السلام) كانَ لَه السيطَرَة المُطلَقَة عَلَى شُؤونِ عُملاءِهِ حتَّی في عِصر لَم تَكُن فيهِ أَخبار عَن التِقنيات الحَديثَة. و بِهَذه المُراقَبَة الدَقيقة أَشار الإمام (عَلیهِ السّلام) إِلى عُيوبِ وُكَلائِه و أَمَرَهُم بِتَصحيحِها. إنَّ الرِسالَةَ إلى مُحمّد بن أبي بكر،[xcii] الرسالةَ إِلى بَعضِ العملاءِ،[xciii] الرسالةَ إلى عُثمانَ بن حنيف، مُحافظ البَصرةِ،[xciv] و الرسالةَ إلَى عَبدِالله بن قيس[xcv] وَ الرسالةَ إلَى سَهلِ بن حَنيف الأنصاري[xcvi] كانَت مِنَ الرَسائِلِ الَّتي تَظهَر بِوُضوحٍ أَنَّ الإمام (عَلیهِ السلامُ) كان لَديه أَقصَى دَرجات العِنايَة و الإشراف عَلَى شُؤونِ عُملاءِهِ. لِذلك يُمكِن أَن يَكون الاِختِيار و الإشراف الدَقيق لِلعُمَلاءِ الأَكفاءِ الَّذينَ يَتَوَلون مَسؤوليات مُهِّمَة فِي المُجتَمَع هُو عامِلا مُهِما فِي تَحَقُقِ الأمنِ الاِقتِصادي.
- حظر استعمال البضائع المهربة
مِن أَهَمِّ الاِستِراتيجيات الَّتي يُمكِن أَن تُساعِد فِي التَنمية الاِقتِصادية لِلمُجتَمَع التَركيز عَلَى الإنتاجِ الداخلي و الاِستِهلاك المَحلي و حَظر استِخدامِ السِلَعِ المُهَرَبَة. يذكر الشهيد الصدر أن أحد العوامل المؤثرة في الإنتاج هو المواجهة مع الإسراف و التبذیر و البضائع غير الضرورية؛ معني الإسراف هنا استخدام سلع غير ضرورية تتعارض مع الاقتصاد السليم و الإسلامي. فيكتب عن هذا:«كما يحتمّ الإسلام أيضاً على الإنتاج الاجتماعي أن لا يؤدّى إلى الإسراف؛ لأنّ الإسراف محرّمٌ في الشريعة، سواء حصل بتصرّف شخصي من الفرد أو بتصرّف عام من المجتمع خلال حركة الإنتاج ، فكما يحرّم على الفرد أن يستعمل العطور الثمينة في غسل ساحة داره؛ لأنّه إسراف، كذلك يحرّم على المجتمع أو على منتجي العطور ـ بتعبير آخر ـ أن ينتجوا من العطور كمّية تزيد على حاجة المجتمع وقدرته الاستهلاكية والتجارية ؛ لأنّ إنتاج الفائض لون من الإسراف، وتبديد الأموال بدون مبرّر»[xcvii] هُناك العَديد مِن المَوضوعات فِي التَّعاليمِ الإِسلاميّة الَّتي تحظر بِشكل مُباشر أَو غَير مُباشر اِستهلاك البَضائِع غَير الإسلامية وَ المهربة.
يَقولُ الإمام عَلي (عَلیهِ السَّلام) في هذا الصَّدَدِ:«لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَلْبَسُوا لِبَاسَ الْعَجَمِ وَ يَطْعَمُوا أَطْعِمَةَ الْعَجَمِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَهُمُ اللَّهُ بِالذُّل»[xcviii] لَم يَقصد الإمام(عَلیهِ السَّلامُ) عَنِ العَجَمِ قَومًا مُعَينًاً بَل قوما غَيرَ المُسلِمين فِي ذَلِك الوَقت نَهى الإمام(عَلیهِ السلامُ) التَقليد وَ الإطاعَة الظّاهریة عَنهُم. لِأَنّ هَذا العَمل بِالإِضافَة إِلَى التَرويجِ لِلثَقافَة غيرِ الإسلاميّةِ وَ الغزوِ الثَقافي فِي المُجتَمَعِ الإسلامي یُسَبّبُ فِي الاِزدِهارِ الاِقتِصادي لِلمُجتَمَعِ غيرِ الإسلامي وَ إِضعافِ السُوقِ المَحَليةِ فِي هَذِهِ المَجالاتِ. اِستَنَدَ خطابُ الإمامِ علي (عَلیهِ السّلامُ) إِلَى مَجالَينِ اجتِماعيینِ و اقتِصادیَینِ ثِقافیینِ وَ يُمكِنُ تَطبيقُ هَذِهَ الكَلمةُ عَلَى المُسلمينَ في أَيِّ عَصر وَ العمل بِها بِالإضافَة إِلَى التَنمية الاِقتِصاديَة لِلسوقِ المَحلي وَ بِالتالي تَطوير الإنتاجِ وَ التوظیفِ يَمنَع الغَزوَ الثِّقافي لِلمُجتَمَعِ.
إنّ استِهلاكَ البَضائعِ الأَجنَبية وَ التَهريب بِما فِي ذَلِكَ المَلابِسِ والمَوادِ الغِذائيةِ و غیر ذلک سَیَضرب الاِقتصادَ المَحلي. إِنَّ التَقلید مِن الأَجانِبِ في نَوعِ و كميَة السِلَعِ الاِستِهلاكيَة يَضُر بِالمُجتَمَعِ الإِسلامي بِطُرُقٍ مُختَلفَة، وَ مِن الناحيةِ الاِقتصادِيَة فإنَّ هذا يعززُ الاِستِهلاك المُفرَطَ لِلبَضائِع الأَجنَبية وَ إهمالِ المُنتَجات وَ السِلَعِ المَحلية، مِمّا يُؤَثِر بِالإضافَةِ إلى إِخراجِ رَأسِ المالِ مِنَ البِلادِ یَضرِبُ عَلُى الإِنتاجِ وَ الاِقتِصادِ الوَطَني ضَربَةً. مِن وُجهَةِ نَظَر اِجتماعيَة ثقافيَة إِنَّه نَوعٌ مِنَ الدِعايَة العَمَلية و التَرويجِ لِلثَقافَة الأجنَبية وَ تَهديد لِلأَصالَة الثقافِيَة وَ حَتّى الدِّينيَة فِي المُجتَمَعِ خاصة وَ أَن النَمذَجَة فِي الاِستِهلاك سَتُؤَدِّي عَن غَير قَصدٍ إلَى النَمذَجَة فِي الأَخلاقِ وَ السُّلوكِ.[xcix] فِي هَذا الصَدَدِ هُناك مَسألتانِ مُهِمَتانِ:
أَولاً حَظر استِخدامِ البَضائعِ المهربة وَ الأَجنَبية لا يعني عَدَم التِّجارة مَعَ الدُوَلِ غَير الإسلاميَة، وَ لكِن التِّجارة مَعَ الدُوَلِ الأُخرى فِي إِطار المَعايير الشَّرعية الّتي تُساهِم فِي التَنمية الاِقتِصاديَة معَ دَولَة المُجتَمَع الاِسلامي أَمر جَیِّد و ممدوح. ثانياً فيما يَتَعَلَق بِمسألة اِستِهلاك السِّلَعِ المَحليةِ وَ عَدَمِ الاِهتِمامِ بِالسِّلَعِ المهربة و الأَجنَبيةِ يَجِب القول إنَّه فِي هذا الصَّدَد يَجِب عَلَى المُنتَجين المَحليين تَكريس كُلَ جُهودهِم لِإنتاجِ سِلَعٍ عالية الجُودَة. وَ هذا يعني أَنَّه يَنبَغي عَلَيهِم بَذل كُلِّ جُهد مُمكِن لِإنتاجِ سِلَعٍ عالية الجودَة بِسَعر مَعقولٍ فِي جَميعِ المَجالات؛ مِن ناحية أُخرى يَجِبُ عَلَى المُستَهلِكينَ بَذلَ الجُهود لِشراءِ السِلَعِ المَحَلية وَ تَجَنُب اسخدامِ البَضائِعِ المهربة، وَ هَذا العَمَل بِالإِضافَة إِلَى الإِشادَة بِه يُساهِم فِي الاِزدِهارِ الاِقتِصادِي لِلمُجتَمَعِ وَ الإنتاجِ وَ التَوظیف.
- خلق ثقافة الاستخدام الأمثل للنعم الإلهية
عامِل مُهِم آخَر في تحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد،هُو خَلق ثَقافَةِ الاِستِخدامِ السَليم لِلبَرَكات الإِلهية. فِي كَثير مِن الحالاتِ دَعا القُرآن الكَريمُ النّاس إلى حُسنِ استِخدامِ النِّعَمِ و حَذر مِنَ الإسرافِ وَ التَبذيرِ:«وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفينَ» (الاعراف/31) ويصف الشهيد الصدر فلسفة تحريم الإسراف في الإسلام بهذه الطريقة:«وقد قام الإسلام من ناحيته بالعمل لتحقيق هذا الهدف، بضغط مستوى المعيشة من أعلى بتحريم الإسراف، وبضغط المستوى من أسفل، بالارتفاع بالأفراد الذين يحيون مستوى منخفضاً من المعيشة إلى مستوى أرفع. وبذلك تتقارب المستويات حتى تندمج أخيراً في مستوى واحد، قد يضمّ درجات ولكنّه لا يحتوي على التناقضات الرأسمالية الصارخة في مستويات المعيشة.»[c] أيضاً يكتب: «حرّم الإسلام الإسراف و التبذير، و هذا التحريم يحدّ من الحاجات الاستهلاكية و يهيئ كثيراً من الأموال للأنفاق الإنتاجي بدلاً عن الإنفاق الاستهلاكي في مجالات الإسراف والتبذير .»[ci] و مِن أَهَمِ الأَمثِلَة عَلَى تَحريمِ الإِسراف العَيش البَسيطُ وَ عَدَم الاِنتِماءِ لِلكَماليات. اَلحَياة البَسيطَة هِيَ إِحدَى العادات الإسلامِيَةِ. اَلتَرف وَالمَيل إِلَى الطقوسِ مِنَ العقبات الجِدية لِإِصلاح أَنماط الاِستِهلاك وَ التَقَدُمِ الاِقتِصادي. الوقوعُ فِي فَخِ الطقوسِ وَ الكَمالياتِ لَيسَ سِوَى الاِبتِعادِ عَنِ الإنتاجِ. في الثَقافَةِ الاسلامية قَد أُکِدَ عَلَی بَساطَةِ الحَياةِ فِي جَميعِ طَبَقاتِ المُجتَمَعِ. فِي نَهجِ البَلاغَةِ وَ فِي عِدَةِ رَسائِلَ دَعا الإمامُ عَلي (عَلیهِ السلامُ) حُكامَهُ فِي المُجتَمَعِ الإِسلامي إِلى حَياةٍ بَسيطةٍ وَ القَناعَةِ[cii] كَما قَد ذُکَرَ آثارَ مُهِمَةً أُخرَى لِلقناعَةِ وَ الاِعتِدالِ[ciii] لِذَلِكَ تَعتَبِرُ مُحارِبَةُ الإسرافِ وَ الرِفاهيةِ وَ التَأكيدُ عَلَى الرِضا وَ بَساطَةُ الحَياةِ مِن أَهَمِ سُبُلِ تَحقيقِ تنمیة الاقتصادیة فِي الحَياةِ.
**التحليل و الفحص و الاقتراحات
حل المشكلات الاقتصادية في ضوء التعامل مع الاضرار الاقتصادي؛ حسم قضايا أخرى في التنمية الاقتصادية يعتمد على التعامل مع الخسائر الاقتصادية. يمكن ذكر الاستراتيجيات التالية للتعامل مع الخسائر الاقتصادية في الدولة.
أولاً: في الحلول الثقافية في مستوى كبير من المجتمع بمختلف أبعاده يجب بناء الثقافة؛ و خلق الثقافة لتحريم الإسراف و تحريم إهدار الخزينة، و بناء الثقافة، و استخدام السلع المنزلية، و حظر الكماليات و الأشياء غير الضرورية. في هذا الصدد لا ينبغي إضفاء الطابع المؤسسي على الاستخدام الأمثل للنعمات و حظر الإسراف في المدارس و الجامعات و مستويات المجتمع الأخرى من أجل منع إضاعة الممتلكات الاقتصادية. النهج التنفيذي هو تعزيز أجهزة المراقبة في الدولة. إن المراقبة الدقيقة للمسؤولين الاقتصاديين و الحراسة الدقيقة لأنشطة الشركات و المصانع و المراقبة الدقيقة للسوق يمكن أن تمنع العديد من الأضرار الاقتصادية.
ثانیا التَخطيطُ الاِقتصادي السَّليمُ: يُمكِنُ لِلاقتِصادِ الإِسلامي السَّليمِ و الدِّيناميكي أَن يَقود المُجتَمَع إِلَى نُمُو وَ تَطَوُر دُنيَوي و أُخرَوي، بِمَعنى أَنَّهُ يَتَسَبَب فِي ازدِهار اقتِصاد البِلاد و يَمنَع دُخول البَضائِع المهربة و الأَجنَبية إِلَى البِلاد. هذا أمر مُهم فِي ضَوءِ التَخطيطِ الاِقتِصادي السَّليمِ. كَما في سورة يُوسف قَد ذُکِر مِثالٌ عَلَى التَخطيط الاِقتِصادي:«قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ في سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَليلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ» (یوسف/47) تُشیر هَذِه الآيَة المُبارَكَة إِلى التَخطيط الاِقتِصادي الَّذي یَستَنتِج مِن مَوضوعِه أَنَّه يَجِب أَن يَكون النهج الاقتصادي لِلمُجتمعِ فِي الأوقات و الأَوضاعِ المُتبایِنَة مُختَلفًا؛ عِندَما يَكون فِي المُجتَمَعِ وَفرَة مِنَ البَرَكات يَجِب أَن یُقام بِطَريقة تَجعَل المُجتَمع فِي حالة عَدَمِ وُجودِها لَن يُواجِهَ مَشاكِلَ اقتِصاديةً، اِهتَمَّ أهلُ البيتِ (عَلَیهم السّلام) اهتِماماً خاصَاً بِالتَخطيطِ فِي الحَياةِ و عَلَى رأسِها التَخطيطُ الاقتصادي و بَذَلوا لَها أَهميةً كَبيرةً.[civ]
الإمام عَلي (عَلَیِه السَّلام) يُؤَكِّدُ عَلَى أَهمية التَخطيط الاِقتِصادي و یَقول:«حُسْنُ التَّدْبِيرِ يُنْمِي قَلِيلَ الْمَالِ وَ سُوءُ التَّدْبِيرِ يُفْنِي كَثِيرَه»[cv] كَما يَقول فِي هذا الصَّدَدِ: «ثَلَاثٌ بِهِنَّ يَكْمُلُ الْمُسْلِمُ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ وَ التَّقْدِيرُ فِي الْمَعِيشَةِ وَ الصَّبْرُ عَلَى النَّوَائِب»[cvi] إنَّ التَخطيطَ الاِقتصادي لَدَيهِ القُدرة عَلَى التَنفيذ عَلى المُستَويينِ الجُزئي وَ الكُلي و یَقدِر أَن یَسهَم فِي التَنمية الاِقتِصادِيَة لِلمُجتَمَع. عَلَى المُستَوى الجُزئِي مُهِمَة الأُسرَة هِي الإِدارَة الاقتصادية السّليمة لِلأُسرَة، تَحسين أنماط الاِستِهلاك و التَخطيط السَّليمِ لِلدَخلِ السَّنوي و تَجَنُب الاِستِهلاك غير الضَروري لِلدَخلِ لِلسِلَعِ غيرِ الضَروريَة و القناعة و الاِدِخار الضَّروري يُمكِن أن يُساعِد الأُسرَةَ فِي الأَزماتِ الاِقتِصادِيَة أَو الرُكود و خَفض الدَّخلِ. عَلَى المُستَوَى الكُلي التَخطيطُ السَّليم لِلميزانية الوَطَنية وَ إِدارة الاِستِهلاك وَ النَفَقات وَ التَجَنُب عَن إِهدار الخَزينَة و إدارَة المَصادِر المالية و المادِيَة و البَشَرية لِلمُجتَمَع و الاِهتمامِ بِالاِحتياجات الأساسية لِلبِلاد و كَذِلِك الظروف الاِقتِصادِيَة لِلبَلَد علیرغمِ مِن وُجودِ العُقوبات يُمكِن أَن یَمنَعَ مِنَ التَدَهوُر الاِقتِصادي لِلمُجتَمَعِ وَ التَضَخُمِ و الأَضرار الاِقتِصادية الأُخرى و هذا اَمر مُهِم لِتَنمية اقتِصادِيَة لِلمُجتَمَع.
نتائج البحث
بناءً على ما سبق، يمكن سرد أهم نتائج هذا البحث في الحالات التالية:
- إن الاهتمام بأهمية و قيمة العمل و تطوير الإنتاج و توظيف النخب في الشؤون الاقتصادية و السياسية و الدعم الحكومي للإنتاج هي من أهم استراتيجيات الشهيد الصدر من أجل تطوير الإنتاج و خلق فرص العمل. ما يتجلى في نظرية الشهيد الصدر لتنمية الإنتاج و خلق فرص العمل هو الاهتمام بالعوامل البشرية و الطبيعية. هو يقترح منهجًا فكريًا و عمليًا للعامل البشري المرتبط بالعمل و الإنتاج؛ في المجال الطبيعي يشير إلى الموارد الطبيعية و القدرة على استخدام الطبيعة لتطوير الإنتاج. غایة الشهيد الصدر هو الاهتمام بالإنتاج اللائق، مما يؤدي إلى الاكتفاء الذاتي الاقتصادي و خلق فرص العمل و تولید الدخل للناس. و يشير إلى الاستراتيجيات المهمة لتطوير الإنتاج و التي يمكن أن يساهم الاستخدام الصحيح لها في التنمية الاقتصادية بأبعاد مختلفة. و في هذا الصدد فإن استخدام وجهات نظر للشهيد و مطابقتها مع الوضع الراهن في العراق يمكن أن يساعد في تطوير الإنتاج و التوظيف من خلال استخدام طاقات و إمكانيات هذا البلد في مجال احتياطيات النفط و مصادر الطبيعية و الزراعة و السياحة.
- تعتبر نظرية العدالة الاجتماعية من أهم النظريات الاقتصادية عند الشهيد الصدر و لتحقيق ذلك يشير الشهيد الصدر إلى مبدأين هامين من مبادئ الضمان الاجتماعي و التوازن الاجتماعي. هو يعتبر مسؤولية الحكومة و الشعب للمساعدة في إدراك حقيقة أن فرض ضرائب ثابتة، إيجاد قطاعات الملكية الدولة و طبيعة التشريع الإسلامي هي من بين أهم الحالات. إن تنفيذ هذه القضايا في البلاد بالإضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية سيحقق أيضًا السلام الاجتماعي و الفردى و الحيوية الاجتماعية التي يمكن للناس تحقيق المكافآت المناسبة بناءً على جهودهم. إن الاهتمام بأمثلة الانفاق و تشجيع الناس على فعل ذلك لمساعدة الفقراء و تحسين مستوياتهم المعيشية من أهم طرق تحقيق العدالة الاجتماعية.
- يشير الشهيد الصدر إلى عدة حلول حتى يتمكن البنك من مواصلة نشاطه الاقتصادي في شكل ربحية اللاربوي: الأول هو جذب رأس المال و الثاني هو تنمية رأس المال؛ في النهج الأول يوفر البنك مدخرات و موارد مالية ثابتة من خلال جذب العملاء و الحسابات الجارية المختلفة، ثم في مجال توزيع رأس المال يتعامل مع العقود مثل المضاربة التي لها دور مربح بالإضافة إلى تطوير الإنتاج في المجتمع للبنوك و المستثمرين. يذكر عدة أمور تتعلق بواجبات البنك. إن الاهتمام برسالة البنوك في العصر الحالي في البلاد أمر مهم، حيث يمكن أن يساعد في جذب المستثمرين المحليين و الأجانب و تطوير الإنتاج و التقدم الاقتصادي.
- لا يشير الشهيد الصدر إلى الحلول الاقتصادية لحل المشاكل الاقتصادية و التنمية الاقتصادية فحسب، بل يشير أيضًا إلى أضرار و تهديدات الاقتصاد السليم و العقبات التي تعترض التقدم الاقتصادي. و من أهم مقارباته الاقتصادية في هذا الصدد محاربة الفساد و الإسراف و التبذير و تحريم الكماليات و السلع غير الضرورية و الأجنبية. في العصر الحالي في العراق من المهم الانتباه إلى هذا النهج مع التركيز على خلق الثقافة. هذا النهج لأضرار الاقتصادية هو نهج اجتماعي ثقافي؛ بفضل الجهود التي تبذلها وسائل الإعلام و المعاهد الدينية و التعليم و الجامعات يمكن بناءه الثقافية على نطاق واسع. يساهم التعامل مع الأضرار الاقتصادية في التنمية الاقتصادية و منع إضاعة الأموال العامة و الممتلكات الشخصية و الاجتماعية على المستويين الجزئي و الكلي.
- إن الاهتمام بوجهات النظر الاقتصادية للشهيد الصدر و استنباطها الدقيق و تنفيذها المتماسك و السليم على مختلف المستويات في العراق يمكن أن يساعد في التنمية الاقتصادية و حل المشاكل الاقتصادية.؛ قد تم التعبير عن وجهات نظر الشهيد الصدر وفقا لقدرات و مصادر العراق الذي يأخذ في الاعتبار الثقافة الدينية للبلد من جهة و من جهة أخرى يراعي قدراته البشرية و الطبيعية. لذلك من الضروري لمسؤولي العراق و كذلك الشعب تنفيذ هذه الأفكار بأبعاد مختلفة من أجل تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية في البلاد.
توصيات البحث
و بحسب ما ورد فإن اقتراحات هذا البحث مهمة من أجل استخدام نظريات الشهيد الصدر القيمة لحل المشاكل الاقتصادية و التنمية الاقتصادية للمجتمع في مجالين ثقافيين و استراتيجيات تنفيذية اقتصادية:
في البعد الثقافي يُقترح أنه وفقًا لوجهات نظر الشهيد الصدر القائمة على التعاليم الدينية فإن الاقتصاد الصحيح و الإسلامي يجب تنمیته في أبعاد مختلفة من المجتمع، أو بعبارة أخرى یجب شرح ثقافة الاقتصاد الإسلامي في المجتمع و إضفاء الطابع المؤسسي عليها، بحیث تساعد بالإضافة إلى تطبيق تعاليم الدين في مجال الاقتصاد على تنمية اقتصاد المجتمع. و بعبارة أخرى فإن النهج الثقافي هو مقدمة و أساس للنهج التنفيذي الذي إذا لم يتم إضفاء الطابع المؤسسي بشكل صحيح فلن يتحقق التقدم الاقتصادي في جميع الأبعاد. على سبيل المثال تحريم الإسراف و التبذير، و تحريم الربا، و مساعدة المحتاجين، و التأكيد على دفع الزكاة و الخمس و الضرائب و دعم الإنتاج المحلي، و تحريم الترف و الإسراف في البعدين الفردي و الاجتماعي إنها من بين القضايا التي يجب أن تحظى باهتمام أكبر في المجتمع و يجب أن تُثقّف أهميتها على مستويات المجتمع المختلفة.
من المهم شرح هذه الحالات في الكتب المدرسية بالمدارس و الجامعات و المراكز العلمية، اضافة إلی ذلک فإن الاهتمام بهذه الحالات و شرحها بشكل صحيح في وسائل الإعلام المختلفة لشبكات التلفزيون و الفضاء الإلكتروني و عقد العديد من المؤتمرات على المستوى العام و الأساتذة و الباحثين الاقتصاديين و الاجتماعيين يمكن أن تساعد في خلق ثقافة اقتصادية و شرحها على مستويات مختلفة من المجتمع.
أما في البعد التنفيذي فمن الضروري لمسؤولي الحكومة تنفيذ هذه الاستراتيجيات على مستويات مختلفة و ما هو أهم حل تنفيذي في نظريات الشهيد صدر و يؤكده هذا البحث هو الاهتمام و التركيز على خلق فرص العمل و الإنتاج. فكلما زاد اعتماد اقتصاد الدولة على الإنتاج المحلي و كلما زاد إنتاجه فزاد عدد فرص العمل التي ستُنخفض و ستقل البطالة و الفقر. إن إصلاح النظام المصرفي و دعم المستثمرين المحليين و الأجانب و الاهتمام بالإنتاج المحلي، و التنمية الزراعية، و دعم المزارعين، و السعي لتطوير التكنولوجيا في إنتاج المنتجات البترولية، و الاهتمام بالزیارة و السياحة و دعمهما كلها عوامل مهمة في تحقيق هذه الأمور المهمة. كما أن الاهتمام باستراتيجيات الشهيد الصدر في تحقيق العدالة الاجتماعية أمر مهم و الاهتمام بها بالإضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع سيؤدي إلى السلم الاجتماعي.
[1] Panayotou .
[2] LIGHT INDUSTRY.
[3] Aghion, P. & P. Bolon.
[4] . Newman Banerjee, A. V. & A. F.
[6] Bernak.
[7] Bilinder.
[8] Mishkin.
[9] Taylor.
[i]– الموسايي، ميثم، شيرعلي، إسماعيل، تحليل أفكار شهيد صدر الاجتماعية و الاقتصادية ، ص207-228؛ الحسيني، سيد رضا، معايير العدالة الاقتصادية من منظر الإسلام (دراسة نقدية لنظرية الشهيد صدر)، ص1-36؛ موسويان، سيد عباس، النظام المصرفي اللاربوي من منظر الشهید الصدر، ص71-101؛ حيدر حسين عبدالستار رمضان، آمال صباح حسن كاظم، الحقائق الجغرافية في فكر السيد محمد باقر الصدر، دراسة تحليلية في كتاب اقتصادنا، ص344-324؛ احمد ناجي الغريزي، دراسات في الفكر الاسلامي المعاصر كتاب اقتصادنا انموذجا، ص114-82؛ عمر عدنان خماس، الاقتصاد الاسلامي و ارتباطه بالتشريع و الاخلاق الاسلامية، ص389-410. مازن عيسي الشيخ راضي، نوري عبد الرسول الخاقاني، سندس حميد موسي، المصارف الاسلامية بين اطروحة الشهيد الصدر و الممارسة العلمية، ص1-20.
[ii]– احسان صادق راشد، سعد سلمان عواد، كيفية مواجهة الركود الاقتصادي في العراق دراسة لواقع الاقتصاد العراقي، ص88-97؛ عيادة سعيد حسين، البطالة في الاقتصاد العراقي، اسبابها و سبل معالجتها، ص107-80.؛ اشرف هاشم فارس، ابراهيم علي كردي، نورا صباح بهاء الدين علي، التوجيهات المحاسبة لكشف العلاقة بين الاقتصاد الخفي و الضرائب في العراق دراسة نظرية، ص109-123؛ كامل علاوي كاظم، الاقتصاد العراقي و السياسة المالية بعد2014م، مسارات بدون روية، ص291-274.
[iii]– Hufbauer, S.E(1990), Economic Sanction Reconsidered-Histori and Policy, 2 Edition , Institute for International Economics, Washington DC.
[iv]– Rennack, D.E, (2006), North Korea: Economic Sancations, Washington, D.C, Congressional Reserch Service
[v]– الصدر، محمد باقر، اقتصادنا، ص45-325.
[vi]– المصدر نفسه، ص337.
[vii]– المصدر نفسه: ص338.
[viii]– المصدر نفسه: ص342.
[ix]– المصدر نفسه: ص663.
[x]– المصدر نفسه: ص746.
[xi]– المصدر نفسه.
[xii]– المصدر نفسه: ص650.
[xiii]– المصدر نفسه: ص731.
[xiv] – OECD , The DAC guidelines , strategies for sustainable development , 2001.p14.
[xv]– ميرآب زاده، خصائص الموثوقية، ص40.
[xvi]– فراهاني فرد، سعيد، التنمية المستدامة في المجتمع المهدوي، ص66.
[xvii] – Aderemi, T. (2014). “Does Capital Investment Matter Economic in Development? Evidence from a Nigerian Journal Economics and Development, 5(2), 127- of Education Micro-Data”. 139,
[xviii]– الصدر، محمدباقر، اقتصادنا، ص724.
[xix]– المصدر نفسه: ص725.
[xx]– المصدر نفسه: ص596.
[xxi]– المصدر نفسه: ص590.
[xxii]– المصدر نفسه: ص726.
[xxiii]– المصدر نفسه ، ص722-723.
[xxiv]– المصدر نفسه: ص723-724.
[xxv]– المصدر نفسه: 734-739.
[xxvi]– المصدر نفسه: ص740.
[xxvii]– نهج البلاغة: خطبة 209.
[xxviii]– المصدر نفسه: الرسالة 50.
[xxix]– المصدر نفسه: الرسالة 53.
[xxx]– المصدر نفسه.
[xxxi]– المصدر نفسه.
[xxxii]– المصدر نفسه.
[xxxiii]– الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص739.
[xxxiv]– المتوسلي، محمود، دور الحكومات في التنمية الاقتصادية الديناميكية: ص109-110.
[xxxv] https://imamhussain.org/arabic/34154-
[xxxvi] -https://alkafeel.net/news/index?id=9641 https://alkafeel.net/news/index?id=12201 https://alkafeel.net/news/index?id=13111.
[xxxvii]-Aghion, P. & P. Bolon ; A Trickle-Down Theory of Growth and Development with Debt Overhang: Review of Economic Studles, No. 64(2), 1997.
[xxxviii] – Banerjee, A. V. & A. F. Newman; “Occupational Choice and the Process of Development”, Journal of Political Economy, No. 2, 1993.
[xxxix]– Loury, G. ; Intergenerational Transfers and the Distribution of Earnings; Econometrica, No. 49, 1981.
[xl]– ميردال، گونار، النظرية الاقتصادية والدول المتخلفة: ص12.
[xli]– الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص668.
[xlii]– المصدر نفسه.
[xliii]– المصدر نفسه: ص661-662.
[xliv]– المصدر نفسه: ص662.
[xlv]– المصدر نفسه: ص667.
[xlvi]– المصدر نفسه: ص668.
[xlvii]– المصدر نفسه.
[xlviii]– المصدر نفسه: ص668-669.
[xlix]– المصدر نفسه: ص676.
[l]– المصدر نفسه: ص677-678.
[li]– المصدر نفسه:ص679.
[lii]– المصدر نفسه: ص679.
[liii]– المجلسي، بحارالانوار: ج87، ص83؛ نهج البلاغة: حكمة 743.
[liv]– نهج البلاغة: خطبة 216.
[lv]– المصدر نفسه: الرسالة 27.
[lvi]– المصدر نفسه: الحكمة 163.
[lvii]– المصدر نفسه: الحكمة 319.
[lviii]– المصدر نفسه: رسالة 26.
[lix]– التسخيري، محمدعلي، خمسون درساً في الاقتصاد الإسلامي: ص418.
[lx]– الصدر، محمد باقر، البنك اللاربوي: ص17-21.
[lxi]– المصدر نفسه: ص19.
[lxii]– المصدر نفسه: ص22-21.
[lxiii] – Bernanke, B.. & Blinder, A. (1992). The federal funds rate and the channels of monetary Transmission. American Economic Review, 82 (4): 901-921.
[lxiv]– Mishkin, F. (1995). Symposium on the monetary transmission mechanism. Journal of Economic Perspectives, 9 (4): 3-10.
[lxv]– Taylor, J. (1995). The Monetary Transmission Mechanism: An Empirical Framework. Jourmal of Economic Perspectives, 9 (4): I1-26.
[lxvi]– الشهيد الصدر، البنك اللاربوي: ص22.
[lxvii]– المصدر نفسه: ص84-83.
[lxviii]– المصدر نفسه: ص36.
[lxix]– المصدر نفسه: ص73-74.
[lxx]– المصدر نفسه: ص36.
[lxxi]– المصدر نفسه: ص38-42.
[lxxii]– المصدر نفسه.
[lxxiii]– المصدر نفسه: ص36.
[lxxiv]– المصدر نفسه: ص72.
[lxxv]– المصدر نفسه: ص40.
[lxxvi]– المصدر نفسه: ص57-58.
[lxxvii]– المصدر نفسه: ص44.
[lxxviii]– المصدر نفسه: ص46.
[lxxix]– المصدر نفسه: ص47.
[lxxx] – المصدر نفسه: ص61.
[lxxxi]– المصدر نفسه: ص74.
[lxxxii]– المصدر نفسه: ص161.
[lxxxiii]– المصدر نفسه: ص161-162.
[lxxxiv]– المصدر نفسه: ص91.
[lxxxv] – Boikos, S. (2013). “Corruption, P- 17،Expenditure, Accumulation”. The Rimini Centre for Economic Analysis, Working Paper, No. 17 13. and Capita.p17.
[lxxxvi]– رحيميان نرجس، دراسة في الفساد الاقتصادي و طرق محاربته، ص 103
[lxxxvii]– الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص678.
[lxxxviii]– المصدر نفسه: ص298.
[lxxxix]– نهج البلاغة: رسالة 53.
[xc]– الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص686.
[xci]– المصدر نفسه: ص627.
[xcii]– نهج البلاغة: الرسالة 34.
[xciii]– المصدر نفسه: رسالة 40.
[xciv]– المصدر نفسه: رسالة 45.
[xcv]– المصدر نفسه: الرسالة 63.
[xcvi]– المصدر نفسه: الرسالة 70.
[xcvii]– الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص653.
[xcviii]– المجلسي، محمد باقر، بحارالانوار: ج 63، ص 323.
[xcix]– الإیرواني، جواد، الأخلاق الاقتصادي من منظر القرآن و الحديث: 287.
[c]– الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص669.
[ci]– المصدر نفسه: ص631.
[cii]– نَهج البلاغة: رسالة 3 و رسالة 45.
[ciii]– انظر: المصدر نفسه: الحكمة 371، الرسالة 31.
[civ]– المتّقي الهندي، علاء الدين: ج 7، ص188؛ احسائی، ابن ابی جمهور، عوالی اللئالی: ج 4، ص 39.
[cv]– آمدي، غرر الحكم: ح 8081.
[cvi]– الصدوق، الخصال: ج1، ص124.
الهوامش
[1]- الموسايي، ميثم، شيرعلي، إسماعيل، تحليل أفكار شهيد صدر الاجتماعية و الاقتصادية ، ص207-228؛ الحسيني، سيد رضا، معايير العدالة الاقتصادية من منظر الإسلام (دراسة نقدية لنظرية الشهيد صدر)، ص1-36؛ موسويان، سيد عباس، النظام المصرفي اللاربوي من منظر الشهید الصدر، ص71-101؛ حيدر حسين عبدالستار رمضان، آمال صباح حسن كاظم، الحقائق الجغرافية في فكر السيد محمد باقر الصدر، دراسة تحليلية في كتاب اقتصادنا، ص344-324؛ احمد ناجي الغريزي، دراسات في الفكر الاسلامي المعاصر كتاب اقتصادنا انموذجا، ص114-82؛ عمر عدنان خماس، الاقتصاد الاسلامي و ارتباطه بالتشريع و الاخلاق الاسلامية، ص389-410. مازن عيسي الشيخ راضي، نوري عبد الرسول الخاقاني، سندس حميد موسي، المصارف الاسلامية بين اطروحة الشهيد الصدر و الممارسة العلمية، ص1-20.
[1]- احسان صادق راشد، سعد سلمان عواد، كيفية مواجهة الركود الاقتصادي في العراق دراسة لواقع الاقتصاد العراقي، ص88-97؛ عيادة سعيد حسين، البطالة في الاقتصاد العراقي، اسبابها و سبل معالجتها، ص107-80.؛ اشرف هاشم فارس، ابراهيم علي كردي، نورا صباح بهاء الدين علي، التوجيهات المحاسبة لكشف العلاقة بين الاقتصاد الخفي و الضرائب في العراق دراسة نظرية، ص109-123؛ كامل علاوي كاظم، الاقتصاد العراقي و السياسة المالية بعد2014م، مسارات بدون روية، ص291-274.
[1]- Hufbauer, S.E(1990), Economic Sanction Reconsidered-Histori and Policy, 2 Edition , Institute for International Economics, Washington DC.
[1]- Rennack, D.E, (2006), North Korea: Economic Sancations, Washington, D.C, Congressional Reserch Service
[1]- الصدر، محمد باقر، اقتصادنا، ص45-325.
[1]- المصدر نفسه، ص337.
[1]- المصدر نفسه: ص338.
[1]- المصدر نفسه: ص342.
[1]- المصدر نفسه: ص663.
[1]- المصدر نفسه: ص746.
[1]- المصدر نفسه.
[1]- المصدر نفسه: ص650.
[1]- المصدر نفسه: ص731.
[1] – OECD , The DAC guidelines , strategies for sustainable development , 2001.p14.
[1]- ميرآب زاده، خصائص الموثوقية، ص40.
[1]- فراهاني فرد، سعيد، التنمية المستدامة في المجتمع المهدوي، ص66.
[1] – Aderemi, T. (2014). “Does Capital Investment Matter Economic in Development? Evidence from a Nigerian Journal Economics and Development, 5(2), 127- of Education Micro-Data”. 139,
[1]- الصدر، محمدباقر، اقتصادنا، ص724.
[1]- المصدر نفسه: ص725.
[1]- المصدر نفسه: ص596.
[1]- المصدر نفسه: ص590.
[1]- المصدر نفسه: ص726.
[1]- المصدر نفسه ، ص722-723.
[1]- المصدر نفسه: ص723-724.
[1]- المصدر نفسه: 734-739.
[1]- المصدر نفسه: ص740.
[1]- نهج البلاغة: خطبة 209.
[1]- المصدر نفسه: الرسالة 50.
[1]- المصدر نفسه: الرسالة 53.
[1]- المصدر نفسه.
[1]- المصدر نفسه.
[1]- المصدر نفسه.
[1]- الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص739.
[1]- المتوسلي، محمود، دور الحكومات في التنمية الاقتصادية الديناميكية: ص109-110.
[1] https://imamhussain.org/arabic/34154-
[1] -https://alkafeel.net/news/index?id=9641 https://alkafeel.net/news/index?id=12201 https://alkafeel.net/news/index?id=13111.
[1]-Aghion, P. & P. Bolon ; A Trickle-Down Theory of Growth and Development with Debt Overhang: Review of Economic Studles, No. 64(2), 1997.
[1] – Banerjee, A. V. & A. F. Newman; “Occupational Choice and the Process of Development”, Journal of Political Economy, No. 2, 1993.
[1]- Loury, G. ; Intergenerational Transfers and the Distribution of Earnings; Econometrica, No. 49, 1981.
[1]- ميردال، گونار، النظرية الاقتصادية والدول المتخلفة: ص12.
[1]- الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص668.
[1]- المصدر نفسه.
[1]- المصدر نفسه: ص661-662.
[1]- المصدر نفسه: ص662.
[1]- المصدر نفسه: ص667.
[1]- المصدر نفسه: ص668.
[1]- المصدر نفسه.
[1]- المصدر نفسه: ص668-669.
[1]- المصدر نفسه: ص676.
[1]- المصدر نفسه: ص677-678.
[1]- المصدر نفسه:ص679.
[1]- المصدر نفسه: ص679.
[1]- المجلسي، بحارالانوار: ج87، ص83؛ نهج البلاغة: حكمة 743.
[1]- نهج البلاغة: خطبة 216.
[1]- المصدر نفسه: الرسالة 27.
[1]- المصدر نفسه: الحكمة 163.
[1]- المصدر نفسه: الحكمة 319.
[1]- المصدر نفسه: رسالة 26.
[1]- التسخيري، محمدعلي، خمسون درساً في الاقتصاد الإسلامي: ص418.
[1]- الصدر، محمد باقر، البنك اللاربوي: ص17-21.
[1]- المصدر نفسه: ص19.
[1]- المصدر نفسه: ص22-21.
[1] – Bernanke, B.. & Blinder, A. (1992). The federal funds rate and the channels of monetary Transmission. American Economic Review, 82 (4): 901-921.
[1]- Mishkin, F. (1995). Symposium on the monetary transmission mechanism. Journal of Economic Perspectives, 9 (4): 3-10.
[1]- Taylor, J. (1995). The Monetary Transmission Mechanism: An Empirical Framework. Jourmal of Economic Perspectives, 9 (4): I1-26.
[1]- الشهيد الصدر، البنك اللاربوي: ص22.
[1]- المصدر نفسه: ص84-83.
[1]- المصدر نفسه: ص36.
[1]- المصدر نفسه: ص73-74.
[1]- المصدر نفسه: ص36.
[1]- المصدر نفسه: ص38-42.
[1]- المصدر نفسه.
[1]- المصدر نفسه: ص36.
[1]- المصدر نفسه: ص72.
[1]- المصدر نفسه: ص40.
[1]- المصدر نفسه: ص57-58.
[1]- المصدر نفسه: ص44.
[1]- المصدر نفسه: ص46.
[1]- المصدر نفسه: ص47.
[1] – المصدر نفسه: ص61.
[1]- المصدر نفسه: ص74.
[1]- المصدر نفسه: ص161.
[1]- المصدر نفسه: ص161-162.
[1]- المصدر نفسه: ص91.
[1] – Boikos, S. (2013). “Corruption, P- 17،Expenditure, Accumulation”. The Rimini Centre for Economic Analysis, Working Paper, No. 17 13. and Capita.p17.
[1]- رحيميان نرجس، دراسة في الفساد الاقتصادي و طرق محاربته، ص 103
[1]- الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص678.
[1]- المصدر نفسه: ص298.
[1]- نهج البلاغة: رسالة 53.
[1]- الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص686.
[1]- المصدر نفسه: ص627.
[1]- نهج البلاغة: الرسالة 34.
[1]- المصدر نفسه: رسالة 40.
[1]- المصدر نفسه: رسالة 45.
[1]- المصدر نفسه: الرسالة 63.
[1]- المصدر نفسه: الرسالة 70.
[1]- الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص653.
[1]- المجلسي، محمد باقر، بحارالانوار: ج 63، ص 323.
[1]- الإیرواني، جواد، الأخلاق الاقتصادي من منظر القرآن و الحديث: 287.
[1]- الصدر، محمد باقر، اقتصادنا: ص669.
[1]- المصدر نفسه: ص631.
[1]- نَهج البلاغة: رسالة 3 و رسالة 45.
[1]- انظر: المصدر نفسه: الحكمة 371، الرسالة 31.
[1]- المتّقي الهندي، علاء الدين: ج 7، ص188؛ احسائی، ابن ابی جمهور، عوالی اللئالی: ج 4، ص 39.
[1]- آمدي، غرر الحكم: ح 8081.
[1]- الصدوق، الخصال: ج1، ص124.
المصادر
- القرآن الكريم.
- الآمدي، عبد الواحد(1379 هـ )، غرر الحكم و درر الكلم، قم: منشورات المحدث، الطبعة الأولى.
- الاحسائی، ابن ابی جمهور(1403 هـ )، عوالی اللئالی، تحقیق، مجتبی عراقی، قم: مطبعة سید الشهداء.
- الإیرواني، جواد(2005م)، الأخلاق الاقتصادي من منظر القرآن و الحديث، مشهد: منشورات جامعة الرضوي للعلوم الإسلامية.
- التسخيري، محمدعلي(1382ش)، خمسون درساً في الاقتصاد الإسلامي، طهران: الثقافة الشرقية.
- الحسيني، سيد رضا(1387ش)، معايير العدالة الاقتصادية من منظور الإسلام (دراسة نقدية لنظرية الشهيد الصدر) ، طهران: الاقتصاد الإسلامي الفصلي، السنة 8، العدد 32.
- رحيميان، نرجس (۱۳۹۳ ش) ، دراسة في الفساد الاقتصادي و طرق محاربته، المجلة الاقتصادية، العدد 9 و 10.
- عيد حسين، عيادة(2012م)، البطالة في الاقتصاد العراقي، اسبابها و سبل معالجتها، مجلة جامعة الانبار لعلوم الاقتصادية و الادارية، المجلد4، العدد8.
- صادق راشد، احسان، سلمان عواد، سعد(2020م)، كيفية مواجهة الركود الاقتصادي في العراق دراسة لواقع الاقتصاد العراقي، مجلة الادارة و الاقتصاد، العدد125، ايلول.
- الصدر، محمد باقر(1408 هـ)، اقتصادنا، بيروت: دارالتعارف للمطبوعات، الطبعة العشرون.
- الصدر، محمد باقر(1410 هـ)، البنك اللاربوي، بيروت: دارالتعارف للمطبوعات.
- الصدوق، محمد بن بابويه(1362ش)، الخصال، قم: جامعة المدرسين.
- الصدوق، محمد بن علی بابویه(1376 هـ)، من لا یحضره الفقیه، طهران: مطبعة الآفتاب.
- عبدالستار رمضان، حيدر حسين، صباح حسن كاظم، آمال(2021م)، الحقائق الجغرافية في فكر السيد محمد باقر الصدر، دراسة تحليلية في كتاب اقتصادنا، مجلة الكلية الاسلامية الجامعة، العدد60، الجزء2.
- عدنان خماس، عمر(2016م)، الاقتصاد الاسلامي و ارتباطه بالتشريع و الاخلاق الاسلامية، مجلة التراث العلمي العربي، العدد الثاني-الثالث.
- علاوي كاظم، كامل(2019م)، الاقتصاد العراقي و السياسة المالية بعد2014م، مسارات بدون روية، مجلة جامعة الانبار للعلوم الاقتصادية و الادارية، المجلد11، العدد27.
- عيسي الشيخ راضي، مازن، نوري عبد الرسول الخاقاني، سندس حميد موسي(2107م)، المصارف الاسلامية بين اطروحة الشهيد الصدر و الممارسة العلمية، مجلةالغري للعلوم الاقتصادية و الادارية، المجلد 14، العد1-3.
- فراهاني فرد، سعيد(1384ش)، التنمية المستدامة في مجتمع مهدوي، المؤتمر الإسلامي والتنمية الاقتصادية، طهران: منشورات مشاوران.
- المتّقي الهندي، علاء الدين(1409ق)، كنز العمّال، بيروت: مؤسسة الرسالة.
- المتوسلي، محمود(1377ش)، دور الحكومات في التنمية الاقتصادية الديناميكية، طهران: مجلة البحوث الاقتصادية، العدد 52.
- المجلسي، محمد باقر(1403 هـ)، بحارالانوار، بيروت: معهد الوفاء، المجلد 63.
- الموسايي، ميثم، شيرعلي، اسماعيل(1395ش)، تحليل الأفكار الاجتماعية والاقتصادية للشهيد الصدر، طهران: مجلة الاقتصاد الإسلامي والمصرفية الفصلية، العدد 14.
- الموسويان، سيد عباس(1385ش)، النظام المصرفي اللاربوي من منظر الشهيد الصدر، طهران: فصلیة الاقتصاد الإسلامي، السنة السادسة.
- ميرآب زاده، برستو(1374ش )، مؤشرات الموثوقية ، طهران: مجلة البيئة، ج7، ش2.
- ميردال، گونار(1349ش)، النظرية الاقتصادية والدول المتخلفة، ترجمة غلامرضا سعيدي، طهران: منشورات نشر انديشه.
- ناجي الغريزي، احمد(2008م)، دراسات في الفكر الاسلامي المعاصر كتاب اقتصادنا انموذجا، مجلة الكلية الجامعة، العدد3.
- هاشم فارس، اشرف، علي كردي، ابراهيم، صباح بهاء الدين علي، نورا (2005م)، التوجيهات المحاسبة لكشف العلاقة بين الاقتصاد الخفي و الضرائب في العراق دراسة نظرية، مجلة تكريت للعلوم الادارية و الاقتصادية، المجلد16، العدد الخامس.
- Aderemi, T. (2014). “Does Capital Investment Matter Economic in Development? Evidence from a Nigerian Journal Economics and Development, 5(2), 127- of Education Micro-Data”. 139,
- Aghion, P. & P. Bolon(1997) ; A Trickle-Down Theory of Growth and Development with Debt Overhang: Review of Economic Studles, No. 64(2).
- Banerjee, A. V. & A. F. Newman(1993); “Occupational Choice and the Process of Development“, Journal of Political Economy, No. 2.
- Bernanke, B.. & Blinder, A. (1992). The federal funds rate and the channels of monetary Transmission. American Economic Review, 82 (4): 901-921.
- Boikos, S. (2013). “Corruption, P- 17،Expenditure, Accumulation”. The Rimini Centre for Economic Analysis, Working Paper, No. 17 13. and Capita.p17.
- Boikos, S. (2013). “Corruption, P- 17،Expenditure, Accumulation”. The Rimini Centre for Economic Analysis, Working Paper, No. 17 13. and Capita
- Hufbauer, S.E(1990), Economic Sanction Reconsidered-Histori and Policy, 2 Edition , Institute for International Economics, Washington DC.
- Hufbauer, S.E(1990), Economic Sanction Reconsidered-Histori and Policy, 2 Edition , Institute for International Economics, Washington DC
- Loury, G. (1981); Intergenerational Transfers and the Distribution of Earnings; Econometrica, No. 49.
- Mishkin, F. (1995). Symposium on the monetary transmission mechanism. Journal of Economic Perspectives, 9 (4): 3-10.
- OECD )2001(, The DAC guidelines , strategies for sustainable development .p14.
- Rennack, D.E, (2006), North Korea: Economic Sancations, Washington, D.C, Congressional Reserch Service.
- Taylor, J. (1995). The Monetary Transmission Mechanism: An Empirical Framework. Jourmal of Economic Perspectives, 9 (4): I1-26.
المواقع الالكتروني
- https://imamhussain.orgالموقع العتبة الحسينية المقدسة.
- https://alkafeel.netالموقع العتبة العباسية المقدسة.
