الأسس والمباديء والمميزات في كتاباتوتطلعات الإمام الشهيد محمد باقر الصدر
العنوان: الأسس والمباديء والمميزات في كتابات وتطلعات الإمام الشهيد محمد باقر الصدر
الكاتب/الكتّاب:
عبدالإله نعمة الشبيب - الكلية التربوية المفتوحة/مركز النجف الأشرف
-
-
-
الملخّص
عنوان البحث هو ( مجتمعنا ) الأسس والمباديء والمميزات في كتابات وتطلعات الإمام الشهيد محمد باقر الصدر ، وقد تناول الباحث بعد المقدمة ومحتوياتها الاكاديمية في المبحث الاول المفرداتِ المفتاحيةَ للبحث ، وهي أربعة : المجتمع والأُسس والمباديء والمميِّزات ، والتي لا غنى عنها ولا عن النماذج الدينية الاجتماعية التي قامت عليها لمن يريد أن يقيم عليها بناءً اجتماعياً دينياً اليوم او في المستقبل ، ثم تناول في المبحث الثاني أُسس ومباديء ومميِّزات المجتمع الإسلامي من خلال نظرة الإمام الشهيد محمد باقر الصدر( قدس سره) والذي استطاع من خلالها اكتشاف النظرية الاسلامية في بناء المجتمع الاسلامي ضمن تشخيص حصره في خطوات خمس ، والتعريف بالنظام الاجتماعي القائم عليها ، وفي المبحث الثالث تناول دوافعَ وتطلعاتِ الإمام الشهيد الصدر لتأليف كتاب( مجتمعنا ) وقد عثرَ الباحث على ستّة دوافعَ منها . ثم انتهى البحث الى جملة من النتائج والتوصيات وختم بفهرست للمصادر والمراجع المعتمدة فيه.
الكلمات المفتاحية:
Abstract:
Keywords:
البحث الكامل
تمهيد
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
(فلسفتنا)،(اقتصادنا)،و(مجتمعنا) كلُّ هذه العناوين التي عُرِفَت للشهيد الصدر(قدس سره) يراد بالأوّل فلسفة الإسلام، وبالثاني اقتصاده، وبالثالث طريقته الحركية التغييرية في بناء مجتمعه، وبعبارة أخرى ما يَحمِلُ عنده كشفاً جديداً على صعيد الفهم والتَّصور في بناء المجتمع الإسلامي.
ومن هنا فإنَّ الأُسُس والمباديء والمميِّزات التي تبنّاها وأخرجها فكر وقلم الإمام الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره) فيما تضمنته فكرة (مجتمعنا) المنتشرة بين مطاوي مؤلفاته المباركة تمثِّل حُلُمَه في أن تُخرج أفكاره التغييريّة الحركيّة كتاباً مستقلّاً وكشفاً جديداً كـ (فلسفتنا) و(اقتصادنا) محقِّقاً ما يتطلَّع إليه من نموذج الكشف القرآني للأمّة الخيِّرة التي يحاكي بناؤها ما بناه رسول الله(ص) وما أخبر بصيرورته القرآن الكريم بقوله تعالى:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّة أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ).
وقد استطاع البحث الوقوف على قراءة الشهيد الصدر(قدس سرُّه) لهذه الفكرة فيما يلي:
أولا: في آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية وأحاديث العترة الطاهرة التي اعتمدها والتي تهدي المجتمع الإنساني الى اقتفاء معالم هذا النموذج الحلم الذي أخرجه يراعه ، والذي نريد إخراج قوانين بنائه في هذا البحث من خلال محور الأسس والمباديء والمميزات.
ثانيا: في سطور كتاباته (قدس سره) في (المدرسة الإسلامية) و(الإسلام يقود الحياة) و(سنن التاريخ) و(عناصر المجتمع) و(النظرية الإجتماعية) و(النظام الإجتماعي الإسلامي) و(صورة عن إقتصاد المجتمع الإسلامي ) وغيرها.
ثالثا: فيما سطَّرتْه أيدي العلماء والكتاب والباحثين الكرام في هذا المجال مِمَّن يلتقي مع رؤيته الإسلامية في بناء المجتمع أو ممن نهل من نمير أفكاره من أمثال: المفكر منذر الحكيم في كتاب(مجتمعنا في تراث الشهيد محمد باقر الصدر) والشهيد المفكر(عبدالزهرة عثمان محمد) في مقالات(الإمام الشهيد محمد باقر الصدر رائد حركة التغيير في العراق) وغيرهم من العلماء والفلاسفة والكتاب والباحثين الذين لهم تخصّص او كتبوا في هذا المجال، وتلامذته الذين استوعبوا تراثه درساً وتمحيصاً وتدريساً.
عنوان البحث
إنَّ البحث الذي بين يديِّ الباحث هو: ](مجتمعنا) الأُسس والمباديء والمميِّزات في كتابات وتطلّعات الإمام الشهيد محمد باقر الصدر[.
أهمية البحث
لا يمكن تقدير أهمية بحث هذه المسألة إلا بمقدار ما ورد لها من مدح في القرآن، ولولا مزاحمة الواقع آنذاك في حاجة المجتمع الى الإنقاذ من أخطار الفلسفة المادية وأخطار النظام الرأسمالي اللذين كانت عنايته (قدس سره) فيهما ما كانت قضية المجتمع الإسلامي وبناؤه وفق النظرية الإسلامية مُرجأةً؛ لإيمانه بأنّه بغير الإسلام وطريقة بنائه المجتمع لا يتنتهي المجتمع البشري إلى الكمال.
غاية البحث وهدفه
إنَّ الغاية والهدف الذي رصده السيد الشهيد محمد باقر الصدر لموضوع (مجتمعنا) كان تقديمَ البديل والأنموذجَ الأفضلَ للمجتمعات الإسلامية التي تسمِّي أنفسها بذلك، وهي ليست على المستوى الذي يمثِّل الإسلام المحمَّدي الأصيل، ولا بالذي تطمح إليه الرسالة الاسلامية.
صعوبة البحث
وليس هناك من صعوبة في تغطية البحث الذي اخترناه إلّا في مراجعة النصوص ذات العلاقة به ممّا كَتَبَه في كُتُبِه الشريفة وحسن الرَّبط بينها للخروج فيه إلى ما كان يرمي إليه (قدس سره) في أطروحة (مجتمعنا).
منهج البحث
أمّا منهج البحث وطريقة التفكير فيه فهو المنهج النقلي الذي يقوم على عناصره من توثيق إسناد النصّ من قائله، والتحقّق من سلامة النصّ، وفهم مدلوله والوصول من خلاله الى النتائج المرجوّة.
السابقة في البحث
من المحاولات التي سبقت بحثنا محاولة الشهيد الصدر في (مجتمعنا) وإن كانت على نحو اختيار الموضوع والمسائل المتعلِّقة به وأجوبتها المؤقَّتة، ومحاولة السيد منذر الحكيم تحت عنوان (مجتمعنا في تراث الشهيد محمد باقر الصدر)، إلّا أنّه لا سابقة مستقلَّة للبحث بخصوصيّته البارزة في عنوانه.
فرضية البحث
وتقع في عدة أسئلة تمثِّل إجابتها المؤقَّته طريقاً الى الحلّ (الستراتيجي) لمشكلة البحث، وهي:
1–هل إنَّ المجتمع الإسلامي يبتني على أُسُس ومباديء خاصّة به ويتميَّز بمُميِّزات تميِّزُه عن سائر المجتمعات؟
2- ما هو الكشف النظري المفترَض بناؤه على الأسس والمباديء والمميِّزات التي التي يمكن اقتناصها مِمّا طرحه الشهيد الصدر في مجال (مجتمعنا)؟
3- ما هي آثار الأسس والمباديء والمميزات التي دفعت السيد الإمام الشهيد الصدر الى التفكير بتأليف كتاب (مجتمعنا) وإلى التطلِّع إلى فكرته ؟
مشكلة البحث
إنَّ مشكلة العالم اليوم بنظر الشهيد الصدر(قدس سره) هي مشكلة النظام الإجتماعي ، ومشكلة البحث هي ما هي الأُسُس والمباديء والمميِّزات التي ينبني عليها هذا النظام الذي يصلحُ العالمُ به ويَمسُّ سعادتَه بالصميم؟
هيكل البحث
وقد تهيكلَ البحث بعد الخلاصة المترجمة في ثلاثة مباحث هي:
الأوَّل: نظرة عامّة في الكلمات المفتاحية لعنوان البحث.
الثاني: في أسس ومباديء ومميّزات المجتمع الإسلامي من خلال نظرة الشهيد الصدر(قدس سره).
الثالث: آثار الأُسُس والمباديء والمميِّزات وطرقها التي دفعت السيد الصدر(قدس سره) نحو التطلُّع الى تأليف كتاب(مجتمعنا) ؟
وخاتمة ثم طائفة من النتائج وخلاصة مترجمة و(فهرست) المصادر والمراجع المعتمدة في البحث.
المبحث الاول
نظرة عامّة في الكلمات المفتاحية للبحث
تقع هذه النظرة العامة في الكلمات المفتاحية في عنوان البحث، وفيما يَتعلَّق بها لحاظاً، وهي: المجتمع، الأسس، المباديء، والمميزات.
المجتمع ((society
المجتمع في اللغة والاصطلاح
جَمَعَ الشيء عن تفرقة يجمعه جمعاً وجَمَعَهُ وأجْمَعَهُ فاجتَمَعَ واجدَمَعَ، وكذلك تجمَّع واستجمع، وتجمَّع القوم اجتمعوا من ههنا وههنا، والمجتمع هو الجمع وقد يستعمل في غير الناس([1]). وفي مختار الصحاح: المجموع الذي جُمِعَ من ههنا وههنا وإن لم يجعل كالشيء الواحد([2]) وفي القاموس المحيط كلُّ ما تَجَمَّع وانْضَمَّ بعضُه إلى بعض([3]). ويعرف أيضاً بأنَّه المصطلح الذي تمَّ اشتقاقه من الفعل جَمَعَ المقابلة لكلمة فرَّق، وهي توزن لُغَوياً من مُفتَعل، وهي تأتي في معناها إلى حبّ الإجتماع ونَبذِ التفرِقة، ويطلق على جماعة الناس، وإن كان البعض يرى في تلك الكلمة بأنَّها خاطئة فيجب إطلاق لفظ جماعة بدلاً منها، والعلم الذي يتناول المجتمع بجميع ما يحتويه يُعرَف بـ (علم الإجتماعSociology)([4]).
أمّا المعنى الإصطلاحي فقد عرَّفه علماء الاجتماع بتعاريف عدة منها: “هو جماعة من الناس تعمُر مكانا لأوّل مرة ويشترك أعضاؤها في الأحوال الأساسية للحياة المشتركة بالإضافة الى الإشتراك في الأحوال الخاصة” ([5]).
وأمّا الشهيد الصدر فقد أطلقه على ” الوجود المجموعي للناس باعتبار ما بينهم من علاقات وصلات قائمة على أساس مجموعة من الأفكار والمباديء المسندة بمجموعة من القوى والقابليات” وهذا هو الذي يعبَّر عنه في القرآن الكريم بالأمّة.([6]) أو على “عدة أفراد تجمعهم علاقات وروابط مشتركة”([7]) كمجتمع المدينة. وقد ذهب الفارابي إلى أنَّ المجتمعات الإنسانية تنقسم إلى قِسمينِ بلحاظ السِّعة والضيق.([8]) أو ثلاثة أقسام كما يذكر ذلك له محسن الأمين([9])، وذهب بعض علماء الاجتماع الى تقسيمات أخرى للمجتمع فمنهم من قسَّمه وفقاً لامكانياته الأولية ، ومنهم من قسَّمه حسب الكيانات السياسية التي تحكمه، ومنهم حسب المستوى في التقنية والاتصالات([10]) وغير ذلك.
الأسس(Foundations)
الأسس في اللغة والاصطلاح
[أسّ] وتقول:هو أسُّ الحائط، والجمع آساس. ويقال أيضا، هو أساس الحائط، والجمع اُساس([11]).
ويدل على الأصل والشيء الوطيد الثابت، وجمعه آساس. ويقال للواحد أَساس بقصر الألف والجمع أُسُس” ([12]).
وفي لسان العرب ” الأساس: كلُّ مبتدإِ شيءٍ. والأس والأساس: أصل البناء، وجمع الأُس إساس مثل عِس وعِساس، وجمع الأساس أُسُس وجمع الأسس آساس مثل سبب وأسباب “.([13]).
الفرق بين الأسّ والأصل
إنَّ الأُسَّ لا يكون إلا أصلا، وليس كلُّ أصلٍ أُسّاً؛ وذلك أنّ أسّ الشيء لا يكون فرعاً لغيره مع كونه أصلاً، مثال ذلك أن أصل الحائط يُسمّى أُسَّ الحائط وفرع الحائط لا يُسَمّى أُسّاً لفرعه([14]). وقد جعل صاحب الصحاح معنى الأصل هو الأساس أي إنَّه عرَّف الأصل بالأساس فقال:”أصل الشيء أساسُه الذي يقوم عليه”([15]).
وأمّا الأسّ في الإصطلاح فهو ما يُبتنى عليه غيره بالجملة، وهو مطابق للمعنى اللغوي، وهو كما يصدق على المعنويات يصدق على الماديات فالأُسُس في كلِّ شيء بحسبه ومنه قوله عزَّ وجلَّ:(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ…)([16]) فالبناء على جرف هارٍ أمرٌ حسيٌّ، والتقوى في الآية أمرٌ معنوي، والإجتهاد الصحيح في الفقه كذلك له أُسُس يُبتني عليها عمله “كالقواعد الأصولية وهي أُمور معنويّة مثل: الإستصحاب، والبراءة، والإحتياط، وقواعد الفقهية، مثل: قاعدة اليد، وسوق المسلمين، والضمان وعشرات بل مئات القواعد الأخرى. “([17]) والفكر الصحيح أيضا له أُسس مُحكَمة يرتكز عليها يوفّرها له علم المنطق والمجتمع أساسه الفرد”([18]). والأنثى والذَّكر يُشكِّلان أساس المجتمع دون فرق بينهما([19]).وممّا يستحكم به أساس المجتمع هو التحضيض والترغيب في أخذهما بالإئتلاف والإتفاق([20]) بل في الأخذ بمجموعة من القواعد الأخلاقية التي يعتبرها المجتمع أساساً لا يجوز الخروج عليه(public moralsrules of conduct) ([21]).
وإعلم -عزيزي القاريء- إنَّ أُسس المجتمع تختلف باختلاف لحاظها فبينما يرى صاحب الأمثل مثلاً في مورد من موارد تفسيره إنّ قواعد الإقتصاد هي أساس المجتمع وإنَّ الرِّبا ممّا يُزلزل هذه القواعد([22])،وإنَّ الأحقاد والعداوات مما يُزلزلها أيضاً([23]) يرى المُهتم بالقِيَم الإجتماعية والأخلاقيّة والعمليّة أنَّ معرفةَ الله هي أعرف القواعد الإجتماعية ([24]) وأمّا الشرع المقدّس فيرى إنَّ الأسس الشرعية الإجتماعية التي يرتكز عليها بناء المجتمع وكافّة تفصيلات بنائه هي الكتابُ والسنةُ والعقلُ والإجماعُ الحجّة؛ وذلك لأنَّ المجتمع الإسلامي موضوعٌ وبناؤه بالشكل الصحيح ووفقَ معايير العدل لا يتمُّ إلّا على هذه الأسس والقواعد الشرعية وما يستنبط منها من أحكام.
ومن هذه الأسس بنظر السيد محمد باقر الصدر التي يقوم عليها البناء الإجتماعي وتكون مرجعاً في ضبط بنائه ما يلي:
1- كون الإنسان كفرد أو كمجتمع تَتَحكَّم فيه السُّنَن التاريخيّة([25]) وأنّ الانسان لكي يكون إنساناً فاعلاً والمجتمع مجتمعاً فاعلاً لا بدَّ لهما أن يكتشفا هذه السنن وأن يَتعرَّفا على هذه القوانين([26]).
2- كون النظام الإجتماعي هو المحدِّد لِشَكْل العلاقة بين الإنسان والإنسان، والإنسان والطبيعة ، والتي يكون اللهُ المستخلِفَ للإنسان طرفاً رابعاً([27]).
3- ” كون الإنسان بمحتواه الداخلي هو مركز الثقل في المسيرة التاريخية، وإنّ الأساس في بناء هذا المحتوى هو المثل الأعلى المتبنّى من قِبَلِه”([28]).
4- ” إنّ القرآن الكريم يقدِّم الدِّين الحقّ لا بوصفه القرار التشريعي فقط بل يقدّمه بوصفه سنّة من سنن الحياة الإجتماعية للإنسان ومقوِّماً أساسياً له ولن تجد له تبديلا” ([29]).
وليعلم -القاريء الكريم- إنّ الأسس والقواعد الإجتماعية التي يُراد بناء المجتمع الإسلامي عليها تارة تكون غير خاضعة للتَّطوُّر والتَّغيُّر؛ لأنَّها وُضِعَت وتمَّت وكَمُلَت من قبل الوحي كثوابت من ثوابت الدين، وإنَّما الذي يخضع للتطور هو فروعها التي تتفرّع من تلك الأسس.” فالصوم كأساس وركيزة مشتركة بين جميع الأديان مثلاً لا اختلاف فيه بما هو أساس وأصل من الأصول التي بُنِيَتْ عليها الشرائع، وإنَّما يقع الاختلاف مثلاً في سعته وضيقه” ([30]) وهذا الأخير يمثِّل فرعاً من الأساس. وتارة تكون خاضعة فتَتَغيَّر الأسس بتغيُّر قاعدتِها، وهو ما أشير إليه بقوله تعالى:(إنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّى يُغيِّرُوا مَا بِأَنْفسِهِم)([31]) حيث تُشير الآية الى نموذج من نماذج سنن التاريخ أو السنن الإجتماعية مفاده إنّ المحتوى الداخلي للإنسان هو القاعدة والأساس، وأمّا الوضع الاجتماعي فهو البناء الفوقي الذي يَتَغيَّر بتغيُّر قاعدته وأساسه([32]).
المطلوب في البحث
إنَّ المقصود في (مجتمعنا) هو أن نكتشف أولاً أسس البناء الاجتماعي في ضوء تطلّعات وكتابات الإمام الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره)، وأن نُبرز ثانياً هذه الأسس والقواعد وطريقة البناء عليها. والأسس التي ذكرها (قدس سره) أربعة هي:
1 و2- الانسان والانسان الآخر
3- الإنسان والطبيعة
4- المنظِّم للعلاقة بين الإنسان والإنسان ، و بين الإنسان والطبيعة، وهو الله تعالى.
ونُعيد ثالثاً البناء الفوقي عليها ونرفعه كما رفع إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام القواعد من البيت في ضوء الفهم الهندسي والعلمي في البناء، وفي ضوء المطلوب الشرعي منه.
وأهميّة البحث تتجلّى مرّة أخرى في عظمة هذا العمل وفي حاجة الإنسان الى مثل هذا التحديد والتنظيم بعد أن رأى بعينيه كم هو التخريب الذي وقع ولا زال يقع في مجاله.
والبحوث الإجتماعية -للأسف- لم تعنَ بهذا الهدف بما يساوي أهميته وبالحجم الذي يتطلّع من خلاله الإنسان إلى حياة كريمة.
نعم ظهر عملاق الى الوجود في الساحة العراقيّة ومن حوزة النجف الأشرف وفي الثلث الأول من القَرن العشرين يحمل هذا الهدف متطلِّعاً إليه كمشروع ديني أولا وكمشروع حضاري في حقل المجتمع ثانياً اسمه محمد باقر الصدر، وقد ألمح إليه في كثير من كتاباته ، ولم تسنح له الفرصة في إنجازه؛ لإنَّ المجرم الظالم صدّام أجهز عليه وقتله. فماذا نريد أن نكون ونحن لسنا على مستوى جزء ضئيل من عبقريته وعظمته.
نعم كلّ الذي نريده في هذا البحث هو أن ننهل من كتاباته ونحلّل ونتدبَّر بما نهجه من نهج في هذا المضمار لعلَّنا نصيب شيئاً مما كان يصبو ويتطلّع إليه في هذا المجال.
المبادئ (Principles)
المباديء في اللغة والاصطلاح
بدوّ، بِدْء: وبَدأ الشئ يبدأ أي يفعله قبل غيره، والله بدأَ الخلق وأَبدأَ واحدٌ.([33]). وقولهم: لك البدءُ والبدأةُ والبداءة – أيضاً – بالمدّ: أي لك أن تبدأ قبل غيرك في الرمي أو غيره.([34])
بدأ: في أسماء الله عزَّ وجلَّ المُبديء: هو الذي أنشأ الأشياء واخترعها ابتداءً من غير سابق مثال.” ([35]).
والمباديء في الإصطلاح كما هي عند أهل التَّحقيق من الأوائل ما أُدْرِكَ قبل إنعام النظر([36])، أي المُدركات التي تحصل قبل التدبّر وبذل الجهد، وهي المرجع الأوَّليّ الذي يُرجَع إليه عند الإختلاف، يقول الآلوسي:”اللفظ إذا دارَ بينَ المجاز والاشتراك يُحملُ على المجاز كما تقرّر في مباديء اللغة” ([37]) أو يُرجَع إليه في تحصيل العلم ، من قبيل “مباديء الإستنباط من النحو والصرف ونحوهما في استنباط أُصول الفقه “([38]).
مباديء العلم والعمل
للعلم والعمل معاً مقدمات ومباديء، فمقدمات العلم ينبغي الدخول فيها ، والبحث عنها قبل الدخول في العلم عشرة:
” 1- اسم العلم 2- تعريفه ليكون الباحث فيه على بصيرة في طلبه3- موضوعه ليمتاز عن غيره أتمَّ تمييز4- معرفة غايته وثمرته ليخرج عن العبث ويزداد جدُّه.5- حكم الشارع فيه6- مصادره التي يستمد منها.7- مسائله 8- نسبته الى سائر العلوم 9- واضعه من العلماء والفلاسفة والاساتذة المتخصصين 10- فضله.
وقد نظَمَها كلَّها العلّامة الخُضَري في قوله:
مبادي أيِّ عِلْمٍ كان حدّ * وموضوع وغايــة مستمــدّ
مسائلُ نسبةٍ واسمٌ وحكمٌ * وفضل واضعٍ عشرٌ تُعَدّ”ُ([39])
والبحث في مباديء علمِ الإجتماع الذي نحن بصدد معرفتها لا يتعدّى عند الإمام الشهيد الصدر هذه الأمور العشرة وتنقيحها سواء كانت مباديء تصورية أو تصديقية او من المسلّمات التي لا تحتاج الى إنعام نظر من قبيل المباديء المنسوبة الى تعاليم الأنبياء وتوجيهاتهم.
مباديء البناء الاجتماعي
ومن مباديء البناء الإجتماعي:
1- مذاكرةِ أهل الإختصاص في الموضوع (المجتمع) وتعريفة منطقياً للتعرف عليه.
2-اقرار التدرج في البناء وعدم اعتماد التحول الفجائي بل لا بدَّ من زمنٍ وأجيال وأجيال كما هو مقرَّر في علم الإجتماع([40]).
3- لا بُدَّ له من منظومة أسس مجتمعية ومنهج يضع الَّلبِنَات الإجتماعية أو الأرضية الإصلاحية له([41]).
4- إقرار مبدأ انتظام شأنِ المجتمع عبر حاكم وليّ كفؤ نزيه لا مطلق وليّ الأمر المأمون على مصالحه.
5- اعتماد ركيزة الايمان بالله في البناء كفلسفة للنظام الاجتماعي القائم عليه ([42]).
6-اعتماد القاعدة المعنوية والخلقية على أوسع نطاق وأبعد مدى والقاعدة الفكرية التي ترسم أُسلوب الحياة ونظامها.([43]).
7- قصد الإخلاص في الشروع في هذه المباديء الإجتماعية وتَدبُّرها، وتفهّمِها بإرادةٍ منبعثةٍ عن شوق في البناء([44]).
فمن يريد بناء المجتمع على أسس ومباديء قيِّمة ينبغي له أن لا يتجاوز هذه الأُسُس والمباديء بل يعتبرها خارطة طريقه قبل الشروع في بنائه وصناعته وصيرورته. بل ويعتمد معها على قانون السببية؛ لأنَّ المبادي الماديّة والمعنويّة تُعَدُّ عِللاً وأسباباً لوجود المجتمع وصيرورته، كما إنَّ الخوض في المباديء – فضلا عن تشجيع بُناة المجتمع والدعاة إليه في تحقيقها وزيادة الإستعداد لذلك- ليست علوماً إفتراضية وبعيدة عن الأدلّة حتّى تَتَثاقل الهِمَم والخُطى في التفتيش والبحث عنها.
المميّزات(Characteristics)
المميزات في اللغة والإصطلاح
[الميز: التمييز بين الأشياء، تقول]: مزتُ الشيءَ أميزهُ مَيزاً، وقد انمازَ بعضُه من بعضٍ، وميّزتُه. وامتازَ القومُ: تنحّى بعضُهم عن بعض([45])ومثله في صحاح الجوهري([46]) ومثله ايضاً في معجم مقاييس اللغة لابن زكريا([47]).
وأما في الاصطلاح فلا يختلف المعنى فيه عن اللغة فقد ففي كتب الفقه التمييز حالةٌ يُميِّز بها الطفل بين الضرر والنفع وهو بلوغ سبع سنين او ثمان([48])، وبالتفقّه يُميِّز المكلَّفُ بين العقود الصحيحة والفاسدة وبين الحلال والحرام من الكسب.
وفي مورد البحث المُمَيِّز هو ما يراد تمييز المجتمع الاسلامي عن سائر المجتمعات الانسانية الاخرى، فإنَّ الأمر لا يعدو ان يكون التمييز بين مجتمعين: مجتمع الحقّ وهو المجتمع الإسلامي الذي يؤمن بالحقّ ويؤمن بشريعة الله التي هي أكبر من الجوّ الذي نزلت عليه، ومن البيئة التي حلَّت فيها، ومن الفرد الذي كُلِّف أن يقوم باعباء تبليغها، إلّا أنّها في جانبها الثاني من عملية التغيير كما يقول الإمام الشهيد محمد باقر الصدر يتحدَّث القرآن فيه عن بشر لا يتحدَّث عن رسالة السماء، بل يتحدَّث عنهم بوصفهم بشراً من البشر تتحكَّم فيهم القوانين التي تتحكم في الآخرين أما سائر المجتمعات الأُخرى-التي لا تؤمن بالحقّ كلّاً أو تؤمِن به مبعَّضاً، ولا قيمة لهذا الإيمان لأنَّه بنظر الشريعة يساوي الصفر- فلا تتحدّث في المقام الا عنه كبشر فقط.
آليات التمييز
وللتمييز آلياتٌ يُستدل بها فيه، منها:
1- الوحي الذي به يخبر الله نبيَّه إنَّ هذا مُخلص وهذا منافق، ومنها بذل الأرواح في الجهاد، وانفاق الاموال في سبيل الله ونحو ذلك من التكاليف الشاقة مما تَظهر به أحوال المكلفين فيعلم البعضُ ما في قلب الآخر عن طرق الاستدلال بها.
2- الفطرة كما في قوله تعالى: (فِطْرَةَ اللهِ الَّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيهَا)([49]) التي تلهمهم الفجور والتقوى([50]) وتدعو الى التمييز بينهما.
3- العقل السليم. ورد عن علي (عليه السلام):”لا يغشُّ العقلُ من استنصحَهُ” ([51]) ويقول الشهيد الصدر:”إنَّ الأساس الأوَّل للعلوم والمعارف هو العقل الذي يدرك حقائق لا يقع عليها الحسّ كما يدرك الحقائق المحسوسة”([52]).
4- التَّفَقّه ونحوه في كلِّ علم من قبيل: “من تفقَّه استبصرَ”([53]) وما أدراكَ ما نور البصيرة!.
5- طريق التعليم الذي يميِّز كلَّ حقيقة باسمها ([54])” روى جعفر بن إبراهيم عن أبي عبد الله (ع) قال: أربعة لا يستجاب لهم دعوة: رجل جالس في بيته يقول: اللهم ارزقني فيقال له: ألم آمرك في الطلب؟ ورجل كانت له امرأة فاجرة فدعا عليها فيقال له: ألم اجعلْ أمرَها إليك ؟ ورجل كان له مالٌ فأفسدَه فيقول: اللهم ارزقني فيقال له: ألم آمرك بالإصلاح (بالإقتصاد) ثم قال:(والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قَواما) ورجل كان له مال فأدانه رجلاً ولم يشهد عليه فجحده فيقال له أَلمْ آمرْكَ بالإشهاد ؟ “([55]) ففي هذه الموارد الأربعة مثلا قد تمَّ فيها التعليم ووضح فيها الأمر من خلاله تمام الوضوح وانمازت فيه هذه الامور فلا عذر للعبد في مخالفتها بعد ذلك.
6-الضياء الذي جعله الله لنميِّزَ به بين الأشياء. (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ)([56])
7-الفتنة والامتحان فهما طريقان للعلم بحقيقة الأشياء، ومن سُنَن الله في ذلك سُنَّة الاختيار والإرادة التي يتميَّز بها الإنسان عن سائر الكائنات([57]). وقد ذكر السيد الصدر ان ما يُميِّز ظواهر الميدان الاجتماعي عن غيره من الميادين الكونية والطبيعية أنَّها تحمل ميزة الارتباط بهدف أو بغاية أو ما يُسمّيه الفلاسفة بالعِلَّة الغائيّة تمييزاً عن العِلَّة الفاعلية؛ وذلك لأنَّ ظاهر هذا الميدان هو مجموعة أفعال إنسانية وهي بلا شكٍّ مرتبطة بغايات وأهداف مرتبطة بالمستقبل، وهذه العلاقة والميزة هي أساس دخول العمل البشري في نطاق التاريخ.([58]).
معايير تقييم البناء الاجتماعي
إن البحث من خلال ما تقدَّم فيه من النظرة العامة في الأسس والمباديء والمميزات يقود الى حقيقة هي انّ معايير التقييم لمشروع البناء الاجتماعي يمرُّ عبرَ هذه الأُمور الثلاثة (الأسس والمباديء والمميزات) إن صلحت صلح ، وإن فسدت فسد، فالمجموعة البشرية التي تقوم في بنائها على أسس من كتاب الله وهدايته وعلى أسس هندسية إلهية وَسَطيّة ولها سعة وفسحة في التصميم وممميزات حيوية متفوِّقة في الكيف والنوع والسعة والشمول كالُأخوّة الإيمانيّة والتقوى مثلا وعلى أُسس القيم الماديّة والمعنويّة معاً هي النموذج الذي يريد البحث من خلاله أن يتقدَّم في صناعته لينقذ البشرية جمعاء الى يوم القيامة. وهي التي تأسست عليها فكرة (مجتمعنا) التي يخرج فيها الانسان من إطار ذاته ليتَّسِعَ ويصلَ عطاؤه إلى الآخرين ويكون إجتماعياً حَقّاً وعلى مستوى من الرَّصانة والمتانة والإحكام. ولأجل الاستطلاع في أقسام هذا البناء الراقي المنتَج من نظام (6+6) القرآني عبر نموذجيه التاليين اختارهما البحث كمعايير للبناء الإجتماعي الإسلامي. وللإطلاع عليهما نُرجع القاريء الكريم الى كتب التفسير مع هذين النموذجين:
النموذج الاول
قوله تعالى (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)([59]) إذ في هذه الآية: “يُطرح المعيار الصحيح في بناء المجموعة البشرية وتقييمه” ([60])؛ لإنَّ أساس البِرَّ الذي تمحورت حوله هذه الآية ليس هو تولية الوجوه قِبَل المشرق والمغرب كما تعتقده الديانتان اليهودية والمسيحية بل هو التولّي نحو الإتجاه الوسط وهو إتجاه الحلّ لإنقاذ البشرية وبناء نموذجها الصالح الذي تقتدي به المجتمعات الأُخرى المتمثِّل باتِّجاه ” البِرّ بمعناه الوسيع الذي يلتقي البَرّ بالفتح الذي هو الصحراء في سعته، والمحسنين في أسمى عطائهم وأوسعه مع الحفاظ على الوفاء والحفاظ على الصبر في الإلتزام والثبات عليه. وبهذا تكون الآية(نموذج الستة الأولى) في هذا النظام القرآني ركَّزت على أوضح نموذج وأروع مثال للحياة الإجتماعية لِبَني الإنسان.([61]).
النموذج الثاني
قوله تعالى: )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)([62]) والآية الكريمة بجانبيها الآمر والناهي تقدِّمُ نموذجاً من المعايير الإسلامية في شأن المسائل الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية، وقد تضمّنت أيضاً ستة أصول مهمة تمثِّل النظام(6+ 6) في الوجه الثاني منه ، هي 1- العدل 2- الإحسان 3- إيتاء ذي القربى 4- النهي عن الفحشاء 5- النهي عن المنكر 6- النهي عن البغي.
وما أروع تشبيه هذه الأمور السِّتة حسب ترتيبها السداسي في بناء المجتمع ببدن إنسان واحد، فإنه سيمرض ويعتلّ إن لم يراعَ فيه العدل. ومع ما للعدالة من قدرة وجلال وتأثير عميق في كل الأوقات-الطبيعية والاستثنائية- في عملية بناء المجتمع السليم، إلا أنَّها، ليست العامل الوحيد الذي يقوم بهذه المهمّة، ولذلك جاء الأمر ب ” الإحسان ” بعد ” العدل ” مباشرة ومن غير فاصلة.
أمّا مسألة إيتاء ذي القربى الأمر الثالث في النظام الاجتماعي السداسي فيندرج ضمن مسألة ” الإحسان ” حيث إنَّ الإحسان يشمل جميع المجتمع، بينما يخصّ هذا الأمر جماعة صغيرة من المجتمع الكبير وهم ذوو القربى، وبلحاظ أن المجتمع الكبير يتألَّف من مجموعات، فكلَّما حصل في هذه المجموعات انسجام أكثر، فإن أثره سيظهر على كلِّ المجتمع، والمسألة تعتبر تقسيماً صحيحاً للوظائف والمسؤوليات بين الناس، لأنَّ ذلك يستلزم من كل مجموعة أن تمدَّ يدَ العون إلى أقربائها (بالدرجة الأولى) ممّا سيؤدي لشمول جميع الضعفاء والمعوزين برعاية واهتمام المتمكنين من أقربائهم. وعلى ما نجده في بعض الأحاديث من أن المقصود ب “ذي القربى” هم أهل بيت النبي وذريته من الأئمة (صلوات الله عليهم).
والمقصود ب إيتاء ذي القربى هو أداء الخمس، فإنَّه لا يقصد منه تحديد مفهوم الآية أبداً، بل هو أحد مصاديق المفهوم الواضحة، ولا يمنع إطلاقاً من شمول مفهوم الآية الواسع لو اعتبرنا مفهوم “ذي القربى” بمعنى مطلق الأقرباء، سواء كانوا أقرباء العائلة والنسب، أو أقرباء من وجوهٍ أخرى، فسيكون للآية مفهوم أوسع ليشمل حتّى الجارّ والأصدقاء وما شابه ذلك (ولكنِ المعروفُ في ذلك قُربى النَّسَب).
وبعد ذكر القرآن الكريم للأصول الإيجابية الثلاثة يتطرَّق للأصول الثلاثة المقابلة لها (السلبية) فيقول: وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. وتحدَّث المفسرون كثيراً حول هذه الأصول الثلاثة “الفحشاء” “المنكر” و” البغي”. إلّا أنَّ ما يناسب معانيها اللغوية بقرينة مقابلة الصفات مع بعضها الآخر يظهر أن ” الفحشاء”: إشارة إلى الذنوب الخفيّة، و” المنكر”: إشارة إلى الذنوب العلنيّة، و” البغي”: إشارة إلى كلِّ تجاوز عن حقِّ الإنسان، وظلم الآخرين والاستعلاء عليهم.
ويذكِّرُنا محتوى الآية المباركة بالحديث المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: ” صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، وإذا فَسدَا فَسَدتْ أُمَّتي، فقيل: يا رسول الله، مَن هما ؟ قال: الفقهاءُ والأمراءُ”([63]).
ملحق:
ولكلِّ نظام سواء كان إلهياً أو وضعيّاً ملحقاتٌ تُمثِّل رصانته وتمامه واكتمال أمره وما نُضيفُه للبحث تحت هذا الملحق يتجلّى في الاهتمام بالعَهْد والقَسَم. قال تعالى: (ولا تَتَّخِذُوا أَيمانَكُمْ دَخَلاً بينَكم…)([64]).
قال صاحب التفسير الأمثل في إلتزام هذا النظام الإجتماعي: “إنَّه قيل في فلسفة احترام العهد هي إنّ الثِّقة المتبادَلة بين أفراد المجتمع تمثِّل أهمَّ دعائم رسوخِ المجتمع، بل من دعائم تشكيل المجتمع وإخراجه من حالة الآحاد المتفرِّقة وإعطائه صفة التَّجمُّع. والعهد والقسم من مؤكدات حفظ هذا الارتباط وهذه الثقة، وإذا تصوَّرنا مجتمعاً كان نقضُ العهد فيه هو السائدُ، فمعنى ذلك انعدام الثقة بشكل عام في ذلك المجتمع، وعندها سوف يتحوَّل المجتمع إلى آحاد متناثرة تفتقدُ الارتباط والقدرة والفاعلية الاجتماعية. ولهذا نجد أن الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة تؤكِّد باهتمام بالغ على مسألة الوفاء بالعهد والأَيْمان، وتعتبر نقضها من كبائر الذنوب. وقد أشار أمير المؤمنين (ع) إلى أهمية هذا الموضوع في الإسلام والجاهلية واعتبره من أهم المواضيع في قوله عند عهده لمالك الأشتر قال(ع):” فإنَّه ليس من فرائض الله شيء الناسُ أشدُّ عليه اجتماعاً مِن تَفرُّق أهوائهم وتشتُت آرائهم، مِن تعظيم الوفاء بالعهود، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر”([65]).
المبحث الثاني
أُسس ومباديء ومميزات المجتمع الإسلامي من خلال نظرة الإمام الشهيد محمد باقر الصدر( قدس سره)
إنَّ الأسُس والمباديء والمميزات التي ينبني عليها المجتمع والنظام الإجتماعي الذي يمثِّل مشكلة العالم اليوم لها كما للدين دور في بناء المجتمع وهي ما سنتناولها بالترتيب وفق نظرة الشهيد الصدر (قدس سره) في هذا المبحث إن شاء الله تعالى.
1- أُسس المجتمع الإسلامي من خلال نظرة الشهيد الصدر
فمن حيث الأساس الفكري فقد كان الشهيد الصدر (قدِّس سرُّه) يرى- كغيره من علماء الاجتماع – إنّ الإنسان إجتماعيٌّ بطبعه وهو واحدٌ بين رفيقَيهِ الإنسان الآخر والطبيعة ، ويرى -كغيره من علماء المسلمين- إنَّ الدِّين الذي أنزله الله للبشرية كوسيلة أولى في تنظيم العلاقات هو دين الفطرة ويَلحظُ معها تلك النزعةَ الإجتماعيةَ ، وأنّ التأسيس ينبغي أن يكون عليهما معاً، وأّنَّه” لا بدَّ في هذه الظروف من ثورة تُعيد المسيرة الى طريقها الصالح وتبني المجتمع الموحّد من جديد على أساس أعمق وأوعى من أساس الفطرة وتهيِّىء الجماعة لاستئناف دورها الربّانيّ في خلافة الله على الأرض من خلال تركيزها على أربعة أُسس:
الأول: “ما تزخر به قلوب المستضعفين والمضطهدين من المشاعر الشخصية المتَّقِدة بسبب ظلم الآخرين واستهتارهم بحقوق الجماعة ومصالحها.
الثاني: استئصال المشاعر التي خلقتها ظروف الإستغلال وإعتماد مشاعر أخرى أساساً للثورة.” ([66]) التي تقاسمت مسؤولية تحرير الإنسان من الداخل والخارج في آن واحد([67]).
الثالث: القيم الاسلامية التي تمثل المواد الإنشائية لهذا البناء، وعلى رأسها الإيمان ” بالمطلق الحقيقي الذي يستوعب المسيرة الانسانية ويهديها سواء السبيل مهما تقدَّمت وامتدَّت على خطِّها الطويل”([68]).
الرابع: العمل الصالح الموافق للمنطق العقلائي ومنطق الإسلام ، إذ على المنطق الأول للعاملِ كما للعملِ دورٌ أساسيٌّ ومهمٌّ لا يمكن للمال ان يستفاد منه دونه، وعلى المنطق الثاني يبتعد به وبعمله الى استحقاق رضا الله تعالى ورضا الإنسان معا([69]).
أقول: وقد أشار القرآن كثيرا الى هذين الأساسين الأخيرين بكثرة ذكر الذين آمنوا وعملوا الصالحات في آياته المباركة.
وقد استطاع الشهيد الصدر أن يستخرج أسس هذه النظرية عملياً في الثورة وهي تبني الإنسان عبر الجهاد الأكبر والأصغر إن على يد الأنبياء، وإن على يد الأئمة المعصومين عليهم السلام، وإن على يد المرجعية لا بعنوانها الشخصي بل بعنوانها النوعي، وإن على يد المؤمنين من أتباعهم ، واستطاع أن يصوغ نظريته في الثورة ويصوغ النظام القائم عليها في بناء المجتمع وتحريكه نحو الأهداف العليا في العدالة والوسطية والإستقامة. والموجود من هذه النصوص منثور في كتبه(قدِّس سرُّه) ويحتاج الباحثون لكي يتوصّلوا الى تطلّعه من خلالها الى جمعها وترصيفها وتركيبها.
منهج الخطوات القرآنية في بناء المجتمع
وقد راعى الشهيد الصدر منهج الخطوات القرآنية في بناء المجتمع وفق النظرية الإسلامية المتمثِّل بــ:
- مراعاة المجتمع والفرد في آن واحد دون ترجيح لأحدهما على الآخر.
- مراعاةِ التدرُّجِ وما يحتاجه من زمانٍ طويلٍ نسبياً في البناء.
- إناطة مسؤولية تطبيق هذه النظرية بعهدة من وَعَى القرآن وعياً وَحيانياً بالمباشرة والجِدِّ والكسب وشرط العدالة في القسم الأخير حتّى تنعكس على كل لِبنة من لِبْنات هذا البناء الإجتماعي.
وأمّا النِّظام القائم على نظريته فهو مستقىً من مصادره الأربعة ، وهو بلا شك منسجم أيَّما انسجام معها؛ ولهذا ذهب البعض الى الترادف بين النظرية والنظام([70]). والنظرية في نظر السيد الشهيد الصدر هي الأساس الذي نتكلَّم فيما نتكلم عنه في هذا المبحث ، والبناءات العلوية هي تفصيلات النِّظام القائم عليها، واكتشاف النظرية يحتاج الى جهد علميٍّ ينحو الى ربط هذه التفصيلات العلوية من خلال عمليةِ تفسيرٍ موضوعيٍّ([71]) أو من خلال ممارسة فقهية([72])، وقد تمَّ هذا ضمن خطوات خمس شخَّصها الشهيد الصدر عبر منهجه في تشخيص النظرية الإجتماعية ، وهي:
- تحديد الموضوع الذي يراد معرفة حكم القرآن فيه وهو المجتمع في مقام البحث.
- تحديد الأسئلة التي ينبغي الإجابة عنها قرآنياً.
- جمع الآيات ذات العلاقة بالموضوع والأسئلة المثارة حوله.
- توحيد مدلولات الآيات التي أريد استنطاقها حول الموضوع والأسئلة المتعلقة به.
- واستخراج المركب النظري الواحد الذي يعبر عن نظرية القرآن في الموضوع المحدَّد. ([73]).
ولخَّصها السيد منذر الحكيم في نقاط عشر فراجع([74]).
الأسس الإجتماعية في البناء
وأمّا أُسُس المجتمع الذي نحن بصدد معرفته من هذه الجهة والذي واعدنا القاريء بأنَّنا سنُعرِّفه بها في محلِّها فهذا هو محلُّها. فنقول:
إنَّ الأُسس الإجتماعية التي يعتمد البناء الفوقي عليها والتي تقدَّم بعضها هي:
أ- أساس العدل والإحسان وأساس تبادل الثقة كما في الآية التي ذكرها المُلحَق في النموذج الثاني في المبحث الأول فراجع.
ب- وأساس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأساس الإيمان بالله، كما في قوله تعالى(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ)([75])بالإضافة الى التصريح بدعوة المجتمعات غير الإسلامية في أن تلتحق بالخير النموذجي، ولكنَّها كما قال القرآن وأكثرهم الفاسقون؛ أي إنّ مجتمعاتهم لا يمكن أن تَبني نفسها بناءً صحيحاً ما لم تعتمد على منهج القرآن في البناء؛ ولا قيمة لما اخرجته قدراتهم في البناء الإجتماعي؛ لأنَّ قيمة البناء وصلاحه كامنة في ارتكازه على السنن الاجتماعية والتي منها سنّة التغيير في قوله تعالى: (بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)([76]) وبما أنَّهم ابتعدوا عنها وصفهم القرآن بالفاسقين أي البعيدين عن هذا الخير والخارجين عن مجاله. وفي”ارتكازه على الأُسس الواقعية لما يتبنّاه إنسان الأنبياء الصالح من أهداف وقيم في الحياة”([77]).
2- مباديء بناء المجتمع الاسلامي بنظرة الشهيد الصدر
وأمّا مباديء بناء المجتمع الإسلامي عند الشهيد الصدر فتعني:
أولاً: المدركات الأوليّة التي تلامس الذهن قبل إنعام النظر، وهي على ما تقدَّم في تعريفها، وفي تصنيفها الى تصوريّة أو تصديقيّة ، وأوّلها ماذا نُريد أن نبني، وهو ما يعبَّر عنه بالموضوع ، وقد ذكرنا إنّه المجتمع، وما هي عناصر البناء التي تُشارك في إقامة كيانه ، وحاجة العمل الى بصيرة نابعة من منهج صالح وتجربة تاريخية سديدة وليس هناك بصيرة أبلغ من بصيرة الرِّسالة الإسلاميّة، وتحديد الغاية منه وهو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضياع إلى الهدى حتّى لا يكون البناء عَبَثاً، وتحديد مشخّصاته في القِيَميّة والخَيْريَّة كما في صفته القرآنية التي تقدَّمت ، ونسبة قيمة مشروعه إلى غيره من مشاريع البناء في الإشارة الى عدم صلاحية المشاريع اللاإسلامية في البناء الاجتماعي ، ومعرفة العلماء الذين يُحسنون أداءه إبتداءً من الإستفادة من التجربة النبويّة الرائدة في البناء الثوري السَّماوي من قبيل ” استخدام أُصول ومباديء السعي والإجتهاد ، والنَّظْم والشعور بالمسؤولية التي هي جزء من تعاليم الأنبياء، ومن صلب توجيهاتهم”([78]) وتجربة الإمامة المعصومة ” التي تُواصِلُ السماءُ من خلالها قيمومتَها على الثَّورة إلى أن ترتفع الأُمّة الى مستوى النُّضج الثوري المطلوب”([79]) وانتهاءً بتجربة المرجعية الرشيدة والإستفادة من السُّنن القرآنية التي أشارت إلى نماذج من عمليات البناء في جوانبها الإيجابية والسَّلْبيَّة ، ونحو ذلك من بذل الجهد الذي عبَّر عنه السيد الشهيد الصدر بــ “التَّطواف العريض في شتّى النواحي ومختلف الإتجاهات”([80]).
ثانيا: الأمور الّتي تقع في صدارة الوقوف على هذه المباديء من قبيل قصد الإخلاص وشوق البناء لمجتمع صالح وأن يعتمد الباني قانون السببية؛ لأنَّ المباديء الماديّة والمعنوية تعدُّ عِلَلاً وأسباباً لوجود المجتمع وصيرورته.
ثالثاً: إنَّ المباديء الإجتماعية التي اعتمدها الشهيد الصدر ونتائج النظام الإجتماعي الأصلح لا يمكن اكتشافها بالتَّجارب العلميّة، وإنَّما يتوقَّف اكتشافها على تجارب إجتماعيّة طويلة الأمَد. أي من خلال ممارسة المجتمع كلّه لنظام إجتماعيّ.([81])
رابعاً: أخذ الإنسان متصلاً بنهايته كما هو متَّصلٌ بمبدأه ومرتبطٌ بمنافعه المادية والمعنوية ، والدنيوية والأخروية. ([82])
نعم، كلّ هذه المباديء كانت واضحة كوضوح الشمس عند السيد الشهيد الصدر وكانت تجري بين يديه وهو يطمح الى إظهار (مجتمعنا) كما أظهر (فلسفتنا) ولم ينسَه وهو يكتب فلسفتنا ولا وهو يكتب (اقتصادنا) أو (الإسلام يقود الحياة) ولا وهو يكتب سائر كتبه الأخرى ، بل كانت هذه الأدوات تلحُّ عليه في أن يُخرجه من عالم نور ذهنه المتوقِّد نوراً الى عالم النور الواقعي قبل كتابة (اقتصادنا) ولكن الأحداث المريرة حالت بينه وبين ذلك فبقيت نظريته ومبادئها لمن يريد أن يركب سفينتها. وجزى الله تعالى السيد منذر الحكيم الذي اقتطع من عمره أعواماً يبحث عن نصوصها في السطور والكتب وعند أدوات التدبّر والدرس والمذاكرة والتأمّل حتّى وقفت همّته على إنجاز كتاب متربّع على فكرة البناء الإجتماعي الإسلامي الذي بنته تلكم النصوص والإلماحات والإلماعات الشريفة للسيد محمد باقر الصدر.
3- مميّزات المجتمع الإسلامي بنظر الشهيد الصدر
وأمّا مُميِّزات المجتمع الإسلامي بنظر السيد الشهيد الصدر(قدس سره) فهي مميِّزات نابعة من ثورة النَّبي وآله الأطهار عليهم السلام المتميِّزة تميُّزاً نوعياً عن أي ثورة اجتماعية أخرى في التاريخ؛ لأنّها حرَّرت الإنسان من الداخل وحرَّرت كونه من الخارج في وقت واحد([83])، وممّا يشهد لذلك نفس الآيات التي استعرضت هذه الميزات الإجتماعية في كيان الأمة المؤمنة من قبيل ميزة التراحم بينهم (من الداخل) والشدَّة على أعدائهم(من الخارج) والقُوَّة والإيمان وابتغاء وجه الله وفضله ورضوانه والعبادة الخالصة والتآزر كما في قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ… (([84]) قال الشيخ الطوسي في تفسيره: “يُشبِّهُهُم بالزَّرع الذي يَنبُت في حواليه نباتٌ ويَلحق به، فالشَّطْأُ فِراخُ الزَّرع الذي ينبُت في جوانبه “فآزرَه” أي عاونه فشدَّ فِراخُ الزَّرع لأصولِ النَّبْتِ وقَوّاها”([85]). وقد امتاز بظاهرة التآزر كلُّ أتباع الأنبياء وشركائِهم في مسيرتهم الإيمانية ، قال تعالى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي. هَارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي)([86]). ومِثْلُ الشَّطْأ والمؤازرةِ في امتياز البناء القرآني التعزيزُ
التَّقوية([87]) التأييدُ([88]) التعاونُ([89]) التظافرُ([90]) التناصحُ([91]) التواصي بالحقّ التواصي بالصبرِ([92]) التواصي بالمرحمةِ([93])والمشاورةُ([94])،التوقيرُ([95]) والتناصرُ([96]) وكلُّ ما يُقرأ في اشتقاقاتها ومرادفاتها القرآنية ولوازمها مُمَيِّزاتٌ للمجتمع الإسلامي الذي أصبح فيه الإنسان المؤمن يُضحّي بمصلحته من أجل مصلحة الآخرين وهو يمارس معهم مداليل تلكم المفردات وأخواتها في محكماتها ومتشابهاتها، وكلُّها تُعَدُّ من الشروط الضرورية لصياغة المجتمع الإسلامي ولا غنى عنها في كلِّ أحواله.
وليس من جهة تُوَفِّرُ للحياة ونظامها هذه المُمَيِّزات، وقادرة على التحكُّم فيها وصياغتها في إطاره العام على حدِّ ما أفاده الشهيد الصدر في كتاب اقتصادنا إلّا جهة الدِّين الحنيف([97])(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا) ([98]).
المبحث الثالث
الأُسُس والمباديء والمُميِّزات/ الآثار وسبيل الوصول اليها
لا شكَّ إنَّ الحقّ في مسألة الآثار هو في قوله تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا)([99]) وعليه فالأسُس والمباديء والمميِّزات المُحكَمَة والرَّصينة لا تُعطي الّا آثاراً ونتائج مثلها، ولا تخلقُ إلّا دوافع مثلها، ومن هنا فالدَّوافع التي جَعَلت السيِّد الشهيد الصدر يسهر الليل والنَّهار ويعيش همَّ إعادة بناء المجتمع الإسلامي على غِرار ما بُنِيَ في عهد النبوّة أولاً كانت من آثار الإحكام والرصانة في أسس ومبادي ومميزات البناء القرآني النبوي. والذي عَثرَ عليه البحث من آثار تلكم الأسس والمباديء والمميزات سنتناولها الآن، وأمّا السبيل الموصلة اليها فسنشير إليها في الأثر الأخير إن شاء الله تعالى:
أوَّلاً: عظمة بناء المجتمع الاسلامي
إنَّ الإسلام لا يُمكِنُ أن يُرى على عظمتِه إلّا بعدَ أن يكون له مجتمعٌ قد أُسِّسَ على أُسُس ومباديء ومميِّزات رصينة. وهذا لا يتحقّق إلّا عبر استنساخ المجتمع النبوي وعبر الثورة الإجتماعية التي اعتمدها في البناء، وعبر ما يُسمّى بــ (النظرية theory) التي يُبنى عليها ما يسمى بــ (النظام system).
وبهذا تكون عظمة بناء المجتمع الإسلامي في عصر النبي (ص) أثراً من آثار أُسُسِه المتينة ومبادئه القيِّمة التي بُنيَ عليها ومميزاته الراقية التي تميَّز بها؛ لأنَّ البناء الحاذق لا يُبنى إلّا على أساس مُحكَم([100]).
ثانياً: النقلة النوعية الحضارية للفرد والمجتمع
إنّ قوة بناء المجتمع قد تحصل من خلال إسداء الخدمات النوعية له كما ذكرنا وقد تحصل من خلال رصانة الأسس والمباديء والمميزات، وكلا الطريقين يُعدّان قوة لبناء الفرد بلحاظ إنَّ الفرد جزءٌ من المجتمع وأساسٌ فيه ، وإنَّ تفكير السيد الصدر بمشروع (مجتمعنا) وإنْ كان المقصود منه أولاً بناء المجتمع لكنَّه يرجع بالتحليل الى بناء الفرد، وهذا يعني إن مسألة بناء المجتمع يستفيد منها الفرد والمجتمع بكلتا ميزتيه الفردانية والمجموعية. وهذا الأمر بهذه الخصوصية عنده ( قدس سره) ” يشكِّل دافعاً يرتفع بالإنسان- إلى مركزه الطبيعي على صعيد الحضارة الإنسانية وإنقاذه ممّا يعانيه من ألوان التشتّت والضياع والتبعية.” ([101]) والنُّقلة النوعيّة الحضاريّة والإنسانيّة هذه هي أثرٌ راقٍ من آثار الأسس والمباديء القيّمة التي بُنِيَ عليها كُلّاً من الفرد والمجتمع.
ثالثاً: ظهور النعمة الربّانية
إنَّ الدافع إلى بناء المجتمع في أطروحة (مجتمعنا) هو ربّانيّة البناء اذ لا يمكن لأيِّ بانٍ أن يُطاوِلَ أو يُحاول البناء الربّاني، فذو القَرنين مثلاً لمّا بَنى الرَّدمَ الذي لا يُظهَر ولا يستطاع نقبُه من قبل العدو والذي رُفعَت فيه فتنةُ يأجوج ومأجوج التي كانت تتهدَّدُ حياةَ الناس، وسُئِلَ عن عمله هذا كيف تعلَّمه (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي) ([102]) ولم ينسبْه الى نفسه ولم يَعدَّه من إنجازاته الشخصية كما يفعل ملوك الدنيا وحكامها عبر أجهزتهم الإعلامية الخاصّة. جاء في جوامع الجامع( هذا ) إشارة الى السَّد، أي هذا السَّد نعمة (من ) الله و( رحمة) على عباده”([103]).
أقول: إنَّ الأسس والمباديء والمميِّزات الرَّبانيّة في بناء المجتمع النبويّ بما لها من قسط من نعمة في البناء كبيرة هي التي دفعت السيِّد الصدر وأَثَّرَت في أن يفكِّر في إخراج( مجتمعنا) ليحمل تلكم التجربة النبوية والنعمة الربانية بأمانة.
رابعاً: الابتعاد من سنن التيه والاقتراب من سنن النصر
أراد(قدس سره) أن يبتعد الناس من سُنَن تَيْههِم وإستبدالِهم، وأن يقتربوا من سُنَن نصرهم وقوتهم ، وسُنَن نزول البركات عليهم، والوقوف أمام ما يمنع من نزولها عليهم. وكلّ ذلك من خلال الإعتماد على منطق الأسس والمباديء والمميزات القرآنية الذي يساهم في ذلك الى جنب السنن القرآنية ، وقد اندفع (قدس سره) بمنطقها القويم ومنطق السُّنَن في بناء المجتمع، وترغيبه في الإبتعاد عن نتائج بعضها، ويُقَرِّبه من نتائج بعضها الآخر.
خامساً: التضحية بالمصلحة الفردية من أجل مصلحة المجتمع
إنَّ الأسس والمباديء والمميزات التي قام عليها المجتمع الإنساني بما لها من صفة دينية هي التي تعالج المشكلة الإجتماعية دون غيرها من المذاهب، وإنَّ يُسْرَ هذه الأسس والمباديء والمميِّزات باعتبارها جزءًا من دين الحنيفية السمحة السهلة هي التي جعلت الفرد بمقدار ما لها من نصيب فيه يضحِّي بمصلحته الفردية من أجل مصلحة الآخرين. وهذه التضحية هي التي تركت له هذا الأثر الكبير الذي عجزت أن توفِّره لنفسها جميع المذاهب الإجتماعية الأُخرى.([104])
سادساً: الاشعاع التاريخي في حياة الانسان
” إنَّ المفهوم القرآني في السُنَن يُعتبر فتحاً عظيماً للقرآن الكريم؛ وقد أكَّده القرآن، وكشف عنه الإنسان، وقاومَ من خلاله النظرة العفوية أو النظرة الغيبية الإستسلامية في تفسير الأحداث، بل نبَّه العقل البشري الى أنَّ هذه السنن والقوانين لا يُمكن أن يُستغنى عنها في البناء الرصين.”([105]) ومن هذه السُّنَن التي لها هذه الآثار:
1- قال تعالى(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)([106])
2- قال تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ.)([107])
عن الإمام الحسين (عليه السلام): “ولِتُنَزَّلَنَّ البركة من السماء والأرض، حتى إن الشجرة لَتقصف([108]) بما يُريد الله فيها من الثمرة، ولَيُؤكل ثمرةُ الشتاء في الصيف وثمرةُ الصيف في الشتاء، وذلك قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ…)” ([109]).
4- قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) ([110]).
أقول: وقلْ مثل ذلك في مفهوم الأسس والمباديء والمميزات التي اختارها القرآن في بناء مجتمعه. فإن قال(قدس سره) عن السنن بأنها فتح فقد قال عن آثار الاسس والمباديء والمميزات الاسلامية في البناء التي دفعته لمحاولة أطروحة مجتمعنا بأنها ومضات ولولا انها شعَّت في لحظات من تاريخ هذا الكوكب لكان المجتمع الإنسانيّ يعيش في مأساة مستمرّة وسَبْحٌ دائم في الأمواج الزاخرة.” ([111]).
ومن تلكم الوَمضَاتِ في هذا المجال هي جملة الآثار الإجتماعية الصحيحة التي أنتجتها الأسس والمباديء القرآنية ، كما في قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ)([112]). وقوله تعالى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)([113]).
سابعا: تحقيق المصالح الدنيوية والأخروية
إنَّ أُسُس ومباديء ومميِّزات بناء المجتمع الإسلامي كانت تمثِّل باب الربح والنجاح وتحقيق المصالح الدنيوية والأخروية وأول الخطوات في ذلك، ومن هنا ما كان للمجتمع التغافل والرغبة عن تلكم الآثار ولا عن السبل التي تؤدّي اليها في بناء كيانه. قال تعالى:( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)([114]).
وقال تعالى: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ…)([115]).
ثامناً: تأمين المصالح الفردية والإجتماعية
إنَّ البناء الاجتماعي الذي يبتني على تلكم الأسس والمباديء والمميزات التي تقدَّمَ وصفها آنفاً تجعل الفرد ومصالحه في أمان من الصراع والمغالبة مع الآخرين على عكس الفرد الذي يعيش في مجتمع لا ينعم بالتراحم والتعاطف الحقيقي.([116]).
تاسعاً: تسجيل النتائج المستقبلية والحتمية لوجود الأُمّة الخيِّرة وصلاحها
إنّ قراءة السُّنن توحي بالنتائج المترتِّبة عليها، ومثلها الأسس والمباديء من حيث الآثار كما تقدَّم. وقراءة الشهيد الصدر التي بَيَّن فيها روح النظرية الاجتماعية للإسلام أي نظرية خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء والخطوط العريضة للنظام الإجتماعي القائم عليها الذي عولجت فيه مشكلة العالم الإنساني ووعيه الفريد لها قاده الى تسجيل النتائج المستقبلية والحتمية لوجود الأُمّة الخيِّرة وصلاحها ، بل قاده أن يُلفت الأمّة الى أنَّ الوضع الحالي للمجتمع لا يحتاج الى طريقة إصلاحية لبنائه بل إلى طريقة تغييرية إنقلابية تبدأ من الأسس والقواعد(النظرية) وتنتهي الى جميع تفصيلاته الفوقية(النظام) على طريقة البناء النبوي أنموذجاً. وبعبارة اخرى ان المبحث الثالث الذي ذكر في عنوانه سبيل الوصول الى تلك الآثار يعدُّ الاثر التاسع فيه بكلتا شعبتيه باباً للسبيل الموصلة الى الآثار التي تناولها المبحث.
يقول الشهيد عبدالزهرة عثمان محمد: ” والسيد الشهيد (ره) قبل أن يعكس واقع الأزمة الحضارية للأُمّة يضع أمامه تصورينِ عن وضع الأُمّة المسلمة، ثم يضع لكلِّ حالة تصوراً أيضاً:
أ ـ فمرة يُفترَض أنّ أزمة الأُمّة مكرَّسة في انحراف جزء أو أجزاء من حياتها عن الإسلام كما في حالة إنحراف الحكم عن قوانين الإسلام في بعض تصرفاته أو ظهور حالات الإنحراف الإجتماعي كتعاطي الخمر لدى قطّاع منها وما إلى ذلك. فحين تكون الأزمة الحضارية للأُمّة محدودة في هذا الإطار مع إحتفاظ الأُمّة بالإسلام كقاعدة فكرية لها، ومنطلق للتشريعات الدستورية للحكم، ومنبع أساسي لمختلف ألوان النشاط الفردي والإجتماعي، فإنَّ العلاج يَتطلَّب قيام دعوات إصلاحية تهدف إلى معالجة ظواهر الشذوذ عن الإسلام، ومنابعها.
ب ـ ومرة ” يَفقِد الإسلام مركزه من القاعدة الأساسية، ويُستبدَل بغيره من القواعد المعادية أو اللاقاعدة، فأنَّ الدعوة الإسلامية في هذه الحالة يجب أن تكون إنقلابية، وهذا هو الواقع الذي تعيشه الأُمّة منذ نهاية الحرب الأولى إذ قوّض المستعمرون الدولة الاسلامية، ودخلوا بلاد المسلمين، وتقاسموها فيما بينهم وما أن تمَّت عملية الإستعباد هذه للعالم الاسلامي حتّى تمَّ بذلك إنقلاب كلّي في حياة الأُمّة، فأقصيت العقيدة الإسلامية عن موقعها من القاعدة الرئيسية لكيان الأُمّة، ووضعت الأُمّة في أُطُر فكريّة وسياسيّة غريبة عن عقيدتها من الديمقراطية الرأسمالية في كثير من المناطق الإسلامية، ومن الإشتراكية في البلاد التي تخضع لحكم روسيا”([117]).
الخاتمة
وفي الخاتمة إن جولتنا البحثية هذه ليست بالجولة التي تفي بحقِّ البحث، ولهذا فإنَّ هذا البحث يُمكن أن يتطوَّر بشكل أكبر وأعمق ، ثمَّ إنَّ الحاجة الى بناء المجتمع الإسلامي بقيادة ثوريّة على غرار قيادة النبي(ص) قائمة ولا زالت تزداد ضرورتها ما دام حكّام المجتمع العربي يتحركّون به نحو الخَلْف في بنائه الإجتماعي وهم يُطَبِّعون- للأسف- علاقاتِه مع أعداء الله وأعداء المؤمنين به. ومن جهة أخرى تزداد الضرورة أيضا ما زال الإيمان” بالأصول العقائدية الخمسة – يمثِّل الوجه الإجتماعي والمدلول الثوري فيه.” ([118]).
خلاصة البحث
وخلاصة ما تقدَّم من بحث (مجتمعنا) الأسس والمباديء والمميِّزات في كتابات وتطلّعات الإمام الشهيد محمد باقر الصدر، إنّه تناول في المبحث الأول المفرداتِ المفتاحيةَ في العنوان، وهي أربعة: المجتمع الأُسس المباديء والمميِّزات والتي لا غنى عنها ولا عن النماذج الدينية الاجتماعية التي قام بناؤها عليها، ثم تناول في المبحث الثاني أُسس ومباديء ومميِّزات المجتمع الإسلامي من خلال نظرة الإمام الشهيد الصدر والذي استطاع من خلالها اكتشاف الصورة المثلى لبناء المجتمع الاسلامي وتشخيص نظريتها في خُطوات خمس، وقدرة وحيويَّة وديمومة النظام القائم عليها، وفي المبحث الثالث تناول آثار الأُسُس والمباديء والمميزات، وقد عثرَ الباحثُ على تسعة منها، تدفع كلٌّها نحو بناء المجتمع الإسلامي على غرار المجتمع النبويّ ، ثم انتهى البحث إلى خاتمة وجملة من النتائج التي تَوَصَّل إليها وبعضٍ من التوصيات وفهرست للمصادر المعتمدَة فيه.
The Summary of the research:
And a summary of the foregoing research is “Our Society”, the foundations, principles and the characteristics in writings and aspirations of the martyr Al- Imam Mohammad Baker Al-Sader, It dealt in the first topic, the key words in the title of research which are four: society, foundations, principles and the characteristics, which is indispensable nor the religious and social samples on which it was built, then the second topic dealt with the foundations, principles, and the characteristics of the Islamic society through the martyr Al-Imam Mohammad Baker Al-Sader, through which he was able to discover the ideal image for building an Islamic society, diagnosis of its theory in five steps, and diagnosis of the ability, vitality and permanence of the social system based on it. In the third topic it dealt with the effects of foundations, principles and characteristics, where the researcher found nine effects of them. All of them drive toward building Islamic community which is similar to the prophetic community. Finally, the research ended up with conclusion and set of results which he had reached to it and some of the recommendations and resources which adopted on it.
نتائج البحث:
انتهى البحث الى نتائج هي:
1- إنَّ مساحة العلوم الإجتماعية في الإسلام تغطّيها الآيات والروايات الواردة عن النبيّ(ص) وأهل بيته المعصومين عليهم السلام.
2- إنَّ الشهيد الصدر ألمح كثيراً الى الأسس والمبادي والمميزات وآثارها في بناء المجتمع معتمداً في ذلك على ما اعتمد عليه الثقلان.
3- إنَّ النظرية الإجتماعية التي تجلّى فيها وجود الله والنِّظام الإجتماعي القائم عليها هما العمودان الأساسيان في بناء المجتمع.
4- إنّ الإسلام في مجال حقل البناء الإجتماعي هو دين ثورة في التغيير والبناء لا دين إنزواء وعدم مبالاة بما يدور حوله من أحداث.
التوصيات:
إنَّ ما للصدر( قدس سره) من أثر قوي في حياة العلم والفكر والمجتمع يدعو الباحث أن يوصي بما يلي:
1- بقراءة أفكار الإمام الشهيد الصدر فإنَّها بالإضافة الى كونها إبداعية فهي إقناعية بإمتياز.
2- بمقارنة الأفكار الإجتماعية له مع أفكار علماء القَرنينِ السّابقينِ في علم بناء المجتمع ليتمَّ الوقوف على عظمته وعبقريّته في هذا المجال.
([1]) راجع: ابن منظور الأفريقي المصري ، محمد بن مكرم ، لسان العرب: 8/54
([2]) راجع: الزبيدي ، محمد مرتضى ، تاج العروس من جواهر القاموس: 11/71 عن الصحاح والصاغاني وصاحب اللسان.
([3]) راجع: الفيروز آبادي ، مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط: 3 /14
([4])https: //www.almrsal.com/post/919251
([5]) الجولاني ، د. نادية عمر ، مباديء علم الإجتماع: ص306
([6]) راجع: الصدر ، محمد باقر ، المدرسة القرآنية (الدرس الرابع): 57، 15
([7]) راجع: الصدر ، محمد باقر ، فلسفتنا: 11
([8]) راجع: الفارابي، أبو نصر ، الفكر الاجتماعي الاسلامي ، 2019 /11/blog-post_18.html https: //www.b-sociology.com/
([9]) الأمين ، محسن ، أعيان الشيعة:9/ 105 ويرى الفارابي أن المجتمعات الانسانية الكاملة كما يتصورها ثلاثة: مجتمع يشمل سكان الأرض جميعاً ويسمّيه الجماعة العظمى ، ومجتمع يشمل أمة في جزء من المعمورة ويسمّيه الجماعة الوسطى ، ومجتمع يختص أهل مدينة في جزء من مسكن أمة ويسمّيه الجماعة الصغرى.
([10])=5 action=edit§ion & مجتمع//ar.wikipedia.org/w/index.php?title=
([11]) ابن السكيت ، يعقوب ، ترتيب إصلاح المنطق: 28
([12]) راجع: ابن زكريا ، أبو الحسين أحمد بن فارس ، معجم مقاييس اللغة: 1/14
([13]) راجع: ابن منظور ، محمد بن مكرم، لسان العرب: 6/6
([14]) العسكري ، أبو هلال ، الفروق اللغوية: 51
([15]) الجوهري ،اسماعيل بن حماد ، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: مادة ” أصل ”
([17]) الأنصاري، مرتضى ، كتاب المكاسب: 1/ص مقدمة لجنة التحقيق 12
([18]) سعيد أيوب ، الإنحرافات الكبرى: 377 ، الكوراني ، علي ، فلسفة الصلاة: 37
([19]) السبحاني ، جعفر، رسائل ومقالات: 510
([20]) راجع: الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن: 4/387
([21]) اعداد مركز المعجم الفقهي ، المصطلحات:133
([22]) راجع: الشيرازي ، ناصر مكارم ، الأمثل في تفسيركتاب الله المنزل: 2/340
([23]) راجع: المصدر نفسه: 12/550
([24]) راجع: الريشهري ، محمد ، موسوعة العقائد الاسلامية: 3/300
([25]) راجع: الصدر، محمد باقر ، المدرسة الاسلامية: 50
([26]) راجع: المصدر السابق: 52
([27]) راجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث الشهيد السيد محمد باقر الصدر: 213
([28]) راجع: الصدر ، محمد باقر ، المدرسة الإسلامية: 159
([29]) راجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث الشهيد السيد محمد باقر الصدر: 376
([30]) راجع: الأبطحي ، محمد علي ، رسالة في ثبوت الهلال: 10
([32]) راجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث الشهيد السيد محمد باقر الصدر: 178
([33]) الخليل الفراهيدي ، كتاب العين: 8/83 – 84
([34]) الجوهري ، اسماعيل بن حماد ، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: 1/35
([35]) ابن منظور ، محمد بن مكرم ، لسان العرب: 1/26 – 27
([37]) الآلوسي البغدادي ، محمود، تفسير الآلوسي( روح المعاني): 1/77
([38]) راجع: الخوئي ، أبو القاسم ، كتاب الاجتهاد والتقليد: 414
([39]) راجع: البكري الدمياطي ، إعانة الطالبين: 1/21 – 22
([40]) راجع: القرشي ، باقر شريف ، حياة الإمام الحسين (عليه السلام): 2/440
([41]) راجع: عادل رؤوف، محمد محمد صادق الصدر ، مرجعية الميدان / مشروعه التغييري ووقائع الاغتيال:15
([42]) راجع: الحكيم ، منذر: مجتمعنا في تراث السيد محمد باقر الصدر: 121، 122
([44]) راجع: المصدر نفسه: 121، 122
([45]) الفراهيدي، احمد بن خليل ، كتاب العين: 7/394
([46]) الجوهري ، اسماعيل بن حماد ، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: 3/897 مادة ” ميز”
([47]) ابن زكريا ، أبو الحسين أحمد بن فارس:5 /289. مادة “ميز”
([48]) راجع: الفاضل الآبي، حسن بن أبي طالب اليوسفي ، كشف الرموز2/201
([50]) راجع: الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن: 7/21، 2/115، 6/167
([51]) خطب الامام علي (ع) ، نهج البلاغة: 4/ 68 ، الري شهري ، محمد ، العقل والجهل والعلم: 66
([52]) الصدر ، محمد باقر ، فلسفتنا: هامش ص17، الصدر ، محمد باقر ، المدرسة الاسلامية: هامش ص41
([53]) إبن شهر آشوب ، مناقب آل أبي طالب:1/ 261
([54]) راجع: الاسكندري ، ابن المنير ، الإنصاف فيما تضمَّنه الكشّاف: 1/272
([55]) راجع: الطباطبائي ، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: 7/21، 2/115، 6/167
([57]) راجع: الشيرازي ، ناصر مكارم ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: 15/474
([58]) راجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث الشهيد السيد محمد باقر الصدر: ص185
([60]) راجع: الشيرازي ، ناصر مكارم ، الامثل في تفسير الله المنزل: 1/496
([61]) راجع للاستزادة: المصدر نفسه: 1/496 – 500
([63]) راجع: الشيرازي ، ناصر مكارم ، المثل في تفسير كتاب الله المنزل: 8/304-305
([65]) راجع: الشيرازي ، ناصر مكارم ، المثل في تفسير كتاب الله المنزل: 8/311
([66]) راجع: الصدر ، محمد باقر الصدر ، الاسلام يقود الحياة:143-145 ، وراجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث الشهيد السيد محمد باقر الصدر:465-466
([67]) راجع: المصدر نفسه:132-133 وراجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث الشهيد السيد محمد باقر الصدر:436
([68]) الصدر ، محمد باقر ، الفتاوى الواضحة: 585
([69]) راجع: المصدر نفسه: 591 ، ويقول صاحب جهاد التبيين:” بل إنّ االله تعالى قد أعَدَّ في الخطَّة الشاملة للحياة الطويلة للبشر في الدنيا والآخرة لهذه الحقيقة ولهذه الظاهرة – ظاهرة العمل – منزلة ومكانة عالية. فقد نقل عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه اخذ يد عامل وقبَّلها فتعجَّب الجميع فقال (صلى الله عليه وآله وسلم ): هذه يد لا تمسها النار أبداً ” اي اننا حين نصلي صلاة الليل ، حين نقرأ القرآن ، وحين نتوسل الى الله تعالى: فإنَّنا في الواقع نوجد حجاباً بيننا وبين النار، وكذلك عندما نعمل ، فإننا بهذا العمل نوجد حاجباً بيننا وبين النار. هذا أمر سام جدّاً وبالغ الأهمية هذه هي نظرة الإسلام ” راجع: الخامنئي ، علي الحسيني ، جهاد التبيين: 283.
([70]) راجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث السيد محمد باقر الصدر: هامش 1 ص70
([71]) راجع: الصدر، المدرسة الإسلامية: 41 ، الحكيم ، منذر ، مجتمعنا في تراث السيد محمد باقر الصدر: هامش 1 ص71
([72]) راجع: المصدر نفسه: 38 والحكيم ، منذر ، مجتمعنا في تراث السيد محمد باقر الصدر: هامش 1 ص70
([73]) راجع: المصدر نفسه: 41-42 ، والحكيم ، منذر ، مجتمعنا في تراث السيد محمد باقر الصدر: 72
([74]) راجع: المصدر نفسه: 38 ، والحكيم ، منذر ، مجتمعنا في تراث السيد محمد باقر الصدر: هامش 1 ص72
([77]) الصدر ، محمد باقر: صورة عن إقتصاد المجتمع الاسلامي: 22 ، ومن هذه الأسس الواقعية إيمانه بالوجه الاجتماعي الثوري للمعاد بوصفه الأصل الخامس من اصول الدين ودوره على صعيد الثورة الاجتماعية للانبياء ونظرتهم من خلاله الى الساحة الاجتماعية وربطها بعالم غير منظور حسياً وتأكيدهم من خلاله على خلود عمل الانسان مثلا بدلا عن خلود المال والثروة كما كان يتصوره الإنسان الجاهلي كما في قوله تعالى: ( يَحسَبُ أنَّ مالَهُ أخْلَدَهُ) سورة الهمزة: 104/ 3 ، وامتداد هذا الخلود البديل في أعماق نفس الإنسان العامل وتبلوره في النهاية بالطريقة التي تُنظَّم بها الأعمال في ذلك العالم الحقّ. وبعبارة أخرى يخلق الأصل الخامس( المعاد في يوم القيامة ) في الإنسان الشعور بأنَّ خلوده وبقاءه بالعمل الصالح لا بادِّخار المال واكتناز الثروة كما هي النظرة الجاهلية التي ذكرتها الآية الكريمة ، ويخلق فيه ما يضمن امتداده وخلوده معنويا ومستقبليا. راجع: نفس المصدر:21
([78]) راجع: الشيرازي ، ناصر مكارم ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: 5 / 128
([80]) راجع: الصدر، المدرسة الإسلامية رقم 2( ماذا تعرف عن الإقتصاد الإسلامي): 16 ، ومن ذلك التطواف العريض انه ليس في قدرة الإسلام على بناء المجتمع الصالح فحسب بل على قدرته في قيادته وتنظيمه في كافة نواحي الحياة ضمن أطره الحيّة دائماً. راجع: الصدر ، محمد باقر: صورة عن إقتصاد المجتمع الاسلامي: 22.
([81]) راجع: المصدر نفسه: 131 ، الحكيم ، منذر ، مجتمعنا في تراث الشهيد محمد باقر الصدر: 119
([82]) راجع: المصدر نفسه: 132، الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث الشهيد محمد باقر الصدر: 119
([83]) راجع: المصدر السابق:132-133 وراجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث الشهيد السيد محمد باقر الصدر:436
([85]) الطوسي ، محمد بن الحسن ، التبيان: 9/336
([94]) سورة آل عمران: 3/159، سورة الشورى:42/38
([97]) الصدر ، محمد باقر، اقتصادنا: 312
([100]) الشريف الجرجاني ، الحاشية على الكشاف:34
([101]) راجع: الصدر ، محمد باقر ، الإسلام يقود الحياة:165-167
([103]) الطبرسي ، أبو علي الفضل بن الحسن ، جوامع الجامع:2/ 437
وجاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: 9/ 358:” لقد كان عمل ذي القرنين عظيما ومهما ، وكان له وفقا لمنطق المستكبرين ونهجهم أن يتباهى به أو يمن به ، إلا أنه قال بأدب كامل: قال هذا رحمة من ربي لأن أخلاقه كانت أخلاقا إلهية. إنه أراد أن يقول: إذا كنت أملك العلم والمعرفة وأستطيع بواسطتهما أن أخطو خطوات مهمة ، فإن كل ذلك إنمّا كان من قبل الخالق جلّ وعلا ، وإذا كنت أملك قابلية الكلام والحديث المؤثر فذلك أيضا من الخالق جل وعلا. وإذا كانت مثل هذه الوسائل والأفكار في اختياري فإن ذلك من بركة الله ورحمته الخالق الواسعة. أراد ذو القرنين أن يقول: إنني لا أملك شيئا من عندي كي أفتخر به ، ولم أعمل عملا مهمّاً كي آمن على عباد الله “.
([104]) راجع: الصدر ، محمد باقر ، المدرسة الإسلامية: 19- 22
([105]) راجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا في تراث السيد محمد باقر الصدر: 249
([108]) أي تنكسر أعضائها لكثرة ما حملت من الثمر. الراوندي، قطب الدين ، الخرائج والجرائح: هامش 10:2/849
([109]) الراوندي ، قطب الدين ، الخرائج والجرائح: 2/ 849
([111]) راجع: الصدر ، محمد باقر ، المدرسة الإسلامية: 16
([115]) سورة التوبة: 9/ 120-121
([116]) راجع: الصدر ، محمد باقر ، المدرسة الإسلامية: 41- 50 وراجع: الحكيم ، منذر، مجتمعنا: في تراث السيد محمد باقر الصدر: 127-128
([117])https: //mbsadr.ir/ar 2021/12/7 راجع:عبدالزهرة عثمان محمد(عز الدين سليم) ، السيد الصدر رائد حرركة التغيير في الاسلام((نشرة دعوتنا إلى الإسلام يجب أن تكون إنقلابية)) كتبها السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) سنة 1960 م. وصاحب المقال المذكور استشهد في بغداد مع رفيق دربه( ابو محمد العامري) طالب قاسم الحجامي مع ثلة اخرين من المجاهدين الميامين على اثر اعتداء ارهابي بتوجيه امريكي على سيارته في صباح يوم الاثنين المصادف17/ 5/ 2004م وقد تسنم المرحوم رئاسة الحكم الانتقالي المؤقت في العراق.
([118]) راجع: الصدر ، محمد باقر: صورة عن إقتصاد المجتمع الاسلامي: 18
المصادر
- القرآن الكريم
- نهج البلاغة
- الأبطحي ، محمد علي( معاصر) رسالة في ثبوت الهلال ، تحقيق: المقرر: قاسم آل قاسم، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1420، الناشر: المقرر – قم المقدسة.
- ابن السكيت، يعقوب (الوفاة: 244ه) ترتيب إصلاح المنطق ، تحقيق: ترتيب وتقديم وتعليق: الشيخ محمد حسن بكائي ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1412، المطبعة: مؤسسة الطبع والنشر في الآستانة الرضوية المقدسة ، الناشر: مجمع البحوث الإسلامية – مشهد – ايران.
- ابن زكريا، أبو الحسين أحمد بن فارس(ت369ه) معجم مقاييس اللغة ، تحقيق: عبد السلام محمد هارون،سنة الطبع: 1404، المطبعة: مكتبة الإعلام الإسلامي، الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي.
- ابن شهر آشوب(الوفاة: 588 ه) مناقب آل أبي طالب، تحقيق: تصحيح وشرح ومقابلة: لجنة من أساتذة النجف الأشرف ، سنة الطبع: 1376 – 1956 م ، المطبعة: الحيدرية – النجف الأشرف ، الناشر: المكتبة الحيدرية – النجف الأشرف.
- ابن منظور ،أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الأفريقي المصري (الوفاة: 711 ه) لسان العرب ، سنة الطبع: محرم 1405، الناشر: نشر أدب الحوزة – قم – ايران.
- الإسكندري ، ابن المنير (الوفاة: 683ه) الإنصاف فيما تضمنه الكشاف الإسكندري ، سنة الطبع: 1385 – 1966 م ، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، عباس ومحمد محمود الحلبي وشركاهم – خلفاء.
- إعداد مركز المعجم الفقهي (معاصر) المصطلحات.
- الآلوسي البغدادي،أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود(الوفاة: 1270) تفسير الآلوسي.
- الأمين ، محسن (الوفاة: 1371) أعيان الشيعة ، تحقيق: تحقيق وتخريج: حسن الأمين، سنة الطبع: 1403 – 1983 م ، الناشر: دار التعارف للمطبوعات – بيروت – لبنان.
- الأنصاري ، مرتضى(الوفاة: 1281) كتاب المكاسب ، تحقيق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم ، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: جمادي الأول 1415، المطبعة: باقري – قم ، الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري.
- البكري الدمياطي (الوفاة: 1310ه) إعانة الطالبين، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1418، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت – لبنان.
- الجولاني، (معاصرة) د. نادية عمر، مباديء علم الاجتماع.
- الجوهري ، أبو نصر إسماعيل بن حماد (الوفاة: 393ه) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ، تحقيق: أحمد عبد الغفور العطار، الطبعة: الرابعة ، سنة الطبع: 1407 – 1987 م ، الناشر: دار العلم للملايين- بيروت – لبنان.
- الحر العاملي ، محمد بن الحسن (الوفاة: 1104 ه) وسائل الشيعة (آل البيت) ، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة: الثانية ، سنة الطبع: 1414، المطبعة: مهر – قم ، الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بقم المشرفة.
- الحكيم ، منذر(معاصر) مجتمعنا في تراث الشهيد السيد محمد باقر الصدر ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت.
- الحلي، ابن فهد (الوفاة: 841) عدة الداعي ، تحقيق: تصحيح: احمد الموحدي القمي ، الناشر: مكتبة وجداني – قم.
- الخامنئي، علي( معاصر) جهاد التبيين في فكر الامام الخامنئي ، نشر مؤسسة الثورة الاسلامية للثقافة والأبحاث(مكتب حفظ ونشر آثار الامام الخامنئي) ، طباعة شركة دبوق العالمية للطباعة ةالتجارة / الطبعة الاولى 2022م ، طهران.
- خطب الإمام علي (ع) (الوفاة: 40 ه) نهج البلاغة ، تحقيق: شرح: محمد عبدة، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1370 ش ، المطبعة: النهضة – قم ، الناشر: دار الذخائر – قم – ايران.
- الخوئي ، أبو القاسم (الوفاة: 1411 ه) كتاب الاجتهاد والتقليد ، الطبعة: الثالثة ، سنة الطبع: ذي الحجة 1410، المطبعة: صدر ، الناشر: دار أنصاريان للطباعة والنشر – قم.
- الراوندي، قطب الدين (الوفاة: 573 ه) الخرائج والجرائح ، تحقيق: مؤسسة الإمام المهدي (ع) / بإشراف السيد محمد باقر الموحد الأبطحي ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: ذي الحجة 1409 ، المطبعة: العلمية – قم ، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي – قم المقدسة.
- الريشهري ، محمد (معاصر) العقل والجهل في الكتاب والسنة ، تحقيق: دار الحديث للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1421 – 2000 م ، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت – لبنان.
- الريشهري ، محمد(معاصر) موسوعة العقائد الإسلامية، تحقيق: مركز بحوث دار الحديث ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1425 – 1383ش ، المطبعة: دار الحديث ، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر.
- الزبيدي، محمد بن محمد بن مرتضى(الوفاة: 1205 ه) تاج العروس من جواهر القاموس ، تحقيق: علي شيري، سنة الطبع: 1414 – 1994م ، المطبعة: دار الفكر – بيروت ، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت.
- السبحاني ، جعفر(معاصر) رسائل ومقالات ، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق(ع) – قم.
- سعيد أيوب (معاصر) الإنحرافات الكبرى ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1412 – 1992 م ، الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت – لبنان.
- الشريف الجرجاني(الوفاة: 531) الحاشية على الكشاف ، سنة الطبع: 1385 – 1966 م الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر ، عباس ومحمد محمود الحلبي وشركاهم – خلفاء.
- الشيرازي ، ناصر مكارم( معاصر) الأمثل في تفسير الله المنزل.
- الصدر ، محمد باقر (الوفاة: 1400ه) الفتاوى الواضحة ، المطبعة: مطبعة الآداب – النجف الأشرف.
- الصدر ، محمد باقر (الوفاة: 1402 ه) الإسلام يقود الحياة.
- الصدر ، محمد باقر (الوفاة: 1402 ه) المدرسة القرآنية.
- الصدر ، محمد باقر (الوفاة: 1402ه) إقتصادنا ، تحقيق: مكتب الإعلام الإسلامي – فرع خراسان ، الطبعة: الثانية ، سنة الطبع: 1425 – 1382ش ، المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي ، الناشر: مؤسسة بوستان كتاب قم (مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي).
- الصدر ، محمد باقر (الوفاة: 1402ه) فلسفتنا ، الطبعة: الثالثة ، سنة الطبع: 1425 – 2004م ، المطبعة: الأمير ، الناشر: دار الكتاب الإسلامي.
- الصدر ، محمد باقر(الوفاة: 1400ه) صورة عن اقتصاد المجتمع الاسلامي، الناشر: دار التعارف للمطبوعات ، شارع سوريا بناية درويش، طبع: 1979م – 1399ه والكراس مطبوع.
- الصدر، محمد باقر (الوفاة: 1402ه) المدرسة الإسلامية رقم 1 ( الانسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية ، ورقم 2 ( ماذا تعرف عن الاقتصاد الإسلامي) الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1421، المطبعة: مؤسسة الهدى الدولية للنشر والتوزيع ، الناشر: مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر (قده).
- الطباطبائي ، محمد حسين ، (الوفاة: 1412ه) الميزان في تفسير القرآن ، الناشر: منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية – قم المقدسة.
- الطبرسي(الوفاة: 548) تفسير جوامع الجامع ، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1420، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
- الطوسي ، محمد بن الحسن (الوفاة: 460ه) التبيان ، تحقيق: تحقيق وتصحيح: أحمد حبيب قصير العاملي ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: رمضان المبارك 1409، المطبعة: مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي ، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي.
- عادل رؤوف ، محمد محمد صادق الصدر ، مرجعية الميدان / مشروعه التغييري ووقائع الاغتيال، الطبعة الثانية 1422ه. ق 2001م ، مطبعة شريعت، مركز التوزيع مكتبة الصادق (ع) ، ايران. قم.
- عبدالزهرة عثمان محمد ،(الوفاة 2004 م) السيد الصدر رائد حركة التغيير في الإسلام ((نشرة دعوتنا إلى الإسلام يجب أن تكون إنقلابية كتبها السيد الشهيد (ره) سنة 1960 م)) https /mbsadr.ir/ar 2021/12/7.
- العسكري، أبو هلال (الوفاة: ن 395) الفروق اللغوية ، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: شوال المكرم 1412، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
- الفارابي ، أبو نصر ، الفكر الاجتماعي الإسلامي ، 2019/11/blog-post_18.html https: //www.b-sociology.com
- الفاضل الآبي حسن بن أبي طالب اليوسفي(الوفاة: 690) ، كشف الرموز ، تحقيق: الشيخ علي پناه الإشتهاردي، الحاج آغا حسين اليزدي ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1410، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
- الفراهيدي ، احمد بن خليل(الوفاة: 170ه) كتاب العين ، تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي، الدكتور إبراهيم السامرائي ، الطبعة: الثانية ، سنة الطبع: 1410 ، المطبعة: الصدر، الناشر: مؤسسة دار الهجرة.
- الفضلي، عبد الهادي(معاصر) أصول البحث ، الناشر: مؤسسة دار الكتاب الإسلامي – قم – ايران.
- الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب(الوفاة: 817ه) القاموس المحيط.
- القرشي ، باقر شريف (معاصر) حياة الإمام الحسين (ع) ، الطبعة: الأولى ، سنة الطبع: 1395 – 1975 م ، المطبعة: مطبعة الآداب – النجف الأشرف.
- الكليني ، محمد بن يعقوب(الوفاة: 329) أصول الكافي ، تحقيق: تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري ، الطبعة: الرابعة ، سنة الطبع: 1365 ش ، المطبعة: حيدري ، الناشر: دار الكتب الإسلامية – طهران.
- www.almrsal.com/post/919251
- ar.wikipedia.org/
