استراتيجيةُ مكافحةِ الفقرِ؛ دراسة مقارنة بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الآخر في ضوء فكر الشهيد السعيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (رض)
العنوان: استراتيجيةُ مكافحةِ الفقرِ؛ دراسة مقارنة بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الآخر في ضوء فكر الشهيد السعيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (رض)
الكاتب/الكتّاب:
الشيخ صباح الركابي -
-
-
-
الملخّص
Abstract:
البحث الكامل
المحور الثالث: استراتيجيةُ مكافحةِ الفقرِ
2- معالجة مشكلة الفقر
دراسة مقارنة بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الآخر
في ضوء فكر الشهيد السعيد آية الله العظمى
السيد محمد باقر الصدر (رض)
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا النبي الأمجد المحمود الأحمد أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين بنص الكتاب المبين، وعلى أصحابه الأخيار المنتجبين.
إن التغيرات التي يمر بها العالم كله كل يوم، ومنها مجتمعنا الإسلامي، خاصة ما بعد الثورة الصناعية في القرن السابع عشر، وما أحدثته العولمة والحداثة، وما تغير في التعامل العالمي من خلال دخول الآلة الإلكترونية ودخول الحاسوب، وانتشار طرق التواصل الاجتماعي والعلمي من خلال الأنترنت، وفي كل المجالات، ومنها المجال الاقتصادي، يوجب علينا أن نتعرف على هذه التغيرات، وأن نتعامل معها بإيجابية، ونسير بالتوازي معها، بخطى إسلامية منفردة بمذهبنا الاقتصادي الإسلامي المختلف عن جميع المذاهب الاقتصادية، سواء المذهب الاقتصاد الرأسمالي أو المذهب الاقتصادي الاشتراكي أو المذهب الاقتصادي المختلط، كما في اقتصاد الدول النامية، والسير بخطط علمية في الاقتصاد، والتي تنبع من خلال المذهب الاقتصادي الإسلامي الثابت، والذي أرسى دعائمه الله تعالى في كتابه الخالد القرآن الكريم وأحاديث نبيه محمد (ص) وما بينته روايات أهل البيت (ع)، وفي ضوء فتاوى الفقهاء، ومنهم السيد الشهيد السعيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (رض).
الهدف من البحث
يهدف البحث أولاً إلى بيان المذهب الاقتصادي الإسلامي في الحياة الحرة الكريمة لمجتمع الدولة الإسلامية وذلك من خلال كتابات المتفكر([1]) الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (رض)، ولبيان فكر وعظمة هذا العالم الرباني الذي يجهل نتاجه الكثير من الشباب المسلم ومنهم المسلم الشيعي، الذين جرفتهم العولمة والحداثة وأوهام الإلحاد، ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى نسمع من الكثير منهم من يقول: ماذا قدمنا نحن المسلمون أو العرب للعالم حتى نفتخر بعلمائنا وبديننا؟ هل نحن الذين صنعنا الطائرة أم السيارة أم التلفزيون أم الهاتف؟ وغيرها من الآلات والمكائن؟ ألسنا نستورد الملابس من الغرب أو من اليابان أو الصين، بل نستورد الطعام؟
إن السيد محمد باقر الصدر (رض)، ثروة علمية قل نظيرها في العالم الإسلامي، وقد عَلِمَ الغرب المعادي للإنسانية – وليس كل الغرب – ما لهذا الرجل من قدرة فكرية في إرساء قواعد علمية في كل المجالات العلمية النظرية، فأجهضوا عليه قبل أن يتم مشروعه الإسلامي العالمي.
إن القائد العالِم الهمام، المزود بالعلوم والمهيمن على عدونا في علومه التي بهرنا بها، فبان خواؤها مقابل علوم القرآن والأحاديث النبوية الشريفة وروايات أهل البيت (ع) على يده وفكره وقلمه، أي الشهيد السعيد آية الله العظمى – وهو بحق آية الله العظمى – السيد محمد باقر الصدر (رض)، حري بنا أن نخلد أعماله ونبينها للناس أجمعين.
خطة البحث:
جعلت البحث على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، فجعلت الفصل الأول: الضمان الاجتماعي، وجعلته على مبحثين: المبحث الأول: الضمان الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي غير الإسلامي، وجعلته على ثلاثة مطالب: المطلب الأول: الضمان الاجتماعي في ظل النظام الرأسمالي، والمطلب الثاني: الضمان الاجتماعي في ظل النظام الاشتراكي، والمطلب الثالث: الضمان الاجتماعي في ظل النظام المختلط في الدول النامية، والمبحث الثاني: الضمان الاجتماعي في ظل النظام الإسلامي، والفصل الثاني: التوازن الاجتماعي، وجعلته على مبحثين: المبحث الأول: التوازن الاجتماعي في ظل النظام غير الإسلامي، وجعلته على ثلاثة مطالب، المطلب الأول: التوازن الاجتماعي في ظل النظام الرأسمالي، والمطلب الثاني: التوازن الاجتماعي في ظل النظام الاشتراكي، والمطلب الثالث: التوازن الاجتماعي في ظل النظام المختلط، والمبحث الثاني: التوازن الاجتماعي في ظل النظام الإسلامي، وجعلت الفصل الثالث: تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي في العراق البصرة أنموذجاً، وأما الخاتمة فللتأكيد على قوة وواقعية المذهب الاقتصادي الإسلامي.
الفصل الأول: الضمان الاجتماعي
إن التشريع الإسلامي كمذهب اقتصادي، ينظر إلى الإنسان بعين الإنسانية والرحمة، وليس عنده الإنسان آلة من آلات العمل، فجعل الإنفاق في سبيل الله على مستوى الجهاد، والجهاد كما تعلمون، جهادان، جهاد النفس وجهاد الحرب، ثم جعل إنفاق المال على مستوى الجهاد بمستوييه، قال تعالى: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا. ([2])
في البداية لابد أن نتعرف على حقيقة الفقر لغة، والفقر اصطلاحاً عند السيد محمد باقر الصدر (رض) حتى نعرف حقيقة الضمان الاجتماعي وحقيقة التوازن الاجتماعي.
الفقر:
الفقر لغة: الفقر يستعمل على أربعة أوجه: الأول: وجود الحاجة الضرورية، وذلك عام للإنسان ما دام في دار الدنيا بل عام للموجودات كلها … والثاني: عدم المقتنيات… الثالث: فقر النفس… الرابع: الفقر إلى الله. ويقال: افتقر فهو مفتقر وفقير، ولا يكاد يقال: فقر، وإن كان القياس يقتضيه. وأصل الفقير: هو المكسور الفقار، يقال: فقرته فاقرة، أي داهية تكسر الفقار، وأفقرك الصيد فارمه، أي: أمكنك من فقاره، وقيل: هو من الفقرة أي: الحفرة، ومنه قيل لكل حفيرة يجتمع فيها الماء: فقير، وفقرت للفسيل: حفرت له حفيرة غرسته فيها. ([3])
الفقر اصطلاحاً: الفقر في المفهوم الاصطلاحي الإسلامي عند السيد الصدر (رض)
وبهذا نعرف أنّ الإسلام لم يعط للفقر مفهوماً مطلقاً، ومضموناً ثابتاً في كلّ الظروف والأحوال، فلم يقل مثلاً: إنّ الفقر هو العجز عن الإشباع البسيط للحاجات الأساسية، وإنّما جعل الفقر بمعنى عدم الالتحاق في المعيشة بمستوى معيشة الناس، كما جاء في النصّ، وبقدر ما يرتفع مستوى المعيشة يتّسع المدلول الواقعي للفقر، لأنّ التخلّف عن مواكبة هذا الارتفاع في مستوى المعيشة يكون فقراً عندئذٍ. فإذا اعتاد الناس مثلاً على استقلال كلّ عائلة بدار، نتيجة لاتساع العمران في البلاد، أصبح عدم حصول عائلة على دار مستقلّة لوناً من الفقر، بينما لم يكن فقراً حينما لم تكن البلاد قد وصلت إلى هذا المستوى من اليُسر والرخاء. ([4])
الضمان لغة:
ضمن الشيء، – وبه، كعلم ضماناً وضمناً، فهو ضامن وضمين: كفله، وضمنته الشيء تضميناَ، فتضمنه عني: غرمته فالتزمه. وما جعلته في وعاء فقد ضمنته إياه. ([5])
الضمان اصطلاحاً:
لا يختلف المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، فكلاهما يعني التوكل والتكافل والالتزام، وهو الواجب الموكول إلى الدولة في ضمان معيشة الفرد عيشة تليق به كإنسان، من المأكل والملبس والمسكن كحد أدنى، ويختلف الضمان من مذهب إلى مذهب ومن بلد إلى آخر بحسب ظروف البلدان.
المبحث الأول
الضمان الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي غير الإسلامي
المطلب الأول: الضمان الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي الرأسمالي
يعتمد مذهب النظام الاقتصادي الرأسمالي مبدأ الحرية المطلقة في الملكية الخاصة، فهي أشبه بالشيء المقدس ولا يجوز المساس به إلا في حالات نادرة جداً، وليس هناك تكافل اجتماعي مسنون بقانون يفرض على الدولة توفير كل مستلزمات العيش، نعم بعضها موجود ضمن قانون الرعاية الاجتماعية وبعضها ضمن قانون التقاعد، ووجود بعض الامتيازات للفقراء، ولكن يبقى الفقر، بل تحت خط الفقر موجوداً ويشمل الملايين، وفي أعظم اقتصاد عالمي، وهو الأمريكي، هناك ما يقرب من 38% فقراء، وأكثر من (12000000) اثنا عشر مليون طفل تحت خط الفقر، وأكثر من (550000) خمسمائة وخمسون ألف مشرد، وأما التأمين الصحي فيشمل (30000000) ثلاثين مليون مواطناً فقط، علماً أن عدد نفوس الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ (329000000) ثلاثمائة وتسعة عشرون مليون.([6])
يفتقر النظام الاقتصادي الرأسمالي إلى الرحمة والشفقة والتكافل الاجتماعي الذاتي للمجتمع والأفراد، ولا على سبيل القوانين الحكومية التي تلزم الأغنياء في إعالة الفقراء، وخاصة بعد العولمة التي فصلت بين الدين والدولة، مع أنهم يدعون أنهم من أتباع السيد المسيح (ع)، فقد جاء في الإنجيل: وقال واحد من الجمع: يا معلم، قل لأخي أن يقاسمني الميراث. ولكنه قال له: يا إنسان، من أقامني عليكما قاضياً مقسماً، وورد في الزبور ما نصه: طوبى للمترفق بالمسكين، فإن الرب ينقذه في يوم الشر. ([7])
قال السيد الصدر (رض): أمّا في مجرى الحياة الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي، فليست الحرّية الرأسمالية المطلقة إلا سلاحاً جاهزاً بيد الأقوياء يشقّ لهم الطريق ويعبّد أمامهم سبيل المجد والثروة على جماجم الآخرين، لأنّ الناس ما داموا متفاوتين في حظوظهم من المواهب الفكرية والجسدية والفرص الطبيعية… فمن الضروري أن يختلفوا في أسلوب الاستفادة من الحرّية الاقتصادية الكاملة التي يوفّرها المذهب الرأسمالي لهم، وفي درجات هذه الاستفادة. ويؤدّي هذا الاختلاف المحتوم بين القوي والضعيف، إلى أن تصبح الحرّية التعبير القانوني عن حقّ القوي في كلّ شيء، بينما لا تعني بالنسبة إلى غيره شيئاً. ولمّا كانت الحرّية الرأسمالية لا تقرّ بالرقابة ـ مهما كان لونها ـ فسوف يفقد الثانويون في معركة الحياة كلّ ضمان لوجودهم وكرامتهم، ويظلّون في رحمة منافسين أقوياء لا يعرفون لحرّياتهم حدوداً من القِيم الروحية والخُلُقية، ولا يدخلون في حسابهم إلا مصالحهم الخاصة. ([8])
إن الإنسان في ظل النظام الاقتصادي الرأسمالي، آلة من آلات الإنتاج عند الرأسمالي، بل أقل شأناً منها، لأن المالك يضع خطة يومية وشهرية وسنوية لأعمال الصيانة والإصلاح والتغيير لآلاته، يصلحها ويعتني بها لأي عطل كان فيها، في حين يترك العامل يموت من الجوع أو المرض أو أية إصابة قد تؤدي إلى شلله أو موته، والسبب، لأن الآلة، وهي الملكية الخاصة للمالك، أعز وأفضل من العامل، وأن استبدال العامل اسهل، لأنه لا يكلف المالك سوى ورقتين، الأولى تبليغ بالاستغناء عنه، والثانية تعيين، بعكس استبدال الآلة التي تكلف المالك أموالاً كثيرة.
إن النظام الاقتصادي الرأسمالي لا يقيم وزناً للقيم والأخلاق، قال السيد محمد باقر الصدر (رض): وإذا كان هذا هو حظّ الحياة الاقتصادية في المجتمع الرأسمالي من الحرّية الرأسمالية وآثارها، فإنّ ما يصيب المحتوى الروحي للأمّة من شرارة تلك الحرّية المجرّدة، أقسى وأمرّ، حيث تتلاشى بصورة عامة مشاعر البرّ والخير والإحسان، وتطغى مفاهيم الأنانية والجشع، وتسود في المجتمع روح الصراع في سبيل البقاء، بدلاً عن روح التعاون والتكافل.([9])
النفاق والاحتيال، هو المبدأ الأساس في النظام الرأسمالي، فيتحايل على القوانين الاجتماعية والطبيعة ويضخمها وينادي بها، وبطريقة توحي أنه هو المُطالِب الأول، كما في حقوق الإنسان، لكنه هو المخالف الأول والأكبر لحقوق الإنسان وللحرية الاجتماعية، قال السيد محمد باقر الصدر (رض): والحقيقة: أنّ موقف الرأسمالية السلبي من فكرة الضمان والحرّية الجوهرية كان نتيجة حتمية لموقفها الإيجابي من الحرّية الشكلية لأنّها حين تبنّت الحرّية الشكلية وأقامت كيانها المذهبي عليها كان من الضروري لها أن ترفض فكرة الضمان، وتقف موقفها السلبي من الحرّية الجوهرية، لأنّ الحرّية الجوهرية والحرّية الشكلية متعارضتان. فلا يمكن توفير الحرّية الجوهرية في مجتمع يؤمن بمبدأ الحرّية الشكلية، ويحرص على توفيرها لجميع الأفراد في مختلف المجالات، فإنّ حرّية رجال الأعمال في استخدام العامل ورفضه، وحرّية أصحاب الثروات في التصرّف في أموالهم طبقاً لمصالحهم الخاصة كما يقرّره مبدأ الحرّية الشكليّة. يعني عدم إمكان وضع مبدأ ضمان العمل للعامل، أو ضمان المعيشة لغير العامل من العاجزين، لأنّ وضع مثل هذه الضمانات لا يمكن أن يتمّ بدون تحديد تلك الحرّيات، التي يتمتّع بها أصحاب العمل وأرباب الثروة. ([10])
إن قدسية الملكية الخاصة، حلت محل الإله، فجعلت من النظام الاقتصادي الرأسمالي ينظر إلى أن الحكومة غير ملزمة بتوفير الضمان الاجتماعي لأفراد المجتمع من خلال فرض ضرائب على الأغنياء لمساعدة الفقراء، لأنه تجاوز على الحريات الخاصة للأفراد، لذلك نجد السياسة الرأسمالية تصب في مصلحة الفرد على حساب المجتمع، ولا يهمها من جاع أو عري أو مرض أو مات، يقول السيد محمد باقر الصدر (رض): وعلى هذا الأساس وضعت الرأسمالية مفهومها السياسي عن الحكومة، ومختلف السلطات الاجتماعية، فهي لا ترى مبرراً لتدخّل هذا السلطات في حرّيات الأفراد إلا بالقدر الذي يتطلبه الحفاظ عليها، وصيانتها عن الفوضى والاصطدام، لأنّ هذا هو القدر الذي يسمح به الأفراد أنفسهم. وأمّا التدخّل خارج هذه الحدود، فلا مسوّغ له من حتمية تأريخية، أو دين، أو قيم وأخلاق. ومن الطبيعي عندئذٍ أن تنتهي الرأسمالية من تسلسلها الفكري إلى: التأكيد على الحرّية في المجال الاقتصادي، ورفض فكرة قيام السلطة بوضع أيّ ضمانات أو تحديدات. ([11])
أن الضمان الاجتماعي حالة طارئة على النظام الاقتصادي الرأسمالي، لأن الملكية الخاصة والحرية المطلقة لها التي عبر عنها السيد محمد باقر الصدر (رض) بالحرية الشكلية عوضاً عن الحرية الاجتماعية ([12])، تمنع منح الإنسان أية استحقاقات وامتيازات مالية من دون مقابل، لذلك نجد الضمان الاجتماعي في الأنظمة الرأسمالية، لا يرقى إلى رفع المستوى المعاشي للفرد المتقاعد أو العاجز عن العمل أو كبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مستوى الفرد العامل في دوائر الدولة أو الشركات الخاصة. يبلغ المتوسط التقديري لمزايا تقاعد الضمان الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية لعام2021 (1543) دولاراً أمريكياً، ومتوسط استحقاق العجز (1277) دولاراً أمريكياً. ([13])
المطلب الثاني: الضمان الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي الاشتراكي
ينقسم النظام الشيوعي إلى مرحلتين: المرحلة الأولى: الاشتراكية، ومبدأها الاقتصادي: من كل حسب قدرته (طاقته) ولكل حسب عمله، والمرحلة الثانية: الشيوعية، ومبدأها الاقتصادي: من كل حسب قدرته (طاقته) ولكل حسب حاجته، وأن النظام الاقتصادي الشيوعي قائم على مبدأ الملكية العامة لوسائل الإنتاج بما فيها الأرض كل الأرض وما عليها وما في باطنها، والبحار والأنهار وما في باطنها، والنظام الاشتراكي قد أعطى نوعاً ما من الاستقرار الاقتصادي للفقراء، لأن الدولة تتكفل بالعيش، ولكنه على مستوى خط الفقر أو دونه في الدول الرأسمالية أو حتى على مستوى خط الفقر في الدول النامية.
إن مبدأ الشيوعية الأولى المسمى بالاشتراكية القائل: “من كل حسب قدرته (طاقته) ولكل حسب عمله”، لا يسد حاجات الإنسان المادية، فضلاً عن حاجاته الروحية في العيش الرغيد والحياة الهنيئة والسعيدة، إنما هي لحد ما دون الكفاف، ولكن الضمان موجود في عدم الموت جوعاً باعتبار وجود الضمان الصحي، وكذلك في النظام التعليمي المجاني في النظام الاشتراكي. إن مبدأ الاشتراكية من كل حسب طاقته يمنع كبار السن وفاقدي القدرة على العمل من الضمان الاجتماعي، إذ أن الأساس في العطاء هو العمل، وفاقد العمل ليس له حظ من العطاء أو الحقوق من الدولة، ولو أعطي لكان منةً من الدولة عليه، فيعيش الإنسان مخذولاً مهموماً مبعوداً عن المجتمع، لأنه يرى نفسه أنه غير فاعل كما هو غيره من الناس، وأن ما يحصل عليه من الدولة صدقة لا يستحقها، وأن الدولة تصرف عليه في وقت لا يستحق الصرف عليه.
إن فكرة الضمان الاجتماعي تعتمد على فكرة الرحمة والشفقة والإحسان والتواصل الاجتماعي بين الناس، سواء على مستوى الحكومة أو على مستوى المجتمع والأفراد، وهذه الصفات مفقودة في النظرية الاشتراكية، باعتبار أنها نظرية تنكر وجود الله تعالى، فلا يبقى إلا القيم الإنسانية والقبلية، وهذه القيم فُقدت في تلك المجتمعات خاصة بعد الثورة الصناعية، والقانون المادي الذي لا يعترف بالروح باعتبارها من عالم الغيب، فالضمان الاجتماعي حالة طارئة على النظام الاقتصادي الاشتراكي، وما موجود في دول النظام الاشتراكي من ضمان هو حالة الكفاف بالنسبة إلى مستوى معيشة الفرد في مجتمعات الدول الاشتراكية.
قال السيد محمد باقر الصدر (رض): إنّ ماركس لا يستند في تبرير الاشتراكية والشيوعية إلى قِيم ومفاهيم خلقية معينة في المساواة، كما يتّجه إلى ذلك غيره من الاشتراكيين، الذين يصفهم ماركس بأنّهم خياليون. وذلك لأنّ القيم والمفاهيم الخُلقية، ليست في رأي الماركسية إلاّ وليدة العامل الاقتصادي، والوضع الاجتماعي للقوى المنتجة. فلا معنى للدعوة إلى وضع اجتماعي على أساس خُلقي بحت. ([14])
المطلب الثالث: الضمان الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي المختلط
لا يمكن أن نعتبر نمط النظام الاقتصادي في دول العالم الثالث نظاماً اقتصادياً مستقلاً بنفسه عن باقي الأنظمة الاقتصادية، إنما هو مختلط بين الأنظمة الدينية والقبلية والرأسمالية والاشتراكية والإقطاعية والعبودية.
بعد اتفاقية سايكس – بيكو، اتجهت الدول العربية باتجاهين: إما نحو النظام الاقتصادي الاشتراكي مع بقاء النظام القديم المتمثل بالمجتمع الاقطاعي مع وجود بعض الرأسماليين، أو النظام الاقتصادي الرأسمالي مع بقاء بعض القيم الأخلاقية والإنسانية في هذه المجتمعات هيمنة القطاع العام على أموال ومصانع البلدان، ما انعكس على الضمان الاجتماعي.
المبحث الثاني
الضمان الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي الإسلامي
إن الضمان في ظل النظام الإسلامي، موجود بتفاصيله في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وروايات أهل البيت قولاً وفعلاً وتقريراً.
إن الأنظمة الاقتصادية غير الإسلامية، هي عبارة عن محاكاة الواقع، وسن القوانين بحسب رغبات الحكام. ففي الوقت الذي كان فيه الحاكم من طبقة الإقطاعيين كانت القوانين في صالحهم، وعندما تحول المجتمع الزراعي إلى صناعي، تحول الإقطاعيون إلى رأسماليين، فشرعوا القوانين لهم، وهكذا في النظام الاقتصادي الاشتراكي، أما في النظام الاقتصادي الإسلامي، فإن القوانين يشرعها الذي خلق الكون كله، وهو عالم بكل احتياجاته وقدراته وظروفه من قبل أن يخلقه، فلا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً يحتاج إليه الامة إلا أنزله في كتابه وبينه لرسوله صلى الله عليه وآله، وجعل لكل شيء حداً وجعل عليه دليلاً يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حداً. ([15])، وقد برهنت الأيام صحته، وأن الإسلام في تشريعه كان في صالح الإنسان، سواء على التشريع العبادي بالمعنى الأخص، فهو المحافظ والمربي للنفس وبُعدها الروحي، أو في تنظيم حياة الإنسان المادية، كالصحية والنفسية والاجتماعية، ومنها النظام الاقتصادي.
إن تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي، يعتمد على ولي أمر الأمة الإسلامية الذي عينه الله تعالى في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا. ([16])، فالآية صريحة في تقسيم أولياء الأمر، فطاعة الله من خلال القرآن الكريم، وطاعة الرسول من خلال سنته قولاً وفعلاً وتقريراً، وطاعة ولي الأمر كذلك من خلال قوله وفعله وتقريره، وهذا يستلزم عصمة ولي الأمر عصمة مطلقة، كما هي عصمة الرسول الأعظم (ص).
إن أغلب دساتير العالم، تنص على أن تتكفل الدولة المعيشة والحياة الحرة الكريمة، ولكننا لا نجد ذلك في أغلب دول العالم، فهو مجرد حبر على ورق، واستهلاك محلي لا يسمن ولا يغني عن جوع (*)، ولنرى ماذا قال الدستور العراقي المشرع عام 2005م عن كفالة الدولة للمواطن: المادة 30: أولاً – تكفل الدولة للفرد والأسرة – وخاصة الطفل والمرأة – الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياة حرة كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم.
ثانياً- تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة، وتعمل الدولة على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة، وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم، وينظم ذلك بقانون. ([17])
إن التشريع الإلهي في ضمان عيش الإنسان، لا لغرض سد الحاجة والوصول إلى حد الكفاف، كما هي الأنظمة الرأسمالية والاشتراكية التي ذكرتها، إنما الشريعة الإسلامية تعمل لمحو الفارق الكبير بين الطبقات من خلال التشريع، وتحث المجتمع الإسلامي على محو الطبقات أو التقارب بينها، بحيث لا يشعر المواطن بالفقر والذل والمهانة والدونية مقابل الأغنياء، وذلك من خلال التكافل الاجتماعي الواجب، كالخمس والزكاة والخراج من خلال بيت مال المسلمين، والتكافل الاستحبابي وهي الصدقات المستحبة، وتقاسم الطعام على نحو الاستحباب، وهذا يعني أن الإسلام يريد من المسلم أن لا يكون بخيلاً، فينفق ما عنده في سبيل مساعدة إخوانه المسلمين، وكذلك ورد في الحديث الشريف عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع، قال: وما من أهل قرية يبيت [و] فيهم جائع ينظر الله إليهم يوم القيامة. ([18]).
إن الضمان في التشريع الإسلامي، يختلف عن بقية الأنظمة التي ذكرتها، ففي تلك الأنظمة، يبدأ الضمان بعد التقاعد عن العمل، أو عند العجز والشيخوخة، أو يشمل الأطفال بعد سن الخامسة عشر، أما الضمان في التشريع الإسلامي، فينقسم إلى مرحلتين، فالمرحلة الأولى تبدأ حين يبلغ الفرد حد التكليف والقدرة على أداء العمل، والمرحلة الثانية سد حاجات الفرد، والمرحلة الثانية تبدأ قبل الأولى لأنها تشمل كل أفراد المجتمع ومنهم الأطفال، بل من كان في رحم أمه، قال السيد محمد باقر الصدر (رض): فرض الإسلام على الدولة ضمان معيشة أفراد المجتمع الإسلامي ضماناً كاملاً. وهي عادة تقوم بهذه المهمّة على مرحلتين: ففي المرحلة الأولى تهيئ الدولة للفرد وسائل العمل، وفرصة المساهمة الكريمة في النشاط الاقتصادي المثمر، ليعيش على أساس عمله وجهده، فإذا كان الفرد عاجزاً عن العمل وكسب معيشته بنفسه كسباً كاملاً، أو كانت الدولة في ظرف استثنائي لا يمكنها منحه فرصة العمل، جاء دور المرحلة الثانية، التي تمارس فيها الدولة تطبيق مبدأ الضمان، عن طريق تهيئة المال الكافي لسدّ حاجات الفرد، وتوفير حدّ خاص من المعيشة له. ([19])، والمرحلتان كما قلت ليس بينهما ترتيب زماني.
في قول آخر للسيد محمد باقر الصدر (رض) يبين أخلاق الاقتصاد الإسلامي في توفير السلع للناس، قال: إن الإنتاج في الاقتصاد الإسلامي لا يتحرك وفقاً لمؤشرات الطلب في السوق فحسب، كما هي الحال في المجتمع الرأسمالي، بل هو يتحرك قبل كل شيء إيجاباً، لتوفير المواد الحيوية اللازمة لكل فرد مهما كانت ظروف الطلب في السوق، ويعتبر ذلك في المجتمع الإسلامي فريضة يمارسها الأفراد كما يمارسون واجباتهم الشرعية وعباداتهم التي يتقربون بها إلى الله تعالى. ويتحرك الإنتاج في الاقتصاد الإسلامي سلباً، لشجب كل قطاعات الإنتاج التي تخصص لتوفير سلع الترف والبذخ التي يتعاطاها المترفون والمسرفون. ([20])
واجب الدولة:
إن واجب الدولة في الحكومة المحلية (الولايات) بالاتفاق مع الحكومية المركزية (الخليفة)، هو توزيع الثروة ما قبل الإنتاج على المواطنين، والثروة متمثلة في توزيع الأراضي الزراعية بشقيها، ما يقع تحت ملكية الدولة والملكية العامة، وكذلك ما يكون من المعادن والنفط حصرياً لما له من تأثير في ثروة البلد، وسنقرأ هذا في الفصل الثالث.
يختلف النظام الاقتصادي الإسلامي عن النظامين الاقتصاديين الرأسمالي والاشتراكي في توزيع الثروة، فالنظام الاقتصادي الإسلامي يهتم في توزيع الثروة ما قبل الإنتاج أهم من توزيعها ما بعد الإنتاج، بخلاف النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي يدرس توزيع الثروة المنتجة، قال السيد محمد باقر الصدر (رض): ومن الواضح أن توزيع المصادر الأساسية للإنتاج يسبق عملية الإنتاج نفسها، لأنّ الأفراد إنّما يمارسون نشاطهم الإنتاجي، وفقاً للطريقة التي يقسّم بها المجتمع مصادر الإنتاج، فتوزيع مصادر الإنتاج قبل الإنتاج، وأمّا توزيع الثروة المنتَجة فهو مرتبط بعملية الإنتاج، ومتوقّف عليها، لأنّه يعالج النتائج التي يسفر عنها الإنتاج. والاقتصاديون الرأسماليون، حين يدرسون في اقتصادهم السياسي قضايا التوزيع ضمن الإطار الرأسمالي .. لا ينظرون إلى الثروة الكلّية للمجتمع، وما تضمّه من مصادر إنتاج، وإنما يدرسون توزيع الثروة المنتجة فحسب. ([21])
يرتكز المذهب الاقتصادي الإسلامي في الضمان الاجتماعي على ركيزتين أساسيتين في تطبيق الضمان الاجتماعي هما:
1– التكافل الاجتماعي العام:
تعريف التكافل العام:
يعرف السيد محمد باقر الصدر (رض) التكافل العام بقوله:
هو المبدأ الذي يفرض فيه الإسلام على المسلمين كفايةً كفالة بعضهم لبعض، ويجعل من هذه الكفالة فريضة على المسلم في حدود ظروفه وإمكاناته، يجب عليه أن يؤدّيها على أيّ حال كما يؤدّي سائر فرائضه. ([22])
ينقسم التكافل إلى قسمين هما:
أ- التكافل الاجتماعي الواجب:
يشمل التكافل الواجب، كل ما أوجبه الله تعالى في كتابه القرآن الكريم، وما ذكرته السنة النبوية المطهرة وروايات أهل البيت (ع)، وهو يشمل جميع أبناء الوطن الإسلامي، بغض النظر عن مذهبهم وشريعتهم، وتتكفل الدولة هذا الواجب، وهي المسؤولة الأولى عن توزيع ثروات ملكية الدولة والملكية العامة، قبل وبعد الإنتاج. قال السيد محمد باقر الصدر (رض):
والضمان الاجتماعي الذي تمارسه الدولة على أساس مبدأ للتكافل العام بين المسلمين، يعبّر في الحقيقة عن دور الدولة في إلزام رعاياها بامتثال ما يكلّفون به شرعاً، ورعايتها لتطبيق المسلمين أحكام الإسلام على أنفسهم. فهي بوصفها الأمينة على تطبيق أحكام الإسلام، والقادرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مسئولة عن أمانتها، ومخوّلة حقَّ إكراه كلّ فرد على أداء واجباته الشرعية، وامتثال التكاليف التي كلّفه الله بها. فكما يكون لها حقّ إكراه المسلمين على الخروج إلى الجهاد لدى وجوبه عليهم، كذلك لها حقّ إكراههم على القيام بواجباتهم في كفالة العاجزين، إذا امتنعوا عن القيام بها. وبموجب هذا الحقّ يتاح لها أن تضمن حياة العاجزين وكالة عن المسلمين، وتفرض عليهم في حدود صلاحياتها مدّ هذا الضمان بالقدر الكافي من المال، الذي يجعلهم قد أدّوا الفريضة وامتثلوا أمر الله تعالى. ([23])
ب – التكافل الاجتماعي المستحب:
يشمل جميع الصدقات المستحبة التي يقوم بها أبناء المجتمع الإسلامي، بحيث يشمل كل المواطنين الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية كما في التكافل الواجب، وهو خارج عن البحث.
2- حق المجتمع الإسلامي في موارد الدولة:
وهو يشمل جميع موارد الدولة المتمثل بالملكية العامة وملكية الدولة ونتائجهما، وهذا الحق يزيد من التوفير على الحاجات العامة للفرد المسماة بالضرورية، وأن هذه الركيزة هي رفع مستوى معيشة الفرد إلى ما فوق حد الكفاف، بل يصل إلى مستوى الرفاه الاجتماعي، بحيث لا يشعر المواطن بأنه فقير قبال الغني، لأن كل ما يحتاجه، توفره له الدولة من خلال الركيزتين الأولى والثانية للضمان الاجتماعي، والحاجات المقدمة للفرد هي الحاجات الكمالية الترفيهية.
إن اختلاف المذهب الاقتصادي الإسلامي في نوع الملكية عن بقية المذاهب الاقتصادية، قد أعطى للحاكم الإسلامي القدرة على إشباع حاجات الناس، خاصة إذا كان الحاكم هو المعصوم (ع)، وكذا لو كان الحاكم غير المعصوم عادلاً بالعدالة المعروفة لدى العلماء، ومتصفاً بالورع والتقوى والزهد، لأن منصب الحاكم يملك على بعض التقديرات ما نسبته 80% من مجموع الثروات الطبيعية كالأرض وما عليها وما في باطنها من معادن، والبحار والأنهار وما في باطنها باعتبار أنها من ملكية الدولة.
قال السيد محمد باقر الصدر (رض): أمّا عن المسئولية المباشرة للضمان: فإنّ حدود هذه المسئولية تختلف عن حدود الضمان الذي تمارسه الدولة على أساس مبدأ التكافل العام، فإن هذه المسئولية لا تفرض على الدولة ضمان الفرد في حدود حاجاته الحياتية فحسب، بل تفرض عليها أن تضمن للفرد مستوى الكفاية من المعيشة الذي يحياه أفراد المجتمع الإسلامي، لأنّ ضمان الدولة هنا ضمان إعالة. وإعالة الفرد هي القيام بمعيشته وإمداده بكفايته. والكفاية من المفاهيم المَرِنة، التي يتّسع مضمونها كلّما ازدادت الحياة العامة في المجتمع الإسلامي يُسراً ورخاءً. وعلى هذا الأساس يجب على الدولة أن تشبع الحاجات الأساسية للفرد، من غذاءٍ ومسكنٍ ولباسٍ، وأن يكون إشباعها لهذه الحاجات من الناحية النوعيّة والكمّية، في مستوى الكفاية بالنسبة إلى ظروف المجتمع الإسلامي. كما يجب على الدولة إشباع غير الحاجات الأساسية من ساير الحاجات، التي تدخل في مفهوم المجتمع الإسلامي عن الكفاية تبعاً لمدى ارتفاع مستوى المعيشة فيه. ([24])
استخدم السيد محمد باقر الصدر (رض) مصطلحاً لطيفاً ومعبراً عن كيفية الضمان في ظل النظام الإسلامي، فقال: والكفاية من المفاهيم المَرِنة، والمرونة هنا تعبير على عدم محدوديتها، من حيث الكمية ومن حيث النوعية، فمن حيث الكمية لا يتوقف العطاء عند رقم معين للراتب أو الاستحقاق الشرعي، وإنما يعطى حتى يشبع ويلبس ويسكن ويتزوج ويحج.
نقل السيد محمد باقر الصدر(رض) الأحاديث والروايات فقال: في الحديث عن الإمام جعفر:(أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول في خطبته: مَن ترك ضياعه فعليَّ ضياعه، ومن ترك دَيْناً فَعَليَّ دينُه، ومَن ترك ماله فأكله). ([25])
حكم الأرض ذات الملكية العامة
الملكية العامة هي من المشتركات، وتستثمر لعموم المسلمين، بل لكل الشعب الموجود ضمن أطار الدولة الإسلامية، يستفيدون من هذه الملكية بحسب حاجاتهم وأعمالهم، وتوظف للأغراض العامة، قال السيد محمد باقر الصدر (رض): ...فالأراضي والثروات التي تملك ملكية عامة لمجموع الأمّة يجب على وليّ الأمر استثمارها للمساهمة في إشباع حاجات مجموع الأمّة وتحقيق مصالحها العامة التي ترتبط بها ككلّ، نحو إنشاء المستشفيات، وتوفير وتهيئة مستلزمات التعليم، وغير ذلك من المؤسّسات الاجتماعية العامة التي تخدم مجموع الأمّة، ولا يجوز استخدام الملكية العامة لمصلحة جزء معيّن من الأمّة، ما لم ترتبط مصلحته بمصلحة المجموع، فلا يسمح بإيجاد رؤوس أموال ـ مثلاً ـ لبعض الفقراء من ثمار تلك الملكية، ما لم يصبح ذلك مصلحة وحاجة لمجموع الأمّة، كما إذا توقّف حفظ التوازن الاجتماعي على الاستفادة من الملكية العامة في هذا السبيل، وكذلك لا يسمح بالصرف من ريع الملكية العامة للأمّة على النواحي التي يعتبر وليّ الأمر مسئولاً عنها من حياة المواطنين الذين في المجتمع الإسلامي. ([26])
حكم الأرض ملكية الدولة
إن ملكية هذه الأرض للمنصب الإلهي لكونها من الأنفال، والأنفال للرسول باعتباره صاحب المنصب، وتكون لمن خلفه بالتنصيب الإلهي، وهو الإمام المعصوم (ع)، قال السيد محمد باقر الصدر (رض): وتملّك الرسول للأنفال يعبّر عن تملك المنصب الإلهي في الدولة لها، ولهذا تستمر ملكية الدولة للأنفال وتمتد بامتداد الإمامة من بعده، كما ورد في الحديث عن علي (ع): أنّه قال: إنّ للقائم بأمور المسلمين الأنفال التي كانت لرسول الله، قال الله عزّ وجلّ: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ… فما كان لله ولرسوله فهو للإمام ([27]). فإذا كانت الأنفال ملكاً للدولة ـ كما يقرّره القرآن الكريم ـ وكانت الأرض غير العامرة حال الفتح من الأنفال .. فمن الطبيعي أن تندرج هذه الأرض في نطاق ملكية الدولة. وعلى هذا الأساس ورد عن الصادق (ع)، بصدد تحديد ملكية الدولة (الإمام): أنّ المَوَات كلّها هي له، وهو قوله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ (أن تعطيهم منه) قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ. ([28])
إن الملكيتين العامة والدولة، تمكن ولي الأمر من إشباع حاجة المسلمين وغير المسلمين في البلد الإسلامي، هذا إذا علما أن ملكية الدولة تشكل في بعض البلدان أكثر من 80 % من ملكية الأراضي والثروات الطبيعية الأخرى، فيكون الضمان الاجتماعي في أعلى مستوياته في البلد الإسلامي من بين الدول الأخرى.
الفصل الثاني
التوازن الاجتماعي
التوازن لغة: توازن الشيآن: تعادلا ([29])
التوازن اصطلاحاً: لنأخذ تعريف السيد محمد باقر الصدر (رض) للتوازن، قال: إنّ التوازن الاجتماعي هو التوازن بين أفراد المجتمع في مستوى المعيشة، لا في مستوى الدخل. والتوازن في مستوى المعيشة معناه: أن يكون المال موجوداً لدى أفراد المجتمع ومتداولاً بينهم، إلى درجة تتيح لكلّ فرد العيش في المستوى العام، أي: أن يحيا جميع الأفراد مستوى واحداً من المعيشة، مع الاحتفاظ بدرجات داخل هذا المستوى الواحد تتفاوت بموجبها المعيشة، ولكنّه تفاوت درجة، وليس تناقضاً كليّاً في المستوى، كالتناقضات الصارخة بين مستويات المعيشة في المجتمع الرأسمالي. ([30])
المبحث الأول
التوازن الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي غير الإسلامي
المطلب الأول: التوازن الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي الرأسمالي
إن الحرية تعبير أصيل عن الكرامة الإنسانية، وهذا الحرية عبارة عن لونين يكمل أحدهما الآخر، الحرية الأولى: هي التي منحها الله لجميع الناس من خلال الطبيعة، وهي الحرية الطبيعية، وهذه الحرية هي اختلاف تعامل الكائن الحي مع الطبيعة، وأرقى هذه الحريات هي حرية الإنسان في الطبيعة ومعها، فمع ما له من غرائز متعددة في الأكل والشرب والجنس وغيرها، فله العقل الذي يحتم عليه الحد من الغريزة والعمل والتفكير والتفكر بموضوعية. إن هذه الحرية لا تتدخل في رسم الإطار والشكل المذهبي الاقتصادي. وأما الحرية الثانية فهي التي يعطيها المجتمع للفرد، وهي الحرية الاجتماعية، وعلى ضوء هذه الحرية يتشكل المذهب الاقتصادي.
يؤمن المذهب الاقتصادي الرأسمالي بالحريات الثلاث، 1- حرية الملكية الخاصة، 2- وحرية استغلال ملكيته بأي شيء وشكل، 3- وحرية استهلاك إنفاقها بما يراه مناسباً له، هذه الحريات الثلاث، جعلت المجتمع الرأسمالي في حالة تنافر وصراع وصدام على رأس المال.
إن ما تدعيه الرأسمالية في اختلاف الناس في أجسادهم وتفكيرهم، يكون من الطبيعي أن يختلفوا في محصولهم على المال، وأن هذا الاختلاف يؤدي إلى اختلاف طبقاتهم، وهذا الاختلاف اختلاف طبيعي فرضته الظروف التي يمر بها الإنسان، فهذا ليس صحيحاً، وعليه شواهد كثيرة في مسيرة البشرية.
على ضوء ما سبق، فقد حول المذهب الاقتصادي الرأسمالي الحرية الاجتماعية إلى حرية شكلية، فعرف الحرية الاجتماعية تعريفاً يبعدها عن حقيقتها، فقال: إن الإنسان قادر على العمل، وهو حر في عمله واختياره له من غير أن يوفر له العمل، وهذا بخلاف المذهبين الاشتراكي والإسلامي الذين سأمر عليهما.
إن الاعتقاد بالحرية الشكلية يقضي على التوازن الاجتماعي، ويحول المجتمع إلى فئات وطبقات تتناحر، بل تتقاتل من أجل البقاء.
قال السيد محمد باقر الصدر (رض): أمّا في مجرى الحياة الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي، فليست الحرّية الرأسمالية المطلقة إلاّ سلاحاً جاهزاً بيد الأقوياء يشقّ لهم الطريق، ويعبّد أمامهم سبيل المجد والثروة على جماجم الآخرين. لأنّ الناس ما داموا متفاوتين في حظوظهم من المواهب الفكرية والجسدية والفرص الطبيعية…. فمن الضروري أن يختلفوا في أسلوب الاستفادة من الحرّية الاقتصادية الكاملة التي يوفّرها المذهب الرأسمالي لهم، وفي درجات هذه الاستفادة. ويؤدّي هذا الاختلاف المحتوم بين القوي والضعيف، إلى أن تصبح الحرّية التعبير القانوني عن حقّ القوي في كلّ شيء، بينما لا تعني بالنسبة إلى غيره شيئاً. ولمّا كانت الحرّية الرأسمالية لا تقرّ بالرقابة ـ مهما كان لونها ـ فسوف يفقد الثانويون في معركة الحياة كلّ ضمان لوجودهم وكرامتهم، ويظلّون في رحمة منافسين أقوياء لا يعرفون لحرّياتهم حدوداً من القِيم الروحية والخُلُقية، ولا يدخلون في حسابهم إلاّ مصالحهم الخاصة. ([31])
إننا نفهم من هذا النص، أن اختلال التوازن بين طبقات المجتمع الرأسمالي ناتج من أكذوبة اختلافهم في خلقهم، ولو فرضنا أن هذا الاختلاف هو السب الحقيقي لاختلاف إنتاجهم السلعي، فلا يعني هذا أنهم يكونوا في أسفل القائمة من البشر، بحيث لا يستحقون أن يأكلوا بما يسد رمقهم، أو أن يدفعوا عن أنفسهم المرض والعجز والذلة والمسكنة، قبال مخلوقات لها جسم إنسان وقلب حيوان مفترس.
أظهرت دراسة حديثة تزايد عدد مليارديرات العالم وتزايد حجم ثرواتهم. وحسب الدراسة، التي أعدتها شركة (PwC)للإشراف الاقتصادي والخدمات الاستشارية بالتعاون مع بنك (UBS) السويسري، فإن ثروة أغنى أغنياء العالم ارتفعت بنسبة 17 في المئة، وحققت رقماً قياسياً مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الخام، والعقارات. ووصل حجم ثروة أغنياء العالم إجمالاً إلى 6 تريليون دولار. وارتفع عدد مليارديرات العالم بنسبة 10 في المئة، ليصبح 1542 مليارديراً. وكانت أكثر الزيادات في أعداد المليارديرات في الصين. ([32])
إن مجتمعات المذهب الرأسمالي، لا تؤمن بالرحمة والشفقة والتكافل الاجتماعي، وهذا ما يعزز اختلاف وتناحر طبقاتهم، ما يفقد المجتمع الواحد توازنه، فيسعى إلى الانتقام من أفراد هذا المجتمع وبخاصة الأغنياء منهم، فإن ظفر بهم فبها، وإن لم يظفر فلا يبقى أمامه إلا الانتحار والتخلص من تعاسة العيش.
إن المذهب الاقتصادي الرأسمالي دفع أصحاب رؤوس الأموال إلى البحث عن أرخص العمالات، فاتجه إلى القارة الأفريقية واستعبدها وتاجر بالعبيد والرقيق، فعمق الفقر والحاجة في تلك البلدان ورقيقهم في بلده بعد أن سيطر على بلدانهم.
يفتقر المذهب الاقتصادي الرأسمالي إلى القيم والأخلاق، ما أنتج حروب العالم، وخاصة الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، واللتان كان من نتائجهما قتل الملايين من الناس، والملايين من المعوقين، والملايين من الفقراء في كل دول العالم، وقد نكون الآن على مقربة من الحرب العالمية الثالثة لا قدر الله، وكذلك الحروب الأوروبية كاحتلال ألمانيا للنمسا عام 1938م وهجومها على بولندا عام 1939م ومحاربة الاتحاد السوفيتي السابق لهنگاريا (المجر) عام 1956م وغزوه لجيكوسلوڤاكيا (عندما كانت دولة واحدة) عام 1968م، وما هذه الحروب، إلا ثمرة واحدة من ثمرات المذهب الاقتصادي الرأسمالي والمذهب الاقتصادي الاشتراكي.
قال السيد محمد باقر الصدر (رض): والواقع التأريخي للرأسمالية، هو الذي يجيب على هذا السؤال. فقد قاست الإنسانية أهوالاً مروعة، على يد المجتمعات الرأسمالية، نتيجة لخوائها الخُلُقي وفراغها الروحي، وطريقتها الخاصة في الحياة. وسوف تبقى تلك الأهوال وصمة في تأريخ الحضارة المادّية الحديثة، وبرهاناً على: أنّ الحرّية الاقتصادية التي لا تحدّها حدود معنوية، من أفتك أسلحة الإنسان بالإنسان، وأفظعها إمعاناً في التدمير والخراب. فقد كان من نتاج هذه الحرّية مثلاً، تسابق الدول الأوروبية بشكل جنوني على استعباد البشر الآمنين، وتسخيرهم في خدمة الإنتاج الرأسمالي. وتأريخ أفريقيا وحدها صفحة من صفحات ذلك السباق المحموم، تعرّضت فيه القارّة الأفريقية لطوفان من الشقاء، إذ قامت دول عديدة كبريطانيا وفرنسا وهولندا وغيرها، باستيراد كمّيات هائلة من سكّان أفريقيا الآمنين، وبيعهم في سوق الرقيق، وتقديمهم قرابين للعملاق الرأسمالي.
وكان تجّار تلك البلاد يحرقون القرى الأفريقية ليضطر سكّانها إلى الفرار مذعورين، فيقوم التجّار بكسبهم وسوقهم إلى السفن التجارية، التي تنقلهم إلى بلاد الأسياد. وبقيت هذه الفظائع ترتكب إلى القرن التاسع عشر، حيث قامت بريطانيا خلاله بحملة واسعة النطاق ضدّها حتى استطاعت أبرام معاهدات دولة تستنكر الاتّجار في الرقيق، ولكن هذه المحاولة نفسها كانت تحمل الطابع الرأسمالي ولم تصدر عن إيمان روحي بالقيم الخُلُقية والمعنوية، بدليل أنّ بريطانيا التي أقامت الدنيا في سبيل وضع حد لأعمال القرصنة، استبدلتها بأسلوب آخر من الاستعباد المبطن، إذ أرسلت أسطولها الضخم إلى سواحل أفريقية، لمراقبة التجارة المحرّمة من أجل القضاء عليها، إي والله هكذا زعمت، من أجل القضاء عليها، ولكنّها مهدت بذلك إلى احتلال مساحات كبيرة على الشواطئ الغربية، وبدأت عملية الاستعباد تجري في القارة نفسها تحت شعار الاستعمار، بدلاً عن أسواق أوروبا التجارية. ([33])
المطلب الثاني: التوازن الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي الاشتراكي
إن نظام المذهب الاقتصادي الاشتراكي، لا يختلف في محتواه عن نظام المذهب الاقتصادي الرأسمالي، فكلاهما بخسا الإنسان حقه، وكلاهما طمسا إنسانية الإنسان، وقد قرأنا ما قاله الرأسماليون، ولنرى ما يقوله الاشتراكيون الشيوعيون عن التوازن الاجتماعي:
آمنت الشيوعية في مرحلتها الأولى – الاشتراكية – مبدأ توزيع الإنتاج بقاعدة (من كل حسب قدرته “طاقته” ولكل حسب عمله)، وهنا نقف ولكل حسب عمله، حيث أنه لا يحصل التوازن بين عمل الإنسان وقدرته على العمل في كثير من الناس، كالكبير والعاجز والمريض والمرأة قبال الرجل، فهؤلاء يكون عملهم قليل بحكم الطبيعة البشرية الخلقية أو الأمر الطارئ عليهم.
إن نظام المذهب الاقتصادي الاشتراكي أفضل من نظام المذهب الاقتصادي الرأسمالي في جانب تأمين العيش ولو بحد الكفاف، وتأمين الجانب الصحي أيضاً بحد الكفاف، وتأمين الجانب التعليمي، إلا أن هذا النظام لا يتطور ويتقدم مع تقدم وتطور الإنسان، ويكون عائقاً للتقدم والرقي وتطوير الذات، ذلك لأن المجتمع مجتمع الطبقة العاملة – البروليتاريا – لا مجتمع جميع الطبقات، فيكون راتب العامل المسمى – بروليتير – أكثر من راتب الأستاذ الجامعي أو المدرس أو المعلم لأن البروليتير منتج، وهؤلاء غير منتجين، لأنهم حصروا الإنتاج بالإنتاج المادي، مع أن الواقع كان خلاف ذلك للقيادات الحزبية الشيوعية، فقد كانوا يعيشون أفضل بكثير من بقسة أبناء الشعب السوفيتي.
إن جعل مستوى معيشة الناس على مستوى طبقة واحدة بالإكراه مع اختلاف طفيف يكاد لا يبين بينهم، يحد من تطوير القدرات العلمية والمعرفية، ويخل بالتوازن الاجتماعي بين أبناء الشعب الواحد، بل أن تحويل المجتمع إلى طبقة واحدة يتعارض مع اختلافهم في الطبيعة الخلقية، لذلك نجد أن المذهب الاقتصادي الإسلامي فرق بينهم.
إن النظام المذهبي الاقتصادي الاشتراكي سواء في مرحلته الأولى الاشتراكية أو في مرحلته الثانية والأخيرة الشيوعية، يخل بالتوازن الاجتماعي من خلال سوء التوزيع ما بعد الإنتاج، بل أن الشيوعية قد قضت على نفسها بالموت من خلال نفس النظام الشيوعي، قال السيد محمد باقر الصدر (رض): وهكذا يتلخّص: أنّ الحكومة في المرحلة الاشتراكية الماركسية، لا مَحيد لها عن أحد أمرين: فأمّا أن تطبّق النظرية، كما يفرضه القانون الماركسي للقيمة، فتوزّع على كلّ فرد حسب عمله، فتخلق بذرة التناقض الطبقي من جديد. وإمّا أن تنحرف عن النظرية في مجال التطبيق، وتساوي بين العمل البسيط والمركب، والعامل الاعتيادي والموهوب. فتكون قد اقتطعت من العامل الموهوب القيمة الفائضة التي يتفوّق بها عن العامل البسيط ، كما كان يصنع الرأسمالي تماماً في حساب المادّية التأريخية. ([34])
إن التساوي بين العامل الموهوب والعامل البسيط، وكذلك التساوي بين العمل المركب والعمل البسيط، هو إخلال بالتوازن الاجتماعي، ما يفقد الفرد الدافع على تطوير نفسه، لأنه كما يقول المثل الشعبي “تساوت القرعة مع أم الشعر”.
المطلب الثالث: التوازن الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي المختلط (دول العالم الثالث)
إن هذا النظام هو خليط بين هذا وذاك والعرف السائد في ذلك المجتمع، فلا هو بالرأسمالي ولا بالاشتراكي ولا بالنظام الإسلامي. لذلك فلن أخوض فيه باعتبار أن ما يجري في هذه الأنظمة الثلاثة نجده في هذا النظام المذهبي المختلط، فتارة رأسمالي وأخرى اشتراكي وثالثة إسلامي ورابعة بما يمليه عليه العرف الاجتماعي أو العشائري أو القبلي، وهذا ما هو موجود في الكثير من دول آسيا وافريقيا وأمريكا الجنوبية (اللاتينية) والعراق منها.
المبحث الثاني
التوازن الاجتماعي في ظل النظام الاقتصادي الإسلامي
إن قوة المذهب الاقتصادي الإسلامي، تكمن في مشرّعه ومؤسسه وواضعه أولاً، والمبلغ به، وهو الرسول الأعظم (ص) ثانياً، والمحافظ عليه من بعد رسول الله (ص)، وهم أهل البيت (ع) ثالثاً، ولأن الخالق الأوحد، أعلم بما يحتاجه خلقه وعباده من غيره، صار التشريع الإسلامي أعظم التشريعات، سواء على مستوى التشريع السماوي الإلهي بالقياس إلى التشريعات التي سبقت الشريعة الإسلامية، أو على مستوى التشريع الأرضي، لأن التشريع السماوي، جاء من عند كامل لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وهو غني عن جميع الخلق، وأما التشريع الأرضي، فقد جاء من عند الناقص والمحتاج إلى غيره، سواء في التشريع أو في وجوده ابتداءً واستمراراً.
إن التشريع الإسلامي ينظر أولاً إلى الجنبة الروحية في الإنسان، ويؤسس عليها ولها، حتى لا يكون الإنسان عنده سلعة يتصرف بها المالك أو الحاكم، وإن كان الحاكم أولى بالناس من أنفسهم، كما في قوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. ([35])، وهذا ينطبق على الإمام المعصوم (ع) من بعده، لذلك فالإسلام ينظر إلى التوازن من خلال حقيقتين كما يسميهما السيد محمد باقر الصدر (رض)، وهما: الحقيقة الأولى وهي خَلْقية: الحقيقة الكونية، والحقيقة الثانية وهي مذهبية: أن العمل هو أساس الملكية. ([36])
الحقيقة الأولى: الحقيقة الكونية
إن الناظر إلى الناس، يجد أنهم يختلفون في ألوانهم وأجسامهم، من الطول والعرض والقوة والضعف، وكذلك في الذكاء والفطنة والنشاط والخمول وحب العمل وحب العلم، وتحمل المسؤولية، وهذا لا خلاف عليه بين الناس، وهذا ما قاله السيد محمد باقر الصدر (رض): أمّا الحقيقة الكونية فهي: تفاوت أفراد النوع البشري في مختلف الخصائص والصفات، النفسية والفكرية والجسدية، فهم يختلفون في الصبر والشجاعة، وفي قوّة العزيمة والأمل، ويختلفون في حدّة الذكاء وسرعة البديهة، وفي القدرة على الإبداع والاختراع، ويختلفون في قوّة العضلات، وفي ثبات الأعصاب، إلى غير ذلك من مقوّمات الشخصية الإنسانية التي وزّعت بدرجات متفاوتة على الأفراد.([37])، واستشهد السيد محمد باقر الصدر (رض) بحديث النبي الأكرم (ص): قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة. ([38])، وكذلك قول الإمام علي (ع): لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا، فإذا استووا هلكوا. ([39])
ليس للعامل الاقتصادي وطبيعة المجتمع دخل في هذا التغير والاختلاف كما يدعي بعض أصحاب المذاهب الأخرى، لذلك نجد من خلال هذا الاختلاف أن يختلف إنتاجهم من حيث الكمية والنوعية، وهذا الاختلاف ليس لهم دخل فيه، فلابد أن يكون العطاء لهم ليس فقط على قدراتهم في الحصول على الملكية الخاصة وبأي طريقة كانت شرط أن لا تخالف القانون الذي وضعه الرأسمالي نفسه، كما يتبنى المذهب الاقتصادي الرأسمالي، ولا لكل حسب قدرته (طاقته) على أساس، ولكل حسب عمله، كما يتبنى المذهب الاقتصادي الاشتراكي، لأنه لو كان كما يدعي هؤلاء وهؤلاء، لأصبح العاجز والمعاق وذو الاحتياجات الخاصة، غير مشمولين بالحياة أصلاً، لأنهم غير منتجين.
فالإسلام يتبنى فكرة أن الاختلافات الجسدية أو العقلية لا تمنع من حصولهم على حاجاتهم، وأن هذه الاختلافات ليست ناتجة من العوامل الاقتصادية والظروف الاجتماعية كما يدعي أصحاب المذاهب المادية البعيدة عن الروح الإنسانية، قال السيد محمد باقر الصدر (رض): وهذه التناقضات ليست في رأي الإسلام ناتجة عن أحداث عرضية في تأريخ الإنسان، كما يزعم هواة العامل الاقتصادي، الذين يحاولون أن يجدوا فيه التعليل النهائي لكلّ ظواهر التأريخ الإنساني.
فإنّ من الخطأ محاولة تفسير تلك التناقضات والفروق بين الأفراد على أساس ظرف اجتماعي معيّن، أو عامل اقتصادي خاص، لأنّ هذا العامل أو ذلك الظرف، لئن أمكن أن تفسّر على ضوئه الحالة الاجتماعية ككلّ، فيقال: إنّ التركيب الطبقي الإقطاعي أو إنّ نظام الرقيق كان وليد هذا العامل الاقتصادي، كما يصنع أنصار التفسير المادّي للتأريخ فلا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يكون العامل الاقتصادي، أو أيّ وضع اجتماعي، كافياً لتفسير ظهور تلك الاختلافات والتناقضات الخاصة بين الأفراد، وإلاّ فلماذا اتّخذ هذا الفرد دور الرقيق، وذلك الفرد دور السيد المالك؟! وأصبح هذا الفرد ذكياً قادراً على الإبداع، والآخر خاملاً عاجزاً عن الإجادة؟! ولماذا لم يتبادل هذان الفردان دورهما ضمن إطار النظام العام؟! ([40])
الحقيقة الثانية: العمل هو أساس الملكية
قلت في المعنى الاصطلاحي للتوازن، إن التوازن الاجتماعي هو التوازن في المستوى المعاشي لا في مستوى الدخل. يسعى المذهب الاقتصادي الإسلامي إلى أن يعيش الناس في مستو واحد من المعيشة، ولكن ليس في مستو واحد من الدخل، أي أن هناك اختلاف في الدخل وتفاوت فيه نابع من اختلاف قدراتهم وأعمالهم وعدد أفراد أسرهم، وأن هذا التفاوت لا يصل إلى مستوى التناقض والاختلاف الكلي كما هو في المذهب الاقتصادي الرأسمالي، ولا إلى التساوي في الدخل، كما هو المذهب الاقتصادي الاشتراكي.
إن التوازن الاجتماعي هو هدف المذهب الاقتصادي الإسلامي، وبالتالي فهو واجب الدولة الإسلامية، بحيث تسعى إلى تحقيقه في حدود صلاحياتها التنفيذية والقضائية، باعتبار أن التشريع مفروغ منه، إما بالآية الكريمة أو الحديث النبوي الشريف أو الرواية عن أهل البيت (ع).
إن الجمع بين الحقيقتين، يظهر لنا كيف تمكن الإسلام من معالجة التوزان في المجتمع الإسلامي، والذي اختل في النظامين الاقتصاديين الرأسمالي والاشتراكي ونظام دول العالم الثالث.
قال السيد محمد باقر الصدر (رض): إنّ نتيجة الإيمان بهاتين الحقيقتين هي: السماح بظهور التفاوت بين الأفراد في الثروة، فإذا افترضنا جماعة استوطنوا أرضاً وعمروها، وأنشأوا عليها مجتمعاً، وأقاموا علاقاتهم على أساس أنّ العمل هو مصدر الملكية، ولم يمارس أحدهم أيّ لون من ألوان الاستغلال للآخر.. فسوف نجد أنّ هؤلاء يختلفون بعد برهة من الزمن في ثرواتهم، تبعاً لاختلافهم في الخصائص الفكرية والروحية والجسدية.. وهذا التفاوت يقرّه الإسلام، لأنّه وليد الحقيقتين اللتين يؤمن بهما معاً. ولا يرى فيه خطراً على التوازن الاجتماعي ولا تناقضاً معه. وعلى هذا الأساس يقرّر الإسلام أنّ التوازن الاجتماعي يجب أن يفهم في حدود الاعتراف بهاتين الحقيقتين. ([41])
إن قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا. ([42]) يؤسس لطبيعة مستوى العيش في المجتمع الإسلامي، فالإسلام لا يريد أن يعيش الإنسان على مستوى الفقر ولا على مستوى الغنى الزائد عن الحاجة، فالتشريع الإسلامي طلب من المسلم أن يضغط على نفسه في عدم الإسراف، وهو المستوى العالي من المعيشة، وفي نفس الوقت طلب منه أن لا يبخل على نفسه وعياله، بل أن الإسلام طلب من الناس على نحو الاستحباب أن يتساووا في المستوى المعاشي، من هنا نجد أن التساوي في المستوى المعاشي، يوحي بتحويل الطبقات على مستوى العيش إلى طبقة واحدة، وهي التي دعا إليها المذهب الاقتصادي الاشتراكي في محو الطبقات، ولكن في الإسلام لا على نحو الإلزام والقسرية في محو الطبقات من خلال تأميم وسائل الإنتاج، إنما من خلال التكافل الاجتماعي الواجب والمندوب.
قال السيد محمد باقر الصدر (رض): وفهمنا هذا لمبدأ التوازن الاجتماعي في الإسلام يقوم على أساس التدقيق في النصوص الإسلامية، الذي يكشف عن إيمان هذه النصوص بالتوازن الاجتماعي كهدف، وإعطائها لهذا الهدف نفس المضمون الذي شرحناه وتأكيدها على توجيه الدولة إلى رفع معيشة الأفراد الذين يحيون حياة منخفضة، تقريباً للمستويات بعضها من بعض، بقصد الوصول أخيراً إلى حالة التوازن العام في مستوى المعيشة. ([43])
استشهد السيد محمد باقر الصدر (رض) بقولٍ للإمام موسى الكاظم (ع): ذكر بشأن تحديد مسئولية الوالي في أموال الزكاة: إنّ الوالي يأخذ المال فيوجّهه الوجه الذي وجّهه الله له، على ثمانية أسهم، للفقراء والمساكين، يقسّمها بينهم بقدر ما يستغنون في سنتهم، بلا ضيق ولا تقيّة، فإن فضل من ذلك شيء رُدّ إلى الوالي. وإن نقص من ذلك شيء ولم يكتفوا به، كان على الوالي أن يَمونَهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا. ([44])
نفهم من هذه الرواية، أن عندية الإمام المعصوم (ع) هي ملكية الدولة التي قلنا عنها إنها قد تصل إلى 80% من مجموع الملكيات الثلاث، باعتبار أن نسبة ضريبة أموال الزكاة البالغة 2,5% لا تغطي حاجات الفقراء والمساكين، نعم لو أضفنا إليها ضريبة أمول الخمس البالغة 20% والتي سنراها في الفصل الثالث لوصلنا إلى مستوى الغنى، والرواية تقول حتى يستغنوا، أي يصلوا إلى مستوى الغنى عن حاجة الآخرين، بل لا يكون فرق بينهم وبين الغني إلا بشيء قليل يكاد لا يذكر.
في رواية عن أبي عبدالله الصادق (ع): عن أبي بصير قال: إنّه سأل الإمام جعفر الصادق عن: رجل له ثمانمائة درهم وهو رجل خفّاف، وله عيال كثير، ألَه أن يأخذ من الزكاة؟ فقال له الإمام: يا أبا محمّد، أيربح من دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل؟ فقال أبو بصير: نعم، فقال الإمام: إن كان يفضل عن قوته مقدار نصف القوت، فلا يأخذ الزكاة، وإن كان أقلّ من نصف القوت، أخذ الزكاة وما أخذه منها فضّه على عياله حتى يلحقهم بالناس. ([45])
ليس على هذا النص أي غبار، ولا يحتاج إلى كشف مستوره، فهو واضح وبين كالشمس في رابعة النهار. نجد في النص أن أبا بصير يقول للإمام الصادق (ع): إن الرجل خَفَّاف، أي يبيع الأخفاف، فيقول له الإمام (ع): إن فضل عن قوته أقل من نصف قوته، فله أن يأخذ من الزكاة حتى يلحقهم بالناس، والقصد واضح، فمع فضل من دراهمه أقل من نصف قوته جاز له أن يأخذ من الزكاة حتى يلحقهم الناس، والكلام في عموم الناس، ففي هذا النص ثلاثة، مفاهيم الأول: أن الفقر غير موجود في المجتمع الإسلامي، لأن في الناس الأغنياء، وأن الرواية قالت بالناس، وهو عموم الناس، وهذا يعني أن الفرد المسلم لابد أن يكون بمستوى الغني أو بالقرب من مستواه حتى لا يشعر بالفارق الكبير بينه وبين الغني، والثاني: أن الناس يعيشون على مستو متقارب في مستوى العيش، والمفهوم الثالث: أن الناس جميعاً مسلمهم وغير مسلمهم يعيشون في مستوى الغنى، لأن الرواية قال بالناس ولم تقل بالمسلمين، وليس مستوى الكفاف، كما هو في النظامين الرأسمالي والاشتراكي ودول العالم الثالث، وسنرى في السطور القادمة كيفية إيصال الناس إلى مستوى الغنى في المجتمع الإسلامي في ظل المذهب الاقتصادي الإسلامي.
ذكر السيد محمد باقر الصدر (رض) طرق تمكين الدولة في الجباية ثم الإنفاق على المجتمع.
1- فرض الضرائب
2- إيجاد قطاعات لملكية الدولة
3- طبيعة التشريع الإسلامي ([46])
1- فرض الضرائب: شرّع الإسلام تشريعات تخدم المجتمع كله، الغني والفقير، المسلم وغير المسلم، إلا الكافر الجاحد، فإعطاء الفقير من أموال الدولة التي تأخذها من الأغنياء، يمنع تسوله ومن ثم تحوله إلى قنبلة موقتة تنفجر في أي وقت شاء الفقير أن يفجرها بحسب الظروف التي يعيشها، وأن الفقر قد يؤدي إلى الكفر، فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كاد الفقر أن يكون كفراً، وكاد الحسد أن يغلب القدر([47])، وقد ذم الإسلام التسول، فقد ورد عن رسول الله (ص) أنه قال: يا أباذر إياك والسؤال فانه ذل حاضر، وفقر تتعجله، وفيه حساب طويل يوم القيامة. ([48])، وأن هذه الضرائب في نفس الوقت، تقتل في نفس الأغنياء حب التسلط وحب المال، بحيث لا يبقى من شيء يفكر به، إلا كيفية جمع المال وتكديسه في قاصاته ومخازنه، فيقتل في نفسه إنسانيته، فإذا قتل إنسانيته صار مشروعاً لقتل غيره وحرمانه واستعباده للناس. قال السيد محمد باقر الصدر (رض): والدليل الفقهي على علاقة هذه الضرائب بأغراض التوازن، وإمكان استخدامها في هذا السبيل، ما يلي من النصوص: ([49])
أ ـ عن إسحاق بن عمار: قال: للإمام جعفر بن محمّد(ع): أعطي الرجل من الزكاة مئة؟ قال: نعم، قلت: مئتين؟ قال: نعم، قلت: ثلاثمئة؟ قال: نعم، قلت: أربعمائة؟ قال: نعم، قلت خمسمائة؟ قال: نعم، حتى تغنيه ([50])
ب ـ عن عبد الرحمن بن الحجّاج: قال: سألت الإمام موسى بن جعفر (ع): عن الرجل يكون أبوه وعمّه أو أخوه يكفيه مئونته، أيأخذ من الزكاة فيوسع بها، إن كانوا لا يوسعون عليه في كلّ ما يحتاج إليه؟ فقال: لا بأس. ([51])
ونخلص إلى النتيجة التي يراها الإسلام وهي: أن الفرد في المجتمع الإسلامي وفي ظل المذهب الاقتصادي الإسلامي، مسلماً وغير مسلم، يصل إلى درجة الغنى، بحيث توفر له حاجاته الكمالية، وليس فقط الضرورية كما يتصور البعض ([52])، وهذه تعتمد على ثروة البلد الذي يعيش فيه المواطن في البلد الإسلامي، على تفصيل في كيفية نقل أموال الزكاة والخمس من بلد دافع الزكاة والخمس إلى بلد آخر.
قال السيد محمد باقر الصدر (رض): وعلى هذا الضوء نستطيع أن نحدّد مفهوم الغنى والفقر عند الإسلام بشكل عام. فالفقير هو من لم يظفر بمستوى من المعيشة، يمكّنه من إشباع حاجاته الضرورية وحاجاته الكمالية، بالقدر الذي تسمح به حدود الثروة في البلاد أو هو بتعبير آخر: من يعيش في مستوى تفصله هوّة عميقة عن المستوى المعيشي للأثرياء في المجتمع الإسلامي. والغني من لا تفصله في مستواه المعيشي هذه الهوّة، ولا يعسر عليه إشباع حاجاته الضرورية والكمالية بالقدر الذي يتناسب مع ثروة البلاد، ودرجة رقيّها المادّي، سواء كان يملك ثروة كبيرة أم لا. ([53])
الفصل الثالث
تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي في العراق البصرة انموذجاً
أتناول في هذا الفصل التطبيق العلمي العملي للاقتصاد الإسلامي في محافظة البصرة حصرياً من خلال تقارير المسؤولين في المحافظة.
أصل الملكية في الشريعة الإسلامية
في البداية لابد أن نتعرف على أصل الملكية في التشريع السماوي. قال السيد محمد باقر الصدر (رض): وأساس هذه التصوّرات هو مفهوم الخلافة الذي أشرنا إليه، فالمال مال الله وهو المالك الحقيقي، والناس خلفاؤه في الأرض وأمناؤه عليها وعلى ما فيها من أموال وثروات. قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاّ مَقْتاً فاطر/39. والله تعالى هو الذي منح الإنسان هذه الخلافة، ولو شاء لانتزعها منه، “إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ” الأنعام/133. وطبيعة الخلافة تفرض على الإنسان أن يتلقى تعليماته بشأن الثروة المستخلف عليها ممّن منحه تلك الخلافة قال الله تعالى: “آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ” الحديد/7، كما أنّ من نتائج هذه الخلافة أن يكون الإنسان مسئولاً بين يدي من استخلفه خاضعاً لرقابته في كلّ تصرفاته وأعماله، قال الله تعالى: “ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ” يونس/14. والخلافة في الأصل هي للجماعة كلّها، لأنّ هذه الخلافة عبّرت عن نفسها عملياً في إعداد الله تعالى لثروات الكون ووضعها في خدمة الإنسان. والإنسان هنا هو العام الذي يشمل الأفراد جميعاً، ولذا قال تعالى: “هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً” ([54]) .
وقال الميرزا النائيني: من جملة الثوابت الموجودة في مذهبنا نحن الإمامية هو أنه في عصر الغيبة – على مغيبه السلام – هناك ولايات تسمى بالوظائف الحسبية لا يرضى الشارع المقدس بإهمالها، حيث نعتقد أن نيابة فقهاء عصر الغيبة قدر متيقن فيها وثابت بالضرورة حتى مع عدم ثبوت النيابة العامة لهم في جميع المناصب، إذ أن الشارع المقدس لا يرضى باختلال النظام وذهاب بيضة الإسلام. ومن جهة أخرى نجد أن اهتمام الشارع بحفظ البلدان الإسلامية وتنظيمها أكثر من اهتمامه بسائر الأمور الحسبية، ومن هنا يثبت لدينا بما لا يقبل الشك فيه نيابة الفقهاء والنواب العموميين في عصر الغيبة فيما يتعلق بإقامة الوظائف المذكورة.([55])
إن أصل الملكية هي لله تعالى ونحن مؤتمنون عليها، فكل ما عندنا هو لله، كيف ونحن ملك لله تعالى فما بالك بملكيتنا، وهي ملكية اعتبارية وليست حقيقية.
السياسة الاقتصادية والسياسية
أرى على الحكومة المركزية أن تعمل وفق ما يلي:
أولاً: أن تجمع الملكيتين، الملكية العامة وملكية الدولة بملكية واحدة وتطلق عليها ملكية الأمة.
ثانياً: أن تكون الإدارة الاقتصادية لامركزية، فتكون الملكيتان العامة والدولة (ملكية الأمة) بيد الحكومتين المركزية والمحلية وفق الضوابط التالية:
1- تجمع الملكية العامة مع ملكية الدولة في كل العراق وتكون كل محافظة لها نسبة تتناسب ونفوسها إلى نفوس العراق.
2- تتكفل الحكومة المحلية بالبناء والإعمار في المحافظة أو الاقليم كافة.
3- تتكفل الحكومة المركزية ببناء الجيش والقوات الأمنية والسياسة الخارجية والمنشآت السيادية الخاصة بكل العراق.
4- يحق لكل محافظة أن تسن القوانين الخاصة بها مع المحافظة على السياسة العامة للدولة، وبحسب طبيعة المستوى المعاشي لها، لغرض إيجاد التنافس بين المحافظات.
5- يتم إعطاء العوائل التي يقل فيها دخل الفرد عن مستوى خط الغنى المتوسط في المحافظة، بحيث لا يشاهد فيها الفقر واضحاً، كما نرى ذلك من خلال وجود الأعداد الكبيرة من المتسولين.
6- المحافظات التي ليس فيها موارد طبيعية أو غيرها تعتمد على الحكومة المركزية بما يجعلها في مستوى الغنى المتوسط مع باقي المحافظات.
7- قلت إن أصل الملكية العامة وملكية الدولة برجوع الدولة إلى مراجع الدين، ونظراً لكون النظام الحالي ليس نظاماً إسلامياً، فيمكن أن تشرع القوانين الوضعية بما يتوافق مع العصر، بحيث تجعل نسبة 20% على بعض الأعمال والأرباح التي هي ضمن دائرة الخمس، و2,5% ضمن دائرة الزكاة، وهكذا بالنسبة للخراج وغيره، فتكون أحكاماً وضعية بلباس ديني شرعي، حتى لا يعترض عليها معترض، فليست هي من أحكام الحجاب أو الصلاة أو الصيام، وحتى أسمائها لا تسمى بأسمائها الشرعية، وإنما ضريبة المطاعم والتجار والشركات وهكذا، وتلك ضريبة الزراعة وتربية الحيوان.
المبحث الأول: الثروات
المطلب الأول: الثروات الطبيعية:
أولاً: الأرض وملحقاتها: 1- زراعة الأرض 2- الخراج 3- زكاة الغلات الأربع 4- زكاة الحيوان
1- زراعة الأرض:
إن مساحة الأرض الصالحة للزراعة في محافظة البصرة: [5196114] خمسة ملايين ومائة وستة وتسعون ألف ومائة وأربعة عشر دونماً.
مساحة الأرض المزروعة فعلاً: [56979] ستة وخمسون ألف وتسعمائة وتسعة وسبعون دونماً، أي ما يعادل [1,09%] فقط، أي أن ما يقرب من 99% غير مستغل فعلاً.
كلفة الدونم الواحد: من 250000 إلى 300000 ثلاثمائة ألف دينار.([56])
مساحة الأرض الصالحة للزراعة غير المستغلة فعلاً هي:
5196114 – 56979 = 5139135 خمسة ملايين ومائة وتسعة وثلاثون وألف ومائة وخمسة وثلاثون دونماً.
مشروع زراعة خمسين مليون نخلة غرب البصرة:
أولاً: كلفة المشروع:
1- كلفة النسيج أو الفسيلة:
إذا كان كل دونم تتم زراعته بـ [50] نخلة، وكان سعر نسيج النخيل البرحي المستورد من الخارج هو [40] دولار، فتكون كلفة 500000000 خمسون مليون نسيج برحي هي:
50000000 × 40 = 2000000000 مليارا دولار.
وإذا كان سعر فسيلة البرحي الواحدة المستورد من الخارج هو [150] دولار، فتكون كلفة 500000000 خمسون مليون فسيل برحي هي:
50000000 ×150 = 7500000000 سبعة مليارات وخمسمائة مليون دولار.
2- كلفة استصلاح الدونم الواحد = [200] دولار.
فتكون كلفة استصلاح 1000000 مليون دونم هي:
1000000 × 200 = 100000000 مائة مليون دولار
المجموع الكلي لكلفة مشروع النسيج هي:
2000000000 + 100000000 = 2100000000 ملياران ومائة مليون دولار
المجموع الكلي لكلفة مشروع النسيج هي:
7500000000 + 1000000000 = 8500000000 ثمانية مليارات وخمسمائة مليون دولار.
لو تم تقسيم [1000000] مليون دونم على [5] دونمات هي حصة كل مستثمر، لكان عدد المستثمرين [200000] مائتي ألف مستثمر، وافترضنا أن معدل العائلة الواحدة [4] أربعة أفراد، فيكون عدد المنتفعين [800000] ثمانمائة ألف مواطن.
ثانياً: كمية الإنتاج
1- إنتاج النخلة الواحدة
إن إنتاج نخلة البرحي الواحدة في محافظة البصرة يتراوح بين 100 – 150 كيلوغرام، فيكون معدل إنتاج النخلة الواحدة [125] كيلوغراماً، ولو تم الاعتناء الممتاز بالنخلة واختيار النسيج الممتاز أو الفسيل الممتاز، لأنتجت أكثر من هذا الوزن، وقد يصل إلى [250] كيلوغراماً, ولنحسب على وزن [125] كيلوغراماً.
2- كمية الإنتاج الكلي
الإنتاج الكلي لـ [50000000] خمسين مليون نخلة هو:
50000000 × 125 = 6250000000 ستة مليارات ومائتان وخمسون مليون كيلوغرام.
إن سعر الكيلوغرام الواحد يتراوح بين 2 – 5,2دولار كما هو في الأسواق العالمية، ولنأخذ معدل السعر، أي 2,25 دولار.
2- الخراج وعائدات الإنتاج الكلي
6250000000× 25,2= 14062500000 أربعة عشر مليار واثنان وستون مليون وخمسمائة ألف دولار للموسم الواحد.
حصة الحكومتين المركزية والمحلية من الخراج
إن نسبة الخراج غير محددة في الشريعة، فيحق للحاكم الأخذ بأي نسبة كانت، فهو أشبه بالمضاربة، فليس هناك عدد أو نسبة محددة، كما جاز للحاكم عدم أخذ الخراج، وذلك بحسب ظروف البلد.
إن عائدات هذه الأرض الخراجية إلى الدولة، والدولة تأخذ النسبة التي تراها مناسبة في مكانها ووقتها، فلو فرضنا أن الحكومة تأخذ من المزارعين المستثمرين للأراضي الخراجية نسبة 80% من الإنتاج النهائي، فيكون المبلغ الذي يأخذه كل مستثمر من عائدات التمور فقط:
14062500000 × 80% = 11250000000 أحد عشر مليار ومائتان وخمسون مليون دولار للموسم الواحد، وهي حصة الحكومتين المحلية والمركزية .
حصة المستثمر (الفلاح)
14062500000 – 11250000000 = 2812500000ملياران وتسعمائة واثنا عشر مليون وخمسمائة ألف دولار.
وبالقسمة على عدد المستثمرين البالغ [200000] مائتي ألف مستثمر يكون:
2812500000 ÷ 200000 = 14062أربعة عشر ألف وخمسمائة واثنان وستون ونصف دولار للموسم الواحد.
14562 × 1450 = 20390625عشرون مليون وثلاثمائة وتسعون ألف وستمائة وخمسة وعشرون دينار سنوياً.
20390625 ÷ 12 = 1699218 مليون وستمائة وتسعة وتسعون ومائتان وثمانية عشر ويساوي تقريباً مليون وسبعمائة ألف دينار شهرياً.
إن المساحات الواسعة بين أشجار النخيل، تمكن الفلاح المستثمر من الاستفادة منها في زراعة بعض أنواع الأشجار، سواء كانت أشجار دائمية، كالعنب والرمان والمشمش وغيرها، أو من الخضروات الشتوية والصيفية كالفجل والكرفس والرشاد وغيرها. وهذا ما سيقلل من نفقات مؤونة الفلاح المستثمر، وكذلك يوفر له عائدات مالية أخرى غير عائدات الخراج.
3- زكاة الغلات الأربع:
لم أحسب كمية إنتاج الغلات الأربع في المحافظة لقلته، بل في أغلب الأحيان، لا يسد حاجة الفلاح نفسه، فلا يمكن أخذ الزكاة منه، لأن من شروط الزكاة النصاب، والمنتوجات لا تبلغ النصاب في الأراضي ذات الملكية الخاصة، إلا الشيء القليل الذي لا يرفد ميزانية المحافظة بشيء يساهم في تغيير المستوى المعاشي للمواطنين.
4- زكاة الحيوان:
وهذه الزكاة أيضاً لا يمكن إحصاؤها لقلتها أولاً، ولعدم وجود بيانات دقيقة أو إجمالية فيها، وكذلك لا تؤثر في زيادة إيرادات المحافظة بشكل كبير يساهم في تغيير المستوى المعاشي للمواطنين.
ثانياً: في المعادن
يصنف الفقهاء المعادن إلى صنفين، فلابد أن نتعرف على بعض المصطلحات الفقهية في تصنيف المعادن:
تصنف المعادن إلى صنفين: المعادن الظاهرة والمعادن الباطنة، فما هي المعادن الظاهرة وما هي المعادن الباطنة وما هي أحكامهما؟
1- المعادن الظاهرة:
الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ الَّتِي لَا تَفْتَقِرُ إلَى إظْهَارٍ، كَالْمِلْحِ وَالنِّفْطِ وَالْقَارِ
2- المعادن الباطنة:
هِيَ الَّتِي لَا تَظْهَرُ إلَّا بِالْعَمَلِ، كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ.([57])
ولأجل توضيح التعريفين نقول: المعادن الظاهرة هي التي لا تحتاج إلى عمليات فيزيائية وكيميائية حتى يتم فصلها لتكون بعد ذلك جاهزة، إنما هي جاهزة للبيع والاستهلاك، فالنفط والملح مثلاً يحتاجان إلى التنقية من الشوائب فقط. وأما المعادن الباطنة فهي على شكل مركبات كالحديد مثلاً، يحتاج إلى عمليات كيميائية لغرض الحصول على عنصر الحديد.
إن شكل الملكية العامة لمعدن النفط، يوجب على الدولة أن ينتفع منها الشعب والحكومة بطريقين: الأول: أن تسمح للمواطنين باستخراج النفط بالكمية التي تسد حاجة الفرد هو ومن يعيل من عائلته، وبحسب ضوابط وقوانين تشرع لهذا العمل من الكمية والطريقة وطريقة التسويق والبيع، وغيرها من الضوابط، وهو طريق صعب بل يكون مستحيلاً على أغلب الناس للكلفة الباهضة في استخراجه وبيعه، والثاني: أن تعطي كل فرد مبلغاً من المال وبالتساوي بن أبناء المحافظة، على أن يكون ضمن قانون الدولة المركزية.
1- المعادن الظاهرة:
هذا النوع من المعادن من المشتركات بين الناس جميعاً، أي هي من نوع الملكية العامة، فلا يحق لأي فرد ما أن يتملك هذه المعادن أو الأرض التي هي فيها، ويقع على الدولة حماية هذه المعادن والأراضي التي فيها، ومنع كل من يحاول أن يستثمرها لحسابه الخاص، ولكنها في نفس الوقت تسمح لأي شخص أن يستثمرها بحدود إشباع حاجاته هو ومن يعيله بعد أذن ولي الأمر، وهو الحكومة المركزية.
واردات محافظة البصرة:
أ- معدن النفط:
يعتبر النفط من أكثر المعادن قيمة اقتصادية، ولكونه في الغالب من ملكية الدولة وبعضه من الملكية العامة، وأن الأمة لا تستطيع أن تحدد كيفية استثمارها، لذلك كان على الدولة أن تضع يدها على هذا المعدن لأهمية ولخطورة السيطرة عليه، وإلا فإن الشعب يتحول إلى طبقات متفاوتة في مستوى المعيشة، وهو بخلاف منطق المذهب الاقتصادي الإسلامي الذي يرمي إلى التوازن الاجتماعي حتى لا يبدو أي تفاوت في مستوى المعيشة.
ينتج العراق يومياً [4000000] أربعة ملايين برميل، وعليه ستكون حصة محافظة البصرة هي: [400000] برميل يومياً، وأن الإنتاج السنوي هو:
400000 برميل × 365 يوم = 146000000 مائة وستة وأربعون مليون برميل سنوياً، ولو فرضنا أن معدل سعر البرميل الواحد هو: [60] دولار، فيكون المبلغ السنوي هو: 146000000 برميل × 60 دولار = 8760000000 ثمانية مليارات وسبعمائة وستون مليون دولار سنوياً.
إن تكلفة إنتاج البرميل الواحد بحدود 12 دولار، وعليه ستكون الكلفة الكلية هي:
146000000 × 12 = 1752000000 مليار وسبعمائة واثنان وخمسون مليون دولار، فيكون صافي الربح هو:
8760000000 – 1752000000 = 7008000000 سبعة مليارات وثمانمائة ملايين دولار سنوياً، ولاستخراج الخمس نقسم المبلغ على [5] خمسة:
7008000000 ÷ 5 = 1401600000 مليار وأربعمائة وواحد مليون وستمائة ألف دولار سنوياً.
1401600000 × 1450 = 2032320000000 تريليونان واثنان وثلاثون مليار وثلاثمائة وعشرون مليون دينار سنوياً. بالقسمة على أشهر السنة:
2032320000000 ÷ 12 = 169360000000 مائة وتسعة وستون مليار وثلاثمائة وستون مليون دينار شهرياً، وبالقسمة على الراتب الشهري [1600000] مليون وستمائة دينار يكون عدد المستحقين لراتب الرعاية هو:
169360000000 ÷ 1600000 = 105850 رب أسرة، وقلنا إن معدل عدد الأسرة [4] أربعة أفراد فيكون عدد المستفيدين الكلي هو:
105850 × 4 = 423400 أربعمائة وثلاثة وعشرون ألف وأربعمائة فرد.
ب- معدن الغاز:
ما بينته في النفط وما جرى فيه يجري على الغاز حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، لأنها يعتبران معدناً واحداً، فلو نفذ النفط – وهو لا ينفذ على المدى المتوسط – أو تم تبديله بالوقود النظيف كما يشاع الآن فيكون الغاز محله وله نفس أحكام النفط. كذلك يمكن أن يتم إنشاء شبكة أنابيب لتوزيع الغاز على المناطق السكنية بحيث يصلهم الغاز بسعر قليل جداً لا يؤثر على مستوى معيشتهم.
لنفترض أن عائدات الغاز وكلفة إنتاجه تعادل عشر عائدات وكلفة إنتاج النفط، وعليه سيكون صافي المبلغ هو: 700800000 سبعمائة مليون وثمانمائة ألف دولار سنوياً. فيكون عدد المستفيدين هو: 42340 اثنان وأربعون ألف وثلاثمائة وأربعون فرد.
ج- معدن الملح:
إن هذا المعدن بالمفهوم الفقهي، ملكية مشتركة يمكن أن يستثمرها أي فرد على أن لا يقتطع لنفسة مساحة كبيرة يمنع الآخرين من أخذ الملح منها، وإنما حكمها لولي الأمر الذي يحدد مساحة الأرض التي يمكن أن يستثمرها المواطنون، ويسحبها منهم بأي وقت، كما يمكن أن يمنع أي فرد من استثمارها، على أن تتكفل الدولة سد حاجاته الضرورية والكمالية، بل الأكثر في إشباع كل حاجاته.
إن عائدات هذا المعدن، يمكن أن تلعب دوراً لا بأس به في مكافحة الفقر سواء للعامل المستثمر له أو أموال الخمس المأخوذة من المستثمرين. ليس لدينا أرقام دقيقة عن الكمية وطريقة التسويق حالياً، ولكن يمكن أن تنتج محافظة البصرة [1000000] مليون طن سنوياً، فإذا كان سعر الطن الواحد هو: 40 دولار فيكون الحاصل هو: 1000000 × 40 =40000000 أربعون مليون دولار.
تكلفة إنتاج الملح تعادل 10% أي: [4000000] أربعة ملايين دولار.
فيكون صافي المبلغ هو: 39600000 تسعة وثلاثون مليون وستمائة ألف دولار.
39600000 ÷ 5 = 7920000 سبعة ملايين وتسعمائة وعشرون ألف دولار، فيكون بالدينار العراقي: 7920000 × 1450 = 11484000000 أحد عشر مليار وأربعمائة وأربعة وثمانون مليون دينار عراقي، بالقسمة على [1600000] كراتب شهري فيكون عدد المستفيدين: 7177 رب أسرة، فيكون عدد المستفيدين الكلي من الملح: 7177 × 4 = 28710 ثمانية وعشرون ألف وسبعمائة وعشرة فرد.
2- المعادن الباطنة:
تشمل المعادن الباطنة الذهب والفضة والحديد والنحاس وغيرها، وكذلك الزجاج وكل معدن لا يكون جاهزاً للتصنيع والانتفاع به مباشرة من غير تدخل صناعي.
تنقسم المعادن الباطنة إلى قسمين:
أ- المعادن الباطنة القريبة من سطح الأرض:
وأحكامها أحكام الأرض الظاهرة في أنها من المشتركات، أي أنها من نوع الملكية العامة، فلا تملك بالإحياء. قال السيد محمد باقر الصدر (رض): فالإسلام لا يسمح في المواد المعدنية التي تقع قريباً من سطح الأرض بتملّكها، وهي في مكانها ملكية خاصة، وإنّما يأذن لكلّ فرد أن يمتلك الكمّية التي يأخذها ويحوزها من تلك المواد، على أن لا يتجاوز الكمّية حداً معقولاً، ولا تبلغ الدرجة التي يصبح استيلاء الفرد عليها وحيازته لها سبباً للضرر الاجتماعي والضيق على الآخرين. ([58])، وعليه فالأحكام التي مرت بنا في المعادن الظاهرة هي نفس الأحكام هنا، ويمكن أن يستفيد الفرد منها كما استفاد من تلك المعادن، ويمكن للدولة أن تضع يدها عليها وتقسمها بين الناس.
ب- المعادن الباطنة المستترة:
أغلب فقهاء الشيعة يرون أنها من ملكية الدولة، وذهب أخرون من الشيعة وأغلب أصحاب مدرسة الخلافة أنها ملكية عامة، وأنا، كما يقول السيد محمد باقر الصدر (رض)، لا أرى خلافاً بين ملكية الدولة والملكية العامة فقط في أذن ولي الأمر من عدمه في استغلال واستثمار إخراج المعدن والتنقيب عنه، فما جرى حكمه في الثروات بشكل عام سواء في الأرض أو بقية المعادن فالحكم والأمثال نفسها تنطبق على هذه المعادن.
إن المعادن الباطنة لا يمكن حصرها في الوقت الحاضر لعدم وصول اليد إليها ولعدم معرفة كمياتها وكلفة استخراجها، فنتركها لوقتها.
المطلب الثاني
الثروات غير الطبيعية
أولاً: الخمس: يشكل خمس أرباح المكاسب مصدراً كبيراً في رفد ميزانية الدولة بأموال يستفيد منها كافة أبناء الشعب، لأن الخمس، كما هو في الكتب الفقهية، يشمل سبعة مصادر ليس هذا محل ذكرها ([59])، وأن قيمته من اسمه 20% من فاضل مؤونة المسلم وغير المسلم.
1 – خمس الأرباح:
أ- التجار والشركات:
عدد التجار والشركات المسجلين في محافظة البصرة هو [2410] بحسب تقرير من غرفة تجارة البصرة والذي أخذته من ، الموجودة صورته في آخر البحث. السيد مدير الدراسات والخدمات التجارية
إن هذا الأعداد في هذا التقرير لا يتناسب بما هو موجود فعلاً، فمثلاً عدد الصيدليات المسجلة [63] ثلاثة وستون صيدلية، وعدد المطاعم [5] خمسة وهذا لا يتوافق مع الواقع، ففي منطقة وسط البصرة، قضاء العشار، في شارع فقط واحد أكثر من [20] عشرين صيدلية، وكذلك أكثر من [20] مطعماً، وهكذا بقية الأصناف. لذلك سنفترض عدداً هو هذا العدد المسجل مضروباً بـ [50] مرة، مع أن العدد الحقيقي أكثر بكثير من [50] مرة، فيكون العدد الكلي هو:
2410 × 50 = 12050
يصنف التجار والشركات إلى خمسة أصناف بغض النظر عن تخصصاتهم العملية والتجارية، وإنما بحسب حجم الأموال التي يتعاملون بها، ويأخذ التصنيف بحسب الكفالة التي يقدمها التاجر أو الشركة إلى غرفة تجارة البصرة.([60])
الأصناف:
الترتيب مبلغ الكفالة بالدينار العراقي
1- الممتاز 1000000000 مليار دينار.
2- الأول 750000000 سبعمائة وخمسون مليون دينار.
3- الثاني 500000000 خمسمائة مليون دينار.
4- الثالث 200000000 مئتا مليون دينار.
5- الرابع بدون كفالة
لنفترض ما يلي:
1- أن مقدار الربح السنوي يعادل [25%] من مبلغ الكفالة، وهذا من خلال دراسة شخصية.
2- أن مقدار ربح الصنف الخامس [100000000] مائة مليون دينار
معدل الربح السنوي للأصناف الخمسة هو:
1000000000 + 750000000 + 500000000 + 200000000 + 100000000 = 2550000000 ملياران وخمسمائة وخمسون مليون دينار.
2550000000 ÷ 5 = 510000000 خمسمائة وعشرة ملايين دينار.
510000000 [المعدل]× 25% [نسبة الربح]= 127500000 مائة وسبعة وعشرون مليون وخمسمائة ألف دينار سنوياً.
127500000 × 12050 = 1536375000000 ترليون وخمسمائة وستة وثلاثون مليار وثلاثمائة وخمسة وسبعون مليون دينار سنوياً.
مقدار المؤونة:
لنفترض أن معدل الاحتياج هو [200000] مائتا ألف دينار يومياً، فيكون احتياجه، أي مؤونته للسنة الواحدة هو:
200000 × 365 = 73000000 ثلاثة وسبعون مليون دينار.
73000000 × 12050 = 879650000000 ثمانمائة وتسعة وسبعون مليار وستمائة وخمسون مليون دينار.
1536375000000 – 879650000000 = 656725000000 ستمائة وستة وخمسون مليار وسبعمائة وخمسة وعشرون مليون دينار، وعليه سيكون الخمس:
656725000000 ÷ 5 = 131345000000 مائة وواحد وثلاثون مليار وثلاثمائة وخمسة وأربعون مليون دينار.
ب- الصيدليات والمعامل:
عدد الصيدليات والمعامل المسجلة لدى غرفة تجارة البصرة هو [63] صيدلية و[1] معمل واحد، ولنفترض أن ما جرى على التجار والشركات من العدد والربح يجري هنا.
العدد: 64 × 50 = 3200 ثلاثة آلاف صيدلية ومعمل.
3200 × 127500000 = 408000000000 أربعمائة وثمانية مليارات دينار.
المؤونة:
لنفترض أن المؤونة هي نفس مؤونة التجار والشركات، أي [200000]
200000 × 365 = 73000000 ثلاثة وسبعون مليون دينار.
73000000 × 3200 = 233600000000 مائتان وثلاثة وثلاثون مليار وستمائة مليون دينار.
408000000000 – 233600000000 = 174400000000 مائة وأربعة وسبعون مليار وأربعمائة مليون دينار، وعليه سيكون الخمس:
174400000000 ÷ 5 = 34880000000 أربعة وثلاثون مليار وثمانمائة وثمانون مليون دينار.
ج – الدلالون:
وعدد الدلالين المسجلين [19] تسعة عشر دلالاً، ولنفترض أن ما جرى على السابق في العدد يجري عليه، وأن مقدار الربح والمؤونة يجري بالربع على سابقه أي: 19 × 50 = 950 دلالاً.
الربح: 51000000 ÷ 4 = 127500000 مائة سبعة وعشرون مليون وخمسمائة ألف دينار سنوياً.
127500000× 950 = 12112500000 اثنا عشر مليار ومائة واثنا عشر وخمسمائة ألف مليون دينار سنوياً.
المؤونة:
لتكن مؤونته ربع مؤونة الصنف السابق، أي [50000] خمسون ألف دينار
50000 × 950 = 47500000 سبعة وأربعون مليون وخمسمائة ألف دينار
12112500000 – 47500000 = 12065000000 اثنا عشر مليار وخمسة وستون مليون دينار سنوياً، وبالقسمة على خمسة يكون:
12065000000 ÷ 5 = 2413000000 ملياران وأربعمائة وثلاثة عشر مليون دينار.
د- المطاعم:
عدد المطاعم المسجلة [5] خمسة مطاعم، ويجري العدد في هذا الصنف كما جرى في السابق، ولكن الربح يجري في الربع والمؤونة تجري بالنصف.
5 × 50 = 250 مطعماً
الربح بالربع: 51000000 ÷ 4 = 127500000 مائة سبعة وعشرون مليون وخمسمائة ألف دينار سنوياً.
127500000 × 250 = 31875000000 واحد وثلاثون مليار وثمانمائة وخمسة وسبعون ألف دينار، وبالقسمة على خمسة يكون مقدار الخمس:
31875000000 ÷ 5 = 6375000000 ستة مليارات وثلاثمائة وخمسة وسبعون مليون دينار.
هـ – شبكات الهاتف النقال:
لنفترض أن أرباح شركات الهاتف النقال هي خمس مرات قدر أرباح التجار والشركات من الدرجة الممتازة، ولما كانت أرباح التجار والشركات هي ربع مقدار الكفالة، أي [250000000] مائتان وخمسون مليون دينار فيكون ربح شركات الهاتف النقال هي: 250000000 × 5 = 1250000000 مليار ومائتان وخمسون مليون دينار سنوياً.
فإذا كان عدد شركات الهاتف النقال هي [4] أربع شركات فيكون الربح السنوي:
1250000000 × 4 = 5000000000 خمسة مليارات دينارا سنوياً.
المؤونة: لنفترض ما يلي:
1- أن كل شركة تضم [50] خمسين موظفاً بمعدل راتب شهري [750000] سبعمائة وخمسون ألف دينار، فيكون المبلغ:
50 × 750000 = 37500000 سبعة وثلاثون مليون وخمسمائة ألف دينار.
37500000 × 4 = 150000000 مائة وخمسون مليون دينار.
150000000 × 12 = 1800000000 مليار وثمانمائة مليون دينار
2- تحتاج إلى [60000000] ستون مليون دينار سنوياً للصيانة
60000000 × 4 = 240000000 مائتان وأربعون مليون دينار
1800000000+ 240000000 = 2040000000 ملياران وأربعون مليون دينار.
5000000000 – 2040000000= 2960000000 ملياران وتسعمائة وستون مليون دينار، وبالقسمة على خمسة يكون الخمس:
2960000000 ÷ 5 = 592000000 خمسمائة واثنان وتسعون مليون دينار.
2- خمس الزراعات: نظراً لعدم توفر المعلومات فأترك هذا الصنف من الأخماس.
3- خمس الحيوان: كذلك غير محد العدد والنوع.
ثانياً: المنافذ الحدودية:
في تقرير على موقع (ZAGROS) لمقدار الأموال التي جنتها الموانئ العراقية في محافظة البصرة بحدود [95000000000] خمسة وتسعون مليار دينار عراقي لشهري آيار وحزيران ([61])، وعليه يكون معدل مقدار العائدات للشهر الواحد هو:
95000000000 × 6 = 570000000000 خمسمائة وسبعون مليار دينار، ولنفترض أن احتياج المنافذ الحدودية إلى نصف هذا المبلغ لأغراض الراتب والصيانة فيكون: 570000000000 ÷ 2 = 285000000000 مائتان وخمسة وثمانون مليار دينار، وبالقسمة على خمسة : 285000000000 ÷ 5 = 57000000000 سبعة وخمسون مليار دينار.
المجموع الكلي للثروات غير الطبيعية: 232013000000 مائتان واثنان وثلاثون مليار وثلاثة عشر مليون دينار سنوياً، وبالقسمة على 12 يكون المبلغ:
19334416666 تسعة عشر مليار وثلاثمائة وأربعة وثلاثون مليون وأربعمائة وستة عشر ألف وستمائة وستة وستون دينار شهرياً، وبالقسمة على [1600000] كراتب شهري يكون: 12084 رب أسرة، أي: 12084×4= 48336 ثمانية وأربعون ألف وثلاثمائة وستة وثلاثون مواطن بصري، عدد المستفيدين.
الخاتمة:
إن الإنسان في ظل النظام الاقتصادي الإسلامي يعيش كأي فرد من أفراد المجتمع، إلا القليل ممن ورث من أهله ميراثاً كبيراً، وإلا فإن الإسلام لا يريد أن يكدس الثروة بأيدي بعض الناس حتى يصبحون من أصحاب المليارات، فيصبحوا كما في بريطانيا ضمن طبقة اللوردات، كما قال تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ. ([62]).
إن المجتمع الإسلامي ينظر للناس على أنهم في طبقة واحدة، ولا يفرقهم إلا التقوى، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. ([63])، وأنهم من رحم واحد وأب واحد، فقد ورد عن النبي الأكرم (ص): أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى ([64])، ولهذا يسعى الإسلام لإلغاء الطبقات برغبة إنسانية لا إلزام عليهم، لأن أصل العبادة اختيارية مع أنها واجب عليهم، قال تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ([65])، فالتفاوت والاختلاف في العبادة يستوجب الاختلاف في الأداء على كافة المستويات، فيكون هذا فقير وذاك غني بحسب اجتهاده في العمل.
1- أنا أميل إلى أن وصف الإنسان بالمفكر لا يكون إلا للمعصوم (ع) فقط، أما غيره فهو متفكر وليس مفكراً، وهذا ما بينته في كتابي الفكر حقيقته وحدوده ومجاله.
2- مفردات ألفاظ القرآن / الراغب الأصفهاني ص641
3- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص715
1- القاموس المحيط / الفيروزآبادي، باب النون فصل الضاد، ص 1305
2- موقع الجزيرة / محمد المنشاوي واشنطن 1/11/2019
1- الكتاب المقدس / العهد الجديد – إنجيل لوقا 12: 13،14، المزامير المزمور 41: 1 على التوالي. راجع العدد 32: 32- 47 كلها تذكر مقدار الزكاة، بل قبلها يذكر مقدار غنائم الحرب ويقسمها بين الرب والناس.
2- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 275
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 276
2- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 287- 288
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 292
2- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 283
[13] -USA NEWS 24 Mamdouh Mohamed 9 – 8 – 2021
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 229
1- الكافي / الشيخ الكليني ج1 كتاب فضل العلم باب الرد إلى الكتاب والسنة وأنه ليس شيء من الحلال والحرام …ح2
1- الدستور العراقي الصادر عام 2005 الباب الثاني: الحقوق والحريات، الفرع الثاني: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المادة: 30 أولاً وثانياً.
2- الكافي / الشيخ الكليني ج2 كتاب العشرة باب حق الجوار ح14
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 697
2- الإسلام يقود الحياة – المدرسة القرآنية – رسالتنا / محمد باقر الصدر (رض) ص86
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 435
2- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 698
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 698
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص701
2- وسائل الشيعة / الحر العاملي ج13 باب 9 أنه يجب على الإمام قضاء الدين عن المؤمن من أبواب الدين والقرض ح5 ، وكذلك ج6 باب 1 من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ح4، وكذلك الكافي/ الشيخ الكليني ج5 كتاب المعيشة باب 51 الدين ح3
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص460
2- وسائل الشيعة/ الحر العاملي باب 1 من أبواب الأنفال ح19
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر (رض) ص458
2- المنجد في اللغة / لوئيس معلوف ص899 ، وتكتب (شيئان كذلك)
3- اقتصانا / السيد محمد باقر الصدر ص 708
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 275
2- موقع أكاديمية DW made for minds على الشبكة العنكبوتية – 26.10.2017. ر.ض/ع.ج.م (د ب أ(
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 277
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص245
3- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر (رض) ص 706
1- بحار الأنوار/ العلامة المجلسي ج58 باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما ، الحديث ٥١
2- بحار الأنوار/ العلامة المجلسي ج74 باب مواعظ أمير المؤمنين عليه السلام وحِكَمه موعظة 10
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص706 – 707
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 708
3- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 709
4- الكافي ١ / الشيخ الكليني ج1 كتاب الحجة باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده ح4
1- وسائل الشيعة/ الحر العاملي ج6 باب ٨ أن حد الفقر الذي يجوز معه أخذ الزكاة، من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث ٤ .
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص711
2- وسائل الشيعة / الحر العاملي ج11 كتاب الجهاد باب55 تحريم الحسد ووجوب اجتنابه دون الغبطة ح4
3- الخصال / الشيخ الصدوق ج1 باب الثلاثة ح 249
4- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر (رض) ص712، وما تأتي من الروايات كذلك في نفس الصفحة والصفحة التي تليها.
5- وسائل الشيعة/ الحر العاملي ج6 باب 24 من أبواب المستحقّين للزكاة ح ٧
6- وسائل الشيعة/ الحر العاملي ج6 باب ١١ من أبواب المستحقّين للزكاةح1
1- نفهم من أحد نصوص السيد (رض) ورد في الصفحة 4 من هذا البحث في معنى الفقر ،أن كل عائلة يجب على الدولة أن توفر لها بيتاً يليق بها سواء كان تمليكاً أو سكناً من غير دفع إيجار للدولة.
2- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص715
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص 565
2- تنبيه الأمة وتنزيه الملة / الشيخ محمد حسين النائيني ص 47
1- تقرير من أحد المسؤولين في مديرية زراعة البصرة.
1- شرائع الإسلام / العلامة الحلي القسم الرابع كتاب إحياء الموات الطرف الرابع
1- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر ص500
1- منهاج الصالحين / السيد الخوئي كتاب الخمس. بتصرف
1- تقرير من السيد مدير الدراسات والخدمات التجارية / غرفة تجارة البصرة.
1- موقع ZAGROS تصريح المدير العام فرحان الساعدي 3/7/2021
3- تحف العقول عن آل الرسول / لابن شعبة الحراني خطبة النبي (ص) في حجة البلاغ (الوداع) ص34 .
المصادر
- القرآن الكريم
- اقتصادنا / السيد محمد باقر الصدر – دار الكتاب الإسلامي – قم – الطبعة الرابعة 2008م 1429هـ
- الإسلام يقود الحياة / السيد محمد باقر الصدر – مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر – قم – الطبعة الثانية 1424هـ.ق
- بحار الأنوار / العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي – مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت – الطبعة الأولى – 2008م 1429هـ
- تحف العقول عن آل الرسول / أبو محمد الحسن بن الحراني – مؤسسة انتشارات – قم – الطبعة الثانية – 1374 هـ . ش
- تنبيه الأمة وتنزيه الملة / الفقيه الأكبر المحقق الشيخ محمد حسين الغروي النائيني – النجف الأشرف – 1327هـ 1909م
- الخصال/ الشيخ أبو جعفر محمد بن علي الصدوق – دار المرتضى للثقافة والنشر – بيروت – الطبعة الأولى – 2008م 1429هـ
- الدستور العراقي – 2005 م
- شرائع الإسلام / المحقق أبو القاسم نجم الدين الحلي – انتشارات استقلال – الطبعة السابعة – 1384 هـ.ش
- التفسير التطبيقي للكتاب المقدس- سفر أشعياء –– القاهرة – مصر – الطبعة الأولى 1997م
- الفكر حقيقته وحدوده ومجاله/ الباحث – دار المحجة البيضاء – بيروت – الطبعة الأولى 2016م 1437هـ
- القاموس المحيط / مجدالدين محمد الفيروزآبادي – دار الكتاب العربي – بيروت – 2010م 1431هـ
- الكافي/ الشيخ محمد يعقوب الكليني – دار الكتب الإسلامية – طهران – الطبعة السادسة – 1375 هـ.ش
- مفردات ألفاظ القرآن/ الراغب الأصفهاني – انتشارات ذوي القربى – قم – الطبعة الرابعة – 1425هـ 1383هـ.ش
- المنجد/ لوئيس معلوف – انتشارات ذوي القربى – الطبعة الرابعة – 1423هـ
- منهاج الصالحين/ السيد الخوئي – مطبعة العمال المركزية – الطبعة السادسة والعشرون – بغداد 1410هـ
- موقع الجزيرة محمد المنشاوي 1/11/2019
- موقع DW made for minds 26.10.2017. ر.ض/ع.ج.م (د ب أ)
- موقع ZAGROS تصريح المدير العام فرحان الساعدي 3/7/2021
- وسائل الشيعة/ الحر محمد بن الحسن العاملي – مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت – الطبعة الأولى – 2007م 1427هـ
- USA NEWS 24 Mamdouh Mohamed 9 – 8 – 2021
