مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
  • موسسة دارالإسلام
    • حول مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
    • أهداف المؤسسة
    • جامعة الامام جعفر الصادق
    • المدرسة الدينية
    • أخبار
  • جائزة الشهيد الصدر
    • حول الجائزة
    • تاريخ الجائزة وابرز البحوث
      • دورة الاولى
      • دورة الثانية
      • دورة الثالثة
      • الدورة الرابعة
      • الدورة الخامسة
    • الدورة السادسة
  • النشاطات الخيرية
    • المشروع السكني الخيري
    • مساعدات
  • الإصدارات الثقافية
    • مجلة الفكر الجديد
  • الامين العام
    • نبذة عن حياته
    • مؤلفاته
    • الوكالات الشرعية
✕

التحدي المجتمعي وحركة الأمةفي رؤية السيد محمد باقر الصدر

العنوان: التحدي المجتمعي وحركة الأمة في رؤية السيد محمد باقر الصدر
الكاتب/الكتّاب:

م.د. صالح كريم ياسين العلوي - كلية الآداب – جامعة الامام جعفر الصادق (ع)
-
-
-

تحميل PDF

الملخّص

يعد الإنسان العنصر الأبرز في المعادلة الاجتماعية، لاسيما في التاريخ الحديث و المعاصر،  لانه يمر في ظروف معقدة احاطة بالمجتمع الإنساني بعامة والمجتمع الإسلامي بخاصة .. وقضية التصدي لإنشاء مجتمع يمتلك مقومات التأسيس وعناوين الفضيلة يحتاج الى مروع فكري فلسفي ذي عمق اجتماعي وقيادة  اصلاحية، والسيد الشهيد الصدر قد تفجرت عبقرتيه منذ وقت مبكر، وحقق السبق العلمي والانجاز التاريخي في مختلف حقول المعرفة، هو بحق اطروحة الاسلام المتجددة، فكان ينبوعا متدفقا العطاء العلمي الأصيل،  وهو المجدد في الفكر الاسلامي لمواجهة التحديات الفكرية المعاصرة في الفلسفة والسياسة والاقتصاد والاجتماع…  ويرى السيد الصدر ان في المذاهب الاقتصادية الوضعية في العالم قصور عن تقديم الحلول، وان الاسلام يعطي للمسائل الاقتصادية أبعادا انسانية وأخلاقية ، فكلما تردت المجتمعات البشرية وانطمست معالم الخير، شاعت شرور الإلحاد.. لقد كان اهتمام السيد الصدر منصبا على رفع مستوى المجتمع الاسلامي ليجعل الـ(نحن) في ضمير المتكلمين (انا :) في فلسفتنا ، و اقتصادنا ثم (مجتمعنا ) الا ان يد المنون وسيف الظلم لم تمهله لبلوغ مشروعه،  وهو يتوق الى ان يرى العصر الذي تلغى فيه قيمة الفوارق المادية على الإطلاق، ويستوي فيه الحاكم والمحكوم في نظر القانون…

وتبقى الدراسات الاجتماعية للسيد الصدر دراسات رائدة في ميدان الاعداد الفكري والتربوي للأمة  ،وهو صاحب الدور المميز في الاصلاح والتجديد ، لذا فقد استجمعنا في بحثنا المتواضع هذا آراء السيد الصدر على الصعيد الاجتماعي سواء ماورد منها في مواضع عديدة من مؤلفاته عموما كخطوط عريضة لمشروعه المجتمعي، أم  ما شرع فيه من كتاب(مجتمعنا) كونه يمثل الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، مع التركيز على ابرز التحديات المجتمعية في منظور الشهيد الصدر ، وكيفية تفكيكها وتحليلها في إطار حركة الأمة، وطبيعة العلاقة بين الثابت و المتحول .. وضرورة تجديد صرحها المعرفي، والوقوف على اساس الحركة الاجتماعية وارتباطها بحركة التاريخ .

الكلمات المفتاحية: المذهب الاجتماعي,النظام الاجتماعي,فلسفتنا,مجتمعنا,الرؤية المجتمعية,السيد محمد باقر الصدر

Abstract:

       The human being is the most prominent element in the social equation, especially in modern contemporary history, because he passes through complex circumstances surrounding the human society in general and the Islamic society in particular. Al-Sadr’s genius exploded from an early age, and he achieved scientific precedence and historical achievement in various fields of knowledge. He is truly the renewed thesis of Islam.

It was a flowing fountain of original scientific benevolence, while it is the renewal in Islamic thought to face contemporary intellectual challenges in philosophy, economics and sociology. Humankind and the features of goodness were obscured, the evils of atheism.. Mr. Al-Sadr’s concern was focused on raising the level of the Islamic society to make (we) in the pronouns of the speakers the (I:) in our philosophy, (our economy and then our society), but the hand of menon and the sword of oppression did not slow him down To achieve this project, and he believes that the era in which the value of material differences is absolutely abolished, and in which the ruler and the ruled are equal in the eyes of the law…

       And the social studies of Mr. Al-Sadr remain pioneering studies in the field of intellectual and educational preparation of the nation, and he has a distinguished role in reform and renewal, so we gathered in our modest research, through two chapters, the opinions of Mr. Al-Sadr on the social level, whether they are mentioned in many places in his books in general as broad lines for his societal project Or what was initiated in the book (Our Society), as it represents the first

     Step in this direction, with a focus on the most prominent societal challenges in the perspective of the martyr al-Sadr, and how to dismantle and analyze them within the framework of the nation’s movement, and the need to renew its knowledge edifice, and to stand on the basis of the social movement and the direction of the historical movement.

Keywords: The social doctrine,The social system,Our philosophy,Our community,Community vision,Muhammad Baqir al-Sadr

البحث الكامل

المقدمة :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمينَ والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحبه الأخيار المنتبجين وبعد :

فإن المتتبع لمسيرة عطاء الشعوب وعباقرة الأمم يكتشف أن سر خلود هؤلاء  وعظمتهم ينبع من عمق الإيمان وقوة الإرادة ، وصدق الإخلاص والتواصي بالحق والصبر ، و السيد الشهيد الصدر من عظماء الأمة والإنسانية وعباقرتها   ‏و مقدمة قادة الفكر والأمة الإصلاح ..

لقد اجتمع حشد في رجل اجتمع ( المؤرخ وعالم الدين والفيلسوف والمفكر والمعلم والمربي وعالم الاجتماع وعالم النفس في شخص ( محمد باقر الصدر)  فنهض حشد العملاقة ومؤسسة  و منظومة متكاملة وفعالة فولد مشروع الاجتماعي كبيراً بكبر صاحبه ونما و تطور سريعا بتطور وسرعة إنجاز مرجعه ابتدأه  بفلسفتنا و اقتصادنا واستقام  في (مجتمعنا ) ولولا حجاج وعصره الذي كز السلة وقال : (أينعت الرؤوس وحان قطافها )  فهذا المشروع الاجتماعي الكبير الذي  كنا ننتظر جني ثماره لبقى سجين المحبسين  ‏محبس النص الذي منع من النطق ، ومحبس العزلة عن المجتمع والناس في وادي النظام المجرم و الحزب الواحد و الأيديولوجية الشوفينية  الواحدة .. والحديث عن مشروع( مجتمعنا ) الصدري لا يسع المقام هنا لتناوله وتداوله وإنما ركز بحثنا الموسوم ( التحدي المجتمعي وحركة الأمة  في رؤية السيد الشهيد الصدر )   على قضايا ومنطلقات محددة ناتجة ‏ من فكرة ان ثروة تراث السيد الصدر الفكري بكل مشاريه كل ما تقادم الزمان به  تعددت القراءات فيه وحوله فأثمره من ثمار هي ثمرة واقتضت طبيعة المنهج أن يكون البحث في ثلاثة فصول وخاتمة :

  • تناول الفصل الأول(  التحدي المجتمعي و نظرية الاستخلاف   ازمة المصطلح ‏في رؤية السيد الشهيد الصدر ) وضم مبحثين :  جاء الأول في ( المجتمع وحركته وتحدياته في رؤية الشهيد الصدر) ، وجاء الثاني في نظرية الاستخلاف وأزمة المصطلح في رؤية الشهيد الصدر)..
  • واختص الفصل الثاني في(  ثنائية العقل والتجربة و الثابت و المتحول في رؤية السيد الشهيد الصدر )،  وضم مبحثين كذلك : حمل الأول عنوان( ثنائية العقل والتجربة في رؤية الشهيد الصدر ) ، وحمل ثاني عنوان ( ثنائية الثابت  و المتحول ‏في رؤية الشهيد الصدر).
  • وخصص الفصل الثالث لتناول( المشكلات الاجتماعية وحلولها في رؤية السيد الشهيد الصدر) ،  وضم أيضا مبحثين : تطرق الأول إلى( المصالح الطبيعية والاجتماعية والصراع الطبقي في رؤية الشهيد الصدر ) ،وتطرق المبحث الثاني إلى (الدراسات الاجتماعية والمستقبلية وأهميتها في رؤية الشهيد الصدر )..
  • واعتمد البحث على مصادر مختلفة ومتنوعة تقف في مقدمتها مؤلفات السيد الشهيد الصدر ( فلسفتنا ،  اقتصادنا  ، الفتاوى الواضحة  ، الإسلام يقود الحياة ،  المدرسة القرآنية وسنن التاريخ  … ) ، ‏فضلا عن عناوين ودراسات في ميدان علم الاجتماع والتربية وفلسفه التاريخ..
  • وجاءت الخاتمة بمثابة عرض موجز لاهم محاور البحث وفصوله ومباحثه،  فضلا عن ملاحظات هي أقرب إلى الاستنتاجات منها إلى النتائج..
  • وحسبي إني بذلت  ما بوسعي ، ويبقى في  كل عمل بشري نقص وهنات  ولاسيما أن  موضوع البحث كبير  وأركان المشروع المجتمعي للسيد الشهيد الصدر لا يمكن الإحاطة  به   والإلمام بأبعاده  ومضامينه ،  وسبر اغواره .. ويبقى الكمال لله وحده .

وما توفيقي الا بالله  ..

 

الفصل الأول : التحدي المجتمعي ونظرية الاستخلاف وأزمة المصطلح .. في   رؤية السيد الشهيد الصدر:

المبحث الأول : المجتمع وحركة التحديات في رؤية الشهيد الصدر:

هناك أفكار ورؤى تمهيدية للمشكلة الاجتماعية في كتابي ( اقتصادنا  ، وفلسفتنا ) ، إذ تصدى السيد  الشهيد الصدر لفكرة الحركة التاريخية وحركة المجتمع ليس في كتابات ومحاضرات فحسب بل حتى  في تفسيره الموضوعي للقرآن الكريم ، ومصاديق طرحه تكمن في تصوراته حول حركة المجتمع الإسلامي و الدولة الإسلامية([1]) ، وهي مسيرة المجتمع نحو الله … إذ وضع إطاراً قرآنياً  ببعديه ( الفلسفي الاجتماعي ) حول المجتمع وطبيعته و حركته ، استقاه من نظرة مترابطة متكاملة ناقشها باستدلال قرآني وبإسلوب مقارن ، محاولاً صياغة تحليلاتها وافتراضاتها في تعليل ظاهرة الحركة في المجتمعات ، وحركة المسيرة البشرية التاريخية .. مع تحديد لأنواع الحركة وأشكالها([2]) …

لقد أدرك السيد الشهيد أهمية البحث في ( المجتمع ، وأسسه  ، وحركته وأنواعها ) في مسار البحوث الفلسفية والاجتماعية  لما فيه من وجدة ومساحة وسطية متموجة بين (الثابت و المتحول )([3]) … آخذاً بنظر الاعتبار أن دخول مفاهيم الحركة التاريخية و الاجتماعية ومصطلحاتها  يرجعه  بعض الباحثين الى إبن خلدون في( مقدمته) الذي ابتداع نظرية الحركة في المجتمعات و اكتشاف قوانينها وتحديد أسسها([4])  .

وفي النظر الى الفكر الغربي فإن فكرة الحركة التاريخية وقوانينها تتمثل بنظرية ( نهاية التاريخ ) لفوكوياما ، إذ تبرز فيها  حتمية حركة البشرية نحو الأنموذج الليبرالي الرأسمالي ، في مناخ العولمة و القطب الواحد الذي تدور حوله البشرية  او تسير باتجاهه بوعي أو بغير وعي ، لاسيما وأنهم يبررون هجمتهم الثقافية و الاجتماعية على البشرية ومستقبلها . وفي ثقافة العصر فالحركة التاريخية للمجتمعات و البحث فيها له حضور ورواج حتى أنها اكتسبت أبعاداً اجتماعية خطيرة([5]) …

لقد أثر حراك السيد الصدر في جوانب الحياة و المجتمع بطرحه النظرية الإسلامية المتكاملة  القادرة على فهم  واستيعاب مشكلات العصر ومناقشتها  ووضع الحلول لها  وتفسير الواقع الاجتماعي  المتغير .

ومما هو ملموس عبر حركة فلسفة التاريخ الاجتماعي أن للمجتمع حقيقته وقوانينه وعناصره ، لذا فإن رؤية السيد الشهيد كانت  قد حددت أنواع المجتمعات  بأطروحة مستفيضة ، وبالأدلة القرآنية كأسس لهذا التنوع ، مؤكداً ( الحركة وأنواعها  ) كمفهوم فلسفي .. و مشخصاً  الغائية و العلية  التي تميز الفعل الاجتماعي ثم الحركة  وطبيعتها في المجتمع على وفق أنواع المجتمعات  وأسس الحركة الاجتماعية ونشأتها وأطوارها.، وقد ميز السيد الشهيد الصدر كذلك بين الحركة التاريخية و الحركة الاجتماعية واتجاه حركة الأولى: فهل هو اتجاه تصاعدي تكاملي أو اتجاه بحركة دائرية ما أن تنتهي إلا يبدأ من جديد ..؟

وتجتمع في ذلك آراء السيد الصدر وبعض أراء المفكرين الاسلاميين ، وسنحاول استجلاء أفكاره الاجتماعية عبر ما كتبه من مؤلفات وبحوث ودراسات ، مع أن لمعشر الفلاسفة و المفكرين وعلماء الاجتماع  مواقف مختلفة في ( المجتمع ) تتباين و تتوافق عبر أسئلة مطروحة ..

لأن هناك جدل في الفضاء السوسيولوجي ‏بخصوص بناء المجتمع و وظائفه وحركته  ، ينظر من خلالها أصحاب الاتجاه الأول إلى المجتمع بصفته مصدرا لتشكيل الفرد وقولبته كيف ما  شاء  ضمن اطره  الثقافية  ، وان أصحاب الاتجاه الثاني يعدون الفرد هو ركيزة الحياة الاجتماعية حيث تشكل المجتمع بإرادته الواعية ،  وهذا الاتجاه يبدأ به الافراد ويرى المجتمع نتاجا لأفعالهم([6]) . وهنا لا بد من ( بلورة المشروع الإسلامي بصورة  مدرسة اجتماعية ذات مبادئ  منسجمة و متناسقة )([7]) ، وهذا ما دأب عليه السيد الشهيد الصدر في مشروعه الاجتماعي .

إن المتتبع لمسيرة عطاء الشعوب ، وعباقرة الأمم ، يكتشف أن سر خلود هؤلاء ينبع من عمق الايمان وقوة الإرادة ، وصدق الإخلاص ، والتواصي بالصبر ، و السيد الشهيد الصدر من عظماء الأمة وعباقرتها ، وفي مقدمة قادة الفكر وأئمة الإصلاح .. له دور رائد و متميز في الإصلاح والتجديد.. ، وأن الجانب الإصلاحي المجتمعي عند الشهيد الصدر يقتضي من قادة المجتمع تقصيه و بلورته  وتطويره ونشر ثقافته .. ، وهو ينطلق من تجربة المجتمع في صدر الإسلام ، اذ يقول السيد الصدر : (( إن عصراً تلغى فيه قيمة الفوارق المادية على الإطلاق ، ويستوي فيه الحاكم و المحكوم في نظر القانون([8]) ومجالات تنفيذه ، يجعل مدار القيمة  المعنوية ، والكرامة المحترمة فيه تقوى الله، التي هي تطهير روحي ، وصائنه للضمير ، وارتفاع بالنفس إلى آفاق من المثالية الرفيعة ، ويحرم في عرفه احترام الغني لأنه غني وإهانة الفقير لأنه فقير))([9]) ، ولا يفرق بين  الأشخاص الا بمقدار الطاقة الإنتاجية  (( لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)) ([10]) ..

ويسارع فيه إلى  الجهاد من أجل إصلاح النوع البشري متجاوزاً دوافع السعادة الشخصية من الدنيا، المسألة الأساسية في تاريخ الإسلام  تلك التي شكلها لا يتغير الا وهي نوع السلطة التي ينبغي أن تتولى أمور المسلمين . والسيد الصدر عاش يتيماً منذ طفولته ، وظل مقتدياً بسيرة جده الرسول محمد  ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، سائراً على خطاه  في الجهاد و التضحية  و الإصلاح ، وهو بين أخ أكبر وشقيقة  صغرى  تربى و تصبر، واضعاً صورة الإصلاح المجتمعي  في صدر الإسلام نصب عينيه بإعطاء منظور تحليلي جديد لأهم الموضوعات الاجتماعية وسبر غورها ،  والوقوف على حقائقها ، ثم الولوج إلى كنه أخطر القضايا الاجتماعية وأهمها ذات الابعاد المختلفة ..، وفي مقدمتها ( الوحدة والأخاء بين المذاهب ،  الخلافة و الاستخلاف  ، والخلافة والتشيع  …) ، فكان السيد الشهيد بحق  ينبوعاً متدفقاً من العطاء العلمي الأصيل في الفلسفة و الاقتصاد و الاجتماع ، وهو بعد ذلك كله قد أسهم بآرائه وطروحاته الأصيلة في تأصيل المدرسة الإسلامية ‏ونقلها من دائرة التقليد إلى دائرة التجديد وإشراكها  بدور مجتمعي يتعاطى ويتفاعل مع هموم الفرد والمجتمع ويسهم في فهم مشكلاته  ووضع الحلول والمقترحات لها تلك  التي تتكون  وتتراكم على مر الازمنة نتيجة لأحداث وتطورات اجتماعية  ذات أبعاد سياسية واقتصادية..، فضلاً عن تأصيل الدراسة ، واعتماد المنهج العلمي والعمق التحليلي ، فالسيد الصدر  يمثل أطروحة الإسلام المتجدد فهو ينهض بمسؤوليات فكرية وجهادية تهدف الى اصلاح الأمة و المجتمع والفرد ،  معتمداً الدراسات التاريخية ذات الأبعاد السياسية  والاجتماعية بمنهج يقوم على أسس موضوعية يعبر عنها بالأناة في الحكم و التجربة الواقعية و التفكير العقلاني .

ومن الشخصيات الفكرية والثقافية التي تمتلك ذهنية متقدة قادرة على تأسيس منظومة فكرية معرفية تنسجم و اتجاهات الحياة المختلفة ، فكل موضوع يحيط  به إحاطة واعية مدركة ،  وهذه الشخصيات نادرة ، والشهيد السيد محمد باقر الصدر منها ، إن لم نقل أنه في مقدمتها([11]) . فهو يحدد البحوث ويحللها باتساق مع متطلبات الظروف (  السياسية والاقتصادية والاجتماعية ) ، ويعالج المسائل ذات الصلة بهموم الأمة ويستخلص النتائج المفيدة للواقع المعاش .

إذ إن اهتمام السيد الشهيد ظل منصباً على رفع مستوى المجتمع الإسلامي، فقد وضع الأسس الأولى للنظام الاجتماعي الإسلامي ، وعظمته تكمن في طي بحوثه وكتبه المتصلة بـ ( نا ) المتكلمين وضمير الأمة والمعبر عن صوت المجتمع ، وأبرز توجهاته الاعتقادية وآرائه نحو الانسان و الحياة ومال  له علاقة بالمنظومة الإسلامية منهجاً و وتبويبا ، والموضوعات التي تمس الأمة.. عبر جميع آرائه على المستوى الاجتماعي ورسمه نظريته حول المجتمع ، فهو يصور النظام الاجتماعي من منظور صدري بالمناقشة و الآراء والاستنتاج ، وهو بحق رائد التقريب و دراسة الفلسفة من خلال موقعه الديني و الفكري والاجتماعي.

والسيد الشهيد الصدر ( كان يعيش … لّتطلع قلق ولاكتشاف هاجس في الفكر والموقف وعقلنة العاطفة  ) ثم الإحاطة الواعية بحاجاته ومشكلاته في ضوء طروحات المتفردة ومعالجاته الناجعة .

وهكذا هي الظواهر الاجتماعية في رؤية السيد الصدر تتشكل وتتمحور غبر منظومة معرفية ومرجعيات عقدية وثقافية متكاملة ومتفاعلة ، فالقرآن كتاب الفرد و المجتمع الإنساني في النهج والاتجاه الاجتماعيين (( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا))([12]) ، وأن بقاء رواسب الجاهلية في أذهان جملة ممن اضطروا لاختيار الإسلامي دينا ، وان  تحرير المجتمع الإسلامي الأول من هذه الرواسب يتطلب منازلة بقيادة ميدانية وموضوعية وبزمن كاف لاستقبال عصر جديد وأجيال جديدة تريد ( تحرير العالم الإنساني من الجهل و الكفر والنفاق  )([13]) ، فجاءت نظرة تمجيدية  وافتخارية صرفة ، بحيث ذهبوا الى ان حاضر الأمة لا يصلح الا بما أصلح به ماضيها([14])، وان ظاهرة التحجر الجاهلي قد ابتليت بها الأمة الإسلامية وما اثارته من ضغائن وفتن([15]) ..

 

المبحث الثاني : نظرية الاستخلاف وأزمة المصطلح في رؤية الشهيد الصدر:

ويقتضي منهج السيد الصدر ان نختار المنهج المفضل والنظرية الاجتماعية القرآنية أي القائمة على  (الاستخلاف) وهي اللفظة الأهم التي تشكل البنية التحتية للبحث الاجتماعي عند السيد الشهيد الصدر، وهذا ما جاء في كتابه (خلافة الانسان و شهادة الأنبياء )([16]).

وانطلاقا من نظرية الاستخلاف فالنظام الاجتماعي الإسلامي الإنساني يتألف و يتمظهر  لتحقيق الأهداف المرسومة  ،وهو يتطلع الى مستقبل الإنسان الرحب .

وصحيح أن علم لاجتماع هو الذي يدرس أحوال الناس من معيشة وقيم وأخلاق ومعاملات ، لكنه لم يثبت عند المختصين بتعريف جامع ماتع ، ، فقد عُرف المجتمع عند أهل الاختصاص الاجتماع بتعاريف كثيرة منها ( أنه نسق مكون من العرف المنوع الإجراءات المرسومة )، ومن السلطة والمعونة المتبادلة  في كثير من المجتمعات وشتى وجوه ضبط السلوك الإنساني والحريات([17]) .  فهو يدعو إلى دراسة المسائل الفكرية في الإسلام بصورة مترابطة و بشكل جزاء من منظمة واحدة  ، وهذا ما أشار اليه كذلك السيد الخامنئي ( رضوان الله عليه )([18]) .

ولم ترد لفظة ( مجتمع ) في النصوص القرآنية ولكن وردت بالمفهوم ضمن مفردات مقارنة هي ( الجمع ، القوم ، الشعب ، القبيلة ، الأمة ، الناس ، أناس ، امة وسطى )، وجمع الأمم تشترك في محاسن و مساوئ امة من العرب ، العرب اليهود ، و العرب النصارى ، والعرب المسلمين ، و المسلمين في غير العرب..،وهكذا يأتي الخطاب القرآني في التعبير  عن هوية الأمة (( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ))([19])  ..

فالقرآن الكريم حتما يؤكد على مفهوم الأمة يعبر بها عن الجماعة التي يشترك أفرادها في التاريخ و العقائد ،  والشعائر و السلوكيات ، وترد لفظ الأمة بمعناها الاجتماعي ((  وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ))([20]) ، إذا أردت الآية سلوك أفراد الأمة العام بالدعوة إلى الخير ، و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .  ولذا فالتغيرات الرئيسة تحصل في الروابط السائدة في الجادين المتصديين ( عقائدياً و سلوكياً ) يترتب عليها تغيير اجتماعي ، وفقاً سنن الإلهية ((  إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ))([21]) .

ومصلح  ( المذهب الاجتماعي ) استخدم عند السيد الصدر لحل المشكلات الاجتماعية ، واخبار طريق ( لتنظيم الحياة الاجتماعية ) ، لذا قام با نشاء ( جماعة العلماء ) وتجديد الوعي في أسلوب المرجعية ، ثم يرى الانحراف في الحكم في المجتمع(( الحاجات الإنسانية المتنوعة بوصفها  الأساس لنشوء الحياة

الاجتماعية)) ثم تصنيف هذا المصطلح في مجال آخر على ( النظام الاجتماعي  ) فقال في مقدمة (فلسفتنا) ، مؤكداً قدرة الإنسان على حل  جميع المشكلات  الاجتماعية ..،  و نستعرض هنا اهم المذاهب الاجتماعية ، وما يقوم فيها من صراع فكري أو سياسي على اختلاف وجودها الاجتماعي المقترن بحياة الإنسان ، وهي مذاهب  أربعة :

  • النظام الديمقراطي الرأسمالي.
  • النظام الاشتراكي.
  • النظام الشيوعي.
  • النظام الإسلامي .

و الأنظمة الثلاثة الأولى تمثل وجهات نظر بشرية في الجواب على السؤال الأساس: ما هو النظام الاجتماعي الأصلح؟ وهذه الإجابات وضعها الإنسان لذا فالسؤال عينه :

وأما النظام الإسلامي فبعرض نفسه على الصعيد الاجتماعي بوصفه ديناً قائماً على أساس الوحي لا فكراً تجريبياً ، ويمكن التوفيق بين مراده من المذهب و النظام ، فالمذهب عنده هو الطريق التي يترجمها في مجموعة قوانين قابلة للتقييد  …، احدهما إجمالي و الثاني  تفصيلي ، ومن هنا نستطيع القول أن السيد الشهيد الصدر يرى   من المذهب الاجتماعي النظام الاجتماعي في مقدمة  ( فلسفتنا ) ، بينما يطلق المذهب الاجتماعي عند غيره على النظرية الاجتماعية .

 

‏الفصل الثاني : ثنائية العقل والتجربة والثابت و المتحول .. في رؤية السيد الشهيد الصدر :

المبحث الأول : ثنائية العقل والتجربة في رؤية الشهيد الصدر:

بين العقل والتجربة وثاق وثيق رغم تمتع العقل بطاقة تجريدة هائلة لكنه بحاجة إلى مصول وصلة تربطه  بالوجود الخارجي لتوليد  معارفه ،و تمثيل الإدراكات وخزنها ، والوجود بصورتيه ( المادية والمعنوية ) ، فيحاول استقطاب العقل إلى ميدانه  في عملية تفاعلية دائمية.

و‏ السيد الشهيد الصدر لم يكتف بطرح المشكلات الاجتماعية في إطار فلسفي عقلي بل يعمل على بحثها من جديد ويعيد تشكيلها وتكوينها عبر مشروعه الفكري الموائم بين العقل والتجربة وفي إطار ما يعيشه في حياته الاجتماعية العامة  ، مؤسسا فيما بعد تياراً ثقافيا جديداً و متجدداً.

وإذ كان المقصود هنا هو البحث في طبيعة العلاقة بين العقل والتجربة الاجتماعية ، فالذي يعنى  بالتجربة الاجتماعية تلك (الظاهرة ) التي تحمل الصفة الاجتماعية ، وعلى هذا الأساس فإنها تنقسم على ثلاثة  أقسام :

  1. التجربة الاجتماعية التاريخية (الماضية).
  2. التجربة الاجتماعية الحاضرة .
  3. التجربة الاجتماعية ( المستقبلية).

وبين هذه الثلاث توجد روابط ووشائج أحاط بها فكر السيد الصدر الاجتماعي في ضوء المنهج القرآني وفي إطار فلسفة التاريخ  لفهم واستيعاب التجربة الاجتماعية التي ترسم خطاً بيانياَ ثلاثياً:

  1. بين الإنسان وخالقه من جهة .
  2. بين الإنسان وواقعه  من جهة ثانية .
  3. بين الله والكون والإنسان من جهة ثالثة .

ويبدو أن رؤية السيد الصدر تعاملت بموضوعية وعلمية مع  أهم المفاهيم الاجتماعية المعاصرة في علم الاجتماع لا سيما تلك التي تتعلق بفلسفة التاريخ ووعي التجربة الاجتماعية  ،وما يقابلها من المفاهيم العامة في فلسفة التاريخ الاجتماعية ، في فكر السيد الشهيد الصدر الاجتماعي . فقد امتلك السيد الشهيد  ناصية منهجه في وعي التجربة الاجتماعية على اختلاف أشكالها ، والذي يعتمد بشكل كبير على تحريك الوجدان باتجاه العودة إلى الذات و مراجعتها و نقد تجربتها وتقويمها  ، وهو منهج يتوخى العودة إلى الفطرة الإنسانية لتحري الحقيقة و كتشافها ، وهو منهج قرآني يستدل بكثير من الآيات القرآنية.

فهي تجربة اجتماعية لأنها ترتبط بأسباب بشرية استدعت كما يقول الشهيد محمد باقر الصدر فى كتابه ((المدرسة القرآنية))([22]) ،وهذه الآية إذن تتحدث عن علاقة معينة بين القاعدة والبناء العلوي، القيم الأخلاقية والحضارية التي تكمن خلف كل الظواهر الاجتماعية، والتي تنعكس في المجتمع بصورة تجارب تختلف وتتشابه وفقا للظروف التي تولد فيها . لذلك ركزت القاعدة القرآنية المتقدمة في الآية الكريمة السابقة على أساس التجربة الاجتماعية وهو «النفس» وصلتها القوية والحتمية بعملية التغيير الاجتماعي، فالفرد يسعى في خطوة (المعاش) للتعامل مع المادة عبر نشاط عقلي كما قدمنا ويسعى أيضا لتحقيق الاطمئنان والتوازن الروحي في خطوة (المعاد) عبر تمازج عقلي وروحي مشترك أساسه الإيمان والاعتقاد الثابت بغائية الكون ومصيره، وهي الغاية التي تنتهي الى الله سبحانه خالق هذا الكون ومدبره([23]).

وحينما نعود لنتحدث عن الفترة التي سبقت مجيء الاسلام فإننا نرى هذا الأمر يبدو جليا وواضحا حتى إن الشهيد محمد باقر الصدر يصف هذه الفترة بشكل علمي دقيق في مقدمة كتابه «الفتاوى الواضحة من خلال تعداده لخصائص الرسالة الإسلامية وما تفردت به من صفات وخصائص فيقول: «إنها جاءت بنمط فريد من الثقافات الإلهية عن الله سبحانه وتعالى. وصفاته، وعلمه، وقدرته ، ونوع العلاقات بينه وبين الانسان، ودور الأنبياء في هداية البشرية، ووحدة رسالتهم وما تميزوا به من قيم، ومثل، وسنن الله تعالى مع أنبيائه.

 

المبحث الثاني : ثنائية الثابت و المتحول في رؤية الشهيد الصدر:

إن للوعي في التجربة الاجتماعية مرتكزات أساسية وخطوات منهجية ثابتة ومتسلسلة، يتم من خلالها التوصل لفهم حدود التجربة ومساراتها التي تشير الى شكلها ومضمونها الكليين..، وأما البعض الآخر من العلماء فيختلف مع هؤلاء في الرأي، إذ إنهم يرون أن من الممكن التوصل الى نظرية علمية اجتماعية وفق ضوابط ومقاييس ثابتة كتلك التي تتمتع بها النظريات التي تخضع للمنهج العلمي الصارم. ونحن وفق نظريتنا الاجتماعية الإسلامية نقف مع الصنف الثاني من العلماء، حيث نرى إمكانية التوصل الى نظرية علمية حقيقية في علم الاجتماع وأدلتنا على هذا الرأي كثيرة ليس هنا مجال عرضها وتفصيلها، والمرتكزات التي يستند اليها العقل في وعي التجربة ، والاستخلاف في الأرض عبر تجسيد الوجود الإنساني كما فطره الله وكون له مزاجه. كل ما طلق وهنا تأتي الركيزة الثالثة من ركائز هذا المنهج المقترح في وعي التجربة الاجتماعية،  فكأنما قطعوا الدنيا الى الآخرة وهم فيها فشاهدوا ما وراء ذلك، فكأنما وقانون (السببية) الذي يرد  إلى مسبباتها، وهي خطوة ضرورية لفهم الواقعة الاجتماعية التاريخية ..

ومن نافلة القول هنا أن نذكر بابن خلدون الذي استفاد كثيرا من كلمات أمير المؤمنين حول التاريخ فأشار إلى أهمية الأخذ بمنهج الربط التاريخي بين أخبار الماضين وبين كل ما ينتجه الواقع الراهن من وقائع اجتماعية ..، غير أن الظروف التي مر بها شكلت عوائق عديدة عرقلت هذا التطبيق حيناً وأخرته حيناً آخر..

أخلت باستقرار الوضع الاجتماعي العام للمجتمع الاسلامي في كافة مستوياته، حيث برزت ظاهرة الطبقية بشكل واضح فانقسم المجتمع يومها إلى طبقة ثرية متحكمة وطبقة فقيرة مسحوقة ومعدمة. وبدا الصراع بين الطبقتين واضحا في الاعتراضات المتكررة على سياسته([24]).

ويقول بيير جيرور في كتابه ( علم الدلالة ) : إن المعنى قضية تجمع لها موضوعا، وكائنا، ومفهوما وحادثة مع إشارة قابلة لاستدعائها.. والإشارة عبارة عن منهج يسميه علماء النفس منشطا ويظهر أثره على الجهاز العضوي حين يثير صورة ذهنية لمنشط آخر .. وكل ما نسميه تجربة أو معرفة ليس إلا الواقع([25]).

فالرسالة – كمحتوى – حقيقة ربانية فوق الشروط والظروف المادية النجاح، ولكنها بعد أن تحولت الى حركة إلى عمل متواصل في سبيل التغيير([26])…

والسيد الصدر جزء من المدرسة العلوية العقائدية والاجتماعية و التربوية فارتقى ، الى قمة الهرم المعرفي في استيعاب مفاصل الفكر الإسلامي و ينهض بوضح منهج اجتماعي لمشروع كبير ابتدأ وينبغي ان لا يتوقف ، ولعل هذه الحركة التي ترسم طريق المصالحة بين مفاهيم الماضي ومفاهيم الحاضر هي ما يمكن أن نطلق عليه ( روح العصر ) وهذه الروح هي التي تمنح ملامح عملية التحديث والتطوير التي يسعى إليها الفكر الإسلامي بقوله عن الإسلام إنه دين البشرية وإنه خاتم الأديان وصورة كمالها ، وهنا  ترتبط  التجربة التاريخية  و التجربة الحاضرة لاستفادة من الربط في تحديد ملامح التجربة الاجتماعية ، وهو  يقوم بتشخيص دقيق لتجربة اجتماعية شاملة وعلى مستوى عال من الخطورة، حيث لا يسعه  وعلى هذا الأساس أصبحت مظاهر الفكر الاجتماعي والسياسي الجديدة سائدة في الوسط الاسلامي عبر فلسفة الصراع القائم آنذاك([27])..

 

الفصل الثالث : المشكلات الاجتماعية وحلولها .. في رؤية السيد الشهيد الصدر:

المبحث الأول : المصالح الطبيعية و الاجتماعية والصراع الطبقي في رؤية الشهيد الصدر :

في ضوء نظرية ( الاستخلاف ) و ( المثل الأعلى ) في مشروع السيد الشهيد الصدر الفلسفي الاجتماعي  قام بدور أساسي في إنشاء (جماعة العلماء)، وراح يدعو لتجديد  هذا الدور الواعي لأسلوب المرجعية، ثم عمل على مقارعة الحكم المنحرف، مما تركه يتعرّض للتضييق والاعتقال مرات و مرات ،الحاجات الإنسانية المتنوعة، بوصفها الأساس لنشوء الحياة الاجتماعية وقد أطلق الشهيد الصدر مصطلح (المذهب الاجتماعي) في مجال آخر على النظام الاجتماعي، فقال في مقدّمة (فلسفتنا ) والآن  وقد عرفنا مدى قدرة الإنسان على حلّ المشكلة الاجتماعية والجواب عن السؤال الأساس فيها، نستعرض أهم المذاهب الاجتماعية التي تسود الذهنية الإنسانية العامة اليوم، ويقوم بينها الصراع الفكري أو السياسي على اختلاف مدى وجودها الاجتماعي في حياة الإنسان، مذاهب أربعة: وهي: 1 – النظام الديمقراطي الرأسمالي. ٢ – النظام الاشتراكي. ٣ ـ النظام الشيوعي. ٤ ـ النظام الإسلامي. والثلاثة الأولى من هذه المذاهب تُمثل ثلاث وجهات نظر بشرية في الجواب على السؤال الأساس: ما هو النظام الأصلح ؟ فهي أجوبة وضعها الإنسان عن هذا السؤال وفقاً لإمكاناته وقدرته المحدودة، التي تبيّنا مداها قبل لحظة. وأما النظام الإسلامي فهو يعرض نفسه على الصعيد الاجتماعي، بوصفه ديناً قائماً على أساس الوحي، ومعطئ الهياً، لا فكراً تجريبياً منبثقاً عن قدرة الإنسان وإمكاناته ويمكن التوفيق بين مراده من المذهب والنظام حين يتعدّد المفهوم لديه، بأن المذهب : هو الطريقة التي يترجمها النظام في مجموعة قوانين قابلة للتنفيذ، فالمذهب والنظام وجهان لعملة واحدة إحداهما ،إجمالية، والأخرى تفصيلية..

فيقال: النظرية القرآنية عن النبوة، النظرية القرآنية عن المذهب الإقتصادي، النظرية القرآنية عن سنن التاريخ والنظرية الاجتماعية بالمعنى الثاني يراد منها رؤية شاملة حول المجتمع الإنساني، اما  ضرورة اكتشاف النظريات القرآنية فقد قال الشهيد الصدر مبيّناً ضرورة اكتشاف النظريات القرآنية في النص  الذي جاء في معرض شرحه للتفسير الموضوعي وأهميته: ((إنّ كلّ مجموعة من التشريعات التفصيلية في كل باب من أبواب الحياة، ترتبط بنظريات أساسية))([28]).

وهذه التشريعات التفصيلية هي البناءات العلوية التي تعتمد على نظريات أساسية، تشكل قواعد نظرية للأبنية العلوية. فلابد من التوغل إليها، ومحاولة اكتشافها بقدر الطاقة البشرية. والتوغل الى هذه القواعد النظرية ليس عملاً منفصلاً عن الفقه، بل ضرورة من ضرورات الفقه([29]).

فخطوات الشهيد الصدر لاكتشاف النظرية القرآنية التي تُتبع لاكتشاف النظرية القرآنية حسب ما استفدنا  من نصوص هي كما يلي:  وذلك تحديد الموضوع الذي يراد اكتشاف رأي القرآن فيه، ومعرفته  فالتفسير الموضوعي عند الشهيد الصدر هو محاولة اكتشاف نظرية قرآنية شاملة بالنسبة للموضوع المعين ، وللحصول على النظريات الأساسية للقرآن تجاه موضوعات الحياة المختلفة إن تطبيق خطوات منهج الشهيد الصدر  الخمس – لاكتشاف النظرية الاجتماعية تعتمد على دراسة مجموعة العوامل المتحكمة في هذا المركب الاجتماعي وعناصره.

وفي الخطوة الخامسة: النتائج المترتبة على هذه النظرية المستخلصة، ودورها في فهم طبيعة التشريع الإسلامي للحياة، وهذا التشريع يمثل النظام الاجتماعي الإسلامي للإنسان، وهنا لابد من بيان علاقة النظرية بالخطوط العامة للنظام الاجتماعي. أما النظام الاجتماعي الإسلامي فهو النظام العادل الذي يأخذ الواقع كله بنظر الاعتبار، وتبعاً لطبيعة العلاقة المزدوجة، يكون متكوّناً من بعدين( ثابت ومتحرك)([30]).

وقال الشهيد الصدر في كتابه :( فلسفتنا )الذي يمثل أول إصدار له عن فكرة (مجتمعنا)، وفي مقدمة (فلسفتنا) التي خصصها للبحث عن المسألة الاجتماعية التي مشكلة العالم الإنساني اليوم، وتمسّ واقعه بالصميم، وقد اعتبرها مشكلة النظام الاجتماعي الذي تصلح به الإنسانية، قد تعرض فيها الى ثلاثة أمور:

أولاً :أن هذا التكيف يوجد في الأفكار العملية التي وظيفتها تنظيم الحياة الخارجية، ولا يمكن أن يوجد في الأفكار التأملية التي وظيفتها الكشف عن الواقع. وثانياً: أن تكيف الأفكار العملية بمقتضيات البيئة… هو تكيف اختياري، ينشأ من دوافع إرادية في الإنسان تسوقه الى جعل النظام المنسجم مع محيطه وبيئته… وسوف ندرس في مجتمعنا طبيعة هذا التكيف ..

وقد أشار في هذه الخاتمة الى ما ينبغي بيانه في النظرية الاجتماعية الإسلامية، والمهم أنه عالج هذه النقطة فيما عرضه في أواخر أيام حياته المباركة ضمن محاضرات قيمة، سُميّت بـ (المدرسة القرآنية) والتي تضمّنت بحثين مهمين: ثانيهما بحث عناصر المجتمع وأولهما بحث السنن التاريخية» أو السنن الاجتماعية وقد أضاف الى ما جاء  في مقدمة فلسفتنا جملة من البحوث الاجتماعية في ما نشره بعد صدور فلسفتنا تحت عنوان: «المدرسة الإسلامية وحمل عنوان( الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية ) في الجزء الأول، وحمل عنوان: «ماذا تعرف عن الإقتصاد الإسلامي في الجزء الثاني من هذه المدرسة الإسلامية. وقد أكمل رؤيته الاجتماعية لنا من خلال السلسلة التي كتبها إبان انتصار الثورة الإسلامية في إيران  وصدرت تحت عنوان الإسلام يقود الحياة قد اختص ببيان الخطوط العريضة للنظام الاجتماعي الإسلامي في مجال التطوير الحضاري للأمة، والقضاء على التخلّف في الواقع المعاش.

وفي السادس منها بحث الأسس العامة لإنشاء بنك إسلامي في المجتمع الإسلامي. وقد اهتم أيضاً ببيان مجموعة من الرؤى الاجتماعية للإسلام، ضمن كتابه القيم اقتصادنا حين ناقش فيه النظريات والنظم الاقتصادية الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية واهتم فيه ببيان الأرضية الثقافية والاجتماعية لاقتصاد المجتمع الإسلامي  وفي مقدمة الفتاوى الواضحة في بحث (الرسالة) نلاحظ رؤيته الاجتماعية للإسلام ناصعة وواضحة وفي خاتمة (الفتاوى الواضحة) نقف على ضرورة ارتباط الإنسان بالمطلق، ودور الدين في تحقيق ذلك. وقد قدم لنا الشهيد الصدر له صورة عن مجتمع الرسول الأعظم الله في كتبه الثلاثة: فدك في التاريخ بحث حول الولاية ، وأهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف ..

وإضاءات لرؤيته الاجتماعية، عن الإسلام وكيفية تطبيق النظام الإسلامي، في واقع الحياة العملية، في عصر الرسول الله . كما نجد مجموعة إضاءات مهمة حول مجتمع الرسول الله الله في بحث منابع القدرة في الدولة الإسلامية من سلسلة (الإسلام) يقود الحياة ، وفي كتابه الفريد( بحث حول المهدي )تقف على الرؤية المستقبلية وقد حمل معه هموم البحث عن المجتمع الإسلامي طوال ثلاثة عقود في حياته([31]).

المشكلة الاجتماعية وحلولها في رؤية السيد الصدر  لقد قام السيد الشهيد  بدراسة المشكلة الاجتماعية المعاصرة  موغلاً في وجذور المشكلة الاجتماعية وأسباب في أعماقها البعيدة (النظرية الاجتماعية الإسلامية ) وعرضها من خلال القرآن الكريم النظام الاجتماعي الإسلامي ونحن اليوم بحاجة الى  هذا الدراسات وتوسيعها والبناء عليها([32]) .

إن المشكلة الاجتماعية للإنسان و الأسباب والحلول المقترحة يبدأ من تأريخ المشكلة الاجتماعية منذ أرّخ الشهيد الصدر المشكلة الاجتماعية بزمن نشأة الحياة الاجتماعية للإنسان بقوله: «إنّ مشكلة العالم التي تملأ فكر الإنسانية اليوم، وتمس واقعها بالصميم هي مشكلة النظام الاجتماعي، التي تتلخص في إعطاء أصدق إجابة عن السؤال الآتي: النظام الذي يصلح للإنسانية، وتسعد به في حياتها الاجتماعية؟ ومن الطبيعي أن تحتل هذه المشكلة مقامها الخطير، وأن تكون في تعقيدها، وتنوّع ألوان الاجتهاد في حلّها مصدراً للخطر على الإنسانية ذاتها؛ لأنّ النظام داخل في حساب الحياة الإنسانية، ومؤثر في كيانها الاجتماعي بالصميم([33])..

وكيف تستطيع الإنسانية المعاصرة أن تدرك – مثلاً – أن النظام الديمقراطي الرأسمالي، أو دكتاتورية البروليتاريا و الاشتراكية ، أو غيرهما هو النظام الأصلح؟

ولكي يتضح ذلك، يجب أن ندرس مصالح الإنسان في حياته المعيشية، ومدى إمكان توفيرها وضمان تحقيقها؛ لننتهي من ذلك الى الحقيقة الآنفة الذكر، وهي:

المصالح الاجتماعية للإنسان لا يمكن أن تُوفّر ويُضمن تحقيقها، إلا عن طريق نظام يتمتع بإطار ديني صحيح وحين ندرس مصالح الإنسان في حياته المعيشية، يمكننا تقسيمها الى فئتين طبيعية واجتماعية: إحداهما مصالح الإنسان التي تقدمها الطبيعة له([34]).

والفئة الأخرى: مصالح الإنسان التي يكفلها له النظام الاجتماعي، بوصفه كائناً اجتماعياً يرتبط بعلاقات مع الآخرين كالمصلحة التي يجنيها الإنسان من النظام الاجتماعي([35]).

والأساس ي الدليل على ضرورة الدين في حياة الإنسان وحاجة الإنسانية الى الرسل والأنبياء، بوصفهم قادرين عن طريق الوحي، عـلـى تحديد المصالح الحقيقية للإنسان – في حياته الاجتماعية – وكشفها للناس، غير ان المشكلة في رأينا تبدو بصورة أكثر وضوحاً، حين ندرس الشرط الثاني، فإنّ النقطة الأساسية .

فالمشكلة ليست هي كيف يدرك الإنسان المصالح الاجتماعية  نفسه يحول دون تحقيق كثير من المصالح الاجتماعية، ويمنع عن إيجاد التنظيم الذي يكفل تلك المصالح..

فإنّ الدوافع الذاتية التي تنبع من حبّ الإنسان لنفسه، وتدفعه الى تقديم صالحه على صالح الآخرين، إنّ تلك الدوافع تحول دون استثمار الوعي العملي عند الإنسان استثماراً مخلصاً في سبيل توفير المصالح الاجتماعية، وإيجاد التنظيم الاجتماعي الذي يكفل تلك المصالح، وتنفيذ هذا التنظيم. وهكذا يتضح أن المشكلة الاجتماعية التي تحول بين الإنسانية وتكاملها الاجتماعي،هذا التناقض القائم بين المصالح الاجتماعية والدوافع الذاتية، وغريزة حب الذات من وراء هذه الاستعدادات جميعاً ـ تحدد سلوك الإنسان ، وندخل السلوك المقترح ضمن الإطار العام لغريزة حبّ الذات([36]) ،ويتوقف الى حدٍ بعيد على ضمان عدم انحراف المسؤولين عن مناهجهم وأهدافهم الإصلاحية في ميدان العمل والتنفيذ .

أن مصالح المجتمع مرتبطة بمصالح الأفراد، فالفرد هو القاعدة التي يجب أن يرتكز عليها النظام الاجتماعي والدولة الصالحة هي الجهاز الذي يُسخَّر لخدمة الفرد وحسابه، والأداة القوية لحفظ مصالحه وحمايتها ، وهذا الصراع الطبقي المسعور يتفاعل مع إدراك النظام الأصلح، فيشتد الصراع كلّما نما هذا الإدراك وازداد وضوحاً، وهو بدوره يعمق الإدراك وينمّيه كلّما اشتد واستفحل. ووجهة النظر الماركسية هذه تقوم على أساس مفاهيم المادية التأريخية، التي فندها السيد الشهيد في دراسته الموسعة للماركسية الاقتصادية([37])

 

المبحث الثاني : الدراسات الاجتماعية المستقبلية وأهميتها .. في منظور السيد الصدر :

في خضم انشغال الكثير من العلماء ورجال الدين بموضوعات شتى ( شرعية ، وفقهيه ، وكلامية ، واصلاحية …)  لم يبتعد الشهيد الصدر عن فهم  ووعي الخصائص المعرفية للنص وسمات الخطاب الثقافي العميق، وكتشاف الكثير من مكونات النص الإسلامي المعرفي، فضلا عن دراسة مفهوم المستقبلية في الفكر الإسلامي ،  فقد السيد الصدر عبر مشروعه  الاجتماعي ان الواقع العربي الإسلامي ومنه الواقع العراقي تعوزه خطوات تنظيمية ، وهذا ما نستشفه من حرصه على ضرورة لتهيئ لفهم الاحداث المستقبلية ومواجهتها وتوجها قبل وقوعها ، اذ رأينا كيف ان غياب  التخطيط المسبق في الجانب السياسي والإداري والمؤسساتي قد أربك وضع المؤسسات العراقية المختلفة بعد سقوط النظام الديكتاتوري سنة 2003 م ، فمما يستشف من مشروع السيد الصد الفكري و الاجتماعي هو تفعيل الدراسات  المستقبلية وإسقاط معطياتها على واقع الائمة ولاسيما الواقع العراقي  ونظامه السياسي في جوانب الحياة كافة، ولاسيما على مستوى الوعي الاجتماعي بقيم الإسلام وكيفية التعاطي معها([38]) .

ان الرؤية الإسلامية للكون تؤمن بأن الإنسان هو محور التغيرات الحاضرة والمستقبلية، وأن أي تغيير على مستوى الفرد حاضرا يؤدي الى التغيير على مستوى الأمة والمجتمع مستقبلاً  سواء أكان على النحو الأحسن أم الأسوء ، قال تعالى :(( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ))([39]) .

وهكذا يبدأ الإصلاح  انطلاقا من أدق وحدات الوجود وأكثرها أصالة ، ألا  وهي النفس البشرية  ،وينطلق بها في آفاق المسارات المستقبلية كدحا نحو الكمال المطلق ((يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه))([40]) ،وتنطوي على إبحار في السنن الإلهية… و بالتالي تكون المحصلة مشتملة على  رؤية متكاملة لعملية النهوض والبناء والتغيير الإسلامي الشامل([41]) .و من هنا تكون العودة إلى الأصول (القرآن والسنة الصحيحة والتجربة التاريخية النقية ) ، وعودة إلى مظان هذه الرؤية وسبل اكتشافها والتنظير السليم لها  ، وهي ليست حركة تراجعية أو جموداً على التراث، إنما هذه الأصول ثابتة في مضامينها ، متحركة في  أبعادها، تلك التي عاشها المسلمون بقلوبهم وعقولهم واجسادهم، ثم أطروها بإطار فلسفي شمولي عام ، يقول الامام علي ابن ابي طالب ( عليه السلام ) : ((من استقبل الأمور أبصر ، و من استدبر الأمور تحير))([42]) .

وفيما يختط المنهج الإسلامي قواعد عامة للتعامل الاجتماعي  و الثقافي سواء اكان ذلك للمجتمع نفسه ام للتعامل مع مستجدات العصر الفكرية و التكنلوجية تبقى إشكالية احتمالية الخطاب المستقبلي هاجساً يراود النفوس العقول ، والحقيقة أن صعوبة التنبؤ بالواقع المقبل ، وتعدد احتمالاته لا يمنع من وضع برنامج ثابت للتعامل مع  مطلق  الزمن  ، او  صالح للإنطباق على تحول قادم([43]) ، ويبدو  أن القوى الاقتصادية أو المادية لا تستطيع بمفردها إيجاد أي تغيير في المجتمع البشري، بل أن التغيير والتحول الذي يطرأ على نفس الإنسان هو الذي يتجلى في التغيرات والظروف الخارجية للبشرية ([44]).

وبما ان الهدف الأساس من الشريعة الاسلامية ومقصدها الاول والاخير هو إيصال الإنسان الى اقصى درجات الكمال في وجوده الدنيوي والآخروي فسوف نستطيع ان ندرك  مدى ضرورة اهتمام الاسلام بمستقبل الانسان الذي يتحرك صوب تحقيق كماله الجماعي في( المجتمع المعصوم ) ، كما بين ذلك السيد  محمد باقر الصدر  في كتابه ( المدرسة القرآنية ) ، فالماضي والحاضر والمستقبل في رؤية الشهيد الصدر ينبغي النظر إليها جميعا عبر النموذج الإنساني المتكامل الذي يمثله الإنسان الكامل([45]).

وفي اعتقادي ويبد  أن الهلامية والفوضوية التي مرّبها المجتمع العراقي بعيد السقوط ماهي الا نتيجة لغياب  تخطيط مسبق لمرحلة ما بعد السقوط ،  فسما يخص  شكل نظام الحكم وطبيعة المشاركة  الجماهيرية فيه ، واستشراف المطاليب الشعبية الملحة ، وترتيب أولوياتها ، وترسيم حدود العلاقة بين مؤسسات الدولة والمؤسسات الشعبية والمجتمعية ، ووضع الخطط والبرامج التنموية والاقتصادية اللازمة وغير ذلك([46]).

أما الجانب الاجتماعي، فينبغي استشراف المناهج الاجتماعية والتربوية وملاحظة مؤشرات واتجاهات الواقع، فهنا  مجتمعان  الأول حديث يلهث وراء مقولات العولمة وافرازاتها الثقافية . والثاني منغلق على قيمه يصف كل ما يرد من الحداثة بأنه وقوع في داثرة الجاذبية الاستعمارية ورحها الذرائعية وهناك مجتمع ثالث يمثل خطا تحديثيا بمعنى انه يحاول ان يحدث المجتمع على وفق أصول وقيم خاصة ويعمل على غربلة الفوائد لخلق مجتمع فاضل متطور([47]) .

وكان مشروع السيد الصدر ( مجتمعنا ) الذي لم يكتملَ واضعاً في منهجه دراسة مستقبل الاطروحة الاجتماعية التأصيلية ووضع خطط قادمة لأنعاشها والترويج لها او ابتكار نظرية للتعامل الاجتماعي  تتلاءم وأمواج المستقبل القادم وتحولاته ..

 

الخاتمة :

إن السيد الشهيد الصدر في مشروعه  الاجتماعي والمجتمعي والذي تذوب الـ( انا ) في الـ( نحن ) والذي كاد إن يستكمل ابعاده ومضامينه في ( مجتمعنا ) ، وهو لم يكتف بطرح المشكلات الاجتماعية في طار فلسفي عقلي بل عمل على بحثها من جديد وإعادة تشكيلها وتكوينها عبر مشروعه  الفكري الموائم بين العقل و التجربة ، وفي أطار ما يعيشه في حياته الاجتماعية العامة ، مؤسساً في ما بعد تياراً ثقافياً جديداً متجددا ..

ومن الواضح أن رؤية السيد قد تعاملت بموضوعية وعلمية مع اهم المفاهيم المعاصرة في علم الاجتماع لا سميا تلك التي تتعلق بفلسفة التاريخ و نظريات تفسير حركته ووعي التجربة الاجتماعية ، وما يقابلها من المفاهيم العامة في فلسفة التاريخ الاجتماعية العامة . فقد امتلك السيد الشهيد ناصية منهجه في وعي التجربة الاجتماعية على اختلاف اشكالها ، ويصعب على أي باحث الخوض في ما ابحر به  السيد الصدر وهو بحر المجتمع وحركته وهنا لابد من الاشارة الا ان فكرة الحركة التاريخية وقوانينها المتمثلة بنظرية ( نهاية التاريخ ) لفوكوياما الياباني – الأمريكي ، حيث يبرز فيها حتمية حركة البشرية نحو النموذج الليبرالي الرأسمالي ماكدا فكرة العولمة و الهدف الواحد الذي تسير بتجاهه البشرية بوعي او بغير وعي ..

وهنا لا نريد الوقوف طويلا انما بودنا الإشارة الى ان نظرية نهاية التاريخ تهافتت اما حوار واستدلال السيد الشهيد الصدر فمنهج الصدر أحيانا يقف بين النفي والاثبات فيما يخص المجتمع وحقيقته وعناصره وحركته واشكال هذه الحركة ، فبالنفي يعطي تصورا هيكليا للتاريخ و المجتمع من حيث ان الفرد جزء يدور في فلك المجتمع .. وفي الاثبات يصرح الصدر ان المجتمع ليس اكثر من مجموع الافراد ، فحيث ما يكون اجتماع الافراد يكون المجتمع ..

والسيد الشهيد الصدر يقف مع اصالة الفرد واصالة المجتمع ، وذلك بطرحه في نظرية ( المثل الأعلى) ودوره في حركة المجتمعات ( .. الذي تتمحور فيه كل تلك الغايات و تعود اليه كل تلك الأهداف ) .

اما عناصر المجتمع الإنساني فقد استقاها من مضمون قوله تعالى : (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )) ، فوضع في منهجيته ( نظرية الاستخلاف ) مشخصا عنصرين للمجتمع هما ( الانسان و الطبيعة ) ، مبرزا رابطين بينهما : الرابط المعنوي ( بين الانسان و الطبيعة ، والرابط المعنوي بين الانسان و الانسان ) ، مبينا ان الأخير هو العلاقة التي سماها القرآن الكريم بالاستخلاف ، وعليه يضاف الى العنصرين عنصر ثالث وهو ( العلاقة ) ، وتكمن الأهمية و الخطورة كما يراها السيد الشهيد الصدر ليس في علاقة الانسان بالطبيعة الذي يمارس عليها دوره الاجتماعي ، ولكن الخطورة تكمن في علاقة ( الانسان بالإنسان ) الذي هو الأساس في العلاقات واختلافاتها بين المجتمعات البشرية …

والسيد الشهيد الصدر بذلك ركز على اطار المجتمع ذي الصيغة الرباعية في علاقاته : ( الانسان ، الطبيعة ، علاقة الانسان بالطبيعة وعلاقة الانسان بالإنسان ، وطرف رابع خارج اطار المجتمع)  وهذا الطرف الرابع  هو مقوم أساس من مقومات العلاقة الاجتماعية الا وهو( الله ) وان دور الانسان في ممارسة حياته انما هو دور استخلافي استئماني ..، وليس علاقة سيادة او الوهية او مالكية ، انما مجتمع الاستخلاف قدر البشرية ، و الانسان على الأرض مالك مجازي (( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ )) ،  وتحت (عنوان مجتمعات العدل و التوحيد ، والمجتمع المتبني للمثال الأعلى المطلق ، والاستخلاف والاستئمان ) .

اما نموذج المجتمعات التي ظهرت على مسرح التاريخ ، وظهرت فيها سيادة الانسان على الانسان ، والستلاب والاستعباد بشتى صنوفه فتندرج تحت عنوان ( مجتمع الظلم ومجتمع الفراعنة ) .

ويؤكد السيد الشهيد الصدر على( الحركة و التغيير في المجتمعات ) اوما يطلق عليها ( الثابت و المتحول ) فيرى السيد الشهيد حركة التغيير في الوجود تدريجيا بمعنى هي تمهيد لما قبل خط الشروع للحدث ، ومشيرا الا ان العمل التاريخي او ( الظاهرة ) بأبعادها لا تدخل في دائرة العمل التاريخي الا  وخضوعها لسنن التاريخ الا بشروط …

ويتحدث السيد الشهيد الصدر في كتابه ( اقتصادنا ) حول هذه المشكلة ( فان النقطة الأساسية في المشكلة ليست هي كيف يدر الانسان المصالح الاجتماعية فحسب بل المشكلة الأساسية هي كيف يندفع هذا الانسان الى تحقيقها ، وتنظيم المجتمع بالشكل الذي يضمنها … ) .

ويؤكد السيد الشهيد على ان عمق المشكلة تكمن في الجدلية بين حب الانسان لنفسه وبين المصالح الاجتماعية التي تتطلب التنازل او الكف عن المصالح الذاتية والشخصية ..، فليت السيد الشهيد الصدر حاضر بيننا ليرى بأم عينه كيف تدور الأمور وكيف يدب الضياع والوهن دون ان يكون مشروعه المجتمعي سبيلا الى نجاتنا وسعادتنا وتقدمنا واستقرارنا ..

 

([1]) ينظر : الصدر ، السيد محمد باقر : القرآن يقود الحياة  ، منشورات وزارة الارشاد الإسلامي ، ط2 ، ( طهران – 1403 هـ ) ، عدة مواضع .

([2]) حمودي ، همام  باقر : حركة المجتمع في فكر الشهيد محمد باقر الصدر ، مركز الأبحاث والدراسات  التخصصية للشهيد الصدر ، حركة المجتمع، أنواعها وشروطها ومسارها في فكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره – الشهید السید محمد باقر الصدر (mbsadr.ir) ،ص4 وما بعدها .

([3]) ادونيس : الثابت و المتحول – بحث في الابداع والاتباع عند العرب ، دار الساقي ، ط7 ، ( بيروت – 1994 م ) ، ص31 – 34 .

([4]) ابن خلدون ، عبد الرحمن بن خلدون : مقدمة ابن خلدون ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ،( بيرو- د.ت ) ، ص15 .

([5]) فوكوياما ، فرنيسس: نهاية التاريخ والانسان الأخير ، مراجعة مطاع الصفدي ،ترجمة فؤاد شاهين وآخرين ، مركز الانماء القومي ، ( بيروت – 1993 م ) ، ص27 .

([6]) ياسين ، عدنان ( الدكتور ) : المجتمع العراقي وديناميات التغيير ، منشورات بيت الحكمة ،ط1 ، ( بغداد- 2011م ) ، ص19 .

([7]) الخامنئي ، السيد علي : مشروع الفكر الإسلامي في القرآن ، ترجمة د.محمد علي اذر، مؤسسة صهبا ، ( قم – 2017 م ) ، ص12 .

([8])  ابن ابي الحديد ، عز الدين عبد الحميد : شرح نهج البلاغة ، دار احياء الكتب العربية ، ( القاهرة  – 1965 م ) ،  16/269 .

([9])  ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة ، 16/269 .

([10]) البقرة/286 .

([11]) ينظر :  الحكيم ، منذر : مجتمعنا في فكر وتراث السيد محمد  باقر الصدر ، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب – مركز الدراسات العلمية ، ( قم – 1388 هـ / 2009 م ) ، ص

 ([12])  البقر/ 143 .

([13]) الحكيم ، محمد باقر : دور آهل البيت في بناء الجماعة الصالحة ،

([14]) الامجد ، محمد  سعيد : التراث الإسلامي والمجتمع العربي الحديث ، مركز الشهيدين الصدرين للدراسات والبحوث العامة ، ط1 ، ( بغداد – 2006 م ) ، ص3 .

([15]) المقدادي ، فؤاد ( الدكتور ) : التكفير و الفساد في الأرض ، مجمع الثقلين العلمي ، ط1 ، ( بغداد – 2015 م ) ، ص11 .

([16]) ينظر : الصدر ، محمد باقر :  خلافة الانسان و شهادة الأنبياء ، تحقيق احمد ماجد ، دار المعارف الحكمية ، ط1 ، ( بيروت – 2014 م ) .

([17])ينظر : ياسين ، عدنان : المجتمع العراقي وديناميات التغيير ، ص69 .

([18])  ينظر : الخامنئي ، السيد علي : مشروع الفكر الإسلامي في القرآن ، ص12 .

([19]) البقرة / 143 .

([20])  آل عمران / 104 .

([21]) الرعد/11

([22]) ينظر : الصدر ، السيد محمد باقر : المدرسة القرآنية، دار التعارف للمطبوعات ، ط2 ، (  بيروت – 1402 هـ / 1981 م ) .

([23])  المصدر نفسه .

([24]) ينظر  عطيه ، جمال الدين: الواقع والمثال في الفكر الإسلامي المعاصر ،مطبعة الهادي ، ط1 ، ( بيروت – 2001م ) ، ص 22 .

([25]) بيير ، جيرو : علم الدلالة ، ترجمة د. منذر عياش ، دار طلاس للدراسات و الترجمة و النشر ، ( دمشق – د.ت ) ،  ص27

([26]) الميلاد ، زكي : الفكر الإسلامي .. تطوراته  ومساراته ، ص31 وما بعدها . و صلاح ، علي : الحكم والإدارة في نهج البلاغة ، دار البصائر ، (بيروت – د.ت ) ، 54 .

([27]) العمري ، حسن : إسلامية المعرفة عند السيد محمد باقر الصدر ، دار الهلال للطباعة النشر ، ( بيروت – 2003م ) ، ص 27 .

([28]) ينظر :  الصدر ، السيد محمد باقر : التفسير الموضوعي للقرآن ، دار التعارف للمطبوعات ، ( بيروت – 1981 م )

([29]) ينظر :الصدر ، السيد محم باقر:  الفتوى الواضحة ، دار التعارف للمطبوعات ، ط7 ، ( بيروت – د.ت) .

([30])  قراءتي، للشيخ محسن : دروس في القرآن ، مركز النشر – مكتب الاعلام الإسلامي ، ط1 ، ( قم – د.ت ) ، ص237 .

([31]) ينظر : اللاوي ، محمد عبد ( الدكتور ) : فلسفة الصدر – دراسات في المدرسة الفكرية و الفلسفية للشهيد السيد محمد باقر الصدر ، مجمع دار الإسلام الثقافي – جامعة الامام جعفر الصادق ، ط2 ، ( بغداد – 1427 هـ / 2016 م ) ، ص 7-15 .

([32]) الأمجد ، محمد سعيد : مشروع المستقبلية  الإسلامية – نهج البلاغة أنموذجاً لانطلاق الرؤيا ، مركز الشهيدين الصدرين للدراسات والبحوث العامة  ، ( بغداد – 2006 م ) ، ص 4 .

([33]) غانم ، هناء : الفلسفة الاجتماعية ، جامعة دمشق ، ( دمشق – د.ت ) ، ص15 .

([34]) الرفاعي ، عبدالجبار : تطور الدرس الفلسفي في الحوزة العلمية ،مؤسسة الأعراف للنشر ، ( قم – 1999م ) ، ص39 .

([35]) المصدر نفسه ،

([36]) ثالوي ، روبرت : التفكير المستقيم و التفكير الاعوج ، ترجمة د.حسين سعيد الكرخي ، عالم المعرفة ، ( الكويت – د.ت) ، 97-98 .

([37])  مجموعة باحثين : الإسلام المعاصر و الديمقراطية ، وزارة الثقافة ، مركز دراسات فلسفة الدين ،( بغداد – 2004 م ) ، ص8-9 .

([38])  الامجد ، محمد  سعيد : الوعي بالمستقبل ، مركز الشهيدين الصدر للدراسات والبحوث العامة ، ( بغداد – 2006 م ) .

([39] ) الرعد / ١١ .

([40]) الانشقاق / 6 .

([41]) ينظر : المؤمن ، علي : المستقبلية ورهانات التحكم بعالم الغد ، العدد1 ، ربيع الأول ، 2000م ، ص9 .

([42]) الأمدي ، عبدالواحد التميمي : غرر الحكم ودرر الكلم ، شرح المحقق الاخوانساري ،  ( ايران- د.ت ) ، رقم الحديث 7802 و 7803 ,

([43]) الأمجد ، محمد سعيد : مشروع المستقبلية  الإسلامية – نهج البلاغة أنموذجاً لانطلاق الرؤيا ، مركز الشهيدين الصدرين للدراسات و البحوث  ،ط1 ، ( بغداد – 2006 م ) ، ص56 .

([44])  كهخا ، عصمة : فلسفة التأريخ والتأصيل الإسلامي ، مجلة المستقبلية ، العدد 2 ، 2001 م، ص117 .

([45]) المصدر نفسه ، ص56 .

([46]) الأمجد ، محمد سعيد : مشروع المستقبلية  الإسلامية، 56 .

([47]) المصدر نفسه ، ص58 .

المصادر

  1. القرآن الكريم .
  2. إبراهيم ، زينب : المثقف والسيرورة الاجتماعية ، مجلة المنطق ، العدد 99 ، ( بيروت – د.ت).
  3. ابلوز ، نايف : تاريخ الفكر الاجتماعي ، مطبعة جامعة دمشق ، ( دمشق – د.ت ) .
  4. ابن خلدون ، عبد الرحمن : مقدمة ابن خلدون ، مؤسسة الإعلمي للمطبوعات ، ( بيروت – د.ت ) .
  5. ادونيس : الثابت و المتحول – بحث في الابداع والاتباع عند العرب ، دار الساقي ، ط7 ، ( بيروت – 1994 م ) .
  6. إسكندر ، أمير : تناقضات في الفكر المعاصر ، منشورات وزارة الاعلام ، ( بغداد – 1974 م ) .
  7. إسماعيل ، صدقي : العرب وتجربة المأساة منشورات وزارة الثقافة السورية ، ( دمشق – 2002 م ) .
  8. الأسدي ، مختار : مقالات مثيرة للجدل ، درا الناشر ، ط1 ، ( بيروت – 1435/ 2014 م).
  9. الأمدي ، عبد الواحد التميمي : غرر الحكم و درر الكلم ، شرح المحقق الاخوانساري ، ( ايران – د.ت ) .
  10. الأمجد ، محمد سعيد : مشروع المستقبلية الإسلامية – نهج البلاغة أنموذجاً لانطلاق الرؤيا ، مركز الشهيدين الصدرين للدراسات والبحوث العامة  ، ( بغداد – 2006 م ) .
  11. الأمجد ، محمد سعيد : مشروع المستقبلية الاسلامية في العراق ، مركز الشهيدين الصدرين للدراسات والبحوث العامة  ، ط1 ، ( بغداد –2006 م) .
  12. الامجد ، محمد سعيد : الوعي بالمستقبل ، مركز الشهيدين الصدر للدراسات والبحوث العامة ، ( بغداد – 2006 م ) .
  13. الامجد ، محمد سعيد : التراث الإسلامي والمجتمع العربي الحديث ، مركز الشهيدين الصدرين للدراسات والبحوث العامة ، ط1 ، ( بغداد – 2006 م ) .
  14. آل نجف ، عبدالحسين : مدخل الى الفكر الكلامي عند الشهيد الصدر ، دار الهادي للطباعة والنشر ، ط1 ، ( بيروت – 2003 م ).
  15. ابن ابي الحديد ، عز الدين عبد الحميد : شرح نهج البلاغة ، دار احياء الكتب العربية ، ( القاهرة – 1965 م ) .
  16. بيير ، جيرو : علم الدلالة ، ترجمة د. منذر عياش ، دار طلاس للدراسات و الترجمة و النشر ، ( دمشق – د.ت ) .
  17. الترابي ، حسن : قضايا التجديد ، مؤسسة الأعراف للنشر ، ( الخرطوم – 1420 هـ / 1999م).
  18. ثالوي ، روبرت : التفكير المستقيم و التفكير الاعوج ، ترجمة د.حسين سعيد الكرخي ، عالم المعرفة ، ( الكويت – د.ت) .
  19. حجازي ، مصطفى :الانسان المهدور – دراسة تحليلية نفسية اجتماعية ، المركز الثقافي العربي ، ( لبيروت – 2005 م ) .
  20. حسن ، غالب :الصراع الاجتماعي في القرآن الكريم ، دار الهادي للطابعة والنشر ، ( بيروت – د.ت ) .
  21. الحيكم ، السيد محمد باقر : دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة ، مطبعة العترة الطاهرة – مؤسسة تراث الشهيد الحكيم ، ط4 ، ( النجف الاشرف – 2007 م).
  22. الحكيم ، السيد محمد باقر : المنهاج الثقافي والسياسي و الاجتماعي ، مطبعة العترة الطاهرة – مؤسسة تراث الشهيد الحكيم ، ط2 ، ( بغداد – 2007 م ) .
  23. الحكيم ، منذر : مجتمعنا في فكر وتراث السيد محمد باقر الصدر ، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب ، مركز الدراسات العلمية ، ( قم –  1388هـ/ 2009 م).
  24. حمودي ، همام باقر : النبي والرسول في القرآن ، مطبعة الرائد ، ط2 ، ( بغداد – 2013 م ) .
  25. حمودي ، همام باقر : الأمة ، مطبعة رائد ، ط1 ، ( بغداد – 2009 م ) .
  26. حمودي، همام باقر: الخلافة والخليفة في القرآن ،  مطبعة الرائد ، ط2 ، ( بغداد- 2013 )
  27. حمودي ، همام باقر : حركة المجتمع في فكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر ، مركز الأبحاث التخصصية للشهيد الصدر ، حركة المجتمع، أنواعها وشروطها ومسارها في فكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره – الشهید السید محمد باقر الصدر (mbsadr.ir) .
  28. الخامنئي ، السيد علي : مشروع الفكر الإسلامي في القرآن ، ترجمة د.محمد علي اذر، مؤسسة صهبا ، ( قم – 2017 م ) .
  29. خليل ، حامد : مشكلات فلسفية ، جامعة دمشق ، ( سوريا – د.ـ ت ) .
  30. جرداغ ، جورج : روائع نهج البلاغة ، مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، ( قم – 1997 م) .
  31. الرفاعي ، عبدالجبار : تطور الدرس الفلسفي في الحوزة العلمية ،مؤسسة الأعراف للنشر ، ( قم – 1999م ) .
  32. سالم ، رحيم محمد ( الدكتور ) : الاتجاهات الفكرية عند الامام علي ، مركز الشهيدين الصدرين للدراسات و البحوث العامة ، ط1 ، ( بغداد – 2007 م ) .
  33. سعيد ، بنسعيد العلوي و آخرون : المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت – 2001 م ) .
  34. الشابندر ،غالب حسن : الآخر في القرآن ، وزارة الثقافة – مركز دراسات فلسفة الدين ، ( بغداد – 2005 م ) .
  35. الشايب ، جواد كاظم ( الدكتور ) : السيد الشهيد محمد باقر الصدر ومنهجه الإصلاحي ، بحث منشور في مجلة كلية الآداب – جامعة القادسية العدد 90 ، 2009م.
  36. الشامي ، حسين بركة : حزب الدعوة الإسلامية – دراسات في الفكر و التجربة ، مجمع دار الإسلامي الثقافي ، ط1 ، ( بغداد -1427 هـ / 2006 م ).
  37. صلاح ، علي : الحكم والإدارة في نهج البلاغة ، دار البصائر ، (بيروت – د.ت ).
  38. صالح ، قسام حسين ( الدكتور ) : المجتمع العراقي – تحليل سيكو سوسيولوجي ، المجلس العراقي للثقافة ، ( بغداد – 2008 م ) .
  39. الصدر، السيد محمد  باقر : اقتصادنا ، دار التعارف للمطبوعات ،ط16 ، (  بيروت – 1402هـ / 1982 م ) .
  40. الصدر ، السيد محمد باقر: فلسفتنا ، دار التعارف للمطبوعات ، ط12 ، (  بيروت – 1402 هـ / 1982 م ) .
  41. الصدر ، السيد محمد باقر : المدرسة القرآنية، دار التعارف للمطبوعات ، ط2 ، ( بيروت – 1402 هـ / 1981 م ) .
  42. الصدر ، السيد محمد باقر : المرسل – الرسول – الرسالة ، دار التعارف للمطبوعات  ، ( بيروت – د.ت) .
  43. الصدر ، السيد محمد باقر :الإسلام يقود الحياة ، منشورات وزارة الارشاد الإسلامي ، ط2 ، ( طهران – 1303هـ ) .
  44. الصدر ، السيد محمد باقر : الاتجاهات المستقبلية لحركة الجهاد ، دار الأضواء ، ( بيروت – 1991 م ) .
  45. الصدر ، السيد محمد باقر : التفسير الموضوعي للقرآن ، دار التعارف للمطبوعات ، ( بيروت – 1981 م ) .
  46. الصدر ، السيد محم باقر: الفتوى الواضحة ، دار التعارف للمطبوعات ، ط7 ، ( بيروت – د.ت) .
  47. عبد المهدي ، عادل : إشكالية الإسلام والحداثة ، دار الهادي للطابعة ، ط1 ، ( بيروت – 2001 م ) .
  48. عطيه ، جمال الدين: الواقع والمثال في الفكر الإسلامي المعاصر ،مطبعة الهادي ، ط1 ، ( بيروت – 2001م )
  49. العطية ، خالد أبا ذر : التشيع المفترى عليه ، منشورات بوك اكسترا ، ط1 ، ( لندن – 1421 هـ /2000 م ).
  50. العلوي ، محمد : الشيعة المهجرون .. محنة عبر التاريخ : مركز الشهيدين الصدرين للدراسات و البحوث العامة ، ط1 ، ( بغداد – 1427 هـ / 2007 م ) .
  51. عماد الدين ، خليل : حول إعادة تشكيل العقل المسلم ، دار الكتاب الإسلامي ، ( قم – د.ت).
  52. العمري ، حسن : إسلامية المعرفة عند السيد محمد باقر الصدر ، دار الهلال للطباعة النشر ، ( بيروت – 2003م ) .
  53. غانم ، هناء : الفلسفة الاجتماعية ، جامعة دمشق ، ( دمشق – د.ت ) .
  54. الغرابي ، السيد رضا : تطورات في الفكر الاستقرائي للشهيد الصدر ، مطبعة الشروق ، ط1 ، ( النجف الاشرف – 2012 م ) .
  55. غني ، هناء خليف ( الدكتورة ) : هل نعيش حقاً في عصر الحداثة .. ؟ قراءات في عصر الحداثة : سلسلة ترجمان ، ط1 ، ( بغداد – 2012 م ) .
  56. فوكوياما ، فرنيسس: نهاية التاريخ والانسان الأخير ، مراجعة مطاع الصفدي ،ترجمة فؤاد شاهين وآخرين ، مركز الانماء القومي ، ( بيروت – 1993 م ) .
  57. قراءتي، للشيخ محسن : دروس في القرآن ، مركز النشر – مكتب الاعلام الإسلامي ، ط1 ، ( قم – د.ت )
  58. اكريت ، ايان : النظرية الاجتماعية من بار سونز الى هابر ماس ، ترجمة محمد حسين غلوم ، سلسلة عالم الفكر ، العدد 24 ، ( الكويت- 1999م ) .
  59. اللاوي ، محمد عبد ( الدكتور ) : فلسفة الصدر – دراسات في المدرسة الفكرية و الفلسفية للشهيد السيد محمد باقر الصدر ، مجمع دار الإسلام الثقافي – جامعة الامام جعفر الصادق ، ط2 ، ( بغداد – 1427 هـ / 2016 م ) .
  60. مارويك ، آرثر : الحرب و التحول الاجتماعي في القرن العشرين ، ترجمة سمير عبد الرحيم الجلبي ، دار المأمون للترجمة و النشر ، ( بغداد – 1990 م) .
  61. المقدادي ، فؤاد ( الدكتور ) : التكفير و الفساد في الأرض ، مجمع الثقلين العلمي ، ط1 ، ( بغداد – 2015 م ) .
  62. ميشلي ، دينكن : معجم علم الاجتماع ، ترجمة د. احسان محمد الحسن ، دار الرشيد ، ( بغداد – د.ت ).
  63. الميلاد ، زكي : المسألة الحضارية .. كيف نكشف مستقبلنا في عالم متغير ؟ ، المركز الثقافي العربي ، ( بيروت – 1999 م ) .
  64. الوردي ،علي ( الدكتور ) : لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ،دار الكتاب الإسلامي ، ( بغداد – 2005 م )
  65. الهاشمي ، محمد صادق وآخرون : المشروع الشيعي لشيعة العراق ، مركز العراق للدراسات ، ط1 ، ( بغداد – 1430 / 2009 م ) .
  66. ياسين ، عدنان ( الدكتور ) : المجتمع العراقي وديناميات التغيير ، منشورات بيت الحكمة ،ط1 ، ( بغداد- 2011م ) .
  67. مجموعة باحثين : الإسلام المعاصر و الديمقراطية ، وزارة الثقافة ، مركز دراسات فلسفة الدين ،( بغداد – 2004 م ) .
  68. مطهري ، الشهيد مرتضى : المجتمع و التاريخ ، تعريب محمد علي آذر شب ، مراجعة عبدالكريم الزهيري ، ط1 ، ( قم –  008 2م ) .
  69. الموسوي ، مصطفى ناجي : الفكر السياسي للشهيد محمد باقر الحكيم ، مطبعة العترة الطاهرة – مؤسسة تراث الشهيد الحكيم ، ط1 ، ( النجف الأشراف – 2008 م).
  70. الموسوي ، جواد مطري وآخرون : حقوق الانسان بين العولمة و الإسلام ، ( بغداد- 2009 م ) .
  71. الميلاد ، زكي : الفكر الإسلامي .. تطوراته ومساراته ، دار الهادي للطباعة والنشر ، ( بيروت – د.ت) .

مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية