مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيريةمؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
  • موسسة دارالإسلام
    • حول مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية
    • أهداف المؤسسة
    • جامعة الامام جعفر الصادق
    • المدرسة الدينية
    • أخبار
  • جائزة الشهيد الصدر
    • حول الجائزة
    • تاريخ الجائزة وابرز البحوث
      • دورة الاولى
      • دورة الثانية
      • دورة الثالثة
      • الدورة الرابعة
      • الدورة الخامسة
    • الدورة السادسة
  • النشاطات الخيرية
    • المشروع السكني الخيري
    • مساعدات
  • الإصدارات الثقافية
    • مجلة الفكر الجديد
  • الامين العام
    • نبذة عن حياته
    • مؤلفاته
    • الوكالات الشرعية
✕

تَحليل ودِراسَة الاستِراتيجياتِ لِتَقويةِ ثَقافةِ الاسلامية في المجتمع فِي مُواجهةِ الثقافة الدخلية

العنوان: تَحليل ودِراسَة الاستِراتيجياتِ لِتَقويةِ ثَقافةِ الاسلامية في المجتمع فِي مُواجهةِ الثقافة الدخلية
الكاتب/الكتّاب:

ا.م.د.أصغر طهماسبي البُلداجي - جامعة فرهنکيان إيران
-
-
-

تحميل PDF

الملخّص

الثقافة الإسلامية هي مجموعة من المعتقدات والقيم وما يجب فعله وما يجب تجنبه وهي تنبع من مصدرين القرآن و سنة المعصومين(عليهم السلام). من وجهة نظر القرآن الكريم فإن أسس الثقافة الإسلامية هي مبادئ الإيمان التي تعطي الحياة معنى كونها إسلامية بحيث يتم تحديد حدود الثقافة الإسلامية والثقافة غير الإسلامية من هذه الأسس. تؤثر خصائص الثقافة الإسلامية على الحياة الفردية والإجتماعية بأبعاد مختلفة وتوفر بيئة ديناميكية ومثالية للفرد والمجتمع في العديد من المجالات.

من ناحية أخرى فإن الثقافة غير الإسلامية أو بعبارة أخرى الغزو الثقافي الذي يسمى بالثقافة الدخلية هي في مواجهة و صراع للثقافة الإسلامية مما يتسبب في العديد من الأضرار على المستوى الفردي والاجتماعي للمجتمع. لذلك من المهم تعزيز الثقافة الإسلامية الأصيلة في التعامل مع الثقافة الدخلية.

وعليه و نظراً لتكوين ثقافات غير إسلامية و دخول الغزو الثقافي إلى المجتمع الإسلامي في العصر الحالي يتناول هذا البحث أساليب تعزيز الثقافة الإسلامية في مواجهة الغزو الثقافي بأسلوب تحليلي – وصفي، بناء على القرآن و روایات المعصومین (علیهم السلام) و في هذا الصدد يشرح الحلول والمؤشرات المهمة في هذا الموضوع.

إن الاهتمام بهذه الاستراتيجيات في تعزيز الثقافة الإسلامية سيكون له نتيجتان مهمتان: أولاً سوف تتعامل مع الثقافة الدخلية وتمنع أضرارها في المجتمع الإسلامي، وثانياً ستؤدي إلى تعزيز الثقافة الإسلامية وإن نماذج الثقافة الإسلامية في المجتمع أصبحت أقوى وأصلب والهدف منها هو التعالي والسعادة للمجتمع.

الكلمات المفتاحية: الثقافة الإسلامية, الثقافة الدخلية, الغزو الثقافي, المجتمع

Abstract:

Islamic culture is a collection of beliefs, values, dos and don’ts that originate from two sources, the Qur’an and Atrat. From theHoly Qur’an’s point of view, the foundations of Islamic culture are the beliefs that give life the meaning of being Islamic in such a way that the limits of Islamic culture and non-Islamic culture are determined from these foundations.

The indicators of Islamic culture affect individual and social life in different dimensions and provide the background for the dynamics and perfection of the individual and society in many areas. On the other hand, non-Islamic culture or in other words cultural invasion which is called as cultural invasion is in confrontation and conflict with Islamic culture which causes many damages at the individual and social level of the society.

Therefore, it is important to strengthen the authentic Islamic culture in dealing with the cultural invasion. Accordingly, with regard to the formation of non-Islamic cultures and the entry of cultural invasion into the Islamic society in the present era, this research deals with the methods of strengthening Islamic culture in the face of cultural invasion with a descriptive and analytical method based on the Qur’an and the traditions of the innocents. It explains the solutions and important indicators in this regard.

Paying attention to these strategies in the strengthening of Islamic culture will have two important results, first, it will deal with cultural invasion and prevent its damage in the Islamic society second, it leads to the strengthening of Islamic culture and examples of Islamic culture in the society. It becomes stronger and stronger, the goal of which will be the exaltation and prosperity of the society.

Keywords: Islamic culture, cultural invasion, society

البحث الكامل

المقدمة

على مر التاريخ كان للمجتمعات معتقدات و قيم و قوانين شکلت مجموعها ثقافتها. كان المؤشر الرئيسي للمجتمع في أي عصر هو ثقافة ذلك المجتمع. لعبت الثقافة دورًا مهمًا للغاية في تطور المجتمعات أو تدهورها؛ إذا كان للمجتمع قيم و معتقدات عالية، فإن هذه الثقافة كانت فعالة في تنمية الناس في ذلك المجتمع؛ وعلى عكس الثقافة القائمة على المعتقدات الخاطئة والقوانين غير الملائمة، فقد أدت إلى تدهور ذلك المجتمع. في تصنیف تنقسم الثقافات إلى إلهية وغير إلهية. يصف القرآن الكريم خصائص ومكونات كلتا الثقافتين في مواقف مختلفة. في مجتمع أصبحت فيه المعتقدات الخاطئة والأفعال غير اللائقة جزءًا لا يتجزأ من ذلك المجتمع، ليس من السهل تخيل أفراد ذلك المجتمع دون تلك المعتقدات. يعرّف القرآن الثقافة السيئة للأمم الماضية على أنها أهم عامل في عدم الهدایة و إنكار أنبياء الله.([1]) من منظور القرآن الكريم لم تكن الثقافة الإلهية مساوية للثقافة غير الإلهية، لكن سعادة هذه الدنیا والآخرة تشمل أولئك الذين تقوم حياتهم على الثقافة الإلهية؛ ومن ناحية أخرى فإن الخسران في الدنيا والآخرة يشمل أيضًا أولئك الذين ترتكز حياتهم على الثقافة غير الإلهية.([2]) إن القرآن الكريم في شرح الثقافات والتعريف بها يقدم التمركز المطلق حول العالم كواحد من الخصائص الثقافية الرئيسية غير الإلهية([3]) على عكس هذه الثقافة یعد التمرکز حول الآخرة من الأسس والخصائص المهمة للثقافة الإسلامية.([4])

لذلك وفقًا لتقسيم الثقافات إلى إلهي وغير إلهي؛ فما هي أسس وخصائص الثقافة الإسلامية التي تفصلها عن الثقافة غير الإسلامية؟ ما هو دور أسس الثقافة الإسلامية في إعطاء الهوية الإلهية للثقافة؟ ما هي العلاقة بين أسس وخصائص الثقافة الإسلامية في تنمية الفرد والمجتمع؟

بالإضافة إلى تعريف الثقافة و شرح مفهوم الثقافة الإسلامية وتمييزها عن الثقافة الدخلية يقدم هذا البحث استراتيجيات مهمة في تعزيز الثقافة الإسلامية أمام الثقافة الدخلية في عدة أبعاد. في البعد الأول يشرح الاستراتيجيات المعرفية والعقائدية التي تلعب دوراً أساسياً في تعزيز الثقافة الإسلامية. أما في البعد الثاني فيتناول دور الأسرة و وظيفتها في تبیین الثقافة الإسلامية وتعزيزها و في الجزء الثالث يوضح الاستراتيجيات المهمة في تعزيز الثقافة الإسلامية ضد الثقافة الدخلية والغزو الثقافي في النهج الثقافي والاجتماعي وتلعب هذه الحالات بالإضافة إلى تعزيز الثقافة الإسلامية دورًا مهمًا في مواجهة الغزو الثقافي. وفي هذا الصدد فإن البحث بالاعتماد على آيات القرآن الكريم والروايات الصحيحة عن أهل البيت (عليهم السلام) يشرح ويتناول هذه المسألة الهامة.

أولاً: المفاهيم والمصطلحات

في هذا الجزء تم ذكر التعريفات والتفسيرات للمصطلحات المستخدمة في البحث أولاً:

  1. مفهوم الثقافة الإسلامية

كلمة “ثقافة” هي مصدر من باب «ثَقُفَ- يثقُفُ» والتي تعني أن تصبح بارعًا.([5]) إن المعادل الإنجليزي للثقافة هو كلمة {Culture} وتعني زراعة التربة وتقويتها، وهي فعل القيام بعمل في اتجاه الإنتاج والخصوبة.([6]) هناك العديد من الاختلافات حول مفهوم الثقافة، وقد تم تقديم العديد من التعريفات المختلفة في هذا الصدد؛ ذكر البعض ثلاثمائة إلى خمسمائة تعريف لهذا المصطلح.([7]) في تعريف الثقافة قد أشار البعض طريقة الحياة والعادات إلى جانب السلع المادية التي ينتجونها.([8]) في تعريف الثقافة يعتبر البعض الآخر طريقة حياة الناس التي تنتقل من جيل إلى آخر.([9]) تعرف «موسوعة لاروس» مصطلح الثقافة على النحو التالي: الثقافة هي مجموعة من الشؤون التي ترتبط بحضارة معينة لمجموعة اجتماعية. بمعنى آخر تشير الثقافة إلى مجموعة تتضمن المعارف والمعتقدات والفن والأخلاق والقوانين والعادات وأي قواعد وعادات أخرى اكتسبها البشر کعضو في المجتمع.([10])

بشكل عام يمكن اعتبار الثقافة على أنها مجموعة من المعتقدات والقيم والسلوكيات والقوانين المشتركة بين الأمة. وفقًا للتعريفات المقدمة حول الثقافة يمكن تقسيم الثقافات إلى فئتين: الثقافات التي ترى الواقع فقط كواقع مرئي في تصوراتها، والمجتمعات التي تؤمن بالواقع غير المرئي بالإضافة إلى الواقع المرئي. في الفئة الأولى وسائل الإدراك في خدمة الاستلام لا يُرى سوى الواقع وفي الفئة الثانية تُستخدم هذه الأداة لاستقبال الواقع المرئي وكذلك الواقع غير المرئي(الغيب). أولئك الذين يؤمنون بكلا النوعين من الواقع يتبعون الأديان. وفقًا لأتباع الإسلام (الذين يقبلون كلا النوعين من الواقع) فإن التعاليم التي قدمها الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) هي أكمل أنواع التعليمات الإلهية؛ لكن على الجانب الآخر الفئة الأخرى تؤمن فقط بالواقع المرئي، فهم دنيويون ويطلق عليهم علمانيون.([11]) في مجتمع حيث يكون كل من الواقع المرئي وغير المرئي مرغوبًا فيه، يكون الإنسان أفضل وأشرف المخلوقات. عندما يعتبر الإنسان أفضل المخلوقات فإن جميع المخلوقات تعتبر بالنسبة له، وسيادة الإنسان بلا منازع على المخلوقات الأخرى لها ما يبررها.([12]) و بحسب الباحث فإن الثقافة الإسلامية: هي مجموعة من المعتقدات والسلوكيات والقيم وما يجب وما يجب فعله والقوانين التي تأتي من مصدرين القرآن واحاديث المعصومين (عليهم السلام)؛ وبهذه الطريقة فإنّ مركزية المجتمع الإسلامي في جميع الأبعاد الدّينية والشخصية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية تقوم على هذين الثقلین.

  1. الغزو الثقافي

إحدى القضايا التي ظهرت في هذا العصر مع تطور التكنولوجيا وأدوات الاتصال الجماهيري هي قضية الغزو الثقافي. يتم تطبيق هذا النهج في الغالب من قبل البلدان المتقدمة اقتصاديًا في المجتمعات النامية. فيما يتعلق بالغزو الثقافي هناك عدة تعريفات، بما في ذلك: إن استبدال الثقافة الأجنبية بثقافة المرء بطريقة واعية يمكن أن تجعل الأمة والمجتمع غريبين على ثقافة المرء وخاضعين لغرائز الأجانب يسمى الغزو الثقافي.([13]) يكتب ميشيل بانوف في كتابه ثقافة علم الاجتماع في شرح إصلاح التثاقف: يشير التثاقف إلى جانب خاص من عملية انتشاره ويشير التثاقف اليوم إلى اتصالات خاصة بين ثقافتين لهما قوة غير متكافئة. في هذه الحالة يُفرض المجتمع النسقي الأكثر انسجامًا أو تجهيزًا من حيث التقنية بشكل مباشر أو غير مباشر على الثقافة الحاكمة.([14]) الغزو الثقافي من أهم القضايا التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية. على سبيل المثال  بعد الحرب العالمية الثانية أعلن أيزنهاور الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت: إن أكبر حرب نواجهها هي حرب لغزو عقول الناس.([15])

غالبًا ما يحدث الغزو الثقافي في الدول الإسلامية بطريقتين: أولاً الترويج للأفكار غير الإسلامية وأحياناً المعادية للإسلام، وإهانة المقدسات، وإضعاف الأسس الدينية لدى الشباب في بعض المبادئ والمثل. ثانياً: الحداثة والنفور من العلم والعقلانية المتطرفة، والمحاولة لتنقية الغرب والتغريب، وتشويه سمعة العلوم والتعاليم الإسلامية بحجة عدم توافقها مع المعرفة الإنسانية الحديثة، والترویج لعدم الحجاب والحجاب السيئ، وأغطية ضد الشؤون الإسلامية، وتعميم الموضة التغريب، والاختلاط وإنتاج وبث أفلام وموسيقى اللاأخلاقية من بين الأشياء التي تستخدم في الغزو الثقافي.([16])

ثانياً: التحديات العقائدية والثقافية في عصرنا الحالي

من أهم تحديات هي تحديات الإيمان التي برزت في عصرنا الحاضر أکثر بروزاً؛ هناك نوعان من التحديات الهامة في هذا الصدد؛ التحدي الأول هو الردة والابتعاد عن المعتقدات، بمعني آخر التوحيد والإيمان بالله ووصاياه وهو الركن الأساسي للإيمان يتضاءل في حياة المؤمنين. هذا هو نتيجة لعدة عوامل ومن أهم عوامل إضعاف الإيمان والردة والشبهات والشكوك التي تنشأ عن أعداء الإسلام وهذا في حد ذاته أكثر فاعلية في إضعاف عقائد من ليس لديهم معتقدات قوية. ويصف القرآن الكريم طريقة هذه المجموعة على النحو التالي:«وَ لا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا» (البقرة/217) و في آية أخرى ذكر أن كفر المؤمنين هو الرغبة القلبیة لأعداء الإسلام: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً» (النساء/89) بمعنى آخر هم يشعرون بالرضا ويتوقفون عن أفعالهم عندما يتحول المسلمون إلى دينهم: «وَ لَنْ تَرْضى‏ عَنْكَ الْيَهُودُ وَ لاَ النَّصارى‏ حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ» (البقرة/120) في العصر الحالي أصبحت هذه القضية أكثر حدة وبتدابير مختلفة مثل التشدد على المسلمين؛([17]) الإسلاموفوبيا ومعاداة الإسلام([18])؛ الضغوط الإقتصادية([19])؛ الضغوط العسكرية([20]) و الإنقسام ونشر الشكوك في المجتمع الإسلامي، يحاولون إضعاف المعتقدات الدينية في المجتمعات الإسلامية. و قد حُظيت هذه القضية باهتمام أكبر في العصر الحالي وأثيرت شكوك في هذا الصدد. بالإضافة إلى التحديات العقائدية فإن التحديات الثقافية تؤثر أيضًا على المجتمع الإسلامي و هذه التحديات في الواقع تنبع أيضًا من التحديات العقائدية. ومن أهم التحديات الثقافية في هذا الصدد الغزو الثقافي و استبدال الثقافة الأجنبية باستخدام المواقع و الأقمار الصناعية والإعلام بدلاً من ثقافة الإسلامية وهذا الأمر غيّر طريقة الحياة الإسلامية.

ثالثاً:إستراتيجيات ترسيخ ثقافة الإسلامية في مواجهة الثقافة الدخلية

ثقافة الإسلامية هي مجموعة من المعتقدات، و السلوكيات، و القيم، و ما يجب فعله وما يجب تجنبه، والتي نشأت من مصدري القرآن و العترة، هناك عدة طرق لتقوية ثقافة الإسلامية و التي ستتم مناقشتها في البعدين المعرفي و الثقافي فیما یلي.

 

الاول: الإستراتيجيات الإعتقادية

تعتبر الإستراتيجيات المعرفية من أهم الإستراتيجيات لتقوية ثقافة الإسلامية، من المهم الاهتمام المناسب بشرح و إضفاء الطابع المؤسسي على هذه الإستراتيجيات.

  1. الإيمان بالله و تقوية الإيمان

من أهم طرق التعامل في مواجهة الثقافة الدخلية هو تقوية الإيمان بالله في الحياة. نتيجة تعزيز التوحيد في الحياة هو الثبات على الدين. يقول الإمام علي (علیه ­السلام) أن من أهم طرق الهروب من فتنة عصر الغيبة الثبات على الدين: «فَمَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ وَ لَمْ يَقْسُ قَلْبُهُ لِطُولِ أَمَدِ غَيْبَةِ إِمَامِهِ فَهُوَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَة.»([21]) يقول الإمام الصادق (علیه ­السلام) أيضًا أن الإيمان بالقلب هو أحد طرق النجاة من فتن عصر الغيب: «فَلَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ وَ كَتَبَ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانَ وَ أَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ»([22]) لذلك فإن تعزيز الإيمان بالله تعالى و التوحيد بجميع أبعاده من أهم الطرق للتغلب على تحديات عصر الغيبة.

ورد في القرآن الكريم وروايات المعصومين عدة إستراتيجيات لتقوية الإيمان بالله، و منها: الإيمان بكل ما أوصانا الله أن نؤمن به:«يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْكِتابِ الَّذي نَزَّلَ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ الْكِتابِ الَّذي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل» (النساء/136)؛ ذکر الله:«يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثيراً» (الأحزاب/41)؛ التقوى الإلهية: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظيمِ» (الأنفال/29)؛ التوکل: «وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه‏» (الطلاق/3) تقوية الصبر و التحمل في سبيل الله استراتيجية دينية أخر لتقوية الإيمان؛ يعبر القرآن عن نتيجة المثابرة والصبر في الطريق الإلهي بذكر قدوة المؤمنين الذين ثابروا: «إِنَّ الَّذينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتي‏ كُنْتُمْ تُوعَدُون‏» (الفصلت/30) و تعتبر هذه الآية المباركة أن سر نجاح المؤمنين هو الإيمان و اليقين الصادق مع المثابرة. هذا الشيء المهم كان عاملا في نجاح المؤمنين فرديا واجتماعيا في عصور مختلفة.

 

و من أهم الطرق لتقوية الإيمان في هذا الصدد هو معرفة الله وزيادة الإيمان به ومعرفته من خلال إمام الزمان (عج). بمعني آخر هذه الإستراتيجية هي أساس وركيزة الإستراتيجيات المذكورة أعلاه. ستكون المعرفة و الإيمان بالله صحيحين وكاملين عندما يتم ذلك بطريقة ذات صلة و سبيل معرفة الله هو أهل البيت (عليهم السلام). في هذا الصدد يقول الإمام الحسين (علیه ­السلام) أن الطريق إلى الإيمان والعبودية لله هو معرفة وطاعة الناس من إمام زمانهم في كل عصر: «خَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ مَا خَلَقَ الْعِبَادَ إِلَّا لِيَعْرِفُوهُ فَإِذَا عَرَفُوهُ عَبَدُوهُ فَإِذَا عَبَدُوهُ اسْتَغْنَوْا بِعِبَادَتِهِ عَنْ عِبَادَةِ مَنْ سِوَاهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي فَمَا مَعْرِفَةُ اللَّهِ قَالَ مَعْرِفَةُ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ إِمَامَهُمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُه‏»([23]) كما أکدّ هذا الأمر في الأدعیة الصحيحة المروية عن أهل البيت عليهم السلام:«وَ بِكُمْ فَتَحَ اللَّهُ وَ بِكُمْ يَخْتِمُ اللَّه‏»([24])

تقوية الإيمان تجلب السلام الإلهي: «الَّذينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الرعد/28) و الثبات على الدين. يقول الإمام الباقر (علیه ­السلام) عن عدم زلة المؤمن في دينه و عدم تأثير الشك و نحو ذلك في المؤمن: «الْمُؤْمِنُ أَشَدُّ فِي دِينِهِ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِيَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْجَبَلَ قَدْ يُنْحَتُ مِنْهُ وَ الْمُؤْمِنَ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَنْحِتَ مِنْ دِينِهِ شَيْئاً وَ ذَلِكَ لِضَنِّهِ بِدِينِهِ وَ شُحِّهِ عَلَيْه‏»([25]) و في هذه الرواية يعبر عن إيمان المؤمن أقوى من الجبال لأن المؤمن بخل في دينه ولا يريد أن ينقص منه شيء و في هذه الحالة لا شيء يؤثر على إيمان هؤلاء المؤمنين. لذلك فإن تقوية الإيمان و الاعتقاد بالله  من خلال القرآن و أهل البيت (عليهم السلام) سيكون عاملاً مهماً في ثبات الدين و استقراره، مما يحمي المؤمنَ من زلات و فتن عصر الغيبة و تقوية الثقافة الإسلامية في مواجهة الثقافة الدخلية.

  1. قبول الولایة و طاعة أوامر و نواهي اهل البيت (علیهم السلام)

معرفة الإمام و متابعته هي الشكل الأساسي للولاية. الولاية هي في الأساس مثل الإيمان بالله و التوحيد، بمعني أن الشخص الموحد يقبل ولاية أولئك الذين أمرهم الله بقبول الولاية و الوصاية عليهم؛ و هذا المعنى هو مثل التوحيد في الولاية و الطاعة. الولاية تعني قبول الوصاية و الخلافة للأئمة المعصومين (علیهم السلام) بعد النبي الكريم (صلى الله عليه و آله و سلم)؛ فالولاية مهمة لدرجة أن شرط دخول حصن توحيد الله هو قبول وصاية أهل البيت (عليهم السلام): «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حِصْنِي فَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي قَالَ فَلَمَّا مَرَّتِ الرَّاحِلَةُ نَادَانَا بِشُرُوطِهَا وَ أَنَا مِنْ شُرُوطِهَا»([26]) من أهم الآيات التي تعبر عن الولاية في جميع جوانب الحياة الإسلامية الآية 55 من سورة المائدة و هي الآیة معروفة بآية الولاية: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ» (المائدة/55) في هذه الآية يذكر الله درجات الولاية، بحيث تكون ولاية الله أولاً، ثم الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله و سلم)، ثم ولاية الذین یؤمنون ويدفعون الزكاة أثناء الركوع. و بحسب آراء المفكرين الشيعة و بعض المفكرين السنة فإن المثال الرئيسي لـ “المؤمنين” هو الإمام علي (ع).([27]) و من بعده یکون أئمة المعصومین (علیهم السلام) حتى الإمام الزمان (عج). یلعب قبول الولایة دورًا مهمًا في تعزيز ثقافة الإسلامية في المجتمع. للولاية آثار مهمة في حياة الدنيا والآخرة، وهي مذكورة في روايات المعصومين:«عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ  هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ هُمُ الْأَئِمَّةُ وَ هُمْ وَ اللَّهِ يَا عَمَّارُ دَرَجَاتٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ بِوَلَايَتِهِمْ وَ مَعْرِفَتِهِمْ إِيَّانَا يُضَاعِفُ اللَّهُ لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَ يَرْفَعُ اللَّهُ لَهُمُ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى‏»؛ «عَنْ عَمَّارٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ – إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَلَايَتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ فَمَنْ لَمْ يَتَوَلَّنَا لَمْ يَرْفَعِ اللَّهُ لَهُ عَمَلا.»([28]) إنّ قبول ولاية أهل البيت (علیهم السلام) بالإضافة إلى تعزيز المعرفة و الإيمان هو التزام بمعنى أنه في الممارسة العملية يحدد أيضًا ما يجب فعله و ما لا يجب فعله في الحياة، مما يمنع المرء من الدخول في طریق الخطيئة أو الفتنة.

من وجهة نظر القرآن الكريم فإنّ الشرط المهم لقبول الولاية هو الطاعة المطلقة لله و للرسول الكريم (صلى الله عليه و آله و سلم) و الأئمة المعصومين (علیهم السلام): «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنکُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن کُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِکَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً» (النّساء/59)([29])، يقول الإمام علي (علیه ­السلام) أن من حق الإمام على الناس طاعة الدعوة و الطاعة المطلقة لأوامره: «وَ أَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ وَ النَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ وَ الْمَغِيبِ وَ الْإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ وَ الطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُم‏.»([30]) كما يقول الإمام الباقر (علیه ­السلام) في هذا الصدد: «حَقُّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَ يُطِيعُوا.»([31]) أي أن يطيعوا أمر الإمام في كل الأحوال، لأن كل ما يقوله أهل البيت (عليهم السلام) هو أمر الله تعالى. لذلك فإن قبول ولاية أهل البيت (علیهم السلام) وطاعتهم سيجعل دورهم و مثالهم في المجتمع أكثر أهمية و إبرازاً وهذا في حد ذاته يجعل أسلوب حياتهم وسلوكهم مفروضًا في المجتمع و يلتزم بها أفراد المجتمع وهذا بحد ذاته عامل في تعزيز الثقافة الإسلامية ضد الثقافة الدخلية.

الثاني: دور الأسرة في تعزيز الثقافة الإسلامية امام الغزو الثقافي

تعتبر الأسرة من أهم الأسس الاجتماعية للمجتمع والتي لها أثر كبير في تميز المجتمع في العديد من الأبعاد. مما لا شك فيه أن تربية الأبناء وتعزيز الثقافة الدينية فيهم من أهم رسالات الأسرة في تعزيز الثقافة الدينية في مواجهة الغزو الثقافي. إن الاهتمام بالتعاليم الدينية وإضفاء الطابع المؤسسي عليها في حياة الأطفال يمكن أن يساهم في تميّز الثقافة الإسلامية فيها. إذا تعرضت الأسرة لغزو ثقافي وبدلاً من الاهتمام بالتعاليم الدينية تتم مناقشة الموضوعات غير الإسلامية على غرار الثقافة غير الإسلامية ولا شك أن أبناء ذلك المجتمع يتأثرون بالثقافة الدخلية وتصبح هذه القضية عاملاً بحيث يكون لها أيضًا تأثير سيء على الأشخاص الآخرين في البيئة المدرسية والحي والمدينة. لذلك في عصرنا الحالي يلعب الاهتمام بالثقافة الإسلامية للأسرة دورًا مهمًا في تعميق المعتقدات الدينية لدى الأطفال ومنع الغزو الثقافي. إن مكانة الأسرة في التعامل مع الثقافة الأسرية هو:

 

  1. التربية الدينية الصحيحة

يمكن ذكر التربية الدينية العميقة إحدى المهام والواجبات الهامة للأسرة في هذا المجال. يمكن أن يساعد تعلیم التعاليم الإسلامية بالطريقة الصحيحة في تحقيق ذلك. يذكر القرآن الكريم أهمية حماية الأسرة والتعليم الديني: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْليكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُون‏» (التحريم/6) هذه الآية المباركة تخاطب المؤمنين بوضوح وتؤكد على إبعادهم وعائلاتهم عن عذاب النار.وتشير عبارة “أَهْليكُمْ” إلى أهمية الاهتمام بالأسرة وتربيتها الدينية العميقة ، بمعنى أنكم تلزم نفسكم وأبنائكم بالدين والتعاليم الدينية لتكونوا على سبيل الله وتکونوا في مأمن من العقاب الإلهي. يؤدي عدم الاهتمام بالتعليم الديني العميق للأولاد إلى اختيار طريق آخر غير طريق الله ويصبحون عرضة للعقاب الإلهي. وفي آية أخرى أمر النبي بما يلي: «وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى‏» (طه/132) كما توضح هذه الآية المباركة أهمية الاهتمام بالتربية الدينية للأسرة وأهميتها. يقول الرسول الكريم عن أهمية تربية الأبناء: «عن النّبىّ صلّى اللَّه عليه و آله: اكرموا اولادكم و احسنوا آدابكم‏»([32]) قال علىّ بن الحسين عليه السّلام: «و امّا حقّ ولدك فان تعلم انّه منك و مضاف إليك في عاجل الدّنيا بخيره و شرّه و إنّك مسئول عمّا ولّيته به من حسن الأدب و الدّلالة على ربّه عزّ و جلّ و المعونة له على طاعته فاعمل في أمره عمل من يعلم إنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإسائة إليه‏»([33]) لذلك فإن العامل الأول والأهم في تقوية الثقافة الدينية في الأسرة ومواجهة الغزو الثقافي هو التربية الدينية العميقة. إذا تم غرس التعليم الديني بعمق في الأطفال فلا شك أن الثقافة الأجنبية يمكن أن يكون لها تأثير سيء عليهم.

  1. التَّدريب المناسب مع الزمن

يؤثر كل عصر حسب تطوراته على الحياة الفردية والاجتماعية. لذلك مع الاهتمام بتطورات العالم والزمن ينبغي بذل الجهود لتربية الأطفال. تلعب الأسرة دورًا أساسيًا في نقل ثقافة المجتمع إلى الأبناء وإرساء أسس لهم، تتشكل أفكار الأطفال في مرحلة الطفولة، لذلك إذا نشأ الأطفال في عائلة مناسبة فلن يتورطوا في الانحراف في المستقبل. ستكون شخصية الطفل ضعيفة ومتزعزعة إذا تم تأسيسها خارج المنزل. من أجل تحقيق أهدافها تحتاج الأسرة إلى نماذج وقيم تشكل أساس تصرفات أفراد المجتمع. في الإسلام تساهم الأسرة في نقاء المجتمع من خلال تعليم القيم.([34])

يقول الإمام علي (ع) عن هذا: «لا تقسروا اولادكم على آدابكم فانّهم مخلوقون لزمان غير زمانكم‏»([35]) هذه العبارة لا تعني أنه لا ينبغي تعليم الأطفال ولكنها بالمناسبة تشير إلى تعليمهم دقيق. وهذا يعني أنه حسب تطورات وأزمنة أطفالك، قم بتعليمهم حتى لا تهزمهم هذه التطورات. على سبيل المثال مع تطور التكنولوجيا وأجهزة الاتصال الجماهيري مثل الهواتف المحمولة لا يمكن منع الأطفال من التوجه إليها؛ لأن ضرورة الحياة في كل عصر هي مرافق وتطورات تلك الحقبة. لذلك يجب تعليمهم الاستخدام الصحيح للتكنولوجيا جنبًا إلى جنب مع التعليم الديني الدقيق. بعبارة أخرى أوضح لهم ماهو جيد وسيئ من الأجهزة الناشئة حتى يعرفوا كيفية الاستفادة من التطورات والتحولات الجديدة. هذه نقطة مهمة للغاية في عصرنا، حيث كان هناك العديد من التطورات في مجال التكنولوجيا وأدوات الاتصال الجماهيري ويمكن أن يكون للتدريب المناسب اتصال مناسب بهذه التغييرات ولا يتأثر بها.

  1. التدريب العملي

إنَّ العَديدَ مِنَ المَشاكلِ الإجتِماعيةِ وَ الثّقافيةِ وَ حتّى الدّينيةِ بَينَ المُراهِقينَ وَ الشَّبابِ ناتِجةً عَن عَدمِ اهتِمامِ الوالدينِ بِتَربيةِ أطفالِهم وَ هذا الإهمالُ هُوَ سَببُ العَديدِ مِنَ المَشاكِلِ عَلى مُستوياتِ المُجتمعِ المُختلفةِ. تَنبعُ العَديدُ مِنَ الجنوحِ وَ المشاكلِ النَّفسيةِ وَ الصُّعوباتِ الاقتِصاديةِ مِنَ التَنشئةِ غيرَالصَّحيحَةِ في بَعضِ العائِلاتِ. وَ بِناءً عَلى ذلكَ في التَّعاليمِ الدّينيةِ تَمَّ الترَّكيزُ كثيرًا عَلَى تَربيةِ الأطفالِ وَ تَقديمِ حُلولٍ لِتَميزهم. مِنَ الأشياءِ الَّتي يُمكِنُ أن تُساعِدَ في التَّنميةِ الأسرة وَ المجتمعِ هُوَ النَّظرُ في تَربيةِ الأَطفالِ مِن خِلالِ نهجِ الإسلامي. اَلعديدُ مِنَ الأضرارِ الإقتِصاديةِ مِثل الإسرافِ، وَ الرِّفاهيةِ، وَ المَيلِ إلى الرِزقِ الحَرامِ، وَ إتلافِ المُمتلكاتِ العامَّةِ وَ الخزانةِ تَرجِعُ إلى عَدَمِ إضفاءِ الطّابعِ المؤسسي عَلَى المُعتقداتِ الدِّينيةِ لَدَى بَعضِ الأطفالِ. إنَّ إضفاءَ الطابعِ المؤسسي عَلى الاقتِصادِ الصِّحي وَ الإسلامي بَينَ الأطفالِ هُوَ عامِلٌ مُهمٌ لِتميزِ الأَطفالِ مِن ناحيةٍ وَ التَّنميةِ الاقتِصاديةِ مِن ناحيةٍ أُخرى؛ لِأنَّ العَديدَ مِنَ السُّلوكياتِ الشَّاذَةِ في الاقتِصادِ تَتلاشى. في التَّعاليمِ الدِّينيةِ تُشاهَد مَظاهرٌ لِهذا التَّدريبِ. يُؤكِّدُ الإمامُ الرِّضا ? عَلَى إعطاءِ الصَّدقاتِ لِلأطفالِ وَ وَضعِهِم في حالَةِ الاِنفاقِ الحَقيقي وَ یَقولُ في هذا الصَّددِ: «مُرِ الصَّبِيَّ فَلْيَتَصَدَّقْ بِيَدِهِ بِالْكِسْرَةِ وَ الْقَبْضَةِ وَ الشَّيْ‏ءِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّ كُلَّ شَيْ‏ءٍ يُرَادُ بِهِ اللَّهُ وَ إِنْ قَلَّ بَعْدَ أَنْ تَصْدُقَ النِّيَّةُ فِيهِ عَظِيم‏»([36]) هُناكَ بَعضُ النّقاطِ المُهمةِ المَخفيةِ في هذا السَّردِ القَيِمِ: الأوَّلُ هُوَ أنَّ التَّدريبَ العَملي لِلطفلِ مُهمٌ وَ لا التَّدريب النَّظري؛ بِعبارَةٍ أُخرى يَجِبُ أَن يَدخُلَ الوَلدُ نَفسُه في العَملِ وَ یَکونُ في المرحلةِ التَّنفيذيةِ مِنَ التَّعليمِ، وَ الثَّاني أنَّه لَيسَ مُجردَ صَدقةٍ وَ لكن صَدَقة بِأيدي الطِّفلِ. يُشيرُ استِخدامُ كلمةِ “بِیده” إلى أنَّ الطِّفلَ نفسَه قامَ بِهذا العَملِ القَيِّمِ، وَ مِن سِنِّ المبکرةِ يَجِبُ غَرسُ هذه السِّمةِ المُهمةِ في نَفسِهِ؛ ثالِثاً بِالإضافَةِ إلى تَعليمِ الطِّفلِ اقتِصادياً فإنَّ لِهذهِ الطَّريقةِ آثارَ تَشريعيةٍ وَ تَنمويةٍ عَلَيهِ؛ حَتّی تَنعَكِسُ آثارُها في حَياتِهِ الدِّينيةِ وَ الدُّنيويةِ.

الثالث: الإستراتيجيات الإجتماعية و الثقافية لتعزيز ثقافة الإسلامية

من أهم طرق تقوية ثقافة الإسلامية الاهتمام بالمجتمع و ثقافته. إن مأسسة القضايا الدينية في سياق المجتمع بمعني قيادة المجتمع نحو مجتمع الاسلامي. نشیر فيما يلي بعض أهم الاستراتيجيات الثقافية و الاجتماعية في تعزيز ثقافة الاسلامية في المجتمع و مواجهة تحديات العصر الحالي.

  1. الإتّحاد و الوحدة و تجنب الفرقة و النفاق

من أهم مناهج و برامج الإستعمار والغطرسة في التغلب على الدول الإسلامية خلق الإنقسامات بين المسلمين و الجماعات العرقية المختلفة. الجملة الشهيرة: «divide et impera» فرق تسد أو «divide and conquer» قسّم تسد، لقد كان أحد المحاور الرئيسية للغطرسة والإستعمار في القرون الأخيرة. في وثائق واعترافات جواسيس الدول المستعمرة ، فإن من أهم السياسات في الدول الإسلامية هو الشقاق و تقوية الطوائف.([37]) و بحسب بعض التقارير فإن نحو 273 قناة فضائية تبث الديانات و المذاهب الزائفة و التاريخية.([38]) تشير هذه الإحصائية إلى الاستثمار الخاص للدول المستعمرة في الترويج للطوائف المنحرفة و المضللة بين المسلمين من ناحية و لخلق الانقسامات و النفاق و تفكك التحالفات الإسلامية من ناحية أخرى. لذلك فإن أحد الأهداف المهمة للغطرسة العالمية هو خلق انقسامات بين المسلمين و التي أصبحت عملية مع خلق طوائف مثل الوهابية و البهائية و داعش و غیر ذلک. كانت الاستفزازات الدينية و العرقية و القبلية من أهم حيل الغطرسة لتقويض وحدة المسلمين و تعاطفهم. عندما يكون هناك انقسام و نفاق بين المسلمين، فإن المسلمين بدلاً من محاربة عدو الإسلام، يحاولون إضعاف بعضهم البعض، الأمر الذي بالإضافة إلى إضعاف الأمة الإسلامية يمهد الطريق أيضًا لتحقيق المخططات الاستعمارية العالمية و الغطرسة. لذلك فإن الأساس المهم للوحدة و الاندماج هو أحد أهم المقاربات الاجتماعية و الثقافية على نطاق واسع ضد الغطرسة. و في هذا الصدد يراعى نوعان من الوحدة العامة و الخاصة، الوحدة و التعاطف و عدم الفرقة بشكل عام لجميع المسلمين، و لا فرق بين الشيعة و السنة؛ أن يضع المسلمون الخلافات و الانقسامات جانبًا و يتحدوا فيما بينهم في سبيل الأهداف الإلهية. و في هذا الصدد يعبر القرآن الكريم عن تجنب الانقسام و النفاق و الوحدة و التضامن في ظل الحبل الإلهي: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَ لَا تَفَرَّقُوا» (آل عمران/103) يمكننا أن نذکر القرآن و عترة الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله و سلم) كأهم الأمثلة على “حبل الله” الذي ذكرهما في حديث متواتر الثقلین كشرط للتحرر من الضلال.([39]) إن ترك الاختلافات الجوهرية في هذا الصدد بين الشيعة و السنة و الاتحاد في ظل هذين الثقلين يمكن أن يكون عاملاً مهماً في تقدم الأمة الإسلامية. و في هذا الصدد يجب على المسلمين ألا يسمحوا للأعداء باستغلال الخلافات بين الشيعة و السنة. اَلإمامُ عَلي (عَلَیهِ السَلامُ) يَقتَبِسُ مِنَ النَّبي (صَلِّی اللهُ عَلَیهِ وَ آلِه وَ سَلَم) وَ یَقولُ فِي هَذا الصَدَدِ: «أُوصِيكُمَا وَ جَمِيعَ وَلَدِي وَ أَهْلِي وَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَ نَظْمِ أَمْرِكُمْ وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا ص يَقُولُ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَام»([40]) یَقولُ فِي مَكانٍ آخَرَ: «فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ [عَلَى مَعَ الْجَمَاعَةِ وَ إِيَّاكُمْ وَ الْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْب‏»([41]) وَ هذا الأمرُ يَدُلُّ عَلَى أَهميَةِ الوَحدَةِ الإجتِماعيَةِ وَ غِيابِ الاِختِلافاتِ. فِي العَصرِ الحالِي حَلُّ الخِلافاتِ فِي سياقِ المَصالِحِ المُشتَرَكَةِ هامٌ جِداً، فِي هَذا العَصرِ عِندَما يَسعَى أَعداءُ الإِسلامِ إلَى التَفرقَةِ بَينَ المُسلِمينَ وَ جَماعاتِ المُختَلَفَةِ المُسلِمَةِ مِنَ العَربِ وَ العَجَمِ، يَجِبُ عَلَى کُلِّ المُسلمينَ مِن جَميعِ الفِرَقِ التَّخلي عَنِ التَركيزِ عَلَى الاِشتِراکاتِ وَ الاِنقِساماتِ وَ الاِختِلافاتِ.

نهج خاص مكرس للشيعة بعبارة أخرى كل الشيعة بغض النظر عن أِي قوم و أي عرق يضعون الخلافات و الانقسامات جانبًا و هدفهم الأساسي تمهيد الطريق لظهور الإمام العصر (عج). و وردت في بعض الروايات الخلافات بين الشيعة و سب بعضهم البعض في عهد الغیبة الكبری: «اخْتَلَفَتِ الشِّيعَةُ وَ سَمَّى بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ وَ تَفَلَ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بَعْض‏.»([42]) و هذا السرد يدل على أن الخلافات و الانقسامات مؤكدة حتى بين من يؤمنون بالإمام العصر (عج) رغم أن هذه الاختلافات و التفرقة أصبحت أكثر وضوحا في العصر الحالي و أتيحت الفرصة لأعداء الشيعة لزرع الفتنة و الانقسام لتدمير الدين الشيعي. على كل حال فإن محور الوحدة و القضاء على الخلافات و الانقسامات في عصر الغيبة، هو إمام العصر (عج) و يجب حل الخلافات في تركيزه و من أجله. في حالة وجود خلافات و انقسامات محتملة بين الشيعة في عهد الغیبة الكبری قدم الأئمة (علیهم السلام) حلاً هامًا لحل الخلافات التي تواجه من ينتظرون الظهور و هو الرجوع إلى الفقهاء الجامع الشرایط. يشير الإمام الصادق (علیه ­السلام) إلى رواة حديث أهل البيت (عليهم السلام) في حل الخلافات و الحكمیة؛([43]) كما يحيل الإمام الزمان (عج) الناس إلى رواة الحديث في الأحداث الجديدة و يقدمهم حجة للناس:«وَ أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِم‏.»([44]) لذلك على من ينتظرون الإمام العصر (عج) بالإضافة إلى التخلي عن الخلافات و الانقسامات أن يهيئوا الأرضية المناسبة لظهور الإمام العصر (عج) بقلب موحد. و في حالة وجود أي نزاع، يجب أن يكون المرجع لحل الخلاف هو الفقهاء و العلماء الذین هم علماء و وكلاء لتعاليم أهل البيت (عليهم السلام)، و هي إحدى الوصايا المهمة لإمام العصر (عج) في عصر الغیبة الكبری.

  1. تعزيز ثقافة الإسلامية في المجتمع و مقابلة الغزو الثقافي

يعد العدوان الثقافي في العصر الحالي من أكثر أنواع العدوان شيوعًا لتحقيق الأهداف المتعجرفة و الاستعمارية، و الذي من خلال تغيير ثقافة الناس على أساس الفكر الأجنبي فيحقق البلد المعتدي هدفه. العدوان الثقافي هو استبدال الثقافة الأجنبية بثقافة الفرد بطريقة تجعل الناس في ذلك المجتمع معزولون عن ثقافتهم الأصلية. في هذا الصدد هناك نهجان مهمان من القرآن الكريم و سیرة المعصومين (علیهم السلام) في مكافحة الغزو الثقافي و تعزيز ثقافة الاسلامية:

اولاً: شرح أسلوب حياة الإسلامية و تعزيزه

النهج الأول هو شرح طريقة الحياة الإسلامية بشكل شامل و إضفاء الطابع المؤسسي عليها في طبقات مختلفة من المجتمع، فعندما يؤمن المجتمع الإسلامي بإخلاص بالتعاليم الإسلامية و يمارسها، فإنهم لا يتجهون أبدًا إلى المكونات غير الإسلامية لأنهم یعتبرونها مخالفاً للدین. لذلك فإن تعزيز المعتقدات الإيمانیة و الإعتقادیة في المجتمع و إضفاء الطابع المؤسسي على أسلوب الحياة الإسلامي هو النهج الأول و الأكثر أهمية في هذا الصدد. يقول القرآن الكريم عن ذلک:«يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَميعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» (المائدة/105) هذه الآية تعبر عن الهداية الحقيقية للمؤمنين كشرط لهم ألا يضلوا، بحيث لا يضل كل من يضل أو يريد أن يضل إذا هدى المؤمنين. و قد ورد هذا الأمر في روايات أهل البيت (عليهم السلام). يتحدث الإمام الصادق(علیه السلام) عن التربية الدينية و العقائدية للمراهقين والشباب و الاهتمام بهويتهم و شخصيتهم: «بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة.»([45]) في هذا الحديث يمكن الاستدلال على أسبقية النهج الوقائي على العلاج، بمعنى أنه قبل أن يتشوه أعداء الدين قلوب الشباب و تتشكل شخصيتهم من مواضيع غير دينية، يجب علیکم أن تبذلوا قصارى جهدكم لتدريب شخصيتهم الإلهية و وجودهم حتى لا يؤثر عليهم أي شك أو عدوان. في العصر الحالي أصبحت هذه القضية أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ لأنه في العصر الحالي ازدادت الشكوك و العدوان الثقافي لدى جيل الشباب أكثر مما كان عليه في الماضي و هدف الدول المتغطرسة إضعاف هذه القوة المهمة للمجتمعات الإسلامية تجاه التعاليم الدينية و المعتقدات المتشائمة. لذلك من المهم الالتفات إلى هذه الفئة و الاستثمار التربوي و الديني عليهم. التربية الدينية للمراهقين و الشباب على أساس تعاليم القرآن و أهل البيت (عليهم السلام) و مأسستهم العملية في المجتمع لها تأثير مهم على تعزيز الثقافة الدينية في المجتمع و مكافحة الغزو الثقافي؛ يقول الإمام الصادق (علیه ­السلام) في هذا الصدد:«مَنْ أَخَذَ دِينَهُ مِنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ أَزَالَتْهُ الرِّجَالُ وَ مَنْ أَخَذَ دِينَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ زَالَتِ الْجِبَالُ وَ لَمْ يَزُل‏.»([46]) سيكون التعليم القائم على القرآن و العترة تعليمًا خالدا بحيث لا یمکن لأي شبهة و غزو ثقافي أن يضر بها. هذا الأمر مأخوذ من كلام الإمام الصادق (علیه ­السلام). لذلك يجب أن يكون تعليم و نشر ثقافة الاسلامية موجهًا نحو الدين و ليس موجها نحو الشخص.

ثانياً: شرح أهداف أعداء الإسلام من الغزو الثقافي

النهج الثاني هو شرح أهداف الدول المتغطرسة من الغزو الثقافي للمجتمع. بعبارة أخری یجب تحدید   الجبهة الزائفة و أفعالها حتى يعرف الناس من و بأية أهداف و وسائل تنوي تدمير دينهم و ضربهم؛ يقول الإمام علي (علیه ­السلام) في هذا الصدد: «وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي‏ تَرَكَهُ وَ لَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ وَ لَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ‏.»([47]) في هذا الحديث يعتبر الإمام (علیه ­السلام) أن شرط التعرف على الطريق الصحيح هو تحديد أولئك الذين ضلوا عن الطريق الصحيح و خالفوا القرآن و تركوه وراءهم. في عصرنا الحالي أيضًا لا يبتعد الكثير من الناس عن الرغبة في الثقافة الأجنبية و متابعتها حتى يتم شرح مواجهة الغطرسة و أهدافها و غاياتها للناس و خاصة الشباب. تؤكد التعاليم الدينية على تجنب التقليد غير الصحيح للغرباء و تقليدهم حتى في المأكل الملبس؛ يقول الإمام علي (علیه ­السلام) في هذا الصدد: «لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَلْبَسُوا لِبَاسَ الْعَجَمِ وَ يَطْعَمُوا أَطْعِمَةَ الْعَجَمِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَهُمُ اللَّهُ بِالذُّل.»([48]) لم يقصد الإمام (علیه ­السلام) غير المسلمين كشعب معين، بل قصد غير المسلمين من العرب في ذلك الوقت، الذين نهى الإمام (علیه ­السلام) عن التقليد و الطاعة الظاهریة لهم؛ لأن هذا العمل بالإضافة إلى الترويج للثقافة غير الإسلامية و التعبير عن العدوان الثقافي في المجتمع الإسلامي، تسبب في الازدهار الاقتصادي للمجتمع غير الإسلامي و إضعاف السوق المحلية في هذه المجالات. لقد لوحظت كلمات الإمام علي (علیه ­السلام) في المجالين الاقتصادي و الثقافي و الاجتماعي، و هذا الکلام يمكن أن تنطبق على المسلمين في أي عصر، فإن العمل عليها بالإضافة إلى التنمية الاقتصادية للسوق المحلي و بالتالي تطوير الإنتاج و العمالة، يمنع الغزو الثقافي في المجتمع. مِن وُجهَةِ نَظَر اِجتماعيَة ثقافيَة إِنَّه نَوعٌ مِنَ الدِعايَة العَمَلية و التَرويجِ لِلثَقافَة الأجنَبية وَ تَهديد لِلأَصالَة الثقافِيَة وَ حَتّى الدِّينيَة فِي المُجتَمَعِ خاصة وَ أَن النَمذَجَة فِي الاِستِهلاك سَتُؤَدِّي عَن غَير قَصدٍ إلَى النَمذَجَة فِي الأَخلاقِ وَ السُّلوكِ.([49]) لذلك فإن الإهتمام بهذه الحالات وشرحها بشكل صحيح في المجتمع يمكن أن يعزز الثقافة الإسلامية ویقاوم الغزو الثقافي.

 

النتیجة

وبناء على ما سبق فإن أهم نتائج هذا البحث هي:

الثقافة الإسلامية هي مجموعة من المعتقدات، والسلوكيات، والقيم، وما يجب فعله والقوانين التي تنبع من مصدرين القرآن والعترة؛ وبهذه الطريقة فإن مركزية المجتمع الإسلامي في جميع الأبعاد الدينية والشخصية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية تقوم على هذين الثقلین. أهم جزء من الثقافة الإسلامية هي أسسها والإيمان بالله والتركيز على الآخرة والثقة من أهم هذه الأسس.هذه الأسس بالإضافة إلى توجيه الحياة الإسلامية وخصائصها تحدد حدود الثقافة الإسلامية وغير الإسلامية. إن خصائص الثقافة الإسلامية في العديد من المجالات توجه الحياة الفردية والاجتماعية. هذه المؤشرات بطريقة ترتبط ارتباطًا وثيقًا ببعضها البعض وإجمالا تشكل الثقافة الإسلامية.

في تعزيز الثقافة الإسلامية تم طرح عدة حلول في التعاليم الدينية والتي بالإضافة إلى تعزيز الثقافة الإسلامية تتعامل مع الغزو الثقافي. قد فحصت هذه الحلول وتحليلها في ثلاثة محاور:

في المحور الأول قد أشار إلى أهم مبادئ وأساليب المعرفة في تعزيز الثقافة الإسلامية. وتشكل هذه المبادئ دعائم الثقافة الإسلامية التي يساعد تفسيرها الصحيح والترويج لها في المجتمع على تقوية الثقافة الإسلامية في العديد من الأبعاد. إن الإيمان بالله وعبوديته بأبعادها المختلفة من المبادئ المعرفية للثقافة الإسلامية ، وقد تم وضع حلول عديدة لتقويتها، منها: عبودیة الله، معرفة الله الصحیحة، وذكر الله والصبر والمثابرة في سبيل الله. إن قبول الولاية بمعني قبول ولاية أهل البيت المعصومین التي أمر الله بطاعتهم، عامل مهم في تعزيز الثقافة الإسلامية.

وفي المحور الثاني تم التطرق إلى دور الأسرة ومكانتها في تعزيز الثقافة الإسلامية. يمكن للأسرة أن تعزز الثقافة الإسلامية في أفرادها في ثلاثة أبعاد: التربية الدينية العميقة، والتعليم المناسب لظروف العصر والتعليم العملي.

في المحور الثالث قد أشار إلی الحلول الثقافية والاجتماعية من أجل تعزيز الثقافة الإسلامية في مواجهة الغزو الثقافي. إن تعزيز الوحدة في ضوء المشاركة في المجتمع والتفسير الصحيح والعملي للثقافة الإسلامية وأبعادها في المجتمع  وشرح أهداف أعداء الإسلام من الغزو الثقافي والثقافة الدخلية للناس من أهم السبل لتعزيز الثقافة الإسلامية. دور الجامعات والمدارس والمساجد والمؤسسات الاجتماعية والدينية مهم في هذا المجال.

بالإضافة إلى إضفاء الطابع المؤسسي على التعاليم الدينية وشرحها في المجتمع فإن الجهد المبذول لتقوية الثقافة الإسلامية يساعد على تقدمها الروحي والمادي ويصبح عاملاً في تماسك المجتمع ووحدته في تحقيق الأهداف الكبرى ويمكن أن يكون عاملاً مهماً في مواجهته مع غزو الثقافة وعدم تغلغل الثقافة الدخلية في المجتمع.

 

الهوامش

([1]) –   نوح/27-26؛ هود/80-78؛ هود/88-85؛ يس/20-18؛ الإسراء/95-85.

([2]) – المائدة/100؛ الأنعام/50؛ الرعد/16؛ النحل/76؛ الفاطر/22-19؛ الغافر/58؛ الحديد/10؛ الحشر/20.

([3]) – البقرة/200؛ البقرة/86؛ آل عمران/ 14؛ النساء/134؛ الأنعام/29؛ الأعراف/51؛ الحج/11.

([4]) – البقرة/201؛ الأنعام/32؛ الأعراف/32؛ التوبة/38؛ النساء/77؛ الزخرف/135.

([5]) – إبن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ج9، ص20؛ زبيدي، 1406، ص60.

([6]) – وثوقي، منصور، نيك خلق، علي اكبر، أساسيات علم الاجتماع، ص116.

([7]) – روح الأميني، محمود، أساسيات الأنثروبولوجيا، ص147.

([8]) – کيدنز، آنتوني، علم الاجتماع، ص36.

([9]) – كوئن، بروس، أساسيات علم الاجتماع، ص72.

([10]) – رفيع، جلال، الثقافة المهاجمة الثقافة المنتجة، ص266.

([11]) – زاهد، سيد سعيد، مقارنة بين العبادة الفردية والاجتماعية، صص 83-82.

([12]) – زاهد، سيد سعيد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع التأكيد على حقوق المواطن، ص213.

([13]) – سادات طباطبايي، فائزه، محمديان، أكرم، دور التربية الدينية الأسرية في مواجهة الغزو الثقافي، فصلیة طهورا، ص116.

([14]) – ميشل بانوف، الثقافة الأنثروبولوجية، ترجمة: علي أصغر العسكري، طهران: منشورات ويس، 1386ش، ص62.

([15]) – فیض زاده، یونس، الخصائص الثقافية ، صفحة ۱۹، مجلة المعلومات العلمية، رقم ۲۸، ۱۳۶۳ش.

([16]) – جلیل مسکر نژاد، مكانة الأدب والعلوم الأدبية في منع الغزو الثقافي، صفحة ۴۶ مجموعة المقالات لمؤتمر الغزو الثقافي، طهران: جامعة العلامة الطباطبائي، ۱۳۷۳ش.

([17]) lambert& Mazer135، 2011:

([18])   Allen, 2001.

([19]) Hufbauer, 1990.

([20]) -National Scurity Strategy 2006,2010,2015.

([21]) – الصدوق، كمال الدين و تمام النعمة: ج1، ص303.

([22]) – الكليني، الكافي: ج1، ص336.

([23]) – الصدوق، علل الشرايع: ج1، ص109.

([24]) – ابن قولويه، كامل الزيارات: ص199.

([25]) – الصدوق، علل الشرايع: ج2، ص558.

([26]) – الصدوق، عيون اخبار الرضا: ج2، ص135.

([27]) – انظر: مفید، تفسیر القرآن المجید:ج1/182؛ الطبري، ابن جریر رستم، دلائل الامامة:19؛ ابوالفتح الرازی: تفسیر روح الجنان: ج7/27؛ قطب الراوندی: فقه القرآن فی شرح آیات الأحکام: ج1/116؛ ابن شهرآشوب متشابه القرآن و مختلفة: 2/30؛ حلی: منهاج الکرامة فی معرفة الامامة: 172؛ الطبری، جامع البیان: 6/388؛ الجصاص، احکام القرآن: 2/557؛ ابن کثیر، تفسیر القرآن العظیم: ج2/74؛ السیوطی، تفسیر الدر المنثور: 81.

([28]) – الكليني، الكافي: ج1، ص437-430.

([29]) – معنی «أُولِی الْأَمْرِ» الأئمة المعصومون (ع). انظر: کلینی، الكافي، ج 1، ص 286؛ حسکانی، شواهد التنزيل، ج 1، ص 191 و عیّاشی، تفسير عياشي، ج 1، ص  249.

-([30])  سيدرضي، نهج البلاغة: خطبة 34.

([31]) – الكليني، الكافي: ج1، ص405.

– الفلسفي، محمد تقي، الحديث، طهران: مكتب نشر الثقافة الإسلامية، 1379ش، ج2، ص352.([32])

([33]) – الطبرسي، شيخ حسن، مكارم الأخلاق، قم: منشورات شريف رضي، 1370ش، ص232.

([34]) – زاهدی، فاطمه، حق شناس، جعفر، التعرف على أضرار الغزو الثقافي على وظائف الأسرة، مجلة طهورا، صفحة ۶۵.

([35]) – الفلسفي، الحديث، ج2، ص108.

([36]) – الكليني، الكافي، ج4، ص4.

([37]) – كولمن، لجنة 300 مركز مؤامرة عالمي: ص29-24.

([38]) – جریدة أسبوعیة الصبح الصادق، 1390: ص3.

([39]) – مسلم، صحيح مسلم: ج2، ص 1873؛ ترمذی، سنن ترمذي: ج 5، ص 663.

([40]) – سيد رضي، نهج البلاغة، وصیة 47.

([41]) – نفس المصدر: خطبة 127.

([42]) – الكليني، الكافي: ج1، ص340.

([43]) – انظر: الطبرسي، الاحتجاج: ج2، ص356.

([44]) – الصدوق، كمال الدين: ج2، ص484.

-([45])  الكليني، الكافي، ج6، ص47.

-([46])  الصدوق، الاعتقادات و تصحيح الاعتقادات: ج2، ص72.

([47]) – سيد رضي، نهج البلاغة: خطبة 147.

([48]) – المجلسي، بحارالانوار: ج63، ص323.

([49])- الإیرواني، جواد، الأخلاق الاقتصادي من منظر القرآن و الحديث: 287.

المصادر

  1. المنابع و المصادر
    1. القرآن الكريم.
    2. ابن شهر آشوب، محمد بن علی، متشابه القرآن ومختلفه، قم: منشورات بیدار، 1410ق.
    3. ابن قولويه، أبوالقاسم جعفر بن محمّد (‏356 هـ)، كامل الزيارات، نجف: منشورات المرتضوي، 1356 هـ.
    4. ابن کثیر دمشقی، إسماعیل، تفسیر القرآن العظیم، بیروت: دار الکتب العلمیة، 1419ق.
    5. ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت: دار لسان العرب، 1970م.
    6. الإیرواني، جواد، الأخلاق الإقتصادي من منظر القرآن والحديث، مشهد: منشورات جامعة الرضوي للعلوم الإسلامية، 2005م.
    7. البحراني، سيد هاشم، الإنصاف فى النص على الأئمة ع‏، طهران: منشورات الثقافة الإسلامي، 1378.
    8. جریدة أسبوعیة الصبح الصادق، التوسع المستهدف لشبكات الأقمار الصناعية، السنة الحادية عشر ، رقم 462، 1390ش.
    9. حاکم الحسکانی، ابوالقاسم عبیدالله بن عبدالله، شواهد التنزیل، طهران: موسسة چاپ و نشر، 1411ق.
    10. الحلی، حسن بن یوسف، منهاج الکرامه فی معرفه الامامه، مشهد: موسسة عاشورا.
    11. الرازی، ابوالفتوح، تفسیر روح الجنان، قم: منشورات مكتبة آیه الله مرعشی(ره)، 1404ق.
    12. الراوندی، قطب الدین، فقه القرآن فی شرح آیات الأحکام، قم: مكتبة آیة الله مرعشی نجفی، 1045ق.
    13. الرفيع، جلال، الثقافة المهاجمة الثقافة المنتجة، طهران: منشورات اطلاعات، 1373.
    14. روح الاميني، محمود، مباني انسان شناسي، تهران: انتشارات عطار، 1374.
    15. الزاهد، سيد سعيد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع التأكيد على حقوق المواطنة، مجموعة المقالات، مقر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، شيراز ، 1387.
    16. الزاهد، سيد سعيد، مقارنة العبادة الفردية والاجتماعية، مجلتان فصلیتان للدراسات المقارنة بین ثقافة الإسلام و الإيران، س1، ش1، 1390ش.
    17. الزاهدی، فاطمه، حق شناس، جعفر، التعرف على أضرار الغزو الثقافي على وظائف الأسرة، مجلة طهورا.
    18. سيد رضي، نهج البلاغة، قم: منشورات هجرت، 1414ق.
    19. السیوطی، جلال الدین، تفسیر الدرالمنثور، بیروت: دارالمعرفة.
    20. الصدوق القمی، ابو جعفر محمّد بن علی بن حسین بن بابویه؛ عیون اخبار الرضا (ع)؛ تحقیق الشیخ حسین الأعلمی؛ الطبعه الأولی، بیروت: مؤسسه الأعلمی للمطبوعات، 1404 ق.
    21. الصدوق، ابن بابويه ، معاني الاخبار، قم: منشورات جامعه مدرسين.
    22. الصدوق، ابن بابويه، كمال الدين و تمام النعمه، طهران: منشورات اسلاميه.
    23. الصدوق، ابن بابويه، مفيد، محمد بن نعمان، اعتقادات الإمامية وتصحيح الاعتقاد، قم: المؤتمر شيخ مفيد، 1414ق.
    24. الصدوق، محمد بن بابویه، علل الشرایع، قم: منشورات مكتبة الداوری، ۱۳۸۵ ش.
    25. الطبرسي، شيخ حسن، مكارم الأخلاق، قم: منشورات شريف رضي، 1370ش.
    26. الطبری، ابن جریر رستم، دلائل الامامة، قم: منشورات بعثت.
    27. الطبری، محمد بن جریر، تاریخ الامم والملوک، بیروت: موسسه الاعلمی، 1403ق.
    28. الطبري، محمد بن جرير،جامع البیان، بیروت: موسسه الاعلمی، 1408ق.
    29. العیاشی، محمدبن مسعود، تفسیر عیاشی، طهران: مکتبه العلمیه الاسلامیه.
    30. الفلسفي، محمد تقي، الحديث، طهران: مكتب نشر الثقافة الإسلامية، 1379ش.
    31. کيدنز، آنتوني، علم الاجتماع، ترجمة منوچهر صبوري، طهران: منشورات نشر ني، الطبعة الثالث عشر، 1383.
    32. كوئن، بروس، أساسيات علم الاجتماع، ترجمة غلام عباس توسلي و رضا فاضل، طهران: منشورات سمت، الطبعة السادسة، 1375.
    33. كولمن، جان، لجنة من 300 مركز مؤامرة عالمي، طهران: منشورات فاخته.
    34. المجلسي، محمد باقر، بحارالانوار، بيروت: موسسة الوفاء، 1403ق.
    35. محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك الترمذي، (279هـ)، سنن الترمذي، الناشر: شركة مكتبة و مطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر، الطبعة: الثانية، 1395 هـ – 1975 م.
    36. محمد بن يعقوب الكليني (329 هـ)، الكافي، طهران: منشورات الاسلاميه، 1362ش.
    37. مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (261هـ)، المسند الصحيحُ المُختَصَر بِنَقلِ العَدلِ عَنِ العَدلِ إِلى رَسولِ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَ سلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت: دار إحياء التراث العربي.
    38. النعماني، محمد بن ابراهيم، الغيبة، قم: منشورات صدوق.
    39. Allen, C. (2001). Islamophobia in the media since September 11. Exploring Islamophobia: Depening our understanding of Islam and Muslim. University of Westminster, 29.
    40. Hufbauer, S.E(1990), Economic Sanction Reconsidered-Histori and Policy, 2 Edition, Institute for International Economics, Washington DC.
    41. Lamber, Robert& Ghiens-Mzer, jonathan. (2011). Islamophobio & anti-islamism, UK case studies 2010, Exeter: university of Exeter.
    42. National Scurity Strategy of USA, February 2016, 2015, The White House, Wsshington. Available.

مؤسسة دار الإسلام الثقافية الخيرية