المجتمع العراقي بين الانتماء الإسلامي وتطلعات النظام الرأسمالي
العنوان: المجتمع العراقي بين الانتماء الإسلامي وتطلعات النظام الرأسمالي
الكاتب/الكتّاب:
سحر صادق عبد الحسين -
-
-
-
الملخّص
الكلمات المفتاحية:
Abstract:
Keywords:
البحث الكامل
مقدمة
اعطى محمد باقر الصدر في معظم كتاباته للمجتمع أهمية كبرى على أساس انه يمثل القاعدة التي تمتلك القدرة على توجيه التاريخ نحو تحقيق الأهداف، بحكم العلاقات والاواصر الاجتماعية باختلافاتها الفكرية والعقائدية, و بحكم ما يؤمن به مجموعة من الافراد المكونين لبيئة اجتماعية معينة.
لم يقتصر مفهوم المجتمع عند محمد باقر الصدر على تناوله بطريفة مجردة بتأثير التاريخ , واحداثه , والأخلاقية التي كانت تحرك الساحة التاريخية عبر الأجيال وعلاقاتهم مع بعضهم فقط, وانما تعمق في الانسان بمحتواه الخارجي والداخلي , والتاريخ وقدمه, ومنابع القيم والأخلاق وبداياتها, جعل منهم سلسلة متصلة ومترابطة ذات ارتباط اقدم من الانسان ,تفسر الوجود , محاولا عن طريق هذا الفهم اظهار حركة الانسان ومسؤوليته , ودوره المحوري في تحديد نوعية الحركة والقيمة الناتجة عنها في المجتمع, وفقا للهدف المراد الوصول اليه , مدلا على العقل الأول الذي ابرز العدل و القانون والعلم , واي مرتبة تم وضع هذا العقل الأول الموجد لهذه الأسس في المساحة التاريخية , ومن خلال ما تمخض من نتائج , يتم تحديد نوع ومستوى الوعي الذي ستتصف به تلك البيئة الاجتماعية بقياديها , بأفرادها , وماهية هدفها .
يقف الصدر عند وعي الانسان بواقع مشكلته الاجتماعية , ويقول من ان الانسان اصبح على درجة عالية من الوعي من انه سبب المشكلة , وهذا الاضطراب ناتج عنه , وعن اختياره لطبيعة النظام الاجتماعي او العقيدة الاجتماعية التي يعتنقها, وما يتمخض عن هذا النظام و العقيدة من قيم ومفاهيم تفسر الكون وتخلق علاقات , يعتمدها في إدارة شؤون حياته المختلفة , وما هي المنظومة الفكرية التي ستغذي رغبات هذا الانسان ,لكنه بنفس الوقت ركز على قدرة وعي هذا الانسان في التمييز بين القوانيين الطبيعية , والقوانيين الاجتماعية, ومرونة كل واحد من هذين الجانبين على تحريك العامل الذاتي , واي منهما يكون فيه اندفاع الانسان اقدر على خوض التجربة واي منها يقف مدفوعا بحب الانا والذات , وهنا طرح محمد باقر الصدر قضية مصالح الانسان, وما اسماه بالذاتية في توجيه الحركة للوصول الى الهدف , وموقف ووظيفة الدين من هذه الحركة , واعتبر الصدر هناك مصالح طبيعية ومصالح اجتماعية للإنسان مستندا على قدرة وإرادة الانسان والدافع الكامن وراء تحقيق أي منهما , ليصل الصدر من خلال تحليله لهذين النوعين من المصالح , من ان المصالح الطبيعية تلتقي مع العامل الذاتي لكل فرد , وان المشكلة تكمن في المصالح الاجتماعية التي لا تتفق مع الدافع الذاتي لتناقضاتها مع المصلحة الخاصة. فأي ضابط يعتمده الفرد لأجل تصحيح مسار الدافع الذاتي؟
تنوعت الحلول من وجهة نظر محمد باقر الصدر التي حاولت عن طريقها البشرية إيجاد النظام الاجتماعي الأفضل , فتارة بالعلم , وأخرى بالدين , ووظيفته في النظام الاجتماعي مشيرا الى ان كل واحد من هذه الحلول له شوطا سوف يقطعه ويصل اليه وفقا لوظيفته التي تميزه وفقا للنتائج, باستثناء الدين الذي اعتبره مطلبا وحاجة ضرورية في كل الميادين المختلفة العلمية والسياسية.
طرح محمد باقر الصدر الدين تارة على انه سنة وناموس من سنن التاريخ، وتارة أخرى يطرحه على انه فطرة في الانسان وتارة يقدمه على انه نظام تشريعي يتلاحم مع الواقع , وبقضاياه , وبإطاره الاوسع اعتبره الصدر عامل مغذي للنظام الاجتماعي يريد به نحو الكمال والعدالة الاجتماعية , لان الدين إسلاميا ينبثق عن مثل متعالي فوق التاريخ [ويملك الحل الذي يتوقف على التوفيق بين الدوافع الذاتية والمصالح الاجتماعية العامة وهذا التوفيق هو الذي يستطيع ان يقدمه الدين للإنسانية .]. في العصر الحديث، تبقى إشكالية الكيان المعرفي عن الوجود والكون حاضرة، وما هي الدوافع المحركة لهذا الكيان؟ وما هي قيمه هذا الدافع؟ لان هذه القيمة ستميز هذا الكيان من خلال ما يبثه من قيم ومفاهيم تنسلخ عنه وتؤطر وجوده، فيحاول تطبيقها، فنراه ينتج الفلسفة والفكرة التي يراد الوصول اليها على اعتبار انها غاية نهائية، ومطلب ملح؟
سيتم طرح خلال البحث الإشكاليات التالية:-
- اين يكمن ترتيب النظام الاجتماعي في استراتيجيات الدول؟ المستوى الهلامي, يتضح من خلال قدرة الدولة على مواجهة عقيدة الطبقة الحاكمة ومتطلبات البنك الدولي عديدة , الذي يوجه حزمة من المطالب , يعتبرها اصلاحات لتفعيل جهاز الدولة المعرض للانهيار, الذي يقتصر دوره على ديمومة النظام الاجتماعي القائم رغم فشله, وتامين مرتبات الموظفين العاملين في هذا الجهاز.
- هل يوجد نظام اجتماعي تم التنظير له في العراق بعد 2003 يستند عليه، بعد انهيار منظومة حزب البعث الاشتراكية الدكتاتورية، وإذا كان الجواب بنعم، فما هي الكيفية التي تم جذب العراق اليها، وتبنى المفاهيم القادمة، وما هي العوامل المساعدة التي أدت الى ان يتمايز هذا النظام الجديد في هذه الساحة، هذا ان وجد؟
- لماذا لم تستطع الدولة العراقية من ان تؤسس لنظام اجتماعي على الرغم من الموارد البشرية والطبيعية والدينية الضخمة التي يتمتع بها؟
- يعتبر محمد باقر الصدر من المفكرين والفلاسفة المنظرين القلائل في العالم، الذي كون رؤية متكاملة للكون وعن الوجود، بمنظور إسلامي، وساهم من خلال تحليله لنظرائه من الفلاسفة في العالم من الخروج معهم بخطوات تصحيحية لنظرياتهم، كما يعتبر من المنظرين القلائل في العالم الإسلامي والعربي في التنظير لنظام اجتماعي إسلامي بكل تفرعاته السياسية والاقتصادية والمجتمعية، طبقت بعضا منها في إيران، الا انها لا يفسح لها المجال في العراق؟ فما هي الأسباب؟ اين النظام الاجتماعي العراقي؟
يعتبر العراق دولة محورية في غرب اسيا والعالم العربي، فماهي ضغوط العامل الدولي، وما هي قضاياه واولوياته , وكيف تعاطت الحكومات المتعاقبة مع هذه القضايا والاوليات . على الرغم من كل مراحل الجمود في التنظير الفكري لنهوض الامة العربية وحدويا او اجتماعيا , و غياب التخطيط في ايجاد نظام اجتماعي حضاري , يحد من حركة المفكرين والمثقفين القلقة , اللذين بشرو تارة بالرأسمالية وتارة بالاشتراكية والتغريب وانساق الحداثة, الا ان قضايا الامة الراسخة في الوجدان العربي والإسلامي ساهمت في بروز العامل الحضاري , من ثوابتها تميزها بمنهج مقاوم يناسب المرحلة , يحمل ابعاد قيمية تنظيمية واخلاقية , ضد نسق قيام جهاز دولة يعمل نظامها الداخلي ومؤسساتها وفق رؤية أحادية , وتظهر بمظهر التابع ككيان سياسي يتحمل الصدمات التي يعاني منها هذا القطب الأحادي .
الأطر العامة التي تحرك من خلالها الصدر:[1]
- تميز الوجود الإنساني على الأرض من انه احيط بكم هائل من الكتب السماوية والانبياء والرسل والأولياء , وما هو الهدف من بعث الله سبحانه وتعالى لهم , ولماذا؟ , وما هي المسؤولية التي انيطت بهم الملقاة على الأنبياء والانسان بشكل عام . اعتبر الصدر ان الأنبياء يمثلون الواصلة بين الله سبحانه وتعالى وبين الانسان , اطلق على هذا الخط بعالم الشهادة , تمييزا له عن دور [الانسان الخليفة ] على الأرض حيث يشير عالم الشهادة الى حقيقة الوجود بانه يدور حول محور واحد [الله سبحانه وتعالى] المالك الحقيقي للأرض، اودعها كأمانة للانسان , وخط الاتصال مع الله الأنبياء والرسل والربانيون ,كمطبقين للشريعة وما احتوته من أوامر ونواهي وقوانيين وواجبات لتساعد الانسان لخلق مجتمع ذو عدالة اجتماعية ينعم افراده بالمساواة وفق دستور ألهى ينظم الوجود ,والخلق , عن طريق النبوة والوحي: بسم الله الرحمن الرحيم
[قل امنا بالله وما انزل علينا وما انزل على إبراهيم وإسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون] [2]
اما مبدأ الخلافة العامة الذي نادى به الإسلام يؤمن بان الله تعالى هو المالك الحقيقي الوحيد للكون، ولكل ما فيه من ثروات، وانه قد استخلف الانسان على ما يملك، الكائن الأرضي المتميز بالإحساس بالمسؤولية.[3]
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء[4]
يرى الصدر ان ذلك ليس استخلافا لشخص ادم، بل للجنس البشري كله، لان من يفسد في الأرض ويسفك الدماء وفقا لمخاوف الملائكة ليس ادم بالذات، بل الادمية والإنسانية على امتدادها التاريخي. ويرى ان عملية الاستخلاف على الأرض تعني استخلاف الانسان على كل ما للمستخلف سبحانه وتعالى من أشياء تعود اليه على وجه الأرض ومن هنا كانت الخلافة في القران أساسا للحكم.[5]
يقول محمد باقر الصدر في المدرسة القرآنية [ القران لم يطرح نفسه بديلا عن قدرة الانسان الخلاقة , عن ماهيته وقابليته في مقام الكدح , الكدح في كل ميادين الحياة بما في ذلك ميدان المعرفة والتجربة …. وانما طرح نفسه طاقة روحية موجهه للإنسان ومفجرة لطاقاته , محركة له في المسار الصحيح] [6] فالإسلام بالنسبة الى محمد باقر الصدر يوكد على ذات الانسان كقوة داخلية تعبر عن نفسها في المجتمع وفي التاريخ , وهذا التعبير ليس تعبيرا اليا احادي الجانب , وانما هو نتيجة لعلاقة ثنائية متبادلة بين الانسان والواقع , أي ارتباط الخلافة بالواقع والتجربة , لان انضواء الانسان تحت فلسفة الايمان تجعله مفكرا يدفع العقل الكشف عن السنن المتحكمة بالطبيعة والمجتمع. [7]
تميز الانسان عن باقي المخلوقات من حيث القدرات العقلية والحسية والتجريبية , محاط بعالم من المعرفة، وعالم من القوانيين الإلهية السابقة لوجوده،[ وتلك الأيام نداولها بين الناس ] , مكون من طبيعة مادية ملموسة وطبيعة غير مادية [ كالعلاقة بين اللسان المادي, واللغة والصوت الغير مادي] , فقد أشار محمد الحسيني الشيرازي في كتابه الفقه العقائد ان الانسان كسائر الموجودات شيء قائم بالغير :[ فالإنسان في كل آن محتاج في شيئيته و بقائه اليه تعالى , لا مثل احتياج الكهرباء للماكنة فان ذلك بغير اختيار وانما الاحتياج بالاختيار , فان الانسان بعد وجوده وتكونه وخصوصياته الجسدية من ذكر او انثى وبلادة وذكاء وما اشبه ذلك , فاقد بذاته لجميع الكمالات من الحياة والشعور والفهم والعقل والقدرة والقوة وما اشبه ذلك , فالإنسان محتاج في وجدانه لها وفي بقائه له في كل ان اليه سبحانه وتعالى][8] وكما ان الانسان يتحرك بمجموعة من الآلات والأسباب القلبية والبدنية , فأنها بأجمعها في وجودها وتهيؤها بحاجة الى الله سبحانه وتعالى. [9] بالمقابل مع بروز الإمكانات المتفاوتة واتساع افاق النظر وتنوع التطلعات وتعقد الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية، ونمو أنماط عديدة لنظريات المعرفة , أدى الى نشوء الاختلاف وبدأ التناقض بين القوي والضعيف وفقا للأنساق الثقافية المنبثقة عنها , اصبحت الحياة الاجتماعية بحاجة الى موازين تحدد الحق وتجسد العدل وتضمن استمرار وحدة الناس في اطار سليم][10]
يشير الله سبحانه وتعالى في القران الكريم [ كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا اللذين اوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله اللذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق بأذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ].[11]
من خلال النص القرآني أعلاه، يشير الى وحدة المجموعة البشرية، وعالمية الاطار الاجتماعي المشار، بدايات رفض الدين والحق المنبثق عنه فكان من نتيجته الانقسام الذي حل بالبشرية، وظهور الطبقية بين الغني والفقير ومن اقدر على اثبات انه صاحب الحق بعيدا عن موازين الرسالات السماوية.
المدرسة الإسلامية تتميز بوضوح منزلة العقل في النصوص القرآنية , ولم تمر بالإرهاصات الفكرية الغربية وما حملته من تفاسير للوجود والكون من جراء رفع الملحدين والطبيعيين والماركسيين الدين من الحياة وجمدوا رسالات السماء، فاضطربت مدارسه وتأرجحت بين العقل والتجربة والجدل والشك والمادية المفرطة, مدارس متعددة تساهم في زيادة منسوب الشك في المجتمعات وفي طريقة تفكير الفرد.[12] يقول الصدر :[ان رسالة السماء فوق مقاييس النصر والهزيمة بالمعنى المادي والفهم الذي يحمله الانسان ، لان رسالة السماء لا تهزم ولن تهزم، لكن الذي يهزم هو الانسان لتحكم سنن التاريخ فيه].
فلسفات تجعل مصدر الحركة والقانون الوحيد لحركة التاريخ في يد فئة او قوة معينة , عند تطبيق هذا البعد على العراق بعد 2003 , نلاحظ ان عوامل الثورة في البيئة الاجتماعية لم تكن متوفرة , بقدر ما ان حركة النظام الرأسمالي في المجتمع العراقي وتشكيل مجلس الحكم اريد له ان يكون مكان طبقة البروليتاريا في المجتمع الماركسي , بطبقة مجلس الحكم ,منهج اريد له تفعيل عوامل التناقض الدائم من خلال افرازه لطبقات حكم متعددة ومتناقضة لتصل الى ما يعرف باضمحلال الدولة, والعراق مهدد باستمرار من قبل مراكز هندسة سياسات النظام الرأسمالي بالاضمحلال او التقسيم … لنستخلص من هذه التجربة , تطلع الولايات المتحدة والقيمة الأخلاقية لحركتها في العراق , لم تجد الروح الثورية في المجتمع العراقي لضحالة القيمة الأخلاقية الموجهة لها لما افرزته من نتائج تدمير للمجتمع والبيئة الاجتماعية والحضارية العراقية , وان الولايات المتحدة تدور ثوريا حول قيمتها الأخلاقية في الساحة العراقية مؤطر بالمرحلية بينما العراق يتجدد وينصهر في عالمية المفاهيم التي حملها الامام الحسين وكلماته الحية والحرة عبر التاريخ في العاشر من محرم الحرام قائلا [ومثلي لا يبايع مثلك].
– هل المجتمعات الإسلامية، و تحديدا العراق تمتلك نفس المميزات والقواعد الاجتماعية لبناء مجتمعات رأسمالية، او اشتراكية , او ماركسية شيوعيه … والى ما هنالك من طروحات , ام ان هناك منهجا جاهزا تتوفر فيه عوامل الانتماء بين الأرض بثرواتها والانسان بميوله والعدالة وفق النص القرآني ؟ هل يعتبر ما وصل اليه النظام الرأسمالي نتيجة حتمية أي بمعنى انه وفق الأدوات التي يتحرك بها في كل جوانبه الاجتماعية سواء منها السياسي ام الاقتصادي وما يحمله من تداعيات على المجتمع هي نتائج سيصل لها حتما؟
- الأرض تابعة لنظام دقيق بعيد عن احاطة عقل الانسان به , تعددت نظريات المعرفة في موقفها من الوجود الإنساني , والكيفية التي تم فيه إيجاد الحاجات المادية والقوانين المتحكمة بعالم الطبيعة , وعالم ما وراء الطبيعة , ووضعها اطار حددت فيه قيمة الأرض , ومن هو المالك , واسست بناء معرفي استلهم منه البناء القانوني , يفسر الملكية, فاختلفت الطروحات المذهبية في موقفها من الملكية الاجتماعية للأرض وثرواتها.[13]
يعرف محمد باقر الصدر الخلافة على الأرض ’’ على انها رؤية حضارية متكاملة الابعاد، تتداخل فيها الجوانب الروحية مع الجوانب الاقتصادية والسياسية ’’ , إطار نظري وقيمي لفكر اجتماعي وسياسي , يولي الأهمية للإنسان في عملية التغيير , على العكس من الأنظمة الأخرى الرأسمالية التي تنتج انسانا ماديا او الاشتراكية التي تنتج انسانا ذائب في المجتمع .[14]
– ما هو الهدف المرسوم لخلافة الانسان على الأرض وفي أي اتجاه يجب ان تسير هذه الخلافة ومتى تستوفي غرضها؟
[ولا بد من الإشارة الى الفارق بين الامام والخليفة، في ان الامامة تلك القيادة التي تندمج مع دور النبوة , فهي حق اصلي اما الخليفة فسلطة اكتسابيه واقعية , يتمتع الخليفة الذي ينوب عن رسول الله بسلطة مطلقة في أمور الدنيا ومقيدة في أمور الدين اما الامام فسلطته مطلقة في الدين والدنيا, والامام هو خليفة الله والرسول في ان معا وهي ليست اختيارا من الناس وانما هي من الله]. [15]
قارن الصدر بين عناصر المجتمع الثلاثية في النظرية الغربية ، القائمة على الطبيعة ,والانسان , والعلاقة الاجتماعية فيما بينهما. ونظرية عناصر المجتمع الرباعية ، ليفسر العلاقة الاجتماعية في ضبط تركيبة الانسان، الذي يحوي تناقضا نتاجا عن طبيعة تركيبته ومحتواه الداخلي, وكيف يضبط سلوكه واخلاقياته ورغباته.[16] يقول الصدر في المدرسة القرآنية [ فما هو الضابط لهذه النفس البشرية؟ فاذا كانت المذاهب الاجتماعية تتخذ مقياس العدالة ، فما هو المقياس الذي وضعوه لحساب ميزان العدالة لديهم ,واذا تم استيعاب التناقض الداخلي من خلال عملية الاحتواء لبؤر التناقض, فسيتم تصديره تجاه الدول والمجتمعات الأخرى].[17] اعتبر الصدر عناصر المجتمع الرباعية , كبديل عن الثلاثية , قادرة على إيجاد الحلول للعديد من المشاكل الاجتماعية. [18]
استخلص الصدر العديد من المفاهيم ,كانتماء الجماعة البشرية الى محور واحد وهو الله تعالى السيد والمالك للكون وما فيه ورفض كل سيادة لغيره. واقامه العلاقات الاجتماعية على أساس العبودية له , وتجسد روح الاخوة في كل العلاقات الاجتماعية ,والناس متساوون بالنسبة اليه ولا تفاضل بينهم الا على أساس العمل الصالح. وعلى الانسان ان ينهض بأعباء الأمانة والقيام بالمسؤولية لممارسة دور الخلافة. [19]
- منبع القيم باختلاف تفرعاتها الإنسانية و الأخلاقية،[20] يعتبر موضوع منابع القيم باختلافاتها من القضايا المهمة في التاريخ الإنساني , ,تفاوتت مواقف نظريات المعرفة في الكيفية التي ظهرت عليه هذه القيم والمفاهيم نظرية المعرفة إسلاميا , ركزت بعضا منها على أسماء الله الحسنى , وما ينبثق عن كل اسم من أسماء الله من اشتقاقات قيمية ومفاهيمية له ما يشبهه في سلوك الانسان , يعتبر القران الكريم المصدر الرئيسي لبيان منظومة القيم والمفاهيم في الدين الإسلامي ,[21] يقول الرسول محمد ص[ ما وافق الكتاب الله فخذوه , وما خالف كتاب الله فدعوه][22] القران الكريم ونصوصه ساهمت بشكل لا يقبل الشك في التأسيس لعلاقة الايمان بالأخلاق . ومكانته واضحة يقول الامام علي عليه السلام عن القران الكريم عن انباء الأمم الماضية والأمم التي ستاتي قال الامام :[ في القران نبأ ما قبلكم ,وخبر ما بعدكم , وحكم ما بينكم ] و [ ان الله سبحانه وتعالى لم يعظ احد بمثل هذا القران , فانه حبل الله المتين وسببه الأمين , وفيه ربيع القلب و وينابيع العلم , وما للقلب جلاء غيره] يقول محمد اقبال اللاهوري في كتابه التجديد في التفكير الديني [ان الهدف الرئيس للقران هو ان يوقظ في نفس الانسان وعيا عاليا بما بينه وبين الخالق , وبينه وبين الكون من علاقات متعددة الوشائج]. [23]
ففي كتاب مكارم الاخلاق للطبرسي الذي جمع فيه نبذه عن أحوال الرسول محمد وتواضعه واخلاقه ووصاياه، والاوامر والنواهي، والآداب والسلوك، يقول الرسول ص [انا اديب الله، وعلى اديبي، أمرني ربي بالسخاء والبر ونهاني عن البخل والجفاء، وما شيء أبغض الى الله عز وجل، من البخل، وسوء الخلق، وانه ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل][24]
في كتاب الاربعون حديثا ركز روح الله الخميني على المحتوى الخارجي والمحتوى الداخلي للنفس الإنسانية , و اثر المفاهيم والقيم في نفس الانسان من جهة وما تمارسه نفس هذه المفاهيم من اثر على عملية البناء الاجتماعي التي تدور وفقا لمحتوى الانسان، مستندا على كم هائل من المعارف لمدرسة ال البيت , اللذين فسروا النفس وشرحوا ماهي مقاماتها , يقول روح الله الخميني في الاربعون حديثا [ اعلم ان الانسان اعجوبة وله نشأتان نشأة ظاهرية ملكية دنيوية وهي بدنه , ونشأة باطنية غيبية ملكوتيه , وهي من عالم اخر , ولنفس الانسان مقامات ودرجات قسموها الى عدة اقسام ولكل من هذه المقامات والدرجات جنود رحمانية وعقلانية تجذب الانسان نحو الملكوت الأعلى , وجنود شيطانية وجهلانية تجذب النفس نحو الملكوت السفلي وتدعوها للشقاء ودائما هناك جدال ونزاع بين هذين المعسكرين ,والانسان هو ساحة حربهما] [25]
اما كتاب الناصح , للشيخ محمد تقي بهجة , فهو من الكتب ذات الخصوصية العالية لأنها القت الضوء على مدرسة العرفان , وعلى القدرات والقابليات التي يستطيع ان يتمتع بها السالك لطريق الله , اذا استطاع من تنقيه نفسه وتساميها من اثار الدنيا وضغط حب الذات , والتزام الانسان- نفس الانسان – بالدعاء وبكلمات الله في الميدان الاجتماعي , بحيث يصبح من يقود النفس, القدرات العقلية التي تتحكم بالانفعالات والرغبات , فتتسامى وتتعالى الاخلاق , فيحسن الأثر الاجتماعي في توجيه المسيرة الاجتماعية في الساحة التاريخية. [26]
اما كتاب جامع السعادات لمحمد مهدي النراقي , يتخذ من كيف يولد الانسان ومنذ ساعاته الأولى من خروجه لعالم الدنيا كورقة خالية من الملكات , قيمته السلوكية الوحيدة هي الرضاعة , ولما تدرج في المراحل العمرية يكتسب الصفات والأخلاق من محيطة , يقول النراقي في جامع السعادات :[انه تكرار للأفاعيل والاثار الخاصة , يحدث اثرا في النفس فاذا تكرر واستحكم الأثر وصار ملكة راسخة مثل الحرارة التي تحدث بالفحم, فأنها تكون في بدايتها ضعيفة ومن ثم تشتد وتحمر حتى تصبح صورة نار محرقة لما قارنها , ومضيئة لما قابلها , كذلك هي الأحوال النفسية اذا تضاعفت قوتها صارت ملكات راسخة , فالنفوس أوائل الفطرة كصحائف خالية من النقوش والصور تقبل كل خلق بسهولة واذا استحكمت فيها الاخلاق تعسر قبول اضدادها لذلك سهل تعليم الأطفال وتأديبهم ].[27]
اما محمد عبدالله دراز في كتابه دستور الاخلاق في القران الكريم , اعتمد الأسلوب المباشر في اخراج المفاهيم والقيم من وعلى القران الكريم من خلال ما اسماه من المنهج العام الى الاحكام , الا انه استطاع من خلق ثنائية مجردة بين المفهوم والنص القرآني , حيث يقول انه اعتمد القران الكريم نقطة انطلاق , بحيث يرجع اليه ليستخرج الإجابة على كل مسالة,[28] فعلى سبيل المثال عندما يحدد مفهوم الحكمة , فانه يحاول ان يجمع النصوص القرآنية التي تناولت هذا المفهوم , او مفهوم الاحكام , فيلجأ الى النصوص القرآنية , ليستخرج منها احكاما عدة وقد تكون احكاما سياسية او تشريعية. على الرغم من ان عباس العاملي يرى ان ذهاب عبدالله دراز الى صياغة المفاهيم من القران الكريم بهذه الطريقة التجزيئية، تبقى موضوعا نظريا، ليس له اثر على ارض الواقع , ليس كما ذهب اليه الصدر الذي اعتمد الأسلوب الغير مباشر في اللجوء للنص القرآني , وطرح الأسئلة لاكتشاف المفاهيم التي تساهم في إيجاد حل للقضايا المطروحة على الامة.
من المؤكد لا تستطيع المدراس الفكرية، الغاء حقيقة ان القاعدة الأساسية التي تقوم عليها المنظومة المغذية للقيم الأخلاقية هي المنظومة الفكرية الدينية [الدين]، وما تملكه من قدرات وقابليات معنوية تزود بها الانسان على اكتشاف المفاهيم التي تخزنها عندما تكون المربي الأول للإنسان، اعطي علي شريعتي في النباهة والاستحمار[ان الدين الذي هو فوق العلم , يعتبر الانسان ذاتا ارقى واشرف من جميع المظاهر الطبيعية ] [29]. وذلك لان الانسان مخلوق من روح وهيئة تنتمي لعالم اخر، ومادة أرضية تتمتع بقابلية التعالي والانحطاط يقول الصدر [ان الانسان مجموع نقيضين، حفنة من التراب تجره الى الأرض، وروح الله سبحانه وتعالى التي نفخها فيه، تجره الى اعلى تتسامى بإنسانيته الى صفات واخلاق الله، هذا الانسان واقع في تيار هذا التناقض والجدل بحسب محتواه النفسي وتركيبه الداخلي ].[30]
اما محمد باقر الصدر في كتابه المدرسة القرانية ,
يرى الصدر ان ضرورة خلق التلاحم بين الواقع المعاش , والنص القراني , قادر على تزويدنا بنظرية متكاملة الابعاد , فقدم التفسير الموضوعي , اعتبر الصدر ان القران الكريم هي كلمات الله , وكلمات الله لا تنفذ , بذلك فهو يملك قدرة القيمومة دائما , وقدرته وعطائه متجدده, وصالح لتفسير قضايا الحياة الاجتماعية , من مفسر ذو صرح لغوي محدود , تفسيره اللغوي ينفذ لطاقات محدودة , ولا يجد الانسان طريقة للتجدد اللغوي الا الذهاب الى جانبي الافراط والتفريط , قاعدة الصدر كانت النص القرآني :
بسم الله الرحمن الرحيم
قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل ان تنفذ كلما ربي ولو جئنا بمثله مددا[31]
سيكون دور المفسر الموضوعي التوحيدي هو الانطلاق من واقع الحياة بجوانبها وموضوعاتها العقائدية والكونية، مضافا اليه كم التجارب البشرية عبر التاريخ لاي من هذه المواضيع ووضعها بين يدي القران الكريم , فيطرح المفسر السؤال، فيجد الجواب من القران الكريم، ليستخلص في نهاية الاستنطاق هذه عن اكتشاف موقف القران من الموضوع .
عمليه الالتحام هذه بين الواقع الموضوعي وبين القران الكريم تساعد على الخروج بنظريات مختلفة عامة زاخرة بالسنن والقوانيين والقيم والمفاهيم والاتجاهات جاهزة للتطبيق على ارض الواقع بقوانينها, محكوم بمجموعة من السنن والنواميس التي تتحكم بالمساحة التاريخية, ليصل الصدر الى ان الدين ليس مقولة حضارية مكتسبة يتم التنازل عنها امام العقبات التي تأخذ اشكالا كالعقائد الوضعية , او الإلحاد او الشذوذ الجنسي التي تتحدى الله , وتطرح نفسها على انها قضايا فتبث قيمها في المجتمع, فتظهر سماتها في المحتوى الداخلي للإنسان.[32]
فاذا كان أي تناقض يظهر في الساحة الاجتماعية يترجم على شكل اخلاق وصفات ,فما هو الميزان العادل الذي يوضح وظيفتها, ليكشف قيمتها في من خلال السلوك والمجتمع ؟[33]
من خلال هذه المحاور الثلاث , انتظمت نظريات المعرفة , وضعت كل واحدة منها وليدها كفلسفة تمثلها مؤطر باطار ما تحمله من هدف, وراحت تفسر عن طريقها الوجود , وتضع رؤيتها الكونية , وكيف تجمع عناصر المجتمع وفق أولويات تراها الأنسب لبقاءها لأطول شوط ممكن في الساحة التاريخية , وخلق الكيان الاجتماعي بجهاره الحكومي , فظهرت الدولة بأشكال عدة يقول محمد باقر الصدر في الإسلام يقود الحياة : [ ان المراحل التاريخية التي مرت بها البشرية هي التي كانت وراء نشاءة الدولة وذلك لتفشي الظلم والطغيان وضمان البقاء للأقوى فالمواهب والقابليات تمت من خلال الممارسة الاجتماعية للحياة….].[34]
موقف الصدر من اطار الدولة كضابط منظم لمسيرة المجتمع , يعتبره ضرورة ملحة في الإسلام لتنظيم جوانب الحياة المختلفة , موقفه هذا متاتي من : ان المدرسة الإسلامية غنية بالنصوص القرآنية التي تشير الى محاولات الأنبياء في بناء الدولة وفق ما جاءوا به من دستور ينظم الحياة البشرية بمختلف جوانبها الاجتماعية , مثل داود وسليمان وموسى الى ان تم تحقيق بناء هذه الدولة على يد نبي الإسلام محمد ص في يثرب التي حملت اسم المدينة [35]واعلن فيها اول دستور للإسلام عرف بوثيقة المدينة وفيه تم تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية . [نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء هدى ورحمة وبشرى للمؤمنين] كما ان المفهوم السياسي في الإسلام اعم واشمل من باقي الشرائع فهي غير محصورة في جانب المال والسيطرة، فهي أداة شرعية وضرورية للتغيير, لذلك هناك رابطة بين الدولة , وبين السياسة , والتاريخ , والنبوة. [36]
فوضع نظرية في الحكم مستمدة من موقف الإسلام من المحاور الثلاثة الانفة الذكر لذلك فانه اتخذ موقف وواضح بين عن طريقه رفض الإسلام والشريعة الإسلامية لنظريات الدول والانماط والاشكال التي طرحتها المدارس الفكرية لما عرف باسم [نظرية القوة والتغلب، نظرية التفويض الإلهي للجبارين , نظرية العقد الاجتماعي , نظرية تطور الدولة عن العائلة] نظريات حاولت ان تفسر الاطار الذي يدير المجتمع في مختلف الحقب التاريخية البعض منه استغل مفهوم القوة والتجبر لبسط النفوذ والبعض الاخر استغل الدين , وبعضها ذهب الى التفسير الكلاسيكي من ان المجتمع وتكاثرة الذي يبدأ من العائلة وينتهي بمجتمع متعدد الافراد , وبعض منهم ذهب الى ضرورة عقد اجتماعي فيما بين الحاكمين والمحكومين على ان يتنازل المحكومين عن جزء من حرياتهم لصالح الحاكمين , لما يقومون به من دور ف تنظيم شؤون الدولة وحمايتها. لذلك فان الصدر انطلق في تشكيل الدولة من انها عملية مترابطة بين العالم الحسي وخطي الشهادة والاستخلاف يقع على عاتق هذان الخطان قيادة الدولة الإسلامية, وتصويب مسارها ومنعها من الحياد عنه او الوقوع في فخ الايديولوجيات.يقول عباس امين حرب العاملي في جواهر الفلسفة [قيام محمد باقر الصدر بربط الفكر الاجتماعي السياسي بالأيمان اعطاه بعدا غيبيا أكد فيه على خلافة الانسان المؤهل لقيادة دوره في حركة التاريخ أكثر من أي فكر اخر وبنفس الوقت يدحض كل النظريات التي تفصل الفكر الاجتماعي السياسي عن الايمان بالله, حيث يعتبره فكرا ناقصا وغير مؤهل في قيادته استمرارية حركة التاريخ][37]
يعرف الصدر الدولة, المظهر الأعلى للوحدة السياسية التي توجد بين جماعة من الناس فلا بد ان تكون وحدتها انعكاسا لوحدة عامة قائمة بين الجماعة، فتظهر هذه الوحدة العامة تارة على [38]شكل وحدة عاطفية [39]وأخرى وحدة فكرية[40] والدولة الإسلامية تتميز بانها ذات رسالة فكرية لا تعترف لنفسها بحدود الا حدود ذلك الفكر , وذات رسالة إسلامية كدعوة للإنسانية جمعاء بغض النظر عن القومية والإقليمية , لذلك فهي ضرورة حضارية لأنه المنهج الوحيد القادر على تفجير طاقات الانسان في العالم الاسلامي.[41]
وان ما موجود من اطروحات واراء الفكر الغربي بشأن الدولة : فان الصدر ينطلق من تظافر النصوص التاريخية الاجتماعية التي ترى ان الافراد متفاوتين في آرائهم وطموحاتهم وهذا ما امتاز به العقل البشري بالتالي فالوحدات الاجتماعية او الاسس ما هي الا خليط من عقول متفاوتة, وان ما يوجد من طروحات كالدلولة الديمقراطية واليوتيبية , [تحقيق سعادة الجنس البشري من خلال الرفاهية المادية , انها ليست كل شيء لان السعادة هي محصلة طبيعية للتعبير الحر عن شخصية الانسان وكيانه وكرامته][42] ويجب ان لا يضحي بها تحت وطأة قانون أخلاقي وسياسي او استبدادي. اما بخصوص الحكومة الديمقراطية التي تعد افضل الحكومات العقلانية فقد رد الصدر بان هذا يخالف الديمقراطية وان اعلى تسامي يصل له الدستور في البلاد الديمقراطية من صنع الانسان , وتحكم الأكثرية بالأقلية ,بينما الصدر يرى ان الديمقراطية ابراز دور الشعب وحرياتهم , يقول عباس العاملي في جواهر الفلسفة: [ ان إعادة قراءة الأطر المعرفية التي ترتكز عليها الحضارة الغربية , سيؤدي بدوره الى إعادة النظر في النظام الدولي وعلاقة البلدان المتخلفة مع البلدان الغنية وحسب راي الصدر ان هذه الانتقادات العميقة والجذرية للفكر الغربي لا توجد الا في النموذج الحضاري الإسلامي البديل][43] محدودية المصدر الذي تتوكأ عليه أي فلسفة و يؤدي الى الفشل يعتبر الفكر الإسلامي ان فلسفة هيكل التي توكأ عليها الفكر الغربي غير قادرة على احداث التغيير الاجتماعي , لأنه يعطي النتائج المرجوة من التغيير في التاريخ لان مصدره التاريخ نفسه , أي بمعنى انه يستمد مصدره من الأوضاع التي يراد تغييرها, وليس من مصدر متعالي عليها , مما يؤدي الى إيجاد تناقض داخلي يقول كارل ماركس في راس المال تطور التاريخ الإنساني ما هو الا سلسلة من صراع طبقات ذي صيغة اقتصادية وسياسية] [44] اما مضامين المدرسة الإسلامية فوق التاريخ لأنها تستند الى مرجعية خارج التاريخ, الوحي الإلهي , وان كانت في نضالها اليومي وصراعها الاجتماعي تخضع لسنن التاريخ و لقوانيين الحركة , لكنها تاريخية في حركتها ومسيرتها.[45]
رؤية محمد باقر الصدر للدولة
يرى انه لا يوجد انفصال بين السياسة والمجتمع، فالمسالة السياسية , هي في حقيقتها, متداخلة مع المشكلة الاجتماعية يمحمد فالصدر يقول [نؤمن بان الدولة ظاهرة نبوية وهي تصعيد للعمل النبوي بدأت في مرحلة معينة من حياة البشرية حيث مرت الدولة على يد الأنبياء بتنظيم اجتماعي قائم على العدل والجهاد الذي يستهدف الحفاظ على وحدة البشرية وتطوير نموها في مسارها الصحيح] وما ذهب اليه الفكر الغربي من اناطة الدولة بكل تفاصيلها, بيد الفلاسفة او القوة العاقلة من انه كلام فيه نظر, لانهم بشر من خلق الله تعالى يخطئون ويصيبون ولديهم امال واحلام ورؤى قد تجانب الصواب في بعضها وهذه كتب التاريخ قد بينت الانحراف الفكري لكثير من الفلاسفة. يقول الصدر في الإسلام يقود الحياة [لا بد من قوة الهية مستخلفة على الأرض ( الأنبياء –الائمة –الاحبار ) فهؤلاء خلفاء الله تعالى والسلطة العليا بيده لأنه هو مصدر السلطات جميعا وبالتالي فالخلفاء والانبياء هم الممثلين لتعاليم السماء التي لا يأتيها الباطل ابدا ].[46]
لذلك اعطى صفات للدولة الإسلامية ونظام الحكم فيها فقال في الإسلام نوعان من اشكال الحكم وفق التجربة النبوية والنص القراني , السنة النبوية , وهما : الشكل الإلهي وهو يعني حكم الفرد المعصوم -النبي محمد من خلال نص الهي , والامام المعصوم بتكليف مباشر من النبي محمد -الذي يستمد صلاحياته من الله مباشرة ويمارس الحكم بتعيين ألهى خاص دون دخل لاختيار الناس وآرائهم. وهذا الشكل ثابت في الإسلام بأجماع المسلمين فمن المتفق عليه لدى المسلمين كافة ان حاكمية رسول الله , في قيادته للدولة في المدينة النصوص القرآنيةالدالة عليه :
النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ[47]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم[48]
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا [49]
لكن يختلف المسلمين في تحديد الأشخاص الذين ثبت لهم الحق في ممارسة الحكم بهذا الشكل -الامام المعصوم – وهل ثبت بعده لاحد ام لا؟ فذهب السنة الى انحصار هذا الشكل من الحكم برسول الله محمد فقط، ويذهب الشيعة الى ان هذا الشكل من الحكم ثبت بعد الرسول محمد للائمة الاثنا عشر[50] المنصوص عليهم بصورة خاصة.[51]
الشكل الثاني الحكم الشورى او حكم الامة: فيذهب محمد باقر الصدر الى رؤية ذات خصوصية في اثبات الشورى من خلال عاملين : الأول هل هناك نص من رسول الله في اثبات ضرورة الشورى من عدمها , والثاني عصر غيبة المعصوم والامام المعصوم . في الأولى يعتبر الصدر ان الحكم الشورى تنتفي حاجته في حال وجود نص من الله ورسوله في تعيين الخليفة، وان النص القرآني: [وامرهم شورى بينهم][52] اعتبرها تفيد المدح والثناء وارتضاء طريقة الشورى في حال غياب النص من رسول الله, وان قوله تعالى : وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله[53] تشير الى المشاورة في الامر و لكن افعل ما تراه مناسبا.اما الثانية [عصر الغيبة] يعتبر الصدر ان الشريعة تجوز للامة الشورى في إقامة حكومة تمارس صلاحياتها في تطبيق احكام الشريعة ووضع الأطر المختلفة لها، وفق حدود هذه الشريعة [54], وبما فيه مصلحة الإسلام , ولا يجوز ان تكون الكيفية التي يتم بها قيادة الامة تتعارض مع الاحكام الشرعية فلا يجوز تنصيب الفاسد والفاسق والسارق لما فيه من مخاطر تتعارض واحكام الشريعة. يتضح أعلاه ان الحكم في عصر غيبه الامام الثاني عشر، يكون شورى في ظرف عدم وجود الشكل الإلهي المتقدم، وعدم وجود النص الشرعي على كيفية معينة لممارسة الحكم. [55] فيرجع ولاية الامر والحكم للامة، مشروطة باحترام الحدود الشرعية، وبما لا يتعارض مع الاحكام الشرعية.
اعتمد المسلمون في تأكيدهم على شرعية مبدا الشورى في الحكم على ما قام به الرسول محمد بتشكيل مجلس للشورى من سبعون عضوا وكان يطلق عليهم المهاجرون الأوائل، وكان منهم علي بن ابي طالب، والحمزة بن عبد المطلب وغيرهم من كان يمثل اهل الحل والعقد.[56]
اما إذا لم تكن هذه الشروط موجودة في الامة، لعدم وجود الوعي العام للإسلام، فأنه لا بد ان يقوم العلماء والفقهاء بالدعوة بوصفهم طليعة الامة الواعية لحدود الإسلام ومصلحته الواعية لظروف الامة في مجال استنباط الاحكام الشرعية وفي القضاء الإسلامي، لما يمثله الفقهاء في الامة من دور عملي وواقعي , وهذه حقيقة عقائدية وتاريخية لا يمكن تجاهلها في العمل السياسي.[57]
طرح الصدر الكيفية التي يتم بها قيادة الامة بين ولاية الفقيه قبل قيام الحكومة الإسلامية، و الدمج بين ولاية الفقيه والشورى في حكم الامة, كمناهج لحكم الامة من خلال الآية القرآنية [هو الذي جعلكم خلائف في الأرض] [58] وتوثيق التوقيع المعروف عن الامام الثاني عشر [59] القائل [واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله]. الجزء الأكبر لنظرية الحكم مستوحى من الخطوط العريضة (شهادة الأنبياء, ونظرية الاستخلاف]. تعتبر نظرية ولاية الفقيه من النظريات التي لعبت دورا محوريا في تكوين اطارا إسلامي جديد لنظام من قبل الامام الخميني عندما كان في النجف.[60]
الدمج بين ولاية الفقيه وحكم الشورى في حكم الامة
التطور الاخر الذي ذهب اليه محمد باقر الصدر في مسالة الحكم , ضرورة خلق الالتحام بين خط خلافة الانسان [الامة] , وخط الشهادة ، فصل بين الولاية العامة للفقيه قبل قيام الحكومة الإسلامية، وما بعد قيامها، في الفرض الأول للفقيه الولاية العامة تحتمها الضرورة في حال قصور الامة عن ممارسة الدور، وفي الثاني اعطى للفقيه دوره ومسؤوليته كشهيد مع الاحتفاظ بحق الولاية، كلما دعت الحاجة الى استعمالها، وأعطى للامة حقها ممارسة دور الاستخلاف وممارسة الحكم في حال حررت الامة نفسها , بتطبيق احكام الله .[61]
ومثال على ذلك ما كان يقوم به الولي الفقيه الامام الخميني في اخذ راي الشعب والجماهير واحترامها, وقد تجلى ذلك بشكل واضح في ندائه لضرورة المشاركة الانتخابية من اجل ان تقرر الجماهير بنفسها نوعية الدولة والحكومة التي تريدها وكيفية القيام بسياسة محاربة قمع السلطة الدينية كمحاربته للعلماء السطحيين ووعاظ السلاطين والمتاجرين بالدين وهو الذي جعل تجربة الامام الخميني التطبيق العملي لنظرية الصدر في الدمج بين ولاية الفقيه والشورى.[62]
وقد ابرزت بعض النصوص القرآنية هذه العلاقة: -فما يخص خط الشهادة :- فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيد.[63] اما خط الخلافة : اذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة , قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ,قال اني اعلم ما لا تعلمون.[64] يندمج هذان الخطان في بعض مراحلهما ويتجسدان في محور واحد يمثل الخلافة والشهادة معا كما هو الحال مع ادم ,وبداية البشرية امة واحدة ذات هدف ومصلحة ومسير مبنية على الايمان بالله الواحد ورفض كل ألوان الشرك والطاغوت.[65]
الحكومة الإسلامية ليست مطلقة وانما دستورية، بمعنى ان القائمين بالأمر يتقيدون بمجموعة الشروط والقواعد المبنية في القران والسنة, التي تتمثل في وجوب مراعاة النظام وتطبيق احكام الإسلام وقوانينه , لانها حكومة القانون الإلهي .[66] يقول روح الله الخميني في الحكومة الإسلامية [ذلك لان الشرع والعقل يفرضان علينا الا نترك الحكومات وشانها والدلائل على ذلك واضحة فان تمادي هذه الحكومات في غيها يعني تعطيل نظام الإسلام واحكامه وخاصة بعد ان تم تغيير نظام الحكم الإسلامي من خلال الدويلات المتعاقبة التي جعلت منه نظاما ملكيا ووراثيا].[67]
ركز الصدر على المحتوى الداخلي الفكري الفلسفي كاطار يحدد نظام الحكم و مسيرة الشعب من خلال المسؤولية الملقاة على عاتقه : وعلى أساسه تتحرك الابعاد الاخرى على قاعدة ان الله مصدر السلطات جميعا , وايمان الجميع بالإسلام بانه وصفة الشريعة التي يجب ان تقام على أساسها الحياة, ومن هذا الأيمان يقر سير هذه الامة نحو الله , هذا الالتحام بين الحاكم والمحكوم الذي أشار له الصدر كمحتوى يغذي حركة الدولة, يحدث تغييرا بالمفاهيم من خلال عملية الاستقلال الفكري التي ينتمي اليها الإسلام , وعدم تبعيته للقدرات والقوى الكبرى في العالم , وهذا ما اعتبره الصدر انها اعظم ثورة شنها الأنبياء.
ما تميزت به الجمهورية الإسلامية في ايران ، بتضمين دستورها للعديد من الفقرات و الأسس التي نظر لها الصدر، عندما وجه له علماء لبنان رسالة قبل التصويت على الجمهورية الإسلامية، تعتبر مصدر لبيان منهج الصدر لاستنباط أسس النظام السياسي، ضمن سلسلة الإسلام يقود الحياة تحت عنوان لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية في ايران , ومن ناحية يعتبر الصدر الى جانب الامام الخميني احد منظري لأول تجربة إسلامية قائمة على المذهب الجعفري في العصر الحديث أعلنت انها لا شرقية ولا غربية , وتقف الى جانب المستضعفين في قضاياهم الحقة , واولهم الشعب الفلسطيني .[68]
ملامح النظام الاجتماعي العراقي
لقد كانت القضية الفلسطينية متشابكة مع النظام الاجتماعي العربي منذ بدايات التنظير للاحتلال: بعقد مؤتمر بازل في سويسرا 1897يوضح فيه اهداف الحركة الصهيونية وتمايزها في الجيوسياسي الدولي , مرورا بإعلان وعد بلفور بإعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين 1917, الى احتلال فلسطين وإعلان دولة الكيان الصهيوني كدولة على ارض الواقع 1948 تحمل اسم إسرائيل اسم جيوسياسي عقائدي. كانت كمرحلة تسير جنبا الى جنب حركات الاستعمار وبالذات مع الاحتلال البريطاني للعديد من الدول العربية ومنها العراق وفلسطين . وتحول ميزان القوى في الأرض العراقية من بريطانيا الى الولايات المتحدة وفق معاهدة بورتسموث , وما اعقبه من تداعيات اخرها كاحتلال العراق للكويت , وقيام حرب الخليج الثانية بقيادة الولايات المتحدة 1991, حرب الخليج الثالثة 2003, واحتلال العراق ,كل هذه العوامل كانت ذات تداعيات خطيرة على النظام الاجتماعي العراقي , والنظام التربوي , والنظام الصحي والتخطيط في هيكلية الدولة العراقية من حيث طبيعة الحكم.[69]
من ابرز الوثائق التي تلقي الضوء على طبيعة النظام الاجتماعي , وتوضح أسلوب نظام الحكم وتوجهاته في إدارة الدولة ,هي نداءات محمد باقر الصدر للشعب العراقي, وحياته التي انهاها النظام الحاكم بطريقة عنيفة .[70] كانت خطاباته تحمل قراءة مسبقة في استشفاف المستقبل الذي ينتظر طوائف العراق في ظل صدام حسين واتخاذه العامل السياسي كهدف اسمى لأحكام قبضته على العراق , بعيدا عن التخطيط الاجتماعي , وقيام النظام الحاكم بفصل :[شخص محمد باقر الصدر و التنظير الفكري لموسوعاته في مختلف جوانب الحياة] من جهة , وبين مسار الدولة العراقية من جهة ثانية ,من خلال قتل الصدر من قبل منهج فكري بعثي وجه عنفه للساحة العراقية, بديل عن فكر الصدر, وقادر على إيجاد النقائض التي يتحرك من خلالها في الساحة.[71] نستخلص من ذلك ان النظام الاجتماعي كهيكلية نظامية قائمة على ارض الواقع تعتمدها مؤسسات الدولة كمنهج ملزم كان غائبا , من خلال التوجه نحو عسكرة المجتمع وجر المجتمع العراقي نحو حرب الوكالة . واجهت العراق في ظل الديمقراطية الامريكية:
- احتلال العراق , وضع العراق تحت امرة الحاكم العسكري كارنر , ومن ثم الحاكم المدني بريمر .[72]
- ظهور منهج القاعدة في ارض الرافدين [73]
- مواجهة العراق لمخاطر اجندات التقسيم عمدت المجاميع االارهابية داعش الى الإشارة عن عودة مصطلح اتفاقية سايكس بيكو وضرورة إزالة الحدود التي اقامتها هذه الاتفاقية التي عبرت عامها المئة من قبل بعض قادة داعش .[74]
- ابعاد العراق عن عملية الاحياء مع الأقطاب العالمية الصاعدة.[75]
- خطوات حكومة مصطفى الكاظمي , وهي على درجة عالية من الخطورة لما تحمله من مراحل تفكيكية ,حشر العراق ليناقض الطبيعة التاريخية التي قامت عليها بلاد الشام .[76]
منذ 1920 – 2020, محاولة الدول الاستعمارية الحاق وضيفتهما لتشكيل محورا مضادا، للمحور الثوري الاسلامي في ايران منتفضا على نظام الشاه رجل امريكا وبريطانيا الاول في الشرق الأوسط, دور الصدر في التنظير لدستورها , لم يسمح له ان يتبلور في الساحة العراقية، لأسباب داخلية وخارجية مارسها حزب البعث , قتل الصدر، وملاحقة وتصفية كل كوادر الحركات الإسلامية وزجهم بالسجون، لتبدأ مرحلة تأليب الشارع العراقي كوقود جاهز للاستثمار. حمل البعث مدفوعا بهواجس ومخاوف إقليمية ودولية، من الثورة الإسلامية ،فقاد عملية خلق عوامل التناقض فتلقى الدعم الدولي اللامحدود .
نستطيع ان نستخلص ان مرحلة التغيير الذي قادته الولايات المتحد للعراق في 2003 , تغييرا معباءا بأدواته ، و يحمل ميزة الاستقطاب بعد مرحلة ديكتاتورية , وزعت الأدوار بين شخوص العملية السياسية لأجل خلق عملية الانصهار فيما بين فرقاء المهجر والمنهج , هذه العملية السياسية افرزت واقعا متناقضا اتسع اطاره ,ورغم ذلك تم ايكال له قيادة الدولة العراقية الفيدرالية . [77]
كان من نتائجها ,احتواء رمزية محمد باقر الصدر، شخصية وفكره: [بحزب الدعوة بتركيبته وهيكليته التي كانت متوزعة في دول العالم باعتباره المؤسس لهذا الحزب في خمسينيات القرن الماضي] وما وصل اليه من هيئة وليدة دخلت العملية السياسية الانفة الذكر من جهة . وبين [التركيبة العائلية والعشائرية، هذا الجانب امتص اسم الصدر بفرعيه القادم من محمد باقر الصدر، والقادم من محمد محمد صادق الصدر، تحت مثال مقتدى الصدر وجعفر الصدر من جهة ثانية]، وادخل الاثنان – الدعوة , والتيار الصدري – العملية السياسية، وبدأت تنبثق عن الجانبين عملية التناقض السياسي، والتنافس في إدارة مؤسسات الدولة , وأريد لرموز حاملي اسم الصدر سواء حزب الدعوة والتيار الصدري، ان يظهروا وكأنهم يمثلون عوقا مشلا لأركان الدولة لتسلط أحدهما على الاخر، وكان هذا التناقض عامل استقطاب في الساحة، بديل عن استقطاب اشعاعات فكر الصدر في نموذج الجمهورية الإسلامية. وهذا يفسر خروج العديد من القيادات من كلا الطرفين والاتحاد فيما بينها ومحاولتها منع ادخال العراق في نفق التناقض وعدم الاندماج الداخلي والإقليمي.[78]
من هذا السياق افرزت اشكاليتين: الأولى انه بدخول حزب الدعوة وانخراط كوادره منذ 2003 في عملية سياسية كانت القيادة فيها لأمريكا, كان من نتائجها ,ان افقده محورتيه في الساحة العراقية , قادته الى التشظي والانقسام , هذا التشظي والتفكك الذي مني به حزب الدعوة وغيره من الحركات الإسلامية بعد فترة وجيزة من الاحتلال , له أسبابه الجوهرية, وقد أشار الصدر في الإسلام يقود الحياة , ا ان الفشل الذي يمنى به قيادات أي خط سياسي , على الرغم من نظافتهم , يعود الى ارتباطهم بتجربة غير نظيفة مرتبطة بالاستعمار, فتصبح حركتهم ذات جمود ملتزم بحركة الاطار الذي جاء به , سبب ذلك يعود الى عدم امتلاكهم عوامل تفجير طاقات الامة , والاكتفاء بمحاولات التصدي الغير ناجعة على مختلف الصعد .[79]. والثانية التيار الصدري وشخص مقتدى الصدر، الذي أصبح عاملا مقلقا ومربكا لاستقرار العراق.
لم يستطيع مقتدى الصدر من احتضان حزب الدعوة للانخراط جميعا لتأسيس نظام حكم بديل عن التجربة الغير نظيفة التي جاءت بها الولايات المتحدة للعراق، وانما تم استثمار اسم الصدر لإفراز التناقض ووقف بالضد من حزب الدعوة , خروج العديد من القيادات التابعة لكلا الجانبين، لمحاربة داعش , حركت الشارع ووجهته الوجهة المناسبة.
يقول يورغن هابرماس:[ ان فكرة ما بعد العلمانية لا تعني زوال عملية علمنة العالم , وإقصاء الدين بنحو تام عن حياة البشرية , وانما هي بمعنى ان استمرار الدين في العالم العلماني مشروط بقبوله التعددية الدينية ومرجعية العلم الحديث ] ابرز هابرماس من خلال نصه , محدودية الساحة التاريخية للثقافة العلمانية وانها لا ترقى الى رؤية كونية , هذا جعلها تصطف الى جانب الدين مشاركة اياه في مسيرة البشرية , وهو اعلان صريح المجتمعات التي تعاني من تناقض تعود اسبابه الى العلمانية. في ظل طرح العلمانية الدين ضرورة في المجتمعات فعن أي دين تشير اليه العلمانية، هل سيكون ظاهرة دينية جديدة كالإبراهيمية مثلا ،ام هو دين الله الذي جاء به الأنبياء بقيمه وتعاليمه الذي تحدى هذا الكم الهائل من الأيديولوجيات ؟ ام هو عودة تاريخية للسلف تحاول التأطر بالعالمية؟مصطلح الابراهيمية الذي تناقلته الإدارات الامريكية المتعاقبة , وما عرف في يومنا هذا بالدين الابراهيمي وقد يكون هذا ما يفتح الطريق امام الإبراهيمية كديانة تحاول ان تعود الى النص الديني , إشكاليات:
- هل تم اعتبار إبراهيم عليه السلام عامل موحد للديانات الثلاث [الإسلام، المسيحية، اليهودية] ام هو سلم تفاضلي فيما بينهم؟ علما ان الدين الذي جاء به براهيم هو الإسلام وفق النص القرآني [ ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين] [80]فما المغزى من انزال دين الله تحت مسمى الابراهيمية؟
- البناء المتراكم الذي جاءت به الابراهيمية وخلقها عملية القطع، عن الرؤية الكونية التي جاء بها دين الله سبحانه وتعالى , يتمايز نوع من التقمص لدور المصدر الذي يصدر عنه رؤية كونية , هل الابراهيمية مذهب لا يختلف عن ما سبقه على قاعدة وحدة المصدر ؟
فما هو مفهوم العلمانية وما هي الأخلاقية العلمانية ؟ وما هو المنبع الذي استندت عليه؟ هل هي قضايا علمية اجتماعية ؟ يطرح مفهوم العلمانية نفسه رؤية كونية يستند على قاعدة تقف بالضد من المقدس او الديني. يعتبر جمال الدين اسد ابادي في كتابه الرد على الدهريين[81] , حيث يعتبر من المعاصرين لحقبة جورج هاليواك منظر العلمانية الإنكليزية في العام 1846 , مفردة الدهريين تعني النيشيريين او العلمانيين. [82]
ظهر في العالم الغربي قرءتان للعلمانية , الأولى تفسرها الاستعانة بالمرجعيات الإنسانية والعقلانية لتنظيم العالم بعيدا عن قراءة الدين كمرجعية نهائية في اتخاذ القرارات. والثانية تفسرها بانها تهدف الى الغاء الدين واللجوء الى الالحاد واللاادرية
يقول امان الله فصيحي في العلمانية مذهبا [للعلمانية ابعاد عدة خفية وجلية وتنتشر وتتبدى في شتى مستويات الحياة البشرية وتدعوها للتأقلم معها. والمجتمع من اهم الميادين والارضيات التي سعت العلمانية لامتلاكها والسيطرة عليها، دخلت نطاق المجتمع على اعتبارها الأساس الجديد لنظام الحياة وفي صراع دائم مع الدين على صعيد الحياة الاجتماعية للإنسان ’ من أبرز مميزاتها يقول لاري شاينر في مفهوم العلمنة في البحوث التجريبية [العلمانية هي افول الدين والتناغم مع هذه الدنيا وتحرر المجتمع من قيود الدين، وتحول المعتقدات والمؤسسات الدينية، وسلخ القدسية عن العالم والسير من المجتمع القدسي الى المجتمع العلماني][83] فتدعو الى الغاء دور الدين.
نستخلص من ذلك ان العلمانية والعقلانية التي تتبنى العلمانية باعتبارها نتيجة لها، تعتبر من العناصر الأساسية للرأسمالية، وعند تتبع التجربة الرأسمالية في الواقع الاجتماعي في أي ساحة من ساحات العالم نلاحظ عوامل العلمنة لتلك الساحة تكون حاضرة وذات اتجاهات مختلفة، وعلى اعتبار ان الساحة العراقية احد العينات التجريبية التي تعاني بعد 2003 من فاصلة بين الانتماء الوطني والهوية الثقافية , مقابل الانتماء لثقافة التفكيك والتجزييء السياسي والعرقي ,التي حاول النظام الراسمالي عن طريقها ترسيخ أدواته العلمانية في الدستور , المجتمع , السياسة ,الثقافة , القانون. [84]
مصطلح الإبراهيمية والعلمانية , يتداخلان بصورة واضحة لاحتواء القضايا المحركة للشرق الاوسط أولهما الدين و مدرسة منهج المقاومة الثائر على أساس عقائدي لما يمثلونه من دور في التصدي لمنهج الظلم والطغيان , وفق موازين الحق , والعدل الإلهي .
[1] بما ان محمد باقر الصدر ينتمي للمدرسة الإسلامية، ولمذهب ال البيت الجعفري، سنقدم وجهة نظره من خلال الرؤية والمعرفة والفلسفة الإسلامية .
[2] القران الكريم ,سورة ال عمران , اية 84
[3] الصدر، محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، مكتبة الكلمة الطيبة، بغداد 2012, ص 60
[4] القران الكريم، سورة البقرة , اية 30
[5] النعماني , شهيد الامة وشاهدها, ص 27
[6] الصدر, محمد باقر , المدرسة القرانية , ص46
[7] العاملي , عباس امين حرب , ص 345
[8] الشيرازي، محمد الحسيني , كتاب العقائد: الفقه موسوعة استدلالية في الفقه الإسلامي , ط2, دن: مؤسسة الامامة للتحقيق والنشر , بيروت , 2000, ص 299
[9] يشير الشيرازي الى مفهومي الجبر والتفويض في اختيار الانسان انه لا جبر ولا تفويض بل امر بين الامرين. نفي الجبر بمعنى: نفي كون اعمال الانسان من فعل الله سبحانه وتعالى اجراها بيد العبد وان كان حصولها بقدرة الله من غير مدخليه لقدرة العبد وارادته، ونفي التفويض معناه: نفي القول بان الله خلق العباد وأقدرهم على أعمالهم من دون مدخليته وفوض إليهم اختيارها على وفق مشيئتهم من غير ان يكون له تعالى فيهم صنع اطلاقا. والقول بين الامرين لا يوجب نسبة الظلم الى الله سبحانه وتعالى، بان يقال اجبرهم على المعاصي وعذبهم عليها كما قالت به المجبرة، ولا استقلال العباد واستغنائهم في حركاتهم وسكناتهم عن الله ونسبة الوهن اليه تعالى وعزله عن ملكه كما قالت به المفوضة …. راجع الشيرازي، فقه العقائد، ص 301
[10] محمد باقر الصدر، ملخص نظرية الدولة عند محمد باقر الصدر , مركز المعارف الإسلامية , ص 10 , 2015 ,
[11] القران الكريم ,سورة البقرة , اية 213
[12] تعتبر المدرسة الإسلامية غنية بالنصوص القرآنية التي تشير الى محاولات الأنبياء في بناء الدولة وفق ما جاءوا به من دستور ينظم الحياة البشرية بمختلف جوانبها الاجتماعية , مثل داود وسليمان وموسى الى ان تم تحقيق بناء هذه الدولة على يد نبي الإسلام محمد ص في يثرب التي حملت اسم المدينة فيما بعد , واكتسبت منذ ايامها الأولى اطارا عالميا , من خلال قيام الرسول محمد ص بوضع الرسالة الإسلامية بمنظومتها الفكرية وفلسفتها عن عالم الوجود , التي انبثقت عنها دولة مدنية بمصاف الامبراطوريات العظمى التي كانت موجودة في ذلك الوقت الإمبراطورية الرومانية والفارسية والحبشة , وتحديد اطار لهذه الدولة قائم على الدعوة والمساواة والاحترام والندية , أي انها دولة مدنية , نمت داخليا في شبه الجزيرة العربية ,بين طبقات الشعب الفقيرة والمسحوقة من قبل طبقة المترفين , فحملت الرسالة الإسلامية بقيادة محمد ص معهم تلك المفاهيم التي كرسها هؤلاء المترفين من العبودية والاستغلال والطبقية والحاضنة الاجتماعية في المجتمع وجعلوها حاجز امام طبقة الفقراء على اعتبار انه نظام اجتماعي واجب الاتباع . فاخذ النبي محمد هذه البيئة بتناقضاتها، وفق مقاييس النظام الاجتماعي الإسلامي الوليد، وبما يحمله من قيم حدد مفاهيم الخير والعدالة والمساواة، فكانت مفاهيم فاعلة عند التطبيق على الأرض والمدافع عن هذه الطبقات في مختلف بقاع الأرض وفق مبدأ وحدة البشرية، فانهارت تباعا الواحد تلو الاخر في مكة والمدينة.
[13] وهذا ما نلمسه في نظام الملكية عند الرأسمالية [ الملكية الغير محدودة او الغير مقيدة] التي تعزز حب الانا في المحتوى الداخلي للإنسان , وعند الاشتراكية الماركسية التي تدعو الى اقصاء ملكية الافراد , وتمييع الذات في المجتمع , فتحاول ان تعالج فطرة الانسان بحب التملك بإلغائها , وهذا ما لم تنجح به , لان تبقى إشكالية العلاقة بين الانسان ومنظومة القيم التي تدعو الانسان الى التنازل عن حقه الخاص, نقيضين حركا الساحة العالمية . ولإصلاح هذا التناقض يطرح الصدر الرؤية الإسلامية التي توازن بين المحتوى الداخلي للإنسان والمحتوى الخارجي من خلال منطومة القيم الالهية التي جاء بها دين الله الإسلام.
[14] الصدر, الإسلام يقود الحياة مصدر سبق ذكره, ص 132
[15] سعيد , علي احمد ,الثابت والمتحول , ج1,ط5, 1986, دار الفكر, بيروت , ص20-30
[16] يعتبر موضوع العلاقة الاجتماعية المشار اليه أعلاه, من الإشكاليات التي تبرز نوعا من التناقض المجتمعي , سواء منها تلك المتعلقة بعلاقة الانسان مع الطبيعة , ام تلك المتعلقة بعلاقة الانسان مع أخيه الانسان , وقد تتعدد صور التناقض وتختلف من فرد لاخر , الا انه يبقى ظاهرة حقيقة موجودة في مختلف المجتمعات على سبيل المثال على مستوى اللون , او المنزلة الاجتماعية , او مقاييس مذهبية وعرقية , او مقاييس القوة والضعف , مقاييس بلاد غنية وبلاد فقيرة ,واضعا -الصدر- مقياس العدالة المستخدم في توجيه هذه العلاقة تحت المجهر متسائلا عن المصدر والمنبع الذي أوحى باستخدام هذا القياس , وخاصة نلاحظ انه كلما زادت قدرة الانسان على تطويع الطبيعة واستثمارها في توفير احتياجاته من خلال قانون التأثير المتبادل بين الممارسة والخبرة، واقتحام ميادين جديدة من العلم والمعرفة، نلاحظ ان لانسان يزداد ثراءا و غنى مما يؤدي الى ظهور بوادر الاستغلال، على مستوى الافراد، وعلى مستوى الجماعات، وحتى على الدول ومرد ذلك يعوده -الصدر- الى الافراز الدائم لمفاهيم التناقض
[17] محمد باقر الصدر، المدرسة القرآنية، ص 226
[18] أراد محمد باقر الصدر صياغة فكر اجتماعي وسياسي خارج هذه الأطر الوضعية، والتي تناقض جذريا مفهوم خلافة الانسان على الأرض , التي لا تذيب الانسان في الأرض او في المجتمع , بل هو كائن في تحقق وتحرك مستمر ’’ النظرية التي جاء بها محمد باقر الصدر جعلت من الانسان في تفاعل مستمر مع المجتمع معطيا الأولوية للجانب الداخلي الروحي في عملية البناء والتغيير وهذا ما يجعل الانسان يصنع التاريخ راجع العاملي ,جواهر الفلسفة , ص 20-30
[19]وقف محمد باقر الصدر عند اشكاليتي الملكية والتوزيع ووضعهما في ميزان العدالة الاجتماعية، بين وجهات النظر وموقف المذهب الرأسمالي , والاشتراكي الماركسي من هذين المفهومين ومدى دقة المنهج عند التطبيق في توزيع الثروة , والملكية الغير محدودة , وبين بالمقابل وجهة نظر المذهب الاقتصادي الإسلامي التي وازنت بين الانسان والمجتمع من خلال الملكية المحدودة حاول الصدر بناء نسق اجتماعي يحاول التقليل من الفارق بين هاتين الاشكاليتين اللتان تفرزان التناقض في المجتمعات بحكم ما يوجد في هذه الأرض من ثروات متعددة, تبرز على اثرها إشكاليات متعددة أولها الفوارق في القدرات والقابليات بين انسان واخر بما يحمله من نوازع وما يتصف به من صفات التي ستوجه الانسان وتحدد له هدفه بالحياة , وطبيعة القانون الذي ينظم هذه الفوارق , ومدى قدرة هذا القانون على التطبيق من دون غلبة فئة معينة على فئة أخرى . اما المدرسة الإسلامية , تعطي اطارا للانسان [ بين بداية وجوده ونهايته ومن ان الانسان لم يخلق عبثا هذا المفهوم الذي يفتح الباب واسعا امام قضايا عالم الغيب او ما وراء الطبيعة. النعماني، شهيد الامة وشاهدها , ص 28
[20] تعرف الاخلاق : بانها مجموعة من الصفات النفسية والباطنية التي يتصف بها الانسان كالتواضع والشجاعة، والاعمال التي تعتبر اثارا لهذه الصفات كالتصدق على الفقير ومساعدة المحتاج والصدق. الصدر, محمد باقر , في رحاب الاخلاق , دار المعارف الإسلامية , 2014 ,ص17
[21] تعتبر الرؤية الإسلامية للمنظومة الأخلاقية ان القران الكريم احد المصادر التي تتضمن نصوصه مبادئ عامة عن الاخلاق , ذات الدلالات الكونية تخص كل الإنسانية , فخاطب الله سبحانه وتعالى الاقوام السابقة والاقوام اللاحقة تبين, البدايات الأولى للوجود الإنساني , و طبيعة المجتمع والقضايا الجوهرية المحركة . يذكر القران الكريم مراحل اندثار هذه الأمم موضحا أسباب ذلك . كما خاطب الله في الآيات القرآنية الانسان بالقول يأيها الناس , وفي أخرى يأيها اللذين امنوا , فالإنسان يتحرك في ظلمات الجهل والتخلف والعادات المنحرفة والتقاليد الضالة والأفكار الخاطئة لكنه عندما يجعل القران منطلق فكره وخطه الذي ينظر من خلاله الى الحياة ومواقع المعرفة، فانه يسير في نور يكشف له كل هذه الظلمات وينقذه منها, لذلك يعتبر الاخلاق أحد ابعاد الدين، لذلك ستكون الأخلاقية التي يلتزمها الانسان في الوصول الى الله ذات إثر حيث تعتبر بعض المفاهيم الواردة فيه تقوم بدور الاشعاع على بعض الاحكام وتيسير مهمة فهمها من نصوصها الشرعية . راجع الصدر, محمد باقر الصدر, اقتصادنا, ص 417 عن الاخر
[22] فضل الله , محمد حسين , في رحاب اهل البيت , ص
[23] اللاهوري , محمد اقبال , التجديد في التفكير الديني , ترجمة عباس محمود , ط2,بيروت , ص52, 2015
[24] من ضمن الآداب والاخلاق الاجتماعية التي كان يوصي بها رسول الله ,تدعو الى التكافل الاجتماعي, والمؤاخاة : ما امن بالله من شبع وجاره جائع , ولا امن بالله من اكتسى واخوه عريان , وكان يختم بالنص القرآني : [ويؤثرون على انفسهم ولوبهم خصاصة ][24] ومن وصاياه للأمام علي ع [ ان الله تبارك وتعالى قد اذهب بالإسلام نحو الجاهلية وتفاخرهم بإبائهم , الا ان الناس من ادم , وادام من تراب , اكرمهم عند الله اتقاهم الطبرسي , مصدر سبق ذره, ص 427
[25] ولكل من هذين الساحتين سلوك وقيم واخلاق وطريق للعروج بالنفس الى احد الجانبين. يوضح روح الله الخميني، من انه لا من طريق امام النفس البشرية، الا في جهادها الدائم في ان تكون على جادة الطريق من خلال التفكر والعزم ومراقبة النفس ومحاسبتها عند الزلل او الميل عن زخارف الدنيا المادية فوق ما يحتاجه الفرد بزرع الملكات الحميدة والتخلص من ملكات الرذيلة. الخميني , روح الله , الاربعون حديثا, تعريب محمد الغروي , مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني الشؤون الدولية ,ط11,
[26] البهجة , محمد تقي , نشر: مركز حفظ ونشر التراث , ط5, بيروت , 2015, ص 45
[27] العدالة مشتق من أسماء الله الحسنى [ العدل] تتضح أهميتة بمرتبته الثانية بعد التوحيد في أصول الدين لذلك فالعدل من حيث كونيته كمفهوم فهو ضروري في الوجود :[ العدالة اشرف الفضائل وافضلها , اذ قد عرفت انها اشرف الفضائل او ما يلزمها ,كما ان الجور كل الرذائل او ما يوجبها , لانها هيئة نفسانية يقتدر بها على تعديل جميع الصفات والافعال ورد الزائد والناقص الى الوسط او انكسار سورة التخالف بين القوى المتعادية فجميع الفضائل مترتبة على العدالة لأنها اقرب لصفات الى الوحدة] النراقي،محمد مهدي , جامع السعادات، ج1,نشر إسماعيليان ,ط ,ط7, ايران , 2007 ، ص 29-75
[28] دراز, محمد عبدالله ,مختصر لدستور الاخلاق في القران الكريم , اعداد : محمد عبد العظيم علي , دار الدعوة للطباعة والنشر, ط1, 1996,مصر ص 5-96
[29] شريعتي، علي، النباهة والاستحمار , ط1, مركز الدراسات التاريخية والاجتماعية , لندن , 2014 , ص21
[30] الصدر, محمد باقر , المدرسة القرآنية , العاملي , جواهر الفلسفة, ص 486
[31] سورة الكهف، ص 109
[32] من مميزات المدرسة الإسلامية انها تدعو الفرد المسلم الى التفكر، والتفكر في هذا المقام يقول عنه روح الله الخميني في الاربعون حديثا [ان يفكر الانسان لبعض الوقت في ان مولاه الذي خلقه في هذه الدنيا , وهيأ له كل أسباب الدعة والراحة ووهبه جسما سليما وقوى سالمة لكل واحدة منها منافع تحير الباب الجميع, وهيأ له كل هذه السعة وأسباب النعمة والرحمة . ومن جهة أخرى أرسل جميع هؤلاء الأنبياء، وانزل كل هذه الكتب -الرسالات- وارشد ودعا الى الهدى… فما هو واجبنا تجاه المولى مالك الملوك؟ هل ان وجود جميع هذه النعم، هو فقط لأجل هذه الحياة الحيوانية واشباع الشهوات التي تشترك فيها الحيوانات، ام ان هناك هدفا وغاية أخرى؟] يقول الله سبحانه وتعالى [ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار][32] استنادا على نصوص القران الكريم ميز محمد باقر الصدر بين منبع المفاهيم المنبثقة عن المثل الأعلى الحقيقي، وهو الله جل في علاه. وبين مفاهيم انبثقت وفق ضرورات تطلبها مثل عليا مؤقتة او تكرارية, لقبها بالمزيفة . كما اعتبر الكتب السماوية كلمات الله وسننه في الوجود هي المقياس في تحقيق النجاح والانتصار للإنسان، ومن دون ذلك فان الانسان معرض للفشل والخسارة والجمود يقول الصدر في المدرسة القرآنية [نؤمن بجهادين جهاد اكبر وهو جهاد النفس المسؤولة عن كل الوان الجدل والتناقض وحب الذات , والجهاد الأصغر وهو جهاد ضد كل صيغ التناقض الاجتماعي الأخرى]. عن ابي عبد الله [الامام جعفر الصادق] ان النبي بعث سرية، فلما رجعوا قال [مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر فقيل يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال [جهاد النفس] روح الله الخميني، الاربعون حديثا، ص 20
[33] مفاهيم وقيم التناقض انتشار بين فترة وأخرى مواقف تحاول الانتقاص من منزلة القران الكريم , على الرغم من انه يظهر أحيانا كانه تصرف فردي , الا انه يحمل في طياته نسقا متعدد الجوانب لإفراز التناقض الفكري الاقصائي لتعاليم وقيم واخلاق لما يقارب المليار مسلم بالظاهر ؟
[34] الصدر الإسلام يقود الحياة، ص 24-25
[35] أسس الرسول دولة إسلامية : عقد فيها المعاهدات وقام بأجراء الصلح مع المناؤين له , والاتفاقيات مع الاقوام والديانات الأخرى , عين الولاة وجمع الضرائب , والشاهد على ذلك كل كتب التاريخ وكيف انه أسس للخليفة من بعده , وهذا يدل ان الحكومة يجب ان تقام ولا بد ان يكون حاكم للامة .
[36] فالنبوة تتجدد لحفظ الانسان من الانحراف عن خط المشروع الحضاري نحو المثل الأعلى, وما يجدد ويحدد حركة التاريخ هو قانون الخلافة على الارض, واين ما يتجه الانسان يتجه التاريخ. وبما ان الأنسان يتمتع بأخلاق وصفات الله الا انه مخلوق نسبي، فانه يستمد قوته وتحريكه للمساحة التاريخية التي تحرك الدولة من المطلق الذي هو الله، لذلك تصبح حركة التاريخ مستمرة.
[37] العاملي، عباس امين حرب، جواهر الفلسفة، ص 345
[38] أبو رغيف ,مهند عبد الكريم , محمد باقر الصدر حياته ودوره في السياسة العراقية : أصول الدستور الاساس لمحمد باقر الصدر :الأساس 5, , دار نشر مؤسسة مصر مرتضى للكتاب العراقي , ط1, بغداد , 2010, ص 178
[39] هي العاطفة الواحدة التي يحسها ويشترك فيها جماعة من الناس بسبب من الأسباب كاشتراكهم في إقليم متميز بحدود جغرافية او اشتراكهم في قومية متميزة بلغة او دم او تاريخ معين
[40] هي ايمان جماعة من الناس بفكرة واحدة تجاه الحياة يقيمون على أساسها وحدتهم السياسية وهذه الوحدة هي الوحدة الطبيعية والجديرة بان ينشأ على أساسها كيان سياسي موحد يتمثل بالدولة
[41] الصدر, الإسلام يقود الحياة , ص 165
[42] مجموعة باحثين، الشريفي حمد علي , فلسفة الدولة , ص444
[43] العاملي , جواهر الفلسفة , ص 156
[44] كارل , ماركس , راس المال , ت: راشد البرواري ,
[45] تظهر نقطة الاختلاف بين الصدر والفلسفة الغربية , في موقف الفلسفة من التنظير لمفهوم الدولة , وهو ما اعتبره الصدر طرحا ناقضا من جانب الفكر الغربي , اطلق عليه عباس امين حرب العاملي طرح يتأرجح بين تاليه الدولة, واعتبارها نهاية للتاريخ كما فعل هيكل بمثال نابليون , ,وكما ماركس الذي دعا الى إزالة الدولة لانها أداة شر وقمع وكما فعل كارل شميت من ان السياسي لا يمثل الدولة بمعناها الحقيقي , وفوكاياما في مثال الديمقراطية النيوليبرالية الغربية كنهاية . على العكس منهم محمد باقر الصدر عالج الدولة على انها ظاهرة نبوية وضرورة حضارية فربط الدولة بالتاريخ وبالتعالي معا]. يقول العاملي و في جواهر الفلسفة [الصدر ربط الدولة بمعنى التاريخ وحررها من الثيوقراطية بمفهومها اللاهوتي ,والملك في تاريخ الامة , كما حررها من الثيوقراطية بمفهومها الوضعي كما يتجلى ذلك في فلسفة هيكل, وإذا كانت الدولة في فلسفة هيكل هي منتهى حركة التاريخ فان الامر ليس كذلك عند الصدر, حيث ان الدولة مؤسسه لتطبيق شرع الله فبالتالي وسيلة وليست غاية] أعطت نظريات الصدر للإسلام ابعاد اقتصادية وسياسية وفلسفية تخرجه من النظرة الضيقة التي حوصر بها.
[46] مجموعة باحثين، الشريفي , احمد علي , مصدر سبق ذكره, ص 440
[47] الأحزاب، اية 6, ص 418
[48] محمد، اية 33, ص 510
[49] الأحزاب، اية 36,ص 423
[50] وهم الائمة الاثني عشر الذين أخبر عنهم الرسول محمد كما جاء في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما اذ قال ’’ الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش ’’ تناط النبي محمد والامام مهام يتطلبها الحكم في الإسلام [ صلاحيات حاكم معصوم , مبلغ للشريعة الإسلامية , حاكم ومنظم لتطبيق الشريعة , قاضي تقع على عاتقة مهمة تفعيل القوانين والاحكام التي جاءت في النصوص في الحياة العامة للناس, وهم : الامام علي ابن ابي طالب , الحسن بن علي بن ابي طالب , الحسين بن علي بن ابي طالب , علي بن الحسين زين العابدين , محمد بن علي الباقر, جعفر بن محمد الصادق , موسى بن جعفر الكاظم , علي بن موسى الرضا, محمد بن علي الجواد, علي بن محمد الهادي ,الحسن بن علي العسكري , محمد بن الحسن وهو الامام الثاني عشر , راجع صحيح البخاري الجزء 8، ص127 وراجع الصدر، ومضات ص 230
[51] انطلق الصدر لبيان دور الامامة في الحكم كظاهرة ربانية ثابتة في التاريخ , اتخذت شكل نبوة تابعة لرسالة النبي القائد , أي انهم اوصياء على الرسالة بعد النبي وليسوا أصحاب رسالة كما في النص القرآني التالي : [ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين , وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات .] و [جعلناه هدى لبني إسرائيل , وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون] . وتارة تأخذ شكل الوصاية بدون نبوة , وهذا هو الشكل الذي اتخذه رسول الله بامر من الله سبحانه وتعالى , عين الائمة الاثنا عشر كأوصياء, كغدير خم يوم تنصيب الامام علي عام 13 هجرية [51], وحديث الثقلين: [ اني تارك فيكم ما ان تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي ابدا: احدهما اعظم من الاخر , كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارص , وعترتي اهل بيتي , ولن يفترقا حتى يردا على الحوض , فانظروا كيف تخلفوني فيهما و حديث [ انما اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا , ومن تخلف عنها غرق] بالإضافة الى حديثه ص , [انا مدينة العلم وعلي بابها.] . وان قدر للإمامة بعد وفاة الرسول ص ان تحرم من الممارسة الفعلية لخلافة الله على الأرض ومواصلة قيادة المجتمع وفق التجربة النبوية، وتولى عمليا عدد من الصحابة . راجع القران الكريم , وراجع الحكيم , رياض , العقيدة في عشرة دروس : سلسلة الثقافة الإسلامية الميسرة , دار الهلال , ط5, 2007, النجف, ص 34, وراجع أيضا الجامع الصحيح للترمذي , ج5, ص 663
وراجع الصدر، ومضات، مصدر سبق ذكره، ص 208
[52] القران الكريم : سورة الشورى , اية 38
[53] ال عمران، اية 159
[54] ادلة الشريعة الأربعة [ الكتاب ,السنة, الاجماع , العقل]
[55] الشروط الواجب توفرها لممارسة الامة اختيار شكل الحكم والجهاز الحاكم:
- ان يكون اختيار شكل الحكم الجهاز الحاكم ضمن الحدود الشرعية الإسلامية وغير متعارض مع شيء من احكام الإسلام الثابتة.
- ان يكون اختيار شكل الحكم والجهاز الحاكم أكثر اتفاقا مع مصلحة الإسلام التي تعني الوضع الافضل للإسلام باعتباره دعوة عالمية وقاعدة للدولة
- ان يكون اختيار الحكم والجهاز الحاكم أكثر اتفاقا مع مصلحة المسلمين بوصفهم امة لها جانبها الرسالي والمادي.
وخارج إطار هذه الحدود تبقى الامة حرة في اختيار الشكل والجهاز الحاكم ويبقى الاحتكام لصناديق الاقتراع وحكم الأكثرية في مقام الترجيح بين وجهات النظر المختلفة. محمد طاهر، محمد باقر الصدر، حياة حافلة فكر خلاق، ص331، ط3 مطبعة دار السلام، لبنان , 2010
[56] البخاتى، سالم بدر، الحكومة الإسلامية في الفكر الشيعي الامامي فلسفة الدولة، ص290
[57] الصدر, الإسلام يقود الحياة , ص 184
[58] سورة الانعام , اية 165
[59] وهو الامام محمد بن الامام الحسن العسكري , الامام الثاني عشر الملقب بالمهدي المنتظر
[60] أطروحة المرجعية الموضوعية، اعتبرها الصدر ضرورة لدورها في حفظ حركة الامة من الانحراف. وإطار التحرك السياسي العام للامة , هذه الاطروحة دعت الى تطوير الحوزة والوكلاء والمبلغين ,لانهم الكادر الوسطي بين الامة , وهدف بناء الحكم الإسلامي , يمثل فيه المرجع (الولي الفقيه) المحور الأساسي من هذا التحرك، ويشرف عليه فكريا من جهة، وباعتباره هو محور الولاء الذي تلتف حوله الامة .العاملي و جواهر الفلسفة , ص321 بو رغيف , مهند عبد الكريم , محمد باقر الصدر حياته ودوره في السياسية العراقية , ص 71
[61] النعماني , شهيد الامة وشاهدها , ص26 , الصدر الإسلام يقود الحياة , ص 157
[62] الحرز , عبد اللطيف , من العرفان الى الدولة : التصوف في فكر الامام الخميني والشهيد الصدر , دار نشر الفارابي ,ط1, ايران , ص 166
[63] سورة النساء , اية 41
[64] سورة البقرة, اية 30
[65] النعماني , شهيد الامة وشاهدها , ص 30
[66] يكمن الفرق بين الحكومة الإسلامية، والحكومات الدستورية سواء ملكية ام جمهورية في ان ممثلي الشعب, او ممثلي الملك, هم اللذين يفتون ويشرعون, راجع الخميني روح الله , الحكومة الإسلامية , ص 44
[67] الحميني , روح الله, الحكومة الإسلامية , ص33
[68] بروز عملية الاحياء للإسلام من خلال الدستور الإيراني, والاستقلالية في تبني الرؤية الكونية التي تعبر عن فلسفتها عن الكون والوجود , والحكم , والاقتصاد , فعند الاطلاع على ابرز البنود والابواب المكونة للدستور, نلاحظ ان هناك مجموعة من الحقائق الغير قابلة للتغيير والى الابد ومنها: [ ان نظام الحكم نظام إسلامي وفق المذهب الجعفري الاثنى عشري , وان الشعب الإيراني يؤمن بحكومة القران الكريم العاملة الحقة ] والالتزام بالتعاليم المنصوص عليها في نصوص القران الكريم وما يطرح من قضايا , كما قدمت الثورة الإسلامية الروية العامة للكون لما تحمله من فلسفة ورؤية كونية من ان فكر الثورة قائم على [ الايمان بالله الاحد , لا اله الا الله ] وتفرده بالحاكمية والتشريع ولزوم التسليم لأمره , والايمان بالوحي الإلهي ودوره الأساسي في بيان القوانيين والايمان بالمعاد ودوره الخلاق في مسيرة الانسان التكاملية.
- كما تضمن الدستور الإيراني في الفصل الخامس منه قضايا وموضوع السيادة، فنادت بنوده [المادة السادسة والخمسون] على، السيادة المطلقة على العالم وعلى الانسان تكون لله وحده، وهو الذي منح هذا الحق الإلهي السيادة على مصيره الاجتماعي، ولا يحق لاحد سلب الانسان هذا الحق الإلهي وتسخيره في خدمة فرد او فئة على سبيل المثال [قضية الشعب الفلسطيني وصراعه مع الصهيونية] [68].
- يمارس الشعب الإيراني هذا الحق الممنوح من الله بالطرق التي بينها الدستور بالتفصيل مما يوضع العلاقة بين القانون والقضاء مع العقيدة التي تعتنقها الدولة.
- احترام المذاهب الإسلامية الأخرى كالحنبلي والشافعي والمالكي والحنفي والزيدي فأنها تتمتع باحترام كامل وحقهم في ممارسة وأداء مراسيمهم المذهبية اما الإيرانيون من الزرادشت واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات الدينية المعترف بها وتتمتع بالحرية في أداء مراسمها الدينية ضمن نطاق القانون الإيراني، ولها ان تعمل وفق قواعدها في الأموال الشخصية والتعاليم الدينية، مع جواز استخدام اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة والاعلام. امتلاك الدين الاسلامي، لمنظومة متعالية من القيم والمفاهيم الاخلاقية، التي تستطيع ايران عن طريقها ان تستنبط الدوافع الايجابية المحركة للمجتمع والإنسان , وكيفية تحريك العلاقات الاجتماعية في مجالات الاقتصاد والسياسة والاجتماع .
- انها أصبحت اليوم احد العوامل المحورية والمؤثرة والفاعلة في غرب اسيا والساحة الدولية، من الاوليات التي عملت عليها الجمهورية الاسلامية هي تنقية مسارها بعيدا عن ترسبات المستعمرين ورموزهم ، فعملت على طرد الوجود البريطاني والامريكي في ايران التي بقيت لسنين طويلة تعاني من التوظيف السياسي الاقتصادي لارادتها لصالح هاتين الدولتين , توجد ايران في منطقة تعتبر ذات اهمية تاريخية لميزان القوى العالمي.
- امتلاكها للبرنامج النووي الذي يعتبر من ضرورات المرحلة بالنسبة لإيران للاستخدام السلمي، تطويرها الدائم والمستمر للصناعات العسكرية الدفاعية، والصاروخية، ساهم بشكل فعال في خلق توازن الردع لأعدائها، واستقرار ميزان القوى العالمي بهيئته القائمة على المنافسة بين الأقطاب الصاعدة التي تعتبر هي أحداها.
[69] واجه العراق في فترة الاحتلال كم هائلا من الاجندات التفكيكية , ومحاولة احكام حركة العراق الجيوسياسية والجيواقتصادية لعرقلة تمايز النظام العالمي الجديد القائم على تعدد الأقطاب, يبرز الدور المحوري لمجموع الأقطاب الصاعدة- باستثناء أمريكا -في قدرتهم على تمايز دور العراق في العالم, كما تعتبر هذه الأقطاب احد عوامل القوة التي يستطيع عن طريقها العراق من خلق موازين الردع ضد أعداءه , وبروز ظاهرة الحشد الشعبي في العراق كعامل ثوري سياسي واجتماعي داخلي قادر على خلق موازين قوى مقاوم للطغيان والظلم والاطماع الخارجية والثقافة المستوردة . وجود نموذج إسلامي [اتخذ اطار دولة] وفق المذهب الجعفري بقيادة علماء الدين , متجاوزين مفهوم [فصل الدين عن الدولة]، نستخلص من ذلك بروز منهج لفكر حاكم في الساحة العالمية من خلال الاستقلالية الفكرية التي يتمتع بها الإسلام . وامتلاكها لمرونة الحوار مع دول العالم المختلفة، وبدأت تبرز كقوة فاعلة في الشرق الأوسط، وذات تحالفات إقليمية ودولية ناجحة حيث جذبت محاور الدول الرأسمالية والاشتراكية لطاولة الحوار
[70] يقول محمد باقر الصدر في ندائه الأول : [ أطالب الحكومة بفسح المجال للشعب ليمارس بصورة حقيقة حقة في تسيير شؤون البلاد وذلك عن طريق اجراء انتخاب حر ينبثق عنه مجلس امة يمثل الامة تمثيلا صادقا] حمل ندائه الى جماهير الشعب ووضع الخطوط العريضة والمباشرة في ابراز دور إرادة الشعب في المطالبة بحقوقه فقال الجماهير هي دوما اقوى من الطغاة مهما تفرعن الطغاة , وقد تصبر لكنها لا تستسلم .[70] في ندائه الثالث للشعب العراقي : [اني اخاطبك في هذه اللحظة العصيبة من محنتك وحياتك الجهادية , بكل فئاتك وطوائفك , بعربك واكرادك , بسنتك وشيعتك , لان المحنة لا تخص مذهبا دون اخر ولا قومية دون أخرى , وكما ان المحنة هي محنة كل الشعب العراقي , فيجب ان يكون الموقف الجهادي , والرد البطولي , والتلاحم النضالي , هو واقع كل الشعب العراقي … الى ان يقول ان الطاغوت واولياءه , يحاولون ان يوحوا الى أبنائنا البررة من السنة ان المسالة مسالة شيعة وسنة ليفصلوا السنة عن معركتهم الحقيقية ضد العدو المشترك]
[71] من خلال شعارات حزب البعث نلاحظ انه نظام سياسي خليط بين شعارات اشتراكية ورأسمالية , يفتقر الى رؤية اجتماعية ثابتة , ولا يرقى في معظم سياساته الداخلية الا كحالة طارئة لاحتواء المستجدات التي تؤثر على البنية الاجتماعية من خلال الحروب التي اقحم العراق فيها , , ابرز مميزات النظام الاجتماعي في فترة حزب البعث العربي الاشتراكي هي محاولة إيجاد حلول طارئةلمشاكل المجتمع المتفاقمة.
[72] قادوا راس السلطة العراقية في الفترة 2004-2005 , تم فيها, تدمير البنية التحتية والمالية وسرقات لخزينة الدولة وللمتاحف الحضارية, و اسقاط سلطة القانون وتفشي خطر لمنظومة الفساد في مختلف مؤسسات الدولة على سبيل المثال عندما يقوم المجند الأمريكي بالسير في الشارع، واجبار سيارات الشعب العراقي السير على الأرصفة، يعتبر احد أوجه تكسير سلطة القانون في ذهنية المواطن العراقي .
[73] تواجد هذا التنظيم في ارض العراق منذ 2003 , اعلن البيعة لأسامة بن لادن وايمن الظواهري , بقيادة أبو مصعب الزرقاوي , بلغ نشاطه الذروة في 2006-2007 , وبدأ امفهوم العودة الى موروث فقهي خلافي، وإعلان القاعدة في ارض الرافدين , ومن ثم تطور الى الدولة الإسلامية في العراق والشام , ارادت منه خلق النزعة الانجذابية الدينية واعادة توليد اشكاليات تاريخية تخص مفهوم ترفعه داعش ، هنا ظهر العراق وكانه الساحة التي ظهر فيها تناقض المشروع الوحدوي الديني , من خلال مشروع مرتكز على المنهج الامامي له مرجعيته الدينية والسياسية المستعدة لقيادة الامة . وأخر انتهج سياسة التكفير للتيار الاول حاملا منطق الوهابية، تلك الحركة الباطنية. تحالف ايران مع العراق في مقاتلة هذه المجاميع عامل وحدة إسلامي يتجاوز العامل القومي، فسقوط هذه الأيديولوجية العنيفة عند اتحاد هاتين الدولتين وحزب الله تحت اسم كل من ابو مهدي المهندس , وقاسم سليماني قائد فيلق القدس , وحسن نصرالله , ومن خلفهم الجيش والحشد الشعبي، لتنهار داعش هي ومقوماتها خلال أربع سنوات.
[74] تزامن مع قرب هذه الاتفاقية من عامها المئة ملابسات أعلنها رالف بيترز ادعى فيها ان حدود اتفاقية سايكس بيكو التي اسست الدول العربية الحديثة لم تكن مطابقة للتركيبة الاثنية والمذهبية للمجتمعات العربية 2006, فهل هذا يعتبر سايكس بيكو جديدة في القسم العربي الاسيوي. ما نشرته مجلة التايم الامريكية في العدد الصادر 30/6/2014 خارطة العراق وهو يحترق , تحت عنوان نهاية العراق , متضمن تقرير يتحدث عن تقسيم العراق الى ثلاث دول, وعند تتبع الدافع الاصيل لهذا الطرح , نلاحظ انه يعود الى تصور قدمه بن كورين كتصور مستقبلي- عرضه على وزير خارجيته موشيه شاليط فكرة تفكيك الجوار العربي الى كيانات طائفية , يتبعها طروحات لاوديد بينون عام 1982 الذي اعاد وطرح الفكرة ذاتها وعممها على كامل الهلال الخصيب , تبعها طروحات برنار لويس في التسعينيات والذي توقع فكرة تقسيم المنطقة على اساس الانتماءات المذهبية والاثنية. ويعتبر الرئيس الامريكي جوزيف بايدن يتبنى هذه الاستراتيجية كحل في العراق، بعد 2003. او تصاعد الاطماع التركية، على الرغم من تداعيات احتلال العراق على غرب اسيا ,وصعود مصطلح دولة كردستان الكبرى الذي ي ادى الى خلق اشكالية اقليمية، الا ان ذلك لم يقف عائقا وتصاعد التنافس بين القوى العالمية بين الصين وروسيا من جهة وامريكا من جهة ثانية على الصعيد العسكري والاقتصادي , يعتبر العراق عاملا مهما في تامين تعدد الانساق والاقطاب الصاعدة.
[75] انتصار الجيش العراقي والحشد الشعبي اللذين على تنظيم داعش , في انهم استطاعوا من الامساك بالتغييرات الجيوسياسية – الذي تتحرك به أمريكا . يستطيع العراق ان يتمسك بأراضيه من خلال الانفتاح على الصين، حيث جاءت الصين كنسق جديد يناقض الطبيعة الجيوسياسية التي يتحرك بها هذا النسق الأمريكي. ليتبلور لدى العراق 2008- 2019 وبتحالفه معها يستطيع ان يخلق ميزان قوى ثلاثي قائم على وحدة الدولة العراقية , وكيفية توظيف هذا التنافس الصيني –الامريكي لصالح تنمية الدولة العراقية الموحدة من خلال اتفاقية الحرير الصينية لانه نسق تنموي حاصل على التأييد الدولي , ويحترام سيادة الدول, والأخذ بنظر الاعتبار المخاوف الامنية للدول المعنية , حمل تداعيات كبيرة وضاغطة على النظام الرأسمالي القائم على عدم احترام سيادة الدول , وادخال الجيوبوليتك كاداة استغلال. والدين كعامل يفرز التناقض الى عالم متعدد الاقطاب تكون هي احداها وبأقل الاضرار و ولعلها تحمل هذه المرة الدين الابراهيمي الجامع للاديان – على حد قول مهندسيه- لتبدأ مرحلة أخرى من عالم التناقض.
[76] طرح الشام الجديد[ العراق والأردن ومصر]، واقصاء سوريا بقدر ما هو عملية تنظيمية لاصطفاف جديد.
[77] فبعد ان كان راس السلطة الحاكمة بمنائ عن عملية التناقض ويتم توجيهه خارج جسم نظام الحكم في الدولة العراقية قبل 2003. اصبح بعد هذا التاريخ تفكيك راس الدولة العراقية وطبقتها الحاكمة من خلال رموزها اللذين أوكلت لهم مهمة افراز التناقض وباستمرارية، وهذا ما يفسر لماذا تتنبأ مراكز هندسة القرار العالمية بانهيار العراق، او على حد قول دونالد ترامب لم يعد يوجد دولة اسمها العراق
[78] كما لا بد من الإشارة الى ان هذا التناقض تم اتخاذه ذريعة من قبل بعض الحركات والأحزاب العراقية الأخرى , و العاملة معهم والتي عمدت [التركيز على دور الدعوة والصدر] والاختباء خلف هذه الإشكالية ورفع شعار التهميش , ليتم اغفال تقصيرهم في فتح مناطقهم كحاضنة للإرهاب من جهة , والتظاهر بامتلاك القدرة على إدارة الدولة العراقية افضل من ذلك ,على الرغم من ان الدولة العراقية تقودها قيادات لرئاسة الجمهورية من المذهب السني منذ تأسيسها بعد انهيار الدولة العثمانية الى 2003, كما بقي هذا المنهج متبعا الى اليوم , حيث تم اعتباره للأكراد وهم من السنة أيضا , واكتفاءها بدور المتفرج , واللجوء الى الابعاد الخارجية , منها ما اسموه بالبعد القومي , ومنها ما تم ربط العراق به إقليميا ودوليا بعيدا عن مصلحة العراق والجيوبوليتك الذي يقع فيه, فاصبحوا من ابرز عوامل بث التناقض المجتمعي والسياسي.
[79] ولعل هجوم داعش , في 2014 , دليل قدرة الدولة العراقية واذرعها المتناقضة على التحرك على ارض الواقع , واظهر الواقع كيف انهم لا يملكون القدرة على إدارة الجيش وتوجيهه وتجهيزه ,لان التجربة الغير نظيفة فرضت واقعا اخر , واقع يدار ذاتيا وفق العرق والطائفة مدفوع بإرادات إقليمية ودولية , فأصبحت قضايا حماية العراق تتحرك وفق نسق معين لا تمتلك الحكومة العراقية الإرادة في التحكم به
[80] القران الكريم: سورة ال عمران، اية 67
[81] جمال الدين اسد ابادي , 1838-1897 ولد في مدينة اسد اباد في ايران بالقرب من مدينة همدان , لقب بالأفغاني , لأنه استوطن فترة من من الزمن أفغانستان , من ابرز مؤلفاته البيان في الانكايز والافغان , رسالة في الرد على الدهريين , العروة الوثقى.
[82] اهذه اللفظة التي انتشرت في الهند والمجتمع الهندي في حقبة الاحتلال الإنكليزي اللذين حكموا ضفاف القارة شبه الهندية عن طريق شركة الهند الشرقية , واوعز اسد أبادي الى ان هناك أسبابا استعمارية خارجية وظروفا انكلو- ساكسونية كانت وراء سباقهم مع اقرانهم من الاوربيين واستخدامهم لأساليب وحيل تستند الى دوافع حب الذات, لأجل الاستئثار ,كانت وراء تصدير منهج علماني رافض للدين , في جغرافية دينية ولتفسير ذلك قسم جمال الدين الافغاني -اسد ابادي- في حال بيان جذور الدهريين-العلمانيين- الى ما قبل المسيح عليه السلام حيث قال في الرد على الدهريين [اثبت ثقاة المؤرخين ان حكماء اليونان انقسموا في القرن الثالث والرابع قبل الميلاد الى فئتين، الأولى تمثل اراء فيثاغورس , وسقراط وارسطو, وافلاطون, واطلق عليهم اسم الالهيين اللذين قالوا: الى ان هناك موجود مجرد واحد من جميع الوجوه , مبرأ الذات والتركيب ومحال عند العقل تصور التركيب فيه وجوده , هو المصدر الأول للوجود , وهو الموجود الحقيقي. اما الثانية من أمثال ديمقراطيس , والمفكرين الرأسماليين , البراغماتيين, والماديين والطبيعيين والماركسيين اللذين ارتكزوا على المادية ونفوا كل ما موجود سواها, وذهبوا الى ان وصف الوجود مختص بما يدرك بالحواس الخمس لا يتناول شيئا وراءه] بصورة عامة اصبح الاطار الفلسفي محدد بالماديات الارضية , بعيدا عن منبع المعرفة الإلهي , اختلف هؤلاء الماديين في تصوراتهم ومنهجهم الفكري وتفسيراتهم , فذهب بعض منهم الى القول ان هذا الوجود العلوي والسفلي ونشأة المواليد على هذه الهيئة يعود الى الصدفة او الطبيعة والى ذلك يعود نظامها المتقن والمحكم الذي لا يستطيع احد ان يفعله الا الصدفة, فذهبوا يبحثون عن اصل الانسان في النبات او الحيوان وانه انتقل من طور الى طور ليصل الى ما هو عليه اليوم من الهيئة. اسد ابادي , جمال الدين , الرد على الدهريين , دار نشر مؤسسة الهنداوي , مصر
[83] امان الله , فصيحي , العلمانية مذهبا , ص 18-26
[84] تحليل الواقع العراقي نلاحظ ان هناك بعدين تحركا فوق الساحة العراقية بعد ذهني، وبعد عيني:
البعد الذهني ان هناك تصور مسبق تم تهيئته للساحة , يخالف العلاقات الاجتماعية القائمة , يتم بين الواقع البنيوي الناتج عن ضخ النظام الرأسمالي لقيمه في المجتمع العراقي , وبين ما يتمخض عنه من سلوك يمارسه الافراد في المجتمع العراقي مما يودي الى خلق الواقع الاجتماعي العراقي الحالي باعتباره البعد العيني , واقعا عراقيا ذو علاقات بنيوية جدلية عديدة سواء منه الاجتماعي او السياسي , بدءا من الدولتين نفسيهما [ العراق وارثه الحضاري والديني, وامريكا وهمجية التاسيس الحضاري]علاقة متناقضة , ناهيك عن وضع العراق تحت الاحتلال الأمريكي الذي افرز منظومة سياسية فيدرالية وفقا لوضع أمريكا, وجهاز دولة جدلي ومتناقض تبنت فيه مفاهيم وقيم هذه الحالة التي أسست لما يعرف [ بالعربي والكردي والمسيحي , والسني والشيعي] في العراق الموحد, الذي قلب الى فيدرالية فأصبحت العلاقات الجدلية بين هذه المكونات تؤسس لعلاقات بنيوية اجتماعية باحثة عن الانفصال والانسلاخ عن جسد الدولة وجاذبة لعلاقات خارجية ليس بالضرورة فيها صالح العراق , وظهرت أيضا كسلوك في الواقع الاجتماعي يمارسه الافراد , وهذا ما يعتبر عملية بنيوية اجتماعية لانساق تخلق حالات التنافر والتناقض باستمرار , ومن امثلة ذلك إقليم كردستان العراق كتجربة تفسر العلاقة الجدلية التي يمر بها العراق مع شماله , وجذبه لعلاقات خارجية ضارة بالعراق , والحاضنة الاجتماعية لداعش التي عملت مع داعش على خلق علاقات ضارة بالعراق وبالدين الاسلامي بصورة عامة.
هذا اذا ما علمنا ان العراق في عرف الأنظمة الرأسمالية يعتبر من المجتمعات ذات الرمزية الشاملة أي لديه رموز ذات طابع ديني , وان السلطة فيه , سواء العائلية والسياسية والمجتمعية والقبلية , هي دينية , لذلك فان عملية التحديث التي مارستها الرأسمالية-أمريكا والدول المتحالفة معها- وفق رؤيتها للمجتمع الحديث ستعمل على ان تصل لكافة المستويات, وتحاول جاهدة ان يطالها التغيير , والهدف من ذلك إضفاء العلمانية على هذه المستويات المؤسسة للمجتمع , والعمل على ان يفقد الدين مكانته الاجتماعية لديهم , فتحاول عن طريق خلق مؤسسات تعمل على فرز البنى المختلفة , فتقسم المؤسسات وتوزع المهام والاعمال في نظام اجتماعي معقد ومتطور , فتظهر سمة البيروقراطية بشكل عنيف , يرى بارسونز من انه يقف بالضد من الحالة العامية في المجتمع التقليدي , بالإضافة الى النتائج المترسبة عن ذلك هو تعدد وتمايز النماذج وعوالم الحياة التي تخلق انساقا متنافسة متعددة في المجتمع ,على سبيل المثال يعاني العراق 2003 من تمايز تهميش دور السلطة المركزية سواء منها السيادي لتداخل الانساق الدولية في مسار الدولة العراقية , او تمايز التهميش الاقتصادي وانعدام شبه كامل لوجود المدن الصناعية العراقية او على اقل تقدير تشغيل بعض المعامل القديمة , وهذا يتبع للارادات الخاصة للطبقة السياسية التي تعتمد على نظام الاستيراد بدل من تشجيع القطاع الزراعي وربطه بجهاز الدولة باعتباره احد الثروات الوطنية , تمايز منافسة القطاع الخاص للقطاع العام في مختلف المجالات , لكن تبلغ الذروة في قطاع التربية والتعليم الذي يهدف الى الغاء دور الدولة عن حقيقة طبيعة الثقافة التي تبني الأجيال القادمة , هذا اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الخلفية الثقافية والدوافع الكامنة وراء كل الجامعات والمدارس الخاصة ومصادر تمويلها لوجدنا ان هناك تمايز لانساق ثقافية مختلفة وذات توجهات أيديولوجية تفرز التناقض , وتسوق للعلمانية بعيدا عن الدين. اما القبيلة او العشيرة، تعتبر فترة ظهور داعش من اكثر الصور التي تعبر عن تبعية افراد العشيرة لكبيرهم الذي بايع الإرهابي أبو بكر البغدادي , اصبح المجتمع العراقي يعاني من ظاهرة فض النزاعات العشائرية بطريقة بعيدة عن الدين والقانون , وتمايز لدور العشيرة ورئيسها في تقرير مسار بعض القضايا الاجتماعية والخلافات الاجتماعية عن طريق تحديد مبالغ مالية , او استخدام السلاح لفض النزاعات الناشئة بين جماعة وأخرى , بحيث يظهر كسلطة ثالثة في المجتمع , وهذا بدوره أيضا يعود الى ضعف سلطة القانون.
المصادر
- القران الكريم
- السنة النبوية
- علي بن ابي طالب , نهج البلاغة
- الطبرسي , رضي الدين ابي نصر الحسن , مكارم الاخلاق , تحقيق : حسين الاعلمي , ,دار نشر : ذوي القربى, ط2 , قم 1993
- ابن خلدون , عبد الرحمن بن محمد, مقدمة ابن خلدون, تقديم محمد الاسكندراني, دار الكتاب العربي , بيروت 2020
- الشيرازي , محمد الحسيني , كتاب العقائد: الفقه موسوعة استدلالية في الفقه الإسلامي , ط2, دن: مؤسسة الامامة للتحقيق والنشر , بيروت , 2000
- النراقي , محمد مهدي , جامع السعادات ,ج1,نشر إسماعيليان ,ط ,ط7, ايران , 2007
- الخميني , روح الله , الاربعون حديثا, تعريب محمد الغروي , مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني الشؤون الدولية ,ط11
- الخميني, روح الله, الحكومة الإسلامية , ط3, شبكة الفكر , بيروت, 1969
- البهجة , محمد تقي , نشر: مركز حفظ ونشر التراث , ط5, بيروت , 2015
- الصدر, محمد باقر , المدرسة القرانية , دار التعارف للمطبوعات , 1980, بيروت
- الصدر, محمد باقر , الإسلام يقود الحياة , مكتبة الكلمة الطيبة, ط1, بغداد , 1012
- الصدر, محمد باقر, فلسفتنا , دار التعارف للمطبوعات , بيروت , 2009
- الصدر محمد باقر , اقتصادنا , دار التعارف للمطبوعات , بيروت , 2009
- الصدر، محمد باقر، في رحاب الاخلاق، دار المعارف الإسلامية , 2014
- الصدر، محمد باقر، ملخص نظرية الدولة عند محمد باقر الصدر، مركز المعارف الإسلامية، ص 10 , 2015، قم
- الحكيم، منذر، مجتمعنا: في تراث الشهيد محمد باقر الصدر , دار التعارف للمطبوعات ط1. 2011, لبنان
- الحكيم , رياض , العقيدة في عشرة دروس , دار الهلال , ط5, النجف, 2007
- الحرز , عبد اللطيف , من العرفان الى الدولة : التصوف في فكر الامام الخميني والشهيد الصدر , دار نشر الفارابي ,ط1, ايران
- العاملي , عباس امين حرب , جواهر الفلسفة في فكر محمد باقر الصدر: دراسة موضوعية في معترك الصراع الفكري بين مختلف التيارات الفلسفية الإسلامية والماركسية , دار المحجة البيضاء, ط1, بيروت ,2013.
- حقائق المجتمع، دروس في فكر الشهيد محمد باقر الصدر، مركز المعارف للتأليف والتحقيق، ط1, 2009, بيروت
- القرشي, حيدر مهدي, اوهن البيوت و سلسلة الرد على الملحدين نشر : دار السرور , مطبعة الوردي, ط 1, بغداد, 2019
- اللاهوري , محمد اقبال , التجديد في التفكير الديني , ترجمة عباس محمود , ط 2,بيروت ,2015
- اسد ابادي , جمال الدين , الرد على الدهريين , دار نشر مؤسسة الهنداوي , مصر
- ابو رغيف، مهند عبد الكريم خلف، السيد محمد باقر الصدر حياته ودوره في السياسة العراقية (1934-1980) ، ص70, مؤسسة مصر مرتضى للكتاب العراقي، ط1.
- امان الله فصيحي, العلمانية مذهبا : المجتمع العلماني : المكونات والمميزات , مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي , ت: حيدر نجف , ط1, بيروت, 2014
- بهشتي ,محمد حسيني , الشهيد الدكتور امة في رجل , اصدار وزارة الارشاد الإسلامي , طهران , 1981
- دراز, محمد عبدالله ,مختصر لدستور الاخلاق في القران الكريم , اعداد : محمد عبد العظيم علي , دار الدعوة للطباعة والنشر, ط1, 1996,مصر
- دستغيب الشيرازي , العدل شهيد المحراب , سلسلة أصول الدين , ترجمة : احمد القبانجي, , نشر مكتبة الفقيه, ط2, الكويت, 1987
- دستغيب , الاخلاق الإسلامية , نشر : الدار الإسلامية , شبكة الفكر , ط2, بيروت , 1991
- سعيد , علي احمد ,الثابت والمتحول , ج1,ط5, 1986, دار الفكر, بيروت .
- سربخشي ,محمد , العلمانية مذهبا : الاخلاق العلمانية ام العلمانية الأخلاقية, مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي , ترجمة حيدر نجف, ط1, بيروت 2014.
- شريعتي، علي، النباهة والاستحمار , ط1, مركز الدراسات التاريخية والاجتماعية , لندن , 2014
- شريعتي علي , ابي امي نحن متهمون , مركز الدراسات التاريخية والاجتماعية , لندن, ط1, 2014
- شحرور، محمد , الدولة والمجتمع , ص 66, دراسات إسلامية معاصرة ,العدد2,
- شمس الدين , مهدي, حكايات الشيخ بهجت الظهور والدولة وما قبلهما وما بعدهما ترجمة ابي عبدالله النجفي, مؤسسة الاعلمي للمطبوعات , ط1, بيروت , 2010
- عز الدين , حسين , جدلية الثيوقراطية والديمقراطية مقاربة في أنظمة الحكم على ضوء الفكر الامامي ,دار الرافدين ,لندن, ط1, 2006.
- فضل الله , محمد حسين , في رحاب اهل البيت , ج2, اعداد شفيق محمد وسليم الحسني , دار الملاك ,ط1, بيروت , 2001
- محسني، محمد جواد, العلمانية مذهبا: مدخل الى العقلانية العلمانية لأ أفكار ماكس فيبر نموذجا] , مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي , ترجمة : حيدر نجف, ط1, بيروت 2014
- الصدر, موسى, الامام المغيب موسى الصدر, نشر مركز الامام موسى الصدر للأبحاث والدراسات , ط1,
- محمد سيد احمد , نظرية القوة في عالم لا يعترف بالضعف , صحيفة البناء : رئيس تحرير ناصر قنديل , بيروت :16/2/2022.
